المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْأَيَامَى من الاكفاء، إِذا عدم الْأَوْلِيَاء وأردن التَّزْوِيج. وَالسَّابِع: إِقَامَة - المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا = تاريخ قضاة الأندلس

[النباهي]

فهرس الكتاب

- ‌الْبَاب الأول فِي الْقَضَاء وَمَا ضارعه

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فِي الْخِصَال الْمُعْتَبرَة فِي الْقُضَاة

- ‌فصل

- ‌فصل فِي التحذير من الحكم بِالْبَاطِلِ أَو الْجَهْل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الْبَاب الثَّانِي فِي سير بعض الْقُضَاة الماضين وفقر من أنباء الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين

- ‌فصل

- ‌ذكر عبد السَّلَام بن سعيد بن حبيب الملقب بسحنون قَاضِي إفريقية

- ‌ذكر القَاضِي ابْن سماك الهمذاني

- ‌ذكر القَاضِي إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد بن زيد الْأَزْدِيّ

- ‌ذكر القَاضِي أبي عمر مُحَمَّد بن يُوسُف

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر الباقلاني

- ‌ذكر القَاضِي عبد الْوَهَّاب

- ‌ذكر القَاضِي مهْدي بن مُسلم

- ‌ذكر القَاضِي عنترة بن فلاح

- ‌ذكر القَاضِي يحيى بن زيد

- ‌ذكر القَاضِي مُعَاوِيَة بن صَالح الْحَضْرَمِيّ

- ‌ذكر القَاضِي نصر بن ظريف الْيحصبِي

- ‌ذكر القَاضِي يحيى بن معمر

- ‌ذكر القَاضِي المصعب بن عمرَان

- ‌نبذ من أَخْبَار مُحَمَّد بن بشير الْمعَافِرِي وَبَعض سيره

- ‌ذكر القَاضِي الْفرج بن كنَانَة

- ‌ذكر القَاضِي سعيد بن سُلَيْمَان الغافقي

- ‌ذكر القَاضِي معَاذ بن عُثْمَان الشَّعْبَانِي

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن زِيَاد اللَّخْمِيّ

- ‌نبذ من أَخْبَار سُلَيْمَان بن الْأسود الغافقي

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي عِيسَى

- ‌فصل

- ‌ذكر القَاضِي أسلم بن عبد الْعَزِيز

- ‌ذكر القَاضِي أَحْمد بن عبد الله بن أبي طَالب

- ‌ذكر القَاضِي أَحْمد بن بَقِي بن مخلد

- ‌ذكر مُنْذر بن سعيد ونبذ من أخباره

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن السَّلِيم

- ‌نبذ من أنباء مُحَمَّد بن يبْقى بن زرب

- ‌ذكر الْحسن بن عبد الله الجذامي قَاضِي رية

- ‌ذكر القَاضِي ابْن برطال وَالْقَاضِي أبي الْعَبَّاس بن ذكْوَان

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْمطرف بن فطيس

- ‌ذكر القَاضِي يحيى بن وَافد اللَّخْمِيّ

- ‌ذكر مُحَمَّد بن الْحسن الجذامي النباهي قَاضِي مالقة

- ‌ذكر القَاضِي إِسْمَاعِيل بن عباد وَابْنه مُحَمَّد

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْوَلِيد سُلَيْمَان الْبَاجِيّ

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْوَلِيد يُونُس بن مغيث

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن مَنْظُور

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْأَصْبَغ عِيسَى بن سهل

- ‌ذكر القَاضِي مُوسَى بن حَمَّاد

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْوَلِيد مُحَمَّد بن أَحْمد بن رشد

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْأنْصَارِيّ المالقي

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن عبد الله بن حسن المالقي

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْفضل عِيَاض الْيحصبِي

- ‌ذكر عِيسَى بن الملجوم قَاضِي فاس

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْحَاج

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْقَاسِم بن حمدين

- ‌ذكر القَاضِي حمدين بن حمدين

- ‌ذكر القَاضِي أبي مُحَمَّد عبد الله الوحيدي

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر بن الْعَرَبِيّ الْمعَافِرِي

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْمطرف عبد الرَّحْمَن الشّعبِيّ

- ‌ذكر القَاضِي عبد الْحق بن غَالب بن عَطِيَّة

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن سماك العاملي

- ‌ذكر القَاضِي عبد الْمُنعم بن الْفرس

- ‌ذكر القَاضِي الْحسن بن هاني اللَّخْمِيّ

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن أبي زمنين

- ‌ذكر القَاضِي ابْن رشد الْحَفِيد

- ‌ذكر القَاضِي أبي مُحَمَّد عبد الله بن حوط الله الْأنْصَارِيّ

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن النباهي

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن حسن بن صَاحب الصَّلَاة

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْخطاب أَحْمد بن وَاجِب الْقَيْسِي

- ‌ذكر القَاضِي إِبْرَاهِيم بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ الغرناطي

- ‌ذكر القَاضِي أَحْمد بن يزِيد بن بقى الْأمَوِي

- ‌ذكر القَاضِي ربيع بن عبد الرَّحْمَن بن ربيع الْأَشْعَرِيّ

- ‌ذكر القَاضِي أبي الرّبيع سُلَيْمَان الكلَاعِي

- ‌ذكر القَاضِي أَحْمد بن الغماز

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله بن عَسْكَر

- ‌ذكر القَاضِي يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن ربيع الْأَشْعَرِيّ

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن غَالب الْأنْصَارِيّ

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن أضحى الْهَمدَانِي

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن ربيع الْأَشْعَرِيّ

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد الأشبرون

- ‌ذكر القَاضِي غَالب بن حسن بن سيد بونة

- ‌ذكر القَاضِي أَحْمد بن الْحسن الجذامي

- ‌ذكر القَاضِي أبي عَليّ بن النَّاظر

- ‌ذكر القَاضِي الْحسن بن الْحسن الجذامي النباهي

- ‌ذكر القَاضِي أبي جَعْفَر المزدغي وَبَعض قُضَاة فاس بعده

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن يَعْقُوب المرسي

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله بن عبد الْملك المراكشي

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْعَبَّاس الغبريني

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله بن عبد الْمُهَيْمِن الْحَضْرَمِيّ

- ‌ذكر القَاضِي أبي إِسْحَاق الغافقي

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد اللَّخْمِيّ الْقُرْطُبِيّ

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن مَنْصُور التلمساني

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن عَليّ الْجُزُولِيّ ابْن الْحَاج

- ‌ذكر القَاضِي أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم التسولي شَارِح الرسَالَة

- ‌ذكر القَاضِي أبي تَمام غَالب بن سيد بونة الْخُزَاعِيّ

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن هِشَام

- ‌ذكر القَاضِي أبي جَعْفَر أَحْمد بن فركون

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر يحيى بن مَسْعُود الْمحَاربي وَابْنه أبي يحيى

- ‌ذكر القَاضِي مُحَمَّد بن يحيى بن بكر الْأَشْعَرِيّ

- ‌ذكر القَاضِي عُثْمَان بن مَنْظُور

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن عَيَّاش

- ‌ذكر القَاضِي أبي جَعْفَر أَحْمد بن برطال

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْقَاسِم الْخضر بن أبي الْعَافِيَة

- ‌ذكر القَاضِي أبي مُحَمَّد عبد الله بن يحيى الْأنْصَارِيّ

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن شبرين

- ‌ذكر القَاضِي أبي إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن يحيى بن زَكَرِيَّاء

- ‌ذكر القَاضِي أبي بكر مُحَمَّد بن عبيد الله بن مَنْظُور الْقَيْسِي

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد الطنجالي

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد السَّلَام المنستيري

- ‌ذكر القَاضِي أبي البركات الْمَعْرُوف بِابْن الْحَاج البلفيقي

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْقَاسِم بن سَلمُون

- ‌ذكر القَاضِي أبي عَمْرو عُثْمَان بن مُوسَى الْجَانِي

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله الْمقري التلمساني

- ‌ذكر القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد الفشتالي

- ‌ذكر القَاضِي أبي الْقَاسِم الشريف الغرناطي

الفصل: الْأَيَامَى من الاكفاء، إِذا عدم الْأَوْلِيَاء وأردن التَّزْوِيج. وَالسَّابِع: إِقَامَة

الْأَيَامَى من الاكفاء، إِذا عدم الْأَوْلِيَاء وأردن التَّزْوِيج. وَالسَّابِع: إِقَامَة الْحُدُود؛ فَإِن كَانَت من حُقُوق الله تَعَالَى، تفرد بإقامتها، إِمَّا بِإِقْرَار يتَّصل بِإِقَامَة الْحَد، وَإِمَّا بِبَيِّنَة أَو ظُهُور حمل من غير زوج؛ وَإِن كَانَت من حُقُوق الأدميين، فبطلب مستحقها. وَالثَّامِن: النّظر فِي الْمصَالح الْعَامَّة، من كف التَّعَدِّي فِي الطرقات والأفنية. وَإِخْرَاج مَالا يسْتَحق من الأجنحة والأفنية. وَالتَّاسِع: تصفى الشُّهُود، وتفقد الْأُمَنَاء، وَاخْتِيَار من يرتضيه لذَلِك. والعاشر: وُجُوه التَّسْوِيَة فِي الحكم بَين القوى والضعيف، وتوخي الْعدْل بَين الشريف والمشروف. وَمن الْإِكْمَال: لجمهور الْعلمَاء أَن للقضاة إِقَامَة الْحُدُود، وَالنَّظَر فِي جَمِيع الْأَشْيَاء، من إِقَامَة الْحُقُوق، وتغيير الْمَنَاكِير، وَالنَّظَر فِي الْمصَالح، قَامَ بذلك قَائِم، أَو اخْتصَّ بِحَق الله. وَحكمه عِنْدهم حكم الْوَصِيّ الْمُطلق الْيَد فِي كل شَيْء، إِلَّا مَا يخْتَص بضبط الْبَيْضَة من إعداد الجيوش، وجباية الْخراج. وَاخْتلف أَصْحَاب الشَّافِعِي هَل من نظره مَال الصَّدقَات، والتقديم للْجمع والأعياد، أم لَا، إِذا لم يكن على هَذَا وُلَاة مخصصون من السلطنة، على قَوْلَيْنِ؛ إِلَّا يَخْتَلِفُونَ، إِذا كَانَت هَذِه مُخْتَصَّة بِولَايَة من قبل السلطنة، أَنه لَا نظر لَهُ فِيهَا. وَذهب أَبُو حنيفَة أَنه لَا نظر لَهُ فِي إِقَامَة حد، وَلَا فِي مصلحَة، إِلَّا لطَالب مخاصم، وَلَا تَنْطَلِق يَده إِلَّا على مَا أذن لَهُ فِيهِ، وَحكمه حكم الْوَكِيل الْخَاص. وَمن كتاب الْإِعْلَام بنوازل الْأَحْكَام: خطة الْقَضَاء من أعظم الخطط قدرا، وأجلها خطراً، لَا سِيمَا إِذا اجْتمعت إِلَيْهَا الصَّلَاة. وعَلى القَاضِي مدَار الْأَحْكَام، وَإِلَيْهِ النّظر فِي جَمِيع وُجُوه الْقَضَاء.

‌فصل

وكل من ولى الحكم بَين الْمُسلمين، من أَمِير، أَو قَاض، أَو صَاحب شرطة، مسلط الْيَد. وكل مَا كَانَ فِي عقوبتهم من موت، وَكَانَ فِي حد من حُدُود الله تَعَالَى، وأدب لحق، فَهُوَ هدر؛ وَمَا أَتَى من ظلم بَين، مَشْهُور، مُعْتَمد، فَعَلَيهِ الْعود فِي عمده، وَالْعقل فِي خطائه. وَكَذَلِكَ مَا تعمد من إِتْلَاف مَال بِغَيْر حق، وَلَا شُبْهَة، فَذَلِك فِي مَاله، يَأْخُذ بِهِ الْمَظْلُوم إِن شَاءَ مِنْهُ، أَو من الْمَحْكُوم لَهُ بِهِ. من كتاب الِاسْتِغْنَاء لِابْنِ عبد الغفور. وَفِي الْمقنع: قَالَ سَحْنُون: وَإِذا قضى القَاضِي

ص: 6

على رجل يجوز فِي الْأَمْوَال، وَكَانَ الَّذِي قضى لَهُ بِالْمَالِ قد أكله، واستهلكه، وَلم يُوجد عِنْده، كَانَ مَا قضى بِهِ على الرجل على القَاضِي فِي مَاله. وَإِذا لم يجر فِي قَضَائِهِ، وَهُوَ عدل، رضىٍ، وَإِنَّمَا خطأ أخطأه، أَو غلط غلطه، لم يكن عَلَيْهِ شَيْء من خطئه. وَإِذا أقرّ القَاضِي على نَفسه أَنه جَار فِي قَضَائِهِ، إِذا كَانَ قَاضِيا، فِي قتل نفس، أَو قطع يَد، أَو قصاص، أَو جراح، فَمَا أقرّ بِهِ، أَو ثَبت عَلَيْهِ من غير إِقْرَار، أقيد مِنْهُ. قَالَ أَبُو أَيُّوب، فِي بَاب خطأ القَاضِي من الْكتاب الْمُسَمّى: وَقد أقاد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {وَأَبُو بكر، وَعمر رضي الله عنهما} من أنفسهم. وَمِمَّا تقرر فِي الشَّرِيعَة أَن حكم الْحَاكِم لَا يحل الْحَرَام، وَأَن الْفروج والدماء وَالْأَمْوَال سَوَاء، بِدَلِيل قَوْله صلى الله عليه وسلم {: إِنَّكُم تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض؛ فأقضى لَهُ على نَحْو مَا أسمع. فَمن قضيت لَهُ من حق أَخِيه شَيْئا، فَلَا يَأْخُذهُ، فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار} فَأجرى الله تَعَالَى أَحْكَام رَسُوله صلى الله عليه وسلم! على الظَّاهِر الَّذِي يستوى فِيهِ هُوَ وَغَيره من الْبشر، ليَصِح اقْتِدَاء أمته بِهِ فِي قضاياه، ويأتون مَا أَتَوا من ذَلِك على علم من سنته، إِذْ الْبَيَان بِالْفِعْلِ أولى من القَوْل وَأَرْفَع لاحْتِمَال اللَّفْظ: وَقَوله: " أَقْْضِي لَهُ على نَحْو مَا أسمع " احْتج بِهِ من لَا يُجِيز حكم الْحَاكِم بِعِلْمِهِ لقَوْله: فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض أَي أفطن لَهَا، وَقَوله: على نَحْو مَا أسمع؛ وَلم يقل: أعلم؛ وَمن يرى حكم الْحَاكِم بِعِلْمِهِ لَا يلْتَفت إِلَى مَا سمع، خَالف أَو وَافق. قَالَ عِيَاض: وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي حكم الْحَاكِم بِعِلْمِهِ، وَمَا سَمعه فِي مجْلِس نظره. فمذهب مَالك وَأكْثر أَصْحَابه أَن القَاضِي لَا يقْضِي فِي شَيْء من الْأَشْيَاء بِعِلْمِهِ، إِلَّا فِيمَا أقرّ بِهِ فِي مجْلِس قَضَائِهِ، خَاصَّة فِي الْأَمْوَال. وَبِه قَالَ الْأَوْزَاعِيّ، وَجَمَاعَة من أَصْحَاب ملك الْمَدَنِيين، وَغَيرهم، وحكوه عَن مَالك. وَقَالَ الشَّافِعِي فِي مَشْهُور قوليه، وَأَبُو ثَوْر، وَمن تبعهما، أَنه يقْضِي بِعِلْمِهِ فِي كل شَيْء من الْأَمْوَال، وَالْحُدُود، وَغير ذَلِك، مِمَّا سَمعه أَو رَآهُ قبل قَضَائِهِ وَبعده، وبمصره وَغَيره. وَذهب أَبُو حنيفَة إِلَى أَنه يقْضى بِمَا سَمعه فِي قَضَائِهِ وَفِي مصره، فِي الْأَمْوَال، لَا فِي الْحُدُود. انْتهى. وَوَقع كَذَلِك فِي الْمَسْأَلَة، بَين الْفُقَهَاء بقرطبة، اخْتِلَاف؛ فَذهب مِنْهُم أَبُو إِبْرَاهِيم، وَمُحَمّد بن الْعَطَّار، فِي آخَرين، إِلَى أَن القَاضِي لَهُ أَن يقْضِي بِعِلْمِهِ دون شُهُود. وَمَال قوم

ص: 7

إِلَى خلاف ذَلِك، وَقَالُوا: إِنَّمَا لم يقْض بِعِلْمِهِ، دون بَيِّنَة، لِأَن فِيهِ تَعْرِيض نَفسه للتهم، وإيقاعها فِي الظنون. وَقد كره رَسُول الله صلى الله عليه وسلم {الظَّن. قَالَ القَاضِي أَبُو الْأَصْبَغ بن سهل: وَهَذَا عِنْدِي الْقيَاس الصَّحِيح المطرد لمن قَالَ: لَا يقْضِي القَاضِي بِعِلْمِهِ، وَلَا بِمَا سمع فِي مجْلِس نظره، لَكِن الَّذِي قَالَه أَبُو إِبْرَاهِيم وَابْن الْعَطَّار، وَجرى بِهِ الْعَمَل، وَهُوَ عِنْدِي الِاسْتِحْسَان، ويعضده قَول مطرف، وَابْن الْمَاجشون، وَأصبغ فِي كتاب ابْن حبيب، أَن القَاضِي يقْضِي على من أقرّ عِنْده فِي مجْلِس نظره، بِمَا سمع مِنْهُم، وَإِن لم تحضره بَيِّنَة. وَقَالَهُ ابْن الْمَاجشون فِي الْمَجْمُوعَة، وَبِه أَخذ أَبُو سعيد سَحْنُون بن سعيد، وَقَالَهُ أصبغ فِي كِتَابه؛ وَهُوَ ظَاهر قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم} :" إِنَّمَا أَنا بشر، وَإِنَّكُمْ تخصمون إِلَيّ {فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض؛ فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ " الحَدِيث. وَقَوله عليه الصلاة والسلام} : " إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ وَإِنَّكُمْ تختصمون إِلَيّ {" مَعْنَاهُ حصره فِي البشرية بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاطِّلَاع على بواطن الْخُصُوم، لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى كل شَيْء؛ فَإِن للرسول صلى الله عليه وسلم} وَصَايَا كَثِيرَة. فللقاضي، على مَا تقرر فِي الْمَسْأَلَة من كَلَام ابْن سهل وَغَيره، أَن يقْضِي بِمَا صَحَّ عِنْده وسَمعه من أَمر الْخَصْمَيْنِ، وَأَن لَهُ أَن ينفذ ذَلِك بَينهمَا، ويمضيه من نظره وَحكمه. قَالَ مَالك: وَإِذا قضى بِمَا اخْتلف الْعلمَاء فِيهِ، فَحكمه نَافِذ. وللحاكم الْمُجْتَهد أَن يتَخَيَّر عَن الِاخْتِلَاف عَلَيْهِ، وَأَن يَأْخُذ بِمَا يرَاهُ أحوط لدينِهِ وَعرضه. قَالَ: وَإِن لم يكن على مَا قضى بِهِ مَذْهَب الْعلمَاء بذلك الْموضع، فَلَيْسَ لقاض بعده نقضه، وَلَا اعتراضه؛ وَإنَّهُ نَافِذ تَامّ؛ وَإِن ظهر لَهُ فِي نَفسه أَن قَول غير من أَخذ بقوله خير مِمَّا أَخذ بِهِ، كَانَ لَهُ نقضه هُوَ خَاصَّة، وَلم يكن ذَلِك لأحد بعده. وَفِي كتاب الْأَقْضِيَة من الْمُدَوَّنَة: إِذا تبين للْقَاضِي أَن الْحق فِي غير مَا قضى بِهِ، رَجَعَ عِنْده؛ وَإِنَّمَا لَا يرجع بِهِ فِيمَا قَضَت بِهِ الْقُضَاة مِمَّا اخْتلف فِيهِ. قَالَ صَاحب التَّنْبِيهَات: حمل أَكْثَرهم مذْهبه فِي الْكتاب على أَن الرُّجُوع لَهُ، كَيفَ كَانَ حَاله من وهم أَو انْتِقَال رأى، وَهُوَ قَول مطرف وَعبد الْملك. وَوَقع فِي منتخب ابْن مغيث: وتنقسم أَحْكَام الْقُضَاة، على مَذْهَب مَالك وَجَمِيع أَصْحَابه، على ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهمَا فِي الحكم الْعدْل الْعَالم: فأحكامه كلهَا نَافِذَة على الْجَوَاز،

ص: 8