المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌636 - (29) باب الإمام جنة ووجوب الوفاء لبيعة الأول فالأول والصبر عند ظلم الولاة ووجوب طاعتهم وإن منعوا الحقوق - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٢٠

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌634 - (27) باب النَّهي عن طلب الإمارة والحرص عليها وفضل الإمام المقسط وإثم القاسط

- ‌635 - (28) باب غلظ تحريم الغلول وتحريم هدايا العمال ووجوب طاعة الأمراء في غير معصية

- ‌636 - (29) باب الإمام جنة ووجوب الوفاء لبيعة الأول فالأول والصبر عند ظلم الولاة ووجوب طاعتهم وإن منعوا الحقوق

- ‌637 - (30) باب وجوب ملازمة الجماعة وتحريم الخروج عنهم وحكم من فرق بينهم وحكم ما إذا بويع لخليفتين ووجوب الإنكار على الأمراء فيما خالف الشرع

- ‌638 - (31) باب خيار الأئمة وشرارهم واستحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال وبيان بيعة الرضوان

- ‌639 - (32) باب تحريم استيطان المهاجر وطنه والمبايعة على الإسلام والجهاد بعد فتح مكة وبيان معنى لا هجرة بعد الفتح وبيان كيفية مبايعة النساء

- ‌640 - (33) باب البيعة فيما استطاع وبيان سن البلوغ والنهي عن المسافرة بالمصحف إلى بلاد الكفار

- ‌641 - (34) باب المسابقة بين الخيل وتضميرها وأن الخير في نواصيها وما يكره من صفاتها

- ‌642 - (35) باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله وفضل الشهادة فيها وفضل الغدوة والروحة فيها

- ‌643 - (37) باب ما أُعد للمجاهد في الجنة وتكفير خطاياه إذا قتل إلا الدين وأن أرواح الشهداء في الجنة وبيان فضل الجهاد والرباط وبيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة

- ‌644 - (37) باب من قتل كافرًا ثم سدد وفضل من تصدق في سبيل الله وفضل إعانة الغازي وتغليظ حرمة نساء المجاهدين على القاعدين وسقوط فرض الجهاد عن المعذورين

- ‌645 - (38) باب ثبوت الجنة للشهيد وبيان من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ومن قاتل للرياء والسمعة

- ‌646 - (39) باب الغنيمة نقصان من الأجر وكون الأعمال بالنيات وفضل من تمنى الشهادة وذم من مات ولم يغز وثواب من حبسه مرض عن الغزو وفضل الغزو في البحر

- ‌647 - (40) باب فضل الرباط وكم الشهداء وقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق

- ‌فائدة في الشهداء

- ‌648 - (41) باب مراعاة مصلحة الدواب في السفر والنهي عن التعريس في الطريق واستحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته والنهي عن طروق المسافر أهله ليلًا

- ‌ كتاب: الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان

- ‌649 - (41) باب الصيد بالجوارح والسهام وحكم ما إذا غاب الصيد ثم وجده

- ‌650 - (42) باب النهي عن أكل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير وإباحة أكل ميتة البحر

- ‌651 - (43) باب النهي عن لحوم الحمر الأهلية والأمر بإكفاء القدور منها وإباحة لحوم الخيل وحمر الوحش

- ‌652 - (44) باب إباحة الضب والجراد والأرنب

- ‌653 - (45) باب النهي عن الخذف والأمر بإحسان الذبح والقتلة والنهي عن صبر البهائم

- ‌ كتاب: الأضاحي

- ‌653 - (46) باب وقتها

- ‌654 - (47) باب سن الأضحية واستحباب ذبحها بنفسه والتسمية والتكبير وجواز الذبح بكل ما أنهر الدم

- ‌655 - (48) باب النهي عن كل لحوم الأضاحي فوق ثلاث وبيان الرخصة في ذلك وبيان الفرع والعتبرة

- ‌656 - (49) باب النهي عن إزالة الشعر والظفر في عشر ذي الحجة لمن أراد التضحية وتحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله

الفصل: ‌636 - (29) باب الإمام جنة ووجوب الوفاء لبيعة الأول فالأول والصبر عند ظلم الولاة ووجوب طاعتهم وإن منعوا الحقوق

‌636 - (29) باب الإمام جنة ووجوب الوفاء لبيعة الأول فالأول والصبر عند ظلم الولاة ووجوب طاعتهم وإن منعوا الحقوق

4638 -

(1793)(138) حدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ مُسْلِمٍ. حَدَّثَنِي زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ. حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال: "إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ. يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ. ويُتَّقَى بِهِ. فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ عز وجل وَعَدَلَ،

ــ

636 -

(29) باب الإمام جنة ووجوب الوفاء لبيعة الأول فالأول والصبر عند ظلم الولاة ووجوب طاعتهم وإن منعوا الحقوق

4638 -

(1793)(138) وفي بعض النسخ زيادة (حدثنا إبراهيم عن مسلم) وعليها فقائلها محذوف تقديره قال بعض من روى هذا الجامع عن إبراهيم بن محمد (حدثنا إبراهيم) بن محمد بن سفيان أبو إسحاق النيسابوري راوي هذا الجامع عن الإمام مسلم رحمه الله (عن مسلم) بن الحجاج القشيري النيسابوري أنه قال: (حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي ثقة، من (10) وهذا أول المواضع الثلاثة التي فات فيها إبراهيم بن محمد سماعها عن مسلم بل رواه عنه بالإجازة ولذلك قال عن مسلم بالعنعنة (حدثنا شبابة) بن سوار المدني الفزاري ثقة، من (9) (حدثني ورقاء) بن عمر بن كليب اليشكري الكوفي صدوق من (7) (عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته بالنظر إلى أصله (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الإمام) الأعظم أو إمام الجيش (جُنّة) الجنة بضم الجيم وفتح النون المشددة الوقاية يعني أن الإمام بمثابة الوقاية والسترة التي يتقى بها عما يؤذي لأنه يقي المسلمين من أذى الأعداء ويقي الناس من أن يعدو بعضهم على بعض ويحمي بيضة الإسلام ويتقيه الناس ويخافون سطوته وقوله (يقاتل من ورائه) كالتفسير لقوله جنة أي كما أن الجنة والدرقة يقاتل من ورائها فكذلك الإمام يقاتل من ورائه وقيل المراد بالوراء هنا الإمام على حد قوله تعالى:{وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} أي أمامهم قالوا لأنه لا ينبغي للإمام أن يتقدم أمام الجيش لئلا يقع فيه ما يوجب هزيمة المسلمين ويكون المعنى يقاتل من وراء حكمه وأمره معنى وإن كان ينبغي أن يقاتل من أمامه حسًّا (ويتقى به) أي يستحصن من شر العدو وشر أهل الفساد والظلم مطلقًا والتاء في يتقى مبدلة من الواو لأنه من الوقاية (فإن أمر) الإمام الناس (بتقوى الله عز وجل وعدل) في حكمه بين الناس وقرن

ص: 69

كَانَ لَهُ بِذلِكَ أَجْرٌ. وَإِنْ يَأمُرْ بِغَيرِهِ، كَانَ عَلَيهِ مِنْهُ".

4639 -

(1794)(139) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثنَا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ، عَنْ أبِي حَازِمٍ. قَال: قَاعَدْتُ أَبَا هُرَيرَةَ خَمْسَ سِنِينَ، فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَال:"كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الأَنْبِيَاءُ. كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ. وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ"

ــ

بين العدل والأمر بتقوى الله ليدل على أن استحقاقه للأجر لا يكفي فيه مجرد أمره بالتقوى بل لا بد أن يكون مع ذلك في نفسه عادلًا (كان له) أي للإمام بذلك الأمر والعدل (أجر) عظيم (وإن يأمر بنيره) أي بغير ما ذكرنا من التقوى بأن أمر بالفساد والظلم (كان عليه) وزر (منه) أي بأمره بغير التقوى ومن هنا بمعنى الباء السببية.

ولم يذكر العدل مع قوله وإن يأمر بغيره أي بغير المذكور من التقوى ليشعر أنه لا يمكن أن يكون الآمر بغير تقوى الله عادلًا لأنه يخرج بأمره بالفساد عن العدالة والمعنى إن أمر بالتقوى وعدل في حكمه كان له أجر عظيم وإن أمر بغير التقوى كان عليه وزر كبير وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في الجهاد [2957]، وأبو داود فيه أيضًا [2757]، والنسائي في البيعة [4196]، ثم استدل المؤلف على الجزء الثاني من الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال.

4639 -

(1794)(139)(حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فرات) بن أبي عبد الرحمن (القزاز) التميمي أبي محمد البصري ثم الكوفي ثقة، من (5) وليس في مسلم من اسمه فرات إلا هذا الثقة (عن أبي حازم) الكوفي سلمان الأشجعي مولى عزة ثقة، من (3) (قال) أبو حازم:(قاعدت أبا هريرة) أي جالسته لأخذ الحديث عنه (خمس سنين) وهذا السند من سداسياته (فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم) أي تقوم بسياستهم وتدبير أمورهم وتحصيل مصالحهم (الأنبياء) أي أنبياؤهم كما تتولى الأمراء والوزراء بسياسة الرعية وتدبير مصالحهم والسياسة القيام على الشيء بما يصلحه اهـ نهاية (كلما هلك) ومات (نبي) منهم (خلفه) أي استخلف عن الذي مات (نبي) آخر في سياستهم وتدبير أمورهم (و) أما أنا فـ (ـإنه لا نبي بعدي) يكون خليفة عني (و) لكن (ستكون) وتوجد بعدي (خلفاء) يقومون بسياسة أمتي (فتكثر) الخلفاء بعدي يعني أنه لا نبي بعدي فيفعل ما كان

ص: 70

قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: "فُوا بِبَيعَةِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ. وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ. فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ"

ــ

يفعله أنبياء بني إسرائيل وهذا من أوضح الأدلة على أن النبوة قد انتهت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ونفي جنس النبوة بعده صلى الله عليه وسلم يعم كل نوع من أنواع النبوة سواء كانت بشريعة جديدة أولًا وقد أجمعت الأمة على أن من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم فإنه كافر كذاب (قالوا) أي قال الأصحاب (فما) ذا (تأمرنا) به حينئذٍ أي حين إذ كثرت الخلفاء (قال) لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فوا) فعل أمر من الوفاء أي أتموا (ببيعة) الخليفة (الأول فالأول) والمعنى أنه إذا بويع الخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة تجب الوفاء بها بالسمع والطاعة له وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ويحرم عليه طلبها سواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأول أو جاهلين وسواء كانا في بلدين أو بلد أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره قال النووي هذا هو الصواب الذي عليه أصحابنا وجماهير العلماء وقيل تكون لمن عقدت له في بلد الإمام وقيل يقرع بينهما وهذان فاسدان لمعارضته الحديث ولمخالفته ما عليه السلف والخلف ولظواهر إطلاق الأحاديث والله أعلم (وأعطوهم) أي وأعطوا الخلفاء بعدي وأدوهم (حقهم) من السمع والطاعة والذب عنهم عرضًا ونفسًا والاحترام والنصرة لهم على من بغى عليهم وقوله (فإن الله سائلهم عما استرعاهم) جواب لشرط محذوف تقديره وأعطوهم حقهم من الطاعة وعدم الخروج عليهم وإن لم يعطوكم حقكم فإن الله سائلهم عما استرعاهم من حقوقكم.

وفي هذا إشارة إلى أن كل مسلم يجب أن يهتم بأداء ما عليه من الحقوق دون أن يهمل واجبه ويتصدى للآخرين في أداء ما عليهم فيجب على الشعب أن يهتموا باداء ما عليهم من حق أميرهم ويجب على الأمير أن يهتم بما عليه من حقوقهم لا أن يطالب كل أحد الآخر بما له عليه من الحق ويغفل عما يجب عليه من حق الآخر وهكذا يؤكد الإسلام على أداء الواجب قبل مطالبة الحقوق فلو أدى كل واحد واجبه سلمت حقوق الجميع والله أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [3455]، وابن ماجه [2901]، ثم ذكر المتابعة فيه فقال.

ص: 71

4640 -

(00)(00) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ الأَشْعَرِيُّ. قَالا: حَدَّثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ

ــ

4640 -

(00)(00)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن براد الأشعري) الكوفي (قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس) الأودي الكوفي (عن الحسن بن فرات) القزاز التميمي الكوفي روى عن أبيه في الجهاد ويروي عنه (م ت ق) وعبد الله بن إدريس وابنه زياد وأبو نعيم وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات وقال في التقريب صدوق من (7)(عن أبيه) فرات القزاز التميمي (بهذا الإسناد) يعني عن أبي حازم عن أبي هريرة وساق الحسن بن فرات (مثله) أي مثل ما حدث شعبة عن فرات غرضه بيان متابعة الحسن بن الفرات لشعبة بن الحجاج وعبارة القرطبي في هذا الحديث (قوله كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي) إسرائيل هو يعقوب عليه السلام وبنوه أولاده وهم الأسباط وهم كالقبائل في أولاد إسماعيل قال ابن (إسرا) هو عبد (إيل) هو الله تعالى فمعناه عبد الله وفيه لغات وقيل هو عبري اسم واحد بمعنى يعقوب ويعني بهذا الكلام أن بني إسرائيل كانوا إذا ظهر فيهم فساد أو تحريف في أحكام التوراة بعد موسى بعث الله تعالى لهم نبيًّا يقيم لهم أمرهم ويصلح لهم حالهم ويزيل ما غير وبدل من التوراة وأحكامها فلم يزل أمرهم كذلك إلى أن قتلوا يحيى وزكرياء عليهما السلام فقطع الله تعالى ملكهم وبدد شملهم ببختنصر وغيره ثم جاءهم عيسى ثم محمد صلى الله عليه وسلم فكذبوهما {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} [البقرة / 90] وهو في الدنيا ضرب الجزية ولزوم الصغار والذلة {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ} [الرعد / 34] ولما كان نبينا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء بعثًا وكتابه لا يقبل التغيير أسلوبًا ونظمًا وقد تولى الله تعالى كلامه صيانة وحفظًا وجعل علماء أمته قائمين ببيان مشكله وحفظ حروفه وإقامة أحكامه وحدوده كما قال صلى الله عليه وسلم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين رواه ابن عدي والقرطبي في تفسيره ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل) ولكن قال السيوطي وابن حجر لا أصل له ولما كان أمر هذه الأمة كذلك اكتفى بعلمائها عما كان من توالي الأنبياء هنالك قوله (وإنه لا نبي بعدي) هذا النفي عام في الأنبياء

ص: 72

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والرسل لأن الرسول نبي وزيادة وقد جاء نصًّا في كتاب الترمذي قوله لا نبي بعدي ولا رسول وقد قال الله تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب / 40] ومن أسمائه في الكتب القديمة وفيما أطلقته هذه الأمة خاتم الأنبياء ومما سمى به نفسه العاقب والمقفي فالعاقب هو الذي يعقب الأنبياء والمقفي هو الذي يقفوهم أي يكون بعدهم وعلى الجملة هو أمر مجمع عليه معلوم من دين هذه الملة فمن ادعى أن بعده نبيًّا أو رسولًا فإن كان مسرًا لذلك واطلع عليه بالشهادة المعتبرة قتل قتلة زنديق فإن صرح بذلك فهو مرتد يستتاب فإن تاب فذلك وإلا قتل قتلة مرتد فيسبى ماله وقوله (وستكون خلفاء فتكثر) هذا منه صلى الله عليه وسلم إخبار عن غيب وقع على نحو ما أخبر به ووجد كذلك في غير ما وقت فمن ذلك مبايعة الناس لابن الزبير بمكة ولمروان بن هشام ولبني العباس بالعراق ولبني مروان بالأندلس ولبني عبيد بمصر ثم لبني عبد المؤمن بالمغرب وقوله (فوا بيعة الأول فالأول) دليل على وجوب الوفاء ببيعة الأول وسكت في هذا الحديث عما يحكم به على الآخر وقد نص عليه في الحديث الآتي حيث قال فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا عنق الآخر وفي رواية فاضربوه بالسيف كائنًا من كان وهذا الحكم مجمع عليه عند تقارب الأقطار وإمكان استقلال واحد بأمور المسلمين وضبطها وأما لو تباعدت الأقطار وخيف ضيعة البعيد من المسلمين ولم يتمكن الواحد من ضبط أمور من بعد عنه فقد ذكر بعض الأصوليين أنهم يقيمون لأنفسهم واليًا يدبرهم ويستقل بأمورهم وقد ذكر أن ذلك مذهب الشافعي في الأم.

(قلت): ويمكن أن يقال إنهم يقيمون من يدبر أمورهم على جهة النيابة عن الإمام الأعظم لا أنهم يخلعون الإمام المتقدم حكمًا ويولون هذا بنفسه مستقلًا هذا ما لا يوجد نصًّا عن أحد ممن يعتبر قوله والذي يمكن أن يفعل مثل هذا إذا تعذر الوصول إلى الإمام الأعظم أن يقيموا لأنفسهم من يدبرهم ممن يعترف للإمام الأعظم بالسمع والطاعة فمتى أمكنهم الوصول إلى الإمام فالأمر له في إبقاء ذلك أو عزله ثم للإمام أن يفوض لأهل الأقاليم البعيدة التفويض العام ويجعل للوالي عليهم الاستقلال بالأمور كلها لتعذر المراجعة عليهم كما قد اتفق لأهل الأندلس وأقصى بلاد العجم فأما لو عقدت البيعة لإمامين معًا في وقت واحد في بلدين متقاربين فالإمامة لأرجحهما وهل قرابة أحدهما من الإمام المتوفى موجبة للرجحان أم لا اختلفوا فيه فمنهم من قال يقدم الأقرب به نسبًا

ص: 73

4641 -

(1795)(140) حدَّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ وَوَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ وَابْنُ نُمَيرٍ. قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاويةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ. قَالا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ. ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ. قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا

ــ

فالأقرب كولاية النكاح ومنهم من لا يعتبر ذلك وفرق بين الولايتين والفرق واضح فأما لو تساويا من كل وجه فيقرع بينهما والفرض في اثنين أن يكون كل واحد منهما كامل أهلية الولاية باجتماع الشروط المعتبرة المنصوص عليها في كتب أئمتنا المتكلمين اهـ من المفهم ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما فقال.

4641 -

(1795)(140)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي ثقة، من (7) (ووكيع ح وحدثني أبو سعيد الأشج) عبد الله بن سعيد الكندي الكوفي (حدثنا وكيع ح وحدثنا أبو كريب و) محمد بن عبد الله (بن نمير قالا: حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم) بن عبد الرحمن بن عطاء المروزي (قالا: أخبرنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي (كلهم) أي كل من أبي الأحوص ووكيع وأبي معاوية وعيسى بن يونس رووا (عن الأعمش ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة واللفظ له حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، من (8) (عن الأعمش محن زيد بن وهب) الجهني الكوفي ثقة مخضرم من (2) (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه وهذه الأسانيد كلها من خماسياته (قال) عبد الله:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها) أي إن القصة (ستكون) أي ستوجد (بعدي أثرة) بفتح الهمزة والثاء على الراجح كما مر أي استئثار الأمراء أنفسهم بأموال بيت المال واستبدادهم بها (وأمور تنكرونها) كترك فعل المأمورات وارتكاب المنهيات هذا من معجزات النبوة وقد وقع متكررًا ووجد مخبره متكررًا (قالوا: يا رسول الله كيف تأمر) أي بأي حال وبأي شيء تأمر (من أدرك منا

ص: 74

ذلِكَ؟ قَال: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيكُمْ. وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ".

4753 -

(46) حدَّثنا زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (قَال إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا. وَقَال زُهَيرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ زَيدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ. قَال: دَخَلْتُ الْمسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ. وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيهِ. فَأَتَيتُهُمْ. فَجَلَسْتُ إِلَيهِ. فَقَال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ. فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا. فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ

ــ

ذلك) الزمن (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تؤدون الحق الذي) وجب لهم (عليكم) من السمع والطاعة (وتسألون الله) تعالى إخراج الحق (الذي) وجب (لكم) عليهم بأن يلهمهم إنصافكم أو يبدلكم خيرًا منهم قاله الحافظ في الفتح [13/ 6] وقال النووي وفيه الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولي ظالمًا عسوفًا فيعطي حقه من الطاعة ولا يخرج عليه ولا يخلع بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه ودفع شره وإصلاحه اهـ وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في المناقب [3603 و 7052]، والترمذي في الفتن [2285]، ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم فقال.

4642 -

(1796)(141)(حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال زهير حدثنا جرير) بن عبد الحميد الضبي الكوفي (عن الأعمش عن زيد بن وهب) الجهني الكوفي (عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة) الصائدي بمهملتين أو العائذي بذال. معجمة الكوفي روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص في الإمارة ويروي عنه (م د س ق) وزيد بن وهب والشعبي وجماعة قال العجلي تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات ليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث وقال في التقريب ثقة من الثالثة (قال) عبد الرحمن: (دخلت المسجد) الحرام (فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص) بن وائل السهمي المدني رضي الله عنهما (جالس في ظل الكعبة والناس) أي والحال أن الناس (مجتمعون) واقفون (عليه فأتيتهم فجلست إليه) أي جنبه (فقال) عبد الله بن عمرو: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر) من أسفاره ولم أر من عين هذا السفر من الشراح (فنزلنا) في سفرنا ذلك (منزلًا) للاستراحة من تعب السفر (فمنا من يصلح خباءه)

ص: 75

وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ. إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: الصَّلاةَ جَامِعَةً. فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ. وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا

ــ

أي خيمته ويبنيها (ومنا من ينتضل) أي يرمي بالسهام تدربًا ومداومةً والمناضلة المراماة بالسهام يقال انتضلوا وتناضلوا إذا تراموا بالسهام تدربًا (ومنا من هو في جشره) بفتح الجيم والشين وهي الدواب التي ترعى في مكانه ولا ترجع إلى أهلها بالليل بل تبيت مكانها وقال أبو عبيد: الجشر القوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم لا يأوون البيوت يقال جشر الدواب يجشرها من باب نصر جشرًا بسكون الشين إذا خرج الرجل بدوابه يرعاها أمام بيته كما في تاج العروس أي ومنا من كان مع دوابه ليرعاها حول المنزل (إذ نادى) وإذ هنا بمعنى إذا الفجائية مع تقدير الفاء العاطفية على نزلنا أي فنزلنا منزلًا فافترق القوم في حوائجهم ففاجأنا نداء (منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي بقوله (الصلاة جامعة) بنصب الجزأين الأول على الإغراء والثاني على الحال أي أدركوا الصلاة حالة كونها جامعة للناس قال القرطبي وكأنه كان وقت صلاة فلما جاؤوا وصلوا معه وسكت الراوي عن ذلك وإلا فمن المحال أن ينادي منادي الصادق بالصلاة ولا صلاة قال الأبي الأظهر أن المراد بالصلاة الصلاة لغة أي الدعوة جامعة وهو كلام جرى العرف فيه في نداء القوم لأمر مهم وكان الشيخ ابن عرفة يحمله على أنها صلاة الفرض فأخذ منه جواز ما يفعله المؤذنون اليوم من التحضير عند فراغهم من الأذان وأنه ليس ببدعة خلاف ما ذهب إليه بعض متأخري التونسيين من أنه بدعة وكان الشيخ يستحسن هذا الأخذ وفيه نظر لأنه وإن سلم أنها صلاة الفرض فإنه لم يتكرر ذلك وإنما يستعمل في الدعاء لأمر مهم اهـ من الأبي ويمكن أيضًا أن يكون هذا قبل مشروعية الأذان وقد ثبت أن المسلمين قبل نزول الأذان كانوا ينادون الصلاة جامعة (فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم) أي حقًّا واجبًا عليه لأن ذلك من طريق النصيحة والاجتهاد في التبليغ والبيان (وينذرهم) أي يخوفهم (شر ما يعلمه وإن أمتكم هذه) يعني المحمدية (جعل عافيتها) أي سلامتها من الفتن واستقامتها واجتماع كلمتها

ص: 76

فِي أَوَّلِهَا. وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا. وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَتَجِيءُ الْفِتنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هذِهِ مُهْلِكَتِي. ثُمَّ تَنْكَشِفُ. وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هذِهِ هذِهِ. فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ

ــ

(في أولها) يعني بأول الأمة أزمانه وزمان الخلفاء الثلاثة إلى قتل عثمان فهذه الأزمنة كانت أزمنة اتفاق هذه الأمة واستقامة أمرها وعافية دينها فلما قتل عثمان هاجت الفتن كموج البحر وتتابعت كقطع الليل المظلم ثم لم تزل ولا تزال متوالية إلى يوم القيامة (وسيصيب آخرها بلاء) أي فتن واختلاف (وأمور تنكرونها) من البدع والخرافات وعلى هذا المعنى الذي ذكرنا آنفًا فأول آخر هذه الأمة المعنى في هذا الحديث مقتل عثمان وهو آخر بالنسبة إلى ما قبله من زمان الاستقامة والعافية وقد دل على هذا قوله وأمور تنكرونها والخطاب لأصحابه فدل على أن منهم من يدرك أول ما سماه آخرًا وكذلك كان اهـ من المفهم (وتجيء فتنة) أي فتن كثيرة فيهم (فيرقق) بضم الياء أولاهما مشددة مكسورة من الترقيق (بعضها بعضًا) أي يصير بعضها بعضًا رقيقًا أي خفيفًا لعظم ما بعده أي فالثاني يجعل الأول خفيفًا قال القاضي هذه رواية الجمهور وفي رواية (يرفق) بفاء ثم قاف على وزن ينصر أي يمد بعضها بعضًا من قولهم رفقه إذا نفعه وأعانه وفي رواية الطبري عن الفارسي (فيدفق) بدال ثم فاء ثم قاف على وزن يضرب أي يدفع ويصب من الدفق وهو الدفع ومنه الماء الدافق يعني أنها كموج البحر الذي يدفع بعضه بعضًا (وتجيه الفتنة) من تلك الفتن (فيقول المومن هذه) الفتنة (مهلكتي) أي معدمتي (ثم تنكشف) وتنفرج عنه تلك الفتنة التي خاف منها الهلاك (وتجيء الفتنة) الأخرى (فيقول المؤمن هذه) الثانية هي (هذه) أي مهلكتي قاله القرطبي شبه المؤمن في هذه الفتن بالعائم الغريق بين الأمواج فإذا أقبلت عليه موجة قال هذه مهلكتي ثم تروح عنه تلك فتأتيه أخرى فيقول (هذه هذه) إلى أن يغرق بالكلية وهذا تشبيه واقع حسًّا وقيل معنى (هذه هذه) أي هذه مهلكتي هذه مهلكتي كرره للتأكيد ووقع ذلك صريحًا في رواية النسائي ولفظه (فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف ثم تجيء فيقول: هذه مهلكتي ثم تنكشف).

(فمن أحب أن يزحزح) بالبناء للمجهول أي ينحى ويبعد (عن النار) الأخروية ويؤخر منها (ويدخل الجنة) بالبناء للمجهول أيضًا من الإدخال (فلتأته منيته) وفي رواية

ص: 77

وَهُوَ يُؤمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ. وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيهِ. وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا، فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ. فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الآخَرِ". فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ لَهُ: أَنْشُدُكَ اللهَ! آنْتَ سَمِعْتَ هذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟

ــ

النسائي موتته والمعنى واحد (وهو) أي والحال أنه (يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس) أي وليبذل إلى الناس وليفعل بهم الأمر (الذي يحب أن يؤتى إليه) أي أن يبذل إليه ويفعل معه من النصيحة والخير قال القرطبي: وليجئ إلى الناس بحقوقهم من النصح والنية الحسنة بمثل الذي يحب أن يجاء إليه به وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) والناس هنا الأئمة والأمراء فيجب عليه لهم السمع والطاعة والنصرة والنصيحة مثل ما لو كان هو الأمير لكان يحب أن يجاء له به اهـ قال النووي هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وبديع حكمه وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها وأن الإنسان يلزمه أن لا يفعل مع الناس إلا ما يحب أن يفعلوه معه (ومن بايع إمامًا) أي عاهده على الإمامة له (فأعطاه) في بيعته (صفقة يده) أي صفحة كفه في معاهدته والتزام طاعته (وثمرة قلبه) أي صدق نيته في البيعة يعني بايعه بيده وأحبه بقلبه (فليطعه إن استطاع) وقدر على طاعته والمعنى فيما استطاع حسًّا وشرعًا.

قال القرطبي: وهذا الحديث يدل على أن البيعة لا يكتفى فيها بمجرد عقد اللسان فقط بل لا بد من الضرب باليد كما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيدِيهِمْ} [الفتح / 10] ولكن ذلك للرجال فقط على ما يأتي ولا بد من التزام البيعة بالقلب وترك الغش والخديعة فإنها وتر من أعظم العبادات فلا بد فيها من النية والنصيحة (والصفقة) أصلها الضرب بالكف على الكف وهو التصفيق وقد تقدم في كتاب الصلاة (فإن جاء) وظهر رجل (آخر ينازعه) أي ينازع الأول ويخاصمه ويعارضه في الإمامة (فاضربوا عنق) ذلك الآخر معناه ادفعوا الثاني فإنه خارج على الإمام فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه فإن دعت المقاتلة إلى قتله جاز قتله ولا ضمان فيه لأنه ظالم متعد في قتاله كذا في شرح النووي.

قال عبد الرحمن: (فدنوت) أي قربت (منه) أي من عبد الله بن عمرو (فقلت له) أي لعبد الله: (أنشدك الله) أي أسألك حالفًا بالله (آنت سمعت هذا) أي هل أنت سمعت هذا الحديث (من رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحلاف عبد الرحمن لعبد الله بن

ص: 78

فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيهِ وَقَلْبِهِ بِيَدَيهِ. وَقَال: سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي. فَقُلْتُ لَهُ: هذَا ابنُ عَمِّكَ مُعَاويةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالنَا بَينَنَا بِالْبَاطِلِ. وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا. وَاللهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]. قَال: فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَال: أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ. وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ

ــ

عمرو زيادة في الاستيثاق لا أنه كذّبه ولا اتهمه قال عبد الرحمن: (فأهوى) عبد الله وأشار (إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال: سمعته) صلى الله عليه وسلم (أذناي) وأنّث الفعل لأن الأذن مؤنث معنوي أي سمعت أذناي هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تكلم به (ووعاه) أي وعى هذا الحديث وحفظه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الرحمن: (فقلت له) أي لعبد الله بن عمرو (هذا) الذي يدعي الخلافة مبتدأ (ابن عمك) بدل منه أو عطف بيان له وكذا قوله (معاوية) بدل ثان أو عطف بيان خبره قوله (يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل) أي بغير حق (ونقتل أنفسنا) أي يقتل بعضنا بعضًا بغير حق (والله) سبحانه وتعالى (يقول) في كتابه العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29](قال) عبد الرحمن: (فسكت) عبد الله عن جواب سؤالي (ساعةً) أي قطعة قليلة من الزمان (ثم قال) عبد الله: (أطعه) أي أطع أميرك معاوية (في طاعة الله واعصه) أي خالفه (في معصية الله) لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله وهذا مثل ما قاله صلى الله عليه وسلم (فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة) قال القرطبي وما ذكره عبد الرحمن عن معاوية إغياء في الكلام على حسب ظنه وتأويله وإلا فمعاوية رضي الله عنه لم يعرف من حاله وسيرته شيء مما قاله له وإنما هذا كما قالت طائفة من الأعراب إن ناسًا من المصدقين يظلموننا فسموا أخذ الصدقة ظلمًا حسب ما وقع ويمكن أيضًا أن يكون هذا الكلام صدر من عبد الله رضي الله عنه بعد شهادة علي وكان معاوية إذ ذاك خليفة حق والله أعلم وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود [4348]، والنسائي [7/ 153].

قال النووي قوله (هذا ابن عمك معاوية) الخ المقصود بهذا الكلام أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة

ص: 79

4643 -

(00)(00) وحدّثنا أبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَابْنُ نُمَيرٍ وَأبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ. قَالُوا: حَدَّثنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيبٍ. حَدَّثنَا أَبُو مُعَاويةَ. كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

4644 -

(00)(00) وحدّثني مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ. حَدَّثنَا أَبُو

ــ

الأول وأن الثاني يقتل اعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته عليًّا رضي الله عنه وكانت بيعة علي قد سبقت فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل ومن قتل النفس بغير حق لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالًا في مقاتلته فاتضح بتفسير النووي رحمه الله تعالى أنه ليس مراد القائل أن معاوية رضي الله عنه كان يخون في بيت المال والعياذ بالله أو يقتل الناس بغير حق ولا اجتهاد كما زعم بعضهم فإنه لم يثبت ذلك عنه بطريق موثوق له وهو من فضلاء الصحابة رضي الله عنهم والله أعلم.

وقوله (أطعه في طاعة الله) قال النووي فيه دليل على وجوب طاعة المتولين للإمامة بالقهر من غير إجماع ولا عهد واستشكله الأبي بأن عليًّا رضي الله عنه انعقدت له الخلافة قبل معاوية فيصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم (فإن جاء آخر ينازعه) فكيف تجب طاعته وإنما تجب إطاعة المتغلب إذا لم يكن هناك إمام ولعل مراد النووي رحمه الله أنه باجتهاده رضي الله عنه تغلب بعد التحكيم على الشام فكان حكمه حكم المتغلب في حق أهل الشام ويمكن أيضًا أن يكون هذا الكلام صدر من عبد الله رضي الله عنه بعد شهادة علي رضي الله عنه وكان معاوية إذ ذاك خليفة حق كما مر آنفًا والله أعلم ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال.

4643 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و) محمد بن عبد الله (بن نمير وأبو سعيد الأشج) عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي (قالوا: حدثنا وكيع حح وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو معاوية كلاهما) أي كل من وكيع وأبي معاوية رويا (عن الأعمش بهذا الإسناد) يعني عن زيد عن عبد الرحمن عن عبد الله وساقا (نحوه) أي نحو حديث جرير بن عبد الحميد غرضه بيان متابعتهما لجرير بن عبد الحميد ثم ذكر المؤلف المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقال.

4644 -

(00)(00)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري (حدثنا أبو

ص: 80

الْمُنْذِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِشحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَبدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ الصَّائِدِيِّ، قَال: رَأَيتُ جَمَاعَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الأَعْمَشِ.

4645 -

(1797)(142) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالا:

ــ

المنذر إسماعيل بن عمر) الواسطي نزيل بغداد روى عن يونس بن أبي إسحاق الهمداني في الجهاد وداود بن قيس في الصيد ويروي عنه (م د س ق) ومحمد بن رافع وأحمد بن حنبل وثقه ابن المديني وأبو بكر الخطيب قيل: كان يصلي حتى تورمت قدماه وقال في التقريب كان ثقة من التاسعة مات بعد مائتين (حدثنا يونس بن أبي إسحاق الهمداني) السبيعي أبو إسرائيل الكوفي روى عن عبد الله بن أبي السفر في الجهاد وأبيه وأنس وأبي بردة وأبي بكر ابني أبي موسى الأشعري والشعبي وعدة ويروي عنه (م عم) وأبوالمنذر إسماعيل بن عمر الواسطي وابنه عيسى والثوري وابن المبارك والقطان وآخرون وثقه ابن معين وقال أبو حاتم صدوق لا يحتج به وقال في التقريب صدوق يهم قليلًا من الخامسة مات سنة (152) اثنتين وخمسين ومائة على الصحيح (حدثنا عبد الله بن) سعيد (أبي السفر) بفتحتين ورُوي بإسكان الفاء بن محمد أو ابن يحمد الكوفي روى عن عامر الشعبي في الجهاد والصيد والدعاء وأبي بكر بن أبي موسى في الدعاء ويروي عنه (خ م د س ق) ويونس بن أبي إسحاق وشعبة وسفيان وثقه أحمد وابن معين وقال في التقريب ثقة من السادسة مات في خلافة مروان بن محمد (عن عامر) بن شراحيل الحميري الشعبي أبي عمرو الكوفي الإمام العلم ثقة من (3) قال أدركت خمسمائة من الصحابة (عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة الصائدي) أو العائذي الكوفي ثقة، من (3) (قال) عبد الرحمن:(رأيت جماعةً عند الكعبة) المشرفة زادها الله تعالى شرفًا وهذا السند من سباعياته غرضه بيان متابعة عبد الله بن أبي السفر لسليمان الأعمش في رواية هذا الحديث عن عبد الرحمن ولكنها متابعة ناقصة لأن ابن أبي السفر روى عن عبد الرحمن بواسطة عامر وروى الأعمش عنه بواسطة زيد بن وهب (فذكر) عبد الله بن أبي السفر نحو حديث الأعمش ثم استدل المؤلف على الجزء الثالث من الترجمة بحديث أسيد بن حضير رضي الله عنه فقال.

4645 -

(1797)(142) (حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا:

ص: 81

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. قَال: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أُسَيدِ بْنِ حُضيرٍ؛ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَلا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: أَلا تَسْتَعْمِلُنِي كَمَا اسْتَعْمَلْتَ فُلانًا؟ فَقَال: "إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً. فَاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْني عَلَى الْحَوْضِ"

ــ

حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال: سمعت قتادة) بن دعامة السدوسي البصري (يحدث عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (عن أسيد بن حضير) بالتصغير فيهما بن سماك بن عتيك بفتح العين المهملة الأنصاري الأشهلي أبي يحيى المدني الصحابي الشهير رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته ومن لطائفه أن رجاله كلهم بصريون إلا أسيد بن حضير وفيه رواية صحابي عن صحابي (أن رجلًا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم أي خلا به عن الناس والرجل هو أسيد بن حضير الراوي (فقال) الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تستعملني) أي ألا تجعلني عاملًا على العمل من أعمال الدين من الصدقة أو البلدة وتوليني عليه (كما استعملت) ووليت (فلانًا) عليه وفلانًا هو عمرو بن العاص ذكره في تنبيه المعلم على مبهمات مسلم (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم) يا معاشر الأنصار (ستلقون) أي سترون (بعدي أثرة) أي استبداد الولاة واختصاصهم بالولايات والدنيا (فاصبروا) على استئثارهم أنفسهم وأدوا حقهم (حتى تلقوني على الحوض) ولا تنازعوهم في ذلك غاية للصبر وهو كناية عن الموت قوله (ألا تستعملني) ألا أداة عرض وهو الطلب برفق ولين أي ألا تجعلني عاملًا على الصدقة أو على بلد لم أقف على تصريح اسمه في الروايات وذكر الحافظ في مقدمة الفتح أن السائل أسيد بن حضير والمستعمل عمرو بن العاص رضي الله عنه ولكن قال في مناقب الفتح [7/ 118] ولا أدري من أين نقلته.

قال الأبي: ولعل هذا الحديث قبل النهي عن سؤال الإمارة أو بعده ولم يبلغه ولم ينكر عليه سؤاله الإمارة كما أنكر على غيره فلعله رأى أن الحامل له على السؤال إنما هو عدم الصبر على الأثرة قوله (أثرة) بفتحتين كما مر والمراد أن غيركم يؤثر عليكم في العطاء وغيره وهو يتضمن الإخبار بأن الأمر سيصير إلى غير الأنصار ووقع كما قال صلى الله عليه وسلم وقال الحافظ في فتن الفتح [13/ 8] والسر في جوابه عن طلب الولاية بقوله (سترون بعدي أثرة) إرادة نفي ظنه أنه آثر الذي ولاه عليه فبين له أن ذلك لا يقع في

ص: 82

4646 -

(00)(00) وحدّثني يَحْيَى بْنُ حَبِيب الْحَارِثيُّ. حَدَّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ). حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ. قَال: سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ عَنْ أُسَيدِ بْنِ حُضَيرٍ؛ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَلًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.

4647 -

(00)(00) وَحَدَّثَنِيهِ عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ. حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثنَا شُعْبَةُ، بِهذَا الإِسْنَادِ

ــ

زمانه وأنه لم يخصه بذلك لذاته بل لعموم مصلحة المسلمين وأن الاستئثار للحظ الدنيوي إنما يقع بعده وأمرهم عند وقوع ذلك بالصبر اهـ.

قال القرطبي وفي قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار (اصبروا حتى تلقوني على الحوض) بشارة عظيمة لهم بأنهم يردون عليه الحوض ولعلهم المشار إليهم بقوله صلى الله عليه وسلم (إني لأذود الناس عن حوضي بعصاي لأهل اليمن) رواه أحمد ومسلم وابن حبان فإن المدينة يمانية وأهلها سباق أهل اليمن إلى الإسلام وهم الأنصار اهـ مفهم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مناقب الأنصار [3793]، والترمذي في الفتن [2284]، والنسائي في آداب القضاة [5383]، ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أسيد بن حضير رضي الله عنه فقال.

4646 -

(00)(00)(وحدثني يحيى بن حبيب) بن عربي (الحارثي) البصري (حدثنا خالد يعني ابن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي البصري ثقة ثبت من (8)(حدثنا شعبة بن الحجاج) العتكي البصري ثقة، من (7) (عن قتادة) بن دعامة (قال) قتادة:(سمعت أنسًا يحدث عن أسيد بن حضير) الأنصاري المدني (أن رجلًا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا السند من سداسياته غرضه بيان متابعة خالد بن الحارث لمحمد بن جعفر وساق خالد (بمثله) أي بمثل حديث محمد بن جعفر ثم ذكر المتابعة فيه ثانيًا فقال.

4647 -

(00)(00)(وحدثنيه عبيد الله بن معاذ) العنبري البصري (حدثنا أبي) معاذ بن معاذ (حدثنا شعبة بهذا الإسناد) يعني عن قتادة عن أنس عن أسيد غرضه بيان

ص: 83

وَلَمْ يَقُلْ: خَلا بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

4648 -

(1798)(143) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ. قَال: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَال: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَرَأَيتَ إِنْ قَامَتْ عَلَينَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ. ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ

ــ

متابعة معاذ لمحمد بن جعفر (و) لكن (لم يقل) معاذ لفظة (خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استدل المؤلف على الجزء الأخير من الترجمة بحديث سلمة الجعفي رضي الله عنه فقال.

4648 -

(1798)(143)(حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك) بن حرب بن أوس الذهلي الكوفي صدوق من (4)(عن علقمة بن وائل) بن حجر الكندي (الحضرمي) ثم الكوفي صدوق من (3)(عن أبيه) وائل بن حجر بن سعد الحضرمي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه وهذا السند من سداسياته (قال) وائل بن حجر: (سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المرزباني وقدم هو وأخوه لأمه قيس بن سلمة بن شراحيل فأسلما واستعمل النبي صلى الله عليه وسلم قيسًا علي بني مروان وكتب له كتابًا كذا في الإصابة [2/ 67] (فقال) له في سؤاله (يا نبي الله أرأيت) أي أخبرني (إن قامت علينا) أي وليت علينا (أمراء يسألوننا حقهم) من السمع والطاعة (ويمنعونا حقنا) من الفيء والحقوق المالية (فما تأمرنا) أي فهل ننازعهم ونخلعهم أم لا هكذا في أكثر النسخ يسألونا ويمنعونا بنون واحدة على حذف نون الوقاية وهو جائز في مثل هذا الفعل وبعضهم يرى أن المحذوف نون الرفع والأرجح أنه نون الوقاية لأنها منشأ الثقل ولا معنى لها في الكلام وفي بعض النسخ بنونين وهو ظاهر والمعنى يطلبون منا حقهم من الطاعة والخدمة ولا يعطونا حقنا من العدل والتسوية ونحوهما اهـ ذهني.

(فأعرض عنه) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لم يجب له سؤاله يحتمل أن يكون هذا الإعراض انتظارًا ويحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم شعر من لهجة السائل وكيفية سؤاله أنه يريد الاستئذان في الخروج على مثل هؤلاء الأئمة فكان الإعراض

ص: 84

ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيسٍ. وَقَال: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا. فَإِنَّمَا عَلَيهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ".

4649 -

(00)(00) وحدّثنا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثنَا شَبَابَةُ

ــ

إنكارًا عليه وبكونه صلى الله عليه وسلم بين الأمر في نفس المجلس لا يرد عليه التأخير في الجواب عن مسألة من المسائل الشرعية وقال القرطبي وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن السائل حتى كرر السؤال ثلاثًا يحتمل أن يكون لأنه كان ينتظر الوحي أو لأنه كان يستخرج من السائل حرصه على مسألته واحتياجه إليها أو لأنه كره تلك المسألة لأنها لا تصدر في الغالب إلا من قلب فيه تشوف لمخالفته الأمراء والخروج عليهم اهـ مفهم (ثم سأله) سلمة مرة ثانية عن ذلك (فأعرض عنه) ثانيًا (ثم سأله) ثالثًا وقوله (في الثانية أو في الثالثة) بالشك متعلق بقوله (فجذبه) أي جذب سلمة بن يزيد منعًا له من تكرار السؤال (الأشعث بن قيس) بن معدي كرب الكندي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله عنه يعني لما رأى الأشعث إعراض النبي صلى الله عليه وسلم عن جوابه هذا السؤال جذب السائل إلى نفسه ليمنعه عن الإصرار على سؤاله مخافة أن يسخط النبي صلى الله عليه وسلم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أجاب عند ذلك بما في المتن وقوله (وقال) معطوف على قوله فقال يا نبي الله يعني على السؤال أي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جذبه الأشعث (اسمعوا وأطيعوا) أيها المسلمون أمراءكم وقوله (فإنما عليهم ما حُمِّلوا وعليكم ما حُمِّلتم) تعليل لقوله اسمعوا وأطيعوا وإنما أمرتم بالسمع والطاعة للأمراء لأنه يجب عليهم ما كلفوا به من إقامة العدل وإعطاء حق الرعية فإن لم يفعلوا فعليهم الوزر والوبال ويجب عليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة وأداء الحقوق فإن أقمتم بما عليكم يكافئكم الله سبحانه بحسن المثوبة اهـ من الأبي قال القرطبي يعني أن الله تعالى كلف الولاة بالعدل وحسن الرعاية وكلف المولى عليهم بالطاعة وحسن النصيحة فأراد أنه إن عصى الأمراء بما أمرهم الله فيكم ولم يقوموا بحقوقكم فلا تعصوا الله أنتم وقوموا بحقوقهم فإن الله مجاز كل واحد من الفريقين.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث الترمذي [2200]، ثم ذكر المتابعة فيه فقال.

4649 -

(00)(00)(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة) بن سوار الفزاري

ص: 85

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثلَهُ. وَقَال: فَجَذَبَهُ الأَشْعَثُ بْنُ قَيسٍ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا. فَإِنَّمَا عَلَيهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ"

ــ

المدائني ثقة، من (9) (حدثنا شعبة عن سماك) بن حرب (بهذا الإسناد) يعني عن علقمة عن أبيه (مثله) أي مثل ما حدث محمد بن جعفر غرضه بيان متابعة شبابة لمحمد بن جعفر (و) لكن (قال) شبابة في روايته (فجذبه الأشعث بن قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم) أي أتى بالفاء بدل الواو في قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب ستة أحاديث الأول: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة والثاني: حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الثاني من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والثالث: حديث ابن مسعود ذكره للاستشهاد والرابع: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره للاستشهاد وذكر فيه متابعتين والخاص: حديث أسيد بن حضير ذكره للاستدلال به على الجزء الثالث من الترجمة وذكر فيه متابعتين والسادس: حديث وائل بن حجر ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة وذكر فيه متابعة واحدة والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

ص: 86