الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان الغالب عليهم النصرانية، ثم أسلم منهم جماعة.
ومنها الألمان وهي من أكبر أمم النصارى، يسكنون في غربي القسطنطينية إلى الشمال، وملكهم كثير الجنود، وهو الذي سار إِلى صلاح الدين بن أيوب في مائة ألف مقاتل، فهلك ملك الألمان المذكور، وغالب عسكره في الطريق قبل أن يصلوا إِلى الشام، على ما سنذكر ذلك إِن شاء الله تعالى مع أخبار صلاح الدين المذكور.
ومنها البرجان وهم أيضاً أمة كبيرة، بل أمم كثيرة طاغية، قد فشا فيها التثليث، وبلادهم واغلة في الشمال، وأخبارهم وسير ملوكهم منقطعة عنا لبعدهم. وجفاء طباعهم. ومنها الإفرنج وهم أمم كثيرة، وأصل قاعدة بلادهم فرنجة، ويقال فرنسه، وهي مجاورة لجزيرة الأندلس من شماليها، ويقال لملكهم الفرنسيس، وهو الذي قصد ديار مصر وأخذ دمياط، ثم أسره المسلمون واستنقذوا دمياط منه، ومنوا عليه بالإِطلاق، وكان ذلك بعيد موت الملك الصالح أيوب بن الملك الكامل محمد ابن أبي بكر بن أيوب، على ما سنذكره في سنة ثمان وأربعين وستمائة للهجرة إِن شاء الله تعالى، وقد غلب الفرنج على معظم جزيرة الأندلس، ولهم في بحر الروم جزائر مشهورة مثل صقلية وقبرس وإقريطش وغيرها.
ومنهم الجنوية، منسوبون إِلى جنوة، وهي مدينة عظيمة، وبلاد كثيرة، وهي غربي القسطنطينية على بحر الروم. ومنها البنادقة، وهم أيضاً طائفة مشهورة، ومدينتهم تسمى البندقية، وهي على خليج يخرج من بحر الروم، يمتد نحو سبعمائة ميل في جهة الشمال والغرب، وهي قريبة من جنوة في البر، وبينهما نحو ثمانية أيام، وأما في البحر فبينهما أمد بعيد أكثر من شهرين، لأنهم يخرجون من شعبة البحر التي على طرفها البندقية، وقدرها سبعمائة ميل إِلى بحر الروم مشرقاً، ثم يسيرون فيه مغرباً إلى جنوة، وأما رومية فهي مدينة عظيمة، تقع غربي جنوة والبندقية، وهي مقر خليفتهم، واسمه البابا، وهي شمالي الأندلس بميلة إلى الشرق. ومن أمم النصارى، الجلالقة وهم أشد من الفرنج، وهم أمة يغلب عليهم الجهل والجفاء، ومن زيهم أنهم لا يغسلون ثيابهم، بل يتركونها عليهم إِلى أن تبلى، ويدخل أحدهم دار الآخر بدون استئذان، وهم كالبهائم، ولهم بلاد كثيرة في شمالي الأندلس، ومنها الباشقرد، وهم أمة كثيرة ما بين بلاد الألمان وبلاد إفرنجة، وملكهم وغالبهم نصارى، وفيه أيضاً مسلمون، وهم شرسو الأخلاق.
أمم الهند
وهم فرق كثيرة، قال الشهرستاني: ومن فرقهم الباسوية زعموا أن لهم رسولاً ملكاً روحانياً، نزل بصورة البشر، فأمرهم بتعظيم النار والتقرب إِليها بالطيب والذبائح، ونهاهم عن القتل والذبح لغير النار، وسن لهم أن يتوشحوا بخيط، يعقدونه من مناكبهم الأيامن إِلى تحت شمائلهم، وأباح لهم الزناء، وأمرهم بتعظيم البقر والسجود لها حيث رأوها، ويتضرعون في
التوبة إِلى التمسيح بها.
قال ومنهم اليهودية ومن مذهبهم أن لا يعافوا شيئاً، لأن الأشياء جميعها صنع الخالق، ويتقلدون بعظام الناس، ويمسحون رؤوسهم وأجسادهم بالرماد، ويحرمون الذبائح والنكاح، وجمع الأموال، ومنهم عبدة الشمس وعبدة القمر، ومنهم عبدة الأصنام، وهم معظمهم. ولهم أصنام عدّة، كل صنم لطائفة، ويكون لذلك الصنم شكل غير شكل الصنم الآخر، مثل أن يكون أحدها بأيد كثيرة، أو على شكل امرأة ومعه حيات، ونحو ذلك.
ومنهم عبّاد الماء ويقال لهم الجلهكينية، ويزعمون أن الماء ملك، وهو أصل كل شيء، وإذا أراد الرجل عبادة الماء تجرد وستر عورته، ثم دخل الماء حتى يصل إلى وسطه، فيقيم فيه ساعتين أو أكثر، ويأخذ مهما أمكنه من الرياحين فيقطعها صغاراً ويلقيها في الماء وهو يسبح، ويقرأ، وإذا أراد الانصراف، حرّك الماء بيده ثم أخذ منه، فنقّط على رأسه ووجهه، ثم يسجد وينصرف.
ومنهمٍ عباد النار ويقال لهم الإكنواطرية، وصورة عبادتهم لها أن يحفروا في الأرض أخدوداً مربعاً ويؤججوا النار فيه، ثم لا يدعون طعاماً لذيذاً ولا شراباً لطيفاً ولا ثوباً فاخراً ولا عطراً فائحاً ولا جوهراً نفيساً إِلا طرحوه في تلك النار، تقرّباً إِليها. وحرموا إِلقاء النفوس فيها، خلافاً لطائفة أخرى.
ومنهم البراهمة أصحاب الفكرة وهم أهل العلم بالفلك والنجوم، ولهم طريقة في أحكام النجوم تخالف طريقة منجمي الروم، والججم، وذلك أن أكثر أحكامهم باتصالات الثوابت، دون السيارات، وإنما سموا أصحاب الفكرة لأنهم يعظمون أمر الفكرة، ويقولون هو المتوسط بين المحسوس والمعقول، ويجتهدون كل الجهد حتى يصرفوا الفكر عن المحسوسات، فإِذا تجرد الفكر عن هذا العالم، تجلى له ذلك العالم، فربما يخبر عن المغيبات، وربما يوقع الوهم على حي فيقتله، وإنما يصرفون الفكر عن المحسوسات بالرياضة البليغة المجهدة، وبتغميض أعينهم أياماً، والبراهمة لا يقولون بالنبوات وينفونها بالكلية، ولهم على ذلك شبه مذكورة في الملل والنحل لا تليق بهذا المختصر. ومن كتاب ابن سعيد المغربي ونقله عن المسعودي: أنّ الهنود لا يرون إِرسال الريح من بطونهم قبيحاً، والسعال عندهم أقبح من الضراط، والجشاء أقبح من الفساء، ومما نقله عن المسعودي أيضاً: إِن الهنود يحرقون أنفسهم، وإذا أراد الرجل منهم ذلك أتى إِلى باب الملك واستأذنه في إحراق نفسه، فإذا أذن له ألبس ذلك الرجل أنواع الحرير المنقوش، وجعل على رأسه إِكليلاً من الريحان، وضربت الطبول والصنوج بين يديه، وقد أججت له النيران، ويدور كذلك في الأسواق وحوله أهله وأقاربه، حتى إِذا دنا من النار أخذ خنجراً بيده وشق به جوفه، ثم يهوي بنفسه في النار.
قال والزناء فيما بينهم مباح، قال ويعظمون نهر كنك، وهو نهر عظيم يجري في حدود الهند، من الشرق إِلى الغرب، وهو حاد الانصباب، وللهنود رغبة في إتلاف نفوسهم بالتغريق في هذا النهر، ويقتلون أنفسهم على