الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم حمزة والعباس وأبو طالب وأبو لهب والغيداق، ومنهم من يقول هو حجل الذي سنذكره. والحارث وحجل والمقوم وضرار والزبير وقثم، درج صغيراً وعبد الكعبة، ومنهم من يقول: إِن عبد الكعبة هو المقوم، ثم ولد لعبد الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، في عام الفيل.
ولنذكر أولاً قصة الفيل، ثم
مولده
صلى الله عليه وسلم. من الكامل لابن الأثير قال: إِنّ الحبشة ملكوا اليمن بعد حمير، فلما صار الملك إِلى أبرهة منهم بنى كنيسة عظيمة، وقصد أن يصرف حج العرب إِليها ويبطل الكعبة الحرام، فجاء شخص من العرب وأحدث في تلك الكنيسة، فغضب أبرهة لذلك، وسار بجيشه ومعه الفيل، وقيل كان معه ثلاثة عشر فيلاً ليهدم الكعبة، فلما وصل إِلى الطائف، بعث الأسود بن مقصود إِلى مكة، فساق أموال أهلها وأحضرها إِلى أبرهة، وأرسل أبرهة إِلى قريش وقال لهم: لست أقصد الحرب، بل جئت لأهدم الكعبة، فقال عبد المطلب: والله ما نريد حربه، هذا بيت الله، فإِن منع عنه فهو بيته وحرمه، وإن خلا بينه وبينه، فوالله ما عندنا من دفع، ثم انطلق عبد المطلب مع رسول أبرهة إليه، فلما استؤذن لعبد المطلب قالوا لأبرهة: هذا سيد قريش، فأذن له أبرهة وأكرمه، ونزل عن سريره وجلس معه، وسأله في حاجته، فذكر عبد المطلب أباعره التي أخذت له، فقال أبرهة: إِني كنت أظن أنك تطلب مني أن لا أخرب الكعبة التي هي دينك: فقال عبد المطلب: أنا رب الأباعر فأطلبها، وللبيت رب يمنعه فأمر أبرهة برد أباعره عليه، فأخذها عبد المطلب وانصرف إِلى قريش، ولما قارب أبرهة مكة وتهيأ لدخولها، بقي كلما أقبل فيله مكة، وكان اسم الفيل محموداً ينام ويرمي بنفسه إِلى الأرض، ولم يسر، فإِذا أقبلوه غير مكة قام يهرول، وبينما هم كذلك إذ أرسل الله عليهم طيراً أبابيل، أمثال الخطاطيف، مع كل طائر ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه فقذفتهم بها، وهي مثل الحمص والعدس، فلم يصب أحداً منهم، إلا هلك. وليس كلهم أصابت، ثم أرسل الله تعالى سيلاً، فألقاهم في البحر، والذي سلم منهم ولى هارباً مع أبرهة إِلى اليمن يبتدر الطريقَ، وصاروا يتساقطون بكل منهل وأصيب أبرهة في جسده وسقطت أعضاؤه، ووصل إِلى صنعاء كذلك ومات، ولما جرى ذلك خرجت قريش إلى منازلهم، وغنموا من أموالهم شيئاً كثيراً، ولما هلك أبرهة، ملك بعده ابنه يكسوم، ثم أخوه مسروق بن أبرهة، ومنه أخذت العجم اليمن.
انتهى الكلام في الفصل الخامس وهو آخر التواريخ القديمة ومن هنا نشرع في التواريخ الإسلامية.
الفصل السادس
التاريخ الإسلامي
رسول الله
مولده
صلى الله عليه وسلم وذكر شيء من شرف بيته الطاهر
أما أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو عبد الله بن عبد المُطلب المذكور، وكانت
ولادة عَبْد الله المذكور قبل الفيل بخمس وعشرين سنة، وكان أبوه يحبه لأنه كان
أحسن أولاده وأعفهم، وكان أبوه قد بعثه يمتار له، فمر عبد الله المذكور بيثرب فمات بها، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شهران، وقيل كان حملاً، ودفن عبد الله في دار الحارث بن إِبراهيم بن سراقة العدوي، وهم أخوال عبد المطلب، وقيل دفن بدار النابغة ببني النجار. وجميع ما خلفه عبد الله خمسة أجمال وجارية حبشية، اسمها بركة وكنيتها أم أيمن، وهي حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوج عبد الله، وأبوه عبد المطلب، وأمّا آمنة أمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، وهو قريش، فخطب عبد المطلب من وهب المذكور - وكان وهب حينئذ سيد بني زهرة - ابنته آمنة، لعبد الله، فزوّجه بها، فولدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الاثنين، لعشر خلون من ربيع الأول، من عام الفيل. وكان قدوم الفيل في منتصف المحرّم تلك السنة، وهي السنة الثامنة والأربعون من ملك كسرى أنوشروان، وهي سنة إِحدى وثمانين وثمانمائة لغلبة الإِسكندر على دارا، وهي سنة ألف وثلاثمائة وست عشرة لبخت نصر.
ومن دلائل النبوة للحافظ أبي بكر أحمد البيهقي الشافعي قال: وفي اليوم السابع من ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذبح جده عبد المطلب عنه، ودعا له قريشاً، فلما أكلوا قالوا: يا عبد المطلب، أرأيت ابنك هذا الذي أكرمتنا على وجهه، ما سميته؟ قال: سميته محمداً. قالوا: فيم رغبت به عن أسماء أهل بيته؟ قال: أردت أن يحمده الله تعالى في السماء، وخلقه في الأرض، وروى الحافظ المذكور بإِسناده المتصل بالعباس رضي الله عنه قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختوناً مسروراً. قال: فأعجب جده عبد المطلب، وحظي عنده، وقال: ليكونن لابني هذا شأن.
وذكر الحافظ المذكور إِسناداً ينتهي إلى مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه قال: لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الَله صلى الله عليه وسلم، ارتجس إِيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نار فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، ورأى الموبذان وهو قاضي الفرس في منامه إِبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك، واجتمع بالموبذان فقص عليه ما رأى، فقال كسرى: أي شيء يكون هذا، فقال الموبذان: وكان عالماً بما يكون، حدث من جهة العرب أمر. فكتب كسرى إِلى النعمان بن المنذر: أما بعد: فوجه إليّ برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجّه النعمان بعبد المسيح بن عمرو بن حنان الغساني. فأخبره كسرى بما كان من ارتجاس الإِيوان وغيره فقال له: علم ذلك عند خال لي يسكن مشارف الشام يقال له سطيح. قال كسرى فاذهب إِليه وسله وأتني بتأويل ما عنده. فسار عبد المسيح حتى قدم على سطيح