الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَسَمَاعُ هَذِهِ الأَْصْوَاتِ يَسْتَحِيل أَنْ يَحْرُمَ لِكَوْنِهَا طَيِّبَةً أَوْ مَوْزُونَةً، فَلَا ذَاهِبَ إلَى تَحْرِيمِ صَوْتِ الْعَنْدَلِيبِ وَسَائِرِ الطُّيُورِ. (1)
النَّوْعُ الثَّالِثُ:
اسْتِمَاعُ أَصْوَاتِ الْجَمَادَاتِ:
25 -
إِذَا انْبَعَثَتْ أَصْوَاتُ الْجَمَادَاتِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهَا أَوْ بِفِعْل الرِّيحِ فَلَا قَائِل بِتَحْرِيمِ اسْتِمَاعِ هَذِهِ الأَْصْوَاتِ.
أَمَّا إِذَا انْبَعَثَتْ بِفِعْل الإِْنْسَانِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَوْزُونَةٍ وَلَا مُطْرِبَةٍ، كَصَوْتِ طَرْقِ الْحَدَّادِ عَلَى الْحَدِيدِ، وَصَوْتِ مِنْشَارِ النَّجَّارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا قَائِل بِتَحْرِيمِ اسْتِمَاعِ صَوْتٍ مِنْ هَذِهِ الأَْصْوَاتِ.
وَإِمَّا أَنْ يَنْبَعِثَ الصَّوْتُ مِنَ الآْلَاتِ بِفِعْل الإِْنْسَانِ مَوْزُونًا مُطْرِبًا، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالْمُوسِيقَى. فَتَفْصِيل الْقَوْل فِيهِ كَمَا يَلِي:
أَوَّلاً - اسْتِمَاعُ الْمُوسِيقَى:
26 -
إنَّ مَا حَل تَعَاطِيهِ (أَيْ فِعْلُهُ) مِنَ الْمُوسِيقَى وَالْغِنَاءِ حَل الاِسْتِمَاعُ إلَيْهِ، وَمَا حَرُمَ تَعَاطِيهِ مِنْهُمَا حَرُمَ الاِسْتِمَاعُ إلَيْهِ، لأَِنَّ تَحْرِيمَ الْمُوسِيقَى أَوِ الْغِنَاءِ لَيْسَ لِذَاتِهِ، وَلَكِنْ لأَِنَّهُ أَدَاةٌ لِلإِْسْمَاعِ، وَيَدُل عَلَى هَذَا قَوْل الْغَزَالِيِّ فِي مَعْرِضِ حَدِيثِهِ عَنْ شِعْرِ الْخَنَا، وَالْهَجْوِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَسَمَاعُ ذَلِكَ حَرَامٌ بِأَلْحَانٍ وَبِغَيْرِ أَلْحَانٍ، وَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكٌ لِلْقَائِل. (2) وَقَوْل ابْنِ عَابِدِينَ: وَكُرِهَ كُل لَهْوٍ وَاسْتِمَاعُهُ. (3)
(1) إحياء علوم الدين للغزالي 2 / 271 طبع مطبعة الاستقامة بالقاهرة.
(2)
إحياء علوم الدين 2 / 282 طبع مطبعة الاستقامة بمصر.
(3)
حاشية ابن عابدين 5 / 253 طبعة بولاق الأولى.
أ: الاِسْتِمَاعُ لِضَرْبِ الدُّفِّ وَنَحْوِهِ مِنَ الآْلَاتِ الْقَرْعِيَّةِ:
27 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حِل الضَّرْبِ بِالدُّفِّ وَالاِسْتِمَاعِ إلَيْهِ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ، هَل هَذِهِ الإِْبَاحَةُ هِيَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ، أَمْ هِيَ فِي الْعُرْسِ دُونَ غَيْرِهِ؟ وَهَل يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الدُّفُّ خَالِيًا مِنَ الْجَلَاجِل أَمْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؟ وَسَتَجِدُ ذَلِكَ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (مَعَازِفُ)(وَسَمَاعٌ) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: فَصْل مَا بَيْنَ الْحَلَال وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ. (1)
وَبِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالْغِرْبَال (2) . وَمَا رَوَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: دَخَل عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي، وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِل مِنْ آبَائِي
(1) حديث: " فصل ما بين الحلال. . . " أخرجه الترمذي وأحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم مرفوعا واللفظ لابن ماجه، قال الترمذي: حديث محمد بن حاطب حديث حسن. قال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وأقره الذهبي (تحفة الأحوذي 4 / 208 - 210 نشر المكتبة السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 611 ط عيسى الحلبي 1372 هـ، وجامع الأصول 11 / 440 نشر مكتبة الحلواني 1392 هـ، والمستدرك 2 / 184 نشر دار الكتاب العربي) .
(2)
حديث: " أعلنوا هذا النكاح. . . ". أخرجه ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا. قال الحافظ البوصيري في الزوائد: في إسناده خالد بن إلياس أبو الهيثم العدوي، اتفقوا على ضعفه، بل نسبه ابن حبان والحاكم وأبو سعيد النقاش إلى الوضع (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 611 ط عيسى الحلبي 1372 هـ) .