الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَكَّةَ، اعْتَزَل عَبْدُ الرَّحْمَنِ الطَّرِيقَ، ثُمَّ قَال لِرَبَاحِ بْنِ الْمُغْتَرِفِ: غَنِّنَا يَا أَبَا حَسَّانَ، وَكَانَ يُحْسِنُ النَّصْبَ - وَالنَّصْبُ ضَرْبٌ مِنَ الْغِنَاءِ - فَبَيْنَا رَبَاحٌ يُغَنِّيهِ أَدْرَكَهُمْ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ فَقَال: مَا هَذَا؟ فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا بَأْسٌ بِهَذَا؟ نَلْهُو وَنُقَصِّرُ عَنَّا السَّفَرَ، فَقَال عُمَرُ: فَإِنْ كُنْتَ آخِذًا فَعَلَيْكَ بِشِعْرِ ضِرَارِ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ مِرْدَاسٍ فَارِسِ قُرَيْشٍ (1) .
وَكَانَ عُمَرُ يَقُول. الْغِنَاءُ مِنْ زَادِ الرَّاكِبِ (2) ، وَهَذَا يَدُل عَلَى إبَاحَةِ الْغِنَاءِ لِتَرْوِيحِ النَّفْسِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يَأْمُرُ بِالْحُدَاءِ (3) .
د -
الاِسْتِمَاعُ إلَى الْهَجْوِ وَالنَّسِيبِ:
23 -
يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَامِ - سَوَاءٌ أَكَانَ مَوْزُونًا (كَالشِّعْرِ) أَمْ غَيْرَ مَوْزُونٍ، مُلَحَّنًا (كَالْغِنَاءِ) أَمْ غَيْرَ مُلَحَّنٍ - حَتَّى يَحِل اسْتِمَاعُهُ أَلَاّ يَكُونَ فَاحِشًا، وَلَيْسَ فِيهِ هَجْوٌ، وَلَا كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا عَلَى الصَّحَابَةِ، وَلَا وَصْفُ امْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَإِنِ اُسْتُمِعَ إلَى شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، فَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ الْقَائِل فِي الإِْثْمِ. (4)
(1) الأثر عن السائب بن يزيد أخرجه البيهقي، وأورده ابن حجر في الإصابة دون تعقيب (سنن البيهقي 10 / 224 ط مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند 1355 هـ، والإصابة في تمييز الصحابة 1 / 502) .
(2)
سنن البيهقي 5 / 68، والمغني 9 / 175.
(3)
مصنف ابن أبي شيبة 1 / 177 مخطوط استانبول.
(4)
إحياء علوم الدين 2 / 282، وانظر الفتاوى الهندية 5 / 352. والنسيب هو في الشعر: الرقيق منه المتغزل به في النساء، يقال: نسب الشاعر بالمرأة: عرض بهواها وحبها. (المصباح المنير، والمعجم الوسيط مادة: نسب) .
أَمَّا هِجَاءُ الْكُفَّارِ وَأَهْل الْبِدَعِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَدْ كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ شَاعِرُ رَسُول اللَّهِ يُهَاجِي الْكُفَّارَ بِعِلْمِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَمْرِهِ، وَقَدْ قَال لَهُ عليه الصلاة والسلام: اُهْجُهُمْ أَوْ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيل مَعَكَ (1)
وَأَمَّا النَّسِيبُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَقَدْ كَانَ يُقَال أَمَامَ رَسُول اللَّهِ وَهُوَ يَسْتَمِعُ إلَيْهِ فَقَدِ اسْتَمَعَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إلَى قَصِيدَةِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُول
مَعَ مَا فِيهَا مِنَ النَّسِيبِ. (2)
النَّوْعُ الثَّانِي:
اسْتِمَاعُ صَوْتِ الْحَيَوَانِ:
24 -
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ اسْتِمَاعِ أَصْوَاتِ الْحَيَوَانَاتِ، سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الأَْصْوَاتُ قَبِيحَةً كَصَوْتِ الْحِمَارِ وَالطَّاوُوسِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ عَذْبَةً مَوْزُونَةً كَأَصْوَاتِ الْعَنَادِل وَالْقَمَارِيِّ وَنَحْوِهَا، قَال الْغَزَالِيُّ:
(1) حديث: " اهجهم وجبريل معك ". أخرجه البخاري ومسلم مرفوعا من حديث البراء بن عازب (اللؤلؤ والمرجان ص 273 نشر وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت، وجامع الأصول 5 / 74 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ) .
(2)
حديث: " استمع صلوات الله وسلامه عليه إلى قصيدة كعب بن زهير " قال ابن هشام: أورد محمد بن إسحاق هذه القصيدة ولم يذكر لها إسنادا وقد رواها الحافظ البيهقي في دلائل النبوة بإسناد متصل. وقال أبو عمر في الاستيعاب: إن كعب بن زهير قدم على رسول الله صلى الله عل (البداية والنهاية 3 / 369 - 372 ط مطبعة السعادة 1351 هـ، والاستيعاب 3 / 1313 - 1314 نشر مكتبة نهضة مصر، والإصابة في تمييز الصحابة 3 / 295 ط مكتبة المثنى ببغداد) .