الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَنْجَيْتُ الشَّجَرَةَ وَاسْتَنْجَيْتُهَا: قَطَعْتُهَا مِنْ أَصْلِهَا. (1)
وَمَأْخَذُ الاِسْتِنْجَاءِ فِي الطَّهَارَةِ، قَال شِمْرٌ: أَرَاهُ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِمَعْنَى الْقَطْعِ، لِقَطْعِهِ الْعَذِرَةَ بِالْمَاءِ، وَقَال ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَأْخُوذٌ مِنَ النَّجْوَةِ وَهِيَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَْرْضِ، لأَِنَّهُ إِذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتَتَرَ بِهَا. (2)
وَقَدِ اخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِ الاِسْتِنْجَاءِ اصْطِلَاحًا، وَكُلُّهَا تَلْتَقِي عَلَى أَنَّ الاِسْتِنْجَاءَ إزَالَةُ مَا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ، سَوَاءٌ بِالْغَسْل أَوِ الْمَسْحِ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا عَنْ مَوْضِعِ الْخُرُوجِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ.
وَلَيْسَ غَسْل النَّجَاسَةِ عَنِ الْبَدَنِ أَوْ عَنِ الثَّوْبِ اسْتِنْجَاءً. (3)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ -
الاِسْتِطَابَةُ:
2 -
الاِسْتِطَابَةُ هِيَ بِمَعْنَى الاِسْتِنْجَاءِ، تَشْمَل اسْتِعْمَال الْمَاءِ وَالْحِجَارَةِ. وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِاسْتِعْمَال الْمَاءِ، فَتَكُونُ حِينَئِذٍ أَخَصَّ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ. وَأَصْلُهَا مِنَ الطِّيبِ، لأَِنَّهَا تُطَيِّبُ الْمَحَل بِإِزَالَةِ مَا فِيهِ مِنَ الأَْذَى، وَلِذَا يُقَال فِيهَا أَيْضًا الإِْطَابَةُ (4) .
ب -
الاِسْتِجْمَارُ:
3 -
الْجِمَارُ: الْحِجَارَةُ، جَمْعُ جَمْرَةٍ وَهِيَ الْحَصَاةُ.
(1) لسان العرب.
(2)
لسان العرب، والمغني 1 / 111 ط مكتبة القاهرة.
(3)
حاشية القليوبي 1 / 42.
(4)
المغني 1 / 111، والمجموع 2 / 73.
وَمَعْنَى الاِسْتِجْمَارِ: اسْتِعْمَال الْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِي إزَالَةِ مَا عَلَى السَّبِيلَيْنِ مِنَ النَّجَاسَةِ (1) .
ج -
الاِسْتِبْرَاءُ:
4 -
الاِسْتِبْرَاءُ لُغَةً: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ، وَفِي الاِصْطِلَاحِ: طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْخَارِجِ بِمَا تَعَارَفَهُ الإِْنْسَانُ مِنْ مَشْيٍ أَوْ تَنَحْنُحٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إِلَى أَنْ تَنْقَطِعَ الْمَادَّةُ، فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الاِسْتِنْجَاءِ، لأَِنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لَهُ (2) .
د -
الاِسْتِنْقَاءُ:
5 -
الاِسْتِنْقَاءُ: طَلَبُ النَّقَاوَةِ، وَهُوَ أَنْ يَدْلُكَ الْمَقْعَدَةَ بِالأَْحْجَارِ، أَوْ بِالأَْصَابِعِ حَالَةَ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ حَتَّى يُنَقِّيَهَا، فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ، وَمِثْلُهُ الإِْنْقَاءُ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: هُوَ أَنْ تَذْهَبَ لُزُوجَةُ النَّجَاسَةِ وَآثَارُهَا. (3)
حُكْمُ الاِسْتِنْجَاءِ:
6 -
فِي حُكْمِ الاِسْتِنْجَاءِ - مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ - رَأْيَانِ لِلْفُقَهَاءِ: الأَْوَّل: أَنَّهُ وَاجِبٌ إِذَا وُجِدَ سَبَبُهُ، وَهُوَ الْخَارِجُ، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ، فَإِنَّهَا تُجْزِي عَنْهُ (4) وَقَوْلِهِ: لَا يَسْتَنْجِي
(1) رد المحتار 1 / 230، وحاشية الدسوقي 1 / 110.
(2)
ابن عابدين 1 / 229.
(3)
المغني 1 / 119.
(4)
حديث " إذا ذهب أحدكم إلى الغائط. . . " رواه أبو داود والنسائي عن عائشة (سنن أبي داود 1 / 41 بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ط مطبعة السعادة بمصر 1369 هـ، وسنن النسائي 1 / 38 بشرح السيوطي ط البابي الحلبي الأولى 1383 هـ) .
أَحَدُكُمْ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1) وَفِي لَفْظٍ لَهُ: لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، (2) قَالُوا: وَالْحَدِيثُ الأَْوَّل أَمْرٌ، وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَقَال: فَإِنَّهَا تُجْزِي عَنْهُ وَالإِْجْزَاءُ إِنَّمَا يُسْتَعْمَل فِي الْوَاجِبِ، وَنَهَى عَنْ الاِقْتِصَارِ عَلَى أَقَل مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَإِذَا حَرَّمَ تَرْكَ بَعْضِ النَّجَاسَةِ فَجَمِيعُهَا أَوْلَى (3) .
7 -
الرَّأْيُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَسْنُونٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ. وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ. فَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي: الاِسْتِنْجَاءُ مُطْلَقًا سُنَّةٌ لَا عَلَى سَبِيل التَّعْيِينِ مِنْ كَوْنِهِ بِالْحَجَرِ أَوْ بِالْمَاءِ، وَهُوَ قَوْل الْمُزَنِيِّ (4) مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَنَقَل صَاحِبُ الْمُغْنِي مِنْ قَوْل ابْنِ سِيرِينَ فِيمَنْ صَلَّى بِقَوْمٍ وَلَمْ يَسْتَنْجِ، قَال: لَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا.
قَال الْمُوَفَّقُ: يُحْتَمَل أَنَّهُ لَمْ يَرَ وُجُوبَ الاِسْتِنْجَاءِ.
وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَل فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ (5) قَال فِي مَجْمَعِ الأَْنْهُرِ:
(1) حديث " لا يستنجي أحدكم بدون. . . " رواه مسلم عن سلمان الفارسي (صحيح مسلم 1 / 224 بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ط البابي الحلبي) .
(2)
حديث " لقد نهانا أن نستنجي بدون. . . " رواه مسلم من حديث سلمان الفارسي - مطولا - وفيه: " أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار "(صحيح مسلم 1 / 223 بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ط البابي الحلبي الأولى 1374 هـ - 1955 م) .
(3)
المغني 1 / 112، وحاشية الدسوقي 1 / 111، ونهاية المحتاج وحواشيه 1 / 128، 129.
(4)
حاشية القليوبي 1 / 42، والذخيرة 1 / 35.
(5)
حديث " من استنجى فليوتر، من فعل فقد أحسن. . . " أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. قال الشوكاني: ومداره على أبي سعيد الحبراني الحمصي وفيه اختلاف: قيل إنه صحابي، قال الحافظ: ولا يصح، والراوي عنه حصين الحبراني وهو مجهول. وقال أبو زرعة: شيخ. وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر الدارقطني (نيل الأوطار 1 / 116، 117 ط دار الجيل، والمستدرك 1 / 158 نشر دار الكتاب العربي) .
لأَِنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا انْتَفَى الْحَرَجُ عَنْ تَارِكِهِ. (1)
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّهُ نَجَاسَةٌ قَلِيلَةٌ، وَالنَّجَاسَةُ الْقَلِيلَةُ عَفْوٌ. (2)
وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ لِلْحَنَفِيَّةِ: الاِسْتِنْجَاءُ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ. أَرْبَعَةٌ فَرِيضَةٌ: مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ، وَإِذَا تَجَاوَزَتِ النَّجَاسَةُ مَخْرَجَهَا. وَوَاحِدٌ سُنَّةٌ، وَهُوَ مَا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ قَدْرَ الْمَخْرَجِ.
وَقَدْ رَفَضَ ابْنُ نُجَيْمٍ هَذَا التَّقْسِيمَ، وَقَرَّرَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ هِيَ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ الْحَدَثِ، وَالرَّابِعُ مِنْ بَابِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ عَنِ الْبَدَنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الاِسْتِنْجَاءِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَاّ الْقِسْمُ الْمَسْنُونُ.
وَأَقَرَّ ابْنُ عَابِدِينَ التَّقْرِيرَ. (3)
وَقَال الْقَرَافِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الاِسْتِنْجَاءَ وَصَلَّى بِالنَّجَاسَةِ أَعَادَ، قَال: وَلِمَالِكٍ رحمه الله فِي الْعُتْبِيَّةِ: لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ: مَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَل فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ وَقَال: الْوِتْرُ يَتَنَاوَل الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ، فَإِذَا
(1) مجمع الأنهر 1 / 65 ط عثمانية.
(2)
البحر الرائق 1 / 253، وفتح القدير 1 / 48.
(3)
البحر الرائق وحاشية ابن عابدين عليه 1 / 252.