الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما تطلبه الناس منه من عزل مروان عن كتابته، وعبد الله بن أبي سرح عن مصر، فأجاب عثمان إِلى ذلك، وفرق علي الناس عنه، ثم اجتمع عثمان بمروان فرده عن ذلك، ثم اضطره الحال حتى عزل ابن أبي سرح عن مصر، وولاها محمد بن أبي بكر الصديق، وتوجه مع محمد بن أبي بكر عدة من المهاجرين والأنصار، فبينما هم في أثناء الطريق، وإذا بعبد على هجين يجهده، فقالوا له: إِلى أين؟ قال: إِلى العامل بمصر. فقالوا: هذا عامل مصر، يعنون محمد بن أبي بكر، فقال: بل العامل الآخر، يعني ابن أبي سرح فأمسكوه وفتشوه، فوجدوا معه كتاباً مختوماً بختم عثمان يقول: إِذا جاءك محمد بن أبي بكر ومن معه، بأنك معزول فلا تقبل، واحتل بقتلهم، وأبطل كتابهم، وقر في عملك.
فرجع محمد بن أبي بكر ومن معه من المهاجرين والأنصار إِلى المدينة وجمعوا الصحابة وأوقفوهم على الكتاب، وسألوا عثمان عن ذلك فاعترف بالختم وخط كاتبه، وحلف بالله أنه لم يأمر بذلك، فطلبوا منه مروان ليسلمه إِليهم بسبب ذلك فامتنع.
فازداد حنق الناس على عثمان وجدوا في قتاله، فأقام علي ابنه الحسن يذب عنه، وأقام الزبير ابنه عبد الله وطلحة ابنه محمد يذبون عنه، بحيث خرج الحسن وانصبغ بالدم، وآخر الحال أنهم تسوروا على عثمان من دار لزق داره، ونزل عليه جماعة فيهم محمد بن أبي بكر فقتلوه. وكان عثمان رضي الله عنه حين قتل صائماً يتلو في المصحف، وكان مقتله لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين. وكانت مدة خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً.
واختلف في عمره، فقيل خمس وسبعون، وقيل اثنتان وثمانون، وقيل تسعون، وقيل غير ذلك، ومكث ثلاثة أيام لم يدفن، لأن المحاربين له منعوا من ذلك، ثم أمر علي بدفنه، وكان عثمان معتدل القامة، حسن الوجه، بوجهه أثر جدري، عظيم اللحية، أسمر اللون، أصلع يصفر لحيته، وتزوج ابنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسبب ذلك قيل له ذو النورين، وكان كاتبه مروان بن الحكم بن العاص ابن عمه، وقاضيه زيد بن ثابت.
وأما فضائله: فإِنه الذي جهز جيش العسرة بجملة من المال، وكان قد أصاب الناس مجاعة في غزوة تبوك، فاشترى عثمان طعاماً يصلح العسكر، وجهز به عيراً.
فلما وصل ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، رفع يده إِلى السماء وقال:" اللهم إِني قد رضيت عن عثمان، فارضَ عنه "، وروى الشعبي أن عثمان دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه عليه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كيف لا أستحي ممن تستحي منه الملائكة "، وانفتح بقتل عثمان باب الشر والفتن.
أخبار علي بن أبي طالب
رضي الله عنه
واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب، جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم علي فاطمة بنت أسد بن هاشم، فهو هاشمي ابن هاشميين، بويع بالخلافة يوم قتل عثمان، وقد اختلف في كيفية بيعته، فقيل: اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم طلحة
والزبير، فأتوا علياً وسألوه البيعة له، فقال: لا حاجة لي في أمركم، من اخترتم رضيت به، فقالوا: ما نختار غيرك، وترددوا إليه مراراً. وقالوا: إنا لا نعلم أحداً أحق بالأمر منك، ولا أقدمٍ منك سابقة ولا أقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أكون وزيراً خير من أنْ أكون أميراً. فأتوا عليه، فأتى المسجد، فبايعوه.
وقيل: بايعوه في بيته، وأول من بايعه طلحة بن عبد الله، وكانت يد طلحة مشلولة من نوبة أحد، فقال حبيب بن ذؤيب: إِنا لله، أول من بدأ بالبيعة يد شلاء، لا يتم هذا الأمر، وبايعه الزبير، وقال علي لهما: إنْ أحببتما أنْ تبايعا لي بايعا، وإن أحببتما بايعتكما فقالا: بل نبايعك، وقيل إِنهما قالا بعد ذلك: إنما بايعنا خشية على نفوسنا، ثم هربا إِلى مكة بعد مبايعة علي بأربعة أشهر، وجاءوا بسعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم، فقال له علي: بايع، فقال: لا، حتى يبايع الناس، والله ما عليك مني بأس فقال خلوا سبيله.
وكذلك تأخر عن البيعة عبد الله بن عمر، وبايعته الأنصار إِلا نفراً قليلاً، منهم حسان بن ثابت وكعب بن مالك، ومسلمة بن مخلد، وأبو سعيد الخدري، والنعمان ابن بشير، ومحمد بن مسلمة، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة وزيد بن ثابت وكان هؤلاء قد ولاهم عثمان على الصدقات وغيرها، وكذلك لم يبايع علياً سعيد بن زيد وعبد الله بن سلام،، صهيب بن سنان، وأسامة بن زيد، قدامة بن مطعون، والمغيرة بن شعبة،، سموا هؤلاء المعتزلة، لاعتزالهم بيعة علي.
وسار النعمان بن بشير إِلى الشام، ومعه ثوب عثمان الملطخ بالدم، فكان معاوية يعلق قميص عثمان على المنبر؛ ليحرض أهل الشام على قتال علي وأصحابه، وكلما رأى أهل الشام ذلك، ازدادوا غيظاً.
وقد روي في بيعة علي غير ذلك، فقيل: لما قتل عثمان، بقيصص المدينة خمسة أيام، والغافقي أمير المصريين ومن معه، يلتمسون من يجيبهم إلى القيام بالأمر فلا يجدونه، ووجدوا طلحة في حائط له ووجدوا سعداً والزبير قد خرجا من المدينة، ووجدوا بني أمية قد هربوا، وأتى المصريون علياً فباعدهم، وكذلك أتى الكوفيون الزبير، والبصريون طلحة فباعداهم، وكانواٍ مع اجتماعهم على قتل عثمان، مختلفين فيمن يلي الخلافة، حتى غشى الناس علياً فقالوا: نبايعك، فقد ترى ما نزل بالإسلام، وما ابتلينا به، فامتنع علي، فألحوا عليه، فقال: قد أجبتكم، واعلموا أني إِنْ أجبتكم، ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني، فإِنّما أنا كأحدكم. وافترق الناس على ذلك، وتشاوروا فيما بينهم، وقالوا: إن دخل طلحة والزبير فقد استَقامت البيعة، فبعث البصريون إِلى الزبير حكيم بن جبلة، ومعه نفر فجاءوا بالزبير كرهاً بالسيف، فبايع، وبعثوا إِلى طلحة الأشتر ومعه نفر، فأتوا بطلحة ولم يزالوا به حتى بايع، ولما أصبحوا يوم الجمعة، اجتمع الناس في المسجد، وصعد علي المنبر واستعفى من ذلك، فلم يعفوه، فبايعه أولاً طلحة، وقال: أنا أبايع مكرهاً، وكانت يد طلحة شلاء، فقيل هذا الأمر لا يتم، كما ذكرنا، وبايعه أهل المدينة من المهاجرين والأنصار، خلا من لم يبايع ممن ذكرنا. وكان ذلك يوم الجمعة،