الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
67 - (26) بَابٌ: اسْتِعْظَامُ الْوَسْوَسَةِ فِي الإِيمَانِ مَحْضُ الإِيمَانِ وَصَرِيحُهُ وَخَالِصُهُ
243 -
(125)(48) حدّثني زُهَيرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ قَال: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَال: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ" قَالُوا:
ــ
67 -
(26) بَابٌ: اسْتِعْظَامُ الْوَسْوَسَةِ فِي الإِيمَانِ مَحْضُ الإِيمَانِ وَصَرِيحُهُ وَخَالِصُهُ
أي هذا بابٌ معقودٌ في بيان أن استعظام الوسوسة الواقعة في الإيمان، والخوف من وقوعها من محض الإيمان وخالصه، فلا تقتضي نقصًا في إيمانه.
(243)
- س (125)(48)(حدثني زهير بن حرب) بن شداد الحرشي مولاهم، أبو خيثمة النسائي، ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة (234) روى عنه المؤلف في عشرين بابا، قال زهير (حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط الضبي، أبو عبد الله الكوفي، ثقة من الثامنة، مات سنة (188) روى عنه المؤلف في تسعة عشر بابًا تقريبًا (عن سهيل) بن أبي صالح ذكوان السمان، أبي يزيد المدني، صدوق من السادسة، مات في خلافة المنصور، قال ابن عيينة: كنا نعد سهيلًا ثبتًا في الحديث، روى عنه المؤلف في عشرة أبواب تقريبًا (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان الزيات المدني، مولى جويرية بنت الحارث امرأة من قيس، ثقة ثبت من الثالثة، مات سنة (101) إحدى ومائة، روى عنه المؤلف في ثمانية أبواب (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني، وهذا السند من خماسياته، رجاله ثلاثة منهم مدنيون، وواحد كوفي، وواحد نسائي (قال) أبو هريرة (جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فسألوه) فقالوا (إنا نجد) يا رسول الله (في أنفسنا) أي قلوبنا (ما) أي وسواسًا (يتعاظم أحدنا) أي يعدُّ أحدنا (أن يتكلم به) ويُظهره عظيمًا وخروجًا عن الإِسلام، أي يجد أحدنا في قلبه وسواسًا يحسب التكلم به وإظهاره ذنبًا عظيمًا، وخروجًا عن الدين، لاستحالته في حقه تعالى (قال) لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله (وقد وجدتموه) على تقدير همزة الاستفهام، والضمير عائد على الاستعظام الذي دل عليه يتعاظم والمعنى أوقد تجدون ذلك الاستعظام في قلوبكم (قالوا) أي قال أولئك السائلون من
نَعَمْ. قَال: "ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ"
ــ
الناس (نعم) نجده في قلوبنا (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذاك) أي استعظامكم تكلم تلك الوسوسة، وكراهة إظهارها هو (صريح الإيمان) أي محض الإيمان، وصريحه وخالصه، كما في النواوي وعلى هذا يؤول قوله: تلك محض الإيمان، فيقال: أي مخافة العقوبة من الوسوسة محض الإيمان وخالصه، والوسوسة على ما ذكره ابن الأثير: هي حديث النفس والأفكار.
وعبارة السنوسي هنا: قوله (ما يتعاظم أحدنا) إلخ، أي يجد أحدنا التكلم به عظيمًا لاستحالته في حقه تعالى، كمن خلق الله تعالى؟ المذكور في الحديث الآتي، وكيف هو؟ ومن أي شيء هو؟ وغير ذلك مما يستلزم الاعتراف بوجود الصانع، واستقباحهم ذلك لعلمهم أنَّه سبحانه وتعالى لا يليق به شيء من ذلك، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير اهـ.
وعبارة المفهم هنا: قوله (وقد وجدتموه) كذا صحت الرواية، وقد بالواو، ومعنى الكلام الاستفهام على جهة الإنكار والتعجب، فيحتمل أن تكون همزة الاستفهام محذوفة، والواو للعطف، والتقدير أقد وسوستم ووجدتموه، أو أحصل وقد وجدتموه، ويحتمل أن تكون الواو عوضًا عن الهمزة، كما قرأ قنبل عن ابن كثير قوله تعالى:{قَال فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ} [الأعراف: 123] أي أآمنتم قال أبو عمرو الداني: هي عوض عن همزة الاستفهام، وهذه الواو المذكورة مثلها، والضمير في وجدتموه عائد على التعاظم الذي دل عليه يتعاظم، وقال المازري: الضمير عائد على خوف العقوبة المفهوم من السياق، أي وجدتم خوفَ العقوبة على ذلك، خوفُ العقوبة عليه محضُ الإيمان، و (الصريح والمحض) الخالص الصافي، وأصله في اللبن، ومعنى هذا الحديث: أن هذه الإلقاءات والوساوس التي تُلقيها الشياطين في صدور المؤمنين، تنفر منها قلوبهم، ويعظم عليهم وقوعها عندهم، وذلك دليل على صحة إيمانهم ويقينهم ومعرفتهم بأنها باطلة، ومن إلقاءات الشياطين، ولولا ذلك لركنوا إليها، ولقبلوها ولم تعظم عندهم، ولا سموها وسوسة، ولما كان ذلك التعاظم، وتلك النفرة عن ذلك الإيمان، عبَّر عن ذلك بأنه خالص الإيمان ومحضه، وذلك من باب تسمية الشيء باسم مجاوره، أو باسم ما كان سببًا منه؛ لأنَّ محض الإيمان سبب الوسوسة اهـ
وقال النووي: معنى هذا الحديث: أن استعظام هذا، وشدة الخوف منه، ومن
244 -
(. . .)(. . .) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيِّ، عَنْ شُعْبَةَ. ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ
ــ
النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك، وقيل: معناه: إن الشيطان يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكدر عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر، والشاك، وضعيف الإيمان، فإنَّه يأتيه من حيث شاء، ولا يقتصر في حقه على الوسوسة، بل يتلاعب به كيف أراد، ويؤيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم:"الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" فعلى هذا معنى الحديث سبب الوسوسة محض الإيمان، أو الوسوسة علامة محض الإيمان، وهذا القول اختيار القاضي عياض، والله أعلم.
وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة شارك المؤلف في روايته أحمد (2/ 441) وأبو داود (5111) والنسائيُّ في عمل اليوم والليلة (664).
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(244)
- متا (. . .)(. . .)(وحدثنا محمَّد بن بشار) بن عثمان العبدي، أبو بكر البصري، ثقة من العاشرة، مات سنة (252) المعروف ببندار، روى عنه المؤلف في اثني عشر بابًا تقريبًا، قال محمَّد (حدثنا) محمَّد (بن أبي عدي) إبراهيم السلمي مولاهم، أبو عمرو البصري، ثقة من التاسعة، مات سنة (194) روى عنه المؤلف في ستة أبواب تقريبًا.
(عن شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، أبي بسطام البصري، ثقة حافظ متقن من السابعة، مات سنة (160) روى عنه المؤلف في ثلاثين بابًا تقريبًا.
(ح) أي حول المؤلف السند (و) قال (حدثني محمَّد بن عمرو) بن عباد (بن جبلة بن أبي روَّاد) بتشديد الواو العتكي بفتح المهملة والمثناة، أو الباهلي مولاهم، أبو جعفر البصري، روى عن أبي الجواب ومحمد بن أبي عدي، وأبي عاصم، ومحمد بن جعفر غندر، وأبي أحمد الزبيري، وأبي عامر العقدي، وبشير بن عمر، وأمية بن خالد، وحرمي بن عمارة، ويروي عنه (م د)، ووثقه أبو بكر الأثرم بالمثلثة، وابن أبي عاصم، وأبو زرعة، وصالح بن محمَّد الأسدي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وطائفة، وقال في
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيقٍ. كِلاهُمَا عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ،
ــ
التقريب: صدوق من الحادية عشرة، مات سنة (234) أربع وثلاين ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان، والوضوء في موضعين، والحج، والنكاح، والحدود، والأدب، والطلاق، والبيوع، والجهاد، والفضائل في موضعين، وفداء المؤمن، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها أحد عشر بابًا تقريبًا.
وأتى بحاء التحويل لاختلاف مشايخ مشايخه (و) حدثنا أيضًا (أبو بكر) محمَّد (بن إسحاق) الصاغاني، قال الدارقطني: ثقة فوق ثقة، وقال في التقريب: ثقة ثبت من الحادية عشرة، مات سنة (270) روى عنه المؤلف في ثمانية أبواب تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه (قالا) أي قال كل من محمَّد بن عمرو، وأبي بكر بن إسحاق (حدثنا أبو الجوَّاب) بفتح الجيم وتشديد الواو آخره باء موحدة، أحوص بن جواب الضبي الكوفي، روى عن عمار بن رزيق في الإيمان والبيوع والأطعمة، وسليمان بن قرم في الجامع، ويروي عنه (م) ومحمد بن عمرو بن جبلة، وأبو بكر إسحاق الصاغاني، وحجاج بن الشاعر، ومحمد بن عبد الله بن نمير، قال ابن معين: ثقة، وقال مرة: ليس بذاك القوي، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن حبَّان: كان متقنًا ربما وهم، وقال في التقريب: كوفي صدوق ربما وهم، من التاسعة (عن عمار بن رزيق) بتقديم الراء المضمومة على الزاي مصغرًا الضبي، أو التميمي، أبي الأحوص الكوفي، روى عن الأعمش في الإيمان والبيوع والأطعمة، وأبي إسحاق السبيعي في الصلاة والطلاق، وعبد الله بن عيسى في الصلاة، ومنصور في الجن، ومغيرة بن مقسم وغيرهم، ويروي عنه (م د س ق) وأبو الجواب، ويحيى بن آدم، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وأبو أحمد الزبيري، وقبيصة، وخلق، وثقه ابن معين، وقال في التقريب: لا بأس به من الثامنة، مات سنة (159) تسع وخمسين ومائة (كلاهما) أي كل من شعبة، وعمار بن رزيق (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم، أبي محمَّد الكوفي من الخامسة مات سنة (148) عن (84) سنة، روى عنه المؤلف في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن أبي صالح) ذكوان السمان المدني، ثقة من الثالثة (عن أبي هريرة) الدوسي المدني، وهذان السندان من سداسياته، الأول منهما: رجاله ثلاثة منهم بصريون، وواحد كوفي، واثنان مدنيان، والثاني منهما: رجاله ثلاثة منهم كوفيون، واثنان مدنيان، وواحد إما بصري أو
عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، بِهذَا الْحَدِيثِ.
245 -
(126)(49) حدَّثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَثَّامٍ، عَنْ سُعَيرِ بْنِ الْخِمْسِ
ــ
بغدادي، وغرضه بسوقهما بيان متابعة الأعمش لسهيل بن أبي صالح في رواية هذا الحديث عن أبي صالح السمان، ومن لطائفهما أن فيهما رواية تابعي عن تابعي، وهما الأعمش وأبو صالح (عن النبي صلى الله عليه وسلم) والجار والمجرور في قوله (بهذا الحديث) المذكور في السند السابق متعلق بما عمل في المتابع وهو الأعمش، والمعنى حدثنا الأعمش عن أبي صالح بهذا الحديث الذي رواه سهيل عن أبي صالح، أي مثله لفظًا ومعنى، وفائدة هذه المتابعة تقوية السند الأول لأنَّ سهيلًا صدوق فقواه بالأعمش لأنه ثقة متقن، ثمَّ استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما فقال:
(245)
- ش (126)(49)(حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار) الهاشمي مولى بني هاشم، وقيل: مولى بني أمية، أبو يعقوب الكوفي، روى عن علي بن عثام في الإيمان، ويحيى بن سعيد الأموي، وأبي بكر بن أبي عياش، وإسماعيل بن علية، وغيرهم، ويروي عنه (خ م) وموسى بن هارون، وأبو زرعة، وأبو حاتم ووثقه، وأبو الأحوص وغيرهم، وقال في التقريب: ثقة من العاشرة، مات سنة (231) له في (خ) فرد حديث، قال يوسف (حدثني علي بن عثام) بمهملة مفتوحة ومثلثة مشددة بن علي الكلابي العامري، أبو الحسن الكوفي، روى عن سُعير بن الخِمْسِ في الإيمان، وشريك، وابن عيينة، وحماد بن زيد، ويروي عنه (م س) ويوسف بن يعقوب الصفار، وإسحاق، وأحمد بن سعيد، وأبو حاتم، والذهلي، وخلق، كان فقيهًا أديبًا صالحًا صدوقًا، قليل الحديث، وقال في التقريب: ثقة فاضل من العاشرة سكن نيسابور، ومات بطرطوس آخر أيام التشريق سنة (228) ثمان وعشرين ومائتين له في (م) فرد حديث (عن سعير) بمهملات مصغرًا (بن الخمس) بكسر المعجمة أوله، وسكون الميم، ثمَّ مهملة، التميمي أبي مالك، أو أبي الأحوص الكوفي، روى عن مغيرة بن مقسم، وزيد بن أسلم، وسليمان التيمي، وحبيب بن أبي ثابت، ويروي عنه (م ت س) وعلي بن عثام، والأحوص بن جواب، ويحيى بن يحيى له عشرة أحاديث، قال يحيى الحماني: اضطرب
عَنْ مُغِيرةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ قَال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَسْوَسَةِ؟ قَال: "تِلْكَ مَحْضُ الإِيمَانِ"
ــ
في اللحد فأخرجناه؛ فعاش بعد ذلك خمس عشرة سنة، وولد له، وثقه ابن معين وغيره، له في (م) حديث واحد في الوسوسة، وقال في التقريب: صدوق من السابعة، وقال النووي: سعير وأبوه لا يعرف لهما نظير، وقد اعْتُرض على هذا الإسناد اهـ.
(عن مغيرة) بضم الميم بن مقسم بكسرها الضبي مولاهم، أبي هشام الكوفي، روى عن النخعي، ويروي عنه سعير، ثقة له غرائب من السابعة، وقال النسائي ليس بالقوي، روى عنه المؤلف في ثمانية أبواب (عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، أبي عمران الكوفي الفقيه، وقال في التقريب: ثقة إلا أنَّه يرسل كثيرًا، من الثانية مات سنة (96) وله (50) سنة، روى عنه المؤلف في أحد عشر بابًا تقريبًا.
(عن علقمة) بن قيس بن عبد الله بن علقمة النخعي، أبي شبل الكوفي، مخضرم ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية مات سنة (62) اثنتين وستين، وله (90) تسعون سنة، روى عنه المؤلف في أربعة أبواب تقريبًا (عن عبد الله) بن مسعود بن الحارث الهذلي، أبي عبد الرحمن الكوفي، من السابقين إلى الإِسلام، توفي ودفن بالمدينة سنة (32) اثنتين وثلاثين، وهذا السند من سباعياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون، وأنه اجتمع ثلاثة من الأتباع مغيرة وإبراهيم وعلقمة (قال) عبد الله (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة) وشُكي إليه منها، هل تضر في إيماننا؟ وتؤثر فيه بالنقص، أو بالطمس (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا لهم (تلك) الوسوسة التي تشكون منها (محض الإيمان) وخالصه، أي علامة الإيمان المحض الخالص الصافي، فلا تضركم في إيمانكم، والوسوسة لغةً: الصوت الخفي، ومنه وسوسة الحُلي لخفي صوته عند حركته، وعرفًا: حديث النفس بالمرجوح، وبناء هذه الكلمة على التضعيف يدل على تكرار مقتضاها، وفي المفهم: والوسوسة وزنها فعللة، وهي صيغة مشعرة بالتحرك والاضطراب كالزلزلة والقلقلة والحقحقة، وأصل الوسوسة الصوت الخفي، ومنه سُمي صوت الحُلي الوسواس اهـ.
فإذًا سبب الوسوسة محض الإيمان وصريحه، والوسوسة لمن وجدها علامة له على ذلك كما قاله صلى الله عليه وسلم وكأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الوسوسة،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وما يوجد في النفس منها أخبر أن موجبها وسببها محض الإيمان، أو أنها علامة على ذلك.
ولا يبقى بعد هذا التقرير والتفسير إشكال في متون هذا الحديث على اختلاف ألفاظها، قاله القاضي عياض، والحاصل أن وسوسة الشيطان وتحدثه في نفس المؤمن إنما هو لإياسه من قبوله إغواءه، وتزيينه الكفر له، وعصمة المؤمن منه، فرجع إلى نوع من الكيد والمخاتلة بالإيذاء بحديث النفس، بما يكره المؤمن من خفي الوساوس، إذ لا يطمع من موافقته له على كفره، ولا يكون هذا منه إلا مع مؤمن صريح الإيمان، ثابت اليقين، على محض الإخلاص، بخلاف غيره من كافرٍ وشاكٍّ وضعيف الإيمان، فإنَّه يأتيه من حيث شاء، ويتلاعب به كما أراد، والمؤمن معصوم منه، منافر له، فلما لم يمكنه منه مراده، رجع إلى شغل سره بتحديث نفسه، ودس كفره بحيث يسمعه المؤمن، فيشوش بذلك فكره، ويكدر نفسه، ويؤذيه باستماعه له، كما قال صلى الله عليه وسلم:"الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" اهـ إكمال المعلم.
وهذا الحديث أعني حديث ابن مسعود رضي الله عنه مما انفرد به مسلم رحمه الله تعالى، وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان، الأوّل: حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وذكر فيه متابعة واحدة.
والثاني: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وذكره استشهادًا لحديث أبي هريرة كما مر، والله أعلم.
***