الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الْعِصِيِّ وَنَحْوِهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ إلَاّ ابْنَ سِيرِينَ فَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ كَرَاهَتُهُ. وَقَال مُجَاهِدٌ: يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ بِقَدْرِهِ (1) .
وَقَدْ فَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي التَّطَوُّعِ كَمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْفَرْضِ.
لَكِنْ لَوْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا ثُمَّ أَعْيَا - أَيْ كَل وَتَعِبَ - فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَكَّأَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. (2)
وَإِنَّمَا فَرَّقَ الْجُمْهُورُ بَيْنَ الاِسْتِنَادِ فِي الْفَرْضِ فَمَنَعُوهُ، وَأَجَازُوهُ فِي النَّفْل، لأَِنَّ النَّفَل تَجُوزُ صَلَاتُهُ مِنْ جُلُوسٍ دُونَ قِيَامٍ، فَكَذَا يَجُوزُ الاِسْتِنَادُ فِيهِ مَعَ الْقِيَامِ.
الاِسْتِنَادُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ:
أ -
اسْتِنَادُ النَّائِمِ الْمُتَوَضِّئِ:
7 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْحَنَابِلَةِ إلَى أَنَّهُ إِذَا نَامَ مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ - بِحَيْثُ لَوْ زَال لَسَقَطَ - لَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ الْمُسْتَنِدِ فِي الأَْصَحِّ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَقْعَدَتُهُ زَائِلَةً عَنِ الأَْرْضِ وَإِلَاّ نُقِضَ اتِّفَاقًا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لأَِنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنَ النَّوْمِ الثَّقِيل، فَإِنْ كَانَ لَا يَسْقُطُ فَهُوَ مِنَ النَّوْمِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يَنْقُضُ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ نَوْمَ الْمُسْتَنِدِ قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا يَنْقُضُ (3) .
(1) المجموع 3 / 259، والحطاب 2 / 7.
(2)
شرح منية المصلي ص 271.
(3)
ابن عابدين 1 / 95، 96، وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 52، وشرح الزرقاني 1 / 86، وكفاية الطالب 1 / 111، والمجموع 2 / 16، 17، ونهاية المحتاج 1 / 100، 101، والمغني 1 / 129، والإنصاف 1 / 201.
ب -
الاِسْتِنَادُ إلَى الْقُبُورِ:
8 -
يُكْرَهُ الاِسْتِنَادُ إلَى الْقُبُورِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَدْ أَلْحَقُوا الاِسْتِنَادَ بِالْجُلُوسِ الَّذِي وَرَدَتِ الأَْحَادِيثُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: يُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ، وَالاِتِّكَاءُ عَلَيْهِ، وَالاِسْتِنَادُ إلَيْهِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: لأََنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ (1) .
وَقَال الْخَطَّابِيُّ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً قَدِ اتَّكَأَ عَلَى قَبْرٍ فَقَال: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ (2) .
وَقَدْ قَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ الْكَرَامَةَ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الاِسْتِنَادِ، وَبِكَوْنِ الاِسْتِنَادِ إلَى قَبْرِ مُسْلِمٍ. وَقَوَاعِدُ غَيْرِهِمْ لَا تَأْبَى هَذَا التَّقْيِيدَ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيَرَوْنَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الاِسْتِنَادُ إلَيْهِ. قَال الدُّسُوقِيُّ: يَجُوزُ الْجُلُوسُ عَلَى الْقَبْرِ مُطْلَقًا. وَأَمَّا مَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ (3) .
(1) حديث " لأن يجلس أحدكم على جمرة. . . " أخرجه مسلم وأحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه مرفوعا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (نيل الأوطار 4 / 135 ط الجيل 1973 م) .
(2)
حديث: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه " رأى رجلا اتكأ على قبر فقال: لا تؤذ صاحب القبر ". أخرجه أحمد من حديث عمرو بن حزم مرفوعا بلفظ: " رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا على قبر فقال: لا تؤذ صاحب هذا القبر، أو لا تؤذوه " قال الحافظ في الفتح: إسناده صحيح. (نيل الأوطار 4 / 135، 136 ط دار الجيل 1973 م) .
(3)
ابن عابدين 1 / 606، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 428، وشرح المنهاج ومعه حاشية القليوبي 1 / 342، والمغني 2 / 508 ط 3