الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّصْرُ} (1) وَلِقَوْلِهِ: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (2) وَهِيَ مِنْ قَبِيل الْعَوْنِ وَالنَّجْدَةِ، كَمَا قَال تَعَالَى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (3)
الْقِسْمُ الثَّانِي: الاِسْتِغَاثَةُ بِالرَّسُول صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَالْخِلَافُ فِيهَا.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتَغِيثَ الْعَبْدُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مُتَقَرِّبًا بِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، كَأَنْ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَفْعَل كَذَا كَمَا سَيَأْتِي.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: الاِسْتِغَاثَةُ بِذَاتِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَمَا سَيَأْتِي.
أَنْوَاعُ الاِسْتِغَاثَةِ بِالْخَلْقِ:
7 -
وَالاِسْتِغَاثَةُ بِالْخَلْقِ - فِيمَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ - تَكُونُ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ:
أَوَّلُهَا: أَنْ يَسْأَل اللَّهَ بِالْمُتَوَسَّل بِهِ تَفْرِيجَ الْكُرْبَةِ، وَلَا يَسْأَل الْمُتَوَسَّل بِهِ شَيْئًا، كَقَوْل الْقَائِل: اللَّهُمَّ بِجَاهِ رَسُولِكَ فَرِّجْ كُرْبَتِي. وَهُوَ عَلَى هَذَا سَائِلٌ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَمُسْتَغِيثٌ بِهِ، وَلَيْسَ مُسْتَغِيثًا بِالْمُتَوَسَّل بِهِ.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَيْسَتْ شِرْكًا، لأَِنَّهَا اسْتِغَاثَةٌ بِاَللَّهِ تبارك وتعالى، وَلَيْسَتِ اسْتِغَاثَةً بِالْمُتَوَسَّل بِهِ؛ وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْحِل وَالْحُرْمَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
(1) سورة الأنفال / 72.
(2)
سورة القصص / 15.
(3)
فتاوى ابن تيمية 1 / 103، 104، والاستغاثة في الرد على البكري 1 / 124، والآية من سورة المائدة / 2.
8 -
الْقَوْل الأَْوَّل: جَوَازُ التَّوَسُّل بِالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ حَال حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ مَمَاتِهِمْ. قَال بِهِ مَالِكٌ، وَالسُّبْكِيُّ، وَالْكَرْمَانِيُّ، وَالنَّوَوِيُّ، وَالْقَسْطَلَاّنِيُّ، وَالسَّمْهُودِيُّ، وَابْنُ الْحَاجِّ، وَابْنُ الْجَزَرِيِّ (1) .
9 -
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الاِسْتِغَاثَةِ بِالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا مَا وَرَدَ مِنَ الأَْدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْل أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا إِلَيْكَ (2) ".
وَمِنْهَا مَا قَالَهُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي الدُّعَاءِ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أُسْدٍ اغْفِرْ لأُِمِّي فَاطِمَةَ بِنْتِ أُسْدٍ، وَوَسِّعْ عَلَيْهَا مُدْخَلَهَا، بِحَقِّ نَبِيِّك وَالأَْنْبِيَاءِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِي،
(1) القسطلاني 8 / 304، والمجموع للنووي 8 / 274، والمواهب اللدنية 8 / 303 - 305، ووفاء الوفا 3 / 1371، 1372، 1376، والمدخل لابن الحاج 2 / 249، والحصن الحصين وجلاء العينين 1 / 436.
(2)
حديث " أسألك بحق السائلين. . . ". أخرجه ابن ماجه وسمويه وابن السني من حديث أبي سعيد الخدري. قال الحافظ البوصيري في الزوائد تعليقا على رواية ابن ماجه: هذا إسناد مسلسل بالضعفاء، عطية - وهو العوفي - وفضل بن مرزوق، والفضل بن الموفق كلهم ضعفاء. لكن رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق فضل بن مرزوق، فهو صحيح عنده. قال المنذري: ذكره رزين، ولم أره في شيء من الأصول التي جمعها، إنما رواه ابن ماجه بإسناد فيه مقال، وحسنه شيخنا الحافظ أبو الحسن. وحكم الألباني بضعفه وبين وجوه ضعف الحديث بمختلف طرقه. (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 256 ط عيسى الحلبي 1352 هـ، والفتح الكبير 3 / 188 - 189 ط مصطفى البابي 1350 هـ، والترغيب والترهيب 3 / 272 نشر المكتبة التجارية 1380 هـ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة، والموضوعة 1 / 34 نشر المكتب الإسلامي) .
فَإِنَّك أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. (1)
وَمِنَ الأَْدِلَّةِ حَدِيثُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي (2) .
وَمَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى مُوسَى وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ وَالصَّلَاةُ تَسْتَدْعِي حَيَاةَ الْبَدَنِ. (3)
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {
(1) دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أسد. أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط ضمن قصة مطولة من حديث أنس بن مالك، قال الهيثمي: وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرجه أيضا أبو نعيم في الحلية، وقال: غريب من حديث عاصم والثوري، لم نكتبه إلا من حديث روح بن صلاح تفرد به. وحكم الألباني بضعفه (مجمع الزوائد 9 / 256 - 257 نشر مكتبة القدسي 1353 هـ، وحلية الأولياء 3 / 121 ط مكتبة الخانجي ومطبعة السعادة 1352 هـ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة 1 / 32 ح 23 نشر المكتب الإسلامي) .
(2)
حديث " من زار قبري. . . ". أخرجه ابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان والدارقطني من حديث ابن عمر مرفوعا، ورمز الألباني إلى أنه منكر (الفتح الكبير 3 / 195 ط مصطفى الحلبي 1350 هـ، وسنن الدارقطني 2 / 278 ط شركة الطباعة الفنية، وإرواء الغليل 4 / 336 نشر المكتب الإسلامي 1399 هـ، وضعيف الجامع الصغير 5 / 202 نشر المكتب الإسلامي) .
(3)
حديث " إن النبي صلى الله عليه وسلم مر على موسى وهو قائم. . . ". أخرجه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا بلفظ " مررت على موسى وهو قائم يصلي في قبره " وزاد في حديث عيسى بن يونس " مررت ليلة أسري بي " (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 4 / 1845 ط عي
وَكَانُوا مِنْ قَبْل يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} (1) أَنَّهُ قَال: كَانَ أَهْل خَيْبَرَ تُقَاتِل غَطَفَانَ، كُلَّمَا الْتَقَتَا هَزَمَتْ غَطَفَانُ الْيَهُودَ، فَدَعَتِ الْيَهُودُ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ الَّذِي وَعَدْتَنَا أَنْ تُخْرِجَهُ لَنَا إِلَاّ نَصَرْتَنَا عَلَيْهِمْ. فَكَانُوا إِذَا الْتَقَوْا دَعَوْا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَتَهْزِمُ الْيَهُودُ غَطَفَانَ (2) .
وقَوْله تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُول لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (3) . وَهَذَا تَفْخِيمٌ لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَتَعْظِيمُهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ. (4)
وَيَسْتَدِلُّونَ بِحَدِيثِ الأَْعْمَى الْمُتَوَسِّل بِرَسُول اللَّهِ فِي رَدِّ بَصَرِهِ. (5)
(1) سورة البقرة / 89.
(2)
حديث ابن عباس عن قوله تعالى (وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا) . # أخرجه الحاكم في مستدركه أثرا عن ابن عباس رضي الله عنه وقال: أدت الضرورة إلى إخراجه. قال ابن تيمية: وهذا مما أنكره عليه العلماء، فإن عبد الملك بن هارون من أضعف الناس، وهو عند أهل العلم بالرجال متروك بل كذاب. (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ص 119 ط المطبعة المنيرية 1373 هـ) .
(3)
سورة النساء / 64.
(4)
جلاء العينين 1 / 440.
(5)
حديث " الأعمى المتوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم في رد بصره ". أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث عثمان بن حنيف، ولفظ الترمذي " أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فأدعه +، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى إلي، اللهم فشفعه في ". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي. وحكم عليه الألباني بالصحة (فيض القدير 2 / 134 ط المكتبة التجارية 1356 هـ، وتحفة الأحوذي 10 / 32 نشر المكتبة السلفية، وسنن ابن ماجه 1 / 441 ط عيسى الحلبي 1372 هـ، وصحيح الجامع الصغير بتحقيق. الألباني 1 / 404 نشر المكتب الإسلامي 1388 هـ، ومشكاة المصابيح بتحقيق الألباني 2 / 768 نشر المكتب الإسلامي 1399 هـ) .