الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا ذُكِرَ فِي تُسْتَرَ
33813 -
حَدَّثَنَا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَشِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ أَبُو مُوسَى بِالنَّاسِ عَلَى الْهُرْمُزَانِ وَمَنْ مَعَهُ بِتُسْتَرَ ، قَالَ: أَقَامُوا سَنَةً أَوْ نَحْوَهَا لَا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْهُرْمُزَانُ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ دَهَاقِنَتَهُمْ وَعُظَمَائِهِمْ ، فَانْطَلَقَ أَخُوهُ حَتَّى أَتَى أَبَا مُوسَى، فَقَالَ:«مَا يُجْعَلُ لِي إِنْ دَلَلْتُكَ عَلَى الْمَدْخَلِ؟» قَالَ: سَلْنِي مَا شِئْتَ ، قَالَ:«أَسْأَلُكَ أَنْ تَحْقِنَ دَمِي وَدِمَاءَ أَهْلِ بَيْتِي وَتُخْلِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَا فِي أَيْدِينَا مِنْ أَمْوَالِنَا وَمَسَاكِنِنَا» ، قَالَ: فَذَاكَ لَكَ ، قَالَ: ابْغِنِي إِنْسَانًا سَابِحًا ذَا عَقْلٍ وَلُبٍّ يَأْتِيكَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ ، قَالَ: فَأَرْسَلَ أَبُو مُوسَى إِلَى مَجْزَأَةَ بْنِ ثَوْرٍ السَّدُوسِيِّ فَقَالَ لَهُ: ابْغِنِي رَجُلًا مِنْ قَوْمِكَ سَابِحًا ذَا عَقْلٍ وَلُبٍّ ، وَلَيْسَ بِذَاكَ فِي خَطَرِهِ ، فَإِنْ أُصِيبَ كَانَ مُصَابُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ يَسِيرًا ، وَإِنْ سَلِمَ جَاءَنَا سَبٌّ ، فَإِنِّي لَا أَدْرِي مَا جَاءَ بِهِ هَذَا الدِّهْقَانُ وَلَا آمَنَ لَهُ وَلَا أَثِقُ بِهِ ، قَالَ: فَقَالَ مَجْزَأَةُ: قَدْ وَجَدْتُ ، قَالَ: مَنْ هُوَ؟ فَأْتِ بِهِ ، قَالَ ، أَنَا هُوَ ، قَالَ أَبُو مُوسَى: يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، مَا هَذَا أَرَدْتُ فَابْغِنِي رَجُلًا ، قَالَ: فَقَالَ مَجْزَأَةُ بْنُ ثَوْرٍ: وَاللَّهِ لَا أَعْمِدُ إِلَى عَجُوزٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ أَتَدَايَنُ أُمَّ مَجْزَأَةَ بِابْنِهَا؟ ، قَالَ: أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فَسِرْ ، فَلَبِسَ الثِّيَابَ الْبِيضَ وَأَخَذَ مِنْدِيلًا وَأَخَذَ مَعَهُ خِنْجَرًا ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى الدِّهْقَانِ حَتَّى سَنَحَ ، فَأَجَازَ الْمَدِينَةَ فَأَدْخَلَهُ مِنْ مَدْخَلِ الْمَاءِ حَيْثُ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ ، قَالَ: فَأَدْخَلَهُ فِي مَدْخَلٍ شَدِيدٍ يَضِيقُ بِهِ أَحْيَانًا حَتَّى يَنْبَطِحَ عَلَى بَطْنِهِ ، وَيَتَّسِعَ أَحْيَانًا فَيَمْشِي قَائِمًا ، وَيَحْبُو فِي بَعْضِ ذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ ، وَقَدْ أَمَرَ أَبُو مُوسَى أَنْ يَحْفَظَ طَرِيقَ بَابِ الْمَدِينَةِ وَطَرِيقَ السُّوقِ وَمَنْزِلَ الْهُرْمُزَانِ ، فَانْطَلَقَ بِهِ الدِّهْقَانُ حَتَّى أَرَاهُ طَرِيقَ السُّورِ وَطَرِيقَ الْبَابِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَنْزِلِ الْهُرْمُزَانِ ، وَقَدْ كَانَ أَبُو مُوسَى أَوْصَاهُ أَنْ «لَا تَسْبِقَنِي بِأَمْرٍ» فَلَمَّا رَأَى الْهُرْمُزَانَ قَاعِدًا وَحَوْلَهُ دَهَاقِنَتُهُ وَهُوَ يَشْرَبُ فَقَالَ لِلدِّهْقَانِ: هَذَا الْهُرْمُزَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ ، قَالَ: هَذَا الَّذِي لَقِيَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُ مَا لَقُوا ، أَمَا وَاللَّهِ لَأُرِيحَنَّهُمْ مِنْهُ ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الدِّهْقَانُ: لَا تَفْعَلْ فَإِنَّهُمْ يُحْرِزُونَ وَيَحُولُونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ دُخُولِ هَذَا الْمَدْخَلِ ، فَأَبَى مَجْزَأَةُ إِلَّا أَنْ يَمْضِيَ عَلَى رَأْيِهِ عَلَى قَتْلِ الْعِلْجِ ، فَأَدَارَهُ الدِّهْقَانُ وَالْأَصَبُّ أَنْ يَكُفَّ عَنْ قَتْلِهِ ، فَأَبَى ، فَذَكَرَ الدِّهْقَانُ قَوْلَ أَبِي مُوسَى لَهُ: " اتَّقِ أَنْ لَا تَسْبِقَنِي بِأَمْرٍ ، فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَكَ صَاحِبُكَ أَنْ لَا تَسْبِقَهُ بِأَمْرٍ ، فَقَالَ: هَا أَنَا وَاللَّهِ لَأُرِيحَنَّهُمْ مِنْهُ ، فَرَجَعَ مَعَ الدِّهْقَانِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَقَامَ يَوْمَهُ حَتَّى أَمْسَى ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي مُوسَى فَنَدَبَ أَبُو مُوسَى النَّاسَ مَعَهُ ، فَانْتَدَبَ ثَلَاثَمِائَةٍ وَنَيِّفٍ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَلْبَسَ الرَّجُلَ ثَوْبَيْنِ لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ ، وَسَيْفَهُ ، فَفَعَلَ الْقَوْمُ ، قَالَ فَقَعَدُوا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ يَنْتَظِرُونَ مَجْزَأَةَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى يُوصِيهِ وَيَأْمُرُهُ ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ: وَلَيْسَ لَهُمْ هُمْ غَيْرُهُ يُشِيرُ إِلَى الْمَوْتِ ، لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا يَصْنَعُ ، وَالْمَائِدَةُ مَوْضُوعَةٌ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ اسْتَحَى أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ مِنَ الْمَائِدَةِ شَيْئًا ، قَالَ: فَتَنَاوَلَ حَبَّةً مِنْ عِنَبٍ فَلَاكَهَا ، فَمَا قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسِيغَهَا وَأَخَذَهَا رُوَيْدًا فَنَبَذَهَا تَحْتَ الْخِوَانِ ، وَوَدَّعَهُ أَبُو مُوسَى وَأَوْصَاهُ فَقَالَ: مَجْزَأَةُ لِأَبِي مُوسَى: إِنِّي أَسْأَلُكَ شَيْئًا فَأَعْطِنِيهِ
⦗ص: 564⦘
قَالَ: لَا تَسْأَلنِي شَيْئًا إِلَّا أَعْطَيْتُكَهُ ، قَالَ: فَأَعْطِنِي سَيْفَكَ أَتَقَلَّدُهُ إِلَى سَيْفِي ، فَدَعَا لَهُ بِسَيْفِهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، فَذَهَبَ إِلَى الْقَوْمِ وَهُمْ يَنْظُرُونَهُ حَتَّى كَانَ فِي وَسَطِهِ مِنْهُمْ فَكَبَّرَ وَوَقَعَ فِي الْمَاءِ وَوَقَعَ الْقَوْمُ جَمِيعًا ، قَالَ: يَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ: كَأَنَّهُمُ الْبَطُّ فَسَبَحُوا حَتَّى جَاوَزُوا ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِهِمْ إِلَى الثُّقْبِ الَّذِي يَدْخُلُ الْمَاءُ مِنْهُ فَكَبَّرَ ، ثُمَّ دَخَلَ فَلَمَّا أَفْضَى إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَظَرَ لَمْ يَقُمْ مَعَهُ إِلَّا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ أَوْ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رَجُلًا ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَلَا أَعُودُ إِلَيْهِمْ فَأُدْخِلَهُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ الْجَبَانُ لِشَجَاعَتِهِ: غَيْرُكَ فَلْيَقُلْ هَذَا يَا مَجْزَأَةُ ، إِنَّمَا عَلَيْكَ نَفْسَكَ ، فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ ، فَقَالَ لَهُ: أَصَبْتَ ، فَمَضَى بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ إِلَى الْبَابِ فَوَضَعَهُمْ عَلَيْهِ وَمَضَى بِطَائِفَةٍ إِلَى السُّورِ ، وَمَضَى بِمَنْ بَقِيَ حَتَّى صَعِدَ إِلَى السُّورِ ، فَانْحَدَرَ عَلَيْهِ عِلْجٌ مِنَ الْأَسَاوِرَةِ مَعَهُ ، فَنَزَلَ فَطَعَنَ مَجْزَأَةُ فَأَثْبَتَهُ ، فَقَالَ مَجْزَأَةُ: امْضُوا لِأَمْرِكُمْ ، لَا يَشْغَلَنَّكُمْ عَنِّي شَيْءٌ ، فَأَلْقَوْا عَلَيْهِ بَرْذعَةً لِيَعْرِفُوا مَكَانَهُ وَمَضَوْا ، وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى السُّورِ وَعَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ وَفَتَحُوا الْبَابَ وَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى عَادَتِهِمْ حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ ، قَالَ: قِيلَ لَلْهُرْمُزَانِ: هَذَا الْعَرَبُ قَدْ دَخَلُوا ، قَالَ: لَا شَكَّ أَنَّهُمْ قَدْ رَحَسُوهَا ، قَالَ: مِنْ أَيْنَ دَخَلُوا؟ أَمِنَ السَّمَاءِ ، قَالَ: وَتَحَصَّنَ فِي قَصَبَةٍ لَهُ ، وَأَقْبَلَ أَبُو مُوسَى يَرْكُضُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ عَرَبِيٍّ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ عَلَى النَّاسِ ، قَالَ: لَكِنْ نَحْنُ يَا أَبَا حَمْزَةَ لَمْ نَصْنَعِ الْيَوْمَ شَيْئًا ، وَقَدْ قَتَلُوا مِنَ الْقَوْمِ مَنْ قَتَلُوا ، وَأَسَرُوا مَنْ أَسَرُوا ، وَأَطَافُوا بِالْهُرْمُزَانِ لِقَصَبَتِهِ إِلَيْهِ حَتَّى أَمِنُوهُ ، وَنَزَلَ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ: فَبَعَثَ بِهِمْ أَبُو مُوسَى مَعَ أَنَسٍ الْهُرْمُزَانَ وَأَصْحَابَهُ ، فَانْطَلَقُوا بِهِمْ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنَسٌ: مَا تَرَى فِي هَؤُلَاءِ؟ أَدْخِلْهُمْ عُرَاةً مُكَتَّفِينَ ، أَوْ آمُرُهُمْ فَيَأْخُذُونَ حُلِيَّهُمْ وَبُرْمَتَهُمْ ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ ، لَوْ أَدْخَلْتَهُمْ كَمَا تَقُولُ عُرَاةً مُكَتَّفِينَ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى أَنْ يَكُونُوا أَعْلَاجًا ، وَلَكِنْ أَدْخِلْهُمْ عَلَيْهِمْ حُلِيُّهُمْ وَبُرْمَتُهُمْ حَتَّى يَعْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَأَمَرَهُمْ فَأَخَذُوا بُرْمَتَهُمْ وَحُلِيَّهُمْ وَدَخَلُوا عَلَى عُمَرَ ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ عَلِمْتَ كَيْفَ كُنَّا وَكُنْتُمْ إِذْ كُنَّا عَلَى ضَلَالَةٍ جَمِيعًا ، كَانَتِ الْقَبِيلَةُ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ تَرْمِي نُشَّابَةَ بَعْضِ أَسَاوِرَتِنَا فَيَهْرُبُونَ إِلَى الْأَرْضِ الْبَعِيدَةِ ، فَلَمَّا هَدَاكُمُ اللَّهُ فَكَانَ مَعَكُمْ لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نُقَاتِلَهُ ، فَرَجَعَ بِهِمْ أَنَسٌ ، فَلَمَّا أَمْسَى عُمَرُ أَرْسَلَ إِلَى أَنَسٍ أَنِ اغْدُ عَلَيَّ بِأَسْرَاكَ أَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ ، فَأَتَاهُ أَنَسٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا عُمَرُ مَا ذَاكَ لَكَ ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنَّكَ قَدْ قُلْتُ لِلرَّجُلِ: تَكَلَّمَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ ، قَالَ: لَتَأْتِينِي عَلَى هَذَا بِبُرْهَانٍ أَوْ لَأَسُوءَنَّكَ ، قَالَ: فَسَأَلَ أَنَسٌ الْقَوْمَ جُلَسَاءَ عُمَرَ فَقَالَ: أَمَا قَالَ عُمَرُ لِلرَّجُلِ: «تَكَلَّمَ فَلَا بَأْسَ عَلَيْكَ» قَالُوا: بَلَى؟ فَكَبَّرَ ذَلِكَ عَلَى عُمَرَ ، قَالَ: أَمَا رَفَعَ عُمَرُ يَدَيْهِ فَأَخْرَجَهُمْ عَنِّي ، فَسَيَّرَهُمْ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا «دَهْلَكَ» فِي الْبَحْرِ ، فَلَمَّا تَوَجَّهُوا بِهِمْ رَفَعَ عُمَرُ يَدَيْهِ فَقَالَ:«اللَّهُمَّ اكْسِرْهَا بِهِمْ ثَلَاثًا» فَرَكِبُوا السَّفِينَةَ فَانْدَقَّتْ بِهِمْ وَانْكَسَرَتْ ، وَكَانَتْ قَرِيبَةً مِنَ الْأَرْضِ فَخَرَجُوا ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: لَوْ دَعَا أَنْ يُغْرِقَهُمْ لَغَرِقُوا ، وَلَكِنْ إِنَّمَا قَالَ:«اكْسِرْهَا بِهِمْ» قَالَ: فَأَقَرَّهُمْ