الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا الْحَنَابِلَةُ، إِلَاّ مَا اسْتَثْنَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ (1) ، وَعَلَى هَذَا أَيْضًا الْمَالِكِيَّةُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ، (2) وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (3)
وَالدَّلِيل عَلَى اسْتِحْبَابِ الإِْسْرَارِ قَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الإِْمَامُ، وَذَكَرَ مِنْهَا: التَّعَوُّذَ وَالتَّسْمِيَةَ وَآمِينَ (4) ، وَلأَِنَّهُ لَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجَهْرُ. (5)
الرَّأْيُ الثَّانِي: اسْتِحْبَابُ الْجَهْرِ، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَيَجْهَرُ فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ فِي الْجِنَازَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُطْلَبُ الإِْسْرَارُ فِيهِ تَعْلِيمًا لِلسُّنَّةِ، وَلأَِجْل التَّأْلِيفِ، وَاسْتَحَبَّهَا ابْنُ قُدَامَةَ وَقَال: اخْتَارَ ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ. وَقَال فِي الْفُرُوعِ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ (6) ، وَسَنَدُهُمْ فِي الْجَهْرِ قِيَاسُ الاِسْتِعَاذَةِ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَآمِينَ.
الرَّأْيُ الثَّالِثُ: التَّخْيِيرُ بَيْنَ الإِْسْرَارِ وَالْجَهْرِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، جَاءَ فِي الأُْمِّ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَتَعَوَّذُ فِي نَفْسِهِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَجْهَرُ بِهِ. (7)
(1) الفروع 1 / 304، والمغني 1 / 519.
(2)
الرهوني 1 / 424.
(3)
المجموع 3 / 336، والروضة 1 / 241، والجمل 1 / 345.
(4)
روى علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود قال: ثلاث يخفيهن الإمام: الاستعاذة وبسم الله الرحمن الرحيم وآمين (نيل الأوطار 2 / 217 نشر دار الجيل ببيروت) .
(5)
فتح القدير 1 / 204، والبدائع 1 / 203.
(6)
الرهوني 1 / 424، والروضة 1 / 241، والفروع 1 / 304.
(7)
المجموع 3 / 322.
تَكْرَارُ الاِسْتِعَاذَةِ فِي كُل رَكْعَةٍ:
23 -
الاِسْتِعَاذَةُ مَشْرُوعَةٌ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى بِاتِّفَاقٍ، أَمَّا تَكْرَارُهَا فِي بَقِيَّةِ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ عَلَى رَأْيَيْنِ:
الأَْوَّل: اسْتِحْبَابُ التَّكْرَارِ فِي كُل رَكْعَةٍ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ خَالَفَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ صَحَّحَهَا صَاحِبُ الإِْنْصَافِ بَل قَال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. (1)
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ سبحانه وتعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (2) وَقَدْ وَقَعَ الْفَصْل بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَطَعَ الْقِرَاءَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ بِشُغْلٍ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّعَوُّذُ، وَلأَِنَّ الأَْمْرَ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ فَيَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (3) وَأَيْضًا إِنْ كَانَتْ مَشْرُوعَةً فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى فَهِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي غَيْرِهَا مِنَ الرَّكَعَاتِ قِيَاسًا، لِلاِشْتِرَاكِ فِي الْعِلَّةِ.
الثَّانِي: كَرَاهِيَةُ تَكْرَارِ الاِسْتِعَاذَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (4) وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ كَمَا لَوْ سَجَدَ لِلتِّلَاوَةِ فِي قِرَاءَتِهِ ثُمَّ
(1) الهداية 1 / 51، والرهوني 1 / 424، والمجموع 3 / 324، والجمل 1 / 453، والإنصاف 2 / 73، 74، 119، والمغني مع الشرح 1 / 552.
(2)
سورة النحل / 98.
(3)
سورة المائدة / 6.
(4)
الهندية 1 / 74، والعناية على الهداية بهامش فتح القدير 1 / 217، والبحر الرائق 1 / 328، وابن عابدين 1 / 356 ط 3، والإنصاف 2 / 119، والألوسي 14 / 229.