الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الْمِقْدَارَ هُوَ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا. (1)
وَاخْتَارَ أَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا شَاخِصٌ يَتَّصِل بِهَا، كَالْبِنَاءِ وَالْبَابِ وَلَوْ مَفْتُوحًا، فَلَا اعْتِبَارَ بِالآْجُرِّ غَيْرِ الْمَبْنِيِّ، وَلَا الْخَشَبِ غَيْرِ الْمَسْمُورِ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ، لَكِنَّهُمْ لَمْ يُقَدِّرُوا ارْتِفَاعَ الشَّاخِصِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْكَعْبَةِ إِذَا سَجَدَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَاخِصٌ، اخْتَارَهَا الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ. (2)
اسْتِقْبَال الْبَعِيدِ عَنْ مَكَّةَ:
19 -
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَكْفِي الْمُصَلِّي الْبَعِيدَ عَنْ مَكَّةَ اسْتِقْبَال جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِاجْتِهَادٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إصَابَةُ الْعَيْنِ، فَيَكْفِي غَلَبَةُ ظَنِّهِ أَنَّ الْقِبْلَةَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي أَمَامَهُ، وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ أَنَّهُ مُسَامِتٌ وَمُقَابِلٌ لَهَا.
وَفَسَّرَ الْحَنَفِيَّةُ جِهَةَ الْكَعْبَةِ بِأَنَّهَا الْجَانِبُ الَّذِي إِذَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ الإِْنْسَانُ يَكُونُ مُسَامِتًا لِلْكَعْبَةِ، أَوْ هَوَائِهَا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْرِيبًا.
وَاسْتَدَلُّوا بِالآْيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (3) وَقَالُوا: شَطْرَ الْبَيْتِ نَحْوَهُ وَقِبَلَهُ، كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ
(1) نهاية المحتاج 1 / 406، والمجموع 3 / 194.
(2)
كشاف القناع 1 / 274.
(3)
سورة البقرة / 144 ص.
وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ (1)
وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنَ الأَْمَاكِنِ الْمَقْطُوعِ بِقِبْلَتِهَا، عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي اسْتِقْبَال الْمَحَارِيبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لاِبْنِ الْقَصَّارِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ تَلْزَمُ إصَابَةُ الْعَيْنِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} أَيْ جِهَتَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْجِهَةِ هُنَا الْعَيْنُ؛ وَكَذَا الْمُرَادُ بِالْقِبْلَةِ هُنَا الْعَيْنُ أَيْضًا، لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قِبَل الْكَعْبَةِ، وَقَال: هَذِهِ الْقِبْلَةُ فَالْحَصْرُ هُنَا يَدْفَعُ حَمْل الآْيَةِ عَلَى الْجِهَةِ. وَإِطْلَاقُ الْجِهَةِ عَلَى الْعَيْنِ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (2) .
اسْتِقْبَال أَهْل الْمَدِينَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا:
20 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى أَهْل الْمَدِينَةِ - كَغَيْرِهَا - الاِجْتِهَادُ لإِِصَابَةِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ، وَهُوَ جَارٍ مَعَ الأَْصْل فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ.
(1) رد المحتار 1 / 287، والدسوقي 1 / 224، والشرح الكبير مع المغني 1 / 489. وحديث " ما بين المشرق. . . إلخ " أخرجه الترمذي (2 / 171، 173 ط الحلبي) وقواه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي.
(2)
الدسوقي 1 / 224، ونهاية المحتاج 1 / 407، 418، والجمل 1 / 313، والشرح الكبير مع المغني 1 / 489. وحديث:" ركع ركعتين قبل الكعبة. . . إلخ " أخرجه البخاري (1 / 501 - الفتح ط السلفية) ومسلم (2 / 968 ط الحلبي) .