الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فحضر بالليل بالشمع والطيب، فأمرت متولي حرسها فقتله.
وكان رستم بن فرخ هرمز، وهو الذي تولى قتل المسلمين فيما بعد، قد جعله أبوه نائبه على خراسان لما توجه بسبب أرزمي دخت، فلما قتلته جَمَعَ رستم المذكور عسكره وقصد أرزمي دخت بنت كسرى برويز، فقتلها آخذاً بثأر أبيه، وكان ملكها ستة أشهر، واختلف عظماء الفرس فيمن يولونه الملك، فلم يجدوا غير رجل من عقب أزدشير بن بابك.
واسمه كسرى بن مهرخشنش فملكوه، ولما ملك المذكور لم يلق به الملك، فقتلوه بعد أيام، فلم يجدوا من يملكونه من بيت المملكة.
فوجدوا رجلاً يقال له فيروز بن خستان، يزعم أنه منٍ نسل أنوشروان، فملكوا فيروز المذكور ووضعوا التاج على رأسه، وكان رأسه ضخماً فلم يسعه التاج، فقال: ما ضيق هذا التاج، فتطير العظماء من افتتاح كلامه بالضيق وقالوا: هذا لا يفلح فقتلوه.
ثم ملك فرخ زاد خسرو من أولاد أنوشروان، وملك ستة أشهر وقتلوه.
ثم ملك يزد جرد بن شهريار بن برويز بن هرمز بن أنوشروان بن قباذ بن فيروز بن يزجرد بن بهرام جور بن يزد جرد بن بهرام بن سابور ذي الأكتاف بن هرمز بن نرسي بهرام بن بهرام آخر بن هرمز بن سابور بن أزْدشير بن بابك.
وكان يزد جرد المذكور مختفياً بإصطخر لما قتل أبوه مع أخوته، حين قتلهم شيرويه حسبما ذكرناه، وكان ملك يزد جرد المذكور كالخيال بالنسبة إِلى ملك آبائه، وكانت الوزراء تدبر ملكه، وضعفت مملكة فارس واجترأ عليهم أعداؤهم، وغزت المسلمون بلادهم بعد أن مضى من ملكه ثلاث أربع سنين، وكان عمر يزد جرد إِلى أن قتل بمرو، عشرين سنة، وكان مقتله في خلافة عثمان رضي الله عنه، في سنة إِحدى وثلاثين للهجرة، وهو آخر من ملك منهم وزال ملكهم بالإسلام زوالاً إِلى الأبد فهذا ترتيب ملوك الفرس من أوشهنج إِلى يزد جرد من كتاب الأمم لابن مسكويه ومن كتاب أبي عيسى.
الفصل الثالث
ذكر فراعنة مصر واليونان والروم
ثم ملوك اليونان ثم ملوك الروم أما
الفراعنة
فهم ملوك القبط بالديار المصرية، قال ابن سعيد المغربي، ونقله من كتاب صاعد في طبقات الأمم: إن أهل مصر كانوا أهل ملك عظيم في الدهور الخالية والأزمان السالفة، وكانوا أخلاطاً من الأمم ما بين قبطي ويوناني وعمليقي، إلا أن جمهرتهم قبط.
قال: وأكثر ما تملك مصر الغرباء، قال: وكانوا صابئة يعبدون الأصنام، وصار بعد الطوفان بمصر علماء بضروب من العلوم، خاصة بعلم الطلسمات والنيرنجات والكيمياء، وكانت مدينة منف هي كرسي المملكة، وهي على اثني عشر ميلاً من الفسطاط.
قال: ابن سعيد وأسنده إلى الشريف الإِدريسي: إِن أول من ملك مصر بعد الطوفان بيصر بن حام بن نوح، ونزل مدينة منف هو وثلاثون من ولده وأهله، ثم ملكها بعده ابنه مصر بن بيصر،
وسميت البلاد به، لامتداد عمره وطول مدة ملكه، ثم ملك بعده ابنه قفط بن مصر، ثم ملك بعده أخوه أتريب بن مصر، وأتريب المذكور هو الذي بنى مدينة عين شمس وبها الآثار العظيمة، إِلى الآن، ثم ملك بعده أخوه صا وبه سميت مدينة صا وهي مدينة خراب على النيل من أسفله، ثم ملك بعده تذراس، ثم ملك بعده ماْليق بن تذراس ثم ملك بعده ابنه حرابا بن ماليق. ثم ملك بعده كلكلى بن حرابا، وكان ذا حكمه، وهو أول من جمّد الزئبق، وسبك الزجاج. ثم ملك بعده حريبا بن ماليق وكان شديد الكفر. ثم ملك بعده طوليس وهو فرعون إِبراهيم عليه السلام. وهو الذي وهب سارة هاجر، وكان مسكن طوليس بالفرما ثم ملك بعده أخته جورياق. ثم ملك بعدها زلفا بنت مامون، وكانت عاجزة عن ضبط المملكة، وسمعت عمالقة الشام بضعفها فغزوها وملكوا مصر. وصارت الدولة للعمالقة وكان الذي أخذ الملك منها الوليد بن دومغ العملاقي، وكان يعبد البقر، فقتله أسد في بعض متصيداته، وقيل هو أول من تسمى بفرعون، وصار ذلك لقباً لكل من ملك مصر بعده.
ثم ملك بعده ابنه الريان بن الوليد وهو فرعون يوسف، ونزل مدينة عين شمس. ثم ملك بعده ابنه دارم بن الريان، وفي زمانه توفي يوسف الصديق عليه السلام، وتجبر دارم المذكور واشتد كفره، وركب في النيل فبعث الله تعالى عليه ريحاً عاصفة أغرقته بالقرب من حلوان. ثم ملك بعده كاسم بن معدان العمليقي أيضاً، وقصد أن يهدم الهرمين، فقال له حكماء مصر إِن خراج مصر لا يفي بهدمهما، وأيضاً فإنهما قبران لنبيين عظيمين، وهما شيث بن آدم، وهرمس، فأمسك عن هدمهما.
ثم ملك بعده الوليد بن مصعب، وهو فرعون موسى عليه السلام. وقد اختلف فيه فقيل إِنه من العمالقة، وهو الأظهر وقيل إِنه هو فرعون يوسف. وأطال الله تعالى عمره إِلى أيام موسى عليه السلام، قال ابن سعيد، وذكر القرطبي في تاريخ مصر أنّ الوليد المذكور كان من القبط، وكان في أول أمره صاحب شرطة لكاسم العملاقي، وكانت الأقباط قد كثرت، فملكوا الوليد المذكور بعد كاسم وانقرضت من حينئذ دولة العمالقة من مصر، قال: والوليد المذكور هو الذي ادّعى الربوبية. قال: وصنف الناس في سيرته وخلدوا ذكرها، وكانت أرض مصر على أيامه في نهاية من العمارة، فعظمت دولته وكثرت عساكره، وفي مناجاة موسى عليه السلام، يا رب لم أطلت عمر عدوك فرعون يعني الوليد المذكور مع ادعائه ما انفردتَ به من الربوبية، وجحد نعمتك، فقال الله تعالى: أمهلته لأن فيه خصلتين من خصال الإيمان، الجود والحياء، وكان هامان وزير فرعون المذكور، وهو الذي حفر لفرعون خليج السردوسي، ولما أخذ هامان في حفره سأله أهل كل قرية أن يجريه إِليهم، ويعطوه على ذلك مالاً، وكان يأتي به إِلى القرية نحو المشرق، ثم يرده إِلى القرية من نحو المغرب، وكذلك في
الجنوب والشمال، واجتمع لهامان من ذلك نحو مائة ألف دينار، فأتى بها إِلى فرعون وأخبره بالقضية فقال فرعون: ويحك إِنّه ينبغي للسيد أن يعطف على عبيده، ولا يطمع بما في أيديهم، ورد على أهل كل قرية ما أخذ منهم. وأخبر فرعون المذكور المنجمون بظهور موسى عليه السلام، وزوال ملكه على يده، فأخذ في قتل الأطفال حتى قتل تسعين ألف ألف طفل، وسلمّ الله تعالى نبيه موسى عليه السلام منه بأن التقطته زوج فرعون آسية، وحمته منه، وتزعم اليهود أنَّ التي التقطت موسى هي بنت فرعون لا زوجته، والأصح أنها زوجته، حسبما نطق به القرآن العظيم، ولما كان منه ومن موسى ما تقدّم ذكره من أظهار الآيات لفرعون، وهي العصا ويده البيضاء والجراد والقمل والضفادع وصيرورة الماء دماً وغير ذلك، سلمّ فرعون بني إِسرائيل إِلى موسى عليه السلام، ولما أخذهم موسى وسار بهم ندم فرعون على ذلك، وركب بعساكره وتبعهم فلحقهم عند بحر القلزم، وأوحى الله تعالى إِلى موسى عليه السلام، فضرب البحر بعصاه فصار فيه اثنا عشر طريقاً لكل سبط طريق، فتبعه فرعون فغرق هو وجنوده وكان هلاك فرعون المذكور بعد مضي ثمانين سنة من عمر موسى عليه السلام، وكان قد تملك من قبل ولادة موسى، ولذلك أمر بقتل الأطفال في أيام ولادة موسى عليه السلام فمدة ملك فرعون المذكور تزيد على ثمانين سنة قطعاً.
ولما هلك فرعون المذكور ملكت القبط بعده دلوكة المشهورة بالعجوز، وهي من بنات ملوك القبط، وكان السحر قد انتهى إِليها وطال عمرها حتى عرفت بالعجوز وصنعت على أرض مصر من أول أرضها في حد أسوان إِلى آخرها سوراً متصلاً إِلى هنا انتهى كلام ابن سعيد المغربي ولم يذكر من تولى بعد دلوكة.
ثم إِني وجدت في أوراق قد نقلت من تاريخ ابن حنون الطبري، وهو تاريخ ذكر فيه ملوك مصر في قديم الزمان قال: ثم ملك مصر بعد دلوكة صبي من أبناء أكابر القبط، كان يقال له دركون بن بكتوس، ثم ملك بعده توذس، ثم ملك بعده أخوه لقاش، ثم ملك بعده أخوه مرينا، ثم ملك بعده أستماذس، ثم ملك بعده يلطوس بن ميكاكيل، ثم ملك بعده مالوس ثم ملك بعده مناكيل ثم ملك بعده يولة وهو الذي غزا رحبعم بن سليمان بن داود عليهما السلام، وقد ذكر في كتب اليهود أن فرعون الذي غزا بني إِسرائيل على أيام رحبعم كان اسمه شيشاق وهو الأصح، ثم لم يشتهر بعد شيشاق المذكور، غير فرعون الأعرج، وهو الذي غزاه بخت نصر وصلبه، وكان بين رحبعم بن سليمان عليه السلام وبخت نصر فوق أربعمائة سنة، وكان شيشاق على أيام رحبعم، فشيشاق قبل فرعون الأعرج بأكثر من أربعمائة سنة، ولم يقع لي أسماء الفراعنة الذين كانوا في هذه المدة، عني فيما بين شيشاق وفرعون الأعرج.
ولما قتل بخت نصر فرعون المذكور وغزا مصر وأباد أهلها، بقيت مصر أربعين سنة خراباً.
ومن