الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
643 - (37) باب ما أُعد للمجاهد في الجنة وتكفير خطاياه إذا قتل إلا الدين وأن أرواح الشهداء في الجنة وبيان فضل الجهاد والرباط وبيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة
4746 -
(1837)(170) حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. حَدَّثَنِي أبُو هانِئٍ الْخَوْلاني، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرّحمنِ الْحُبْلي، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدري؛ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"يَا أَبا سَعِيدٍ! مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلامِ دِينًا، وَبِمُحَمدٍ نَبِيا، وَجَبَت لَهُ الجنة" فَعَجِبَ لَها أَبُو سَعِيدٍ. فَقَال: أعِدها عَلَيَّ. يَا رَسُولَ اللهِ، فَفَعَلَ. ثُمَّ قَال: "وَ
ــ
643 -
(37) باب ما أُعد للمجاهد في الجنة وتكفير خطاياه إذا قتل إلا الدين وأن أرواح الشهداء في الجنة وبيان فضل الجهاد والرباط وبيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة
4746 -
(1837)(170)(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني نزيل مكة ثقة من (10)(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي المصري ثقة من (9)(حدثني أبو هانئ) حميد بن هانئ (الخولاني) المصري لا باس به من (5) روى عنه في (4) أبواب (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن يزيد المعافري المصري ثقة من (3)(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك المدني الصحابي المشهور رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا سعيد من رضي بالله ربًا) أي من اعتقد بقلبه وأقر بلسانه بكون الله سبحانه ربًا ومالكًا (وبالإسلام) أي واعتقد بقلبه وأقر بلسانه بكون دين الإسلام (دينًا) له (وبـ) ـكون (محمد) صلى الله عليه وسلم (نبيًّا) ورسولًا له ومات على ذلك (وجبت له الجنة) فلا بد له من دخول الجنة قطعًا ولو دخل النار في كبائر عليه فمآله إلى الجنة على كل حال (فعجب لها) أي لهذه المقالة أي تعجب من حسنها (أبو سعيد فقال) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أعدها) أي أعد هذه المقالة (علي يا رسول الله) لأحفظها يعني استعاد هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم ليحفظه ويستبشر به (ففعل) رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طلبه منه أبو سعيد من إعادتها عليه (ثم) بعدما أعادها له (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد (و)
أُخرَى يُرفَعُ بِها الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجنةِ. مَا بَينَ كُل دَرَجَتَينِ كمَا بَينَ السمَاءِ وَالأرضِ" قَال: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ الله؟ قَال: "الْجِهادُ فِي سَبِيلِ الله. الْجِهادُ فِي سَبِيلِ الله".
4747 -
(1838)(171) حدَّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ. حَدَّثَنَا لَيثٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ؛
ــ
بقيت عندي خصلة (أخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة) قال السندي في حواشي النسائي والمعنى عندي خصلة أخرى أو أعلمك خصلة أخرى اهـ قال القرطبي والدرجة المنزلة الرفيعة ويراد بها غرف الجنة ومراتبها التي أعلاها الفردوس كما جاء في الحديث ولا يظن من هذا أن درجات الجنة محصورة بهذا العدد بل هي أكثر من ذلك ولا يعلم حصرها وعددها إلا الله تعالى ألا تراه قد قال في الحديث الآخر (يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) رواه أحمد (2/ 192) وأبو داود (1464) والترمذي (2914) فهذا يدل على أن في الجنة درجات على عدد أي القرآن وهي تنيف على ستة آلاف آية (6000) فإذا اجتمعت للإنسان فضيلة الجهاد مع فضيلة القرآن جمعت له تلك الدرجات كلها وهكذا كما زادت درجاته والله أعلم (ما بين) أي بعد ما بين (كل درجتين) منها (كما بين) أي كبعد ما بين (السماء والأرض) قال القرطبي قال شيخنا أبو محمد عبد العظيم المنذري قوله (مائة درجة) يحتمل أن يكون الحديث على ظاهره وأن الدرجات المنازل التي بعضها أرفع من بعض في الظاهر وكذلك منازل الجنة كما جاء في أصحاب الغرف أنهم يراهم من هو أسفل منهم كالكوكب الدري ويحتمل أن يكون المراد الرفعة المعنوية من كثرة النعم وعظم الإحسان بما لا يخطر على قلب بشر وأن أنواع النعم على المجاهد وثوابه يتفاضل تفاضلًا كثيرًا ومثل ذلك التفاضل في البعد بما بين السماء والأرض من البعد ورجح بعضهم الأول اهـ من المفهم (قال) أبو سعيد (وما هي) أي وما تلك الأخرى (يا رسول الله قال) هي (الجهاد في سبيل الله الجهاد في سبيل الله) كرره للتأكيد وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (3/ 14) والنسائي في الجهاد (6/ 19) ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال.
4747 -
(1838)(171)(حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث) بن سعد (عن سعيد بن أبي سعيد) عن كيسان المقبري المدني ثقة من (3)(عن عبد الله بن أبي قتادة) الأنصاري
أَنهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أَنهُ قَامَ فِيهِم فَذَكَرَ لَهُم:"أَن الْجِهادَ فِي سَبِيلِ الله وَالإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الأَعمَال" فَقَامَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيتَ إِنْ قُتِلتُ فِي سَبِيلِ الله تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَعَم. إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ الله وَأَنتَ صَابِرٌ
ــ
المدني أبي إبراهيم المدني ثقة من (2)(عن أبي قتادة) الأنصاري السلمي بفتح السين واللام فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن ربعي المدني رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أنه) أي أن عبد الله بن أبي قتادة (سمعه) أي سمع قتادة (يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه) صلى الله عليه وسلم (قام فيهم) أي في الصحابة خطيبًا (فذكر) صلى الله عليه وسلم (لهم) أي للصحابة (أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله) هما (أفضل الأعمال) الصالحة قال القرطبي الإيمان هنا هو المذكور في حديث جبريل ولا شك أنه أفضل الأعمال فإنه راجع إلى معرفة الله ورسوله وما جاء به وهو المصحح لأعمال الطاعات كلها المتقدم عليها في الرتبة والمرتبة وإنما قرن به الجهاد هنا في الأفضلية وإن لم يجعله من جملة مباني الإسلام التي ذكرها في حديث ابن عمر لأنه لم يتمكن من إقامة تلك المباني على تمامها وكمالها ولم يظهر دين الإسلام على الأديان كلها إلا بالجهاد فكأنه أصل في إقامة الدين والإيمان أصل في تصحيح الدين فجمع بين الأصلين في الأفضلية والله تعالى أعلم وقد حصل من مجموع هذه الأحاديث أن الجهاد أفضل من جميع العبادات العملية ولا شك في هذا عند تعينه على كل مكلف قدر عليه كما كان كذلك في أول الإسلام وكما قد تعين في هذه الأزمان إذ قد استولى على المسلمين أهل الكفر والطغيان فلا حول ولا قوة إلا بالله العظيم وأما إذا لم يتعين فحينئذ تكون الصلاة أفضل منه على ما جاء في حديث أبي ذر إذ سال عن أفضل الأعمال فقال الصلاة على مواقيتها متفق عليه من حديث عبد الله بن مسعود اهـ من المفهم.
(فقام رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسمه (فقال يا رسول الله أرأيت) أي أخبرني (إن قتلت في سبيل الله) هل (تكفر) وتمحى (عني خطاياي) وذنوبي بسبب قتلي في سبيل الله (فقال له) أي لذلك الرجل (رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم) تكفر عنك خطاياك (إن قتلت في سبيل الله وأنت) أي والحال أنك (صابر) على الآلام والجراح
مُحتَسِبٌ، مُقبِلٌ غيرُ مُدبِرٍ"
ــ
(محتسب) أجرك على الله تعالى قال النووي المحتسب هو المخلص لله تعالى فإن قاتل لعصبية أو غنيمة أو للصيت أو نحو ذلك فليس له هذا الثواب ولا غيره (مقبل) على العدو (غير مدبر) هارب عنهم فقوله (أتكفر عني خطاياي) هذا بحكم عمومه يشمل جميع الخطايا ما كان من حقوق الله تعالى وما كان من حقوق الآدميين فجوابه بـ (ـنعم) مطلقًا يقتضي تكفير جميع ذلك لكن الاستثناء الوارد بعد ذا يبين أن هذا الخبر ليس على عمومه وإنما يتناول حقوق الله تعالى خاصة لقوله صلى الله عليه وسلم (إلا الدين) وذكره الدين تنبيه على ما في معناه من تعلق حقوق الغير بالذمم كالغصب وأخذ المال بالباطل وقتل العمد وجراحه وغير ذلك من التبعات فإن كل هذا أولى بأن لا يغفر بالجهاد من الدين لكن هذا كله إذا امتنع من أداء الحقوق مع تمكنه منه وأما إذا لم يجد للخروج من ذلك سبيلًا فالمرجو من كرم الله تعالى إذا صدق في قصده وصحت توبته أن يرضي الله تعالى خصمه عنه كما قد جاء نصًّا في حديث أبي سعيد الخدري المشهور في هذا وقد دل على صحة ما ذكرناه قوله صلى الله عليه وسلم لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة الحديث رواه أحمد ومسلم والترمذي وسيأتي إن شاء الله تعالى ولا يلتفت إلى قول من قال إن هذا الذي ذكره من الدين إنما كان قبل قوله صلى الله عليه وسلم (من ترك دينًا أو ضياعًا فعلي) الحديث متفق عليه يشير بذلك إلى أن ذلك المعنى منسوخ فينه قول باطل منسوخ فإن المقصود من هذا الحديث بيان أحكام الديون في الدنيا وذلك أنه كان من أحكامها دوام المطالبة وإن كان الإعسار وقال بعض الرواة إن الحروإن يباع في الدين وامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على من مات وعليه دينار ولم يجد وفاء له فهذه الأحكام وأشباهها هي التي يمكن أن تنسخ والحديث الأول لم يتعرض لهذه الأحكام وإنما تعرض لمغفرة الذنوب فقط هذا إذا قلنا إن هذا ناسخ فأما إذا حققنا النَّظر فيه فلا يكون ناسخًا وإنما غايته أن تحمل النبي صلى الله عليه وسلم على مقتضى كرم خلقه عن المعسر دينه وسد ضيعة الضائع وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعينه (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فعلى هذا يكون هذا التحمل مخصوصًا به أو من جملة تبرعاته لما وسع الله عليه وعلى المسلمين وقد قيل في معنى هذا الحديث إن معنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بذلك من مال الخمس والفيء ليبين أن للغارمين ولأهل الحاجة حقًّا في بيت مال المسلمين وإن
ثُمَّ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كَيفَ قُلتَ؟ " قَال: أرَأيتَ إِنْ قُتِلتُ فِي سَبِيلِ الله أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَاي؟ فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَعَم. وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مدْبِرٍ. إلا الدَّيْنَ. فَإِن جِبْرِبلَ، عليه السلام، قَال لِي ذلِك".
4748 -
(0)(0) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هارُونَ. أَخْبَرَنَا يحيى (يَعنِي ابْنَ سَعِيدٍ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَال: أَرَأيتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ الله؟ بِمَعنى حَدِيثِ اللَّيْثِ
ــ
الناظر لهم يجب عليه القيام بذلك لهم والله أعلم وفيه من الفقه جواز تأخير الاستثناء قدرًا قليلًا لأنه أطلق أولا فلما ولى دعاه فذكر له الاستثناء وقد يجاب عنه بأنه لما أراد أن يستثني أعاد اللفظ الأول ووصل الاستثناء به في الحال فلا يجوز التأخير ويدل على ذلك أن الاستثناء والتخصيص وغيرهما الصادرة عنه صلى الله عليه وسلم كل من عند الله لا من عند النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد وقد تقدم الخلاف في هذا الأصل اهـ من المفهم (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي فقال رسول الله على الله عليه وسلم نعم) تكفر عنك (وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك) الذي قتله لك وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي (1712) والنسائي (6/ 34).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال.
4748 -
(0)(0)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى قال حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم الواسطي ثقة من (9)(أخبرنا يحيى يعني بن سعيد) بن قيس الأنصاري المدني ثقة من (5)(عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان (المقبري) المدني ثقة من (3)(عن عبد الله بن أبي قتادة) ثقة من (3)(عن أبيه) أبي قتادة رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة يحيى بن سعيد لليث بن سعد (قال) أبو قتادة (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت إن قتلت في سبيل الله) وساق يحيى بن سعيد (بمعنى حديث الليث) ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فقال.
4749 -
(0)(0) وحدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمدِ بْنِ قَيسٍ. ح قَال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ، عَنْ مُحَمدِ بْنِ قَيسٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ. فَقَال: أرَأيتَ إِنْ ضَرَبْتُ بِسَيفِي. بِمَعنى حَدِيثِ الْمَقْبُرِيِّ.
4750 -
(1839)(172) حدثنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يحيى بْنِ صَالِحٍ الْمِصرِيُّ. حَدَّثنَا الْمُفَضَّلُ (يَعني ابْنَ فَضَالةَ)
ــ
4749 -
(0)(0)(وحدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة الخراساني نزيل مكة ثقة من (10)(حدثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو بن ينار) الجمحي المكي (عن محمد بن قيس) الأموي مولاهم المدني أرسل عن الصحابة وروى عن أبيه وأبي بردة وأبي هريرة وأبي سلمة وعبد الله بن أبي قتادة في الجهاد ويروي عنه (م ت س ق) وعمرو بن دينار وابن عجلان والليث وابن أبي ذئب وثقه أبو داود وقال في التقريب ثقة من السادسة (ح قال) سفيان بن عيينة (وحدثنا محمد بن عجلان) القرشي المدني صدوق من (5) فهو معطوف على عمرو بن دينار فإن سفيان روى في السند الأول عن محمد بن قيس بواسطة عمرو بن دينار وفي هذا بواسطة محمد بن عجلان فلسفيان سندان (عن محمد بن قيس عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم غرضه بسوق هذا السند بيان متابعة محمد بن قيس لسعيد بن أبي سعيد حالة كون كل من عمرو ومحمد بن عجلان (يزيد أحدهما على صاحبه أن رجلًا أتى النبي على الله عليه وسلم وهو) صلى الله عليه وسلم (على المنبر) النبوي (فقال) الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم (أرأيت) أي أخبرني يا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن ضريت) بضم التاء للمتكلم (بسيفي) الكافر فقتلته أتكفر خطاياي وساق محمد بن قيس (بمعنى حديث المقبري) ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي قتادة بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما فقال.
4750 -
(1839)(172)(حدثنا زكرياء بن يحيى بن صالح) بن يعقوب الحرسي القضاعي أبو يحيى (المصري) ثقة من (10) روى عنه في (2) بابين الجهاد والنذور (حدثنا المفضل يعني ابن فضالة) بن عبيد بن ثمامة الرعيني القتاني بكسر القاف وسكون
عن عَيَّاشٍ (وَهُوَ ابنُ عَباسٍ الْقِتبَانِيُّ) عن عَبْدِ الله بْنِ يَزِيدَ أَبِي عَبْدِ الرحمن الحُبلِيِّ، عن عَبْدِ الله بْنِ عَمرِو بْنِ العَاصِ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال:"يُغْفَرُ لِلشهِيدِ كُل ذَنبٍ، إلا الدينَ".
4751 -
(0)(0) وحدّثني زُهيرُ بْنُ حَربٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أبِي أَيوبَ. حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ الْقِتْبَاني عَنْ أبِي عَبْدِ الرحمن الْحُبْلِي، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمرِو بْنِ الْعَاصِ؛ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَال:"القَتْلُ فِي سَبِيلِ الله يُكَفِّرُ كُل شَيءٍ، إلا الدينَ"
ــ
المثناة بعدها أبو معاوية المصري ثقة من (8) روى عنه في (3) أبواب.
(عن عياش وهو ابن عباس) بموحدة ومهملة (القتباني) بكسر القاف وسكون المثناة فوق نسبة إلى قتبان بطن من رعين الحميري المصري ثقة من (6)(عن عبد الله بن يزيد) المكنى بـ (ـأبي عبد الرحمن) كنية لعبد الله (الحبلي) بضم المهملة والموحدة وبسكونها نسبة إلى حي من اليمن يدعى بني الحبل المعافري المصري ثقة من (3)(عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القتل في سبيل الله يكفر كل شيء) من الخطايا (إلا الدين) وجميع حقوق الآدميين كما قال الذهني وفي هذا تنبيه على ما في معناه من حقوق الآدميين أفاده النووي واستثناؤه صلى الله عليه وسلم الدين بعد أن قال للسائل عن تكفير الجهاد للخطايا نعم محمول على أنه أوحي إليه بذلك في الحال ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم فإن جبريل قال لي ذلك ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال.
4751 -
(0)(0)(وحدثني زهير بن حرب حدثنا عبد الله بن يزيد) القصير مولى آل عمران أبو عبد الرحمن المصري (المقرئ) ثقة من (9)(حدثنا سعيد بن أبي أيوب) مقلاص الخزاعي أبو يحيى المصري ثقة من (7)(حدثني عياش بن عباس القتباني) نسبة إلى بطن من رعين (عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة سعيد بن أيوب للمفضل بن فضالة (أن النبي على الله عليه وسلم قال القتل في سبيل الله يكفر كل شيء) من الحقوق (إلا الدين) وما في معناه من الحقوق ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الجزء الثالث من الترجمة بحديث ابن مسعود رضي الله عنه فقال.
4752 -
(1840)(173) حدَّثنا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيبَةَ. كِلاهُمَا عَنْ أبِي مُعَاويَةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ. أخْبَرَنَا جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ. جَمِيعًا عَنِ الأعمَشِ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيرٍ (وَاللَّفُظْ لَهُ). حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ وَأَبُو مُعَاوَيةَ. قَالا: حَدَّثَنَا الأعمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ. قَال: سألْنَا عَبْدَ اللَّهِ (هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ) عَنْ هذِهِ الآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] قَال: أَمَا إِنَا قَدْ سَألْنَا عَنْ ذلِكَ. فَقَال:
ــ
4752 -
(1840)(173)(حدثنا يحيى بن يحيى) التميمي (وأبو بكر بن أبي شيبة كلاهما عن أبي معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي (ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي الكوفي (وعيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي (جميعًا) أي كلاهما رويا (عن الأعمش ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير واللفظ له حدثنا أسباط) بن محمد بن عبد الرحمن مولى السائب بن يزيد الكوفي ثقة من (9)(وأبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة) الهمداني الكوفي ثقة من (3)(عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي أبي عائشة الكوفي ثقة من (2)(قال) مسروق (سألنا عبد الله هو ابن مسعود عن) معنى (هذه الآية) يعني قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون} [آل عمران: 169] وهذه الأسانيد من سداسياته (قال) عبد الله بن مسعود (أما أنا قد سألنا).
أما حرف استفتاح وتنبيه أي انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم أيها المخاطبون إنا معاشر الصحابة سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن ذلك) أي عن معنى هذه الآية وتأويلها فيكون الحديث مرفوعًا يدل على ذلك قرينة الحال فإن ظاهر حال الصحابي أن يكون سؤاله من النبي صلى الله عليه وسلم لا سيما في تأويل آية كهذه اهـ من المرقاة وعبارة القرطبي قوله (أما إنا سألنا عن ذلك فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالنا كذا صحت الرواية ولم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هو المراد منها قطعًا ألا ترى قوله (فقال) وأسند الفعل إلى ضميره وإنما سكت عنه للعلم به فهو مرفوع وليس هذا المعنى الذي في هذا الحديث مما يتوصل إليه بعقل ولا قياس وإنما يتوصل إليه بالوحي فلا يقال هو موقوف على عبد الله بن مسعود اهـ من المفهم.
"أَروَاحُهم فِي جَوْفِ طَيرٍ خُضرٍ. لَها قَنَادِيلُ مُعَلَّقَة بِالْعرشِ. تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيثُ شَاءَتْ. ثُمَّ تَأوي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ. فَاطَّلَعَ إِلَيهِم رَبهُمُ اطِّلاعَةً. فَقَال: هلْ تَشْتَهُونَ شَيئًا؟ قَالُوا: أَي شَيءٍ نَشْتَهِي؟ وَنَخنُ نَسْرَحُ مِنَ الجنة حَيثُ شِئنَا. فَفَعَلَ ذلِكَ بِهِم ثَلاثَ مَرات. فَلَما رَأَوْا أَنهُم لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يسأَلُوا، قَالُوا: يَا رَب، نُرِيدُ أَنْ تَردَّ أَروَاحَنَا فِي أَجسَادِنَا حَتَّى نقتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرة أُخْرَى. فَلَما رَأَى أَن لَيسَ لَهُم حَاجَةٌ تُرِكُوا"
ــ
(أرواحهم) أي أرواح الذين قتلوا في سبيل الله محفوظة (في جوف طير خضر) مكرمة ومنعمة فيه والمراد بجوفه الحوصلة والحوصلة للطير كالكرش لسائر الحيوان أي مكرمة منعمة في حوصلتها كما في الحديث الآخر "في حواصل طير خضر" والطير جمع طائر والخضر جمع أخضر كحمر جمع أحمر أي مستقرة في حواصلها صيانة لتلك الأرواح ومبالغة في إكرامها لإطلاعها على ما في الجنة من المحاسن والنعم كما يطلع الراكب المظلل عليه بالهودج الشفاف الذي لا يحجب عما وراءه (لها) أي لتلك الأرواح (قناديل معلقة بالعرش) الله أعلم بحقيقتها غير أن ما جاء به الحديث هو أن هذه القناديل لأرواح الشهداء بمنزلة الأوكار للطائر فإنها تاوي إليها تغدو من تلك القناديل و (تسرح) أي ترتع وتأكل (من) نعيم (الجنة ثم) تروح و (تأوي) أي ترجع (إلى تلك القناديل) لأنها مستقرها ومنزلها إلى يوم القيامة (فأطلع إليهم) أي إلى الذين قتلوا في سبيل الله أي نظر إليهم (ربهم اطلاعة) أي نظرة أي اطلاعًا يليق بجلاله سبحانه وتعالى نثبته ونعتقده لا نكيفه ولا نمثله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وعبارة القرطبي أي تجلى لهم برفع حجبهم وكلمهم مشافهة بغير واسطة مبالغة في الإكرام وتتميمًا للإنعام اهـ (فقال) لهم ربهم (هل تشتهون) وتحبون (شيئًا) من النعيم غير ما كنتم عليه (قالوا أي شيء نشتهي) ونحب (ونحن) أي والحال أنا (نسرح) ونأكل (من) نعيم (الجنة حيث شئنا) أي من أي مكان شئنا (ففعل ذلك) السؤال (بهم) ربهم (ثلاث مرات فلما رأوا) وأيقنوا (أنهم لن يتركوا من أن يسألوا) ويجيبوا (قالوا يا رب يزيد أن ترد أرواحنا في أجسادنا) ونكون في الدنيا (حتى) نجاهد و (نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى) وعلم ربهم (أن) أي أنه (ليس لهم حاجة) إلى سؤال نعيم آخر (تركوا) على ما هم عليه.
قوله (فلما رأى أن ليس لهم حاجة) أي في دار الجزاء وأما ما ذكروه من الرجوع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى الدنيا والقتل مرة أخرى فليس مما سئلوا عنه لأنه يتعلق بدار العمل التي انقضى أجلها ولم يكن هذا السؤال إلا إكرامًا لهم وزيادةً في الإنعام ليعطوا ما يشتهونه في هذا العالم لا في العالم الماضي ولم يكن جوابهم إلا اعترافًا بنهاية من الإكرام وشكرًا عليه وأنهم ليس لهم حاجة ممكنة إلا وقد قضاها الله تعالى لهم اهـ تكملة وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي في التفسير (4098) وابن ماجه في الجهاد (2828) قال القرطبي ومعنى حياة الشهداء أن لأرواحهم من خصوص الكرامة ما ليس لغيرهم بأن جعلت في جوف طير كما في هذا الحديث أو في حواصل طير خضر في الحديث الآخر صيانة لتلك الأرواح ومبالغة في إكرامها لإطلاعها على ما في الجنة من المحاسن والنعم كما يطلع الراكب المظلل عليه بالهودج الشفاف الذي لا يحجب عما وراءه ثم يدركون في تلك الحال التي يسرحون فيها من روائح الجنة وطيبها وسرورها ما يليق بالأرواح مما ترتزق وتنتعش به وأما اللذات الجسمانية فإذا أعيدت تلك الأرواح إلى أجسادها استوفت من النعيم جميع ما أعد الله تعالى لهم ثم إن أرواحها بعد سرحها في الجنة ترجع تلك الطير بهم إلى مواضع مكرمة مشرفة منورة عبر عنها بالقناديل لكثرة أنوارها وشدتها والله أعلم وهذه الكرامات كلها مخصوصة بالشهداء كما دلت عليه الآية وهذا الحديث.
وأما حديث مالك الذي قال فيه (إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في ثمر الجنة) رواه في الموطأ (1/ 240) فالمراد بالمؤمن فيه الشهيد والحديثان واحد في المعنى من باب حمل المطلق على المقيد وقد دل على صحة هذا قوله في الحديث الآخر (إذا مات الإنسان عرض عليه مقعده بالغداة والعشي من الجنة والنار فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه إلى يوم القيامة) رواه أحمد (5/ 51) والبخاري (6515) والنسائي (4/ 107) وابن ماجه (4270) فالمؤمن غير الشهيد هو الذي يعرض عليه مقعده من الجنة وهو في موضعه من القبر أو الصور أو حيث شاء الله تعالى غير سارح في الجنة ولا داخل فيها وإنما يدرك منزلته فيها بخلاف الشهيد فينه يباشر ذلك ويشاهده وهو فيها على ما تقدم وكذلك أرواح الكفار تشاهد ما أعد الله لها من العذاب عند عرض ذلك عليه كما قال تعالى في آل فرعون {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر: 46] وعند هذا العرض تدرك روح الكفار من الألم والتخويف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والحزن والعذاب بالانتظار ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فنسأل الله العافية منها كما أنه يحصل للمؤمن عند عرض الجنة من الفرح والسرور والتنعم بانتظار المحبوب ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فإذا أعيدت الأرواح إلى الأجساد استكمل كل فريق منهم ما أعد الله له وبهذا الذي ذكرناه تلتئم الأحاديث وتتفق والله الموفق وقد حصل من مجموع الكتاب والسنة أن الأرواح باقية بعد الموت وأنها منعمة أو معذبة إلى يوم القيامة.
وقد اختلف الناس في الأرواح قديمًا وحديثًا ما هي وعلى أي حال هي اختلافًا كثيرًا واضطربوا فيها اضطرابًا شديدًا الواقف عليه يتحقق أن الكل منهم على غير بصيرة منها وإنما هي أقوال صادرة عن ظنون متقاربة ولا يشك أنه مما انفرد الله تعالى بعلم حقيقته وعلى هذا المعنى حمل أكثر المفسرين قوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَلِيلًا} [الإسراء: 85] فليقطع العاقل طمعه من علم حقيقته ولينظر هل ورد في الأقوال الصادقة ما يدل على شيء من صفته وعند تصفح ذلك واستقراء ما هناك يحصل للباحث أن الروح أمر ينفخ في الجسد ويقبض ويتوفى بالنوم والموت ويؤمن ويكفر ويعلم ويجهل ويفرح ويحزن ويتنعم ويتألم ويخرج ويدخل والإنسان يجد من ذاته بضرورته قابلًا للعلوم وأضدادها وللفكر وأضداده ولغير ذلك من المعاني فيحصل من مجموع تلك الأمور على القطع بأن الروح ليس من قبيل الأعراض لاستحالة كل ما ذكر عليها فيلزم أن يكون الروح من قبيل ما يقوم بنفسه وأنه قابل للإعراض وهل متحيز أو ليس بمتحيز ذهبت طوائف من الأوائل ومن نحا نحوهم من الإسلاميين إلى أنه قائم بنفسه غير متحيز وذهب أكثر أهل الإسلام إلى أن ذلك من أوصاف الحق سبحانه وتعالى الخاصة به وأنه لا تصح مشاركته في ذلك لأدلة تذكر في علم الكلام وأن الروح قائم بنفسه متحيز فهو من قبيل الجواهر اهـ من المفهم.
قوله (أرواحهم في جوف طير) هذا أحد ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعيين مستقر أرواح الشهداء وها هنا مباحث الأول في مستقر الأرواح بعد الموت وقد اختلف العلماء فيه قديمًا وحديثًا وقد محمد ابن القيم في ذلك نحوًا من سبعة عشر قولًا منها أن أرواح المؤمنين عند الله في الجنة شهداء كانوا أم غير شهداء إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة ولا دين وتلقاهم ربهم بالعفو عنهم والرحمة لهم وهذا مذهب أبي هريرة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم ومنها أنهم بفناء الجنة على بابها يأتيهم من روحها ونعيمها ورزقها ومنها أن الأرواح مستقرها أفنية قبورها ومنها أنها مرسلة تذهب حيث شاءت ومنها أن أرواح الشهداء في الجنة وأرواح عامة المؤمنين على أفنية قبورهم وما إلى ذلك من الأقوال وقد بسط ابن القيم في كتاب الروح على هذه المسألة ثم لخص ما وصل إليه كما يلي الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت فمنها أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى وهي أرواح الأنبياء صلواته وسلامه عليهم وهم مفتاوتون في منازلهم كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء ومنها أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت وهي أرواح بعض الشهداء لا جميعهم بل من الشهداء من تحبس روحه من دخول الجنة لدين عليه أو غيره ومنهم من يكون محبوسًا على باب الجنة ومنهم من يكون محبوسًا على قبره ومنهم من يكون مقره باب الجنة ومنهم من يكون محبوسًا في الأرض لم تعل روحه إلى الملأ الأعلى فإنها كانت روحًا سفلية أرضية ومنها أرواح تكون في تنور الزناة والزواني وأرواح في نهر الدم تسبح فيه وتلقم الحجارة فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد بل روح في أعلى عليين وروح أرضية سفلية لا تصعد من الأرض.
وأنت إذا تأملت السنن والآثار في هذا الباب وكان لك بها فضل اعتناء عرفت حجة ذلك ولا تظن أن بين الآثار الصحيحة في هذا الباب تعارضًا فإنها كلها حق يصدق بعضها بعضًا لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها وأن لها شأنًا غير شأن البدن وأنها مع كونها في الجنة فهي في السماء وتتصل بفناء القبر وبالبدن فيه وهي أسرع شيء حركة وانتقالًا وصعودًا أو هبوطًا وإنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة ونعيم وألم أعظم مما كان لها حال اتصالها بالبدن بكثير فهناك الحبس والألم والعذاب والمرض والحسرة وهنالك اللذة والراحة والنعيم والإطلاق وما أشبه حالها في هذا البدن بحال البدن في بطن أمه وحالها لها بعد المفارقة بحاله بعد خروجه من البطن إلى هذه الدار فلهذه الأنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها الدار الأولى في بطن الأم وذلك الحصر والضيق والغم والظلمات الثلاث والدار الثانية هي الدار التي نشأت فيها وألفتها واكتسبت فيها الخير والشر وأسباب السعادة والشقاوة والدار الثالثة دار البرزخ وهي أوسع من هذه الدار وأعظم بل نسبتها إليها كنسبة
4753 -
(1841)(174) حدَّثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ. حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ؛ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَال: "رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ" قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ،
ــ
هذه الدار إلى الأولى والدار الرابعة دار القرار وهي الجنة والنار فلا دار بعدها والله ينقلها في هذه الدور طبقًا بعد طبق حتى يبلغها الدار التي لا يصلح لها غيرها ولا يليق بها سواها وهي التي خلقت لها وهيئت للعمل الموصل إليها ولها في كل دار من هذه الدور حكم وشأن غير شأن الدار الأخرى فتبارك الله فاطرها ومنشؤها ومميتها ومحييها ومسعدها ومشقيها اهـ من الروح لابن القيم من ص (143 إلى 145) ثم استدل المؤلف على الجزء الرابع من الترجمة بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فقال.
4753 -
(1841)(174)(حدثنا منصور بن أبي مزاحم) بشير التركي أبو نصر البغدادي ثقة من (10)(حدثنا يحيى بن حمزة) بن واقد الحضرمي الدمشقي ثقة من (8)(عن محمد بن الوليد) بن عامر (الزبيدي) بالزاي وبالموحدة مصغرًا أبي الهذيل الحمصي القاضي ثقة من (7)(عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عطاء بن يزيد الليثي) الجندعي أبي يزيد المدني نزيل الشام ثقة من (3)(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (أن رجلًا) لم أر من ذكر اسمه (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي) أفراد (الناس أفضل) أي أعظم درجة عند الله وأكثر ثوابًا (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم للرجل السائل أفضلهم (رجل يجاهد في سبيل الله) ومرضاته لا لعصبية ولا لوطنية ولا لحمية بل يقاتل في طاعة الله تعالى لطلب مرضاته (بماله) أي بصرفه في مؤنة الجهاد (و) بـ (ـنفسه) بخروجه إلى الجهاد قال الحافظ في الفتح (6/ 6) وفي رواية للحاكم (أي الناس أكمل إيمانًا) وكأن المراد بالمؤمن من قام بما يتعين عليه القيام به ثم حصل هذه الفضيلة وليس المراد من اقتصر على الجهاد وأهمل الواجبات العينية اهـ (قال) الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم (ثم) بعد المجاهد (من) أفضل الناس يا رسول الله (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤال الرجل أفضلهم بعد المجاهد (مؤمن) دخل (في شعب من الشعاب) بكسر الشين فيهما والشعب ما انفرج بين جبلين أو
يَعْبُدُ الله رَبَّهُ، وَيدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ"
ــ
الطريق أو الطريق في الجبل والناحية والمراد موضع العزلة كما هو مصرح في الرواية الآتية قال النووي وليس المراد الانفراد والاعتزال وذكر الشعب مثالًا لأنه خال عن الناس غالبًا وقال ابن عبد البر إنما أوردت هذه الأحاديث بذكر الشعب والجبل لأن ذلك في الأغلب يكون خاليًا من الناس فكل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في هذا المعنى كذا في فتح الباري (يعبد الله ربه ويدع الناس) أي يتركهم (من شره) وضرره لهم قال النووي وفي الحديث دليل لمن قال بتفضيل العزلة على الاختلاط وفي ذلك خلاف مشهور فمذهب الشافعي وأكثر العلماء أن الاختلاط أفضل بشرط رجاء السلامة من الفتن ومذهب طوائف من العلماء أن الاعتزال أفضل وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه محمول على الاعتزال في زمن الفتن والحروب أو هوفيمن لا يسلم الناس منه ولا يصبر عليهم وقد كانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وجماهير الصحابة والتابعين والعلماء والزهاد مختلطين فيحصلون منافع الاختلاط كشهود الجمعة والجماعة والجنائز وعيادة المرضى وحلق الذكر وغير ذلك وما ذكره النووي رحمه الله تعالى من حمل الحديث على زمن الفتن يؤيده حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في الصحيحين (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن) ثم إن العزلة المحمودة في هذا الحديث ليست الرهبانية المذمومة في القرآن لأن الرهبانية تتضمن إهمال الحقوق الواجبة للنفس والأهل والعباد بخلاف هذه العزلة فإن المقصود منها ترك الاختلاط مع الناس مع أداء حقوق النفس والأهل في العزلة والله سبحانه وتعالى أعلم.
وعبارة القرطبي هنا قوله (أي الناس أفضل) أي أي الناس المجاهدين بدليل أنه أجابه بقوله رجل مجاهد بنفسه وماله ثم ذكر بعده من جاهد نفسه بالعزلة عن الناس إذ كل واحد من الرجلين مجاهد فالأول للعدو الخارجي والآخر للداخلي الذي هو النفس والشيطان فجاهدهما بقطع المألوفات والمستحسنات من الأهل والقرابات والأصدقاء والأوطان والشهوات المعتادات وكل ذلك فرارًا بدينه وخوفًا عليه وهذا هو الجهاد الأكبر الذي من وصل إليه فقد ظفر بالكبريت الأحمر غير أن العزلة إنما تكون مطلوبة إذا كفى المسلمون عدوهم وقام بالجهاد بعضهم فأما مع تعين الجهاد فليس غيره بمراد ولذلك بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث في بيان أفضلية الجهاد على العزلة اهـ من
4754 -
(0)(0) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزهْرِي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ الليثِي، عَنْ أبِي سَعِيدٍ. قَال: قَال رَجُل: أَيُّ النَّاسِ أفْضَلُ يَا رَسُولَ الله؟ قَال: "مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ الله" قَال: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: "ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ. يَعْبُدُ رَبَّهُ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ".
4755 -
(0)(0) وحدّثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرِّحْمنِ الدَّارِمِيُّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ. فَقَال:"وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ" وَلَمْ يَقُلْ: "ثُمَّ رَجُلٌ"
ــ
المفهم وشارك المؤلف في رواية هذ الحديث أحمد (3/ 37) والبخاري (2786) وأبو داود (2485) والترمذي (1660) والنسائي (6/ 11) وابن ماجه (3978) ثم ذكر المؤلف المتابعة في هذا الحديث فقال.
4754 -
(0)(0)(حدثنا عبد بن حميد) الكسي (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد الأزدي البصري (عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد) الخدري رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة معمر لمحمد بن الوليد (قال) أبو سعيد (قال) رجل من المسلمين (أي الناس أفضل) أي أكثر أجرًا عند الله تعالى وأعظم منزلة عنده (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوابه أفضلهم (مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال) الرجل (ثم من) أفضلهم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم) أفضلهم (رجل معتزل) أي مبتعد مفارق للناس (في شعب) أي في ثنية (من الشعاب) أي من الثنايا حالة كونه (يعبد ربه ويدع الناس) أي يتركهم (من) إيصال (شره) إليهم.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فقال.
4755 -
(0)(0)(وحدثنا عبد الله بن عبد الرحمن) بن الفضل بن مهران (الدارمي) السمرقندي ثقة متقن من (11)(أخبرنا محمد بن يوسف) بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم الفريابي نسبة إلى فرياب مدينة ببلاد ترك ثقة من (9)(عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) الشامي ثقة من (7)(عن ابن شهاب بهذا الإسناد) يعني عن عطاء عن أبي سعيد غرضه بيان متابعة الأوزاعي لمعمر بن راشد (فقال) الأوزاعي في روايته لفظة (ورجل في شعب ولم يقل) الأوزاعي لفظة (ثم رجل) كما قال لها معمر ثم استشهد
4756 -
(1842)(175) حدَّثنا يحيى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْجَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَال: "مِنْ خَيرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ الله. يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ
ــ
المؤلف لحديث أبي سعيد بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما فقال.
4756 -
(1842)(175)(حدثنا يحيى بن يحيى التميمي) النيسابوري (حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم) سلمة بن دينار المخزومي المدني صدوق من (8)(عن أبيه) سلمة بن دينار الأعرج التمار المدني ثقة من (5)(عن بعجة) بفتح الباء وسكون العين بن عبد الله بن بدر الجهني كان يقيم بالمدينة أحيانًا وبالبادية أحيانًا ومات بالمدينة قبل القاسم بن محمد سنة (100) مائة ومات القاسم سنة (101) إحدى ومائة روى عن أبي هريرة في الجهاد وعن عقبة بن عامر في الضحايا ويروي عنه (خ م ت س ق) وأبو حازم سلمة بن دينار وأسامة بن زيد ويحيى بن أبي كثير وابناه عبد الله ومعاوية وعدة وثقه النسائي وقال في التقريب ثقة من (3) مات على رأس المائة وليس في رجال مسلم من اسمه بعجة إلا هذا الثقة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (عن رسول الله على الله عليه وسلم أنه قال من خير معاش الناس) أي من أفضل مكاسب الناس وقوله (لهم) متعلق بخير قال النووي المعاش هو العيش وهو الحياة تقديره والله أعلم من خير أحوال عيشهم وقال القرطبي المعاش مصدر بمعنى المعيشة أو بمعنى العيش أي من أشرف طرق المعاش الجهاد ففيه دليل على جواز نية أخذ المغانم والاكتساب بالجهاد لكن إذا كان أصل النية في الجهاد أن يجاهد لتكون كلمة الله هي العليا ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله: (رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله) وبقوله: (يبتغي القتل مظانه) والجار والمجرور في قوله: (من خير معاش الناس) خبر مقدم على مبتدأه وهو قوله: (رجل ممسك) على صيغة اسم الفاعل (عنان فرسه) مفعول به لممسك والكلام على تقدير مضاف تقديره من أفضل مكاسب الناس لهم كسب رجل ممسك. أي آخذ بعنان بكسر العين أي لجام فرسه وأما بفتحها فهو ما ظهر من السماء كالسحاب والجو يعني متأهب للجهاد ومنتظر له واقف بنفسه للجهاد (في سبيل الله) تعالى (يطير) أي يسرع جدًّا راكبًا (على متنه) أي على ظهر فرسه حتى كأنه
كُلَّمَا سَمِعَ هَيعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيهِ. يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ. أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيمَةٍ فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنْ هذِهِ الشَّعَفِ. أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هذِهِ الأَوْدِيَةِ. يُقِيمُ الصَّلاةَ وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ. وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ. لَيسَ مِنَ النَّاسِ إلا فِي خَيرٍ"
ــ
يطير ومتن الفرس وغيره ظهره (كلما سمع هيعةً) بفتح الهاء وسكون الياء الصوت الذي يفزع منه ويخاف من عدو يقال هاع يهيع هيعة وهيوعًا وهيعانًا إذا جبن وفزع وهاع إذا جاع وأكثر ما تستعمل الهيعة في الصوت عند حضور العدو أي كما سمع هيعة أي صوت عدو (أو فزعة) أي استغاثة أي صوت استغاثة واستنصار من المسلمين على عدوهم والفزعة المرة من فزع إذا خاف أو نهض للإغاثة وملاقاة العدو وقوله (طار عليه) جواب كلما أي أسرع إلى ملاقاة العدو أو لإغاثة المسلمين راكبًا على فرسه كأنه يطير والطيران هنا وفي الجملة التي قبلها كناية عن المسارعة إلى لقاء العدو حالة كونه (يبتغي) ويطلب (القتل) أي قتل العدو له (والموت) في سبيل الله بلا قتل عدو له (مظانه) بالنصب على الظرفية أو بنزع الخافض جمع مظنة بكسر الظاء أي في المواضع التي يظن ويطمع فيها الموت في سبيل الله والمراد على الظرفية الشهادة في المواضع التي يرجى فيها الموت رغبة منه في أن يجود نفسه لله تعالى (أو رجل) معطوف على رجل مذكور أولًا أي من أفضل مكاسب الناس كسب رجل نازل (في غنيمة) بضم الغين تصغير غنم قطعة منها يعني قد أقنع نفسه بعدد يسير من الغنم يعيش بها أي كسب رجل راع غنيمة قليلة (في رأس شعفة) بفتح الشين والعين المهملة رأس الجبل أي في رأس شعفة كائنة (من هذه الشعف) التي تسرعون فيها مواشيكم وهو بفتحتين جمع شعفة أي يرعى تلك الغنيمة في موضع خال من الناس كشعفة من هذه الشعف (أو) كـ (ـبطن واد من هذه الأودية) التي ترعون فيها أغنامكم والوادي المكان المتسع بين الجبلين حالة كونه (يقيم الصلاة) أي يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها (ويؤتي) أي ويصرف (الزكاة) المفروضة في مصاوفها الثمانية (ويعبد ربه) بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات (حتى يأتيه اليقين) ويأخذه الموت واليقين بمعنى المتيقن حالة كونه (ليس من) معاشرة (الناس) ومعاملتهم (إلا في خير) ومعاملة حسنة بالإحسان إليهم وبالصفح عن إساءتهم إليه وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (2/ 443) وابن ماجه (3977).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4757 -
(0)(0) وحدّثناه قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، وَيَعْقُوبُ (يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ الْقَارِيَّ). كِلاهُمَا عَنْ أبِي حَازِمٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. وَقَال: عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ بَدْرٍ. وَقَال: "فِي شِعْبَةٍ مِنْ هذِهِ الشِّعَابِ" خِلافَ رِوَايَةِ يَحْيَى.
4758 -
(0)(0) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيبٍ. قَالُوا: حدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيدٍ، عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ الله الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ بَعْجَةَ. وَقَال:"فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ".
4759 -
(1843)(186) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أبِي عُمرَ الْمَكِّيُّ
ــ
4757 -
(0)(0)(وحدثناه قتيبة بن سعيد عن عبد العزيز بن أبي حازم ويعقوب يعني ابن عبد الرحمن) بن محمد بن عبد الله (القاري) بتشديد الياء مع تخفيف الراء نسبة إلى قارة قبيلة مشهورة من العرب المدني ثقة من (8)(كلاهما) أي كل من عبد العزيز ويعقوب بن عبد الرحمن رويا (عن أبي حازم بهذا الإسناد) يعني عن بعجة عن أبي هريرة رضي الله عنه غرضه بيان متابعة قتيبة ليحيى بن يحيى (مثله) أي مثل ما روى يحيى بن يحيى (و) لكن (قال) قتيبة في روايته (عن بعجة بن عبد الله بن بدر وقال) قتيبة أيضًا (في شعبة من هذه الشعاب خلاف رواية يحيى) أي مخالفًا لرواية يحيى في ذلك ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4758 -
(0)(0)(وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو كربب قالوا حدثنا وكيع عن أسامة بن زيد) الليثي المدني (عن بعجة بن عبد الله الجهني) المدني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة أسامة بن زيد لأبي حازم وساق أسامة بن زيد (بمعنى حديث أبي حازم عن بعجة و) لكن (قال) أسامة (في شعب من الشعاب) ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4759 -
(1843)(186)(حدثنا محمد) بن يحيى (بن أبي عمر المكي) العدني
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَال:"يَضْحَكُ اللهُ إِلَى رَجُلَينِ. يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ" فَقَالُوا: كَيفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: "يُقَاتِلُ هذَا فِي سَبِيلِ الله عز وجل فَيُسْتَشْهَدُ. ثُمَّ يَتُوبُ الله عَلَى الْقَاتِلِ فَيُسْلِمُ. فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ عز وجل فَيُسْتَشْهَدُ".
4760 -
(0)(0) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيبٍ، قَالُوا: حَدَّثنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ
ــ
(حدثنا سفيان) بن عيينة (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله) سبحانه وتعالى ضحكًا يليق به نثبته ونعتقده لا نكيفه ولا نمثله ولا نعطله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ناظرًا (إلى رجلين) عداه بإلى لتضمينه معنى نظر أي ينظر إليهما ضاحكًا منهما وللنسائي (إن الله ليعجب من رجلين) وقوله (يقتل أحدهما الآخر) صفة لرجلين ولكنها صفة سببية وكذا قوله: (كلاهما يدخل الجنة فقالوا) أي فقال الحاضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (كيف) يدخل كلاهما الجنة (يا رسول الله قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقاتل هذا) المسلم (في سبيل الله عز وجل فيستشهد) أي فيقتل شهيدًا فيدخل الجنة إن لم يكن عليه دين (ثم يتوب الله على) الكافر (القاتل فيسلم فيقاتل في سبيل الله عز وجل فيستشهد) أيضًا.
قال ابن عبد البر يستفاد من الحديث أن كل من قتل في سبيل الله فهو في الجنة اهـ وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (2826) والنسائي (6/ 38) وابن ماجه (191) ثم ذكر المؤلف المتابعة فقال.
4760 -
(0)(0)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو كريب قالوا حدثنا وكيع عن سفيان) الثوري (عن أبي الزناد بهذا الإسناد) يعني عن الأعرج عن أبي هريرة وساق سفيان الثوري (مثله) أي مثل حديث سفيان بن عيينة غرضه بيان متابعة الثوري لابن عيينة.
ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.
4761 -
(0)(0) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ. أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنَبِّهٍ. قَال: هذَا مَا حَدَّثَنَا أبُو هُرَيرَةَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَضْحَكُ الله لِرَجُلَينِ. يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. كِلاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ". قَالُوا: كَيفَ يَا رَسُولَ الله؟ قَال: "يُقْتَلُ هذَا فَيَلِجُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ يَتُوبُ الله عَلَى الآخَرِ فَيَهْدِيهِ إِلَى الإِسْلامِ. ثُمَّ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله فيُستَشْهَدُ"
ــ
4761 -
(0)(0)(حدثنا محمد بن رافع) القشيري النسيابوري (حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا معمر) بن راشد البصري (عن همام بن منبه) بن كامل اليماني (قال) همام (هذا ما حدثنا) به (أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من خماسياته غرضه بيان متابعة همام للأعرج (فذكر) أبو هريرة (أحاديث) كثيرة (منها) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا (يضحك الله) تعالى (لـ) ـشأن (رجلين يقتل أحدهما) وهو كافر (الآخر) وهو مسلم (كلاهما يدخل الجنة قالوا كيف يا رسول الله قال يقتل هذا) المسلم شهيدًا (فيلج) أي يدخل (الجنة ثم يتوب الله على الآخر) الذي قتل مسلمًا (فيهديه إلى الإسلام ثم) بعد إسلامه (يجاهد) هذا الآخر (في سبيل الله فيستشهد) أي فيقتل شهيدًا فيلج الجنة أيضًا وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب سبعة أحاديث الأول حديث أبي سعيد الخدري ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة والثاني حديث أبي قتادة الأنصاري ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعتين والثالث حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعة واحدة والرابع حديث عبد الله بن مسعود ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة والخامس حديث أبي سعيد الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الرابع من الترجمة وذكر فيه متابعتين والسادس حديث أبي هريرة الأول ذكره للاستشهاد به وذكر فيه متابعتين والسابع حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.
***