الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
الْقَوْل الثَّانِي: أَجَازَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (1) وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ الاِسْتِغَاثَةَ بِاَللَّهِ مُتَوَسِّلاً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّالِحِينَ حَال حَيَاتِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَصَرَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ. وَاسْتَشْهَدَ لِهَذَا بِحَدِيثِ الأَْعْمَى الَّذِي دَعَا اللَّهَ سُبْحَانَهُ مُتَوَسِّلاً بِرَسُول اللَّهِ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ.
فَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلاً ضَرِيرًا أَتَاهُ عليه الصلاة والسلام. فَقَال: اُدْعُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَافِيَنِي، فَقَال صلى الله عليه وسلم: إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتَ وَهُوَ خَيْرٌ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْتَ. فَقَال: اُدْعُ قَال: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِحَبِيبِكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّكَ فِي حَاجَتِي لِتُقْضَى. اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ (2) وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ: فَقَامَ، وَقَدْ أَبْصَرَ.
11 -
الْقَوْل الثَّالِثُ: عَدَمُ جَوَازِ الاِسْتِغَاثَةِ إِلَاّ بِاَللَّهِ سبحانه وتعالى، وَمُنِعَ التَّوَسُّل فِي تِلْكَ الاِسْتِغَاثَةِ بِالأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، أَحْيَاءً كَانُوا أَوْ أَمْوَاتًا.
(1) جلاء العينين 1 / 434، ومجموعة فتاوى ابن تيمية 1 ص 102 ط الملك سعود.
(2)
حديث عثمان بن حنيف سبق تخريجه مع اختلاف يسير في اللفظ (ف / 9) .
وَصَاحِبُ هَذَا الرَّأْيِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (1)، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ أَضَل مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ} (2) .
وَبِمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُنَافِقٌ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: قُومُوا بِنَا نَسْتَغِيثُ بِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاَللَّهِ (3) .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ:
12 -
اسْتِغَاثَةٌ بِاَللَّهِ وَاسْتِغَاثَةٌ بِالشَّفِيعِ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُ: وَهُوَ أَنْ يَسْأَل اللَّهَ، وَيَسْأَل الْمُتَوَسَّل بِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ، كَمَا كَانَ يَفْعَل الصَّحَابَةُ، وَيَسْتَغِيثُونَ وَيَتَوَسَّلُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الاِسْتِسْقَاءِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ بِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ (4) ، وَيَزِيدَ بْنِ الأَْسْوَدِ الْجُرَشِيِّ رضي الله عنهما، فَهُوَ اسْتِغَاثَةٌ بِاَللَّهِ، وَاسْتِغَاثَةٌ بِالشَّفِيعِ أَنْ
(1) مجموعة فتاوى ابن تيمية 1 / 104، وقرة عيون الموحدين ص 105، والاستغاثة ص 315، 316.
(2)
سورة الأحقاف / 5.
(3)
حديث " أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين. . . " أخرجه الطبراني في معجمه الكبير بإسناده، وأخرجه أحمد بن حنبل من حديث عبادة بن الصامت بلفظ مقارب، وفي إسناده ابن لهيعة (مجموع فتاوى ابن تيمية 1 / 110 ط مطابع الرياض 1381 هـ، ومسند أحمد بن حنبل 5 / 317 نشر المكتب الإسلامي) .
(4)
أخرج البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: " اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا "(فتح الباري 2 / 494 ط السلفية بالسعودية)