الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
60 - (19) - بَابُ: إِسْلامِ مَنْ أَخْلَصَ فِي إِسْلامِهِ، وَمَنْ لَمْ يُخْلِصْ فِيهِ
222 -
(115)(38) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَال: قَال أُنَاسٌ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ
ــ
60 -
(19) - بَابُ: إِسْلامِ مَنْ أَخْلَصَ فِي إِسْلامِهِ، وَمَنْ لَمْ يُخْلِصْ فِيهِ
أي هذا باب معقود في بيان حكم إسلام من أخلص في إسلامه وأحسن، وحكم إسلام من لم يُخلصه من النفاق، وحكمهما: أن الأول يَجُبُّ ما قبله، والثاني لا يجب، ثم استدل على الترجمة بالحديث الآتي:
(222)
- س (115)(38)(حدثنا عثمان) بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم، أبو الحسن الكوفي، ثقة حافظ شهير له أوهام، من العاشرة، مات سنة (239) تسع وثلاثين ومائتين، وهو أكبر من أخيه أبي بكر بن أبي شيبة بثلاث سنين، روى عنه المؤلف في اثني عشر بابًا تقريبًا، قال عثمان (حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن جرير بن قرط بن هلال بن قيس الضبي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة من الثامنة، مات سنة (188) ثمان وثمانين ومائة، روى عنه المؤلف في ستة عشر بابًا تقريبًا (عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله بن ربيعة السلمي، أبي عثَّاب بمثلثة بعدها موحدة الكوفي، ثقة ثبت وكان لا يدلس، من الخامسة مات سنة (132) اثنتين وثلاثين ومائة، روى عنه المؤلف في تسعة عشر بابًا تقريبًا (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، أحد سادة التابعين، وأحد العلماء العاملين، ثقةٌ مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز وله مائة سنة (100).
(عن عبد الله) بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم الهُذلي، أبي عبد الرحمن الكوفي، صاحب النعلين، توفي بالمدينة سنة اثتين وثلاثين (32) وصلى عليه الزبير بن العوام، ودفن بالبقيع، وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون (قال) عبد الله بن مسعود (قال أناس) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله؛ أنواخذ) الهمزة للاستفهام
بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَال: "أَمَّا مَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الإِسْلامِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا، وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ"
ــ
الاستخباري، أي هل نُطالب ونعاقب (بما عملنا) وارتكبنا من الذنوب والمعاصي (في) زمن (الجاهلية) أي في زمن جهلنا بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم يعني قبل الإسلام، كالقتل والزنا والشرك، قال الأبي: والأظهر أن السائل حديث عهد بالإسلام، لأن جب الإسلام ما قبله كان من معالم الدين التي لا تجهل، فـ (ـقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما من أحسن) وأخلص (منكم في الإسلام) والمراد بالإحسان هنا الدخول في الإسلام ظاهرًا وباطنًا، بأن لم يكن إسلامه ظاهريًّا ولا إيمانه لسانيًّا، والمعنى من أخلص منكم إسلامه عن النفاق (فلا يؤاخذ) أي لا يطالب ولا يعاقب (بها) أي بما عمل في الجاهلية من المعاصي، لأن الإسلام الصحيح يجب ما قبله ويهدمه (ومن أساء) في إسلامه وإيمانه ولم يخلصهما لله تعالى، بأن كان إسلامه ظاهريًّا، وإيمانه لسانيًّا، بأن أظهر الإسلام وقلبه مطمئنٌّ على كفره (أُخِذ) أي طُولب وعُوقب (بعمله في الجاهلية و) في (الإسلام) أي عُوقب على ما ارتكبه من المعاصي قبل الإسلام، وما ارتكبه بعد الإسلام، أي عُوقب بما ارتكبه قبل إظهاره صورة الإسلام، وبما عمل بعد إظهارها، لأنه لم يزل مستمرًا على كفره، فلا ينفعه إسلامه الظاهري.
قال النواوي: والمراد بالإحسان هنا الدخول في الإسلام بالظاهر والباطن جميعًا، وأن يكون مسلمًا حقيقيًّا فهذا يُغفر له ما سلف في الكفر بنص القرآن العزيز والحديث الصحيح "الإسلام يهدم ما قبله" وبإجماع المسلمين، والمراد بالإساءة عدم الدخول في الإسلام بقلبه بل يكون منقادًا في الظاهر، مظهرًا للشهادتين غير معتقدٍ للإسلام بقلبه فهذا منافق باقٍ على كفره بإجماع المسلمين، فيؤاخذ بما عمل في الجاهلية قبل إظهار صورة الإسلام، وبما عمل بعد إظهارها لأنه مستمر على كفره، وهذا المعنى معروف في استعمال الشرع يقولون: حَسُنَ إسلام فلان إذا دخل فيه حقيقة بإخلاص، وساء إسلامه أو لم يحسن إسلامه إذا لم يكن كذلك والله أعلم.
وعبارة المفهم هنا (قوله أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها) إلخ يعني بالإحسان هنا تصحيح الدخول في دين الإسلام والإخلاص فيه والدوام على ذلك من غير تبديل ولا ارتداد، والإساءة المذكورة في هذا الحديث في مقابلة هذا الإحسان هي
223 -
(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي وَوَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيبَةَ -وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ،
ــ
الكفر والنفاق، ولا يصح أن يراد بالإساءة هنا ارتكاب سيئة ومعصية لأنه يلزم عليه أن لا يهدم الإسلام ما قبله من الآثام إلا لمن عُصم من جميع السيئات إلى الموت وهو باطل قطعًا فتعين ما قلناه.
والمؤاخذة هنا هي العقاب على ما فعله من السيئات في الجاهلية، وفي حال الإسلام وهو المعبر عنه في الرواية الأخرى بقوله (أخذ بالأول والآخر) وإنما كان كذلك لأن إسلامه لما لم يكن صحيحًا ولا خالصًا لله تعالى لم يهدم شيئًا مما سبق، ثم انضاف إلى ذلك إثم نفاقه وسيئاته التي عملها في حال الإسلام فاستحق العقوبة عليها، ومن هنا استحق المنافقون أن يكونوا في الدرك الأسفل من النار كما قال الله تعالى، ويستفاد منه أن الكفار مخاطبون بالفروع انتهى.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه فقال:
(223)
- متا (00)(00)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) بضم النون مصغرًا الهمداني بسكون الميم، أبو عبد الرحمن الكوفي، ثقة حافظ من العاشرة، مات سنة (234) روى عنه المؤلف في عشرة أبواب تقريبًا.
قال محمد (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني أبو هشام الكوفي، ثقة من كبار التاسعة، مات سنة (199) وله (84) سنة، روى عنه المؤلف في سبعة عشر بابًا تقريبًا (ووكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، ثقة حافظ عابد من كبار التاسعة، مات سنة (196) روى عنه المؤلف في ثمانية عشر بابا، وفائدة المقارنة بيان كثرة طرقه.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثنا أبو بكر) عبد الله بن محمد (بن أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان العبسي الكوفي، من العاشرة مات سنة (235) روى عنه المؤلف في ستة عشر بابًا تقريبًا، وأتى بقوله (واللفظ) أي لفظ الحديث الآتي (له) أي لأبي بكر بن أبي شيبة تورعًا من الكذب على محمد بن عبد الله بن نمير لأنه لو لم يأت به لأوهم أن محمد بن عبد الله بن نمير روى لفظ الحديث، ولهذا أتى أيضًا بحاء التحويل، قال أبو بكر (حدثنا وكيع عن) سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي مولاهم، أبي محمد
عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَال:"مَنْ أَحْسَنَ فِي الإِسْلامِ لَمْ يُؤَاخَذ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الإِسْلامِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالآخِرِ"
224 -
(00)(00) (حدَّثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، أَخبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ،
ــ
الكوفي، ثقةٌ ثبت مدلس قارئ من الخامسة، مات سنة (148) روى عنه المؤلف في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي (عن عبد الله) بن مسعود الكوفي، أبي عبد الرحمن الهذلي، وهذا السند من خماسياته رجاله أيضًا كلهم كوفيون، وغرضه بسوقه بيان متابعة الأعمش لمنصور في رواية هذا الحديث عن أبي وائل، وفائدتها بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في سياق الحديث.
(قال) عبد الله (قلنا) معاشر الصحابة وفيه بيان ما أبهمه في الرواية الأولى (يا رسول الله أنؤاخذ) أي هل نطالب (بما عملنا) وارتكبنا (في) زمن (الجاهلية) من الشرك وسائر المعاصي (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا لسؤالنا (من أحسن) وأخلص لله تعالى (في الإسلام) ولم ينافق بأن كان إسلامه بقلبه ولسانه وجوارحه (لم يؤاخذ) ولم يطالب (بما عمل) منها (في الجاهلية)، لأن الإسلام الخالص يجب ما قبله (ومن أساء في الإسلام) ولم يخلص في إسلامه بان كان إسلامه ظاهريًّا لا قلبيًّا (أُخذ) وطُولب وعُوقب (بـ) ـما عمل في الزمان (الأول) أي في الجاهلية (و) بما عمل في الزمان (الآخر) أي بعد الإسلام الصوري الظاهري لأن إسلامه الصوري لا يجب ما قبله، ولا ما فيه لأنه كافر منافق.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه فقال:
(224)
- متا (00)(00)(حدثنا منجاب) بكسر أوله وسكون ثانيه ثم جيم ثم موحدة (بن الحارث) بن عبد الرحمن (التميمي) أبو محمد الكوفي، ثقة من العاشرة، مات سنة (231) روى عنه المؤلف في ثلاثة أبواب تقريبًا، قال منجاب (أخبرنا علي بن مسهر) بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء القرشي، أبو الحسن الكوفي قاضي
عَنِ الأَعْمَشِ، بِهذَا الإِسْنَادِ مِثلَهُ
ــ
الموصل، ثقة من الثامنة، له غرائب بعدما أضر، مات سنة (189) روى عنه المؤلف في أربعة عشر بابًا تقريبًا (عن) سليمان (الأعمش) والجار والمجرور في قوله (بهذا الإسناد) متعلق بقوله أخبرنا علي بن مسهر، واسم الإشارة راجع إلى ما بعد شيخ المتابَع وكذا قوله (مثله) مفعول ثانٍ لأخبرنا والضمير عائد إلى المتابع الذي هو وكيع، والمعنى أخبرنا علي بن مسهر عن الأعمش بهذا الإسناد، يعني عن أبي وائل عن عبد الله مثل ما حدث وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله، وهذا السند أيضًا من خماسياته، ورجاله كلهم كوفيون كسابقيه، وغرضه بسوقه بيان متابعة علي بن مسهر لوكيع في رواية الحديث عن الأعمش، ولم يكرر متن الحديث هنا لأنه مثل حديث وكيع لفظًا ومعنىً، كما أشار إليه بقوله مثله، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه والله سبحانه وتعالى أعلم.
***