الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرحلة الأولى
بذور هذا العلم منذ نشأته إلى نهاية القرن الثاني
(200هـ)
كانت علوم القرآن في هذه المرحلة تتمثل في وجود روايات شفاهية يتناقلها التابعون عن الصحابة، وأتباع التابعين عن التابعين، وأتباع أتباع التابعين عن أتباع التابعين حتى يصل السند إلى قائله من هذه الطبقات الثلاث.
وكان للتدوين نصيبٌ في هذه الفترة، فقد دُوِّنت مجموعة من الكتب في هذه المرحلة، وكانت تحمل قدراً لا بأس به من أنواع علوم القرآن.
ويمكن تقسيمها على النحو الآتي:
أولاً: روايات التفسير وكتبه:
يمكن تصنيف الكتابة في التفسير في هذه المرحلة إلى أقسام:
الأول: الكتابات الجزئية للتفسير، وذلك إما أن تكون رواية لتفسير أحد أعلام المفسرين؛ كمجاهد بن جبر (ت104هـ) الذي كتب تفسير شيخه ابن عباس رضي الله عنهما (ت68هـ)، وإما أن تكون لعدد من المفسرين؛ كتفسير سفيان الثوري (ت161هـ).
وفي هذين النوعين لم يصلنا تفسير كاملٌ لجميع القرآن.
الثاني: الكتابة الشاملة لجميع القرآن، وقد نُسب هذا التصنيف على هذا الأسلوب للضحاك بن مزاحم (ت105هـ)، ومنه كذلك تفسير مقاتل بن سليمان (ت150هـ)، وهو كاملٌ مطبوع، وتفسير يحيى بن سلام البصري (ت200هـ)(1)،
(1) يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التيمي، البصري، ثم الإفريقي، مفسر، محدث، أدرك =
وتفسيره لجميع القرآن، والموجود منه بعضه، وقد طُبِع منه قطعة بتحقيق الدكتورة هند شلبي التونسية، ويتميز هذا التفسير بمقدمة ذكر فيها بعض مسائل في علوم القرآن، وقد نقلها عنه ابن أبي زمنين (ت399هـ)(1)، وهود بن محكم (من أعلام القرن الثالث)(2) في مختصريهما لتفسير يحيى بن سلام (ت200هـ)(3).
= نحو عشرين من التابعين، وسمع منهم، كان بالبصرة، ثم انتقل إلى مصر، ثم استقرَّ بالقيروان، له كتاب التصاريف، وهو في علم الوجوه والنظائر، وقد طبع بتحقيق هند شلبي.
(1)
محمد بن عبد الله بن عيسى، المعروف بابن أبي زمنين، المالكي المفسر المحدث، من أهل إلبيرة، سكن قرطبة، توفي سنة (399هـ).
(2)
هود بن محكم الهواري الإباضي، عاش في النصف الثاني من القرن الثالث.
(3)
قال يحيى بن سلام: «وحدثونا أن السور لم تنْزل كل سورة منها جملة، إلا اليسير منها، ولكن النبي عليه السلام قد كان سمى السور؛ فكلما نزل من القرآن شيء أمر أن يضعوه من السور في المكان الذي يأمرهم به، حتى تمت السور. وكان يأمر أن يُجعل في بعض السور المكية من المدني، وأن يُجعل في بعض السور المدنية من المكي، وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تجعل آية كذا بين ظهراني كذا وكذا من السورة.
وقد نزل المكي قبل المدني، وأن هذا التأليف الذي أُلِّف بين السور لم ينزل على هذا التأليف، ولكن وضع هكذا، لم يُجعل المكي على حِدة؛ يتبع بعضه بعضاً في تأليف السور، ولم يُجعل المدني من السور على حدة؛ يتبع بعضه بعضاً في تأليف السور.
وقد نزل بمكة ما أمر به لما يكون بالمدينة يعملون به إذا قدموا المدينة.
وأن بعض الآيات نزلت الآية منها قبل الآية، وهي بعدها في التأليف، وقد فسرنا هذه الوجوه في مواضعها من التفسير.
وإن ما نزل بمكة وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي عليه السلام المدينة فهو من المكي.
وما نزل على النبي عليه السلام في أسفاره بعدما قدم المدينة فهو من المدني، وما كان من القرآن {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو مدني، وما كان {يَاأَيُّهَا النَّاسُ} ففيه مكي ومدني، وأكثره مكي.
قال يحيى: ولا يعرف تفسير القرآن إلا من عرف اثنتي عشرة خصلة: المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والتقديم والتأخير، والمقطوع والموصول، والخاص =
وهذه الكتابات في التفسير تشتمل في ثناياها على مسائل منثورة من أنواع علوم القرآن؛ كالناسخ والمنسوخ، وأسباب النُّزول، وبيان الغريب، والمكي والمدني، والقراءات، وغيرها من المسائل.
وليست هذه الأنواع في هذه الكتب على تصنيف معيَّن، بل تأتي ضمن الكلام عن تفسير الآية؛ حيث يُذكر ما فيها من تفسير وبيان غريب، وذكر سبب نزول
…
إلخ.
ثانياً: كتب مفردة في نوع من أنواع علوم القرآن:
لا شك أن التفسير نوع من أنواع علوم القرآن، ولقد سبق ذكره، وإنما خُصَّ لأنه محلٌّ لكثير من علوم القرآن المفردة التي سيأتي ذكر بعضها، ولأهمية هذه الفترة سأسرد ما وجدته من كتب في أنواع علوم القرآن غيرَ كتب التفسير، فهي كثيرة جدّاً، من هذه الأنواع: المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والوجوه والنظائر، والآيات المتشابهات على الحفاظ، ومشكل القرآن، وأحكام القرآن، ورسم المصحف، ونقط المصحف، ومعاني القرآن، وغريب القرآن، وإعراب القرآن، وعد الآي، والوقف والابتداء، والقراءات، والأداء، والمقطوع والموصول، وغيرها.
وسأذكر أمثلة من هذه الأنواع، وبعض ما كُتِبَ فيها.
النوع الأول: المكي والمدني:
كتب فيه أعلام هذا العصر تحت عنوان (نزول القرآن) وممن كتب فيه: الضحاك بن مزاحم (ت105هـ)، وعكرمة (ت105هـ)، والحسن البصري (ت110هـ)(1)، والزهري (ت124هـ)(2).
ويلاحظ أن أصل هذه الروايات ـ في هذا العصر ـ قائم على تعداد
= والعام، الإضمار والعربية تفسير ابن أبي زمنين (1:113 - 114)؛ وتفسير هود بن محكم (1:69).
(1)
ذكر هذه الكتب الثلاثة ابن النديم في الفهرست (ص40).
(2)
الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتور حاتم الضامن بعنوان «تنْزيل القرآن بمكة والمدينة» .
السور المكية والمدنية، وبيان المستثنى من كل سورة أحياناً، لذا فهذه الروايات لا تتجاوز الورقة أو الورقتين في الغالب، ومن الروايات المسندة في هذا الموضوع:
1 -
رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما (ت68هـ)(1).
2 -
رواية عن قتادة (ت117هـ)(2).
3 -
رواية عن علي بن أبي طلحة (ت143هـ)(3).
وهناك روايات أخرى، وهي بحاجة إلى جمع وتحقيقٍ خاصٍّ، إذ يلاحظ فيها اختلافٌ من جهة تسمية السور، واختلاف في بعض السور والآيات.
النوع الثاني: الناسخ والمنسوخ:
كتب فيه قتادة (ت117هـ)(4)، والزهري (ت124هـ)، وهما مطبوعان (5).
وقد ذُكر لغيرهما كتب في الناسخ والمنسوخ؛ منهم: عطاء بن مسلم (ت135هـ)، ومحمد بن السائب الكلبي (ت146هـ)، ومقاتل بن سليمان (ت150هـ)، والحسين ابن واقد القرشي (ت157هـ)، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت182هـ)، وغيرهم (6).
النوع الثالث: الوجوه والنظائر:
من الكتب المطبوعة في هذا العلم كتاب مقاتل بن سليمان
(1) ممن رواها ابن الضريس في كتابه «فضائل القرآن وما أنزل من القرآن بمكة وما أنزل بالمدينة» ، ينظر:(ص33 - 34)؛ والنحاس في كتابه «الناسخ والمنسوخ» ، وقد قطَّع روايته على كل سورة.
(2)
ممن رواها المحاسبي في كتابه «فهم القرآن» ، ينظر:(ص395)؛ وكذا ابن الأنباري في كتابه «الرد على من خالف مصحف عثمان» نقله عنه القرطبي في تفسيره (1:61 - 62).
(3)
تُنظر هذه الرواية في كتاب: «فضائل القرآن» لأبي عبيد القاسم بن سلام (ص340).
(4)
يلاحظ أن قتادة رحمه الله كان كفيفاً، فما يُنسب إليه فهو من إملائه، والتعبير الذي يرد في مثل هذا بأنه كتب، فهو تجوُّزٌ.
(5)
قام بتحقيقهما الدكتور حاتم الضامن، ونشرتهما مؤسسة الرسالة.
(6)
ينظر هذا الثبت في: مقدمة الدكتور حاتم الضامن في تحقيقه لكتاب قتادة (ص10).
(ت150هـ)(1)، وكتاب هارون الأعور (ت170هـ)(2)، وكتاب يحيى بن سلام (ت200هـ) بعنوان التصاريف (3).
وقد ذُكِر لغيرهم كتب في هذا العلم، فنُسب تصنيف إلى ابن عباس رضي الله عنهما (ت68هـ)، وللحسين بن واقد (ت159هـ)(4) كتاب في هذا العلم اعتمده الثعلبي (ت427هـ) في مراجعه التي ذكرها في أول كتابه.
النوع الرابع: الآيات المتشابهات على الحفاظ:
كتب فيه الكسائي أحد القراء السبعة، وشيخ نحاة الكوفة (ت189هـ)(5).
(1) طُبِع بتحقيق الدكتور عبد الله شحاته، بعنوان «الأشباه والنظائر» ، وفي هذه التسمية نظر، وصوابها «الوجوه والنظائر» ، ينظر: التفسير اللغوي للقرآن (ص89 - 90).
(2)
طُبِع بتحقيق حاتم الضامن.
(3)
طُبِع بتحقيق الدكتورة هند شلبي التونسية.
(4)
أبو علي المروزي، محدث، له عناية بالتفسير، أخرج له مسلم والأربعة، له تفسير القرآن، ووجوه القرآن، والناسخ والمنسوخ توفي سنة (159هـ).
(5)
طُبِعَ الكتاب بتحقيق الدكتور صبيح التميمي، منشورات كلية الدعوة الإسلامية بطرابلس ـ ليبيا.