الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إليها فقتلته وأخذت بثأر أبيها.
ابتداء ملك اللخميين ملوك الحيرة
وهم المناذرة بنو عدي بن نصر بن ربيعة من ولد لخم بن عدي بن عمرو بن سبا.
ولما قتل جذيمة ملك بعده ابن أخته رقاش عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة، وكان لجذيمة عبد يقال له قصير، فاتفق معه عمرو بن عدي المذكور، وجدع أنف قصير وضربه بالسياط، وحضر قصير على تلك الحالة إلى الزباء على أنه مغاضب لعمرو، فصدقته الزباء وأمنت إليه لما رأت من حاله، وصار قصير يتجر للزباء، ويأخذ المال من مولاه، ويحضره إلى الزباء على أنه كسب متجرها، مرّة بعد أخرى، حتى أتى بقفل نحو ألف حمل من الصناديق، وأقفالها من داخل، وفيها رجال معتدون فلما شاهدت الزباء تلك الأحمال ارتابت منه وقالت:
ما للجمال مشيها وئيدا
…
أجندلاً يحملن أم حديدا
أم صرفاناً بارداً شديدا
…
أم الرجال جثماً قعودا
فلما دخلوا إِلى حصن الزباء، خرجت الرجال من الصناديق، وأخذوا المدينة عنوة، وقتلوا الزباء وأخذ قصير بثأر مولاه جذيمة، وطالت مدة ملك عمرو بن عدي المذكور.
ثم مات وملك بعده ابنه امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخمي، وكان يقال لامرئ القيس المذكور البدا، أي الأول.
ثم ملك بعد امرؤ القيس ابنه عمرو بن امرئ القيس وكان ملكه في أيام سابورذي الأكتاف، ثم ملك بعده أوس بن قلام العمليقي، ثم ملك آخر من العماليق، ثم رجع الملك إلى بني عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخميين المذكورين، وملك منهم امرؤ القيس من ولد عمرو بن امرئ القيس المذكور، عرف هذا امرؤ القيس الثاني بالمحرق، لأنه أول من عاقب بالنار، ثم ملك بعده ابنه النعمان الأعور بن امرئ القيس، وهو الذي بنى الخورنق والسدير، وبقي في الملك ثلاثين سنة، ثم تزهد وخرج من الملك في زمن بهرام جور بن يزدجرد، وهو الذي ذكره عدي بن زيد في قصيدته الرائية المشهورة بقوله:
وتدبر رب الخورنق إِذ أش
…
رف يوماً وللهدى تفكير
سره ماله وكثرة ما يم
…
لك والبحر معرض والسدير
فارعوى قلبه وقال وما غب
…
طة جى إِلى الممات بصير
ولما تزهد النعمان الأعور المذكور، ملك بعده ابنه المنذر بن النعمان. وانتهى ملكه في زمن فيزوز بن يزد جرد.
ثم ملك بعده ابنه الأسود بن المنذر، وهو الذي انتصر على غسان، عرب الشام، وأسر عدة من ملوكهم، وأراد الأسود المذكور أن يعفو عنهم، وكان
للأسود المذكور ابن عم يقال له أبو أذينة، قد قتل آل غسان له أخاً في بعض الوقائع، فقال أبو أذينة في ذلك قصيدته المشهورة يغري الأسود بقتلهم منها:
ما كل يوم ينال المرء ما طلبا
…
ولا يسوغه المقدار ما وهبا
وأحزم الناس من إِنْ فرصة عرضت
…
لم يجعل السبب الموصول منقضبا
وأنصف الناس في كل المواطن من
…
سقى المعادين بالكأس الذي شربا
وليس يظلمهم من راح يضربهم
…
بحد سيف به من قبلهم ضربا
والعفو إِلا عن الأكفاء مكرمة
…
من قال غيره الذي قد قلته كذبا
قتلت عمراً وتستبقي يزيد لقد
…
راًيت رأياً يجر الويل والحربا
لا تقطعن ذنب الأفعى وترسلها
…
إِنْ كنت شهماً فأتبع رأسها الذنبا
هم جردوا السيف فاجعلهم له جزراً
…
وأوقد النار فاجعلهم لها حطبا
إِن تعف عنهم يقول الناس كلهم
…
لم يعف حلماً ولكن عفوه رهبا
هم أهلة غسان ومجدهم
…
عال فإِن حاولوا ملكاً فلا عجبا
وعرضوا بفداء واصفين لنا
…
خيلاً وِإبلاً تروق العجم والعربا
أيحلبون دماً منّا ونحلبهم
…
رسلاً لقد شرفونا في الورى حلبا
علام تقبل منهم فدية وهم
…
لا فضة قبلوا منا ولا ذهبا
ونقلت ذلك من مجموع بخط القاضي شمس الدين بن خلكان، ورأيت في تاريخ ابن الأثير خلاف ذلك، فقال: إِن الأسود قتلته غسان، وانتصرت عليه غسان، ثم قال ابن الأثير وقيل غير ذلك، وانتهى ملك الأسود بن المنذر المذكور في زمن فيروز.
ثم ملك بعده أخوه المنذر بن المنذر بن النعمان الأعور، ثم ملك بعده علقمة الذميلي، وذميل بطن من لخم، ثم ملك بعده امرؤ القيس بن النعمان ابن امرئ القيس المحرق، وهو الذي قتل سنمار الذي بنى لامرئ القيس المذكور قصره، وفيه يقول المتلمس:
جزاني أبو لخم على ذات بيننا
…
جزاء سنمار وما كان ذا ذنب
ثم ملك بعده ابنه المنذر بن امرئ القيس، وكانت أم المنذر المذكور يقال لها، ماء السماء واشتهر المنذر المذكور بأمه، فقيل له المنذر بن ماء السماء، ولقبت بماء السماء لحسنها، واسمها ماوية بنت عوف بن جشم، وطرد كسرى قباذ المنذر المذكور عن ملك الحيرة، وملك موضعه الحارث بن عمرو بن حجر الكندي، لأن قباذ كان قد دخل في دين مردك، ووافقه الحارث ولم يوافقه المنذر فطرد لذلك، ثم لما تمكن كسرى أنوشروان بن قباذ المذكور في الملك، طرد الحارث وأعاد المنذر بن ماء السماء إِلى ملك الحيرة، وقد تقدم ذكر ذلك مع ذكر أنوشروان، في الفصل الثاني من هذا الكتاب.
ثم ملك بعد المنذر عمرو مضرط الحجارة، وهو ابن المنذر بن ماء السماء، وكان اسم أمه