الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخُطْبَةِ مَا لَمْ يَجْلِسْ، كَمَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ دَاخِلٌ عَلَى مُسْتَمِعِ الْخُطْبَةِ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الإِْنْصَاتَ سُنَّةٌ، وَيُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ، لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ كَسَائِرِ الْكَلَامِ لأَِنَّ سَبَبَهُ قَهْرِيٌّ. (1)
14 -
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّ لِلْبَعِيدِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ صَوْتَ الْخَطِيبِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ، وَيَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى، وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ، لأَِنَّهُ إنْ رَفَعَ صَوْتَهُ مَنَعَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ مِنْ الاِسْتِمَاعِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ (2)، حَتَّى قَال النَّخَعِيُّ: إنِّي لأََقْرَأُ جُزْئِي إِذَا لَمْ أَسْمَعِ الْخُطْبَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (3) .
وَسَأَل إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ عَلْقَمَةَ: أَقْرَأُ فِي نَفْسِي أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ؟ فَقَال عَلْقَمَةُ: لَعَل ذَلِكَ أَلَاّ يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ (4) .
ب -
اسْتِمَاعُ صَوْتِ الْمَرْأَةِ:
15 -
إِذَا كَانَ مَبْعَثُ الأَْصْوَاتِ هُوَ الإِْنْسَانُ، فَإِنَّ هَذَا الصَّوْتَ إمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَوْزُونٍ وَلَا مُطْرِبٍ، أَوْ يَكُونُ مُطْرِبًا.
فَإِنْ كَانَ الصَّوْتُ غَيْرَ مُطْرِبٍ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ صَوْتَ رَجُلٍ أَوْ صَوْتَ امْرَأَةٍ، فَإِنْ كَانَ صَوْتَ رَجُلٍ: فَلَا قَائِل بِتَحْرِيمِ اسْتِمَاعِهِ.
(1) أسنى المطالب 1 / 258 وما بعدها.
(2)
المغني 2 / 322، ومصنف عبد الرزاق 3 / 213، وطرح التثريب 3 / 183، ونيل الأوطار 3 / 273 طبع مصطفى البابي الحلبي 1374 هـ، والمجموع 4 / 429 طبع مطبعة الإمام.
(3)
المغني 2 / 322.
(4)
مصنف عبد الرزاق 3 / 213.
أَمَّا إنْ كَانَ صَوْتَ امْرَأَةٍ، فَإِنْ كَانَ السَّامِعُ يَتَلَذَّذُ بِهِ، أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فِتْنَةً حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِمَاعُهُ، وَإِلَاّ فَلَا يَحْرُمُ، (1) وَيُحْمَل اسْتِمَاعُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَصْوَاتَ النِّسَاءِ حِينَ مُحَادَثَتِهِنَّ عَلَى هَذَا، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَرْخِيمُ الصَّوْتِ وَتَنْغِيمُهُ وَتَلْيِينُهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ إثَارَةِ الْفِتْنَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْل فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} (2) .
وَأَمَّا إنْ كَانَ الصَّوْتُ مُطْرِبًا فَهَذَا الْغِنَاءُ اسْتِمَاعٌ، وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل الْقَوْل فِيهِ:
ج -
الاِسْتِمَاعُ إلَى الْغِنَاءِ:
16 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ اسْتِمَاعَ الْغِنَاءِ يَكُونُ مُحَرَّمًا فِي الْحَالَاتِ التَّالِيَةِ:
أ - إِذَا صَاحَبَهُ مُنْكَرٌ.
ب - إِذَا خُشِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى فِتْنَةٍ كَتَعَلُّقٍ بِامْرَأَةٍ، أَوْ بِأَمْرَدَ، أَوْ هَيَجَانِ شَهْوَةٍ مُؤَدِّيَةٍ إِلَى الزِّنَى.
ج - إِنْ كَانَ يُؤَدِّي إِلَى تَرْكِ وَاجِبٍ دِينِيٍّ كَالصَّلَاةِ، أَوْ دُنْيَوِيٍّ كَأَدَاءِ عَمَلِهِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، أَمَّا إِذَا أَدَّى إِلَى تَرْكِ الْمَنْدُوبَاتِ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا. كَقِيَامِ اللَّيْل، وَالدُّعَاءِ فِي الأَْسْحَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. (3)
(1) حاشية قليوبي 3 / 208 طبع مصطفى الحلبي، وحاشية الدسوقي 1 / 195، وإحياء علوم الدين 2 / 281، وحاشية ابن عابدين 1 / 271، 5 / 236.
(2)
سورة الأحزاب / 32.
(3)
إحياء علوم الدين 2 / 269، وسنن البيهقي 5 / 69، 97، وأسنى المطالب 4 / 44 طبع المكتبة الإسلامية، وحاشية الجمل 5 / 380 ط إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 5 / 22 و 4 / 384، وحاشية الدسوقي 4 / 166، والمغني 9 / 175 طبع المنار الثالثة، وعمدة القاري 71 طبع المنيرية.