المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌47 - (6) باب: لا يدخل الجنة من كان في قلبه كبر - الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌42 - (1) بَابُ: كَوْنِ الإيِمَان أَفْضَلَ الأعْمَالِ عَلَى الإِطْلَاقِ وَتَفْضِيلِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ

- ‌43 - (2) بَابُ كَوْنِ الشِّرْكِ أَقْبَحَ الذُّنُوبِ، وَقُبْحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ

- ‌44 - (3) - بَابُ: بَيَانِ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا

- ‌45 - (4) بَابُ: بَيَانِ السَّبْعِ الْمُوبِقَاتِ، وَالأمْرِ بِاجْتِنَابِهَا الَّذِي هُوَ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ

- ‌46 - (5) بَابٌ: مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيهِ

- ‌47 - (6) بَابُ: لا يدخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ كِبْرٌ

- ‌48 - (7) بَابُ: مَنْ مَاتَ مُؤمِنًا لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ تَعَالى شَيئًا. . دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا. . دَخَلَ النَّارَ، وَبَيَان الْمُوجِبَتَينِ

- ‌49 - (8) بَابُ: ارْتِكَابِ الْمُؤْمِنِ الْكَبَائِرَ لَا يُخْرِجُهُ عَنِ الإِيمَانِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ

- ‌50 - (9) بَابُ: الاكْتِفَاءِ بِظَاهِرِ الإِسْلام، وَتَرْكِ الْبَحْثِ عَمَّا فِي الْقُلُوبِ، وَتَحْرِيمِ قَتْلِ الإِنْسَانِ بَعْدَ أَن قَال: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

- ‌51 - (10) بَابُ: إِيمَانِ مَنْ تبَرَّأَ مِنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌52 - (11) بَابُ: إِيمَانِ النَّمَّامٍ، وَغِلَظِ تَحْرِيمِ النَّمِيمَةِ

- ‌53 - (12) بَابٌ: إِيمَانِ الْمُسْبِل إِزَارَهُ، وَالْمَانِّ بِصَدَقَتِهِ، وَالْمُنَفِّقِ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ، وَمَنْ لَا يُكَلِّمُهُ اللَّهُ تَعَالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيهِ

- ‌54 - (13) بَابُ: إِيمَانِ مَنْ قتَلَ نَفْسَهُ بِشَيءٍ، وَأَنَّهُ يُعَذَّبُ بِهِ فِي النَّارٍ، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَغَيرِ ذَلِكَ

- ‌55 - (14) بَابُ: إِيمَانِ مَنْ غَلَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ

- ‌56 - (15) بَابُ: الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الْقَاتِلَ لِنَفْسِهِ لَا يَكْفُرُ إِنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ الْقَتْلَ

- ‌57 - (16) بَابٌ مَا يُقْبَضُ عِنْدَهُ رُوحُ كُلِّ مُومِنٍ وَيَبْقَى بَعْدَهُ عَلَى الأَرْضِ شِرَارُ النَّاسِ

- ‌58 - (17) بَابٌ: مَا يُخَافُ مِنْ سُرْعَةِ سَلْبِ الإيمَانِ وَالْحَضِّ عَلَى الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ تَظَاهُرِ الْفِتَنِ الشَّاغِلَةِ عَنْهَا

- ‌59 (18) - بَابٌ: مَخَافَةُ الْمُؤمِنِ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ مِنَ الإِيمَان

- ‌60 - (19) - بَابُ: إِسْلامِ مَنْ أَخْلَصَ فِي إِسْلامِهِ، وَمَنْ لَمْ يُخْلِصْ فِيهِ

- ‌61 - (20) بَابٌ: الإِسْلامُ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، وَكَذَا الْهِجْرَةُ وَالْحَجُّ

- ‌62 - (21) بَابُ: إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَأَحْسَنَ .. أَحْرَزَ مَا قَبْلَهُ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ

- ‌63 - (22) بَابُ: إِطْلاقِ الظُّلْمِ عَلَى الشِّرْكِ، وَإِخْلاصِ الإِيمَان مِنْهُ

- ‌64 - (23) بَابُ: شِكَايَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَى خَطَرَاتِ النَّفْسِ، وَنُزُولِ قَوْلهِ تَعَالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا}

- ‌65 - (24) بَابُ: تَجَاوُزِ اللهِ تَعَالى لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَخَوَاطِرِهَا

- ‌66 - (25) بَابُ: كِتَابَةِ الْحَسَنَةِ لِلْمُؤْمِنِ بِمُجَرَّدِ هَمِّهَا، وَعَدَمِ كِتَابَةِ السَّيِّئَةِ عَلَيهِ بِمُجَرَّدِ الْهَمِّ

- ‌67 - (26) بَابٌ: اسْتِعْظَامُ الْوَسْوَسَةِ فِي الإِيمَانِ مَحْضُ الإِيمَانِ وَصَرِيحُهُ وَخَالِصُهُ

- ‌68 - (27) بَابُ: التَّسَاؤُلِ عَمَّنْ خَلَقَ الْخَلْقَ، وَمَنْ خَلَقَ اللهَ، وَبَيَانِ مَا يَقُولُهُ مَنْ وَجَدَ ذَلِكَ

- ‌69 - (28) بَابُ إِثْمِ مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ بِيَمِينِهِ

- ‌فصل في الأحكام التي تستفاد من أحاديث الباب

الفصل: ‌47 - (6) باب: لا يدخل الجنة من كان في قلبه كبر

‌47 - (6) بَابُ: لا يدخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ كِبْرٌ

169 -

(86)(9) وحدّثنا محمدُ بْنُ الْمُثَنَّى ومُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ حمَّادٍ، قَال ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَني يَحْيَى بْنُ حمّادٍ،

ــ

47 -

(6) بَابُ: لا يدخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ في قَلْبِهِ كِبْرٌ

أي هذا باب معقود في بيان أنَّه لا يدخل الجنة أصلًا من في قلبه كبر، أي ترفع عن الحق، واحتقار للنَّاس إن استحل ذلك أو لا يدخلها أولًا، حتَّى يُجازى عليه أو يدركه العفو إن لم يستحله، وهكذا ترجم عن الحديث الآتي القرطبي، وهو الأوفق لمنطوق الحديث، وترجم له الأبي والسنوسي بقولهما:"باب لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر" وهذا أوفق أَيضًا، وترجم النواوي والقاضي، وأكثر المتون بقولهم:"باب تحريم الكبر وبيانه" وهذا لا يوافق منطوق الحديث.

(169)

- (86)(9)(وحدثنا محمَّد بن المثنَّى) العنزي البَصْرِيّ (ومحمَّد بن بشار) العبدي البَصْرِيّ (وإبراهيم بن دينار) البغدادي، أبو إسحاق التمار، روى عن يحيى بن حماد، وحجاج بن محمَّد وأبي قطن عمرو بن الهيثم وأبي عاصم، وروح بن عبادة، وعبيد الله بن موسى، وإسماعيل بن عليّة، وسفيان بن عيينة، ويروي عنه (م) وأبو زرعة ووثقه، وموسى بن هارون، وأبو يعلى، ثِقَة ثبت من العاشرة، مات سنة (232) اثنتين وثلاثين ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين والحج والأيمان والأشربة والبيوع في موضعين والعتق في سبعة أبواب، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، وقوله (جميعًا) حال من الثلاثة، أي حالة كونهم مجتمعين في الرواية (عن يحيى بن حماد) بن أبي زياد الشَّيبانِيّ مولاهم، أبي بكر البَصْرِيّ، ختن أبي عوانة وراويته، روى عن شعبة وأبي عوانة وعبد العزيز بن المختار، وحماد بن سلمة، وهمام بن يحيى وغيرهم، ويروي عنه (خ م ت س ق) ومحمَّد بن المثنَّى، وبُندار وإبراهيم بن دينار وإسحاق الكوسج، وإسحاق الحنظلي وغيرهم، وقال ابن سعد: كان ثِقَة كثير الحديث، وقال في التقريب: ثِقَة عابد من صغار التاسعة، مات سنة (215) خمس عشرة ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان والحوض في موضعين والأطعمة والبيوع في موضعين في أربعة أبواب.

وأتى بجملة قوله (قال ابن المثنَّى حَدَّثني يحيى بن حماد) تورعًا من الكذب على

ص: 49

أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغلِبَ، عَنْ فُضَيلٍ الْفُقَيمِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، عَنْ

ــ

ابن المثنَّى، لأنه صرح بالسماع، ولم يرو بالعنعنة، قال يحيى بن حماد (أخبرنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، أبو بسطام البَصْرِيّ، ثِقَة من السابعة (عن أَبان بن تغلب) بفتح المثناة الفوقية وسكون المعجمة وكسر اللام، القارئ أبي سعيد الكُوفيّ، أحد الأئمة، روى عن فضيل بن عمرو الفقيمي، والأعمش في الإيمان، والحكم بن عتيبة في الصلاة وغيرهم، ويروي عنه (م عم) وشعبة وإدريس الأودي، وسفيان بن عيينة وآخرون، وثقه أَحْمد ويحيى وأبو حاتم، وقال في التقريب: مسلم فيه للتشيع، من السابعة، مات سنة (141) إحدى وأربعين ومائة، روى عنه المؤلف في بابين فقط الإيمان والصلاة (عن فضيل) بن عمرو (الفقيمي) بضم الفاء وفتح القاف مصغرًا، أبي النضر الكُوفيّ، روى عن إبراهيم النَّخَعيّ في الإيمان، وعائشة بنت طلحة في القدر، والشعبي في آخر الزهد، وغيرهم، ويروي عنه (م ت س ق) وأبان بن تغلب والعلاء بن المسيّب وعبيد المكتب، وثقه ابن معين، وقال العجلي كُوفِيّ ثِقَة، وقال في التقريب: ثِقَة من السادسة، مات سنة (110) عشر ومائة، روى عنه المؤلف في ثلاثة: الإيمان والقدر والزهد (عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس بن الأسود أبي عمران (النَّخَعيّ) الفقيه الكُوفيّ، يرسل كثيرًا، وقيل: ابن يزيد بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن ربيعة بن حارثة بن سعد بن مالك بن النخع، روى عن علقمة بن قيس، وهمام بن الحارث، وعبيدة السلماني وعبد الرَّحْمَن بن يزيد، والأسود بن يزيد، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، ومسروق وعباس بن ربيعة، ورأى عائشة وخلائق، ويروي عنه (ع) وفُضيل الفقيمي والأعمش والمغيرة ومنصور، وأبو معشر زياد بن كُليب، وواصل الأحدب، والحكم بن عتيبة، وعبد الله بن عون، والحسن بن عبيد الله، وخلائق، وكان لا يتكلم إلَّا إذا سُئل، وكان عَجبًا في الورع والخير، متوقيًا للشهرة رأسًا في العلم، وقال مغيرة: كنا نهاب إبراهيم كما يهاب الأمير أثنى عليه العجلي والأعمش والشعبي، وقال في التقريب: ثِقَة إلَّا أنَّه يرسل كثيرًا، من الثَّانية، مات سنة (96) ست وتسعين وهو ابن خمسين أو نحوها بعد موت الحجاج بأربعة أشهر، وكان مولده سنة خمسين (50) روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في أربعة مواضع، والصوم والزكاة في موضعين، والحج في ثلاثة مواضع، والنكاح والديات والأيمان وانشقاق القمر والتفسير، فجملة الأبواب التي روى المؤلف عنه فيها أحد عشر بابًا تقريبًا (عن

ص: 50

عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، "عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَةٍ مِنْ كِبْرٍ

ــ

علقمة) بن قيس بن عبد الله بن علقمة بن سلامان بن كهيل بن بكر بن عوف بن النخع النخعي البكري، أبي شبل الكوفي، روى عن عبد الله بن مسعود، وعائشة، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي الدرداء، وعثمان بن عفان، وعلي، وحذيفة، وطائفة، ويروي عنه (ع) وإبراهيم النخعي، والشعبي، وإبراهيم بن سويد، وعبد الرحمن بن يزيد، وسلمة بن كهيل. قال إبراهيم: كان يقرأ في خمس، وقال في التقريب: ثقة ثبت فقيه عابد، من الثانية، قال ابن سعد: مات سنة (62) اثنتين وستين، وقال أبو نعيم: سنة (61) إحدى وستين، قيل عن تسعين سنة (90) ولم يولد له قط، وكان راهب أهل الكوفة عبادةً وفضلًا وعلمًا وفهمًا، وكان من أشبههم بعبد الله بن مسعود زهدًا وسمتًا وهديًا، روى عنه المؤلف في الإيمان والوضوء والصلاة في أربعة مواضع، والحج في أربعة أبواب (عن عبد الله بن مسعود) بن غافل الهذلي أبي عبد الرحمن الكوفي أحد السابقين الأولين إلى الإسلام مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ودفن بالبقيع، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة والصوم وغيرها، وتقدم البسط في ترجمته، وهذا السند من ثمانياته رجاله ثلاثة منهم بصريون، وخمسة كوفيون، إلا إبراهيم بن دينار فإنه بغدادي (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة) أصلًا، أو حتى يُجازى، إن لم يُدركه العفو (من كان في قلبه) وصدره (مثقال ذرة) أي وزن نملة صغيرة (من كبر) أي تكبر عن الحق، أو ترفع على الناس، أي لا يدخلها أصلًا، إن استحله لكفره به أو لا يدخلها ابتداءً حتى يُجازى عليه، إن لم يدركه العفو، إن لم يستحله، لأنه عاصٍ بكبيرة.

قال القرطبي: الكبر وكذا الكبرياء هو لغة العظمة، يقال فيه: كَبُرَ الشيء بضم الباء أي عَظُم فهو كبير وكبار، فإذا أفرط قيل كبار بالتشديد، وعلى هذا فيكون الكبر والعظمة لمسمى واحد، وقد جاء في الحديث ما يُشعر بالفرق بينهما، وذلك أن الله تعالى قال:"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما قصمته" رواه مسلم وأبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقد فرق بينهما بأن عبَّر عن أحدهما بالإزار وعن الآخر بالرداء، وهما مختلفان، ويدل على ذلك أيضًا قوله:"فمن نازعني واحدًا منهما" إذ لو كانا واحدًا لقال: فمن نازعنيه، فالصحيح إذن الفرق،

ص: 51

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ووجهه أن جهة الكبرياء يستدعي متكبَّرًا عليه، ولذلك لما فسر الكبر قال:"الكبر بطر الحق وغمط الناس" وهو احتقارهم، فذكر المتكبَّر عليه وهو الحق أو الخلق، والعظمة لا تقتضي ذلك، فالمتكبر يُلاحظ ترفع نفسه على غيره بسبب مزية كمالها فيما يراه، والمُعظم يُلاحظ كمال نفسه من غير ترفع لها على غيره، وهذا التعظيم هو المعبر عنه بالعجب في حقنا إذا انضاف إليه نسيان منة الله تعالى علينا، فيما خصنا به من ذلك الكمال، وإذا تقرر هذا فالكبرياء والعظمة من أوصاف كمال الله سبحانه وتعالى، واجبان له إذ ليست أوصاف كمال الله وجلاله مستفادة من غيره، بل هي واجبة الوجود لذواتها بحيث لا يجوز عليه العدم، ولا النقص، ولا يجوز عليه تعالى نقيض شيء من ذلك، فكماله وجلاله حقيقة له بخلاف كمالنا، فإنه مستفاد من الله تعالى ويجوز عليه العدم، وطروء النقيض والنقص، وإذا كان هذا فالتكبر والتعاظم خَرَقٌ منا، ومستحيل في حقنا، ولذلك حرمهما الشرع، وجعلهما من الكبائر، لأن من لاحظ كمال نفسه، ناسيًا منة الله تعالى فيما خصه به، كان جاهلًا بنفسه وبربه، مغترًا بما لا أصل له، وهي صفة إبليس الحاملة له على قوله {أَنَا خَيرٌ مِنْهُ} [الأعراف: 12]، وصفة فرعون الحاملة له على قوله {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات: 24] ولا أقبح مما صار إليه فلا جرم كان فرعون وإبليس أشد أهل النار عذابًا، نعوذ بالله من الكبر والكفر، وأما من لاحظ من نفسه كمالًا، وكان ذاكرًا فيه منة الله تعالى عليه به، وأن ذلك من تفضله تعالى ولطفه، فليس من الكبر المذموم في شيء، ولا من التعاظم المذموم، بل هو اعتراف بالنعمة، وشكر على المنة، والتحقيق في هذا أن الخلق كلهم قوالب وأشباح، تجري عليهم أحكام القدرة فمن خصه الله تعالى بكمال، فذاك الكمال يرجع للمكمل الجاعل، لا للقالب القابل، ومع ذلك فقد كمَّل الله الكمال بالجزاء والثناء عليه، كما قد نقّص النقص بالذم والعقوبة عليه، فهو المعطي والمثني، والمُبلي والمعافي، كيف لا وقد قال العلي الأعلى "أنا الله خالق الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير وقدرته عليه، والويل لمن خلقته للشر وقدرته عليه"، فلا حيلة تعمل مع قهر {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].

ولما تقرر أن الكبر يستدعي متكبَّرًا عليه والمتكبر عليه، إن كان هو الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أر الحق الذي جاءت به رسله، فذلك الكبر كفر، وإن كان

ص: 52

قَال رَجُلٌ: إِن الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَال: إِن اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَال، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَق وَغَمْطُ النَّاسِ"

ــ

غير ذلك، فذلك الكبر معصية وكبيرة، يخاف على المتلبس بها المصر عليها، أن تفضي به إلى الكفر، فلا يدخل الجنة أبدًا، فإن سلم من ذلك، ونفذ عليه الوعيد، عوقب بالإذلال والصغار، أو بما شاء الله من عذاب النار، حتى لا يبقى في قلبه من ذلك الكبر مثقال ذرة، وخلص ممن خبث كبره، حتى يصير كالذرة، فحينئذ يتداركه الله تعالى برحمته، ويخلصه بإيمانه وبركته، وقد نص على هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم في المحبوسين على الصراط، لما قال "حتى إذا هذبوا ونقوا أُذن لهم في دخول الجنة" رواه أحمد والبخاري انتهى.

(قال رجل) من الحاضرين، قال القاضي: هو مالك بن مرارة الرهاوي، قال النواوي:"مُرارة" بضم الميم، والرهاوي بفتح الراء، ونسبه بعضهم إلى رُها بضمها حيٌّ من مذحج، وذكر الحافظ أبو القاسم خلف بن عبد الملك ابن بشكوال في اسم الرجل السائل، أقوالًا كثيرة: قيل هو عبد الله بن عمرو بن العاص، ذكره معمر في جامعه، وقيل: خريم بن فاتك، وقيل: معاذ بن جبل، هذا ما ذكره ابن بشكوال (إن الرجل) منا (يحب أن يكون ثوبه) ولباسه (حسنًا) أي جميلًا نظيفًا فاخرًا (و) أن يكون (نعله) وخفه (حسنة) أي فاخرة جميلة، قال الأبي: هذه المحبة وإن كانت بالطبع، فهي بعد ورود هذا الحديث شريعة، فيستحب العمل بجيمع ما تضمنه، لأن ما يحبه الشرع مطلوب، وتوهم الرجل بأن ذلك من الكبر، فأجيب بأنه ليس منه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجيبًا للرجل السائل، ليس الكبر المذموم كما زعمت من التجمل في اللباس والنعال، فإن ذلك محبوب عند الله تعالى فـ (إن الله) سبحانه وتعالى (جميل) أي منزه عن كل النقائص (يحب) ويرضى لعباده (الجمال) أي التجمل والتزين في اللباس والثياب في صلواتهم وفي مساجدهم، إنما (الكبر) المذموم عند الله تعالى الذي يمنع صاحبه من دخول الجنة أصلًا، أو ابتداءًا هو (بطر الحق) أي دفعه وإنكاره، وعدم قبوله، ترفعًا عنه وتجبرًا، والحق كل معروف في الشرع (وغمط الناس) أي إهانة الناس واحتقارهم، وعدم المبالاة بهم، يقال في الفعل منه غمطه يغمطه، من باب ضرب، وغمطه من باب علم.

قوله (إن الله جميل يحب الجمال) الجمال لغة هو الحسن، يقال: جَمُل الرجل

ص: 53

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يجمل بالضم فيهما جمالًا فهو جميل، والمرأة جميلة، ويقال فيها جملاء، قاله الكسائي.

قال القرطبي: وهذا الحديث يدل على أن الجميل من أسماء الله تعالى، وقال بذلك جماعة من أهل العلم، إلا أنهم اختلفوا في معناه فقيل: معناه معنى الجليل قاله القشيري، وقيل: معناه ذو النور والبهجة، أي مالكهما قاله الخطابي، وقيل جميل الأفعال بكم، والنظر إليكم، فهو يحب التجمل منكم، في قلة إظهار الحاجة إلى غيره، قاله الصيرفي، وقال: الجميل المنزه عن النقائص الموصوف بصفات الكمال، الآمر بالتجمل له بنظافة الثياب والأبدان والنزاهة عن الرذائل والطغيان اهـ.

قال القاضي: لا يُسمى الله تعالى إلا بما تواتر وانعقد عليه الإجماع، واختلف هل يُسمى بما ورد من طريق الآحاد واحتج المانع بأن التسمية ترجع إلى اعتقاد ما يجب له وما يستحيل عليه وما يجوز في حقه، والمطلوب في ذلك القطع، والآحاد لا تفيده، واحتج المُجيز بأن الدعاء بالاسم والذكر به عمل، والعمل يكفي في طريقه الظن، والصواب الجواز لما احتج به المجيز، ولقوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} قال الأبي: الذكر بالاسم والدعاء به فرع اعتقاد معناه، والمطلوب فيه القطع فالصواب المنع اهـ.

قال القاضي: واختلف في تسميته تعالى، ووصفه بصفة كمال لم يرد فيها إذن ولا منع فأجيز ومنع، قال الأبي: قال المقترح القول بالمنع مدخول لأن المنع حكم شرعي، والفرض أنه لم يرد فيه شيء، قلت: والجواز أيضًا حكم شرعي فالصواب الوقف، وهو مذهب الإمام واتفقوا أنه لا يجوز القياس في أسمائه تعالى.

قال القاضي: وصحت التسمية بـ (جميل) في هذا الحديث، ووردت أيضًا في حديث تعيين الأسماء من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن، وهو ضعيف.

قلت: حديث إنها تسعة وتسعون دون تعيين، اتفق عليه الصحيحان، وحديث تعيينها ذكره الترمذي، وقال فيه إنه حسن، ولم يذكر فيه جميلًا، واختلف في معناه كما مر آنفًا نقلًا عن القرطبي، قال المازري: هو من أسماء التنزيه، لأن الجميل منا هو الحسن الصورة، وحسنها يستلزم السلامة من النقص، ويحتمل أنه بمعنى مُجمِّل أي مُحسِّن.

ص: 54

170 -

(00)(00) حدَّثنا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ وَسُوَيدُ بْنُ سَعِيدٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ

ــ

وقوله (بطر الحق) أي إبطاله وإنكاره، من قولهم ذهب دمه بطرًا أي باطلًا، وقال الزجاج: هو التكبر عن الحق فلا يقبله، وقال الأصمعي: البطر الحيرة أي يتحير عند الحق فلا يراه حقًّا وغمط الناس احتقارهم واستصغارهم، لما يرى من رفعته عليهم، وهو بالغين المعجمة والطاء المهملة، ويُروى "غمص" بالصاد المهملة في كتاب الترمذي، ومعناهما واحد، يقال: غمط الناس وغمصهم إذا احتقرهم، وقال القاضي: رواية الصاد لم تقع في الصحيحين، وهي في الترمذي وأبي داود.

والمثقال: مفعال من الثقل، ومثقال الشيء وزنه، يقال هذا على مثقال هذا أي على وزنه وهذا الحديث أعني حديث عبد الله بن مسعود، شارك المؤلف في روايته أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، رواه أحمد (1/ 399 و 451) وأبو داود (4091) والترمذي (1999) وابن ماجه (59).

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه فقال:

(170)

- متا (. . .)(. . .)(حدثنا مِنْجَاب) بكسر أوله وسكون ثانيه ثم جيم ثم موحدة (بن الحارث) بن عبد الرحمن (التميمي) أبو محمد الكوفي، روى عن علي بن مسهر في الإيمان والفضائل والآيات وغيرها، وعن القاسم بن معن، وبشر بن عمارة، وحاتم بن إسماعيل، وأبي الأحوص، وشريك، وابن المبارك، وجماعة، ويروي عنه (م) وأبو حاتم، والذهلي، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وثقه ابن حبان، وقال في التقريب: ثقة من العاشرة، مات سنة (231) إحدى وثلاثين ومائتين، وليس عندهم من اسمه منجاب إلا هذا.

(وسويد بن سعيد) بن سهل الهروي الأصل ثم الأنباري، نسبة إلى الأنبار بلدة على الفرات أبو محمد صدوق مدلس من قدماء العاشرة، مات سنة (240) أربعين ومائتين، وله مائة سنة (100)، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في سبعة أبواب تقريبًا، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، لأن الثاني لا يصلح لتأكيد الأول (كلاهما) أي كل من منجاب وسويد رويا (عن علي بن مسهر) بضم الميم وسكون المهملة وكسر

ص: 55

قَال مِنْجَابٌ: أَخْبَرَنَا ابْن مُسْهِرٍ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَال: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ،

ــ

الهاء، القرشي أبي الحسن الكوفي، ثقة من الثامنة، مات سنة (189) تسع وثمانين ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في أربعة عشر بابًا تقريبًا.

وأتى بجملة قوله (قال منجاب أخبرنا ابن مسهر) تورعًا من الكذب على منجاب لأنه صرح بالسماع، ولم يرو بالعنعنة، ولم يذكر اسم شيخه بل نسبه (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي مولاهم، أبي محمد الكوفي، ثقة حافظ قارئ ورع مدلس، من الخامسة، مات سنة (148) ثمان وأربعين ومائة عن (84) سنة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثلاثة عشر بابًا تقريبًا (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي، أبي عمران الكوفي ثقة من الثانية، مات سنة (96)(عن علقمة) بن قيس النخعي، أبي شبل الكوفي (عن عبد الله) بن مسعود الهذلي، أبي عبد الرحمن الكوفي.

وهذا السند من سداسياته، رجاله كلهم كوفيون إلا سويد بن سعيد، فإنه هروي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة الأعمش لفضيل الفقيمي في رواية هذا الحديث عن إبراهيم النخعي، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى في أكثر الكلمات وترتيبها.

(قال) عبد الله بن مسعود (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل النار) أي لا يخلد في النار (أحد في قلبه مثقال حبة) أي وزن حبة (خردل) حب معروف من الأبازير (من ايمان) تمييز لمثقال مجرور بمن البيانية.

والمراد بالإيمان في هذا الحديث، التصديق القلبي المذكور في حديث جبريل عليه السلام، ويستفاد منه أن التصديق القلبي على مراتب، ويزيد وينقص على ما سيأتي في حديث الشفاعة إن شاء الله تعالى.

وهذه النار المذكورة هنا هي النار المعدة للكفار التي لا يخرج منها من دخلها، لأنه قد جاء في أحاديث الشفاعة الآتية: أن خلقًا كثيرًا ممن في قلبه ذرات كثيرة من الإيمان، يدخلون النار ثم يخرجون منها بالشفاعة، أو بالقبضة من أرحم الراحمين، على ما يأتي، والجمع بين ما هنا من نفي دخول النار، وما هناك من إثبات دخولها أن النار

ص: 56

وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلبِهِ مِثقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ".

171 -

(00)(00) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشارٍ. حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ،

ــ

دركات كما قال تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145]، وأهلها في العذاب على مراتب ودركات كما قال تعالى {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] وأن نار من يعذب من الموحدين أخفها عذابًا، وأقربها خروجًا، فمن أدخل النار من الموحدين، لم يدخل نار الكفار، بل نارًا أخرى يموتون فيها ثم يخرجون منها، كما جاء في الأحاديث الصحيحة الآتية بعد هذا إن شاء الله تعالى اهـ من المفهم.

(ولا يدخل الجنة أحد في قلبه) واعتقاده (مثقال حبة خردل من كبرياء) تمييز ذات لمثقال مجرور بمن البيانية، وقد تقدم لك أن الكبر والكبرياء بمعنى واحد، وهو الترفع عن قبول الحق، واحتقار الناس، كما مر في الحديث، أي لا يدخل الجنة أصلًا إن استحل ذلك، أو ابتداءً إن لم يستحل، ولم يدركه العفو كما مر، والمراد بذكر المثقال التمثيل بأقل درجات الإيمان، وهو مجرد التصديق، وأقل درجات الكبر بأقل مثاقيل الوزن والله أعلم.

وفي القاموس: والخردل حب شجر مُسخِّن ملطف جاذب قالع للبلغم ملين هاضم نافع طِلاؤه للنقرس والنسا والبرص، ودخانه يطرد الحيات، وماؤه يسكن وجع الآذان تقطيرًا، ومسحوقه على الضرس الوجِع غاية، والخردل الفارسيُّ نبات بمصر يُعرف بحشيشة السلطان اهـ.

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه فقال:

(171)

- متا (. . .)(. . .)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي، أبو بكر البصري، المعروف ببندار، ثقة من العاشرة، مات سنة (252)، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في اثني عشر بابًا تقريبًا، قال ابن بشار (حدثنا) سليمان بن داود بن الجارود (أبو داود) الطيالسي القرشي مولاهم، مولى الزبير بن العوام البصري، أصله فارسيّ وأمه مولاة لهذيل أحد الأعلام الحفاظ، روى عن شعبة، وهشام بن أبي عبد الله، وحبيب بن يزيد، ومعروف بن خربوذ، وسليمان بن معاذ، وأبي عوانة، وحرب بن شداد، وأبان بن يزيد، وغيرهم، ويروي عنه (م عم) ومحمد بن بشار، ومحمد بن

ص: 57

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ فُضَيلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال:"لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ"

ــ

المثنى، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن منصور، وأحمد بن عثمان النوفلي، وهارون بن عبد الله، وأحمد بن عبدة، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وحجاج بن الشاعر وغيرهم، وروي أنه حدث من حفظه أربعين ألف حديث، وقال في التقريب: ثقة حافظ، غلط في أحاديث، من التاسعة، مات سنة (204) أربع ومائتين، روى عنه المؤلف في الإيمان والصلاة في موضعين، والزكاة، والصوم، والحج في موضعين، والطلاق، والحدود، والمناقب، والجهاد، والصيد والفضائل، والغيرة، والفتن، والزهد، فجملة الأبواب التي روى عنه المؤلف فيها أربعة عشر بابًا تقريبًا، قال أبو داود (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، أبو بسطام البصري، ثقة من السابعة (عن أبان بن تغلب) القارئ أبي سعيد الكوفي، ثقة من السابعة (عن فضيل) بن عمرو الفقيمي، أبي النضر الكوفي، ثقة من السادسة (عن إبراهيم) بن يزيد النخعي أبي عمران الكوفي، ثقة من الثالثة (عن علقمة) بن قيس النخعي الكوفي، ثقة ثبت من الثانية (عن عبد الله) بن مسعود الكوفي، وهذا السند من ثمانياته، رجاله ثلاثة منهم بصريون، وخمسة كوفيون، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة أبي داود ليحيى بن حماد في رواية هذا الحديث عن شعبة، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى بالنقص عنها، ولو ذكر هذه المتابعة بعد السند الأول لكان أوضح وأنسب والله أعلم.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة) أصلًا أو ابتداءً (من كان في قلبه مثقال ذرة) أي وزن نملة صغيرة (من كبر) أي من تكبر وترفع عن قبول الحق، وقد تقدم ما فيه من الكلام آنفًا فراجعه، ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثًا واحدًا، وهو حديث ابن مسعود، وذكر فيه متابعتين والله سبحانه وتعالى أعلم.

ص: 58