الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نشأة علوم القرآن
إن بداية ظهور علوم القرآن مرتبطة ببداية نزوله، فلما نزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء، وتلا عليه قوله تعالى:{اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ *خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ *اقْرَا وَرَبُّكَ الأَكَرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5] بدأت العلوم المرتبطة بالقرآن بالظهور شيئاً فشيئاً.
ويمكن أن يُستنبطَ من نزوله على الرسول صلى الله عليه وسلم في غار حراء جملة من أنواع علوم القرآن، ففيه من هذه الأنواع:
• نزوله، خصوصاً أول ما نزل.
• قراءته.
• الوحي.
ثمَّ ما لبث القرآن ينْزل مرةً بعد مرَّةٍ، ويحدثُ من علومِه غير هذه الثلاثة على حسبِ موضوعات الآيات وما يتعلَّقُ بها.
ولا ريب أن نشأة علوم القرآن كانت قد بدأت مع نزوله كما هو ظاهر، وقد كان هناك جملة من علومه التي اعتنى بها الصحابة رضي الله عنهم، وكان في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وآثار الصحابة والتابعين ما يُنبئُ عن أن لهذا القرآن علوماً يُحثُّ على تعلمها، ومن ذلك ما يأتي:
1 -
دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمِّه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال:«اللهم علِّمه الكتاب» (1)، وهذا يشمل جملة العلوم المتعلقة بالقرآن، من قراءته، وحفظه، وتفسيره، ومعرفة نزوله وأحكامه، وناسخه ومنسوخه، وغير ذلك من علومه.
(1) أخرجه جمع من الأئمة، منهم البخاري برقم (75، 3756، 7270).
وفي رواية عند الإمام أحمد: «اللهم فَقِّهُ في الدين، وعلِّمه التَّأويل» (1)؛ والمرادُ به علم التفسيرِ الذي هو أجلُّ علومِ القرآنِ وأعظمها، ولا تخلو تفاسير السلف من ذكر جملة من علوم القرآن؛ كعلم الناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني، والعام والخاص، وغيرها.
2 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمه» (2)، وهذا يشملُ جُملةَ علومِ القرآنِ من قراءته وحفظه وتفسيره وغيرِها؛ لأنَّه خبر مطلقٌ غير محدَّدٍ بنوعِ من أنواع تعلُّمِ القرآنِ وتعليمه.
3 -
وروى ابن أبي شيبة بسنده عن أبي البختري عن علي رضي الله عنه قالوا: «أخبِرْنا عن عبد الله.
قال: علم القرآن والسنة، ثم انتهى، وكفى بذلك علماً» (3).
4 -
عن سفيان بن حسين (4) قال: «سألني إياس بن معاوية، فقال: إني أراك قد كَلِفْتَ بعلم القرآن، فاقرأ عليَّ سورة وفَسِّر حتى أنظر فيما علمت.
قال: ففعلت.
فقال: احفظ عني ما أقول لك: إياك والشناعة في الحديث، فإنه قَلَّ ما حملها أحدٌ إلا ذلَّ في نفسه، وكذب في حديثه».
ومن تتبع الآثار وجدَ فيها كثيراً من هذا الباب، وهو موضوع يصلح للبحث، بحيث يصل الباحث به إلى مرادهم بعلوم القرآن من خلال آثارهم.
(1) مسند الإمام أحمد (1:314) وأصله في البخاري كما مرّ.
(2)
رواه البخاري برقم (5027) عن عثمان رضي الله عنه.
(3)
مصنف ابن أبي شيبة (6:385)؛ وقد أخرجه أبو نعيم في الحلية (1:129).
(4)
سفيان بن حسين بن الحسن، أبو محمد ويقال: أبو الحسن الواسطي مولى عبد الله بن خازم السلمي ويقال: مولى عبد الرحمن بن سمرة القرشي روى عن إياس بن معاوية، وجعفر بن أبي وحشية، والحسن البصري. كان مؤدباً للخليفة المهدي، ومات بالري في خلافته. تهذيب الكمال (11:139).