الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج -
اسْتِجْمَارُ الْمَرْأَةِ:
27 -
يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ الاِسْتِجْمَارُ مِنَ الْغَائِطِ بِالاِتِّفَاقِ، وَهَذَا وَاضِحٌ.
أَمَّا مِنَ الْبَوْل فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُجْزِئُ الاِسْتِجْمَارُ فِي بَوْل الْمَرْأَةِ، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا. قَالُوا: لأَِنَّهُ يُجَاوِزُ الْمَخْرَجَ غَالِبًا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَكْفِي فِي بَوْل الْمَرْأَةِ - إِنْ كَانَتْ بِكْرًا - مَا يُزِيل عَيْنَ النَّجَاسَةِ خِرَقًا أَوْ غَيْرَهَا، أَمَّا الثَّيِّبُ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ نُزُول الْبَوْل إِلَى ظَاهِرِ الْمَهْبِل، كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، لَمْ يَكْفِ الاِسْتِجْمَارُ، وَإِلَاّ كَفَى.
وَيُسْتَحَبُّ الْغَسْل حِينَئِذٍ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَفِي الثَّيِّبِ قَوْلَانِ
الأَْوَّل: أَنَّهُ يَكْفِيهَا الاِسْتِجْمَارُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُهُ. وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ غَسْل الدَّاخِل مِنْ نَجَاسَةٍ وَجَنَابَةٍ وَحَيْضٍ، بَل تَغْسِل مَا ظَهَرَ، وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الصَّائِمَةِ غَسْلُهُ. (1)
وَمُقْتَضَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُجَاوِزِ الْخَارِجَ الْمَخْرَجَ كَانَ الاِسْتِنْجَاءُ سُنَّةً. وَإِنْ جَاوَزَ الْمَخْرَجَ لَا يَجُوزُ الاِسْتِجْمَارُ، بَل لَا بُدَّ مِنَ الْمَائِعِ أَوِ الْمَاءِ لإِِزَالَةِ النَّجَاسَةِ. وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِكَيْفِيَّةِ اسْتِجْمَارِ الْمَرْأَةِ. (2)
مَا لَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ:
28 -
اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِيمَا يُسْتَجْمَرُ بِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ:
(1)
أَنْ يَكُونَ يَابِسًا، وَعَبَّرَ غَيْرُهُمْ بَدَل الْيَابِسِ
(1) المجموع 1 / 111، وحاشية الدسوقي 1 / 111، والخرشي 1 / 148، ونهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي 1 / 129، وكشاف القناع 1 / 56، 57، والمغني 1 / 118، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 26.
(2)
ابن عابدين 1 / 226.
بِالْجَامِدِ.
(2)
طَاهِرًا.
(3)
مُنَقِّيًا.
(4)
غَيْرَ مُؤْذٍ.
(5)
وَلَا مُحْتَرَمٍ.
وَعَلَى هَذَا فَمَا لَا يُسْتَنْجَى بِهِ عِنْدَهُمْ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ:
(1)
مَا لَيْسَ يَابِسًا. (1)
(2)
الأَْنْجَاسُ. (2)
(3)
غَيْرُ الْمُنَقِّي، كَالأَْمْلَسِ مِنَ الْقَصَبِ وَنَحْوِهِ. (3)
(4)
الْمُؤْذِي، وَمِنْهُ الْمُحَدَّدُ كَالسِّكِّينِ وَنَحْوِهِ. (4)
(5)
الْمُحْتَرَمُ (5) وَهُوَ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
أ - الْمُحْتَرَمُ لِكَوْنِهِ مَطْعُومًا.
ب - الْمُحْتَرَمُ لِحَقِّ الْغَيْرِ.
ج - الْمُحْتَرَمُ لِشَرَفِهِ.
وَهَذِهِ الأُْمُورُ تُذْكَرُ فِي غَيْرِ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا، إِلَاّ أَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ فِي الشُّرُوطِ عَدَمَ الإِْيذَاءِ، وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ الْمَنْعُ مِنْهُ بِمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ لِلشَّرِيعَةِ. (6)
(1) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 113، وفتح القدير 1 / 148.
(2)
رد المحتار 1 / 226، وحاشية الدسوقي 1 / 113، وفتح القدير 1 / 148، والعدوي على الخرشي 1 / 151، ونهاية المحتاج 1 / 131.
(3)
رد المحتار 1 / 226، وفتح القدير 1 / 148، وحاشية الدسوقي 1 / 113، 114، ونهاية المحتاج مع حاشية الرشيدي 1 / 131، وكشاف القناع 1 / 56.
(4)
رد المحتار 1 / 226، وحاشية الدسوقي 1 / 113.
(5)
غنية المتملي ص 39، وفتح القدير 1 / 150، وحاشية الدسوقي 1 / 113، ونهاية المحتاج 1 / 132، 133، وكشاف القناع 1 / 58.
(&# x666 ;) حاشية الدسوقي 1 / 113، ونهاية المحتاج 1 / 131، والمغني 1 / 117، ورد المحتار 1 / 229.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٣)</span><hr/></div>وَهُمْ وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى هَذِهِ الاِشْتِرَاطَاتِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي التَّفَاصِيل، وَقَدْ يَتَّفِقُونَ. وَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِلَى كُتُبِ الْفِقْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌هَل يُجْزِئُ الاِسْتِنْجَاءُ بِمَا حَرُمَ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> إِذَا ارْتَكَبَ النَّهْيَ وَاسْتَنْجَى بِالْمُحَرَّمِ وَأَنْقَى، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، كَمَا فِي الْفُرُوعِ: يَصِحُّ الاِسْتِنْجَاءُ مَعَ التَّحْرِيمِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لأَِنَّهُ يُجَفِّفُ مَا عَلَى الْبَدَنِ مِنَ الرُّطُوبَةِ.</p>وَقَال الدُّسُوقِيُّ: وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ.</p>أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَلَا يُجْزِئُ الاِسْتِنْجَاءُ بِمَا حَرُمَ لِكَرَامَتِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ كُتُبِ عِلْمٍ، وَكَذَلِكَ النَّجِسُ.</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَلَا يُجْزِئُ الاِسْتِجْمَارُ بِمَا حَرُمَ مُطْلَقًا، لأَِنَّ الاِسْتِجْمَارَ رُخْصَةٌ فَلَا تُبَاحُ بِمُحَرَّمٍ.</p>وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِسْتِجْمَارِ بِالْيَمِينِ - فَإِنَّهُ يُجْزِئُ الاِسْتِجْمَارُ بِهَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ - بِأَنَّ النَّهْيَ فِي الْعَظْمِ وَنَحْوِهِ لِمَعْنًى فِي شَرْطِ الْفِعْل، فَمَنْعُ صِحَّتِهِ، كَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ النَّجِسِ. أَمَّا بِالْيَمِينِ فَالنَّهْيُ لِمَعْنًى فِي آلَةِ الشَّرْطِ، فَلَمْ يُمْنَعْ، كَالْوُضُوءِ مِنْ إنَاءٍ مُحَرَّمٍ. وَسَوَّوْا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الاِسْتِجْمَارِ بِهِ كَالْعَظْمِ، وَبَيْنَ مَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ مُحَرَّمًا كَالْمَغْصُوبِ.</p>قَالُوا: وَلَوْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَ الْمُحَرَّمِ بِمُبَاحٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَوَجَبَ الْمَاءُ، وَكَذَا لَوِ اسْتَنْجَى بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ. وَإِنِ اسْتَجْمَرَ بِغَيْرِ مُنَقٍّ كَالْقَصَبِ أَجْزَأَ الاِسْتِجْمَارُ بَعْدَهُ بِمُنَقٍّ. وَفِي الْمُغْنِي: يُحْتَمَل أَنْ يُجْزِئَهُ الاِسْتِجْمَارُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٣)</span><hr/></div>بِالطَّاهِرِ بَعْدَ الاِسْتِجْمَارِ بِالنَّجِسِ، لأَِنَّ هَذِهِ النَّجَاسَةَ تَابِعَةٌ لِنَجَاسَةِ الْمَحَل فَزَالَتْ بِزَوَالِهَا. (1)</p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ الاِسْتِنْجَاءِ وَآدَابُهُ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الاِسْتِنْجَاءُ بِالشِّمَال:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا بَال أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ. (2)</p>فَقَدْ نَهَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عَنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ، وَحَمَل الْفُقَهَاءُ هَذَا النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، كَمَا اسْتَظْهَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ.</p>وَكُل هَذَا فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ أَوِ الْحَاجَةِ، لِلْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ: الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. (3)</p>فَلَوْ يُسْرَاهُ مَقْطُوعَةً أَوْ شَلَاّءَ، أَوْ بِهَا جِرَاحَةٌ جَازَ الاِسْتِنْجَاءُ بِالْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. هَذَا، وَيَجُوزُ الاِسْتِعَانَةُ بِالْيَمِينِ فِي صَبِّ الْمَاءِ، وَلَيْسَ هَذَا اسْتِنْجَاءً بِالْيَمِينِ، بَل الْمَقْصُودُ مِنْهُ مُجَرَّدُ إِعَانَةِ الْيَسَارِ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالاِسْتِعْمَال. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 1 / 255، وحاشية الدسوقي 1 / 114، والنهاية 1 / 133، والمغني 1 / 116، وكشاف القناع 1 / 58.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه. . . " أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود - واللفظ له (فتح الباري 1 / 254 ط السلفية، وصحيح مسلم 1 / 25 بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، وسنن أبي داود 1 / 37 ط مطبعة دار السعادة بمصر 1369 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مجمع الأنهر 1 / 66، والبحر الرائق 1 / 255، وحاشية الدسوقي 1 / 105، والمجموع 1 / 108، ونهاية المحتاج 1 / 137، وكشاف القناع 1 / 51.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البحر الرائق وحاشية ابن عابدين عليه 1 / 255، ونهاية المحتاج 1 / 137، وكشاف القناع 1 / 51.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الاِسْتِتَارُ عِنْدَ الاِسْتِنْجَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> الاِسْتِنْجَاءُ يَقْتَضِي كَشْفَ الْعَوْرَةِ، وَكَشْفُهَا أَمَامَ النَّاسِ مُحَرَّمٌ فِي الاِسْتِنْجَاءِ وَغَيْرِهِ، فَلَا يَرْتَكِبُ لإِِقَامَةِ سُنَّةِ الاِسْتِنْجَاءِ، وَيَحْتَال لإِِزَالَةِ النَّجَاسَةِ مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ لِلْعَوْرَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ. (1)</p>فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: مِنَ الآْدَابِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ حِينَ يَفْرُغُ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ وَالتَّجْفِيفِ، لأَِنَّ الْكَشْفَ كَانَ لِضَرُورَةٍ وَقَدْ زَالَتْ. (2)</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي التَّكَشُّفِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ رِوَايَتَانِ: الْكَرَاهَةُ، وَالْحُرْمَةُ. (3)</p>وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ مُسْتَحَبًّا عَلَى الأَْقَل.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الاِنْتِقَال عَنْ مَوْضِعِ التَّخَلِّي:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> إِذَا قَضَى حَاجَتَهُ فَلَا يَسْتَنْجِي حَيْثُ قَضَى حَاجَتَهُ. كَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ اسْتِنْجَاؤُهُ بِالْمَاءِ - بَل يَنْتَقِل عَنْهُ، لِئَلَاّ يَعُودَ الرَّشَاشُ إلَيْهِ فَيُنَجِّسَهُ. وَاسْتَثْنَوُا الأَْخْلِيَةَ الْمُعَدَّةَ لِذَلِكَ، فَلَا يُنْتَقَل فِيهَا. وَإِذَا كَانَ اسْتِنْجَاؤُهُ بِالْحَجَرِ فَقَطْ فَلَا يَنْتَقِل مِنْ مَكَانِهِ، لِئَلَاّ يَنْتَقِل الْغَائِطُ مِنْ مَكَانِهِ فَيَمْتَنِعَ عَلَيْهِ الاِسْتِجْمَارُ.</p>أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَوَّل مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي قَضَى فِيهِ حَاجَتَهُ لِلاِسْتِجْمَارِ بِالْحِجَارَةِ أَيْضًا، كَمَا يَتَحَوَّل لِلاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، وَهَذَا إِنْ خَشِيَ التَّلَوُّثَ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدرر على الغرر 1 / 33، ومراقي الفلاح مع حاشية الطحطاوي ص 27، ورد المحتار 1 / 225.</p><font color=#ff0000>(2)</font> غنية المتملي 1 / 31.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الإنصاف 1 / 97.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 1 / 127، وشرح التحفة 1 / 122، وكشاف القناع 1 / 55.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌رَابِعًا: عَدَمُ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ حَال الاِسْتِنْجَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> مِنْ آدَابِ الاِسْتِنْجَاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنْ يَجْلِسَ لَهُ إلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ، أَوْ يَسَارِهَا كَيْ لَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ أَوْ يَسْتَدْبِرَهَا حَال كَشْفِ الْعَوْرَةِ. فَاسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ أَوِ اسْتِدْبَارُهَا حَالَةَ الاِسْتِنْجَاءِ تَرْكُ أَدَبٍ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ، كَمَا فِي مَدِّ الرِّجْل إِلَيْهَا. وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي ذَلِكَ، وَاخْتَارَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ التَّبَوُّل أَوِ التَّغَوُّطِ إِلَيْهَا فَهُوَ عِنْدَهُمْ مُحَرَّمٌ. (1)</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ مَعَ الاِتِّجَاهِ إِلَى الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، لأَِنَّ النَّهْيَ وَرَدَ فِي اسْتِقْبَالِهَا وَاسْتِدْبَارِهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، وَهَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: الاِسْتِبْرَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> وَهُوَ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنْ خَارِجٍ، وَيَخْتَلِفُ بِطِبَاعِ النَّاسِ، إلَى أَنْ يَسْتَيْقِنَ بِزَوَال الأَْثَرِ. (3) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِبْرَاء) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَادِسًا: الاِنْتِضَاحُ وَقَطْعُ الْوَسْوَسَةِ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ الاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ أَوْ سَرَاوِيلَهُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَاءِ، قَطْعًا لِلْوَسْوَاسِ، حَتَّى إِذَا شَكَّ حَمَل الْبَلَل عَلَى ذَلِكَ النَّضْحِ، مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منية المصلي ص 28، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 29، والبحر الرائق 1 / 256.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 1 / 80.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 230.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٥)</span><hr/></div>وَهَذَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يَفْعَل ذَلِكَ إِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُرِيبُهُ كَثِيرًا. (1)</p>وَمَنْ ظَنَّ خُرُوجَ شَيْءٍ بَعْدَ الاِسْتِنْجَاءِ فَقَدْ قَال أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا تَلْتَفِتْ حَتَّى تَتَيَقَّنَ، وَالْهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (2)</p>‌<span class="title">‌اسْتِنْزَاه</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِنْزَاهُ: اسْتِفْعَالٌ مِنَ التَّنَزُّهِ وَأَصْلُهُ التَّبَاعُدُ. وَالاِسْمُ النُّزْهَةُ، فَفُلَانٌ يَتَنَزَّهُ مِنَ الأَْقْذَارِ وَيُنَزِّهُ نَفْسَهُ عَنْهَا: أَيْ يُبَاعِدُ نَفْسَهُ عَنْهَا.</p>وَفِي حَدِيثِ الْمُعَذَّبِ فِي قَبْرِهِ كَانَ لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْل أَيْ لَا يَسْتَبْرِئُ وَلَا يَتَطَهَّرُ، وَلَا يَبْتَعِدُ مِنْهُ. (3)</p>وَالْفُقَهَاءُ يُعَبِّرُونَ بِالاِسْتِنْزَاهِ وَالتَّنَزُّهِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ الاِحْتِرَازِ عَنِ الْبَوْل أَوِ الْغَائِطِ. (4)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الاِسْتِبْرَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِسْتِبْرَاءُ هُوَ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْخَارِجِ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 1 / 253، ورد المحتار 1 / 231، ونهاية المحتاج 1 / 137، وكشاف القناع 1 / 57.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 1 / 57.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، والمصباح المنير، ومعجم متن اللغة مادة (نزه) والكليات في (تنزه) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 1 / 127 ط المكتبة الإسلامية، والاختيار 1 / 32 ط دار المعرفة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٥)</span><hr/></div>السَّبِيلَيْنِ حَتَّى يُسْتَيْقَنَ زَوَال الأَْثَرِ، (1) فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الاِسْتِنْزَاهِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الاِسْتِنْجَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِسْتِنْجَاءُ - وَمِثْلُهُ الاِسْتِطَابَةُ - هُوَ إزَالَةُ النَّجَسِ عَنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ بِمَاءٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، (2) وَهُوَ أَيْضًا أَخَصُّ مِنْ الاِسْتِنْزَاهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الاِسْتِنْزَاهُ مِنَ الْبَوْل أَوِ الْغَائِطِ وَاجِبٌ، فَمَنْ لَمْ يَتَحَرَّزْ مِنَ الْبَوْل فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ فَقَدِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً كَمَا يَرَاهُ ابْنُ حَجَرٍ. (3)</p>وَتَفْصِيل أَحْكَامِهِ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِبْرَاء) (وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ) (وَنَجَاسَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> تُبْحَثُ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي الطَّهَارَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ الاِسْتِنْجَاءِ، أَوْ الاِسْتِبْرَاءِ عَنِ الْبَوْل وَالْغَائِطِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) دستور العلماء 1 / 86.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 223، والدسوقي 1 / 113.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الزواجر لابن حجر ص 125 ط دار المعرفة، والكبائر للذهبي ص 136 ط الاستقامة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِنْشَاق</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِنْشَاقُ: اسْتِنْشَاقُ الْهَوَاءِ أَوْ غَيْرِهِ: إِدْخَالُهُ فِي الأَْنْفِ. (1) وَيَخُصُّهُ الْفُقَهَاءُ بِإِدْخَال الْمَاءِ فِي الأَْنْفِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِسْتِنْشَاقُ سُنَّةٌ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَرْضٌ.</p>وَأَمَّا فِي الْغُسْل لِلتَّطَهُّرِ مِنَ الْحَدَثِ الأَْكْبَرِ فَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، فَرْضٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (3) وَإِنَّمَا فَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الْوُضُوءِ، وَالْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ، فَقَالُوا بِفَرْضِيَّةِ الاِسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْل وَسُنِّيَّتِهِ فِي الْوُضُوءِ، لأَِنَّ الْجَنَابَةَ تَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَمِنَ الْبَدَنِ الْفَمُ وَالأَْنْفُ، بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَالْفَرْضُ فِيهِ غَسْل الْوَجْهِ وَهُوَ مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ، وَلَا تَقَعُ الْمُوَاجَهَةُ بِالأَْنْفِ وَالْفَمِ.</p>وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي كَيْفِيَّتِهِ اُنْظُرْ (وُضُوء)(وَغُسْل) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، وتاج العروس مادة (نشق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 1 / 120 ط الرياض والمجموع 1 / 355 ط المنيرية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 118، ونهاية المحتاج 1 / 280 ط المكتبة الإسلامية، والدسوقي 1 / 97، 136 ط دار الفكر، والهداية 1 / 13، 16 ط مصطفى الحلبي، وابن عابدين 1 / 102، والزيلعي 1 / 13.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> تُنْظَرُ أَحْكَامُ الاِسْتِنْشَاقِ فِي (الْوُضُوءِ)(وَالْغُسْل)(وَغُسْل الْمَيِّتِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِنْفَار</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِنْفَارُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ: اسْتَنْفَرَ، مِنْ نَفَرَ الْقَوْمُ " نَفِيرًا " أَيْ أَسْرَعُوا إِلَى الشَّيْءِ، وَأَصْل النَّفِيرِ مُفَارَقَةُ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ لأَِمْرٍ حَرَّكَ ذَلِكَ، وَيُقَال لِلْقَوْمِ النَّافِرِينَ لِحَرْبٍ أَوْ لِغَيْرِهَا: نَفِيرٌ، تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ. (1)</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَفِي الاِصْطِلَاحِيِّ الشَّرْعِيِّ: الْخُرُوجُ إلَى قِتَال الْعَدُوِّ وَنَحْوِهِ مِنَ الأَْعْمَال الصَّالِحَةِ بِدَعْوَةٍ مِنَ الإِْمَامِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لِلْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ. (2) وَلَكِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي قِتَال الْعَدُوِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ بِهِ:</span></p>‌<span class="title">‌الاِسْتِنْجَادُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِسْتِنْجَادُ: وَهُوَ طَلَبُ الْعَوْنِ مِنَ الْغَيْرِ.</p>يُقَال: اسْتَنْجَدَهُ فَأَنْجَدَهُ، أَيِ اسْتَعَانَ بِهِ فَأَعَانَهُ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والنهاية لابن الأثير (نفر) وفتح الباري 6 / 37 ط السلفية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 6 / 37.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مختار الصحاح، ومعجم متن اللغة (نفر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْجِهَادِ فَرْضٌ، مُنْذُ شُرِعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي نَوْعِ الْفَرْضِيَّةِ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ النَّفِيرَ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم. أَمَّا كَوْنُهُ فَرْضًا فَبِالإِْجْمَاعِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّهِ} ، إِلَى قَوْله تَعَالَى:{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} . (1)</p>وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَال: أَنَّ الْحَقَّ تبارك وتعالى فَاضَل بَيْنَ الْقَاعِدِينَ وَالْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيل اللَّهِ، ثُمَّ وَعَدَ كِلَيْهِمَا الْحُسْنَى.</p>وَالْعَاصِي لَا يُوعَدُ بِهَا، وَلَا يُفَاضَل بَيْنَ مَأْجُورٍ وَمَأْزُورٍ، فَكَانُوا غَيْرَ عَاصِينَ بِقُعُودِهِمْ.</p>وَقِيل: كَانَ النَّفِيرُ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَرْضَ عَيْنٍ، فَلَمْ يَكُنْ لأَِحَدٍ مِنْ غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِلَاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} . إِلَى قَوْله تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً} . (2)</p>وَقَالُوا: إِنَّ الْقَاعِدِينَ الْمُشَارَ إلَيْهِمْ بِآيَةِ سُورَةِ النِّسَاءِ كَانُوا حُرَّاسًا عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْجِهَادِ. (3)</p>وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى: يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مُصْطَلَحِ: (جِهَادٌ) .</p>أَمَّا بَعْدَ عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم فَلِلْعَدُوِّ حَالَتَانِ:</p><font color=#ff0000>5 -</font> أَنْ يَكُونَ فِي بِلَادِهِ مُسْتَقِرًّا، وَلَمْ يَقْصِدْ إِلَى شَيْءٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 95.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 39 - 41.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 4 / 208 - 209، وفتح الباري 6 / 36 - 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٧)</span><hr/></div>مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ: اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ النَّفِيرَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، إِذَا قَامَ بِهِ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ مَرَّةً فِي السَّنَةِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، أَمَّا الْفَرْضِيَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} . (1) وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْجِهَادُ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. (2) وَأَمَّا كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلأَِنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا فُرِضَ لإِِعْزَازِ دِينِ اللَّهِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْحَقِّ، وَدَفْعِ الشَّرِّ عَنِ الْعِبَادِ، فَإِذَا حَصَل الْمَقْصُودُ بِالْبَعْضِ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، بَل إِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْصُل بِإِقَامَةِ الدَّلِيل وَالدَّعْوَةِ بِغَيْرِ جِهَادٍ كَانَ أَوْلَى مِنَ الْجِهَادِ، (3) فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ أَحَدٌ أَثِمَ الْجَمِيعُ بِتَرْكِهِ. (4)</p><font color=#ff0000>6 -</font> أَمَّا إِذَا دَهَمَ الْعَدُوُّ بَلَدًا مِنْ بِلَادِ الإِْسْلَامِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ النَّفِيرُ عَلَى جَمِيعِ أَهْل هَذَا الْبَلَدِ، وَمَنْ بِقُرْبِهِمْ وُجُوبًا عَيْنِيًّا، فَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْهُ، حَتَّى الْفَقِيرِ، وَالْوَلَدِ، وَالْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ بِلَا إِذْنٍ مِنَ: الأَْبَوَيْنِ، وَالسَّيِّدِ، وَالدَّائِنِ، وَالزَّوْجِ. فَإِنْ عَجَزَ أَهْل الْبَلَدِ وَمَنْ بِقُرْبِهِمْ عَنِ الدِّفَاعِ فَعَلَى مَنْ يَلِيهِمْ، إِلَى أَنْ يُفْتَرَضَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَرْضَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة التوبة / 5.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " الجهاد ماض إلى يوم القيامة ". أخرجه أبو داود من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا بلفظ " والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار ". قال المنذري: والراوي عن أنس يزيد بن أبي نشبه، وهو في معنى المجهول، وقال عبد الحق: يزيد بن أبي نشبه هو رجل من بني سليم،لم يرو عنه إلا جعفر بن برقان (عون المعبود 2 / 324، 325 ط الهند، ومختصر سنن أبي داود للمنذري 3 / 380 نشر دار المعرفة، ونصب الراية 3 / 377 ط دار المأمون) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 4 / 210، وفتح القدير 6 / 190، ومواهب الجليل 3 / 346، والإنصاف 4 / 116.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٨)</span><hr/></div>عَيْنٍ كَالصَّلَاةِ تَمَامًا عَلَى هَذَا التَّدْرِيجِ. (1)</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَكَذَلِكَ يَكُونُ النَّفِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى كُل مَنْ يُسْتَنْفَرُ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الاِسْتِنْفَارِ كَالإِْمَامِ أَوْ نُوَّابِهِ، وَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ إِذَا دَعَاهُ دَاعِي النَّفِيرِ، إِلَاّ مَنْ مَنَعَهُ الإِْمَامُ مِنَ الْخُرُوجِ، أَوْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى تَخَلُّفِهِ لِحِفْظِ الأَْهْل أَوِ الْمَال، (2) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيل لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيل اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ} . (3)</p> </p>‌<span class="title">‌النَّفِيرُ مِنْ مِنًى:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَجُوزُ لِلْحَاجِّ أَنْ يَنْفِرَ قَبْل الْغُرُوبِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الرَّمْيِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، (4) وَمِنَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْفِرْ حَتَّى غَرَبَتْ شَمْسُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ حَتَّى يَرْمِيَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ نَفَرَ وَقَدْ أَسَاءَ، وَقِيل: إِنَّهُ عَلَيْهِ دَمٌ. وَأَمَّا لَوْ نَفَرَ بَعْدَ طُلُوعِ فَجْرِ الرَّابِعِ لَزِمَهُ دَمُ (5) هَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ: فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ إِذَا نَفَرَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (6) . كَمَا صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ لَوْ نَفَرَ بَعْدَ الْمَبِيتِ، وَقَبْل الرَّمْيِ، وَلَوْ نَفَرَ قَبْل الْغُرُوبِ ثُمَّ عَادَ إِلَى مِنًى مَارًّا أَوْ زَائِرًا وَلَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ مَبِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا. (7) وَالتَّفْصِيل فِي (الْحَجِّ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 192، ومغني المحتاج 4 / 219 - 220.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإنصاف 4 / 117 - 118.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة التوبة / 38.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الإنصاف 4 / 49، ومغني المحتاج 1 / 506.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 185.</p><font color=#ff0000>(6)</font> مغني المحتاج 1 / 506، والإنصاف 4 / 49، ومواهب الجليل 3 / 131.</p><font color=#ff0000>(7)</font> مغني المحتاج 1 / 506.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p>يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ. الْجِهَادِ، وَفِي الْحَجِّ: الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ.</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِنْقَاء</span></p> </p>اُنْظُرْ: اسْتِنْجَاءٌ</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِنْكَاح</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> فِي الْمِصْبَاحِ: اسْتَنْكَحَ بِمَعْنَى نَكَحَ، وَفِي تَاجِ الْعَرُوسِ وَأَسَاسِ الْبَلَاغَةِ: وَمِنَ الْمَجَازِ اسْتَنْكَحَ النَّوْمُ عَيْنَهُ غَلَبَهَا (1) . وَفُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَطْ هُمُ الَّذِينَ يُعَبِّرُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَى الْغَلَبَةِ مُسَايِرِينَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ فَيَقُولُونَ: اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ أَيِ اعْتَرَاهُ كَثِيرًا.</p>وَبَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ يُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ بِغَلَبَةِ الشَّكِّ أَوْ كَثْرَتِهِ بِحَيْثُ يُصْبِحُ عَادَةً لَهُ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، وتاج العروس، وأساس البلاغة مادة (نكح) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 122 وما بعدها ط عيسى الحلبي، وحاشية ابن عابدين 1 / 101 ط بولاق أولى، وتحفة المحتاج بهامش حاشية الشرواني 1 / 156 ط دار صادر، وكشاف القناع 1 / 363 ط أنصار السنة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> فَسَّرَ الْمَالِكِيَّةُ الشَّكَّ الْمُسْتَنْكِحَ بِأَنَّهُ الَّذِي يَعْتَرِي صَاحِبَهُ كَثِيرًا، بِأَنْ يَأْتِيَ كُل يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً، فَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ فِي الْحَدَثِ بِأَنْ شَكَّ هَل أَحْدَثَ أَمْ لَا بَعْدَ وُضُوئِهِ؟ فَلَا يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحَرَجِ، وَأَمَّا لَوْ أُتِيَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ فَيُنْقَضُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِغَالِبٍ، وَلَا حَرَجَ فِي التَّوَضُّؤِ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنَ الْمُذَهَّبِ. (1) وَانْظُرْ (شَكّ) .</p>وَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ خُرُوجُ الْمَذْيِ أَوِ الْوَدْيِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَفِي الْحُكْمِ تَيْسِيرٌ يُنْظَرُ فِي (سَلَس) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الشَّكُّ الْغَالِبُ يَرِدُ ذِكْرُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِل الْفِقْهِ كَالْوُضُوءِ، وَالْغُسْل، وَالتَّيَمُّمِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَتُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهَا وَفِي مُصْطَلَحِ (شَكّ) .</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِهْزَاء</span></p> </p>اُنْظُرْ: اسْتِخْفَاف<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 122.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِهْلَاك</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِهْلَاكُ لُغَةً: هَلَاكُ الشَّيْءِ وَإِفْنَاؤُهُ، وَاسْتَهْلَكَ الْمَال: أَنْفَقَهُ وَأَنْفَدَهُ. (1)</p>وَاصْطِلَاحًا، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: هُوَ تَصْيِيرُ الشَّيْءِ هَالِكًا أَوْ كَالْهَالِكِ كَالثَّوْبِ الْبَالِي، أَوِ اخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ بِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ إِفْرَادُهُ بِالتَّصَرُّفِ كَاسْتِهْلَاكِ السَّمْنِ فِي الْخُبْزِ. (2)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الإِْتْلَافُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْتْلَافُ هُوَ: إِفْنَاءُ عَيْنِ الشَّيْءِ وَإِذْهَابٌ لَهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الاِسْتِهْلَاكِ، لأَِنَّ عَيْنَ الشَّيْءِ قَدْ تَفْنَى وَقَدْ تَبْقَى مَعَ خُرُوجِهِ عَنْ الاِنْتِفَاعِ الْمَوْضُوعِ لَهُ عَادَةً (3) . اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِتْلَاف) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَكُونُ بِهِ الاِسْتِهْلَاكُ:</span></p> </p><font color=#ff0000>3 -</font> مِمَّا يَكُونُ بِهِ الاِسْتِهْلَاكُ:</p>أ - تَفْوِيتُ الْمَنَافِعِ الْمَوْضُوعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنَ الْعَيْنِ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالْهَالِكِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ، كَتَخْرِيقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس المحيط، واللسان مادة (هلك) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 9 / 4416 طبع مطبعة الإمام، والزيلعي على الكنز 9 / 78، والمغني لابن قدامة 5 / 288 ط 3 للمنار.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القاموس المحيط (تلف) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٠)</span><hr/></div>الثَّوْبِ، (1) وَتَنْجِيسِ الزَّيْتِ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَطْهِيرُهُ. (2)</p>ب - تَعَذُّرُ وُصُول الْمَالِكِ إِلَى حَقِّهِ فِي الْعَيْنِ لاِخْتِلَاطِهِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ تَمْيِيزُهُ عَنْ غَيْرِهِ، كَمَا إِذَا خُلِطَ اللَّبَنُ بِالْمَاءِ، أَوِ الزَّيْتُ بِالشَّيْرَجِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الاِسْتِهْلَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَتَرَتَّبُ عَلَى الاِسْتِهْلَاكِ الْوَاقِعِ مِنَ الْغَيْرِ زَوَال مِلْكِ الْمَالِكِ عَنِ الْعَيْنِ الْمُسْتَهْلَكَةِ، فَهُوَ يَمْنَعُ الاِسْتِرْدَادَ وَيُوجِبُ الضَّمَانَ بِالْمِثْل أَوِ الْقِيمَةِ لِلْمَالِكِ.</p>وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْغَاصِبِ بِالضَّمَانِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِهْلَال</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span>.</p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِهْلَال لُغَةً: مَصْدَرُ اسْتَهَل، وَاسْتَهَل الْهِلَال ظَهَرَ، وَاسْتِهْلَال الصَّبِيِّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِالْبُكَاءِ عِنْدَ وِلَادَتِهِ، وَالإِْهْلَال رَفْعُ الصَّوْتِ بِقَوْل:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 3 / 83 طبعة بولاق الثانية، وشرح الحطاب 5 / 269، وحاشية الدسوقي 5 / 420، والمغني 5 / 347.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 2 / 251.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 5 / 78، والبدائع 7 / 156، وحاشية الدسوقي 3 / 421، وأسنى المطالب 2 / 358، 359، والشرواني على التحفة 7 / 123، والمغني 6 / 265.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 9 / 4416، 4417، ونهاية المحتاج 5 / 184.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٠)</span><hr/></div>لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَهَل الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ: رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ. (1)</p>وَالْبَحْثُ هُنَا قَاصِرٌ عَلَى اسْتِهْلَال الْمَوْلُودِ.</p>وَيَخْتَلِفُ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِالاِسْتِهْلَال، فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى‌<span class="title">‌ الصِّيَاحِ</span>، وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (2) ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَوْسَعَ مِنْ ذَلِكَ وَأَرَادَ بِهِ كُل مَا يَدُل عَلَى حَيَاةِ الْمَوْلُودِ، مِنْ رَفْعِ صَوْتٍ، أَوْ حَرَكَةِ عُضْوٍ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ. (3) وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ كُل صَوْتٍ يَدُل عَلَى الْحَيَاةِ مِنْ صِيَاحٍ، أَوْ عُطَاسٍ، أَوْ بُكَاءٍ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ (4) .</p>وَاَلَّذِينَ قَصَرُوا الاِسْتِهْلَال عَلَى الصِّيَاحِ لَا يَمْنَعُونَ حُصُول حَيَاةِ الْمَوْلُودِ الَّذِي مَاتَ دُونَ صِيَاحٍ، وَإِنَّمَا يَحْكُمُونَ عَلَى حَيَاتِهِ بِبَعْضِ الأَْمَارَاتِ الَّتِي تَدُل عَلَى الْحَيَاةِ بِمُفْرَدِهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا.</p>وَسَيَشْمَل هَذَا الْبَحْثُ أَحْكَامَ الاِسْتِهْلَال بِمَعْنَاهُ الأَْعَمِّ، وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِتَعَدُّدِ‌<span class="title">‌ أَمَارَاتِ الْحَيَاةِ</span>.</p> </p>أَمَارَاتُ الْحَيَاةِ:</p>أ - الصِّيَاحُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الصِّيَاحَ أَمَارَةٌ يَقِينِيَّةٌ عَلَى الْحَيَاةِ، لَكِنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْحَال الَّتِي يُعْتَبَرُ الصِّيَاحُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تاج العروس مادة (هلل) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير للدردير 1 / 427، والمجموع 5 / 255، وشرح الروض 3 / 19، والمغني 7 / 199.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 16 / 144، وابن عابدين 5 / 377، والبحر الرائق 2 / 202.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 7 / 199.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣١)</span><hr/></div>فِيهَا مُؤَثِّرًا، وَقَدْ يَخْتَلِفُ ذَلِكَ مِنْ مَوْطِنٍ لآِخَرَ فِي الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْعُطَاسُ وَالاِرْتِضَاعُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْعُطَاسُ وَالاِرْتِضَاعُ مِنْ أَمَارَاتِ الاِسْتِهْلَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُمَا فِي مَعْنَاهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَحْمَدَ كَذَلِكَ، فَيَثْبُتُ بِهِمَا حُكْمُ الاِسْتِهْلَال عِنْدَهُمْ.</p>أَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ فَلَا عِبْرَةَ بِالْعُطَاسِ، لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنَ الرِّيحِ، وَكَذَلِكَ الرَّضَاعُ إِلَاّ أَنَّ الْكَثِيرَ مِنَ الرَّضَاعِ مُعْتَبَرٌ، وَالْكَثِيرُ مَا تَقُول أَهْل الْمَعْرِفَةِ: إِنَّهُ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ إِلَاّ مِمَّنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ. (1)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّنَفُّسُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَأْخُذُ التَّنَفُّسُ حُكْمَ الْعُطَاسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (2)</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْحَرَكَةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> حَرَكَةُ الْمَوْلُودِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ طَوِيلَةً أَوْ يَسِيرَةً، وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الاِخْتِلَاجِ، إِذْ الاِخْتِلَاجُ تَحَرُّكُ عُضْوٍ، وَالْحَرَكَةُ أَعَمُّ مِنْ تَحَرُّكِ عُضْوٍ أَوْ تَحَرُّكِ الْجُمْلَةِ. وَلِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ اتِّجَاهَاتٍ فِي الْحَرَكَةِ:</p>الأَْوَّل: الأَْخْذُ بِهَا مُطْلَقًا.</p>وَالثَّانِي: عَدَمُ الاِعْتِدَادِ بِهَا مُطْلَقًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 16 / 144، والجمل 2 / 191، وشرح الروض 3 / 19، والشرواني على التحفة 3 / 162، والروضة 9 / 367، والشرح الكبير للدردير 1 / 427، والخرشي 2 / 46، والإنصاف 7 / 331.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣١)</span><hr/></div>وَالثَّالِثُ: الأَْخْذُ بِ‌<span class="title">‌الْحَرَكَةِ الطَّوِيلَةِ </span>دُونَ الْيَسِيرَةِ.</p> </p>هـ - الْحَرَكَةُ الطَّوِيلَةُ:</p><font color=#ff0000>6 -</font> الْحَرَكَةُ الطَّوِيلَةُ مِنْ الاِسْتِهْلَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، عَدَا ابْنِ عَابِدِينَ، وَفِي مَعْنَى الاِسْتِهْلَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَحَدُ رَأْيَيِ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الاِسْتِهْلَال كَذَلِكَ. أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلِهِمُ الآْخَرِ، وَابْنُ عَابِدِينَ فَإِنَّهُمْ لَا يُعْطُونَهَا حُكْمَ الاِسْتِهْلَال، سَوَاءٌ أَكَانَتْ طَوِيلَةً أَمْ يَسِيرَةً، لأَِنَّ حَرَكَتَهُ كَحَرَكَتِهِ فِي الْبَطْنِ، وَقَدْ يَتَحَرَّكُ الْمَقْتُول، وَقِيل بِهَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (1)</p> </p>و‌<span class="title">‌ الْحَرَكَةُ الْيَسِيرَةُ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> تَأْخُذُ الْحَرَكَةُ الْيَسِيرَةُ حُكْمَ الاِسْتِهْلَال عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، (2) أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَمِنْهُمْ مَنْ وَافَقَ الْحَنَفِيَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَرَدَّدَ، إِذْ لَمْ يُفَرِّقْ كَثِيرٌ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ بَيْنَ الْحَرَكَةِ الطَّوِيلَةِ وَالْحَرَكَةِ الْيَسِيرَةِ، (3) وَمِنْهُمْ مَنِ اشْتَرَطَ قُوَّةَ الْحَرَكَةِ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، لأَِنَّهَا لَا تَدُل عَلَى الْحَيَاةِ:(4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 302، وابن عابدين 5 / 377، والشرح الكبير للدردير 1 / 427، والخرشي 2 / 46، والجمل 2 / 191، والشرواني على التحفة 3 / 162، والروضة 9 / 367، والإنصاف 7 / 331.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجمل 2 / 191، والشرواني على التحفة 3 / 162.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الروضة 9 / 367، والمهذب 2 / 32.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٢)</span><hr/></div>ز -‌<span class="title">‌ الاِخْتِلَاجُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَأْخُذُ الاِخْتِلَاجُ حُكْمَ الْحَرَكَةِ الْيَسِيرَةِ عِنْدَ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ شَهَرُوا عَدَمَ إِعْطَائِهِ حُكْمَ الاِسْتِهْلَال (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِثْبَاتُ الاِسْتِهْلَال:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> مِمَّا يَثْبُتُ بِهِ الاِسْتِهْلَال الشَّهَادَةُ، وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ بِأَقْوَال رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَهُوَ مَحَل اتِّفَاقٍ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْعَدَدِ الْمُجْزِي وَالْمَوَاطِنِ الْمَقْبُولَةِ.</p><font color=#ff0000>10 -</font> وَالاِسْتِهْلَال مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي يَطَّلِعُ عَلَيْهَا النِّسَاءُ غَالِبًا، لِذَلِكَ يَقْبَل الْفُقَهَاءُ - عَدَا الرَّبِيعِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - شَهَادَتَهُنَّ عَلَيْهِ مُنْفَرِدَاتٍ عَنِ الرِّجَال.</p>إلَاّ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي نِصَابِهَا وَفِي الْمَوَاطِنِ الَّتِي تُقْبَل شَهَادَتُهُنَّ فِيهَا.</p>وَتَفْصِيل اتِّجَاهَاتِهِمْ فِي نِصَابِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ كَمَا يَلِي:</p><font color=#ff0000>11 -</font> يَرَى الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُقْبَل قَوْل النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ إِلَاّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لأَِنَّهُ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَخَبَرُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ. أَمَّا غَيْرُ الصَّلَاةِ كَالْمِيرَاثِ فَلَا يَثْبُتُ الاِسْتِهْلَال بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ، وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ. (2)</p>وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى الاِسْتِهْلَال إِنْ كَانَتْ حُرَّةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الروضة 9 / 367، وشرح الروض وحاشية الرملي عليه 3 / 19.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 1 / 302، والمبسوط 16 / 143، 144، ومجمع الأنهر 2 / 187.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٢)</span><hr/></div>مُسْلِمَةً عَدْلاً. (1) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ فِي الاِسْتِهْلَال (2) .</p>وَالْعِلَّةُ فِيهِ - كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ - أَنَّ اسْتِهْلَال الصَّبِيِّ يَكُونُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَتِلْكَ حَالَةٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَال، وَفِي صَوْتِهِ مِنَ الضَّعْفِ عِنْدَ ذَلِكَ مَا لَا يَسْمَعُهُ إِلَاّ مَنْ شَهِدَ تِلْكَ الْحَالَةَ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّجُل كَشَهَادَةِ الرِّجَال فِيمَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، فَكَذَلِكَ يَرِثُ.</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجَازَ شَهَادَةَ الْقَابِلَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ (3) وَقَال: شَهَادَةُ النِّسَاءِ جَائِزَةٌ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَال (4) وَالنِّسَاءُ جِنْسٌ فَيَدْخُل فِيهِ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الاِسْمُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 10 / 137، والإنصاف 12 / 86، والمبسوط 16 / 143.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأثر عن علي رضي الله عنه أخرجه عبد الرزاق في مصنفه. قال الزيلعي: هذا سند ضعيف، فإن الجحفي وابن يحيى فيهما مقال (نصب الراية 4 / 80 ط مطبعة دار المأمون الطبعة الأولى 1367 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث حذيفة أخرجه الدارقطني مرفوعا بلفظ:" أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة " وتعقب إسناد هذا الحديث بقوله: محمد بن عبد الملك لم يسمع من الأعمش بينهما رجل مجهول، وهو أبو عبد الرحمن المدائني. ثم أخرجه عن محمد بن عبد الملك عن أبي عبد الرحمن</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " شهادة النساء جائزة. . . " أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة أثرا عن الزهري بلفظ " مضت السنة أن تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء وعيوبهن " وأخرج عبد الرزاق أثرا عن ابن عمر بهذا المعنى وعن ابن المسيب وعروة بن الزبير كذلك (نصب وتلخيص الحبير 4 / 207 - 208 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة 1384 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٣)</span><hr/></div>وَإِنَّمَا فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ الْمِيرَاثِ، لأَِنَّ الْمِيرَاثَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ. (1)</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو ثَوْرٍ رَأَوْا أَنَّهُ لَا يُقْبَل فِي الاِسْتِهْلَال أَقَل مِنِ امْرَأَتَيْنِ، قَالُوا: لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشَّهَادَةِ شَيْئَانِ: الْعَدَدُ وَالذُّكُورَةُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اعْتِبَارُ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الذُّكُورَةُ هُنَا، وَلَمْ يَتَعَذَّرِ اعْتِبَارُ الْعَدَدِ فَبَقِيَ مُعْتَبَرًا كَسَائِرِ الشَّهَادَاتِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الثَّلَاثِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يَرَى عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ أَنَّهُ لَا يُقْبَل فِي الاِسْتِهْلَال أَقَل مِنْ ثَلَاثِ نِسَاءٍ، وَالْوَجْهُ عِنْدَهُ أَنَّ كُل مَوْضِعٍ قُبِلَتْ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ كَانَ الْعَدَدُ ثَلَاثَةً، وَهُوَ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ. (3)</p><font color=#ff0000>14 -</font> وَلَا يَقْبَل الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الاِسْتِهْلَال أَقَل مِنْ أَرْبَعٍ مِنَ النِّسْوَةِ، لأَِنَّ كُل امْرَأَتَيْنِ تَقُومَانِ مَقَامَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، (4) فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَاحِدٍ. (5)</p> </p><font color=#ff0000>15 -</font> أَمَّا شَهَادَةُ الرِّجَال فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ شَهَادَةِ الرَّجُلَيْنِ عَلَى الاِسْتِهْلَال وَنَحْوِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 16 / 143، 144، والبدائع 1 / 302، ومجمع الأنهر 2 / 187.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الرهوني 7 / 422.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 10 / 137 ط مكتبة القاهرة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح الروض 4 / 362، والمغني 9 / 156.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" شهادة امرأتين. . . . " أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر مرفوعا بلفظ " فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل " كما أخرجه من حديث أبي هريرة بمثل حديث ابن عمر (صحيح مسلم 1 / 86 - 87 ط عيسى الحلبي 1354 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٣)</span><hr/></div>وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ شَهَادَةِ الرَّجُل الْوَاحِدِ.</p>فَأَجَازَهَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الرَّجُل أَكْمَل مِنَ الْمَرْأَةِ، فَإِذَا اُكْتُفِيَ بِهَا وَحْدَهَا فَلأََنْ يُكْتَفَى بِهِ أَوْلَى، وَلأَِنَّ مَا قُبِل فِيهِ قَوْل الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ يُقْبَل فِيهِ قَوْل الرَّجُل الْوَاحِدِ كَالرِّوَايَةِ (1) .</p>وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْفُقَهَاءِ فَيَمْنَعُونَهَا، لِمَا تَقَدَّمَ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَسْمِيَةُ الْمُسْتَهِل:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> يُسَمَّى الْمَوْلُودُ إِنْ اسْتَهَل وَلَوْ مَاتَ عَقِبَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَابْنِ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَاّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَازِمَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَنْدُوبَةٌ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال:" سَمُّوا أَسْقَاطَكُمْ فَإِنَّهُمْ أَسْلَافُكُمْ (2) رَوَاهُ ابْنُ السَّمَّاكِ بِإِسْنَادِهِ، قِيل: إِنَّهُمْ يُسَمَّوْنَ لِيُدْعَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 16 / 144، والمغني 10 / 138، وشرح منتهى الإرادات 3 / 558.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " سموا أسقاطكم. . . " أخرجه ابن عساكر في التاريخ من حديث أبي هريرة بلفظ: " سموا أسقاطكم فإنهم من أفراطكم " وحكم الألباني بوضعه. قال ابن النحوي في التخريج الصغير لأحاديث الشرح الكبير: وحديث سموا السقط غريب كذلك روى السلفي من حديث أبي هريرة بإسنا والفتوحات الربانية 6 / 103 نشر المكتبة الإسلامية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٤)</span><hr/></div>لِلسَّقْطِ ذُكُورَةٌ وَلَا أُنُوثَةٌ سُمِّيَ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُمَا، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ فِي تَسْمِيَةِ الْمُسْتَهَل إِكْرَامًا لَهُ لأَِنَّهُ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ يَحْتَاجُ أَبُوهُ إلَى أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ عِنْدَ الدَّعْوَى بِهِ. (1)</p>أَمَّا الْقَوْل الآْخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَنُسِبَ إِلَى مَالِكٍ فَهُوَ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَدُهُ قَبْل السَّابِعِ فَلَا تَسْمِيَةَ عَلَيْهِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌غُسْل الْمُسْتَهِل إِذَا مَاتَ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَدَفْنُهُ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> مَوْتُ الْمُسْتَهِل إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْل الاِنْفِصَال أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِيهِ مَا يَلْزَمُ فِي الْكَبِيرِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الطِّفْل إِذَا عُرِفَتْ حَيَاتُهُ وَاسْتَهَل يُصَلَّى عَلَيْهِ.</p>أَمَّا بَعْدَ الاِنْفِصَال فَإِنْ كَانَ خَرَجَ مُعْظَمُهُ، فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الدُّرِّ بِمَا إِذَا انْفَصَل تَامَّ الأَْعْضَاءِ.</p>وَيُصَلَّى عَلَيْهِ أَيْضًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِنْ صَاحَ بَعْدَ الظُّهُورِ، وَكَذَلِكَ إِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْحَيَاةِ الأُْخْرَى غَيْرُ الصِّيَاحِ فِي الأَْظْهَرِ، وَلَا أَثَرَ لِلاِسْتِهْلَال وَعَدَمِهِ فِي غُسْل الْمَيِّتِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، إِذْ يُوجِبُونَ غُسْل السَّقْطِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ إِذَا نَزَل لأَِرْبَعَةِ أَشْهُرٍ سَوَاءٌ اسْتَهَل أَمْ لَا.</p>وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ غُسْل الطِّفْل وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَسْتَهِل صَارِخًا بَعْدَ نُزُولِهِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 2 / 202، والرهوني 3 / 70، ونهاية المحتاج 7 / 139، والمغني 2 / 397، 398.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الرهوني 3 / 70.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الدر المختار 1 / 108، والبحر الرائق 2 / 203، والخرشي 2 / 42، وحاشية الدسوقي على الدردير 1 / 427، ومغني المحتاج 1 / 349، والمغني مع الشرح 2 / 337، 397.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٤)</span><hr/></div>وَأَمَّا الدَّفْنُ فَإِنَّ الْجَنِينَ إِذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَجِبُ دَفْنُهُ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْهَا يُسَنُّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِهْلَال الْمَوْلُودِ وَأَثَرُهُ فِي إِرْثِهِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> الْجَنِينُ إِذَا اسْتَهَل بَعْدَ تَمَّامِ انْفِصَالِهِ - عَلَى الاِخْتِلَافِ السَّابِقِ فِي الْمُرَادِ بِالاِسْتِهْلَال - فَإِنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ بِالإِْجْمَاعِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِذَا اسْتَهَل الْمَوْلُودُ وَرِثَ. (1) وَقَوْلِهِ: الطِّفْل لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِل (2) وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مَيِّتًا وَلَمْ يَسْتَهِل فَالاِتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُورَثُ وَلَا يَرِثُ.</p>وَأَمَّا لَوْ اسْتَهَل بَعْدَ خُرُوجِ بَعْضِهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْل تَمَامِ انْفِصَالِهِ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَرِثُ وَيُورَثُ إِنْ اسْتَهَل بَعْدَ خُرُوجِ أَكْثَرِهِ، لأَِنَّ الأَْكْثَرَ لَهُ حُكْمُ الْكُل، فَكَأَنَّهُ خَرَجَ كُلُّهُ حَيًّا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: إذا استهل المولود. . . " أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة مرفوعا، وفي إسناده محمد بن إسحاق، وفيه مقال معروف. وقد روي عن ابن حبان تصحيح الحديث (نيل الأوطار 6 / 67 ط المطبعة العثمانية المصرية 1357 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " الطفل لا يصلى عليه ولا يرث. . . . " أخرجه الترمذي، واللفظ له، وابن ماجه من حديث جابر. واختلف هل من المرفوع أو الموقوف، وبه جزم النسائي والدارقطني. قال الحافظ ابن حجر بعد ذكر هذا الحديث: وفي إسناده إسماعيل المكي وهو ضعيف. ورواه ابن ماجه من طريق الربيع عن أبي الزبير مرفوعا، والربيع ضعيف (تحفة الأحوذي 4 / 120 نشر المكتبة السلفية 1385 هـ، وتلخيص الحبير 2 / 113 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة 1384 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٥)</span><hr/></div>وَقَال الْقَفَّال مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا وَرِثَ. (1)</p>‌<span class="title">‌الْجِنَايَةُ عَلَى الْجَنِينِ إِذَا مَاتَ بَعْدَ اسْتِهْلَالِهِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> الْجِنَايَةُ عَلَى الْمُسْتَهِل إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْل الاِنْفِصَال أَوْ بَعْدَهُ، وَاَلَّتِي قَبْلَهُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَبْل ظُهُورِهِ أَوْ بَعْدَهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُهَا قَبْل الظُّهُورِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> إِنْ تَعَمَّدَ الْجَانِي ضَرْبَ الأُْمِّ فَخَرَجَ الْجَنِينُ مُسْتَهِلًّا، ثُمَّ مَاتَ بِسَبَبِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى الأُْمِّ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الأُْمُّ حَيَّةً أَمْ مَيِّتَةً. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا قَسَامَةَ أَوْلِيَائِهِ حَتَّى يَأْخُذُوا الدِّيَةَ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ أَنَّ فِي الْجَنِينِ يَسْقُطُ حَيًّا مِنَ الضَّرْبِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَكَذَلِكَ الْحَال إِنْ تَعَمَّدَ قَتْل الْجَنِينِ بِضَرْبِ أُمِّهِ عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ رَأْسِهَا عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْوَاجِبِ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ، فَأَشْهَبُ قَال: لَا قَوَدَ فِيهِ، بَل تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَال الْجَانِي بِقَسَامَةٍ، قَال ابْنُ الْحَاجِبِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ، قَال فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العذب الفائض 2 / 91، 92، والشرح الكبير للدردير 4 / 269، والتاج والإكليل 6 / 258، والروضة 6 / 37، وشرح الروض 3 / 19، والإنصاف 7 / 331، والفتاوى الهندية 6 / 456، والبحر الرائق 2 / 203.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهندية 6 / 35، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 269، ونهاية المحتاج 7 / 361، 362، والإنصاف 10 / 74.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حُكْمُهَا بَعْدَ الظُّهُورِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> إِنْ ظَهَرَ الْجَنِينُ ثُمَّ صَاحَ، ثُمَّ جَنَى جَانٍ عَلَيْهِ عَمْدًا فَالأَْصَحُّ أَنَّ فِيهِ الْقِصَاصَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (1) وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ ظَهَرَ أَغْلَبُهُ. وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: فَإِنْ كَانَ ذَبَحَهُ رَجُلٌ حَالِمًا يُخْرِجُ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ لأَِنَّهُ جَنِينٌ، وَإِنْ قَطَعَ أُذُنَهُ وَخَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ. (2)</p>وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الاِعْتِبَارُ بِالاِنْفِصَال التَّامِّ (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الْجِنَايَةُ بَعْدَ الاِنْفِصَال:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> قَتْل الْمُسْتَهِل بَعْدَ الاِنْفِصَال كَقَتْل الْكَبِيرِ، فِيهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ. وَكَذَلِكَ إِنْ انْفَصَل بِجِنَايَةٍ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَقَتَلَهُ جَانٍ آخَرُ.</p>أَمَّا إِنْ نَزَل فِي حَالَةٍ لَا يُحْتَمَل أَنْ يَعِيشَ مَعَهَا، وَقَتَلَهُ شَخْصٌ آخَرُ فَإِنَّ الضَّامِنَ هُوَ الأَْوَّل، وَيُعَزَّرُ الثَّانِي. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌الاِخْتِلَافُ فِي اسْتِهْلَال الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي خُرُوجِهِ حَيًّا يُرَاعَى قَوْل الضَّارِبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ، لأَِنَّ الأَْصْل نُزُول الْوَلَدِ غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ، فَمُدَّعَى عَدَمَ الاِسْتِهْلَال لَا يَحْتَاجُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 7 / 361، 362، والإنصاف 10 / 74.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهندية 6 / 35، وشرح السراجية 321، 322، والبحر الرائق 2 / 203.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الروضة 9 / 367، والجمل 5 / 99، والإنصاف 10 / 74.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البحر الرائق 8 / 390، والبدائع 7 / 239، والشرح الكبير مع المغني 9 / 546، وشرح الروض 4 / 89.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٦)</span><hr/></div>إِثْبَاتِهِ، وَمُدَّعِيهِ يَحْتَاجُ إِلَى إِثْبَاتِهِ.</p>وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَوْل الْوَلِيِّ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِوَاء</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الاِسْتِوَاءِ فِي اللُّغَةِ: الْمُمَاثَلَةُ وَالاِعْتِدَال. (2)</p>وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ مُطْلَقًا بِمَعْنَى الْمُمَاثَلَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِمْ: إِذَا اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الدَّرَجَةِ وَالإِْدْلَاءِ اسْتَوَيَا فِي الْمِيرَاثِ. (3)</p>وَبِمَعْنَى الاِعْتِدَال كَقَوْلِهِمْ فِي الصَّلَاةِ: إِذَا رَفَعَ الْمُصَلِّي رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ اسْتَوَى قَائِمًا. (4)</p>وَاسْتَعْمَلُوهُ مُقَيَّدًا بِالْوَقْتِ فَقَالُوا: وَقْتُ الاِسْتِوَاءِ أَيِ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ قَاصِدِينَ وَقْتَ قِيَامِ الشَّمْسِ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ، لأَِنَّهَا قَبْل ذَلِكَ مَائِلَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ، وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> تُكْرَهُ صَلَاةُ النَّافِلَةِ وَقْتَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 8 / 391، وشرح الروض 4 / 94، والإنصاف 10 / 74.</p><font color=#ff0000>(2)</font> اللسان والمصباح المنير مادة (سوى) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 30 ط دار المعرفة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 1 / 507، 508 ط الرياض الحديثة، والمقنع 1 / 188 ط السلفية.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المهذب 1 / 99.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٦)</span><hr/></div>قَال: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، وَأَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيل الشَّمْسُ، وَحِينَ تُضِيفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ (1) وَلَا يُكْرَهُ مَا لَهُ سَبَبٌ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِلْحَنَابِلَةِ الْكَرَاهَةُ مُطْلَقًا. وَيَزِيدُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ النَّهْيُ عَنِ الْفَرْضِ، وَعَنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يَرِدْ ذِكْرٌ لِمَنْعِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا الْوَقْتِ (2) فِي الْمَشْهُورِ كَمَا قَال ابْنُ جُزَيٍّ.</p>وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ.</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِيَاك</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِيَاكُ لُغَةً: مَصْدَرُ اسْتَاكَ. وَاسْتَاكَ: نَظَّفَ فَمَه وَأَسْنَانَهُ بِالسِّوَاكِ، وَمِثْلُهُ تَسَوَّكَ.</p>وَيُقَال: سَاكَ فَمَه بِالْعُودِ يَسُوكُهُ سَوْكًا إِذَا دَلَكَهُ بِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عقبة بن عامر أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (جامع الأصول في أحاديث الرسول 5 / 254 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 1 / 99، والمغني 2 / 107، والهداية 1 / 40 ط المكتبة الإسلامية، وجواهر الإكليل 1 / 34 ط دار المعرفة، وحاشية ابن عابدين 1 / 248، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 100، والقوانين الفقهية ص 36.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٧)</span><hr/></div>وَلَفْظُ السِّوَاكِ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْفِعْل، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْعُودُ الَّذِي يُسْتَاكُ بِهِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا الْمِسْوَاكُ. (1)</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ ذَلِكَ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌تَخْلِيل الأَْسْنَانِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> هُوَ إِخْرَاجُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ فَضَلَاتٍ بِالْخِلَال، وَهُوَ عُودٌ أَوْ نَحْوُهُ (3) وَفِي الْحَدِيثِ: رَحِمَ اللَّهُ الْمُتَخَلِّلِينَ مِنْ أُمَّتِي فِي الْوُضُوءِ وَالطَّعَامِ (4) فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِسْتِيَاكِ: أَنَّ التَّخْلِيل خَاصٌّ بِإِخْرَاجِ مَا بَيْنَ الأَْسْنَانِ، أَمَّا السِّوَاكُ فَهُوَ لِتَنْظِيفِ الْفَمِ وَالأَْسْنَانِ بِنَوْعٍ مِنَ الدَّلْكِ.</p> </p>‌<span class="title">‌حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ السِّوَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> السِّوَاكُ سَبَبٌ لِتَطْهِيرِ الْفَمِ، مُوجِبٌ لِمَرْضَاةِ الرَّبِّ. لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمعجم الوسيط، والقاموس مادة (سوك) ، والشرح الصغير وحاشيته 1 / 126.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحطاب 1 / 263، 264، والجمل 1 / 116 - 117، والشرح الصغير 1 / 124، والمجموع 1 / 269، ونهاية المحتاج 1 / 162.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن ماجه 1 / 121، ولسان العرب مادة (خلل) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> النهاية لابن الأثير، ولسان العرب مادة (خلل) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> نيل الأوطار للشوكاني 1 / 124 ط البابي الحلبي. وحديث " السواك مطهرة. . . " علقه البخاري ووصله أحمد وابن حبان من حديث عبد الرحمن بن عتيق، ورواه الشافعي وابن خزيمة والنسائي والبيهقي في سننهما وآخرون، والحديث صحيح. (المجموع 1 / 267 وتلخيص الحبير 1 / 60 ومجمع الزوائد 1 / 220 - 221) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَعْتَرِي الاِسْتِيَاكَ أَحْكَامٌ ثَلَاثَةٌ:</p>الأَْوَّل: النَّدْبُ، وَهُوَ الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، حَتَّى حَكَى النَّوَوِيُّ إِجْمَاعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِرَأْيِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَامَّةً عَلَى ذَلِكَ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُل صَلَاةٍ (1) قَال الشَّافِعِيُّ: لَوْ كَانَ وَاجِبًا لأََمَرَهُمْ بِهِ، شَقَّ أَوْ لَمْ يَشُقَّ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ (2) وَلِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ حَتَّى فِي النَّزْعِ، (3) وَتَسْمِيَتِهِ إيَّاهُ مِنْ خِصَال الْفِطْرَةِ. (4)</p>الثَّانِي: الْوُجُوبُ، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، فَقَدْ رَأَى أَنَّ الأَْصْل فِي الاِسْتِيَاكِ الْوُجُوبُ لَا النَّدْبُ، وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِظَاهِرِ الأَْمْرِ فِي الْحَدِيثِ أَمَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إعانة الطالبين 1 / 44، ونيل الأوطار للشوكاني 1 / 124 ط البابي الحلبي، والمجموع 1 / 271 ط الطباعة المنيرية، والدر المختار على حاشية ابن عابدين 1 / 78 ط الثالثة، والحطاب 1 / 224. والحديث رواه الأئمة الستة من حديث أبي هريرة، وعند مسلم بلفظ " عند كل صلاة ". قال ابن منده: وإسناده مجمع على صحته. (تلخيص الحبير 1 / 62)</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 1 / 271 الطباعة المنيرية، والمغني 1 / 78 ط المنار، والحطاب 1 / 271 ط النجاح. والحديث سبق تخريجه ف 3.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 78 ط المنار، والحطاب 1 / 264. والحديث رواه البخاري في آخر كتاب المغازي عن عائشة. (نصب الراية 1 / 8) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> الجمل 1 / 119، والمغني 1 / 80، وإعانة الطالبين 1 / 44 البابي الحلبي. والحديث أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا " عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء. . . " (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 223 ط عيسى الحلبي 1374 هـ، وجامع الأصول في أحاديث الرسول 4 / 774 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٨)</span><hr/></div>النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْوُضُوءِ لِكُل صَلَاةٍ، طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ لِكُل صَلَاةٍ. (1)</p>الثَّالِثُ: الْكَرَاهَةُ، إِذَا اسْتَاكَ فِي الصِّيَامِ بَعْدَ الزَّوَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى لِلْحَنَابِلَةِ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَعَطَاءٍ، لِحَدِيثِ الْخُلُوفِ الآْتِي. (2)</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّ حُكْمَهُ فِي حَال الصَّوْمِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ، أَخْذًا بِعُمُومِ أَدِلَّةِ السِّوَاكِ (3)</p>وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ بَعْضُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ - بَعْدَ نَظَرٍ فِي الأَْدِلَّةِ - أَنَّ السِّوَاكَ لَا يُكْرَهُ بَعْدَ الزَّوَال، لأَِنَّ عُمْدَةَ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِالْكَرَاهَةِ حَدِيثُ الْخُلُوفِ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لأَِنَّ الْخُلُوفَ مِنْ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ، وَالسِّوَاكُ لَا يُزِيلُهُ، وَإِنَّمَا يُزِيل وَسَخَ الأَْسْنَانِ. قَالَهُ الأَْذْرُعِيُّ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 1 / 271 والمغني 1 / 78. والحديث أخرجه أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن حنظلة، قال الشوكاني: وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد عنعن، وفي الاحتجاج به خلاف، وأخرجه الحاكم ببعض الزيادات وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي (مختصر سنن أبي داود للمنذري 1 / 40 نشر دار المعرفة 1400 هـ، ونيل الأوطار 1 / 265 ط دار الجيل، والمستدرك 1 / 156 نشر دار الكتاب العربي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجمل 1 / 119، والمغني 1 / 80، وإعانة الطالبين 1 / 44 ط البابي الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 372، ومواهب الجليل 2 / 442.</p><font color=#ff0000>(4)</font> هامش المجموع 1 / 279. والحديث أخرجه البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، ولفظ مسلم " فوالذي نفس محمد بيده لخلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك "(جامع الأصول 9 / 450 ط مكتبة الحلواني 1392 هـ، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 806 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الاِسْتِيَاكُ فِي الطَّهَارَةِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌الْوُضُوءُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْوُضُوءِ، وَاخْتَلَفُوا هَل هُوَ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا؟ عَلَى رَأْيَيْنِ:</p>الأَْوَّل: قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ:(1) الاِسْتِيَاكُ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُل وُضُوءٍ وَفِي رِوَايَةٍ لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمُ السِّوَاكَ مَعَ كُل وُضُوءٍ (2) .</p>الثَّانِي: قَال الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الرَّأْيُ الأَْوْجَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: السِّوَاكُ سُنَّةٌ خَارِجَةٌ عَنِ الْوُضُوءِ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ.</p>وَمَدَارُ الْحُكْمِ عِنْدَهُمْ عَلَى مَحَلِّهِ، فَمَنْ قَال إِنَّهُ قَبْل التَّسْمِيَةِ قَال، إِنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الْوُضُوءِ، وَمَنْ قَال بَعْدَ التَّسْمِيَةِ، قَال بِسُنِّيَّتِهِ لِلْوُضُوءِ. (3)</p>‌<span class="title">‌التَّيَمُّمُ وَالْغُسْل:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يُسْتَحَبُّ الاِسْتِيَاكُ عِنْدَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْل،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 105، والشرح الصغير 1 / 124، ونهاية المحتاج 1 / 162، والمجموع 1 / 272.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رواه البخاري والحاكم وابن خزيمة في صحيحيهما وأسانيده جيدة (المجموع 1 / 273) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 1 / 162، 163، وكشاف القناع 1 / 62، والإنصاف 1 / 117.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٩)</span><hr/></div>وَيَكُونُ مَحَلُّهُ فِي التَّيَمُّمِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الضَّرْبِ، وَفِي الْغُسْل عِنْدَ الْبَدْءِ فِيهِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الاِسْتِيَاكُ لِلصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> فِي الاِسْتِيَاكِ لِلصَّلَاةِ ثَلَاثَةُ اتِّجَاهَاتٍ:</p>الأَْوَّل، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ: يَتَأَكَّدُ الاِسْتِيَاكُ عِنْدَ كُل صَلَاةٍ فَرْضِهَا وَنَفْلِهَا، وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُل رَكْعَتَيْنِ وَقَرُبَ الْفَصْل، وَلَوْ نَسِيَهُ سُنَّ لَهُ قِيَاسًا تَدَارُكُهُ بِفِعْلٍ قَلِيلٍ، (2) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُل صَلَاةٍ، أَوْ مَعَ كُل صَلَاةٍ. (3)</p>الثَّانِي: لَا يُسَنُّ الاِسْتِيَاكُ لِلصَّلَاةِ، بَل لِلْوُضُوءِ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، فَلَوْ أَتَى بِهِ عِنْدَ الْوُضُوءِ لَا يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الصَّلَاةِ، (4) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لأََمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُل وُضُوءٍ (5)</p>الثَّالِثُ: يُنْدَبُ الاِسْتِيَاكُ لِصَلَاةِ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ بَعُدَتْ مِنْ الاِسْتِيَاكِ لِلْعُرْفِ، فَلَا يُنْدَبُ أَنْ يَسْتَاكَ لِكُل صَلَاةٍ مَا لَمْ يَبْعُدْ مَا بَيْنَهُمَا عَنْ الاِسْتِيَاكِ، وَهُوَ قَوْل الْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (6)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشبراملسي على نهاية المحتاج 1 / 163، والحطاب 1 / 264، والإنصاف 1 / 119، ونيل الأوطار 1 / 124.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 1 / 226.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المجموع 1 / 274، والحديث سبق تخريجه ف (4) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 1 / 105، وحاشية الطحطاوي على الدر 1 / 69.</p><font color=#ff0000>(5)</font> رواه ابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما وصححاه وأسانيده جيدة، وذكره البخاري في صحيحه في كتاب الصيام تعليقا بصيغة الجزم. ورواه ابن حبان في صحيحه بزيادة " عند كل صلاة. . . " ورواه ابن أبي خيثمة في تاريخه بسند حسن عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضئون "(تلخيص الحبي والمجموع 1 / 273، ومجمع الزوائد 1 / 221) .</p><font color=#ff0000>(6)</font> الشرح الصغير 1 / 126، وابن عابدين 1 / 106.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٣٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الاِسْتِيَاكُ لِلصَّائِمِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالاِسْتِيَاكِ لِلصَّائِمِ أَوَّل النَّهَارِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الاِسْتِيَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَال عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌السِّوَاكُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يَنْبَغِي لِقَارِئِ الْقُرْآنِ إِذَا أَرَادَ الْقِرَاءَةَ أَنْ يُنَظِّفَ فَمَهُ بِالسِّوَاكِ. (2)</p>وَيُسْتَحَبُّ كَذَلِكَ عِنْدَ قِرَاءَةِ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ.</p> </p>كَمَا يُسْتَحَبُّ الاِسْتِيَاكُ عِنْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ، وَمَحَلُّهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْقِرَاءَةِ لآِيَةِ السَّجْدَةِ وَقَبْل الْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ. (3) وَهَذَا إِذَا كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا، لاِنْسِحَابِ سِوَاكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ.</p> </p>وَيُسْتَحَبُّ إِزَالَةُ الأَْوْسَاخِ وَقَلَحِ الْفَمِ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، لأَِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْضُرُ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، وَتَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ، وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ الْفُقَهَاءُ اسْتِيَاكَ الْمُحْتَضَرِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ يُسَهِّل خُرُوجَ الرُّوحِ، لِنَفْسِ الْعِلَّةِ.</p> </p>وَيُسْتَحَبُّ كَذَلِكَ الاِسْتِيَاكُ عِنْدَ قِيَامِ اللَّيْل، لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْل يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نيل الأوطار 1 / 128، والمغني 1 / 80، وابن عابدين 2 / 175، والشرح الصغير 1 / 716، والمجموع 1 / 277.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتوحات الربانية والأذكار 3 / 256، والجمل 1 / 121، والدر المختار بهامش ابن عابدين 1 / 105، والشرح الكبير مع المغني 1 / 102، والتحفة مع الشرواني 1 / 229.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل 1 / 121.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الحديث متفق عليه من حديث حذيفة، وفي لفظ لمسلم " إذا قام ليتهجد " (نصب الراية 1 / 8) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٠)</span><hr/></div>وَلِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ مِنَ الأَْحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاضِعُ أُخْرَى لاِسْتِحْبَابِ الاِسْتِيَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يُسْتَحَبُّ الاِسْتِيَاكُ لإِِذْهَابِ رَائِحَةِ الْفَمِ وَتَرْطِيبِهِ، وَإِزَالَةِ صُفْرَةِ الأَْسْنَانِ قَبْل الاِجْتِمَاعِ بِالنَّاسِ لِمَنْعِ التَّأَذِّي، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ هَيْئَةِ الْمُسْلِمِ، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ فِي مَوَاطِنَ أُخْرَى، مِثْل دُخُول الْمَسْجِدِ، لأَِنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ الزِّينَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِهَا عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ حُضُورِ الْمَلَائِكَةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ دُخُول الْمَنْزِل لِلاِلْتِقَاءِ بِالأَْهْل وَالاِجْتِمَاعِ بِهِمْ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها حِينَمَا سُئِلَتْ بِأَيِّ شَيْءٍ يَبْدَأُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَخَل بَيْتَهُ قَالَتْ: كَانَ إِذَا دَخَل بَيْتَهُ بَدَأَ بِالسِّوَاكِ. (2) وَيُسْتَحَبُّ كَذَلِكَ عِنْدَ النَّوْمِ، وَالْجِمَاعِ، وَأَكْل مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَتَغَيُّرِ الْفَمِ بِعَطَشٍ أَوْ جُوعٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ قِيَامٍ مِنْ نَوْمٍ، أَوِ اصْفِرَارِ سِنٍّ، وَكَذَلِكَ لإِِرَادَةِ أَكْلٍ أَوْ فَرَاغٍ مِنْهُ.</p>عَلَى أَنَّ السِّوَاكَ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الأَْوْقَاتِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، لأَِنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 1 / 772، والمجموع للنووي 4 / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أخرجه مسلم (صحيح مسلم 1 / 220 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 106، والمجموع 1 / 267، 272، وحاشية الجمل 1 / 119، 221، والحطاب 1 / 264، ونيل الأوطار 1 / 126، والفتوحات الربانية 3 / 256، والتحفة مع الشرواني 1 / 229، والمغني 1 / 95 ط الرياض. والحديث سبق تخريجه في فقرة (3) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَا يُسْتَاكُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> يُسْتَاكُ بِكُل عُودٍ لَا يَضُرُّ، وَقَدْ قَسَّمَهُ الْفُقَهَاءُ بِحَسَبِ أَفْضَلِيَّتِهِ إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:</p>الأَْوَّل: اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَهُ جَمِيعًا: الأَْرَاكُ، لِمَا فِيهِ مِنْ طِيبٍ وَرِيحٍ وَتَشْعِيرٍ يُخْرِجُ وَيُنَقِّي مَا بَيْنَ الأَْسْنَانِ. وَلِحَدِيثِ أَبِي خَيْرَةَ الصَّبَاحِيِّ رضي الله عنه قَال: كُنْتُ فِي الْوَفْدِ، يَعْنِي وَفْدَ عَبْدِ الْقِيسِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ لَنَا بِأَرَاكٍ فَقَال: اسْتَاكُوا بِهَذَا وَلأَِنَّهُ آخِرُ سِوَاكٍ اسْتَاكَ بِهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِلاِتِّبَاعِ سَوَاءٌ كَانَ الْعُودُ طَيِّبًا أَمْ لَا. كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ النَّوَوِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (1) .</p>الثَّانِي: قَال بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، يَأْتِي بَعْدَ الأَْرَاكِ فِي الأَْفْضَلِيَّةِ: جَرِيدُ النَّخْل، لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ آخِرُ سِوَاكٍ اسْتَاكَ بِهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقِيل وَقَعَ الاِسْتِيَاكُ آخِرًا بِالنَّوْعَيْنِ، فَكُلٌّ مِنَ الصَّحَابِيَّيْنِ رَوَى مَا رَأَى. وَلَمْ يَتَكَلَّمِ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى النَّخْل. (2)</p>الثَّالِثُ: الزَّيْتُونُ. وَقَدِ اسْتَحَبَّهُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ، لِحَدِيثِ نِعْمَ السِّوَاكُ الزَّيْتُونُ مِنْ شَجَرَةٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع للنووي 1 / 282، والشرح الصغير 1 / 124، وابن عابدين 1 / 107، والمغني 1 / 79. والحديث أخرجه أبو نعيم والطبراني في الأوسط من حديث معاذ رضي الله عنه مرفوعا وفي إسناده أحمد بن محمد بن محيض، تفرد به عن إبراهيم بن أبي عبلة. (تلخيص الحبير 1 / 72 ط شركة الطباعة الفنية 1384 هـ) . وروى ابن علان عند الاستدلال على أولوية</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتوحات 3 / 257، والشرح الصغير 1 / 124، والمغني 1 / 79.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤١)</span><hr/></div>مُبَارَكَةٍ، تُطَيِّبُ الْفَمَ وَتُذْهِبُ الْحَفْرَ (1) وَهُوَ سِوَاكِي وَسِوَاكُ الأَْنْبِيَاءِ قَبْلِي. (2)</p>الرَّابِعُ: ثُمَّ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ وَلَا يَضُرُّ. (3) قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: يُسْتَاكُ بِقُضْبَانِ الأَْشْجَارِ النَّاعِمَةِ الَّتِي لَا تَضُرُّ، وَلَهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ تُزِيل الْقَلَحَ كَالْقَتَادَةِ وَالسَّعْدِ. (4)</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ بِكُل ذِي رَائِحَةٍ ذَكِيَّةٍ، وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِالضَّرَرِ. وَمَثَّلُوا لَهُ بِالرَّيْحَانِ وَالرُّمَّانِ. (5)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُحْظَرُ الاِسْتِيَاكُ بِهِ أَوْ يُكْرَهُ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يُكْرَهُ الاِسْتِيَاكُ بِكُل عُودٍ يُدْمِي مِثْل الطَّرْفَاءِ وَالآْسِ، أَوْ يُحْدِثُ ضَرَرًا أَوْ مَرَضًا مِثْل الرَّيْحَانِ وَالرُّمَّانِ، لِمَا رَوَى الْحَارِثُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ضُمَيْرِ بْنِ حَبِيبٍ قَال نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ السِّوَاكِ بِعُودِ الرَّيْحَانِ وَقَال: إِنَّهُ يُحَرِّكُ عِرْقَ الْجُذَامِ (6)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحفر: مرض تفسد منه أصول الأسنان أو صفرة تعلوها. وقال شمر: الحفر صفرة تحفر أصول الأسنان بين اللثة وأصل السن من ظاهر وباطن يلح على العظم حتى ينقشر (لسان العرب) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتوحات 3 / 257، والجمل 1 / 118، وابن عابدين 1 / 107، والشرح الصغير 1 / 124.</p><font color=#ff0000>(3)</font> واللجنة ترى أن مما يؤدي الغرض من السواك التسوك بالفرشة إذا كانت من نوع جيد ينظف ولا يؤذي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الجمل 1 / 118، وشرح الإحياء 2 / 350، والشرح الصغير 1 / 124، وابن عابدين 1 / 107.</p><font color=#ff0000>(5)</font> وهما يكرهان عند غيرهما كذلك، ولكن للنص والضرر، ولم يسحبوا حكمهما على كل ذي رائحة طيبة كما فعل الحنابلة. الإنصاف 1 / 119، والمغني 1 / 79.</p><font color=#ff0000>(6)</font> الإنصاف 1 / 119، وابن عابدين 1 / 106، والجمل 1 / 118، وشرح الإحياء 2 / 350، والفروع 1 / 57، 58. وروى الحارث في مسنده عن ضمير بن حبيب قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان وقال: إنه يحرك عرق الجذام ". الحديث مرسل وضعيف أيضا. (تلخيص الحبير 1 / 72) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤١)</span><hr/></div>وَيَعْرِفُ ذَلِكَ أَهْل الطِّبِّ، نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ فَقَالُوا: يُكْرَهُ كُل مَا يَقُول الأَْطِبَّاءُ إِنَّ فِيهِ فَسَادًا. (1)</p>وَيَحْرُمُ الاِسْتِيَاكُ بِالأَْعْوَادِ السَّامَّةِ لإِِهْلَاكِهَا أَوْ شِدَّةِ ضَرَرِهَا. وَهَذَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.</p>وَفِي حُصُول السُّنَّةِ بِالاِسْتِيَاكِ بِالْمَحْظُورِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ:</p>الأَْوَّل: إِنَّهُ مُحَصِّلٌ لِلسُّنَّةِ، لأَِنَّ الْكَرَاهَةَ وَالْحُرْمَةَ لأَِمْرٍ خَارِجٍ، وَحَمَلُوا الطَّهَارَةَ عَلَى الطَّهَارَةِ اللُّغَوِيَّةِ (أَيِ النَّظَافَةِ) .</p>الثَّانِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ: لَا تَحْصُل بِهِ السُّنَّةُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ. وَهَذَا مُنَجِّسٌ بِجَرْحِهِ اللِّثَةَ وَخُرُوجِ الدَّمِ، لِخُشُونَتِهِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌صِفَاتُ السِّوَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الاِسْتِيَاكُ بِعُودٍ مُتَوَسِّطٍ فِي غِلَظِ الْخِنْصَرِ، خَالٍ مِنَ الْعُقَدِ، لَا رَطْبًا يَلْتَوِي، لأَِنَّهُ لَا يُزِيل الْقَلَحَ (وَسَخَ الأَْسْنَانِ) وَلَا يَابِسًا يَجْرَحُ اللِّثَةَ، وَلَا يَتَفَتَّتُ فِي الْفَمِ، وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ لَيِّنًا، لَا غَايَةَ فِي النُّعُومَةِ، وَلَا فِي الْخُشُونَةِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌السِّوَاكُ بِغَيْرِ عُودٍ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> أَجَازَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الاِسْتِيَاكَ بِغَيْرِ عُودٍ، مِثْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 1 / 265.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتوحات الربانية 3 / 257، والجمل 1 / 117. والحديث سبق تخريجه في فقرة (3) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 106، 107، ومواهب الجليل 1 / 265 س 32، وشرح الإحياء 1 / 350، والإنصاف 1 / 119، والمجموع 1 / 281، والمغني 1 / 96 ط. الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٢)</span><hr/></div>الْغَاسُول وَالأُْصْبُعِ، وَاعْتَبَرُوهُ مُحَصِّلاً لِلسُّنَّةِ، وَنَفَاهُ آخَرُونَ وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ.</p>وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْغَاسُول (الأُْشْنَانِ) عَلَى رَأْيَيْنِ: فَالْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ: أَجَازُوا اسْتِعْمَال الْغَاسُول فِي الاِسْتِيَاكِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ مُحَصِّلٌ لِلْمَقْصُودِ وَمُزِيلٌ لِلْقَلَحِ، وَيَتَأَدَّى بِهِ أَصْل السُّنَّةِ، وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ الْعِلْكَ لِلْمَرْأَةِ بَدَل السِّوَاكِ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فَقَالُوا: لَوِ اسْتَعْمَل الْغَاسُول عِوَضًا عَنِ الْعِيدَانِ لَمْ يَأْتِ بِالسُّنَّةِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَمَّا الاِسْتِيَاكُ بِالأُْصْبُعِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:</span></p>الأَْوَّل: تُجْزِئُ الأُْصْبُعُ فِي الاِسْتِيَاكِ مُطْلَقًا، فِي رَأْيٍ لِكُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه أَنَّهُ تَوَضَّأَ فَأَدْخَل بَعْضَ أَصَابِعِهِ فِي فِيهِ. . . وَقَال: هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (2) .</p>الثَّانِي: تُجْزِئُ الأُْصْبُعُ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ رَأْيٌ آخَرُ لِكُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنهج على هامش الجمل لزكريا الأنصاري 1 / 118، وابن عابدين 1 / 107 ط الثالثة، ونهاية المحتاج 1 / 164، والحطاب 1 / 266، ومنتهى الإرادات 1 / 15.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث علي رضي الله عنه أخرجه أحمد مطولا. قال البنا الساعاتي: الحديث لم أقف عليه في غير المسند. وإسناده جيد، وأخرج أبو داود والنسائي والترمذي حديث علي رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ولا توجد فيه عبارة " فأدخل بعض أصابعه في فيه " بمختلف رواياته. (الفتح الرباني 2 / 10، 11 ط مطبعة الإخوان المسلمين الطبعة الأولى، نيل الأوطار 1 / 130 ط 1 مطبعة، الجيل، وجامع الأصول 7 / 149 نشر مكتبة الحلواني، والتحفة 1 / 163 - 166 نشر المكتبة السلفية، ومختصر سنن أبي داود للمنذري 1 / 91 وما بعدها نشر دار المعرفة، وسنن النسائي بشرح السيوطي 1 / 69، 70 نشر المكتبة التجارية الكبرى) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٢)</span><hr/></div>وَالشَّافِعِيَّةِ، لِمَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّكَ رَغَّبْتَنَا فِي السِّوَاكِ، فَهَل دُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ قَال: أُصْبُعَيْكَ سِوَاكٌ عِنْدَ وُضُوئِكَ، أَمِرَّهُمَا عَلَى أَسْنَانِكَ. (1)</p>الثَّالِثُ: لَا تُجْزِئُ الأُْصْبُعُ فِي الاِسْتِيَاكِ. وَهُوَ رَأْيٌ ثَالِثٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَالرَّأْيُ الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ، وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ وَلَا يَحْصُل الإِْنْقَاءُ بِهِ حُصُولَهُ بِالْعُودِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ الاِسْتِيَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> يُنْدَبُ إِمْسَاكُ السِّوَاكِ بِالْيُمْنَى، لأَِنَّهُ الْمَنْقُول عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَامُنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ وَسِوَاكِهِ، ثُمَّ يُجْعَل الْخِنْصَرُ أَسْفَل السِّوَاكِ وَالأَْصَابِعُ فَوْقَهُ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 107، والشرح الصغير 1 / 124 ط دار المعرفة، والأذكار مع الفتوحات 1 / 258، والمغني مع الشرح الكبير 1 / 79 ط الثالثة. وروى ابن عدي والدارقطني والبيهقي من حديث عبد الله بن المثنى عن النضر بن أنس مرفوعا " بلفظ يجزئ من السواك الأصابع ". قال الحافظ: وفي إسناده نظر. وقال الضياء المقدسي: لا أرى بسنده بأسا، وقال البيهقي: المحفوظ عن بعض أهل بيته عن أنس نحوه، ورواه أبو نعيم والطبراني وابن عدي من حديث عائشة وفيه المثنى بن الصباح، ورواه أبو نعيم أيضا من حديث كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف عن أبيه عن جده، وكثير ضعفوه (نيل الأوطار 1 / 130 ط دار الجيل 1973 م، وتلخيص الحبير 1 / 70 ط شركة الطباعة الفنية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 107، والمجموع 1 / 282، والدسوقي مع الشرح الكبير 1 / 102.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٣)</span><hr/></div>رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَيُبْدَأُ مِنَ الْجَانِبِ الأَْيْمَنِ وَيَمُرُّ بِهِ عَرْضًا أَيْ عَرْضَ الأَْسْنَانِ، لأَِنَّ اسْتِعْمَالَهُ طُولاً قَدْ يَجْرَحُ اللِّثَةَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: اسْتَاكُوا عَرْضًا وَادَّهِنُوا غِبًّا أَيْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَاكْتَحِلُوا وِتْرًا. (1)</p>ثُمَّ يَمُرُّ بِهِ عَلَى أَطْرَافِ الأَْسْنَانِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى ظَهْرًا وَبَطْنًا، ثُمَّ عَلَى كَرَاسِيِّ الأَْضْرَاسِ، ثُمَّ عَلَى اللِّثَةِ وَاللِّسَانِ وَسَقْفِ الْحَلْقِ بِلُطْفٍ.</p>وَمَنْ لَا أَسْنَانَ لَهُ يَسْتَاكُ عَلَى اللِّثَةِ وَاللِّسَانِ وَسَقْفِ الْحَلْقِ، لأَِنَّ السِّوَاكَ وَإِنْ كَانَ مَعْقُول الْمَعْنَى إِلَاّ أَنَّهُ مَا عَرَى عَنْ مَعْنَى التَّعَبُّدِ، وَلِيَحْصُل لَهُ ثَوَابُ السُّنَّةِ.</p>وَهَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ لَا يُعْلَمُ فِيهَا خِلَافٌ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌آدَابُ السِّوَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ آدَابًا لِلْمُسْتَاكِ يُسْتَحَبُّ اتِّبَاعُهَا، مِنْهَا:</p>أ - يُسْتَحَبُّ أَلَاّ يَسْتَاكَ بِحَضْرَةِ الْجَمَاعَةِ، لأَِنَّهُ يُنَافِي الْمُرُوءَةَ، وَيَتَجَنَّبُ الاِسْتِيَاكَ فِي الْمَسْجِدِ، وَفِي الْمَجَالِسِ الْحَافِلَةِ خِلَافًا لاِبْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحطاب 1 / 265 - 266، وغاية المنتهى 1 / 19، والمقنع مع الحاشية 1 / 33، والنووي 1 / 281، وابن عابدين 1 / 106، ومواهب الجليل للحطاب 1 / 265، والخرشي 1 / 139، والجمل 1 / 118. والحديث ضعيف وهو من مراسيل أبي داود. ضعفه ابن حجر في تلخيص الحبير 1 / 65، والنووي في المجموع 1 / 280.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إعانة الطالبين 1 / 44 - 45، وحاشية الشرواني على التحفة 1 / 224، والمغني 1 / 96 ط الرياض، والإنصاف 1 / 19، والجوهرة النيرة شرح القدوري 1 / 6 ط الآستانة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح الحطاب على خليل 1 / 266، والمجموع 1 / 283.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٣)</span><hr/></div>ب - وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَغْسِل سِوَاكَهُ بَعْدَ الاِسْتِيَاكِ لِتَخْلِيصِهِ مِمَّا عَلِقَ بِهِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَاكُ، فَيُعْطِيَنِي السِّوَاكَ لأَِغْسِلَهُ، فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ، ثُمَّ أَغْسِلُهُ وَأَدْفَعُهُ إِلَيْهِ (1) كَمَا يُسَنُّ غَسْلُهُ لِلاِسْتِيَاكِ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى.</p>ج - وَيُسْتَحَبُّ حِفْظُ السِّوَاكِ بَعِيدًا عَمَّا يُسْتَقْذَرُ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَكْرَارُ الاِسْتِيَاكِ، وَبَيَانُ أَكْثَرِهِ وَأَقَلِّهِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَكْرَارِ الاِسْتِيَاكِ حَتَّى يَزُول الْقَلَحُ، وَيَطْمَئِنَّ عَلَى زَوَال الرَّائِحَةِ (3) إِذَا لَمْ يَزُل إِلَاّ بِالتَّكْرَارِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: إِنِّي لأََسْتَاكُ حَتَّى لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أُحْفِيَ مَقَادِمَ فَمِي. (4) وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّهِ عَلَى ثَلَاثَةِ آرَاءٍ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> أَنْ يُمِرَّ السِّوَاكَ عَلَى أَسْنَانِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.</p>وَهُوَ الْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالأَْكْمَل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِلسُّنَّةِ فِي التَّثْلِيثِ، وَلِيَطْمَئِنَّ الْقَلْبُ بِزَوَال الرَّائِحَةِ وَاصْفِرَارِ السِّنِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك فيعطيني. . . " أخرجه أبو داود 1 / 45 ط السعادة من حديث عائشة رضي الله عنها بإسناد جيد، وسكت عنه المنذري، وقال النووي: حديث حسن رواه أبو داود بإسناد جيد. وقال محقق جامع الأصول: وإسناده حسن (مختصر سنن أبي داود للمنذري 1 / 41 نشر دار المعرفة 1400 هـ، وجامع الأصول في أحاديث الرسول بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط 7 / 79، 180 نشر مكتبة الحلواني 1391 هـ، والمجموع 1 / 283 المطبعة العربية بمصر) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 107، والجمل 1 / 118.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 1 / 106، والجمل 1 / 117، والحطاب 1 / 266، والمغني 1 / 79، وحاشية كانون على الرهوني 1 / 148.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة باب السواك رقم (289) قال في الزوائد: إسناده ضعيف. (كنز العمال 3 / 313) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(2)</font> يَكْفِي مَرَّةً وَاحِدَةً إِذَا حَصَل بِهَا الإِْنْقَاءُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَتَحْصُل السُّنَّةُ الْكَامِلَةُ بِالنِّيَّةِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لَا حَدَّ لأَِقَلِّهِ، وَالْمُرَادُ هُوَ زَوَال الرَّائِحَةِ، فَمَا زَالَتْ بِهِ الرَّائِحَةُ حَصَلَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْحَنَفِيَّةِ وَقَوْل الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌إِدْمَاءُ السِّوَاكِ لِلْفَمِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> إِذَا عُرِفَ أَنَّ مِنْ عَادَتِهِ إِدْمَاءُ السِّوَاكِ لِفَمِهِ اسْتَاكَ بِلُطْفٍ، فَإِنْ أَدْمَى بَعْدَ ذَلِكَ، كَانَ الْحُكْمُ عَلَى حَالَتَيْنِ:</p>الأُْولَى: إِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنِ الصَّلَاةِ حَرُمَ الاِسْتِيَاكُ خَشْيَةَ تَنْجِيسِ فَمِهِ.</p>الثَّانِيَةُ: إِنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ قَبْل الصَّلَاةِ لَمْ يُنْدَبْ، بَل يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالْحَرَجِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِيَامٌ</span></p> </p>اُنْظُرْ: سَوْم</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِيدَاع</span></p> </p>اُنْظُرْ: وَدِيعَة<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية المدني على الرهوني 1 / 148، وابن عابدين 1 / 106، والمغني 1 / 79، والجمل 1 / 117.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الشرواني على التحفة 1 / 228.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِيطَان</span></p>اُنْظُرْ: وَطَنٌ</p>‌<span class="title">‌اسْتِيعَاب</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِيعَابُ فِي اللُّغَةِ: الشُّمُول وَالاِسْتِقْصَاءُ وَالاِسْتِئْصَال فِي كُل شَيْءٍ. يُقَال فِي الأَْنْفِ أَوْعَبَ جَدْعَهُ: إِذَا قَطَعَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يُبْقِ مِنْهُ شَيْئًا. (1) وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الاِسْتِيعَابَ بِهَذَا الْمَعْنَى.</p>فَيَقُولُونَ: اسْتِيعَابُ الْعُضْوِ بِالْمَسْحِ أَوِ الْغَسْل، وَيَعْنُونَ بِهِ شُمُول الْمَسْحِ أَوِ الْغَسْل كُل، جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعُضْوِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْسْبَاغُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْسْبَاغُ هُوَ: الإِْتْمَامُ وَالإِْكْمَال. (2) يُقَال: أَسْبَغَ الْوُضُوءَ إِذَا عَمَّ بِالْمَاءِ جَمِيعَ الأَْعْضَاءِ بِحَيْثُ يَجْرِي عَلَيْهَا، (3) فَالإِْسْبَاغُ وَالاِسْتِيعَابُ مُتَقَارِبَانِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تاج العروس مادة (وعب) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير مادة (سبغ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 224 ط المنار الثالثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٥)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الاِسْتِغْرَاقُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِسْتِغْرَاقُ هُوَ: الشُّمُول لِجَمِيعِ الأَْفْرَادِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، (1) فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِسْتِيعَابِ أَنَّ الاِسْتِغْرَاقَ لَا يُسْتَعْمَل إِلَاّ فِيمَا لَهُ أَفْرَادٌ بِخِلَافِ الاِسْتِيعَابِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p>يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلاِسْتِيعَابِ حَسَبَ مَوَاطِنِهِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِهَا.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الاِسْتِيعَابُ الْوَاجِبُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> حَيْثُمَا كَانَ غَسْل الْيَدَيْنِ أَوِ الأَْعْضَاءِ فِي الطَّهَارَةِ وَاجِبًا كَانَ الاِسْتِيعَابُ وَاجِبًا فِيهِ أَيْضًا، (2) بِخِلَافِ مَا وَجَبَ مَسْحُهُ كَالرَّأْسِ فَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ.</p>وَمِنَ الْوَاجِبِ اسْتِيعَابُ الأَْوْقَاتِ الَّتِي لَا تَسَعُ مِنَ الأَْعْمَال غَيْرَ مَا عُيِّنَ لَهَا كَالصَّوْمِ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الشَّهْرِ وَجَمِيعَ النَّهَارِ، وَكَمَنْ نَذَرَ الاِشْتِغَال بِالْقُرْآنِ وَعَيَّنَ كُل مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِيعَابُ ذَلِكَ الْوَقْتِ.</p>وَاسْتِيعَابُ النِّيَّةِ لِلْعِبَادَةِ، فَلَا يَصِحُّ إِخْلَاءُ جُزْءٍ مِنْهَا مِنَ النِّيَّةِ، لِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَقْتَرِنَ أَوَّل الْعِبَادَةِ بِالنِّيَّةِ، ثُمَّ لَا تَنْقَطِعُ إِلَى آخِرِ الْعَمَل، فَإِنِ انْقَطَعَتْ فَسَدَتِ الْعِبَادَةُ عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (نِيَّةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تعريفات الجرجاني ص 18 ط مصطفى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مراقي الفلاح ص 24 ط العثمانية، والمغني 1 / 224 ط المنار، وأسنى المطالب شرح روض الطالب 1 / 30 ط المكتب الإسلامي، والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 99 ط دار الفكر، وإرشاد الفحول ص 113.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٥)</span><hr/></div>وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ حَيْثُ لَا يُفْسِدُهُمَا انْقِطَاعُ النِّيَّةِ. (1)</p>وَاسْتِيعَابُ النِّصَابِ كُل الْحَوْل مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَبَعْضُهُمْ يَرَى اشْتِرَاطَهُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَبَعْضُهُمْ يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِتَمَامِهِ فِي طَرَفَيِ الْحَوْل. (2) اُنْظُرْ (زَكَاةٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الاِسْتِيعَابُ الْمَنْدُوبُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> مِنْهُ اسْتِيعَابُ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ، فَهُوَ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَوَاجِبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ (3) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (وُضُوء) .</p>وَمِنْهُ اسْتِيعَابُ الْمُزَكِّي الأَْصْنَافَ الثَّمَانِيَةَ فِي مَصَارِفِ الزَّكَاةِ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِهِ قَالُوهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْقَائِلِينَ بِوُجُوبِهِ.</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَمِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ إِذَا اسْتَوْعَبَ الإِْغْمَاءُ أَوِ الْجُنُونُ يَوْمًا كَامِلاً تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَلَى خِلَافٍ (4) مَوْطِنُ بَيَانِهِ فِي مُصْطَلَحَاتِ (صَلَاة) ، (إِغْمَاء)، (جُنُونٌ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الاِسْتِيعَابُ الْمَكْرُوهُ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يُكْرَهُ لِلإِْنْسَانِ اسْتِيعَابُ جَمِيعِ مَالِهِ بِالتَّبَرُّعِ أَوِ الصَّدَقَاتِ، وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1 / 181، 182 ط الاستقامة و (ر: إحرام ف 128) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 2 / 51، والخرشي 2 / 156، ونهاية المحتاج 3 / 63.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مراقي الفلاح ص 65، والمغني 1 / 255، وقليوبي 1 / 49، وجواهر الإكليل 1 / 14.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 1 / 566، وقليوبي 2 / 60، والمغني 1 / 400 ط السعودية.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المهذب 1 / 183.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِيفَاء</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِيفَاءُ: مَصْدَرُ اسْتَوْفَى، وَهُوَ أَخْذُ صَاحِبِ الْحَقِّ حَقَّهُ كَامِلاً، دُونَ أَنْ يَتْرُكَ مِنْهُ شَيْئًا. (1)</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْقَبْضُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> قَبَضَ الدَّيْنَ أَخَذَهُ، وَهُوَ كَمَا يَكُونُ فِي الدُّيُونِ يَكُونُ كَذَلِكَ فِي الأَْعْيَانِ، فَالْقَبْضُ أَعَمُّ مِنْ الاِسْتِيفَاءِ.</p> </p>‌<span class="title">‌عَلَاقَةُ الاِسْتِيفَاءِ بِالإِْبْرَاءِ وَالْحَوَالَةِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> مِنْ تَقْسِيمَاتِ الإِْبْرَاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ: إِمَّا إِبْرَاءُ إِسْقَاطٍ، أَوْ إِبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ، فَفِي الْكَفَالَةِ لَوْ قَال الدَّائِنُ لِلْكَفِيل: بَرِئْتَ إِلَيَّ مِنَ الْمَال، كَانَ إِبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ لِكُلٍّ مِنَ الْكَفِيل وَالدَّائِنِ، أَمَّا لَوْ قَال: أَبْرَأْتُكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ إِبْرَاءَ إِسْقَاطٍ، يُبَرَّأُ بِهِ الْكَفِيل فَقَطْ. وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (إِبْرَاءٌ) .</p>وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَرْجِيحِ حَقِيقَةِ الْحَوَالَةِ، هَل هِيَ بَيْعٌ أَوِ اسْتِيفَاءٌ؟ قَال النَّوَوِيُّ: وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ فِي الْفُرُوعِ بِحَسَبِ الْمَسَائِل، لِقُوَّةِ الدَّلِيل وَضَعْفِهِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: لَوْ خَرَجَ الْمُحَال عَلَيْهِ مُفْلِسًا، وَقَدْ شَرَطَ يَسَارَهُ، فَالأَْصَحُّ لَا رُجُوعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس، ولسان العرب مادة (وفى) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٦)</span><hr/></div>لِلْمُحَال، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا اسْتِيفَاءٌ، وَمُقَابِلُهُ: لَهُ الرُّجُوعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ. (1)</p>‌<span class="title">‌مَنْ لَهُ حَقُّ الاِسْتِيفَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَخْتَلِفُ مَنْ لَهُ حَقُّ الاِسْتِيفَاءِ بِاخْتِلَافِ الْحَقِّ الْمُرَادِ اسْتِيفَاؤُهُ، إِذْ هُوَ إِمَّا حَقٌّ خَالِصٌ لِلَّهِ سبحانه وتعالى، أَوْ حَقٌّ خَالِصٌ لِلْعَبْدِ، كَالدُّيُونِ، أَوْ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ.</p>وَبَعْضُ الْفُقَهَاءِ يُقَسِّمُ هَذَا الْحَقَّ الْمُشْتَرَكَ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَا غَلَبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ، وَمَا غَلَبَ فِيهِ حَقُّ الْعَبْدِ كَالْقِصَاصِ.</p>وَالْمُرَادُ بِحَقِّ الْعَبْدِ الْمَحْضِ: مَا يَمْلِكُ إِسْقَاطَهُ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ، وَإِلَاّ فَمَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَاّ وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمَرَهُ بِإِيصَال ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ، فَيُوجَدُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى دُونَ حَقٍّ لِلْعَبْدِ، وَلَا يُوجَدُ حَقٌّ لِعَبْدٍ إِلَاّ وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى. (2)</p>‌<span class="title">‌اسْتِيفَاءُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: اسْتِيفَاءُ الْحُدُودِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ إِنْفَاذُ الْحُدُودِ، وَلَا يَمْلِكُ وَلِيُّ الأَْمْرِ وَلَا غَيْرُهُ إِسْقَاطَهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا لَدَيْهِ، وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى اسْتِيفَاءَهَا هُوَ وَلِيُّ الأَْمْرِ أَوْ مَنْ يُنِيبُهُ، فَإِنِ اسْتَوْفَاهَا غَيْرُهُ دُونَ إِذْنِهِ يُعَزَّرُ لاِفْتِيَاتِهِ عَلَيْهِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 151 - 152 ط التجارية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق 1 / 141 ط دار إحياء الكتب العربية سنة 1344 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 3 / 145، 187، والمغني 8 / 326، والفروق للقرافي 4 / 179، وتبصرة الحكام 2 / 260 ط الحلبي، والبجيرمي على ابن قاسم 2 / 37 ط الحلبي 1343 هـ، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 242 ط الحلبي 1938 م، ومغني المحتاج 4 / 61 ط الحلبي 1958 م.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٧)</span><hr/></div>أ -‌<span class="title">‌ كَيْفِيَّةُ اسْتِيفَاءِ حَدِّ الزِّنَا:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> حَدُّ الزِّنَا إِمَّا الرَّجْمُ، وَإِمَّا الْجَلْدُ:</p>وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الزِّنَا قَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالإِْقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، فَالْحَنَفِيَّةُ يَشْتَرِطُونَ أَنْ يَحْضُرَ الشُّهُودُ، وَأَنْ يَبْدَءُوا بِالرَّجْمِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا سَقَطَ الْحَدُّ.</p>وَغَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَشْتَرِطُونَ حُضُورَ الشُّهُودِ، إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ يَرَوْنَ حُضُورَهُمْ مُسْتَحَبًّا، أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَا يَرَوْنَ حُضُورَهُمْ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا.</p>وَالْكُل مُجْمِعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ حَاوَل الْهَرَبَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، بَل قَال بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إِنْ خِيفَ هَرَبُهُ يُقَيَّدُ أَوْ يُحْفَرُ لَهُ.</p>وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً يُحْفَرُ لَهَا، أَوْ تُرْبَطُ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا حَتَّى لَا تَتَكَشَّفَ.</p>وَأَمَّا إِنْ كَانَ قَدْ ثَبَتَ بِالإِْقْرَارِ، فَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِنْ حَاوَل الْهَرَبَ لَمْ يُتَّبَعْ، وَيُوقَفُ التَّنْفِيذُ، جَلْدًا كَانَ أَوْ رَجْمًا، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ رُجُوعًا عَنْ إِقْرَارِهِ.</p>وَهُنَاكَ تَفْصِيلَاتٌ وَخِلَافٌ فِي بَعْضِ هَذِهِ الأَْحْكَامِ يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مُصْطَلَحِ (حَدِّ الزِّنَا) .</p>وَإِذَا كَانَ الْحَدُّ جَلْدًا فَالْكُل مُجْمِعٌ عَلَى نَزْعِ مَا يَلْبَسُهُ مِنْ حَشْوٍ أَوْ فَرْوٍ.</p>فَإِنْ كَانَ رَجُلاً يُنْزَعُ عَنْهُ ثِيَابُهُ إِلَاّ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمَحْدُودُ بِالْجَلْدِ مَرِيضًا مَرَضًا يُرْجَى شِفَاؤُهُ أُرْجِئَ التَّنْفِيذُ إِلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً حَامِلاً أُرْجِئَ الْحَدُّ مُطْلَقًا - رَجْمًا أَوْ جَلْدًا -</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٧)</span><hr/></div>إِلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، وَيَسْتَغْنِيَ وَلَدُهَا عَنْ الرَّضَاعِ مِنْهَا. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ كَيْفِيَّةُ اسْتِيفَاءِ حَدِّ الْقَذْفِ وَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> سَبَقَ مَا يَتَّصِل بِالْجَلْدِ وَحَدِّ الزِّنَا، عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي الْجَلْدِ فِي حَدِّ الزِّنَا أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ مِنْهُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ أَشَدَّ مِنْهُ فِي حَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ.</p>وَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِلَى (حَدِّ الْقَذْفِ)(وَحَدِّ الْخَمْرِ) . (2)</p>هَذَا، وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلَاتٌ فِي آلَةِ الاِسْتِيفَاءِ فِي الْجَلْدِ وَمُلَابَسَاتِهِ، تَرْجِعُ إِلَى تَحْقِيقِ عَدَمِ تَعْرِيضِ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَدُّ إِلَى التَّلَفِ جُزْئِيًّا أَوْ كُلِّيًّا، وَتَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ. وَانْظُرْ أَيْضًا مُصْطَلَحَ (جَلْد) وَمُصْطَلَحَ (رَجْم) .</p>هَذَا، وَقَدْ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ مَبْنَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْعَلَانِيَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (3) وَلِكَيْ يَحْصُل الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ، فَيَأْمُرُ الإِْمَامُ قَوْمًا غَيْرَ مَنْ يُقِيمُونَ الْحَدَّ بِالْحُضُورِ. (4)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ كَيْفِيَّةُ اسْتِيفَاءِ حَدِّ السَّرِقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> حَدُّ السَّرِقَةِ مِنَ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ كَحَدِّ الْقَذْفِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 3 / 147، والبدائع 7 / 39، والزرقاني 8 / 84، ونهاية المحتاج 7 / 414، والمغني 9 / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار 3 / 162، والمراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النور / 3.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 3 / 145.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٨)</span><hr/></div>وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الَّذِي يُقِيمُ حَدَّ الْقَذْفِ وَحَدَّ السَّرِقَةِ هُوَ الإِْمَامُ. (1)</p>وَالتَّفْصِيل فِي شُرُوطِ ثُبُوتِ الْحُدُودِ، وَحَالَاتِ سُقُوطِهَا يُذْكَرُ فِي أَبْوَابِ الْحُدُودِ. أَمَّا كَيْفِيَّةُ الاِسْتِيفَاءِ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ، فَالْفُقَهَاءُ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَ الْقَطْعُ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ بِشُرُوطِهِ الْمُبَيَّنَةِ فِي بَابِهِ، فَإِنَّهُ يُسْتَوْفَى بِقَطْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى مِنْ مِفْصَل الْكَفِّ، بِطَرِيقَةٍ تُؤْمَنُ مَعَهَا السِّرَايَةُ، كَالْحَسْمِ بِالزَّيْتِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْوَسَائِل. لِحَدِيثِ: اقْطَعُوهُ ثُمَّ احْسِمُوهُ (2) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ مَكَانُ اسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> لَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ وَلَا قِصَاصٌ فِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى لَوْ وَقَعَتِ الْجِنَايَةُ فِيهِ، لِئَلَاّ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى تَلْوِيثِهِ، أَمَّا إِذَا وَقَعَتِ الْجِنَايَةُ فِي الْحَرَمِ دُونَ الْمَسْجِدِ فَالإِْجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِيهِ.</p>أَمَّا إِذَا وَقَعَتْ فِي الْحِل وَلَجَأَ الْجَانِي إِلَى الْحَرَمِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 2 / 433 ط المعاهد.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 9 / 120 - 123 وما بعدها ط مكتبة القاهرة، والشرح الكبير 4 / 308 توزيع دار الفكر، ونهاية المحتاج 7 / 445، والبدائع 7 / 85 ط الجمالية. وحديث " اقطعوه ثم احسموه " أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة بلفظ " أن رسول الله أتي بسارق سرق شملة، فقالوا: يا رسول الله إن هذا سرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه، ثم ائتوني به، فقطع فأتي به. . . ". وأخرجه موصولا أيضا الحاكم والبيهقي، وصححه ابن القطان، وأخرجه أبو داود في المراسيل من حديث محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان بدون ذكر أبي هريرة، ورجح المرسل ابن خزيمة وابن المديني وغير واحد. (سنن الدارقطني 3 / 102 ط دار المحاسن للطباعة 1386 هـ، ونيل الأوطار 7 / 142 ط مصطفى الحلبي 1380 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٨)</span><hr/></div>فَقَدِ اُخْتُلِفَ فِيهِ: فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ، بَل يُضْطَرُّ لِلْخُرُوجِ بِمَنْعِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَنْهُ. وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (1) .</p>وَقَال أَبُو يُوسُفَ: يُبَاحُ إِخْرَاجُهُ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يُؤَخَّرُ بَل يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوِ الْقِصَاصُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ. قَال فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ فَارًّا بِدَمٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: اسْتِيفَاءُ التَّعْزِيرَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> التَّعْزِيرَاتُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا، فَقَال مَالِكٌ: وَجَبَ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ اللَّهِ كَالْحُدُودِ، إِلَاّ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّ الإِْمَامِ أَنَّ غَيْرَ الضَّرْبِ مَصْلَحَةٌ مِنَ الْمَلَامَةِ وَالْكَلَامِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَنْصُوصًا مِنَ الشَّارِعِ عَلَى التَّعْزِيرِ وَجَبَ، وَإِلَاّ فَلِلإِْمَامِ إِقَامَتُهُ أَوِ الْعَفْوُ عَنْهُ، حَسَبَ الْمَصْلَحَةِ وَحُصُول الاِنْزِجَارِ بِهِ أَوْ بِدُونِهِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: هُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الإِْمَامِ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران / 97.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 363 ط الأميرية الثالثة، والدسوقي 4 / 231 - 232، والجمل 5 / 50، ونهاية المحتاج 7 / 288، والمغني 8 / 236. وحديث " إن الحرم لا يعيذ عاصيا. . . " أخرجه البخاري ومسلم من مقولة عمرو بن سعيد. (فتح الباري 4 / 41 ط السلفية، وصحيح مسلم بشرح النووي 9 / 127، 128 ط المطبعة المصرية بالأزهر 1347 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٩)</span><hr/></div>تَرَكَهُ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل هَذَا وَأَدِلَّتُهُ فِي مُصْطَلَحِ (تَعْزِير) . (1)</p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: اسْتِيفَاءُ حُقُوقِ اللَّهِ الْمَالِيَّةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ اسْتِيفَاءُ الزَّكَوَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> مَال الزَّكَاةِ نَوْعَانِ: ظَاهِرٌ، وَهُوَ الْمَوَاشِي وَالزُّرُوعُ وَالْمَال الَّذِي يَمُرُّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِرِ، وَبَاطِنٌ: وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَأَمْوَال التِّجَارَةِ فِي مَوَاضِعِهَا.</p>وَوِلَايَةُ أَخْذِ الزَّكَاةِ فِي الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ لِلإِْمَامِ فِي مَذَاهِبِ: الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَأَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ.</p>وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (2) وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْل التَّأْوِيل أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّدَقَةِ الزَّكَاةُ، وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} (3) فَقَدْ جَعَل اللَّهُ تَعَالَى لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا حَقًّا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلإِْمَامِ أَنْ يُطَالِبَ أَرْبَابَ الأَْمْوَال بِصَدَقَاتِ الأَْنْعَامِ وَالزُّرُوعِ فِي أَمَاكِنِهَا، وَكَانَ أَدَاؤُهَا إِلَى أَرْبَابِ الأَْمْوَال، لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ الْعَامِلِينَ وَجْهٌ.</p>وَكَانَ الرَّسُول عليه الصلاة والسلام وَالأَْئِمَّةُ بَعْدَهُ يَبْعَثُونَ الْمُصَدِّقِينَ إِلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ وَالْبُلْدَانِ وَالآْفَاقِ، لأَِخْذِ الصَّدَقَاتِ مِنَ الأَْنْعَامِ وَالْمَوَاشِي فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 145، 187، والمغني 8 / 326، والفروق للقرافي 4 / 179، وتبصرة الحكام 2 / 260 ط الحلبي، والبيجوري على ابن قاسم 2 / 237 ط الحلبي 1343 هـ، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 242 ط الحلبي 1938 م، ومغني المحتاج 4 / 61 ط الحلبي 1958 م.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التوبة / 103.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة التوبة / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٤٩)</span><hr/></div>أَمَاكِنِهَا.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ يَلْحَقُ بِالأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ الْمَال الْبَاطِنُ إِذَا مَرَّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِرِ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الزَّكَاةَ فِي الْجُمْلَةِ، لأَِنَّهُ لَمَّا سَافَرَ بِهِ وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْعُمْرَانِ صَارَ ظَاهِرًا وَالْتَحَقَ بِالسَّوَائِمِ، وَهَذَا لأَِنَّ الإِْمَامَ إِنَّمَا كَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِزَكَاةِ الْمَوَاشِي فِي أَمَاكِنِهَا لِمَكَانِ الْحِمَايَةِ، لأَِنَّ الْمَوَاشِيَ فِي الْبَرَارِيِّ لَا تَصِيرُ مَحْفُوظَةً إِلَاّ بِحِفْظِ السُّلْطَانِ وَحِمَايَتِهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي مَالٍ يَمُرُّ بِهِ التَّاجِرُ عَلَى الْعَاشِرِ فَكَانَ كَالسَّوَائِمِ. وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. (1)</p>وَهَذَا الْحُكْمُ (دَفْعُ زَكَاةِ الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ إِلَى الأَْئِمَّةِ) إِذَا كَانَ الأَْئِمَّةُ عُدُولاً فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا.</p>وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، فَإِنْ طَلَبَهَا الإِْمَامُ الْعَدْل فَادَّعَى الْمُزَكِّي إِخْرَاجَهَا لَمْ يُصَدَّقْ، (2) وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ السَّلَاطِينَ الَّذِينَ لَا يَضَعُونَ الزَّكَاةَ مَوَاضِعَهَا إِذَا أَخَذُوا الزَّكَاةَ أَجْزَأَتْ عَنِ الْمُزَكِّينَ، لأَِنَّ وِلَايَةَ الأَْخْذِ لَهُمْ، فَلَا تُعَادُ. وَقَال بَعْضُهُمْ: يَسْقُطُ الْخَرَاجُ وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَوَاتُ. وَمُؤَدَّى هَذَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِْمَامُ غَيْرَ عَادِلٍ فَلِلْمُزَكِّي إِخْرَاجُ زَكَاتِهِ. (3)</p>وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ. أَنَّهُ إِذَا كَانَ الإِْمَامُ عَدْلاً فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الإِْيجَابِ، وَلَيْسَ لَهُمْ التَّفَرُّدُ بِإِخْرَاجِهَا، وَلَا تُجْزِئُهُمْ إِنْ أَخْرَجُوهَا. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 2 / 37 وما بعدها ط شركة المطبوعات، والشرح الكبير 1 / 462 ط دار الفكر، والأحكام السلطانية ص 113.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 1 / 462.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 2 / 36.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأحكام السلطانية ص 113 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٠)</span><hr/></div>وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ لَا يَخْتَلِفُ عَنِ الْجُمْهُورِ فِي الأَْمْوَال الظَّاهِرَةِ، أَمَّا فِي الأَْمْوَال الْبَاطِنَةِ فَقَدْ صَرَّحَ أَبُو يَعْلَى بِأَنَّهُ لَيْسَ لِوَالِي الصَّدَقَاتِ نَظَرٌ فِي زَكَاتِهَا، وَأَرْبَابُهَا أَحَقُّ مِنْهُ بِإِخْرَاجِهَا إِلَاّ أَنْ يَبْذُل رَبُّ الْمَال زَكَاتَهَا طَوْعًا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لِلإِْمَامِ طَلَبَ زَكَاةِ الأَْمْوَال الْبَاطِنَةِ أَيْضًا. (1)</p>وَإِذَا تَأَكَّدَ الإِْمَامُ أَنَّ أَرْبَابَ الأَْمْوَال لَا يُؤَدُّونَ زَكَاتَهَا أَجْبَرَهُمْ عَلَى إِيتَائِهَا وَلَوْ بِالْقِتَال، كَمَا فَعَل أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِمَا يَفِي الزَّكَاةَ، وَهَذَا إِنْ كَانَ الإِْمَامُ يَضَعُهَا مَوْضِعَهَا، وَإِلَاّ فَلَا يُقَاتِلُهُمْ. (2)</p>ب -‌<span class="title">‌ اسْتِيفَاءُ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> لَيْسَ لِلإِْمَامِ وِلَايَةُ اسْتِيفَاءِ الْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ، وَإِنَّمَا يُؤَدِّيهَا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ. (3) وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ طَلَبُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْكَفَّارَةِ. (4)</p>‌<span class="title">‌اسْتِيفَاءُ حُقُوقِ الْعِبَادِ:</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إِذْنِ الإِْمَامِ، فَإِنِ اسْتَوْفَاهُ صَاحِبُ الْحَقِّ بِدُونِ إِذْنِهِ وَقَعَ مَوْقِعَهُ، وَعُزِّرَ لاِفْتِيَاتِهِ عَلَى الإِْمَامِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 99، والإنصاف 3 / 192.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 2 / 257 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تنبيه: القواعد العامة للشريعة توجب على الإمام جبر الممتنع من أداء الواجب ديانة، وعلى هذا لو امتنع من وجبت عليه كفارة، أو الناذر عن أداء ما وجب عليه، فعلى الإمام إجباره على الأداء.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الإنصاف 3 / 192، والقليوبي 3 / 189.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٠)</span><hr/></div>ثُمَّ إِنَّ الَّذِي يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ هُوَ الإِْمَامُ، وَلَيْسَ لِلأَْوْلِيَاءِ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُمْ التَّجَاوُزُ أَوِ التَّعْذِيبُ.</p>أَمَّا إِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَاّهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ قُتِل مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (1) .</p>وَلِلْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ: أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم دَفَعَ الْقَاتِل إِلَى أَخِ الْمَقْتُول وَقَال لَهُ: دُونَكَ صَاحِبُكَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (2) وَلَهُ أَنْ يُوَكِّل فِيهِ، وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَكَّلُوا أَحَدَهُمْ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَْصْل تَوَلِّي الإِْمَامِ أَوْ مَنْ يُنِيبُهُ ذَلِكَ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ بِنَفْسِهِ، وَرَآهُ الإِْمَامُ أَهْلاً أَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ، وَإِلَاّ لَمْ يُجِبْهُ.</p>وَتَفْصِيل الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ:(قِصَاص) .</p>هَذَا، وَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِوُجُوبِ حُضُورِ الإِْمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، لِيُؤْمَنَ التَّجَاوُزُ أَوِ التَّعْذِيبُ، وَحُضُورُ الْقَاضِي الَّذِي حَكَمَ بِالْقِصَاصِ مَسْنُونٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِوُجُوبِ حُضُورِ صَاحِبِ الْحَقِّ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ. (3)</p>أ -‌<span class="title">‌ كَيْفِيَّةُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ</span>.</p><font color=#ff0000>14 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الإسراء / 33.</p><font color=#ff0000>(2)</font> صحيح مسلم 2 / 1308 ط استانبول (الكتب الستة) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 7 / 242 - 246، والبحر الرائق 8 / 339، والدسوقي 4 / 259، والحطاب 6 / 250، والمواق 6 / 253، والروضة 9 / 221، ونهاية المحتاج 7 / 286، 287.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥١)</span><hr/></div>الْقِصَاصَ لَا يُسْتَوْفَى إِلَاّ بِالسَّيْفِ، لِقَوْل النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: لَا قَوَدَ إِلَاّ بِالسَّيْفِ. (1)</p>وَالْقَوَدُ هُوَ الْقِصَاصُ، فَكَانَ هَذَا نَفْيُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ بِغَيْرِ السَّيْفِ. (2)</p>وَإِنْ أَرَادَ الْوَلِيُّ أَنْ يَقْتُل بِغَيْرِ السَّيْفِ لَا يُمَكَّنُ لِلْحَدِيثِ، وَلَوْ فَعَل يُعَزَّرُ، لَكِنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْقَتْل حَقُّهُ، فَإِذَا قَتَلَهُ فَقَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، إِلَاّ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالاِسْتِيفَاءِ بِطَرِيقٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، لِمُجَاوَزَتِهِ حَدَّ الشَّرْعِ. (3)</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ - وَهُوَ إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ لِلْحَنَابِلَةِ - أَنَّ الْقَاتِل يُقْتَل بِمِثْل مَا قَتَل بِهِ، وَدَلِيلُهُ: حَدِيثُ الْيَهُودِيِّ الَّذِي رَضَّ رَأْسَ مُسْلِمَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَضَّ رَأْسُهُ كَذَلِكَ. (4) وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ الْقَتْل بِبَيِّنَةٍ أَوِ اعْتِرَافٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " لا قود إلا بالسيف " أخرجه ابن ماجه من حديث أبي بكر، والنعمان بن بشير مرفوعا. وأما حديث أبي بكرة قال أبو حاتم: حديث منكر، وأعله البيهقي بمبارك بن فضالة. وأما حديث النعمان بن بشير فسنده ضعيف أيضا، قال عبد الحق وابن عدي وابن الجوزي: طرقه كلها ضعيفة، قال ابن حجر في التلخيص: رواه ابن ماجه والبزار والطحاوي والطبراني والدارقطني والبيهقي، وألفاظهم مختلفة. وإسناده ضعيف، قال البيهقي: أحاديث هذا الباب كلها ضعيفة (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 89 ط عيسى الحلبي 1373 هـ، وفيض القدير 6 / 436 نشر المكتبة التجارية 1357 هـ، وتلخيص الحبير 4 / 19 ط شركة الطباعة الفنية 1384 هـ، والدراية في تخريج أحاديث الهداية 2 / 265 ط مطبعة الفجالة 1384 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 9 / 393 وما بعدها ط المنار 1348 هـ، والبدائع 7 / 245.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 7 / 245، 246، والمغني 9 / 390 ط المنار.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث اليهودي الذي رضَّ رأس مسلمة. أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ " أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين. قيل: من فعل هذا بك، أفلان؟ أفلان؟ حتى سمي اليهودي فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فاعترف، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فرض رأسه بين حجرين ". (فتح الباري 5 / 71 ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥١)</span><hr/></div>فَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ قُتِل بِالسَّيْفِ، إِلَاّ أَنْ يَقَعَ الْقَتْل بِمَا هُوَ مُحَرَّمٌ. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَأْخِيرُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> إِذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ، وَكَانُوا جَمِيعًا عُقَلَاءَ بَالِغِينَ حَاضِرِينَ، وَطَلَبُوا الاِسْتِيفَاءَ أُجِيبُوا.</p>أَمَّا إِذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَفِيَّةِ - إِلَى أَنَّهُ يُنْتَظَرُ الْبُلُوغُ أَوِ الإِْفَاقَةُ، لاِحْتِمَال الْعَفْوِ آنَئِذٍ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ، بَل الاِسْتِيفَاءُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ، وَالْقَيِّمِ عَلَى الْمَجْنُونِ.</p>وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الَّذِي يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ فِي هَذِهِ الْحَال هُوَ الْقَاضِي.</p>وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِأَنَّ الْوَلِيَّ إِذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ عَنِ الصَّغِيرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ.</p>أَمَّا إِذَا تَعَدَّدَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ وَكَانَ فِيهِمْ كِبَارٌ وَصِغَارٌ، فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - إِلَى أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ.</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - وَهُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْ أَحْمَدَ - إِلَى أَنَّهُ يَسْتَوْفِيهِ الْكِبَارُ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 435 ط المكتبة التجارية، ونهاية المحتاج 7 / 291، والمغني 9 / 390 ط المنار.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 243 - 244، ومغني المحتاج 4 / 39، والمغني 7 / 739، وبداية المجتهد 2 / 394، والشرح الصغير على أقرب المسالك 4 / 359 ط دار المعارف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٢)</span><hr/></div>أَمَّا إِنْ كَانَ بَعْضُ الأَْوْلِيَاءِ غَائِبِينَ فَإِنَّ انْتِظَارَهُمْ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً دُونَ الْغَائِبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ جُنُونًا غَيْرَ مُطْبِقٍ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ وَقْتُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَبْل بُرْءِ الْمَجْرُوحِ، لِحَدِيثِ: لَا يُسْتَقَادُ مِنَ الْجِرَاحَةِ حَتَّى يَبْرَأَ. (1)</p>وَالشَّافِعِيَّةُ قَالُوا: إِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنَ الْجَانِي عَلَى الْفَوْرِ. (2)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (قِصَاصٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " لا يستقاد من الجرح حتى يبرأ " أخرجه الطحاوي عن طريق عنبسة من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا. قال في التنقيح: إسناده صحيح، وعنبسة وثقه أحمد وغيره. قال ابن أبي حاتم: سئل أبو زرعة عن هذا الحديث، فقال: هو مرسل مقلوب. وأخرجه أحمد والدارقطني بهذا المعنى من حديث عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو عن أبيه عن جده. قال الحافظ في سبل السلام شرح بلوغ المرام: وأعل بالإرسال، والخلاف في سماع عمرو بن شعيب واتصال إسناده مشهور. وقال: وقد دفع بأنه ثبت لقاء شعيب لجده وفي معناه أحاديث تزيده قوة. (مسند ابن حنبل 2 / 217 نشر المكتب الإسلامي 1398 هـ، وسنن الدارقطني 3 / 88 ط دار المحاسن، ونصب الراية 4 / 378 نشر المكتب الإسلامي 1393 هـ، وسبل السلام 3 / 237، 238 ط مصطفى الحلبي 1379 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 310، 311، ومغني المحتاج 4 / 45، والبداية 2 / 146، والشرح الكبير 4 / 230، والمغني 7 / 729 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: اسْتِيفَاءُ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَالِيَّةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ مَال الْغَيْرِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> قَال ابْنُ قُدَامَةَ: (1) إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى غَيْرِهِ حَقٌّ، وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ بَاذِلٌ لَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إِلَاّ مَا يُدْلِيهِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ حَقِّهِ، لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَيْهِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلإِْنْسَانِ غَرَضٌ فِي الْعَيْنِ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَتْ فَصَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، وَكَانَ الثَّابِتُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ تَقَاصَّا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ. وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ مَانِعًا لأَِدَاءِ الدَّيْنِ لأَِمْرٍ يُبِيحُ الْمَنْعَ كَالتَّأْجِيل وَالإِْعْسَارِ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، أَوْ عَوَّضَهُ إِنْ كَانَ تَالِفًا، وَلَا يَحْصُل التَّقَاصُّ هَاهُنَا، لأَِنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ لَا يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ فِي الْحَال بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ قَبْل.</p>وَإِنْ كَانَ مَانِعًا لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَقَدَرَ عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ بِالْحَاكِمِ أَوِ السُّلْطَانِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الأَْخْذُ أَيْضًا بِغَيْرِ السُّلْطَانِ أَوِ الْحَاكِمِ، لأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِيفَائِهِ مِنْ وَكِيلِهِ.</p>وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ جَاحِدًا لَهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يُجِيبُهُ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ وَلَا يُمْكِنُهُ إِجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ نَحْوُ هَذَا، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 10 / 288 ط القاهرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٣)</span><hr/></div>قَال ابْنُ عَقِيلٍ: وَقَدْ جَعَل أَصْحَابُنَا الْمُحَدِّثُونَ لِجَوَازِ الأَْخْذِ وَجْهًا فِي الْمَذْهَبِ، أَخْذًا مِنْ حَدِيثِ هِنْدٍ حِينَ قَال لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ. (1)</p>قَال أَبُو الْخَطَّابِ: وَيَتَخَرَّجُ لَنَا جَوَازُ الأَْخْذِ، فَإِنْ كَانَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَخَذَ بِقَدْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ تَحَرَّى وَاجْتَهَدَ فِي تَقْوِيمِهِ، مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثِ هِنْدٍ، وَمِنْ قَوْل أَحْمَدَ فِي الْمُرْتَهِنِ " يَرْكَبُ وَيَحْلُبُ بِقَدْرِ مَا يُنْفِقُ ". وَالْمَرْأَةُ تَأْخُذُ مَئُونَتَهَا وَبَائِعُ السِّلْعَةِ يَأْخُذُهَا مِنْ مَال الْمُفْلِسِ بِغَيْرِ رِضًا.</p>وَاحْتَجَّ مَنْ أَجَازَ الأَْخْذَ بِحَدِيثِ هِنْدٍ السَّابِقِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيُّ: إِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِخْلَاصِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ فَلَهُ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ جِنْسِهِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، إِنْ لَمْ يَخَفِ الْفِتْنَةَ.</p>وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَقَدَرَ عَلَى اسْتِخْلَاصِ حَقِّهِ فَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ لَهُ أَخْذَ جِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا غَيْرُ جِنْسِهِ لِلضَّرُورَةِ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ: الْمَنْعُ، لأَِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمَلُّكِهِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ التَّرَاضِي.</p><font color=#ff0000>18 -</font> هَذَا، وَانْفَرَدَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا بِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَخْذَ حَقِّهِ اسْتِقْلَالاً، وَلَوْ كَانَ عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ، أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، لأَِنَّ فِي الرَّفْعِ إِلَى الْقَضَاءِ مَئُونَةً وَمَشَقَّةً وَتَضْيِيعَ زَمَانٍ. وَالْقَوْل الآْخَرُ عِنْدَهُمْ: يَجِبُ الرَّفْعُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث هند أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها. (فتح الباري 9 / 507 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1338 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٣)</span><hr/></div>الْقَاضِي، لإِِمْكَانِ حُصُولِهِ عَلَى حَقِّهِ مَعَ وُجُودِ الإِْقْرَارِ أَوِ الْبَيِّنَةِ. (1)</p>وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ، لأَِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِي مَالِهِ إِذَا أَفْلَسَ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ إِنْ كَانَ نَقْدًا أَوْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَال عَرْضًا لَمْ يَجُزْ، لأَِنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْ حَقِّهِ اعْتِيَاضٌ، وَلَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ إِلَاّ بِالتَّرَاضِي، لَكِنَّ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ جَوَازُ الأَْخْذِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ. (2)</p>وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ، (3) وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَقَدْ خَانَهُ، فَيَدْخُل فِي عُمُومِ الْخَبَرِ. وَقَال صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 10 / 288، والقليوبي 4 / 335. واللجنة ترى أن القول بجواز أخذ صاحب الحق مثل حقه من غير رضى ولا حكم حاكم إنما يكون عند أمن الفتنة وإلا لم يجز، لأن درء الفتنة من مقاصد الشريعة المقررة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 10 / 287 ط القاهرة، ورد المحتار 3 / 200، 4 / 43 ط بولاق 1272، والقليوبي 4 / 335، والفروق 1 / 208.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك ". أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقال: هذا حديث حسن غريب. ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، وأخرجه أبو داود من طريق آخر وسكت عنه، وقال المنذري: فيه رواية مجهول (تحفة الأحوذي 4 / 479 - 481 نشر المكتبة السلفية، وعون المعبود 3 / 313 - 314 ط الهند، وجامع الأصول 1 / 323 نشر مكتبة الحلواني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٤)</span><hr/></div>مِنْهُ. (1) وَلأَِنَّهُ إِنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، كَانَ مُعَاوَضَةً بِغَيْرِ تَرَاضٍ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، فَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ الْحَقِّ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ فَإِنَّ التَّعْيِينَ إِلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقُول: اقْضِ حَقِّي مِنْ هَذَا الْكِيسِ دُونَ هَذَا، وَلأَِنَّ كُل مَا لَا يَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ إِذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ، كَمَا لَوْ كَانَ بَاذِلاً لَهُ.</p>لَكِنَّ الْمَانِعِينَ اسْتَثْنَوُا النَّفَقَةَ، لأَِنَّهَا تُرَادُ لإِِحْيَاءِ النَّفْسِ وَإِبْقَاءِ الْمُهْجَةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُصْبَرُ عَنْهُ، وَلَا سَبِيل إِلَى تَرْكِهِ، فَجَازَ أَخْذُ مَا تَنْدَفِعُ بِهِ الْحَاجَةُ، بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَلِذَلِكَ لَوْ صَارَتِ النَّفَقَةُ مَاضِيَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخْذُهَا، وَلَوْ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ آخَرُ غَيْرُ النَّفَقَةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخْذُهُ. (2)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (نَفَقَة) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ اسْتِيفَاءُ الْمُرْتَهِنِ قِيمَةَ الرَّهْنِ مِنَ الْمَرْهُونِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ أَنْ يُمْسِكَهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الرَّاهِنُ مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ عِنْدَ حُلُول الأَْجَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " لا يحل. . . ". أخرجه أحمد والدارقطني من حديث عم أبي حرة الرقاشي مرفوعا، وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو متكلم فيه. وله طريق أخرى عند الدارقطني أيضا عن أنس، وفي إسنادها داود بن الزبرقان وهو متروك. وأخرجه أحمد والبزار من حديث أبي حميد الساعدي مرفوعا بلفظ " لا يحل لمسلم أن يأخذ مال وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفس " وفي رواية " لا يحل لمسلم أن يأخذ عصاه ". قال الهيثمي: ورجال الجميع - أحمد والبزار - رجال الصحيح. قال البيهقي: حديث أبي حميد أصح ما في الباب (مسند أحمد بن حنبل 5 / 72 ط الميمنية، وسنن الدارقطني 3 / 26 ط دار المحاسن للطباعة، ومجمع الزوائد 4 / 171 نشر مكتبة القدسي، ونيل الأوطار 6 / 62 ط دار الجيل 1973) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> نفس المراجع.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٤)</span><hr/></div>كَانَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَى الْقَاضِي فَيَبِيعَ عَلَيْهِ الرَّهْنَ، وَيُنْصِفَهُ مِنْهُ، إِنْ لَمْ يُجِبْهُ الرَّاهِنُ إِلَى الْبَيْعِ.</p>وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ غَائِبًا، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ.</p>وَإِنْ وَكَّل الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُول الأَْجَل جَازَ، وَكَرِهَهُ الإِْمَامُ مَالِكٌ، إِلَاّ أَنْ يَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى الْقَاضِي.</p>وَالرَّهْنُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ يَتَعَلَّقُ بِجُمْلَةِ الْحَقِّ الْمَرْهُونِ فِيهِ وَبِبَعْضِهِ. عَلَى مَعْنَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَوْ أَدَّى بَعْضَ الدَّيْنِ وَبَقِيَ بَعْضُهُ، فَإِنَّ الرَّهْنَ جَمِيعَهُ يَبْقَى بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ كُل حَقِّهِ.</p>وَقَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: بَل يَبْقَى مِنَ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى مِنَ الْحَقِّ.</p>وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقٍّ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَحْبُوسًا بِكُل جُزْءٍ مِنْهُ، أَصْلُهُ حَبْسُ التَّرِكَةِ عَنِ الْوَرَثَةِ حَتَّى يُؤَدُّوا الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ.</p>وَحُجَّةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي أَنَّ جَمِيعَهُ مَحْبُوسٌ بِجَمِيعِهِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ أَبْعَاضُهُ مَحْبُوسَةً بِأَبْعَاضِهِ، أَصْلُهُ الْكَفَالَةُ. (1)</p>وَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِثَمَنِ الرَّهْنِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ، حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، حَيًّا كَانَ الرَّاهِنُ أَوْ مَيِّتًا، فَإِذَا ضَاقَ مَال الرَّاهِنِ عَنْ دُيُونِهِ وَطَالَبَ الْغُرَمَاءُ بِدُيُونِهِمْ، أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِفَلَسِهِ، وَأُرِيدَ قِسْمَةُ مَالِهِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ، فَإِنَّ مَنْ لَهُ رَهْنٌ يَخْتَصُّ بِثَمَنِهِ عَنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ، لأَِنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ الرَّهْنِ وَذِمَّةِ الرَّاهِنِ مَعًا، وَبَاقِي الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ حَقُّهُمْ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ دُونَ عَيْنِ الرَّهْنِ، فَكَانَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ أَقْوَى، وَهَذَا مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 298 ط مكتبة الكليات، وشرح الخطيب على أبي شجاع 3 / 65 ط الحلبي، والدر المختار 5 / 322، والمغني 4 / 452.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٥)</span><hr/></div>أَكْثَرِ فَوَائِدِ الرَّهْنِ، وَهُوَ تَقْدِيمُهُ بِحَقِّهِ عِنْدَ تَزَاحُمِ الْغُرَمَاءِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلَافٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، فَيُبَاعُ الرَّهْنُ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ قَدْرَ الدَّيْنِ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَنْ دَيْنِهِ رَدَّ الْبَاقِيَ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ فَضَل مِنْ دَيْنِهِ شَيْءٌ أَخَذَ ثَمَنَهُ وَشَارَكَ الْغُرَمَاءَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ. (1) وَلِلتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَى بَابِ الرَّهْنِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ حَبْسُ الْمَبِيعِ لاِسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ - وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ اخْتَارَهُ ابْنُ قُدَامَةَ - أَنَّهُ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْضِيَ الثَّمَنَ، وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ قَبْل الاِسْتِيفَاءِ كَالْمُرْتَهِنِ. وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَجَبَ دَفْعُهُ أَوَّلاً لِيَتَعَيَّنَ. وَفِي رَأْيٍ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِنْ قَال الْبَائِعُ: لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ، وَقَال الْمُشْتَرِي: لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ، وَكَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا، جُعِل بَيْنَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا، وَيُسَلِّمُ إِلَيْهِمَا. مُسْتَدِلِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ قَدْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الثَّمَنِ، كَمَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِعَيْنِ الْمَبِيعِ فَاسْتَوَيَا، وَقَدْ وَجَبَ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الآْخَرِ حَقٌّ قَدِ اسْتَحَقَّ قَبْضَهُ، فَأُجْبِرَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِيفَاءِ صَاحِبِهِ حَقَّهُ، وَهَذَا قَوْل الثَّوْرِيِّ.</p>وَفِي قَوْلٍ لِلإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ أَوَّلاً، وَيُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ الْبَائِعُ، لأَِنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِقْرَارُ الْبَيْعِ وَتَمَامُهُ، فَكَانَ تَقْدِيمُهُ أَوْلَى، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 4 / 452 ط المنار الثانية، وحاشية ابن عابدين 5 / 239 ط الأميرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٥)</span><hr/></div>أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، ثُمَّ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ، لأَِنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَحَقَّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَتَقْدِيمُ مَا تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ أَوْلَى لِتَأَكُّدِهِ، وَهَذَا إِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ. (1)</p>د -‌<span class="title">‌ الاِسْتِيفَاءُ فِي الإِْجَارَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌(1) اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> الْمَنْفَعَةُ تَخْتَلِفُ فِي كُل عَقْدٍ بِحَسَبِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَاسْتِيفَاؤُهَا يَكُونُ بِتَمْكِينِ الْمُؤَجِّرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ مِنْ مَحَل الْعَقْدِ. وَيَكُونُ الاِسْتِيفَاءُ فِي الأَْجِيرِ الْخَاصِّ (وَيُسَمَّى أَجِيرُ الْوَحْدِ) بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ مَعَ اسْتِعْدَادِهِ لِلْعَمَل. وَاسْتِيفَاءُ الإِْجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ فِي عَيْنٍ - كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلاً - يَكُونُ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ مَصْنُوعَةً حَسَبَ الاِتِّفَاقِ.</p> </p>‌<span class="title">‌(2) اسْتِيفَاءُ الأُْجْرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> اسْتِيفَاءُ الأُْجْرَةِ يَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ: إِمَّا بِتَعْجِيل الأُْجْرَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِمَّا بِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِعْلاً، أَوِ التَّمَكُّنِ مِنْهَا، وَإِمَّا بِاشْتِرَاطِ تَعْجِيلِهَا، أَوِ التَّعَارُفِ عَلَى التَّعْجِيل كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ. (2)</p>وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإنصاف 4 / 458، والشرح الكبير على المقنع 4 / 113 ط المنار الثانية، وحاشية ابن عابدين 3 / 43، ومغني المحتاج 2 / 74، والدسوقي 3 / 147.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 5 / 6 - 7، والبدائع 4 / 175 ط الجمالية، والبجيرمي على الخطيب 3 / 176، والشرح الصغير للدردير 4 / 13 ط دار المعارف، والمغني 5 / 330 ط مكتبة القاهرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٦)</span><hr/></div>هـ -‌<span class="title">‌ اسْتِيفَاءُ الْمُسْتَعِيرِ مَنْفَعَةَ مَا اسْتَعَارَهُ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> أَوْرَدَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَحْكَامَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِي الإِْعَارَةِ فَقَال: وَإِنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا فَلَهُ اسْتِيفَاءُ مَنْفَعَتِهِ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيلِهِ، لأَِنَّ وَكِيلَهُ نَائِبٌ عَنْهُ، وَيَدُهُ كَيَدِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ، لأَِنَّهُ لَمْ يَمْلِكِ الْمَنَافِعَ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَمْلِكَهَا، وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا، وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْعَيْنَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَال الْمُعَارِ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، أَمَّا إِعَارَتُهُ لِغَيْرِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (إِعَارَةٌ) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ النِّيَابَةُ فِي الاِسْتِيفَاءِ:</span></p>‌<span class="title">‌(1) اسْتِخْلَافُ الإِْمَامِ غَيْرَهُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ غَيْرَهُ عَلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ، لأَِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْجَمِيعِ بِنَفْسِهِ، لأَِنَّ أَسْبَابَ وُجُوبِهَا تُوجَدُ فِي أَقْطَارِ دَارِ الإِْسْلَامِ، وَلَا يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إِلَيْهَا، وَفِي الإِْحْضَارِ إِلَى مَكَانِ الإِْمَامِ حَرَجٌ عَظِيمٌ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الاِسْتِخْلَافُ لَتَعَطَّلَتِ الْحُدُودُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَلِهَذَا كَانَ عليه الصلاة والسلام يَجْعَل إِلَى أُمَرَائِهِ تَنْفِيذَ الأَْحْكَامِ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ.</p>وَالاِسْتِخْلَافُ نَوْعَانِ: تَنْصِيصٌ، وَتَوْلِيَةٌ.</p>أَمَّا التَّنْصِيصُ: فَهُوَ أَنْ يَنُصَّ عَلَى إِقَامَةِ الْحُدُودِ، فَيَجُوزُ لِلنَّائِبِ إِقَامَتُهَا بِلَا شَكٍّ.</p>وَالتَّوْلِيَةُ عَلَى نَوْعَيْنِ: خَاصَّةٌ، وَعَامَّةٌ.</p>فَالْعَامَّةُ: هِيَ أَنْ يُوَلِّيَ الإِْمَامُ رَجُلاً وِلَايَةً عَامَّةً، مِثْل إِمَارَةِ إِقْلِيمٍ أَوْ بَلَدٍ عَظِيمٍ، فَيَمْلِكُ الْمُوَلَّى إِقَامَةَ الْحُدُودِ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا، لأَِنَّهُ لَمَّا قَلَّدَهُ إِمَارَةَ ذَلِكَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٦)</span><hr/></div>الْبَلَدِ فَقَدْ فَوَّضَ إِلَيْهِ الْقِيَامَ بِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ مِنْ أَعْظَمِ مَصَالِحِهِمْ، فَيَمْلِكُهَا. (1)</p>وَالْخَاصَّةُ: هِيَ أَنْ يُوَلِّيَ رَجُلاً وِلَايَةً خَاصَّةً، مِثْل جِبَايَةِ الْخَرَاجِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَلَا يَمْلِكُ إِقَامَةَ الْحُدُودِ، لأَِنَّ هَذِهِ التَّوْلِيَةَ لَمْ تَتَنَاوَل إِقَامَةَ الْحُدُودِ، وَلَوِ اسْتَعْمَل أَمِيرًا عَلَى الْجَيْشِ الْكَبِيرِ، فَإِنْ كَانَ أَمِيرَ مِصْرٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَغَزَا بِجُنْدِهِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ إِقَامَةَ الْحُدُودِ فِي مُعَسْكَرِهِ، لأَِنَّهُ كَانَ يَمْلِكُ الإِْقَامَةَ فِي بَلَدِهِ، فَإِذَا خَرَجَ بِأَهْلِهِ أَوْ بِبَعْضِهِمْ مَلَكَ عَلَيْهِمْ مَا كَانَ يَمْلِكُ فِيهِمْ قَبْل الْخُرُوجِ، وَأَمَّا مَنْ أَخْرَجَهُ أَمِيرُ الْبَلَدِ غَازِيًا فَمَنْ كَانَ يَمْلِكُ إِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ قَبْل خُرُوجِهِ وَبَعْدَهُ لَمْ يُفَوِّضْ إِلَيْهِ الإِْقَامَةَ، فَلَا يَمْلِكُ الإِْقَامَةَ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌(2) الْوَكَالَةُ بِالاِسْتِيفَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ كُل مَا يَمْلِكُ الإِْنْسَانُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّل فِيهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الْقَوَدُ وَالْحُدُودُ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: كُل مَا يَمْلِكُ الإِْنْسَانُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ مِنَ الْحُقُوقِ بِنَفْسِهِ، يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّل فِيهِ إِلَاّ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا الْوَكِيل فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّل عَنْ مَجْلِسِ الاِسْتِيفَاءِ، لأَِنَّهَا تَنْدَرِئُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ومثل هذا لا يختلف فيه، وعند إطلاق التولية ينصرف ما يملكه النائب إلى ما يدل عليه العرف.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 58 ط الجمالية الأولى، والمغني 9 / 37 ط مكتبة القاهرة، والأحكام السلطانية للآمدي ص 221 ط الحلبي، وتبصرة الحكام 1 / 149 ط الحلبي 1958.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>بِالشُّبُهَاتِ. (1)</p>وَاسْتَدَل الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيل فِي الْقَوَدِ وَالْحُدُودِ، بِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَال: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا. فَاعْتَرَفَتْ فَرُجِمَتْ (2) وَلأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ، لأَِنَّ الإِْمَامَ لَا يُمْكِنُهُ تَوَلِّي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ.</p>وَيَجُوزُ التَّوْكِيل فِي إِثْبَاتِهَا. وَوَافَقَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ الْحَنَفِيَّةَ عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ عَدَم جَوَازِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّل (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 418.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " اغد يا أنس ". أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني مرفوعا ضمن قصة (فتح الباري 12 / 185، 186، ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1324، 1325 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد لابن رشد 2 / 297، والبجيرمي على الخطيب 3 / 112، والمغني 5 / 66 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِيلَاء</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الاِسْتِيلَاءِ لُغَةً: وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ، وَالْغَلَبَةُ عَلَيْهِ، وَالتَّمَكُّنُ مِنْهُ. (1)</p>وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: إِثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى الْمَحَل (2) ، أَوْ الاِقْتِدَارُ عَلَى الْمَحَل حَالاً وَمَآلاً (3) ، أَوِ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ وَلَوْ حُكْمًا. (4)</p>وَأَمَّا الْفِعْل الْمَادِّيُّ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِهِ الاِسْتِيلَاءُ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ تَبَعًا لِلأَْشْيَاءِ وَالأَْشْخَاصِ، أَيْ أَنَّ مَدَارَ الاِسْتِيلَاءِ عَلَى الْعُرْفِ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْحِيَازَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْحِيَازَةُ وَالْحَوْزُ لُغَةً: الْجَمْعُ وَالضَّمُّ. (6)</p>وَشَرْعًا: وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَالاِسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ، كَمَا قَال الدَّرْدِيرُ (7) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح والقاموس مادة (ولي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 121 ط الثانية سنة 1394 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر الرائق 5 / 103.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية القليوبي 3 / 26 ط عيسى الحلبي، وحاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 469 ط دار إحياء التراث.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية الجمل 3 / 469.</p><font color=#ff0000>(6)</font> المصباح مادة (حوز) وطلبة الطلبة ص 106، والتحرير على التنبيه للنووي ص 141.</p><font color=#ff0000>(7)</font> الشرح الصغير 4 / 319، والفواكه الدواني 2 / 168.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الْغَصْبُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْغَصْبُ لُغَةً: أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا وَظُلْمًا. (1)</p>وَشَرْعًا: الاِسْتِيلَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا حَقٍّ. (2)</p>فَالْغَصْبُ أَخَصُّ مِنْ الاِسْتِيلَاءِ، لأَِنَّ الاِسْتِيلَاءَ يَكُونُ بِحَقٍّ وَبِغَيْرِ حَقٍّ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ وَضْعُ الْيَدِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ هُوَ: الاِسْتِيلَاءُ عَلَى الشَّيْءِ بِالْحِيَازَةِ.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ وَضْعَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَل بِهِ عَلَى الْمِلْكِ، وَلِذَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَلَيْسَ لِلإِْمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إِلَاّ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ (3)، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْغَنِيمَةُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الاِغْتِنَامُ: أَخْذُ الْغَنِيمَةِ، وَهِيَ كَمَا قَال أَبُو عُبَيْدٍ: مَا أُخِذَ مِنْ أَهْل الْعَدُوِّ عَنْوَةً فَالاِغْتِنَامُ أَخَصُّ مِنْ الاِسْتِيلَاءِ. (4)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الإِْحْرَازُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الإِْحْرَازُ لُغَةً: جَعْل الشَّيْءِ فِي الْحِرْزِ، وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير مادة (غصب) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المنهج مع حاشية الجمل 4 / 469، وكشاف القناع 4 / 76، وحاشية الدسوقي 3 / 442، والدر المختار 5 / 113 ط بولاق سنة 1472 هـ، والفواكه الدواني 2 / 216.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح والقاموس، وحاشية ابن عابدين 3 / 257، والمنثور في القواعد للزركشي 3 / 370.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق 3 / 248 ط دار المعارف بيروت، وفتح القدير 4 / 203.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٨)</span><hr/></div>الْمَوْضِعُ الْحَصِينُ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ الشَّيْءُ. وَفِي الشَّرْعِ: حِفْظُ الْمَال فِيمَا يُحْفَظُ فِيهِ عَادَةً، كَالدَّارِ وَالْخَيْمَةِ، أَوْ بِالشَّخْصِ نَفْسِهِ (1) .</p>وَبَيْنَ الإِْحْرَازِ وَالاِسْتِيلَاءِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ. وَلِذَا كَانَ الإِْحْرَازُ شَرْطًا لِتَرَتُّبِ الْمِلْكِ عَلَى الاِسْتِيلَاءِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَيَنْفَرِدُ الاِسْتِيلَاءُ فِي مِثْل اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ إِحْرَازًا.</p> </p>‌<span class="title">‌صِفَةُ الاِسْتِيلَاءِ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يَخْتَلِفُ حُكْمُ الاِسْتِيلَاءِ بِحَسَبِ الشَّيْءِ الْمُسْتَوْلَى عَلَيْهِ، وَتَبَعًا لِكَيْفِيَّةِ الاِسْتِيلَاءِ، فَالأَْصْل بِالنِّسْبَةِ لِلْمَال الْمَعْصُومِ الْمَمْلُوكِ لِلْغَيْرِ أَنَّ الاِسْتِيلَاءَ عَلَيْهِ مُحَرَّمٌ، إِلَاّ إِذَا كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى طَرِيقٍ مَشْرُوعٍ.</p>أَمَّا الْمَال غَيْرُ الْمَعْصُومِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الاِسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا، وَكَذَا الْمَال الْمُبَاحُ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بِالاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الاِسْتِيلَاءِ فِي الْمِلْكِ وَالتَّمَلُّكِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الاِسْتِيلَاءُ يُفِيدُ الْمِلْكَ إِذَا وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لأَِحَدٍ، عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي بَيَانُهُ، أَوْ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُبَاحِ لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ، بِأَنْ كَانَ مَالاً لَلْحَرْبِيِّينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَهَذَا إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْقُولاً، أَوْ عَقَارًا، وَلِكُلٍّ حُكْمُهُ الْخَاصُّ.</p><font color=#ff0000>9 -</font> فَإِنْ كَانَ الْمَال الَّذِي تَمَّ الاِسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس والمصباح مادة (حرز) ، وطلبة الطلبة ص 77، والنظم المستعذب 1 / 366 ط م الحلبي، وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق 3 / 220 ط دار المعارف، وحاشية ابن عابدين 5 / 282 ط أولى بولاق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div>الْحَرْبِيِّينَ مَنْقُولاً أُخِذَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ إِلَاّ بِالْقِسْمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَالْمِلْكُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا. (1) وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الاِسْتِيلَاءِ بِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْقِتَال، لِزَوَال مِلْكِ الْكُفَّارِ بِالاِسْتِيلَاءِ، وَوُجُودِ مُقْتَضَى التَّمْلِيكِ، وَهُوَ انْقِضَاءُ الْقِتَال، وَفِي قَوْلٍ أَنَّ الْمِلْكَ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ سُلِّمَتِ الْغَنِيمَةُ إِلَى الْقِسْمَةِ بَانَ مِلْكُهُمْ عَلَى الشُّيُوعِ. (2)</p>وَبِالْقِسْمَةِ - وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ - ثَبَتَ الْمِلْكُ، وَيَسْتَقِرُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ. وَبِهَذَا قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَأَبُو ثَوْرٍ، لِمَا رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ قَال: قُلْتُ لِلأَْوْزَاعِيِّ: هَل قَسَمَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مِنَ الْغَنَائِمِ بِالْمَدِينَةِ؟ قَال: لَا أَعْلَمُهُ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَتَّبِعُونَ غَنَائِمَهُمْ وَيَقْسِمُونَهَا فِي أَرْضِ عَدُوِّهِمْ، وَلَمْ يَقْفُل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ غَزَاةٍ قَطُّ، أَصَابَ فِيهَا غَنِيمَةً إِلَاّ خَمَّسَهُ وَقَسَّمَهُ مِنْ قَبْل أَنْ يَقْفُل، وَلأَِنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ فِيهَا بِالْقَهْرِ وَالاِسْتِيلَاءِ، فَصَحَّتْ قِسْمَتُهَا كَمَا لَوْ أُحْرِزَتْ بِدَارِ الإِْسْلَامِ، لأَِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الاِسْتِيلَاءُ التَّامُّ وَقَدْ وُجِدَ، فَإِنَّنَا أَثْبَتْنَا أَيْدِيَنَا عَلَيْهَا حَقِيقَةً، وَقَهَرْنَاهُمْ وَنَفَيْنَاهُمْ عَنْهَا، وَالاِسْتِيلَاءُ يَدُل عَلَى حَاجَةِ الْمُسْتَوْلِي فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ كَالْمُبَاحَاتِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 121، والمغني 8 / 446 - 447.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأحكام السلطانية للماوردي ص 139 ط 1960، ونهاية المحتاج 8 / 73.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 2 / 194، ومنح الجليل 1 / 745، 750. ونهاية المحتاج 8 / 73، والمغني 8 / 421 - 422.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٥٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>10 -</font> لَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لِلْغُزَاةِ بِدَارِ الْحَرْبِ بِالاِسْتِيلَاءِ، وَلَكِنْ يَنْعَقِدُ سَبَبُ الْمِلْكِ فِيهَا، عَلَى أَنْ يَصِيرَ عِلَّةً عِنْدَ الإِْحْرَازِ بِدَارِ الإِْسْلَامِ، وَعَلَى هَذَا فَلَمْ يَعْتَبِرُوا قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ قِسْمَةَ تَمْلِيكٍ، وَإِنَّمَا هِيَ قِسْمَةُ حَمْلٍ، لأَِنَّ مِلْكَ الْكُفَّارِ قَائِمٌ، إِذْ الْمِلْكُ لَا يَتِمُّ عَلَيْهَا إِلَاّ بِالاِسْتِيلَاءِ التَّامِّ، وَلَا يَحْصُل إِلَاّ بِإِحْرَازِهَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، وَمَا دَامَ الْغُزَاةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَاسْتِرْدَادُ الْكُفَّارِ لَيْسَ بِنَادِرٍ بَل هُوَ مُحْتَمَلٌ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>11 -</font> وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَال الْمُسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنَ الْكُفَّارِ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ أَرْضًا، فَإِنَّ لِلْفُقَهَاءِ ثَلَاثَةَ اتِّجَاهَاتٍ: فَالْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ - عَلَيْهَا الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ - صَرَّحُوا بِأَنَّ الإِْمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْسِمَهَا أَوْ يَتْرُكَهَا فِي يَدِ أَهْلِهَا بِالْخَرَاجِ. (2)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ: إِنَّهَا لَا تُقْسَمُ، وَيُرْصَدُ خَرَاجُهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَاّ أَنْ يَرَى الإِْمَامُ فِي وَقْتٍ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَقْتَضِي الْقِسْمَةَ، وَالْقَوْل بِأَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِالاِسْتِيلَاءِ، وَيُرْصَدُ خَرَاجُهَا لِصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهَا تُمَلَّكُ لِلْفَاتِحِينَ كَالْمَنْقُول.</p>وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَبِهِ قَال ابْنُ رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُقَابِل الْمَشْهُورَ، وَقَالُوا: إِنَّ الاِسْتِيلَاءَ الْحُكْمِيَّ كَالْحَقِيقِيِّ فِي تَرَتُّبِ الْمِلْكِ عَلَى الاِسْتِيلَاءِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 116، 118 - 121، والمغني 8 / 421.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 2 / 118، والمقنع وحواشيه 1 / 510.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 7 / 118، وحاشية الدسوقي 2 / 189، ونهاية المحتاج 8 / 73، 119، والأحكام السلطانية للماوردي 137 - 138، والمغني 2 / 717، وكشاف القناع 4 / 128، 133، ومنح الجليل 1 / 585 - 586.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>12 -</font> أَمَّا الأَْرْضُ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ جَلَاءِ الْكُفَّارِ عَنْهَا خَوْفًا، فَإِنَّهَا تَصِيرُ بِالاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا وَقْفًا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.</p>وَأَمَّا الأَْرْضُ الَّتِي اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ صُلْحًا فَإِنَّهَا تَبْقَى فِي أَيْدِي أَصْحَابِهَا، إِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ تَبْقَى فِي مِلْكِيَّتِهِمْ، وَيُوضَعُ عَلَيْهَا الْخَرَاجُ. أَمَّا إِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَتَمَلَّكَهَا الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهَا تَكُونُ وَقْفًا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>13 -</font> وَأَمَّا إِذَا كَانَ الاِسْتِيلَاءُ عَلَى مَالٍ مَعْصُومٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ بِطَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ التَّمَلُّكِ، فَإِنَّ الاِسْتِيلَاءَ وَحْدَهُ لَا يُكْسِبُ مِلْكِيَّةً، (2) وَإِنَّمَا حُدُوثُ التَّمَلُّكِ يَكُونُ بِالسَّبَبِ الْمَشْرُوعِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ، وَحَقُّ الاِسْتِيلَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ أَثَرًا وَنَتِيجَةً لِلتَّمَلُّكِ وَلَيْسَ سَبَبًا لَهُ.</p>وَأَمَّا إِذَا كَانَ الاِسْتِيلَاءُ عُدْوَانًا، فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ مِلْكًا. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِ (غَصْب)(وَسَرِقَة) .</p> </p><font color=#ff0000>14 -</font> وَاسْتِيلَاءُ الْحَاكِمِ عَلَى مَا يَحْتَكِرُهُ التُّجَّارُ لَهُ أَثَرٌ فِي إِزَالَةِ مِلْكِيَّتِهِمْ، إِذْ لِلْحَاكِمِ رَفْعُ يَدِ الْمُحْتَكِرِينَ عَمَّا احْتَكَرُوهُ وَبَيْعُهُ لِلنَّاسِ جَبْرًا، وَالثَّمَنُ لِمَالِكِيهِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ مُبَيَّنٍ فِي مُصْطَلَحِ (احْتِكَارٌ) .</p>وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنِ اسْتِيلَاءِ الْحَاكِمِ عَلَى الْفَائِضِ مِنَ الأَْقْوَاتِ بِالْقِيمَةِ لإِِمْدَادِ جِهَةٍ انْقَطَعَ عَنْهَا الْقُوتُ أَوْ إِمْدَادِ جُنُودِهِ، لأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يُخْرِجَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأحكام السلطانية للماوردي ص 137 - 138، والمغني 2 / 719.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 121، 127، والمغني 8 / 430، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 4 / 187، ونهاية المحتاج 8 / 73، والمهذب 2 / 243.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٠)</span><hr/></div>حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ (1) ، وَالاِسْتِيلَاءُ عَلَى عَمَل الصَّانِعِ إِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إِلَى صِنَاعَةِ طَائِفَةٍ كَالْفِلَاحَةِ وَالنِّسَاجَةِ، (2) وَمَدَارُ الاِسْتِيلَاءِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْعُرْفِ.</p> </p>‌<span class="title">‌اسْتِيلَاءُ الْكُفَّارِ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَشْهُورَةٍ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> إِنَّ مَا اسْتَرَدَّهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْدِي الْحَرْبِيِّينَ فَهُوَ لأَِرْبَابِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكُونَ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ بِالاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا أَصْلاً، وَمِمَّنْ قَال بِهَذَا الشَّافِعِيَّةُ، وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، (3) وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّهُ أُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَْنْصَارِ، وَأُصِيبَتِ الْعَضْبَاءُ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ، وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ مَعَ نَعَمِهَا ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ، فَأَتَتِ الإِْبِل، فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ، حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ، فَلَمْ تَرْغُ. قَال: وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ. فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ، وَنَذَرُوا بِهَا، فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ. قَال: وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ، فَقَالُوا: الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا. فَأَتَوْا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا ذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 3 / 257.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 5 / 129، والشرح الصغير 4 / 39، وحاشية الجمل 4 / 469.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 8 / 433 - 434، والمهذب 2 / 242، وبجيرمي على المنهج 4 / 259.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>لَهُ فَقَال: سُبْحَانَ اللَّهِ، بِئْسَمَا جَزَتْهَا، نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حَجَرٍ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ (1) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> إِنَّ مَا غَنِمَهُ الْكُفَّارُ يَمْلِكُونَهُ بِمُجَرَّدِ الاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَحْرَزُوهُ بِدَارِهِمْ أَوْ لَمْ يُحْرِزُوهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَهْرَ سَبَبٌ يَمْلِكُ بِهِ الْمُسْلِمُ مَال الْكَافِرِ، فَمَلَكَ بِهِ الْكَافِرُ مَال الْمُسْلِمِ، وَعَلَى هَذَا إِذَا اسْتَرَدَّ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ كَانَ غَنِيمَةً سَوَاءٌ بَعْدَ الإِْحْرَازِ أَوْ قَبْلَهُ. (2)</p><font color=#ff0000>(3)</font> إِنَّ الْكُفَّارَ يَمْلِكُونَ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ بِالاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا شَرْطَ إحْرَازِهَا بِدَارِهِمْ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَدَلِيلُهُ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: وَهَل تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رَبَاعٍ (3) وَلأَِنَّ الْعِصْمَةَ تَزُول بِالإِْحْرَازِ بِدَارِ الْحَرْبِ، إِذِ الْمَالِكُ لَا يُمْكِنُهُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ إِلَاّ بَعْدَ الدُّخُول لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَاطَرَةٍ، إِذْ الدَّارُ دَارُهُمْ، فَإِذَا زَال مَعْنَى الْمِلْكِ أَوْ مَا شُرِعَ لَهُ الْمِلْكُ يَزُول الْمِلْكُ ضَرُورَةً، فَبِاسْتِرْدَادِ الْمُسْلِمِينَ لِذَلِكَ يَكُونُ غَنِيمَةً. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عمران بن حصين. أخرجه مسلم وأبو داود مرفوعا واللفظ لمسلم (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1262، 1263 ط عيسى الحلبي 1375 هـ، وسنن أبي داود 3 / 609 - 612 ط استانبول) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 433 - 434.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " وهل ترك لنا. . .، متفق عليه في حديث أسامة بن زيد (اللؤلؤ والمرجان ص 313 نشر وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت 1397 هـ) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 3 / 260 - 261، والبدائع 7 / 123، 127، 128، وحاشية الدسوقي 2 / 188، والمهذب 2 / 242، والمغني 8 / 430 وما بعدها، وبداية المجتهد 1 / 416، والدر المختار 3 / 244، وحاشية الصاوي 2 / 291.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِيلَاءُ</p>الْكُفَّارِ عَلَى بَلَدٍ إِسْلَامِيٍّ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> إِذَا اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى بَلَدٍ إِسْلَامِيٍّ فَهَل تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ أَمْ تَبْقَى كَمَا هِيَ دَارَ إِسْلَامٍ؟</p>فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، فَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ دَارَ الإِْسْلَامِ تَصِيرُ دَارَ كُفْرٍ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ إِظْهَارُ أَحْكَامِ الْكُفْرِ. (1) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (دَارُ الإِْسْلَامِ وَدَارُ الْحَرْبِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْلَامُ الْحَرْبِيِّ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِ عَلَى مَال الْمُسْلِمِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> إِذَا اسْتَوْلَى الْحَرْبِيُّ عَلَى مَال مُسْلِمٍ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ، وَحُكِمَ بِمِلْكِيَّتِهِ لَهُ شَرْعًا، ثُمَّ دَخَل إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ مُسْلِمًا وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَهُوَ لَهُ، لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ (2) وَلأَِنَّ إِسْلَامَهُ يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ (3) . وَاسْتَثْنَى الْجُمْهُورُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْحُرِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 2 / 232، وحاشية ابن عابدين 3 / 253.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من أسلم على شيء فهو له " أخرجه البيهقي وابن عدي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، وقال المناوي: في إسناده ياسين بن الزيات متروك. قال البيهقي: وهذا الحديث إنما يروى عن ابن أبي مليكه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وعن عروة عن النبي صل وللحديث طرق أخرى، ولم نجد من حكم على الحديث بمجموع طرقه. (السنن الكبرى للبيهقي 9 / 113 ط الهند، وكتاب السنن لسعيد بن منصور، القسم الأول من المجلد الثالث / 54، 55 ط مطبعة علمي بريس (ماليكاؤن) ، وفيض القدير 6 / 62 ط المكتبة التجارية، وإرواء الغليل 6 / 156 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أمرت أن أقاتل الناس. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عمر رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 3 / 262 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 51، 52 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>الْمُسْلِمِ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهِ. قَال أَبُو يُوسُفَ: كُل مِلْكٍ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ فَإِنَّ أَهْل الْحَرْبِ لَا يَمْلِكُونَهُ إِذَا أَصَابُوهُ وَأَسْلَمُوا عَلَيْهِ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ مِثْلَهُ: الْوَقْفُ الْمُحَقَّقُ، وَالْمَسْرُوقُ فِي فَتْرَةِ عَهْدِهِ، وَاللُّقَطَةُ، وَالدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ، الْوَدِيعَةُ، وَمَا اسْتَأْجَرَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَال كُفْرِهِ فَلَا يُقَرُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَقَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى لَا تَأْبَى ذَلِكَ. (1)</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَإِذَا اسْتَوْلَى الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ عَلَى مَال مُسْلِمٍ بِطَرِيقِ السَّرِقَةِ، أَوْ الاِغْتِصَابِ مِنْ حَرْبِيٍّ آخَرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَدَخَل دَارَ الإِْسْلَامِ وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَهُوَ لَهُ أَيْضًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ حَال كُفْرِهِ فَأَشْبَهَ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِقَهْرِهِ لِلْمُسْلِمِينَ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَحَقُّ بِهِ بِالْقِيمَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَال الْمُبَاحِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> الْمَال الْمُبَاحُ كُل مَا خَلَقَهُ اللَّهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ النَّاسُ عَلَى وَجْهٍ مُعْتَادٍ، وَلَيْسَ فِي حِيَازَةِ أَحَدٍ مَعَ إِمْكَانِ حِيَازَتِهِ، وَيَكُونُ حَيَوَانًا: بَرِّيًّا أَوْ بَحْرِيًّا، وَيَكُونُ نَبَاتًا: حَشَائِشَ وَأَعْشَابًا وَحَطَبًا، وَيَكُونُ جَمَادًا: أَرْضًا مَوَاتًا وَرِكَازًا، كَمَا يَكُونُ مَاءً وَهَوَاءً، وَمِنْ حَقِّ أَيِّ إِنْسَانٍ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِالاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَيَتَحَقَّقُ الاِسْتِيلَاءُ وَتَسْتَقِرُّ الْمِلْكِيَّةُ إِذَا كَانَ الاِسْتِيلَاءُ بِفِعْلٍ يُؤَدِّي إِلَى التَّمَكُّنِ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ.</p>رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أُمِّ جُنْدَبٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 2 / 188.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 434، والخراج لأبي يوسف ص 200 ط ثانية 1353 هـ، والسير الكبير 2 / 688، والشرح الصغير 2 / 291 ط دار المعارف، والمنهج مع حاشية البجيرمي 4 / 257 ط 1369 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٢)</span><hr/></div>قَال: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ لَهُ (1) وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَاطَ حَائِطًا عَلَى أَرْضٍ فَهِيَ لَهُ (2) وَفِي رِوَايَةٍ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ (3) وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعَقَارِ الْمُبَاحِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْقُول مِنَ الْمُبَاحَاتِ أَوْلَى، لِظُهُورِ الاِسْتِئْثَارِ بِهِ ظُهُورًا لَا يَكُونُ فِي الْعَقَارِ.</p>وَلَا يَحُدُّ مِنْ سُلْطَانِ النَّاسِ فِي الاِسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَال الْمُبَاحِ إِلَاّ الْقَوَاعِدُ الْعَامَّةُ لِتَنْظِيمِ الاِنْتِفَاعِ وَمَنْعِ الضَّرَرِ.</p><font color=#ff0000>20 -</font> وَلِكُل نَوْعٍ مِنَ الأَْمْوَال الْمُبَاحَةِ طَرِيقٌ لِلاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، فَالاِسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَاءِ الْمُبَاحِ وَالرِّكَازِ يَكُونُ بِالْحَوْزِ وَالْكَشْفِ، وَالاِسْتِيلَاءُ عَلَى الْكَلأَِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له ". أخرجه أبو داود من حديث أسمر بن مضرس رضي الله عنه مرفوعا. ونقل صاحب عون المعبود عن ابن حجر تجهيل بعض رواته. قال المنذري: غريب. وقال أبو القاسم البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد حديثا (عون المعبود 3 / 142 وجامع الأصول 10 / 584 نشر مكتبة الحلواني) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من أحاط حائطا على أرض فهي له " أخرجه أبو داود وأحمد والضياء المقدسي من حديث الحسن عن سمرة بن جندب، رضي الله عنه مرفوعا، قال ابن حجر: في صحة سماع الحسن عن سمرة خلاف، وأشار المنذري أيضا إلى هذا الخلاف. وقال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: وفيه ضعف، وأخرجه أحمد من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بهذا اللفظ، قال البنا الساعاتي في تخريجه: أخرجه الترمذي والنسائي والبيهقي، وقال الترمذي: حديث صحيح (مختصر سنن أبي داود للمنذري 4 / 226 نشر دار المعرفة، ومسند أحمد بن حنبل 5 / 12 ط الميمنية، والفتح الرباني 15 / 130، 131 الطبعة الأولى 1370 هـ، وفيض القدير 6 / 29) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من أحيا أرضا ميتة فهي له ". علقه البخاري من حديث جابر رضي الله عنه، وذكر ابن حجر في شرحه شواهد هذا الحديث، وقال: وفي أسانيدها مقال، ولكن يتقوى بعضها ببعض (فتح الباري 5 / 18 ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>وَالْعُشْبِ يَكُونُ بِالْحَشِّ، وَالاِسْتِيلَاءُ عَلَى حَيَوَانِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ يَكُونُ بِالاِصْطِيَادِ، وَالاِسْتِيلَاءُ عَلَى الأَْرْضِ الْمَوَاتِ يَكُونُ بِالإِْحْيَاءِ، وَبِإِقْطَاعِ التَّمْلِيكِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌تَنَوُّعُ الاِسْتِيلَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> الاِسْتِيلَاءُ يَكُونُ حَقِيقِيًّا بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُبَاحِ فِعْلاً، وَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ وَقَصْدٍ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ، قَال الرَّمْلِيُّ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: يُمْلَكُ الصَّيْدُ بِضَبْطِهِ بِالْيَدِ، لأَِنَّهُ مُبَاحٌ، فَمُلِكَ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ، سَوَاءٌ أَقَصَدَ بِذَلِكَ مِلْكَهُ أَمْ لَا، حَتَّى لَوْ أَخَذَهُ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ مَلَكَهُ. وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ بِالاِسْتِيلَاءِ الْحَقِيقِيِّ الْمِلْكِيَّةُ مُسْتَقِرَّةً، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الاِسْتِيلَاءُ حَقِيقِيًّا إِذَا كَانَ بِآلَةٍ أُعِدَّتْ لِذَلِكَ، وَكَانَ وَاضِعُهَا قَرِيبًا مِنْهَا، بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا لأََمْسَكَ الصَّيْدَ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ عَلَيْهِ. وَمِنْ هَذَا لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً لِلصَّيْدِ فَوَقَعَ فِيهَا طَائِرٌ وَامْتَنَعَ عَلَيْهِ الطَّيَرَانُ، أَوْ أَغْرَى كَلْبًا مُعَلَّمًا فَاصْطَادَ حَيَوَانًا، فَإِنَّ مَنْ نَصَبَ الشَّبَكَةَ وَمَنْ أَغْرَى الْكَلْبَ يَتَمَلَّكُ الصَّيْدَ، سَوَاءٌ أَكَانَ هُوَ مَالِكُ الشَّبَكَةِ وَالْكَلْبِ أَمْ كَانَ الْمَالِكُ غَيْرَهُ.</p><font color=#ff0000>22 -</font> وَيَكُونُ الاِسْتِيلَاءُ حُكْمِيًّا، وَهُوَ مَا كَانَ بِوَاسِطَةِ الآْلَةِ وَحْدَهَا الَّتِي تُهَيِّئُ الْمُبَاحَ لِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ وَاضِعُهَا قَرِيبًا مِنْهَا. كَحُفْرَةٍ فِي جَوَرَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 193 - 194، والفتاوى الهندية 5 / 390 - 393، 417، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 5 / 298، والمبسوط 11 / 251، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 1 / 167، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 110، ومنح الجليل 1 / 585 - 586، ونهاية المحتاج 8 / 117 - 119، والمغني 8 / 562 - 564، وكشاف القناع 4 / 122، 187.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٣)</span><hr/></div>الْمُنْتَفِعِ بِالأَْرْضِ أَوْ مَالِكِهَا تَجَمَّعَ فِيهَا مَاءُ الْمَطَرِ، فَلَا بُدَّ لِتَمَلُّكِ مَا تَجَمَّعَ فِيهَا مِنْ مَاءٍ مِنْ وُجُودِ الْقَصْدِ، أَمَّا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَإِنَّ الْمِلْكِيَّةَ تَثْبُتُ غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ، وَلَا تَسْتَقِرُّ إِلَاّ بِصَيْرُورَةِ الاِسْتِيلَاءِ حَقِيقِيًّا، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ. (1)</p><font color=#ff0000>23 -</font> وَقَدْ سُئِل الْحَلْوَانِيُّ الْحَنَفِيُّ عَمَّنْ عَلَّقَ كُوزَهُ، أَوْ وَضَعَهُ فِي سَطْحِهِ، فَأَمْطَرَ السَّحَابُ وَامْتَلأََ الْكُوزُ مِنَ الْمَطَرِ، فَجَاءَ إِنْسَانٌ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْكُوزَ مَعَ الْمَاءِ، هَل لِصَاحِبِ الْكُوزِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مَعَ الْمَاءِ؟ فَقَال: لَا إِشْكَال فِي اسْتِرْدَادِ الْكُوزِ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ قَدْ أُعِدَّ الْكُوزُ لِذَلِكَ حُقَّ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ، وَإِنْ لَمْ يُعِدَّهُ لِذَلِكَ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ.</p>وَلَوْ الْتَجَأَ صَيْدٌ إِلَى أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ إِلَى دَارِهِ، فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ اسْتِيلَاءً مِنْ صَاحِبِ الأَْرْضِ أَوِ الدَّارِ، لأَِنَّهُمَا لَمْ يُعَدَّا لِلاِصْطِيَادِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ فِعْل الاِسْتِيلَاءِ، أَمَّا إِذَا رَدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّارِ الْبَابَ بِنِيَّةِ أَخْذِهِ مَلَكَهُ، لِتَحَقُّقِ الاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ مَعَ إِمْكَانِ أَخْذِهِ.</p>وَمَنْ نَصَبَ فُسْطَاطًا فَالْتَجَأَ إِلَيْهِ صَيْدٌ لَمْ يَمْلِكْ، لأَِنَّ الْفُسْطَاطَ لَمْ يَكُنْ آلَةَ صَيْدٍ، وَمَا كَانَ نَصَبَهُ بِقَصْدِ الاِسْتِيلَاءِ عَلَى الصَّيْدِ، وَكَذَا لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً لِلتَّجْفِيفِ فَتَعَلَّقَ بِهَا صَيْدٌ وَلَمْ يَكُنْ مَنْ عَلَّقَ الشَّبَكَةَ حَاضِرًا بِالْقُرْبِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، إِذْ الْقَصْدُ مَرْعِيٌّ فِي التَّمَلُّكِ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ إِنْ حَضَرَ وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِالشَّبَكَةِ.</p>وَتَفْصِيل كُل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اصْطِيَادٌ) . (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اسْتِيلَاد</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِسْتِيلَادُ لُغَةً: مَصْدَرُ اسْتَوْلَدَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ إِذَا أَحْبَلَهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ حُرَّةً أَمْ أَمَةً. (1) وَاصْطِلَاحًا كَمَا عَرَّفَهُ الْحَنَفِيَّةُ: تَصْيِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ. (2) وَعَرَّفَ غَيْرُهُمْ أُمَّ الْوَلَدِ بِتَعَارِيفَ مِنْهَا: قَوْل ابْنِ قُدَامَةَ: إِنَّهَا الأَْمَةُ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فِي مِلْكِهِ. (3) فَأُمُّ الْوَلَدِ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الرَّقِيقِ الَّذِي لَهُ فِي الْفِقْهِ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ مِنْ حَيْثُ نُشُوءُهُ وَمَا يَتْلُوهُ، وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ (اسْتِرْقَاق وَرِقّ) ، وَالْكَلَامُ هُنَا مُنْحَصِرٌ فِيمَا تَنْفَرِدُ بِهِ أُمُّ الْوَلَدِ عَنْ سَائِرِ الرَّقِيقِ مِنْ أَحْكَامٍ خَاصَّةٍ، وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ وَلَدِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْعِتْقُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ مَعَانِي الْعِتْقِ فِي اللُّغَةِ: السَّرَاحُ وَالاِسْتِقْلَال.</p>وَشَرْعًا: رَفْعُ مِلْكِ الآْدَمِيِّينَ عَنْ آدَمِيٍّ مُطْلَقًا تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ يَجْتَمِعُ مَعَ الاِسْتِيلَادِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْعِتْقَ قَدْ يَكُونُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة (ولد) ، وانفرد الحنفية بهذا العنوان (استيلاد) أما غيرهم من فقهاء المذاهب فقد عنونوا لذلك بـ (أمهات الأولاد) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 4 / 123.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 9 / 527 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٤)</span><hr/></div>مُنْجَزًا، أَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَتَصِيرُ حُرَّةً بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا غَالِبًا، إِذْ يَجُوزُ عِتْقُهَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ حَال حَيَاةِ السَّيِّدِ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّدْبِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّدْبِيرُ: تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ، كَأَنْ يَقُول السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ دُبُرَ مَوْتِي أَيْ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنَ الأَْلْفَاظِ، فَهُوَ يَجْتَمِعُ مَعَ الاِسْتِيلَادِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، لَكِنَّ التَّدْبِيرَ بِالْقَوْل، وَالاِسْتِيلَادَ بِالْفِعْل.</p> </p>‌<span class="title">‌الْكِتَابَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْكِتَابَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ: بَيْعُ السَّيِّدِ نَفْسَ رَقِيقِهِ مِنْهُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ، فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ أَوِ الأَْمَةُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ، فَكُلٌّ مِنْ الاِسْتِيلَادِ وَالْمُكَاتَبَةِ سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ إِلَاّ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ عَقْدٌ بِعِوَضٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّسَرِّي:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> التَّسَرِّي إِعْدَادُ الرَّجُل أَمَتَهُ لأََنْ تَكُونَ مَوْطُوءَةً، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِسْتِيلَادِ حُصُول الْوِلَادَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِفَةُ الاِسْتِيلَادِ، وَحُكْمُهُ التَّشْرِيعِيُّ، وَحِكْمَةُ التَّشْرِيعِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: لَا خِلَافَ فِي إِبَاحَةِ التَّسَرِّي وَوَطْءِ الإِْمَاءِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَاّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (2) وَقَدْ كَانَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية البجيرمي على المنهج 4 / 412، 423، 427، وابن عابدين 3 / 113.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المؤمنون / 5، 6.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>مَارِيَةُ الْقِبْطِيَّةُ أُمَّ وَلَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ وَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَتْ هَاجَرُ أُمَّ إِسْمَاعِيل سُرِّيَّةَ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ، وَكَذَلِكَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلِكَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَكَانَ عَلِيٌّ زَيْنُ الْعَابِدِينَ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، مِنْ أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ،</p>وَرُوِيَ أَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَرْغَبُونَ فِي أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ حَتَّى وُلِدَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ، فَرَغِبَ النَّاسُ فِيهِنَّ. (1)</p>وَيُقْصَدُ بِالاِسْتِيلَادِ الْوَلَدُ، فَقَدْ يَرْغَبُ الشَّخْصُ فِي الأَْوْلَادِ وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَرَائِرِ، وَأَبَاحَ اللَّهُ لَهُ أَنْ يَتَسَرَّى مَنْ تَلِدُ لَهُ.</p>وَمَنْ تَحْمِل مِنْ سَيِّدِهَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ مِنْ كُل مَالِهِ تَبَعًا لِوَلَدِهَا. (2)</p>وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 9 / 527، 528.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المنهج 4 / 442، 443.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه " أخرجه الحاكم من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ " أيما امرأة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته " قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: وفيه حسين وهو متروك. وأخرجه ابن ماجه بلفظ مقارب. وقال الحافظ البوصيري في الزوائد: في إسناده الحسين بن عبد الله بن عباس، تركه ابن المديني وغيره، وضعفه أبو حاتم وغيره، وقال البخاري: إنه كان يتهم بالزندقة (المستدرك 2 / 19 نشر دار الكتاب العربي، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 841 ط عيسى الحلبي 1373 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٥)</span><hr/></div>وَالاِسْتِيلَادُ وَسِيلَةٌ لِلْعِتْقِ، وَالْعِتْقُ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ وَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> إِذَا صَارَتِ الأَْمَةُ أُمَّ وَلَدٍ بِوِلَادَتِهَا مِنْ سَيِّدِهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ، كَانَ لِذَلِكَ الْوَلَدِ حُكْمُ أُمِّهِ فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا، وَغَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِهَا، وَأَمَّا أَوْلَادُهَا الَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ قَبْل ثُبُوتِ حُكْمِ الاِسْتِيلَادِ لَهَا فَلَا يَتَّبِعُونَهَا، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ حُكْمُ أُمِّهِمْ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الاِسْتِيلَادُ وَشَرَائِطُهُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَتَحَقَّقُ الاِسْتِيلَادُ (بِمَعْنَى أَنْ تَصِيرَ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ) بِوِلَادَةِ الْوَلَدِ الْحَيِّ أَوِ الْمَيِّتِ، لأَِنَّ الْمَيِّتَ وَلَدٌ، بِهِ تَتَعَلَّقُ أَحْكَامُ الْوِلَادَةِ فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ نُفَسَاءَ، وَكَذَا إِذَا أَسْقَطَتْ سَقْطًا مُسْتَبِينًا خَلْقُهُ أَوْ بَعْضُ خَلْقِهِ وَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَيِّ الْكَامِل الْخِلْقَةِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا ثُبُوتُ النَّسَبِ إِذَا أَقَرَّ السَّيِّدُ بِالْوَطْءِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ اشْتَرَطُوا إِقْرَارَهُ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ.</p>وَإِذَا تَزَوَّجَ الشَّخْصُ أَمَةَ غَيْرِهِ فَأَوْلَدَهَا أَوْ أَحْبَلَهَا ثُمَّ مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِذَلِكَ، سَوَاءٌ مَلَكَهَا حَامِلاً فَوَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ مَلَكَهَا بَعْدَ وِلَادَتِهَا، وَبِهَذَا قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأَِنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِمَمْلُوكٍ فَلَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الاِسْتِيلَادِ.</p>وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْحَالَيْنِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 4 / 359.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 4 / 131، والمغني 9 / 542.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>مَالِكٌ لَهَا، فَثَبَتَ لَهَا حُكْمُ الاِسْتِيلَادِ، كَمَا لَوْ حَمَلَتْ فِي مِلْكِهِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ اشْتَرَاهَا حَامِلاً فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِهَذَا الْحَمْل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> إِذَا حَبِلَتِ الأَْمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا وَوَلَدَتْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الإِْمَاءِ فِي حِل وَطْءِ سَيِّدِهَا لَهَا، وَاسْتِخْدَامِهَا، وَمِلْكِ كَسْبِهَا، وَتَزْوِيجِهَا، وَإِجَارَتِهَا، وَعِتْقِهَا، وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَإِنْ رَضِيَتْ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، قَالُوا: لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ، وَقَالُوا: إِنَّ إِجَارَتَهَا كَذَلِكَ لَا تَجُوزُ إِلَاّ بِرِضَاهَا وَإِلَاّ فُسِخَتْ، وَلِلسَّيِّدِ قَلِيل خِدْمَتِهَا. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا لَا يَمْلِكُهُ السَّيِّدُ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ التَّابِعِينَ - (3) عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَجُوزُ لَهُ فِي أُمِّ وَلَدِهِ التَّصَرُّفُ بِمَا يَنْقُل الْمِلْكَ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَلَا وَقْفُهَا، وَلَا رَهْنُهَا، وَلَا تُورَثُ، بَل تَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ مِنْ كُل الْمَال وَيَزُول الْمِلْكُ عَنْهَا. رُوِيَ عَنْ عُبَيْدَةَ قَال: خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ، فَقَال: " شَاوَرَنِي عُمَرُ فِي أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ فَرَأَيْتُ أَنَا وَعُمَرُ أَنْ أَعْتِقَهُنَّ، فَقَضَى بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وُلِّيتُ رَأَيْتُ أَنْ أَرِقَّهُنَّ. قَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 9 / 528، 534، ورد المحتار 3 / 36 ط بولاق، والقليوبي 4 / 62، والكافي لابن عبد البر 9 / 981.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 4 / 410، 411، والمغني 9 / 527، 528، والبدائع 4 / 130.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٦)</span><hr/></div>عُبَيْدَةُ: فَرَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَأْيِ عَلِيٍّ وَحْدَهُ. (1) وَرُوِيَ الْقَوْل بِهَذَا أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ، وَرُوِيَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ قَالُوا بِإِبَاحَةِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ.</p>وَالأَْصْل فِي الْبَابِ حَدِيثُ أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ (2) وَخَبَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ، لَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ، يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا، فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ اخْتِلَافِ الدِّينِ فِي الاِسْتِيلَادِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> قَال الْفُقَهَاءُ: يَصِحُّ اسْتِيلَادُ الْكَافِرِ، ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا أَوْ مُرْتَدًّا، كَمَا يَصِحُّ مِنْهُ الْعِتْقُ.</p>وَإِذَا اسْتَوْلَدَ الذِّمِّيُّ أَمَتَهُ الذِّمِّيَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَمْ تَعْتِقْ فِي الْحَال عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْمُعْتَمَدَةِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَعْتِقُ إِذْ لَا سَبِيل إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) والأثر عن علي رضي الله عنه أخرجه عبد الرزاق والبيهقي، ولفظ عبد الرزاق:" اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد ألا يبعن، قال: ثم رأيت بعد أن يبعن، قال عبيدة: فقلت له فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة - أو قال في الفتنة - قال: فضحك علي " قال الشوكاني: وهذا الإسناد معدود في أصح ال وسنن البيهقي 10 / 348 ط الهند، ونيل الأوطار 6 / 223 - 224 ط دار الجيل) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سبق تخريج الحديث (ف / 6)</p><font color=#ff0000>(3)</font> أثر " أمهات الأولاد لا يوهبن، ولا يورثن، يستمتع بها سيدها ما دام حيا، فإذا مات فهي حرة ". أخرجه الدارقطني مرفوعا وموقوفا. قال ابن القطان: وعندي أن الذي أسنده خير ممن وقفه (سنن الدارقطني 3 / 134 - 135 ط دار المحاسن للطباعة 1386 هـ، ونصب الراية 3 / 288 ط دار المحاسن) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>بَيْعِهَا، وَلَا إِلَى إِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا، لِمَا فِيهِ مِنْ إِثْبَاتِ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَى مُسْلِمَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ كَالأَْمَةِ.</p>وَعَنْ الإِْمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا تُسْتَسْعَى، فَإِنْ أَرَادَتْ عَتَقَتْ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا لَمْ يُسْلِمْ مَالِكُهَا، لأَِنَّ فِي الاِسْتِسْعَاءِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ: حَقِّهَا فِي أَلَاّ تَبْقَى مِلْكًا لِلْكَافِرِ، وَحَقِّهِ فِي حُصُول عِوَضٍ عَنْ مِلْكِهِ، فَأَشْبَهَ بَيْعَهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدٍ لِكَافِرٍ مُنِعَ مِنْ وَطْئِهَا أَوِ التَّلَذُّذِ بِهَا، وَيُحَال بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَيُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهَا فَإِذَا أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ. (1)</p>‌<span class="title">‌مَا تَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْتَوْلَدَةُ:</span></p>الأَْصْل فِي أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الأَْوْلَادِ أَنَّهَا كَأَحْكَامِ الإِْمَاءِ فِي جَمِيعِ الأُْمُورِ، إِلَاّ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تَخْتَصُّ بِمَا يَلِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الْعِدَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> إِذَا مَاتَ السَّيِّدُ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، وَأَمَّا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ فَلَا يُكْتَفَى بِحَيْضَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ فِي الْمَوْتِ وَغَيْرِهِ كَتَفْرِيقِ الْقَاضِي لأَِنَّ عِدَّتَهَا لِتَعْرِفَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ، وَهَذَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ يَائِسَةٍ وَغَيْرَ حَامِلٍ، فَإِنَّ عِدَّةَ الْيَائِسَةِ شَهْرَانِ، وَعِدَّةَ الْحَامِل وَضْعُ الْحَمْل، وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 398، والشرح الكبير 4 / 412، والمغني 9 / 544.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٧)</span><hr/></div>نَفَقَةَ لَهَا فِي مُدَّةِ الْعِدَّةِ عِنْدَ كُل الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا عِدَّةُ وَطْءٍ لَا عِدَّةُ عَقْدٍ. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْعَوْرَةُ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> عَوْرَةُ أُمِّ الْوَلَدِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالظَّهْرُ وَالْبَطْنُ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهَا لَا تُصَلِّي إِلَاّ بِقِنَاعٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ عَوْرَتَهَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌جِنَايَةُ أُمِّ الْوَلَدِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ جِنَايَةً أَوْجَبَتِ الْمَال، أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا، فَعَلَى السَّيِّدِ فِدَاؤُهَا بِأَقَل الأَْمْرَيْنِ: مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ بِدُونِ مَالِهَا، أَوِ الأَْرْشِ، حَتَّى وَإِنْ كَثُرَتِ الْجِنَايَاتُ.</p>وَحُكِيَ قَوْلٌ آخَرُ عَنِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ فِدَاءَهَا بِأَرْشِ جِنَايَتِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، كَالْقِنِّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِقْرَارُ أُمِّ الْوَلَدِ بِجِنَايَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> إِذَا أَقَرَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِجِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَال لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهَا، لأَِنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى السَّيِّدِ، وَهَذَا بِخِلَافِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 608، والشرح الكبير 4 / 465، والمغني 9 / 546.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 1 / 229، والدسوقي 1 / 213، والمجموع 3 / 167، وكشاف القناع 1 / 266.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 4 / 131، 132، والدسوقي 4 / 411، والبجيرمي على المنهج 4 / 160، والمغني 9 / 545.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>الإِْقْرَارِ بِالْقَتْل عَمْدًا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ إِقْرَارُهَا عَلَى نَفْسِهَا فَتُقْتَل بِهِ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ. (1)</p>وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ الْعَبْدَ - وَأُمُّ الْوَلَدِ مِثْلُهُ - يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ.</p>وَأَمَّا إِقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُقْبَل، وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، لأَِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ سَيِّدِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَلأَِنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي أَنَّهُ يُقِرُّ لِرَجُلٍ لِيَعْفُوَ عَنْهُ وَيَسْتَحِقَّ أَخْذَهُ، فَيَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ.</p>وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِهِ، لأَِنَّهُ أَحَدُ فَرْعَيِ الْقِصَاصِ، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِمَا دُونَ النَّفْسِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْجِنَايَةُ عَلَى جَنِينِ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> تَقَدَّمَ أَنَّ حَمْل أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ سَيِّدِهَا حُرٌّ، فَلَوْ ضَرَبَهَا أَحَدٌ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا فَفِيهِ دِيَةُ جَنِينِ الْحُرَّةِ، اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (إجْهَاض) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> إِذَا قَتَل الْمُسْتَوْلَدَةَ حُرٌّ، فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْمُكَافَأَةِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرَّةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: دِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ. فَإِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 398، والدسوقي 3 / 398.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 151، 152 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٨)</span><hr/></div>بَلَغَتْ دِيَةُ الْحُرِّ، أَوْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الأَْمَةِ قِيمَةَ دِيَةِ الْحُرَّةِ يُنْقَصُ كُلٌّ مِنْ دِيَةِ الْعَبْدِ أَوِ الأَْمَةِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، إِظْهَارًا لاِنْحِطَاطِ مَرْتَبَةِ الرَّقِيقِ عَنِ الْحُرِّ. وَتَعْيِينُ الْعَشَرَةِ بِأَثَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ (1) . أَمَّا إِذَا قَتَلَهَا رَقِيقٌ فَيُقْتَل بِهَا لأَِنَّهَا أَكْمَل مِنْهُ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ مَوْتِ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهَا عَلَيْهَا، وَعَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> إِذَا مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ قَبْل سَيِّدِهَا لَا يَبْطُل حُكْمُ الاِسْتِيلَادِ فِي الْوَلَدِ الَّذِينَ وَلَدَتْهُمْ بَعْدَ ثُبُوتِ حُكْمِ الاِسْتِيلَادِ لَهَا، بَل يَعْتِقُونَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الْوَصِيَّةُ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ وَإِلَيْهَا:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لأُِمِّ الْوَلَدِ، قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ الْقَائِلِينَ بِثُبُوتِ حُكْمِ الاِسْتِيلَادِ. فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ " أَوْصَى لأُِمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، أَرْبَعَةِ آلَافٍ لِكُل امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ (4) وَلأَِنَّ أُمَّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ فِي حَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر ابن مسعود في " نقص عشرة دراهم من دية العبد والأمة " أورده صاحب الدر المختار، ولم نعثر عليه فيما لدينا من مراجع السنن والآثار، وإنما أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج قال لي عبد الكريم عن علي وابن مسعود وشريح: " دية المملوك ثمنه، وإن خلّف دية الحر " (مصنف عبد الرزاق 10 / 10 نشر المجلس العلمي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 451، والدر 5 / 396.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني والشرح الكبير 11 / 506، 507.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أخرجه الدارمي واللفظ له، وسعيد بن منصور (سنن الدارمي 2 / 423 ط المطبعة الحديثة بدمشق 1349 هـ، وكتاب السنن لسعيد بن منصور - القسم الأول من المجلد الثالث ص 110 رقم 438 ط مطبعة علمي بريس (ماليكاؤن) 1387 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>نَفَاذِ الْوَصِيَّةِ لأَِنَّ عِتْقَهَا يَتَنَجَّزُ بِمَوْتِهِ، فَلَا تَقَعُ الْوَصِيَّةُ لَهَا إِلَاّ فِي حَال حُرِّيَّتِهَا، وَذَلِكَ إِذَا احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ، فَمَا زَادَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهُ جَازَ إِلَاّ رُدَّ إِلَيْهِمْ.</p>وَكَذَلِكَ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إِلَى الْمُسْتَوْلَدَةِ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهَا إِذَا كَانَتْ صَالِحَةً لِذَلِكَ، لأَِنَّهَا بَعْدَ عِتْقِهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا كَسَائِرِ الْحَرَائِرِ، فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ إِلَيْهَا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْر</span></p> </p>اُنْظُرْ: أَسْرَى</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْرَارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الإِْسْرَارِ فِي اللُّغَةِ: الإِْخْفَاءُ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} (2) . وَأَسْرَرْتُ الشَّيْءَ: أَخْفَيْتُهُ. (3)</p>أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَيَأْتِي (الإِْسْرَارُ) بِالْمَعَانِي التَّالِيَةِ:</p>أ - أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَأَدْنَاهُ مَا كَانَ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ فِي أَقْوَال الصَّلَاةِ وَالأَْذْكَارِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني والشرح الكبير 11 / 510، 513.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة التحريم / 3.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير، ولسان العرب مادة (سرر) ، والمغرب ص 223.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٦٩)</span><hr/></div>ب - أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ عَلَى سَبِيل الْمُنَاجَاةِ، مَعَ الْكِتْمَانِ عَنِ الآْخَرِينَ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَرِدُ فِي السِّرِّ وَإِفْشَائِهِ، وَيُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (إِفْشَاءِ السِّرِّ) .</p>ج - أَنْ يُخْفِيَ فِعْلَهُ عَمَّنْ سِوَاهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَرِدُ فِي أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهِمَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْمُخَافَتَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مِنْ مَعَانِي الْمُخَافَتَةِ فِي اللُّغَةِ: خَفْضُ الصَّوْتِ.</p>أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ وُجُودِ الْقِرَاءَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَشَرَطَ الْهِنْدُوَانِيُّ وَالْفَضْلِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ لِوُجُودِهَا خُرُوجَ صَوْتٍ يَصِل إِلَى أُذُنِهِ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيُّ.</p>وَشَرَطَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ وَبِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ خُرُوجَ الصَّوْتِ مِنَ الْفَمِ وَإِنْ لَمْ يَصِل إِلَى أُذُنِهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَسْمُوعًا فِي الْجُمْلَةِ، حَتَّى لَوْ أَدْنَى أَحَدٌ صِمَاخَهُ إِلَى فِيهِ يَسْمَعُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْكَرْخِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ السَّمَاعَ، وَاكْتَفَيَا بِتَصْحِيحِ الْحُرُوفِ.</p>وَاخْتَارَ شَيْخُ الإِْسْلَامِ قَاضِي خَانَ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْحَلْوَانِيُّ قَوْل الْهِنْدُوَانِيِّ، كَمَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.</p>فَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ أَدْنَى الْمُخَافَتَةِ إِسْمَاعُ نَفْسِهِ، أَوْ مَنْ بِقُرْبِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ مَثَلاً، وَأَعْلَاهَا مُجَرَّدُ تَصْحِيحِ الْحُرُوفِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْكَرْخِيِّ، وَأَدْنَى الْجَهْرِ إِسْمَاعُ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِقُرْبِهِ، كَأَهْل الصَّفِّ الأَْوَّل، وَأَعْلَاهُ لَا حَدَّ لَهُ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مراقي الفلاح ص 138 ط دار الإيمان، وشرح روض الطالب 1 / 156، المكتبة الإسلامية، والشرح الكبير 1 / 243، والفواكه الدواني 1 / 231، وكشاف القناع 1 / 332.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 359 ط (1) بولاق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الْجَهْرُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> مِنْ مَعَانِي الْجَهْرِ فِي اللُّغَةِ: رَفْعُ الصَّوْتِ.</p>يُقَال: جَهَرَ بِالْقَوْل رَفَعَ بِهِ صَوْتَهُ. (1)</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: أَنْ يُسْمِعَ غَيْرَهُ مِمَّنْ يَلِيهِ، وَأَعْلَاهُ لَا حَدَّ لَهُ، (2) فَالْجَهْرُ مُبَايِنٌ لِلإِْسْرَارِ.</p> </p>ح -‌<span class="title">‌ الْكِتْمَانُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ: أَنَّهُ خِلَافُ الإِْعْلَانِ. (3)</p>وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ: السُّكُوتُ عَنِ الْبَيَانِ. قَال تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَاّعِنُونَ إِلَاّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (4) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الإِْخْفَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الإِْخْفَاءُ بِمَعْنَى الإِْسْرَارِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا، إِلَاّ أَنَّ اسْتِعْمَال الإِْخْفَاءِ يَغْلِبُ فِي الأَْفْعَال، أَمَّا الإِْسْرَارُ فَيَغْلِبُ فِي الأَْقْوَال. وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (اخْتِفَاء) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِفَةُ الإِْسْرَارِ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) </span>.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - الإِْسْرَارُ بِمَعْنَى إِسْمَاعِ نَفْسِهِ فَقَطْ:</span></p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَارُ فِي الْعِبَادَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font>‌<span class="title">‌ الصَّلَوَاتُ السِّرِّيَّةُ: </span>الْمُرَادُ بِهَا الَّتِي لَا جَهْرَ فِيهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مختار الصحاح، ولسان العرب مادة (جهر) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 1 / 284، 288، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 156 ط المكتبة الإسلامية، والفواكه الدواني 1 / 232 - 233، وكشاف القناع 1 / 332 ط النصر الحديثة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، والصحاح مادة (كتم) ، والتعريفات للجرجاني ص 281.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 159.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٠)</span><hr/></div>وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فِي الْفَرَائِصِ وَالنَّوَافِل، وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِي النَّهَارِ. وَالإِْسْرَارُ فِيهَا مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلٍ لَهُمْ، وَفِي آخَرَ مَنْدُوبٌ، وَوَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَإِنَّمَا كَانَتْ سِرِّيَّةً، لأَِنَّهَا صَلَاةُ نَهَارٍ، وَصَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ (1) كَمَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ، أَيْ لَيْسَتْ فِيهَا قِرَاءَةٌ مَسْمُوعَةٌ، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِكُل مُصَلٍّ، سَوَاءٌ أَكَانَ إِمَامًا أَمْ مُنْفَرِدًا أَمْ مَأْمُومًا عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ عِنْدَهُمْ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَارُ فِي أَقْوَال الصَّلَاةِ:</span></p> </p>أ -‌<span class="title">‌ تَكْبِيرَةُ الإِْحْرَامِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ الْمَأْمُومِينَ لِيُكَبِّرُوا، فَإِنَّهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّكْبِيرُ إِلَاّ بَعْدَ تَكْبِيرِهِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إِسْمَاعُهُمْ جَهَرَ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ لِيُسْمِعَهُمْ، أَوْ لِيُسْمِعَ مَنْ لَا يَسْمَعُ الإِْمَامَ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَال صَلَّى بِنَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " صلاة النهار عجماء " أخرجه عبد الرزاق من قول مجاهد وأبي عبيدة واستغربه الزيلعي، وقال النووي في المجموع: هذا حديث باطل لا أصل له. ونقل السخاوي عن الدارقطني قوله: لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من قول الفقهاء (نصب الراية 2 / 1، 2 ط مطبعة دار المأمون، والمجموع للنووي 2 / 389 ط المنيرية، والمقاصد الحسنة ص 265 نشر مكتبة الخانجي بمصر) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 1 / 284 - 285، 440 ط دار إحياء التراث العربي، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 357 - 358 ط دار إحياء التراث العربي، والاختيار لتعليل المختار 1 / 50 ط دار المعرفة، والمهذب 1 / 81، والشرح الكبير 1 / 313، والفواكه الدواني 1 / 33، والمغني لابن قدامة 1 / 569 ط مكتبة الرياض الحديثة، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 344 ط النصر الحديثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>لِيُسْمِعَنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ دُعَاءُ الاِسْتِفْتَاحِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> وَهُوَ مَا تُسْتَفْتَحُ بِهِ الصَّلَاةُ مِنَ الأَْدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ لِذَلِكَ، نَحْوُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ. . . (2) أَوْ وَجَّهْتُ وَجْهِي. . . (3) وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ (4) .</p>وَالسُّنَّةُ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِمَشْرُوعِيَّتِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ سِرًّا، وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهِ وَلَا تَبْطُل الصَّلَاةُ. اُنْظُرْ (اسْتِفْتَاح) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّعَوُّذُ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> وَالْقَوْل فِي الإِْسْرَارِ بِهِ كَالْقَوْل فِي الاِسْتِفْتَاحِ سَوَاءٌ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 1 / 462. وحديث " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه " أخرجه البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ: " فتأخر أبو بكر رضي عنه وقعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه وأبو بكر يسمع الناس التكبير " وأخرجه مسلم بهذا المعنى من حديث ابن (فتح الباري 2 / 203 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 314 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> دعاء الاستفتاح " سبحانك اللهم وبحمدك. . . " سبق تخريجه (استفتاح ف / 6) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> دعاء الاسفتاح " وجهت وجهي. . . . ". سبق تخريجه (استفتاح ف / 6) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> رد المحتار على الدر المختار 1 / 320، 328، ومراقي الفلاح ص 153 ط دار الإيمان، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 78، 79، والمغني لابن قدامة 1 / 473 - 475 ط الرياض الحديثة، والفواكه الدواني 1 / 205.</p><font color=#ff0000>(5)</font> رد المحتار على الدر المختار 1 / 320، 328، ومراقي الفلاح ص 153 ط دار الإيمان، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 79، 89، والمغني لابن قدامة 1 / 475 ط الرياض الحديثة، والفواكه الدواني 1 / 205، 238.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧١)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ الْمُؤْتَمِّ فِي أَوَّل كُل رَكْعَةٍ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَاجِبَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَقُول بِهَا الْمَالِكِيَّةُ فِي الْفَرْضِ لِكَرَاهِيَتِهَا فِي الْمَشْهُورِ، وَأَجَازُوهَا فِي النَّافِلَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، (1) فَيُسَنُّ الإِْسْرَارُ بِهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِكَيْفِيَّةِ الْقِرَاءَةِ مِنْ جَهْرٍ أَوْ إِسْرَارٍ، وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (بَسْمَلَة) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> وَتُقْرَأُ سِرًّا فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ، لِلإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَفِي الرَّكْعَتَيْنِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مِنَ الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ لِلإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ، أَمَّا قِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ لَهَا عِنْدَ مَنْ قَال بِذَلِكَ فَهِيَ كُلُّهَا سِرِّيَّةٌ.</p>أَمَّا الْمُنْفَرِدُ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإِْسْرَارِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْجَهْرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.</p>وَيُسِرُّ فِي النَّوَافِل النَّهَارِيَّةِ وُجُوبًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتِحْبَابًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيُسِرُّ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ إِذَا قَضَاهَا لَيْلاً، وَصَرَّحَ ابْنُ قُدَامَةَ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَإِذَا قَضَى الصَّلَاةَ الْجَهْرِيَّةَ نَهَارًا وَكَانَ إِمَامًا جَهَرَ وُجُوبًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَأَسَرَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَلِلْحَنَابِلَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار على الدر المختار 1 / 320، 329، ومراقي الفلاح 1 / 154 ط دار الإيمان، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 309 - 310 ط أنصار السنة المحمدية، والمغني لابن قدامة 1 / 477 - 478 ط الرياض الحديثة، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 79، 89، والفواكه الدواني 1 / 205، 238.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>قَوْلَانِ. وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالاِسْتِسْقَاءِ. (1)</p> </p>و‌<span class="title">‌ تَأْمِينُ الإِْمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَقُولُونَهُ سِرًّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَجَهْرًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p>وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالإِْسْرَارِ بِأَنَّهُ دُعَاءٌ، وَالأَْصْل فِي الأَْدْعِيَةِ الإِْسْرَارُ، كَالتَّشَهُّدِ.</p>وَاسْتَدَل مَنْ قَال بِالْجَهْرِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: آمِينَ وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ (2) ، وَلأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالتَّأْمِينِ عِنْدَ تَأْمِينِ الإِْمَامِ، فَلَوْ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا لَمْ يُعَلَّقْ عَلَيْهِ كَحَالَةِ الإِْخْفَاءِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌ز - تَسْبِيحُ الرُّكُوعِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> الإِْسْرَارُ بِالتَّسْبِيحِ سُنَّةٌ اتِّفَاقًا. (4)</p> </p>ح -‌<span class="title">‌ التَّسْمِيعُ وَالتَّحْمِيدُ حَال رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ لِلْقِيَامِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> يُسَمِّعُ الإِْمَامُ جَهْرًا، وَيَحْمَدُ الْجَمِيعُ سِرًّا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 1 / 570 ط الرياض، ومراقي الفلاح ص 154 ط دار الإيمان، والمهذب 1 / 79، 89، والدسوقي 1 / 263، 313.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " قال: آمين، ورفع بها صوته " أخرجه أبو داود من حديث وائل بن حجر بلفظ " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ: ولا الضالين. قال: آمين، ورفع بها صوته " وأخرجه الترمذي، وفيه: " مد بها صوته " مكان " رفع بها صوته " وقال: حديث وائل بن حجر حديث حسن. (عون المعبود 1 / 351 ط الهند، وتحفة الأحوذي 1 / 65 - 68 نشر السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 490 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح القدير والكفاية 1 / 259، ومراقي الفلاح 144 - 145، 154 ط دار الإيمان، ورد المحتار على الدر المختار 1 / 331 - 332 ط دار إحياء التراث العربي، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 82، والفواكه الدواني 1 / 208، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 317 ط أنصار السنة المحمدية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٢)</span><hr/></div>ط -‌<span class="title">‌ التَّسْبِيحُ فِي السَّجْدَتَيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> يَقُولُهُ الْمُصَلِّي سِرًّا، إِمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ مُنْفَرِدًا. وَكَذَلِكَ الأَْذْكَارُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالتَّشَهُّدُ الأَْوَّل وَالأَْخِيرُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالأَْدْعِيَةُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ.</p>أَمَّا التَّسْلِيمُ فَيَجْهَرُ بِهِ الإِْمَامُ دُونَ الْمَأْمُومِ أَوِ الْمُنْفَرِدِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَارُ بِالاِسْتِعَاذَةِ وَالْبَسْمَلَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> لِلْفُقَهَاءِ وَالْقُرَّاءِ فِي الْجَهْرِ بِالاِسْتِعَاذَةِ أَوِ الإِْسْرَارِ بِهَا آرَاءٌ:</p>أ - اسْتِحْبَابُ الْجَهْرِ بِهَا، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ.</p>ب - لَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلَاّ حَمْزَةُ وَمَنْ وَافَقَهُ.</p>ج - التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإِْسْرَارِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ.</p>د - الإِْخْفَاءُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ حَمْزَةَ.</p>هـ - الْجَهْرُ بِالتَّعَوُّذِ فِي أَوَّل الْفَاتِحَةِ فَقَطْ، وَالإِْخْفَاءُ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ حَمْزَةَ.</p>وَحُكْمُ الْبَسْمَلَةِ فِي ذَلِكَ تَابِعٌ لِحُكْمِ الاِسْتِعَاذَةِ، إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ كَانَ يُخْفِي الاِسْتِعَاذَةَ وَيَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ عِنْدَ افْتِتَاحِ السُّوَرِ وَرُءُوسِ الآْيَاتِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ.</p>هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّجُل، أَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَهْرُهَا إِسْمَاعُ نَفْسِهَا فَقَطْ، وَالْجَهْرُ فِي حَقِّهَا كَالإِْسْرَارِ، فَيَكُونُ أَعْلَى جَهْرِهَا وَأَدْنَاهُ وَاحِدًا، وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَوِي فِي حَقِّهَا السِّرُّ وَالْجَهْرُ، لأَِنَّ صَوْتَهَا كَالْعَوْرَةِ، وَرُبَّمَا كَانَ سَمَاعُهُ فِتْنَةً، بَل جَهْرُهَا مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَنْ تُسْمِعَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>نَفْسَهَا فَقَطْ، وَلَيْسَ هَذَا إِسْرَارًا مِنْهَا، بَل إسْرَارُهَا مَرْتَبَةٌ أُخْرَى، وَهُوَ أَنْ تُحَرِّكَ لِسَانَهَا دُونَ إِسْمَاعِ نَفْسِهَا، فَلَيْسَ لإِِسْرَارِهَا أَعْلَى وَأَدْنَى، كَمَا أَنَّ جَهْرَهَا كَذَلِكَ. (1)</p>وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيل مُصْطَلَحَيِ (اسْتِعَاذَة) (وَبَسْمَلَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌(ثَانِيًا) الإِْسْرَارُ فِي الأَْفْعَال</span></p>‌<span class="title">‌الزَّكَاةُ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> قَال أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا خِلَافَ فِي أَنَّ إِظْهَارَ صَدَقَةِ الْفَرْضِ أَفْضَل، كَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَسَائِرِ فَرَائِضِ الشَّرِيعَةِ، لأَِنَّ الْمَرْءَ يُحْرِزُ بِهَا إِسْلَامَهُ وَيَعْصِمُ مَالَهُ. (2)</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْفَقِيرِ أَنَّ مَا أُعْطِيَ لَهُ زَكَاةٌ عَلَى الأَْصَحِّ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ كَسْرِ قَلْبِهِ، وَلِذَا فَإِنَّ الإِْسْرَارَ فِي إِعْطَائِهَا إِلَيْهِ أَفْضَل مِنْ إِعْلَانِهِ بِهَا. (3)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الأَْفْضَل فِيهَا إِظْهَارُ إِخْرَاجِهَا لِيَرَاهُ غَيْرُهُ فَيَعْمَل عَمَلَهُ، وَلِئَلَاّ يُسَاءَ الظَّنُّ بِهِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 3 / 324، 325، والفروع 1 / 304 ط المنار، والنشر 1 / 252، 253، وابن عابدين 1 / 329، وإتحاف فضلاء البشر ص 20، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 243، وفتح القدير 4 / 284، 288، وكشاف القناع 1 / 332 ط النصر الحديثة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أحكام القرآن 1 / 36، وشرح المنتهى 1 / 418.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مراقي الفلاح 389 - 390 ط دار الإيمان، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 500، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 81، 89، والفواكه الدواني 1 / 206، 238، والمغني لابن قدامة 1 / 569 ط الرياض الحديثة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> روضة الطالبين للنووي 2 / 340.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٣)</span><hr/></div>وَاسْتَحَبَّ الْحَنَابِلَةُ إِظْهَارَ إِخْرَاجِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الإِْخْرَاجُ بِمَوْضِعٍ يُخْرِجُ أَهْلُهُ الزَّكَاةَ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَنُفِيَ عَنْهُ ظَنُّ السَّوْءِ بِإِظْهَارِ إِخْرَاجِهَا أَمْ لَا، لِمَا فِيهِ مِنْ نَفْيِ الرِّيبَةِ عَنْهُ، وَلَعَلَّهُ يُقْتَدَى بِهِ، وَمَنْ عُلِمَ أَهْلِيَّتُهُ أَخَذَ الزَّكَاةَ - وَلَوْ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ - كُرِهَ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ، وَمَعَ عَدَمِ عَادَةِ الآْخِذِ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ لَا يُجْزِئُ دَفْعُهَا إِلَيْهِ إِلَاّ أَنْ يُعْلِمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ، لأَِنَّهُ لَا يَقْبَل زَكَاةً ظَاهِرًا. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌صَدَقَاتُ التَّطَوُّعِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الإِْسْرَارَ بِهَا أَفْضَل مِنَ الْجَهْرِ، وَلِذَا يُسَنُّ لِمُعْطِيهَا أَنْ يُسِرَّ بِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاَللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (2) .</p>وَلِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِل إِلَاّ ظِلُّهُ وَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلاً تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ (3) .</p>وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ قَال: صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 1 / 420.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 271.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ". أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 2 / 143 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 715 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ (1) وَلأَِنَّ إِعْطَاءَهَا عَلَى هَذَا النَّحْوِ يُرَادُ بِهِ اللَّهُ عز وجل وَحْدَهُ، وَقَدْ قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما " جَعَل اللَّهُ صَدَقَةَ السِّرِّ فِي التَّطَوُّعِ تَفْضُل عَلَانِيَتَهَا بِسَبْعِينَ ضِعْفًا (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌قِيَامُ اللَّيْل:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُتَنَفِّل لَيْلاً يُخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَالإِْسْرَارِ بِهَا، إِلَاّ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْجَهْرُ أَنْشَطَ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْتَمِعُ قِرَاءَتَهُ، أَوْ يَنْتَفِعُ بِهَا فَالْجَهْرُ أَفْضَل، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ مَنْ يَتَهَجَّدُ، أَوْ مَنْ يَتَضَرَّرُ بِرَفْعِ صَوْتِهِ فَالإِْسْرَارُ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا فَلْيَفْعَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " صنائع المعروف تقي مصارع السوء ". أخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة مرفوعا، وقال الهيثمي: إسناده حسن، وأورده الألباني بلفظ مقارب وصححه، بعد أن عزاه إلى العسكري والطبراني والقضاعي والمقدسي (مجمع الزوائد 1 / 115 نشر مكتبة القدسي، وصحيح الجامع الصغير بتحقيق الألباني 3 / 240 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أثر ابن عباس أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس عند تفسير قوله تعالى (إن تبدوا الصدقات فنعما هي، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) قال الحافظ ابن حجر: علي بن أبي طلحة أرسل عن ابن عباس ولم يره (تفسير الطبري 5 / 583 ط دار المعارف بمصر، وتفسير ابن كثير 1 / 574 ط دار الأندلس، وتقريب التهذيب 2 / 39) . وانظر مراقي الفلاح 1 / 389 - 390، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 183 ط دار المعرفة، وقليوبي وعميرة 3 / 204 - 205، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3 / 332، وكشاف القناع عن متن الإقناع 2 / 266 ط أنصار السنة المحمدية 1947 م.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٤)</span><hr/></div>مَا شَاءَ (1) . قَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُول اللَّهِ؟ فَقَالَتْ: كُل ذَلِكَ كَانَ يَفْعَل. رُبَّمَا أَسَرَّ، وَرُبَّمَا جَهَرَ (2) .</p>وَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْل يَرْفَعُ طَوْرًا، وَيَخْفِضُ طَوْرًا (3)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِي نَوَافِل اللَّيْل الإِْجْهَارُ، وَهُوَ أَفْضَل مِنَ الإِْسْرَارِ، لأَِنَّ صَلَاةَ اللَّيْل تَقَعُ فِي الأَْوْقَاتِ الْمُظْلِمَةِ فَيُنَبِّهُ الْقَارِئُ بِجَهْرِهِ الْمَارَّةَ، وَلِلأَْمْنِ مِنْ لَغْوِ الْكَافِرِ عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، لاِشْتِغَالِهِ غَالِبًا فِي اللَّيْل بِالنَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ النَّهَارِ. (4)</p>وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهُ يُسَنُّ فِي نَوَافِل اللَّيْل الْمُطْلَقَةِ التَّوَسُّطُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإِْسْرَارِ إِنْ لَمْ يُشَوِّشْ عَلَى نَائِمٍ أَوْ مُصَلٍّ أَوْ نَحْوِهِ، إِلَاّ التَّرَاوِيحَ فَيَجْهَرُ بِهَا. وَالْمُرَادُ بِالتَّوَسُّطِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَدْنَى مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَبْلُغَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ سَمَاعَ مَنْ يَلِيهِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 139 ط الرياض، وكشاف القناع 1 / 344 ط النصر، وابن عابدين 1 / 358.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " عبد الله بن أبي قيس " أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث صحيح غريب، قال صاحب المنتقى: رراه الخمسة: أحمد بن حنبل، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. قال الشوكاني: رجاله رجال الصحيح (تحفة الأحوذي 2 / 528 نشر المكتبة السلفية، ونيل الأوطار 3 / 71 نشر دار الجيل 1973 م) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طورا ويخفض طورا " أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث سكت عليه المنذري، وقال عبد القادر الأرناؤوط: وإسناده حسن (عون المعبود 1 / 509 ط الهند، وجامع الأصول بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط 5 / 357 نشر مكتبة الحلواني) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفواكه الدواني 1 / 233 ط دار المعرفة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>فِيهِ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ يَجْهَرُ تَارَةً، وَيُسِرُّ أُخْرَى. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْدْعِيَةُ وَالأَْذْكَارُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الإِْسْرَارَ بِالأَْدْعِيَةِ وَالأَْذْكَارِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ أَفْضَل مِنَ الْجَهْرِ بِهَا، فَالإِْسْرَارُ بِهَا سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَمَنْدُوبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (2) أَيْ سِرًّا فِي النَّفْسِ، لِيَبْعُدَ عَنِ الرِّيَاءِ، وَبِذَلِكَ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عليه السلام، إِذْ قَال مُخْبِرًا عَنْهُ:{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} (3) ، وَلأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الإِْخْلَاصِ، وَقَدْ وَرَدَ خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ. (4)</p>أَمَّا فِي عَرَفَةَ فَرَفْعُ الصَّوْتِ بِذَلِكَ وَبِالتَّلْبِيَةِ أَفْضَل مِنَ الإِْسْرَارِ بِهِ، إِذْ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ وَالدُّعَاءِ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَمَنْدُوبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، بِحَيْثُ لَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ، وَلَا يُفْرِطُ فِي الْجَهْرِ بِالدُّعَاءِ بِهَا، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: جَاءَنِي جِبْرِيل عليه السلام فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل على شرح المنهج 1 / 496 ط دار إحياء التراث العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 55.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة مريم / 3.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " خير الذكر الخفي. . . " أخرجه أحمد وأبو يعلى من حديث سعد بن مالك مرفوعا، وأخرجه ابن حبان من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا، وفي كلا الإسنادين محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، قال الهيثمي: وثقه ابن حبان، وضعفه ابن معين، وبقية رجالهما رجال الصحيح (مجمع الزوائد 10 / 81 نشر مكتبة القدسي، وموارد الظمآن ص 577 ط دار الكتب العلمية، وفيض القدير 3 / 472 نشر المكتبة التجارية الكبرى، وتهذيب التهذيب 9 / 301 ط دار صادر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٥)</span><hr/></div>أَصْحَابَكَ فَلْيَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ، فَإِنَّهَا مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ (1) وَقَال: أَفْضَل الْحَجِّ الْعَجُّ وَالثَّجُّ (2) فَالْعَجُّ: رَفْعُهُ الصَّوْتَ بِالتَّلْبِيَةِ، وَالثَّجُّ: إِسَالَةُ دِمَاءِ الْهَدْيِ (3) .</p>هَذَا، وَإِنَّ لِبَعْضِ الأَْذْكَارِ صِفَةً خَاصَّةً مِنَ الْجَهْرِ أَوِ الإِْسْرَارِ، كَالتَّلْبِيَةِ، وَالإِْقَامَةِ، وَأَذْكَارِ مَا بَعْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " جاءني جبريل عليه السلام " أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه واللفظ له، والحاكم من حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه مرفوعا، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، (سنن الترمذي 3 / 191 - 192 ط استانبول، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 975 ط عيسى الحلبي 1373 هـ، وجامع الأصول 3 / 93 نشر مكتبة الحلواني، ونيل الأوطار 4 / 322 ط العثمانية بمصر 1357 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " أفضل الحج العج والثج " أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث أبي بكر الصديق مرفوعا، ولفظ الترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الحج أفضل؟ قال: " العج والثج " والحديث استغفربه الترمذي، وحكى الدارقطني الاختلاف فيه، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي، وأشار الترمذي إلى نحوه من حديث ابن عمر وجابر، قال المنذري: حديث ابن عمر رواه ابن ماجه بإسناد حسن. (تحفة الأحوذي 3 / 563 - 565 ط السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 967، 975 ط عيسى الحلبي، والمستدرك 1 / 450، 451 نشر دار الكتاب العربي، ونيل الأوطار 5 / 54 ط دار الجيل، والترغيب والترهيب 3 / 23 ط مطبعة السعادة 1380 هـ، وشرح السنة للبغوي تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 7 / 14 نشر المكتب الإسلامي 1394 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار على الدر المختار والتعليق بحاشية ابن عابدين 1 / 444، 2 / 175 ط دار إحياء التراث العربي، وفتح القدير 1 / 393، 2 / 351 ط دار إحياء التراث العربي، ومراقي الفلاح ص 174 ط دار الإيمان، وقليوبي وعميرة 2 / 99، 107 (تحت تنبيه) ، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 412، 417، 439، 458، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 213 ط دار المعرفة، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 337، 339 - 340 ط أنصار السنة المحمدية 1947.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>الصَّلَاةِ، وَالتَّسْمِيَةِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَالأَْذْكَارِ مِنَ الْمَرْأَةِ، وَتُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهَا الْخَاصَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَارُ بِالْيَمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> الإِْسْرَارُ بِالْيَمِينِ - إِذَا أَسْمَعَ نَفْسَهُ - كَالْجَهْرِ بِهَا.</p>وَالإِْسْرَارُ بِالاِسْتِثْنَاءِ كَالإِْسْرَارِ بِالْيَمِينِ مَتَى تَوَافَرَتْ عَنَاصِرُهُ، وَكَانَ الاِسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلاً بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، إِلَاّ لِعَارِضٍ كَسُعَالٍ أَوْ عُطَاسٍ أَوِ انْقِطَاعِ نَفَسٍ. (1)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي (اسْتِثْنَاء) (وَأَيْمَان) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَارُ بِالطَّلَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> الإِْسْرَارُ فِي الطَّلَاقِ بِإِسْمَاعِ نَفْسِهِ كَالْجَهْرِ بِهِ، فَمَتَى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِسْرَارًا بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً مُسْتَوْفِيَةً شَرَائِطَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّ طَلَاقَهُ يَقَعُ، وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُهُ، وَمَتَى لَمْ تَتَوَافَرْ شَرَائِطُهُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ، كَمَا لَوْ أَجْرَاهُ عَلَى قَلْبِهِ دُونَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهِ إِسْمَاعًا لِنَفْسِهِ أَوْ بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ.</p>هَذَا، وَقَدْ قَال الْمَالِكِيَّةُ فِي لُزُومِهِ بِكَلَامِهِ النَّفْسِيِّ، كَأَنْ يَقُول بِقَلْبِهِ أَنْتِ طَالِقٌ: أَنَّ فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 4 / 376 ط دار إحياء التراث العربي، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 132، والشرح الكبير 2 / 129 - 130، وكشاف القناع عن متن الإقناع 6 / 237 - 238 ط النصر الحديثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٦)</span><hr/></div>خِلَافًا، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ عَدَمُ اللُّزُومِ. (1) وَالْكَلَامُ فِي الاِسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ كَالْكَلَامِ فِي الطَّلَاقِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْرَافٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الإِْسْرَافِ فِي اللُّغَةِ: مُجَاوَزَةُ الْقَصْدِ، يُقَال: أَسْرَفَ فِي مَالِهِ أَيْ أَنْفَقَ مِنْ غَيْرِ اعْتِدَالٍ، وَوَضَعَ الْمَال فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَأَسْرَفَ فِي الْكَلَامِ، وَفِي الْقَتْل: أَفْرَطَ. وَأَمَّا السَّرَفُ الَّذِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَهُوَ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ، قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا. (2)</p>أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَلْيُوبِيُّ لِلإِْسْرَافِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ نَفْسَهُ، وَهُوَ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ.</p>وَخَصَّ بَعْضُهُمُ اسْتِعْمَال الإِْسْرَافِ بِالنَّفَقَةِ وَالأَْكْل. يَقُول الْجُرْجَانِيِّ فِي التَّعْرِيفَاتِ: الإِْسْرَافُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ فِي النَّفَقَةِ.</p>وَقِيل: أَنْ يَأْكُل الرَّجُل مَا لَا يَحِل لَهُ، أَوْ يَأْكُل مَا يَحِل لَهُ فَوْقَ الاِعْتِدَال وَمِقْدَارِ الْحَاجَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 1 / 288 - 289، ومراقي الفلاح ص 119، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 156 ط المكتبة الإسلامية، والفواكه الدواني 1 / 231 ط دار المعرفة، والشرح الكبير 2 / 385، وتهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية بهامش الفروق للقرافي 1 / 49 - 50 المسألة الخامسة ط دار المعرفة، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 1 / 199، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 332 ط النصر الحديثة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والمصباح المنير مادة:(سرف) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>وَقِيل: الإِْسْرَافُ تَجَاوُزُ الْكَمِّيَّةَ، فَهُوَ جَهْلٌ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ. (1)</p>وَالسَّرَفُ: مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ بِفِعْل الْكَبَائِرِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ التَّقْتِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> وَهُوَ يُقَابِل الإِْسْرَافَ، وَمَعْنَاهُ: التَّقْصِيرُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَاَلَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (3)</p>ب -‌<span class="title">‌ التَّبْذِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّبْذِيرُ: هُوَ تَفْرِيقُ الْمَال فِي غَيْرِ قَصْدٍ، وَمِنْهُ الْبَذْرُ فِي الزِّرَاعَةِ.</p>وَقِيل: هُوَ إِفْسَادُ الْمَال وَإِنْفَاقُهُ فِي السَّرَفِ. قَال تَعَالَى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} (4) وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِإِنْفَاقِ الْمَال فِي الْمَعَاصِي، وَتَفْرِيقُهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ.</p>وَيُعَرِّفُهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ: عَدَمُ إِحْسَانِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَال، وَصَرْفُهُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي، فَصَرْفُ الْمَال إِلَى وُجُوهِ الْبِرِّ لَيْسَ بِتَبْذِيرٍ، وَصَرْفُهُ فِي الأَْطْعِمَةِ النَّفِيسَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِحَالِهِ تَبْذِيرٌ (5) .</p>وَعَلَى هَذَا فَالتَّبْذِيرُ أَخَصُّ مِنَ الإِْسْرَافِ، لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القليوبي 3 / 248، وابن عابدين 5 / 484، والتعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة آل عمران / 147.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الفرقان / 67.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الإسراء / 26.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الوجيز للغزالي 1 / 176، والشرح الصغير 3 / 381، وابن عابدين 5 / 484، والنظم المستعذب على المهذب 1 / 8، وتفسير الكشاف 3 / 6، وتفسير فخر الرازي 20 / 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٧)</span><hr/></div>التَّبْذِيرَ يُسْتَعْمَل فِي إِنْفَاقِ الْمَال فِي السَّرَفِ أَوِ الْمَعَاصِي أَوْ فِي غَيْرِ حَقٍّ، وَالإِْسْرَافُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ مُجَاوِزٌ الْحَدَّ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الأَْمْوَال أَمْ فِي غَيْرِهَا، كَمَا يُسْتَعْمَل الإِْسْرَافُ فِي الإِْفْرَاطِ فِي الْكَلَامِ أَوِ الْقَتْل وَغَيْرِهِمَا.</p>وَقَدْ فَرَّقَ ابْنُ عَابِدِينَ بَيْنَ الإِْسْرَافِ وَالتَّبْذِيرِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، فَقَال: التَّبْذِيرُ يُسْتَعْمَل فِي الْمَشْهُورِ بِمَعْنَى الإِْسْرَافِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا، وَهُوَ أَنَّ الإِْسْرَافَ: صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا يَنْبَغِي زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَالتَّبْذِيرُ: صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي. (1) وَمِثْلُهُ مَا جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ نَقْلاً عَنِ الْمَاوَرْدِيُّ، التَّبْذِيرُ: الْجَهْل بِمَوَاقِعِ الْحُقُوقِ، وَالسَّرَفُ: الْجَهْل بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ. (2)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ السَّفَهُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> السَّفَهُ فِي اللُّغَةِ: خِفَّةُ الْعَقْل وَالطَّيْشُ وَالْحَرَكَةُ.</p>وَفِي الشَّرِيعَةِ: تَضْيِيعُ الْمَال وَإِتْلَافُهُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْعَقْل.</p>وَقَدْ عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِالتَّبْذِيرِ وَالإِْسْرَافِ فِي النَّفَقَةِ، فَقَدْ جَاءَ فِي بُلْغَةِ السَّالِكِ: أَنَّ السَّفَهَ هُوَ التَّبْذِيرُ، وَوَرَدَ فِي أَسْنَى الْمَطَالِبِ أَنَّ السَّفِيهَ هُوَ: الْمُبَذِّرُ، (3) وَالأَْصْل أَنَّ السَّفَهَ سَبَبُ التَّبْذِيرِ وَالإِْسْرَافِ، وَهُمَا أَثَرَانِ لِلسَّفَهِ، كَمَا يَتَبَيَّنُ مِمَّا قَالَهُ الْجُرْجَانِيِّ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 484، والتعريفات للجرجاني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 4 / 350 - 351.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير، وابن عابدين 5 / 92، ودستور العلماء 2 / 11، والنظم المستعذب على المهذب 1 / 338، والشرح الصغير 3 / 393، والفتاوى الهندية 5 / 366 - 337، وأسنى المطالب 2 / 205، والقليوبي 2 / 300.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>التَّعْرِيفَاتُ: السَّفَهُ خِفَّةٌ تَعْرِضُ لِلإِْنْسَانِ مِنَ الْفَرَحِ وَالْغَضَبِ، فَيَحْمِلُهُ عَلَى الْعَمَل بِخِلَافِ طَوْرِ الْعَقْل وَمُقْتَضَى الشَّرْعِ.</p>وَجَاءَ فِي دُسْتُورِ الْعُلَمَاءِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، حَيْثُ قَال: وَمِنْ عَادَةِ السَّفِيهِ التَّبْذِيرُ وَالإِْسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ. وَيُؤَيِّدُ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لِلسَّفَهِ مِنْ أَنَّهُ: خِفَّةُ الْعَقْل.</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ السَّفَهِ وَالإِْسْرَافِ عَلَاقَةُ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْسْرَافِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَخْتَلِفُ حُكْمُ الإِْسْرَافِ بِحَسَبِ مُتَعَلَّقِهِ، كَمَا تَبَيَّنَ فِي تَعْرِيفِ الإِْسْرَافِ، فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ صَرْفَ الْمَال الْكَثِيرِ فِي أُمُورِ الْبِرِّ وَالْخَيْرِ وَالإِْحْسَانِ لَا يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا، فَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا. أَمَّا صَرْفُهُ فِي الْمَعَاصِي وَالتَّرَفِ وَفِيمَا لَا يَنْبَغِي فَيُعْتَبَرُ إِسْرَافًا مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَال قَلِيلاً.</p>وَقَدْ نُقِل عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَال: لَوْ كَانَ جَبَل أَبِي قُبَيْسٍ ذَهَبًا لِرَجُلٍ، فَأَنْفَقَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا، وَلَوْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا أَوْ مُدًّا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ كَانَ مُسْرِفًا، (2) وَيَرَى بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الإِْسْرَافَ كَمَا يَكُونُ فِي الشَّرِّ، يَكُونُ فِي الْخَيْرِ، كَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا} (3) أَيْ لَا تُعْطُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 7 / 110، وفيه أن القول المشهور " لا سرف في الخير، جوابا عمن قال: لا خير في السرف " وهو من قول حاتم الطائي، وهو قد تردد في كلام الفقهاء كما في شرح الروض 2 / 207، وتفسير الرازي 20 / 193.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأنعام / 141.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٨)</span><hr/></div>أَمْوَالَكُمْ كُلَّهَا فَتَقْعُدُوا فُقَرَاءَ، وَرُوِيَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَنْفَقَ جُذَاذَ خَمْسَمِائَةِ نَخْلَةٍ، وَلَمْ يَتْرُكْ لأَِهْلِهِ شَيْئًا، فَنَزَلَتِ الآْيَةُ السَّابِقَةُ. (1)</p>وَقِيل: إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ بِفِعْلِهِ مِثْل ذَلِكَ.</p>كَذَلِكَ يَخْتَلِفُ حُكْمُ الإِْسْرَافِ إِذَا كَانَ فِي الْعِبَادَاتِ عَمَّا إِذَا كَانَ فِي الْمَحْظُورَاتِ أَوِ الْمُبَاحَاتِ، أَوْ فِي اسْتِعْمَال الْحَقِّ وَالْعُقُوبَاتِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيل هَذِهِ الأَْنْوَاعِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَافُ فِي الطَّاعَاتِ</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - الإِْسْرَافُ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الْوُضُوءِ:</span></p>وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي حَالَتَيْنِ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الأُْولَى: تَكْرَارُ غَسْل الأَْعْضَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّ تَكْرَارَ غَسْل الأَْعْضَاءِ إِلَى ثَلَاثٍ مَسْنُونٌ. (2) جَاءَ فِي الْمُغْنِي أَنَّ الْوُضُوءَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ يُجْزِئُ، وَالثَّلَاثُ أَفْضَل. (3) وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْغَسْلَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فَضِيلَتَانِ. (4) وَعَلَى ذَلِكَ فَغَسْل الأَْعْضَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا، بَل هُوَ سُنَّةٌ أَوْ مَنْدُوبٌ. أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثِ الْمُوعِبَةِ فَمَكْرُوهٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي مَذْهَبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 7 / 110، والمغني والشرح الكبير 2 / 706.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح فتح القدير 1 / 20، والزيلعي 1 / 5، ونهاية المحتاج 1 / 173، وكشاف القناع 1 / 106.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 1 / 139.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدسوقي 1 / 101.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>الْمَالِكِيَّةِ، لأَِنَّهَا مِنَ السَّرَفِ فِي الْمَاءِ، وَالْقَوْل الثَّانِي لِلْمَالِكِيَّةِ أَنَّهَا تُمْنَعُ.</p>وَالْكَرَاهَةُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَاءُ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا، أَمَّا الْمَاءُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مَنْ يَتَطَهَّرُ بِهِ - وَمِنْهُ مَاءُ الْمَدَارِسِ - فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِيهِ عَلَى الثَّلَاثِ حَرَامٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ، لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَأْذُونٍ بِهَا، لأَِنَّهُ إِنَّمَا يُوقَفُ وَيُسَاقُ لِمَنْ يَتَوَضَّأُ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ، وَلَمْ يَقْصِدْ إِبَاحَتَهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ. (1)</p>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَاهُ صلى الله عليه وسلم فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ كَيْفَ الطُّهُورُ؟ فَدَعَا بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ فَغَسَل كَفَّيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَل وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَأَدْخَل أُصْبُعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ، وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ، وَبِالسَّبَّاحَتَيْ نِ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ غَسَل رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَال: هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ أَوْ ظَلَمَ وَأَسَاءَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 1 / 173، وابن عابدين 1 / 90، والدسوقي 1 / 101 وما بعدها، والمغني 1 / 139 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن رجلا أتاه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ . . . ". أخرجه أبو داود واللفظ له والنسائي وابن خزيمة وابن ماجه مختصرا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. قال الحافظ ابن حجر: له طرق صحيحة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مطولا ومختصرا. قال المنذري: وعمرو بن شعيب ترك الاحتجاج بحديثه جماعة من الأئمة، ووثقه بعضهم. قال عبد القادر الأرناؤوط: وإ (عون المعبود 1 / 51، 52 ط الهند، وسنن النسائي 1 / 88 ط المطبعة المصرية بالأزهر 1348 هـ، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 146 ط عيسى الحلبي، 1372 هـ، وجامع الأصول 7 / 161 نشر مكتبة الحلواني، والتلخيص الحبير 1 / 83) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٧٩)</span><hr/></div>وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَعِيدَ فِي الْحَدِيثِ لِمَنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِ الثَّلَاثِ سُنَّةٌ، أَمَّا إِذَا زَادَ - مَعَ اعْتِقَادِ سُنِّيَّةِ الثَّلَاثِ - لِطُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ عِنْدَ الشَّكِّ، أَوْ بِنِيَّةِ وُضُوءٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ عَلَى الْوُضُوءِ نُورٌ عَلَى نُورٍ، وَقَدْ أُمِرَ بِتَرْكِ مَا يَرِيبُهُ إِلَى مَا لَا يَرِيبُهُ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي ابْنِ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْبَدَائِعِ: إِذَا زَادَ أَوْ نَقَصَ، وَاعْتَقَدَ أَنَّ الثَّلَاثَ سُنَّةٌ، لَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ. ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِنَّمَا هُوَ الْكَرَاهَةُ التَّحْرِيمِيَّةُ، فَتَبْقَى الْكَرَاهَةُ التَّنْزِيهِيَّةُ. (1)</p>وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، أَفْضَلِيَّةَ الْوُضُوءِ عَلَى الْوُضُوءِ بِأَلَاّ يَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، أَوْ كَانَ قَدْ صَلَّى بِالضَّوْءِ الأَْوَّل صَلَاةً، وَإِلَاّ يُكْرَهُ التَّكْرَارُ وَيُعْتَبَرُ إِسْرَافًا، وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: الْوَجْهُ الْحُرْمَةُ. أَمَّا لَوْ كَرَّرَهُ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا بِغَيْرِ أَنْ تَتَخَلَّلَهُ صَلَاةٌ فَيُعْتَبَرُ إِسْرَافًا مَحْضًا عِنْدَ الْجَمِيعِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ - اسْتِعْمَال الْمَاءِ أَكْثَرَ مِمَّا يَكْفِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَا يُجْزِئُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ، (3) وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَال: إِنَّ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِل بِالصَّاعِ (4) لَيْسَ بِتَقْدِيرٍ لَازِمٍ، بَل هُوَ بَيَانُ أَدْنَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير والعناية عليه 1 / 27، ونهاية المحتاج 1 / 174، والمغني 1 / 141، وابن عابدين 1 / 90 - 107.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 107، والقليوبي 1 / 53.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المد: رطل وثلث عند الجمهور، وقال أبو حنيفة: هو رطلان. انظر المغني 1 / 223، وابن عابدين 1 / 107.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع ". أخرجه مسلم والترمذي واللفظ له من حديث سفينة، كما أخرجه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه بلفظ " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد "(صحيح مسلم بتح وتحفة الأحوذي 1 / 183 ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>الْقَدْرِ الْمَسْنُونِ، حَتَّى إِنَّ مَنْ أَسْبَغَ بِدُونِ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ زَادَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ طِبَاعَ النَّاسِ وَأَحْوَالَهُمْ مُخْتَلِفَةٌ.</p>وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الإِْسْرَافَ فِي اسْتِعْمَال الْمَاءِ مَكْرُوهٌ، وَلِهَذَا صَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ الْمُدُّ وَمَا دُونَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ، وَإِنْ تَوَضَّأَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ، إِلَاّ أَنَّهُ يُكْرَهُ الإِْسْرَافُ. (1) وَمَعَ ذَلِكَ قَال الشَّافِعِيَّةُ: يُسَنُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ فِيمَنِ اعْتَدَل جِسْمُهُ عَنْ مُدٍّ تَقْرِيبًا، لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوَضِّئُهُ الْمُدُّ (2) وَلَا حَدَّ لِمَاءِ الْوُضُوءِ، لَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ الإِْسْبَاغُ. (3)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مِنْ مُسْتَحَبَّاتِ الْوُضُوءِ تَقْلِيل الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ فِي ذَلِكَ، وَأَنْكَرَ مَالِكٌ قَوْل مَنْ قَال: حَتَّى يَقْطُرَ الْمَاءُ أَوْ يَسِيل، يَعْنِي أَنْكَرَ السَّيَلَانَ عَنِ الْعُضْوِ لَا السَّيَلَانَ عَلَى الْعُضْوِ، إِذْ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَإِلَاّ فَهُوَ مَعَ عَدَمِ السَّيَلَانِ مَسْحٌ بِلَا شَكٍّ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى الْقَدْرُ الْكَافِي فِي حَقِّ كُل وَاحِدٍ، فَمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ مَا يَكْفِيهِ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَإِسْرَافٌ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِ مَا يَكْفِيهِ فَقَدْ أَدَّى السُّنَّةَ، فَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الإِْسْبَاغِ بِقَلِيلٍ أَنْ يُقَلِّل الْمَاءَ، وَلَا يَسْتَعْمِل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 1 / 222 - 225، وابن عابدين 1 / 107.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوضئه المد ". أخرجه مسلم من حديث سفينة مرفوعا بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسله الصاع من الماء من الجنابة، ويوضئه المد "(صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 258 ط عيسى الحلبي 1347 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 1 / 212.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٠)</span><hr/></div>زِيَادَةً عَلَى الإِْسْبَاغِ، (1) أَيْ فِي كُل مَرَّةٍ.</p>وَمِعْيَارُ الإِْسْرَافِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ أَنْ يَسْتَعْمِل الْمَاءَ فَوْقَ الْحَاجَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَذَكَرَ أَكْثَرُ الأَْحْنَافِ أَنَّ تَرْكَ التَّقْتِيرِ - بِأَنْ يَقْتَرِبَ إِلَى حَدِّ الدَّهْنِ، وَيَكُونُ التَّقَاطُرُ غَيْرَ ظَاهِرٍ - وَتَرْكُ الإِْسْرَافِ - بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى الْحَاجَةِ الشَّرْعِيَّةِ - سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الإِْسْرَافُ فِي اسْتِعْمَال الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الدُّرِّ، لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ عَابِدِينَ كَوْنَهُ مَكْرُوهًا تَنْزِيهًا. (2)</p>وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الإِْسْرَافِ فِي الْمَاءِ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَقَال: مَا هَذَا السَّرَفُ؟ فَقَال: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ فَقَال: نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ. (3)</p>وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُوَسْوَسِ، أَمَّا الْمُوَسْوَسُ فَيُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ لِمَا ابْتُلِيَ بِهِ. (4)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الْغُسْل:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> مِنْ سُنَنِ الْغُسْل التَّثْلِيثُ، بِأَنْ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى كُل بَدَنِهِ ثَلَاثًا مُسْتَوْعِبًا، وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا مَكْرُوهًا، وَلَا يُقَدَّرُ الْمَاءُ الَّذِي يُجْزِئُ الْغُسْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 1 / 256 - 258.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 89 - 90.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ. . . " أخرجه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عمر. . وقال الحافظ البوصيري في الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف حيي بن عبد الله وابن لهيعة (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 147 ط عيسى الحلبي</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 1 / 222 - 225، والمبسوط 1 / 45، ونهاية المحتاج 1 / 212، ومواهب الجليل 1 / 258.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>بِهِ، لأَِنَّ الْحَاجَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْشْخَاصِ وَالأَْحْوَال، فَمَا زَادَ عَلَى الْكِفَايَةِ أَوْ بَعْدَ تَيَقُّنِ الْوَاجِبِ فَهُوَ سَرَفٌ مَكْرُوهٌ، وَهَذَا الْقَدْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، أَمَّا مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِل بِالصَّاعِ (1) فَهُوَ بَيَانٌ لأَِقَل مَا يُمْكِنُ بِهِ أَدَاءُ السُّنَّةِ عَادَةً، وَلَيْسَ تَقْدِيرًا لَازِمًا. (2)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الإِْنْسَانُ مَأْمُورٌ بِالاِقْتِصَادِ وَمُرَاعَاةِ الاِعْتِدَال فِي كُل أَمْرٍ، حَتَّى فِي الْعِبَادَاتِ الَّتِي تُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (3) . فَالْعِبَادَاتُ إِنَّمَا أُمِرَ بِفِعْلِهَا مَشْرُوطَةً بِنَفْيِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْمُعْتَادِ، وَمِنْ هُنَا أُبِيحَ الإِْفْطَارُ فِي حَالَةِ السَّفَرِ وَالْحَامِل وَالْمَرِيضِ وَالْمُرْضِعِ وَكُل مَنْ خَشِيَ ضَرَرَ الصَّوْمِ عَلَى نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ، لأَِنَّ فِي تَرْكِ الإِْفْطَارِ عُسْرًا، وَقَدْ نَفَى اللَّهُ عَنْ نَفْسِهِ إِرَادَةَ الْعُسْرِ. (4) فَلَا يَجُوزُ فِيهَا الإِْسْرَافُ وَالْمُبَالَغَةُ. وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ (5) أَيِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ". أخرجه مسلم من حديث أبي بكر رضي الله عنه بلفظ: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع، ويتطهر بالمد "(صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 258 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 106، 107، ومواهب الجليل 1 / 256، ونهاية المحتاج 1 / 212، والمغني 1 / 222 - 225.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 185.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تفسير الأحكام للجصاص 1 / 161.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الآداب الشرعية لابن مفلح 2 / 105. وحديث:" هلك المتنطعون ". أخرجه مسلم وأبو داود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا، وزاد الراوي " قالها ثلاثا "(صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 4 / 2055 ط عيسى الحلبي 1375 هـ، وسنن أبي داود 5 / 15 ط استنبول) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨١)</span><hr/></div>الْمُبَالِغُونَ فِي الأَْمْرِ.</p>وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ. قَال أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَنَا أُصَلِّي اللَّيْل أَبَدًا، وَقَال آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ، وَقَال آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِل النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاَللَّهِ إِنِّي لأََخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. (1)</p>قَال فِي نَيْل الأَْوْطَارِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ هُوَ الاِقْتِصَادُ فِي الطَّاعَاتِ، لأَِنَّ إِتْعَابَ النَّفْسِ فِيهَا وَالتَّشْدِيدَ عَلَيْهَا يُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْجَمِيعِ، وَالدِّينُ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ الدِّينَ إِلَاّ غَلَبَهُ، وَالشَّرِيعَةُ النَّبَوِيَّةُ بُنِيَتْ عَلَى التَّيْسِيرِ وَعَدَمِ التَّنْفِيرِ. (2)</p>وَلِهَذَا صَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِكَرَاهَةِ صَوْمِ الْوِصَال وَصَوْمِ الدَّهْرِ، كَمَا وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَنْ صَامَ الدَّهْرَ فَلَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ (3) وَقَالُوا بِكَرَاهَةِ قِيَامِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أنتم الذين قلتم كذا وكذا. . . " أخرجه البخاري واللفظ له، ومسلم من حديث أنس رضي الله عنه (فتح الباري 9 / 104 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1020 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> نيل الأوطار للشوكاني 6 / 230.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من صام الدهر فلا صام ولا أفطر ". أخرجه مسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه؟ قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر رضي الله عنه: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبب وابن ماجه بهذا المعنى من حديث أبي قتادة (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 819 ط عيسى الحلبي، وتحفة الأحوذي 3 / 475 نشر المكتبة السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 544 ط عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>اللَّيْل كُلِّهِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ (1) . قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الظَّاهِرُ مِنْ إِطْلَاقِ الأَْحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِحْيَاءِ اللَّيْل الاِسْتِيعَابُ، لَكِنَّهُ نُقِل عَنْ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ فَسَّرَ ذَلِكَ بِنِصْفِهِ، لأَِنَّ مَنْ أَحْيَا نِصْفَ اللَّيْل فَقَدْ أَحْيَا اللَّيْل، وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّفْسِيرَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ، فَيَتَرَجَّحُ إِرَادَةُ الأَْكْثَرِ أَوِ النِّصْفِ، وَالأَْكْثَرُ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِيقَةِ. (2)</p>وَأَوْضَحُ مَا جَاءَ فِي مَنْعِ الإِْسْرَافِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَال: دَخَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجْرَتِي، فَقَال: أَلَمْ أُخْبِرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْل وَتَصُومُ النَّهَارَ؟ ، قُلْتُ: بَلَى، قَال: فَلَا تَفْعَلَنَّ، نَمْ وَقُمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ، فَإِنَّ لِعَيْنَيْكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنْ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجَتِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِصَدِيقِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنْ عَسَى أَنْ يَطُول بِكَ عُمُرٌ، وَأَنَّهُ حَسْبُكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُل شَهْرٍ ثَلَاثًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح، ولا صام شهرا قط كاملا غير رمضان ". أخرجه مسلم ضمن حديث طويل عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " ولا أعلم نبي الله قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة إلى الصبح، ولا صام شهرا كاملا غير</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 460، 461 بتصرف، والمجموع 4 / 47 وكشاف القناع 1 / 437.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٢)</span><hr/></div>فَذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، وَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا (1) .</p>وَقَال النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُومَ كُل اللَّيْل دَائِمًا، لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، فَإِنْ قِيل: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَوْمِ الدَّهْرِ - غَيْرِ أَيَّامِ النَّهْيِ - فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ عِنْدَنَا؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَلَاةَ اللَّيْل كُلِّهِ دَائِمًا يُضِرُّ الْعَيْنَ وَسَائِرَ الْبَدَنِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي فِي اللَّيْل مَا فَاتَهُ مِنْ أَكْل النَّهَارِ، وَلَا يُمْكِنُهُ نَوْمُ النَّهَارِ إِذَا صَلَّى اللَّيْل، لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ. هَذَا حُكْمُ قِيَامِ اللَّيْل دَائِمًا، فَأَمَّا بَعْضُ اللَّيْل فَلَا يُكْرَهُ إِحْيَاؤُهُ، (2) فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَل الْعَشْرُ الأَْوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَحْيَا اللَّيْل (3) وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى إِحْيَاءِ لَيْلَتَيِ الْعِيدَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ألم أخبر أنك تقوم الليل وتصوم النهار. . . " أخرجه البخاري ومسلم بعدة طرق من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. ولفظ البخاري في إحدى الروايات: " يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها، فإذن ذلك صيام الدهر كله. . . " الحديث (فتح الباري 3 / 217 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 812 - 818 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المجموع 4 / 44، 45 ط المنيرية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل ". أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، ولفظ البخاري " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله "(فتح الباري 4 / 269 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 832 ط عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - الإِْسْرَافُ فِي الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الصَّدَقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الصَّدَقَاتُ الْوَاجِبَةُ الْمُحَدَّدَةُ الْمِقْدَارِ، كَالزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ، لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا الإِْسْرَافُ، لأَِنَّ أَدَاءَهَا بِالْقَدْرِ الْمُحَدَّدِ وَاجِبٌ شَرْعًا. وَتَفْصِيل شُرُوطِ الْوُجُوبِ، وَمِقْدَارِ مَا وَجَبَ فِي هَذِهِ الصَّدَقَاتِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهَا.</p>أَمَّا الصَّدَقَاتُ الْمَنْدُوبَةُ - وَهِيَ الَّتِي تُعْطَى لِلْمُحْتَاجِينَ لِثَوَابِ الآْخِرَةِ - (1) فَرَغْمَ حَثِّ الإِْسْلَامِ عَلَى الإِْنْفَاقِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْمُحْتَاجِينَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ، فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالْقَصْدِ وَالاِعْتِدَال وَعَدَمِ التَّجَاوُزِ إِلَى حَدٍّ يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا، بِحَيْثُ يُؤَدِّي إِلَى فَقْرِ الْمُنْفِقِ نَفْسِهِ حَتَّى يَتَكَفَّفَ النَّاسَ. قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ:{وَاَلَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (2) .</p>وَكَذَلِكَ قَال سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَجْعَل يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُل الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (3) قَال الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: وَلَا تُخْرِجْ جَمِيعَ مَا فِي يَدِك مَعَ حَاجَتِكَ وَحَاجَةِ عِيَالِكَ إِلَيْهِ، فَتَقْعُدَ مُنْقَطِعًا عَنِ النَّفَقَةِ وَالتَّصَرُّفِ، كَمَا يَكُونُ الْبَعِيرُ الْحَسِيرُ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ فَلَا انْبِعَاثَ بِهِ، وَقِيل: لِئَلَاّ تَبْقَى مَلُومًا ذَا حَسْرَةٍ عَلَى مَا فِي يَدِكَ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْخِطَابِ غَيْرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لأَِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَتَحَسَّرُ عَلَى إِنْفَاقِ مَا حَوَتْهُ يَدُهُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القليوبي 3 / 21، والشرح الصغير 4 / 140، والمغني 6 / 246.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الفرقان / 67.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الإسراء / 29.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٣)</span><hr/></div>سَبِيل اللَّهِ، وَإِنَّمَا نَهَى اللَّهُ عَنِ الإِْفْرَاطِ فِي الإِْنْفَاقِ وَإِخْرَاجِ جَمِيعِ مَا حَوَتْهُ يَدُهُ مِنَ الْمَال مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْحَسْرَةُ عَلَى مَا خَرَجَ عَنْ يَدِهِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ، فَيَقُول: هَذِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النَّاسَ،، خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى (1) فَأَمَّا مَنْ وَثِقَ بِمَوْعُودِ اللَّهِ وَجَزِيل ثَوَابِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ فَغَيْرُ مُرَادٍ بِالآْيَةِ، وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ يُنْفِقُونَ فِي سَبِيل اللَّهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ، فَلَمْ يُعَنِّفْهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِصِحَّةِ يَقِينِهِمْ وَشِدَّةِ بَصَائِرِهِمْ. (2)</p>وَفِي ضَوْءِ هَذِهِ الآْيَاتِ وَالأَْحَادِيثِ صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الأَْوْلَى أَنْ يَتَصَدَّقَ مِنَ الْفَاضِل عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ عَلَى الدَّوَامِ، وَمَنْ أَسْرَفَ بِأَنْ تَصَدَّقَ بِمَا يُنْقِصُهُ عَنْ كِفَايَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَوْ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ - وَلَا كَسْبَ لَهُ - فَقَدْ أَثِمَ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " يأتي أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة، ثم يقعد يستكف الناس. . . . " أخرجه أبو داود واللفظ له وابن خزيمة والدارمي والحاكم من طريق محمد بن إسحاق من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه. قال المنذري: في إسناده محمد بن إسحاق، وقال محقق صحيح ابن خزيمة: إسناده ضعيف. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وتعقبه الألباني بقوله: وليس كذلك، فإن ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم مقرونا بآخر، ثم هو يدلس، وقد عنعنه، فلا يحتج به (عون المعبود 2 / 53 ط الهند، ومختصر سنن أبي داود للمنذري 2 / 253، 254 نشر دار المعرفة، وسنن الدارمي 1 / 391 نشر دار إحياء السنة النبوية، وصحيح ابن خزيمة 4 / 98 نشر المكتب الإسلامي 1399 هـ، والمستدرك 1 / 413 نشر دار الكتاب العربي، وإرواء الغليل 3 / 416 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأحكام للجصاص 3 / 246، والأحكام لابن العربي 3 / 1192، 1193، وتفسير الرازي 20 / 93.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>يُمَوِّنُهُ (1) وَلأَِنَّ نَفَقَةَ مَنْ يُمَوِّنُهُ وَاجِبَةٌ، وَالتَّطَوُّعُ نَافِلَةٌ، وَتَقْدِيمُ النَّفْل عَلَى الْفَرْضِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَلأَِنَّ الإِْنْسَانَ إِذَا أَخْرَجَ جَمِيعَ مَالِهِ لَا يَأْمَنُ فِتْنَةَ الْفَقْرِ وَشِدَّةَ نِزَاعِ النَّفْسِ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ، فَيُذْهِبُ مَالَهُ، وَيُبْطِل أَجْرَهُ، وَيَصِيرُ كَلًّا عَلَى النَّاسِ.</p>أَمَّا مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّل، وَالصَّبْرَ عَلَى الْفَقْرِ، وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ، أَوْ كَانَ ذَا مَكْسَبٍ وَاثِقًا مِنْ نَفْسِهِ، فَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِكُل مَالِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا فِي حَقِّهِ إِسْرَافًا. (2) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِكُل مَا عِنْدَهُ، فَقَال لَهُ: مَا أَبْقَيْتَ لأَِهْلِكَ؟ قَال: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (3) فَهَذَا كَانَ فَضِيلَةً فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ، لِقُوَّةِ يَقِينِهِ وَكَمَال إِيمَانِهِ، وَكَانَ أَيْضًا تَاجِرًا ذَا مَكْسَبٍ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الْوَصِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ، أَوْ هِيَ التَّبَرُّعُ بِالْمَال بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ بِجُزْءٍ مِنَ الْمَال لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا فِي حَقِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" كفى بالمرء إثما أن يضيع من يمونه ". أخرجه مسلم وأبو داود من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا. ولفظ مسلم " كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته "(صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 692 ط عيسى الحلبي، وعون المعبود 2 / 59، 60 ط الهند) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 10 / 251، وابن عابدين 2 / 71، والمغني 3 / 82، 83، والقليوبي 3 / 205، والأحكام لابن العربي 3 / 1193.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" ما أبقيت لأهلك. . . . ". أخرجه الترمذي وأبو داود ضمن قصة من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (تحفة الأحوذي 10 / 161 نشر المكتبة السلفية، وعون المعبود 2 / 54 ط الهند) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٤)</span><hr/></div>مَنْ لَا يَرِثُ، وَقَدْ حَدَّدَ الشَّرْعُ حُدُودَهَا بِأَنْ لَا تَزِيدَ عَنِ الثُّلُثِ، وَرَغَّبَ فِي التَّقْلِيل مِنَ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ لِتَجَنُّبِ الإِْسْرَافِ، وَإِيقَاعِ الضَّرَرِ بِالْوَرَثَةِ. (1)</p>فَإِذَا وُجِدَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ، نُفِّذَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الثُّلُثِ، وَبَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ مِنْهُ اتِّفَاقًا إِنْ لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ، لِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلَا يَرِثُنِي إِلَاّ ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَال: لَا، فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ، فَقَال: لَا، ثُمَّ قَال: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ (2) .</p>فَالثُّلُثُ هُوَ الْحَدُّ الأَْعْلَى فِي الْوَصِيَّةِ إِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ، وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى الْحَدِّ الأَْدْنَى، مَعَ اسْتِحْبَابِهِمُ الأَْقَل مِنَ الثُّلُثِ، وَأَنْ تَكُونَ الْوَصِيَّةُ لِلأَْقَارِبِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ، لِتَكُونَ صَدَقَةً وَصِلَةً مَعًا. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَنَّ الأَْفْضَل لِلْغَنِيِّ الْوَصِيَّةُ بِالْخُمُسِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ يُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (3) أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ، أَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ وَأَجَازَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ، فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ مَوْضِعُهُ مُصْطَلَحُ (وَصِيَّة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 417، والشرح الصغير 4 / 579، والمغني 6 / 2.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث سعد بن أبي وقاص أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم (فتح الباري 3 / 164 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1250، 1251 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 5 / 417، والمغني 6 / 107، 108، والقليوبي والشرح الصغير 4 / 586.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الإِْسْرَافُ فِي سَفْكِ دِمَاءِ الْعَدُوِّ فِي الْقِتَال:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الإِْسْرَافُ بِمَعْنَى مُجَاوَزَةِ الْحَدِّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي كُل حَالَةٍ، حَتَّى فِي الْمُقَابَلَةِ مَعَ الأَْعْدَاءِ فِي الْجِهَادِ وَالْقِتَال، فَالْمُسْلِمُ مَأْمُورٌ بِمُرَاعَاةِ الْقَصْدِ وَالاِعْتِدَال فِي جَمِيعِ الأَْحْوَال، يَقُول اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (1) وَيَقُول سُبْحَانَهُ: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَاّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (2) .</p>وَلِهَذَا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْعَدُوُّ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ الدَّعْوَةُ لَمْ يَجُزْ قِتَالُهُمْ، حَتَّى يَدْعُوَهُمْ إِلَى الإِْسْلَامِ، وَيُكْرَهُ نَقْل رُءُوسِ الْمُشْرِكِينَ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ، وَتُكْرَهُ الْمُثْلَةُ بِقَتْلَاهُمْ وَتَعْذِيبُهُمْ (3) . لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ أَعَفَّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْل الإِْيمَانِ (4) .</p>وَلَا يَجُوزُ قَتْل الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا تُقْتَل امْرَأَةٌ وَلَا شَيْخٌ فَانٍ، وَلَا يُقْتَل زَمِنٌ وَلَا أَعْمَى وَلَا رَاهِبٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَرِوَايَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَاّ إِذَا اشْتَرَكُوا فِي الْمَعْرَكَةِ، أَوْ كَانُوا ذَا رَأْيٍ وَتَدْبِيرٍ وَمَكَايِدَ فِي الْحَرْبِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 190.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 232، وابن عابدين 3 / 223، والحطاب 3 / 350، 354، والمغني 8 / 494.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" إن أعف الناس قتلة أهل الإيمان ". أخرجه أحمد (1 / 293 ط الميمنية) وأبو داود (3 / 120 ط عزت عبيد دعاس) وابن ماجه (2 / 894 بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي) . # قال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: ورجال أحمد ثقات إلا أن المغيرة بن مقسم الضبي مدلس، ولا سيما عن إبراهيم بن يزيد، وقد روى في هذا الحديث ولم يصرح بالسماع (جامع الأصول 2 / 619 نشر مكتبة الحلواني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٥)</span><hr/></div>أَوْ أَعَانُوا الْكُفَّارَ بِوَجْهٍ آخَرَ وَلَا يَجُوزُ الْغَدْرُ وَالْغُلُول، وَلَا يَجُوزُ الإِْحْرَاقُ بِالنَّارِ إِنْ أَمْكَنَ التَّغَلُّبُ عَلَيْهِمْ بِدُونِهَا، وَلَا يَجُوزُ التَّمْثِيل بِالْقَتْل، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ (1) وَيَجُوزُ مَعَهُمْ عَقْدُ الأَْمَانِ وَالصُّلْحِ بِمَالٍ لَوْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (2) .</p>وَلَوْ حَاصَرْنَاهُمْ دَعَوْنَاهُمْ إِلَى الإِْسْلَامِ، فَإِنْ أَسْلَمُوا فِيهَا، وَإِلَاّ فَرَضْنَا عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ إِنْ لَمْ يَكُونُوا مُرْتَدِّينَ وَلَا مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، فَإِنْ قَبِلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مِنَّا الْمُعَامَلَةُ بِالْعَدْل وَالْقِسْطِ عَلَى حَسَبِ شُرُوطِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَإِنْ أَبَوْا قَاتَلْنَاهُمْ حَتَّى نَغْلِبَهُمْ عَنْوَةً (3) . وَتَفْصِيل هَذِهِ الأَْحْكَامِ ر:(جِهَاد)(وَجِزْيَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَافُ فِي الْمُبَاحَاتِ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> الأَْكْل وَالشُّرْبُ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ فَرْضٌ، وَهُوَ بِقَدْرِ الشِّبَعِ مُبَاحٌ، فَإِذَا نَوَى بِالشِّبَعِ ازْدِيَادَ قُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الطَّاعَةِ وَأَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ، وَمَا زَادَ عَلَى الشِّبَعِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ مَحْظُورٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن الله كتب الإحسان على كل شيء. . . . " أخرجه مسلم من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعا. (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1548 ط عيسى الحلبي، وشرح السنة للبغوي 11 / 219 نشر المكتب الإسلامي 1397 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنفال / 61.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 3 / 223، 423، والقليوبي 4 / 218، 219، ومواهب الجليل 3 / 350، والبدائع 7 / 100.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، إِلَاّ إِذَا قَصَدَ بِهِ التَّقَوِّي عَلَى صَوْمِ الْغَدِ، أَوْ لِئَلَاّ يَسْتَحِي الضَّيْفُ. قَال اللَّهُ تَعَالَى:{كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} (1) . فَالإِْنْسَانُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَأْكُل وَيَشْرَبَ بِحَيْثُ يَتَقَوَّى عَلَى أَدَاءِ الْمَطْلُوبِ، وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الْحَرَامِ، وَلَا يُكْثِرُ الإِْنْفَاقَ الْمُسْتَقْبَحَ، وَلَا يَتَنَاوَل مِقْدَارًا كَثِيرًا يَضُرُّهُ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَإِنْ تَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى مَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ بِالْوَاجِبِ حَرُمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ قَدْ أَسْرَفَ فِي مَطْعَمِهِ وَمَشْرَبِهِ، وَلأَِنَّهُ إِضَاعَةُ الْمَال وَإِمْرَاضُ النَّفْسِ. (2)</p>وَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: مَا مَلأََ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أَكَلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ (3) . وَقَال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنَ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُل كُل مَا اشْتَهَيْتَ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأعراف / 31.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الفخر الرازي 14 / 62، وتفسير القرطبي 7 / 191، 192، والآداب الشرعية لابن مفلح 2 / 365.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه. . . " أخرجه أحمد بن حنبل والترمذي واللفظ له وابن ماجه من حديث المقدام بن معد يكرب مرفوعا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (تحفة الأحوذي 7 / 51، 52 نشر المكتبة السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1111 ط عيسى الحلبي 1373 هـ، والفتح الرباني 17 / 88، 89 الطبعة الأولى 1372 هـ) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " إن من السرف أن تأكل كل ما اشتهيت، أخرجه ابن ماجه بهذا اللفظ من حديث أنس بن مالك مرفوعا، وقال الحافظ البوصيري: هذا إسناده ضعيف، لأن نوح بن ذكوان متفق على تضعيفه، وقال الدميري: هذا الحديث مما أنكر عليه، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات. وقال: هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورده المنذري بلفظ " من الإسراف أن تأكل كل ما اشتهيت " وقال: رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع والبيهقي، وقد صحح الحاكم إسناده لمتن غير هذا، وحسنه غيره. (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1112 ط عيسى الحلبي، وكتاب الموضوعات لابن الجوزي 3 / 30 نشر المكتبة السلفية، والترغيب والترهيب 4 / 202 ط مطبعة السعادة 1380 هـ، وفيض القدير 2 / 526 نشر المكتبة التجارية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٦)</span><hr/></div>وَقَدْ نَقَل الْقُرْطُبِيُّ (1) فِي الْحَضِّ عَلَى تَقْلِيل الطَّعَامِ مَا ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال لأَِبِي جُحَيْفَةَ حِينَمَا أَتَاهُ يَتَجَشَّأُ: اُكْفُفْ عَلَيْكَ مِنْ جُشَائِكَ أَبَا جُحَيْفَةَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2) . وَهَذَا الْقَدْرُ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُطْلَبُ تَخْفِيفُ الْمَعِدَةِ بِتَقْلِيل الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى قَدْرٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ وَلَا كَسَلٌ عَنْ عِبَادَةٍ، فَقَدْ يَكُونُ لِلشِّبَعِ سَبَبًا فِي عِبَادَةٍ فَيَجِبُ، وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْكُ وَاجِبٍ فَيَحْرُمُ، أَوْ تَرْكُ مُسْتَحَبٍّ فَيُكْرَهُ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القرطبي 7 / 194.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أكفف عليك من جشائك أبا جحيفة. . . " أخرجه الحاكم من حديث أبي جحيفة أنه قال: أكلت ثريدة من خبز بر ولحم سمين، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أتجشأ، فقال: ما هذا كف من جشائك، فإن أكثر الناس شبعا أكثرهم في الآخرة جوعا " قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الحاكم بقوله: فهد قال المديني كذاب، وعمر هالك. قال المنذري: بل واه جدا، فيه فهد بن عوف، وعمر بن موسى، لكن رواه البزار بإسنادين رواة أحدهما ثقات. ورواه ابن أبي الدنيا والبيهقي والطبراني في الكبير والأوسط ببعض الزيادات. قال الهيثمي: في أحد أسانيد معجم الطبراني الكبير محمد بن خالد الكوفي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات (المس والترغيب والترهيب 4 / 199 ط مطبعة السعادة 1380 هـ، ومجمع الزوائد 5 / 31 نشر مكتبة القدسي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> بلغة السالك 4 / 752.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>وَقَال الْغَزَالِيُّ: صَرْفُ الْمَال إِلَى الأَْطْعِمَةِ النَّفِيسَةِ الَّتِي لَا يَلِيقُ بِحَالِهِ تَبْذِيرٌ. (1) فَيَكُونُ سَبَبًا لِلْحَجْرِ كَمَا سَيَأْتِي. وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: إِنَّ هَذَا هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ تَبْذِيرًا مَا لَمْ يُصْرَفْ فِي مُحَرَّمٍ، فَيُعْتَبَرُ عِنْدَئِذٍ إِسْرَافًا وَتَبْذِيرًا إِجْمَاعًا (2) . وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ أَكْل الْمَتْخُومِ، أَوِ الأَْكْل الْمُفْضِي إِلَى تُخَمَةٍ سَبَبٌ لِمَرَضِهِ وَإِفْسَادِ بَدَنِهِ، وَهُوَ تَضْيِيعُ الْمَال فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ. وَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِالشِّبَعِ، لَكِنْ يُكْرَهُ الإِْسْرَافُ، وَالإِْسْرَافُ فِي الْمُبَاحَاتِ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَهُوَ مِنَ الْعُدْوَانِ الْمُحَرَّمِ. (3)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الْمَلْبَسِ وَالزِّينَةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> الإِْسْرَافُ فِي الْمَلْبَسِ وَالزِّينَةِ مَمْنُوعٌ، لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: الْبَسُوا مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الوجيز للغزالي 1 / 176.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القليوبي 2 / 301.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الآداب الشرعية 3 / 200 - 203، وشرح منتهى الإرادات 3 / 1.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" البسوا ما لم يخالطه إسراف أو مخيلة ". علقه البخاري بلفظ " كلوا واشربوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة " وأخرجه ابن ماجه باللفظ الوارد في صلب الموسوعة، والنسائي وأبو داود والطيالسي والحارث بن أبي أسامة وابن أبي الدنيا من طريق همام عن قتادة عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جدة مرفوعا. والحديث حسنه بدر البدر محقق كتاب الشكر لابن أبي الدنيا (فتح الباري 10 / 252، 253 ط السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1192 ط عيسى الحلبي. وسنن النسائي 5 / 79 ط استانبول، ومنحة المعبود 1 / 351 ط المطبعة المنيرية 1372، وكتاب الشكر لأبي بكر بن أبي الدنيا بتحقيق بدر البدر ص 22 المكتب الإسلامي 1400 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٧)</span><hr/></div>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: يَلْبَسُ بَيْنَ الْخَسِيسِ وَالنَّفِيسِ، إِذْ خَيْرُ الأُْمُورِ أَوْسَطُهَا، وَلِلنَّهْيِ عَنِ الشُّهْرَتَيْنِ، وَهُوَ مَا كَانَ فِي نِهَايَةِ النَّفَاسَةِ أَوِ الْخَسَاسَةِ. وَيُنْدَبُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْجَمِيل لِلتَّزَيُّنِ فِي الأَْعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ (1)، لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: لَا يَدْخُل الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ ذَرَّةٌ مِنْ كِبْرٍ، قَال رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُل يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا، قَال: إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَال، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَافُ فِي الْمَهْرِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> الْمَهْرُ يَجِبُ إِمَّا بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالْعَقْدِ. فَإِذَا سُمِّيَ فِي الْعَقْدِ، وُعِّينَ مِقْدَارُهُ، وَجَبَ الْمُسَمَّى، وَإِلَاّ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْل، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (3)</p>وَلَمْ يُحَدِّدِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَكَذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ فِي رِوَايَةٍ أَقَل الْمَهْرِ، وَحَدَّدَ الْحَنَفِيَّةُ أَقَل الْمَهْرِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ: أَقَلُّهُ رُبُعُ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِضَّةً خَالِصَةً. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 217، 224، وبلغة السالك 1 / 59، والقليوبي 1 / 301، 3 / 297، والمغني 1 / 275، 2 / 370، والاختيار للموصلي 4 / 177، والآداب الشرعية 3 / 55، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 289.</p><font color=#ff0000>(2)</font>) حديث:" لا يدخل الجنة. . . . " أخرجه مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 93 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 329، والدسوقي 2 / 297، ونهاية المحتاج 6 / 328.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأم للشافعي 5 / 58، والمغني 6 / 682، والدسوقي 2 / 302، وابن عابدين 2 / 230، 329، والبدائع 2 / 275، وفتح القدير 3 / 205، 206، والحطاب 3 / 506.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>وَلَا حَدَّ لأَِكْثَرِ الْمَهْرِ إجْمَاعًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (1)</p>وَالدَّلِيل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَال زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (2) . لأَِنَّ الْقِنْطَارَ يُطْلَقُ عَلَى الْمَال الْكَثِيرِ.</p>وَلَكِنْ حَذَّرَ الْفُقَهَاءُ مِنَ الإِْسْرَافِ وَالْمُغَالَاةِ فِي الْمَهْرِ، وَقَالُوا: تُكْرَهُ الْمُغَالَاةُ فِي الصَّدَاقِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مُؤْنَةً (3) وَفَسَّرُوا الْمُغَالَاةَ فِي الْمَهْرِ بِمَا خَرَجَ عَنْ عَادَةِ أَمْثَال الزَّوْجَةِ، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَمْثَالِهَا، إِذِ الْمِائَةُ قَدْ تَكُونُ كَثِيرَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لاِمْرَأَةٍ، وَقَلِيلَةً جِدًّا بِالنِّسْبَةِ لأُِخْرَى.</p>وَاسْتَدَلُّوا كَذَلِكَ بِكَرَاهَةِ الإِْسْرَافِ فِي الْمَهْرِ بِأَنَّ الرَّجُل يُغْلِي بِصَدَقَةِ الْمَرْأَةِ (أَيْ فَوْقَ طَاقَتِهِ) ، حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي قَلْبِهِ، وَلأَِنَّهُ إِذَا كَثُرَ بِمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَيَتَعَرَّضُ لِلضَّرَرِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ. (4) وَلِتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ رَاجِعْ مُصْطَلَحَ:(مَهْر) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَافُ فِي التَّكْفِينِ وَالتَّجْهِيزِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْكَفَنِ هُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 330، والدسوقي 2 / 309، والأم 5 / 58، 59، والمغني 6 / 681.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 20.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة " أخرجه أحمد بن حنبل والحاكم والبيهقي والبزار من حديث عائشة رضي الله عنها، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وأقره الذهبي بالرغم من أن مدار الحديث على ابن سنجرة، يقال اسمه عيسى بن ميمون، وهو متروك كما قال الهيثمي. (المستدرك 2 / 178 نشر دار الكتاب العربي، والسنن الكبرى للبيهقي 7 / 235 ط الهند، ومجمع الزوائد 4 / 255 نشر مكتبة القدس، وفيض القدير 2 / 5، 6 نشر المكتبة التجارية 1356 هـ) .</p><font color=#ff0000>(4)</font>) نهاية المحتاج 6 / 329، والمغني 6 / 682، والدسوقي 2 / 309.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٨)</span><hr/></div>الثَّوْبُ الْوَاحِدُ. وَالإِْيتَارُ فِيهِ إِلَى ثَلَاثٍ لِلرَّجُل، وَإِلَى خَمْسٍ لِلْمَرْأَةِ سُنَّةٌ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يَمَانِيَّةٍ بِيضٍ سُحُولِيَّةٍ. . . (1)</p>وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَعْطَى اللَّوَاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ (2) وَلأَِنَّ عَدَدَ الثَّلَاثِ أَكْثَرُ مَا يَلْبَسُهُ الرَّجُل فِي حَيَاتِهِ، فَكَذَا بَعْدَ مَمَاتِهِ، وَالْمَرْأَةُ تَزِيدُ فِي حَال حَيَاتِهَا عَلَى الرَّجُل فِي السَّتْرِ، لِزِيَادَةِ عَوْرَتِهَا عَلَى عَوْرَتِهِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمانية بيض سهولية " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها (فتح الباري 3 / 135 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 649، 650 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى اللواتي غسلن ابنته خمسة أثواب " أورده صاحب نصب الراية بهذا اللفظ، وتعقبه بقوله: غريب من حديث أم عطية، وأخرجه أحمد وأبو داود من حديث ليلى بنت ثائف الثقفية بلفظ " كنت فيمن غسل أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقاء ثم الدرع ثم الخمار ثم المحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر. قالت: ورسول الله صلى ال (مسند أحمد بن حنبل 6 / 380 ط الميمنية، وعون المعبود 3 / 171 ط الهند، والفتح الرباني 7 / 175، 176 الطبعة الأولى 1372 هـ، ونصب الراية 2 / 263 ط مطبعة دار المأمون، وتلخيص الحبير 2 / 109، 110 نشر السيد عبد الله هاشم اليماني بالمدينة المنورة 1384 هـ، وجامع الأصول 11 / 113 نشر مكتبة الحلواني 1393 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 1 / 78، 79، والخرشي 2 / 126، والقليوبي 1 / 328، والمغني 2 / 466، 470.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الأَْثْوَابِ الثَّلَاثَةِ لِلرَّجُل، وَالْخَمْسَةِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (1) : الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لِمَا فِيهَا مِنَ الإِْسْرَافِ وَإِضَاعَةِ الْمَال الْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ، فَإِنَّهُ يُسْلَبُ سَلْبًا سَرِيعًا (2)</p>وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْسِينِ الْكَفَنِ: إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ (3) . مَعْنَاهُ: بَيَاضَهُ وَنَظَافَتَهُ، لَا كَوْنَهُ ثَمِينًا حِلْيَةً.</p>وَلَا بَأْسَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِالزِّيَادَةِ إِلَى خَمْسَةٍ فِي الرَّجُل، وَإِلَى سَبْعَةٍ فِي الْمَرْأَةِ، وَقَالُوا: إِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْخَمْسَةِ فِي الرَّجُل، وَالسَّبْعَةِ فِي الْمَرْأَةِ إِسْرَافٌ، وَثَلَاثَةٌ أَوْلَى مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَخَمْسَةٌ أَوْلَى مِنْ سِتَّةٍ. (4)</p>فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الإِْسْرَافَ مَحْظُورٌ فِي الْكَفَنِ فِي جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ. وَالْقَاعِدَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَنَ يَكُونُ وَفْقًا لِمَا يَلْبَسُهُ الْمَيِّتُ حَال حَيَاتِهِ عَادَةً.</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل هَذَا الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ (كَفَنٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 578، ونهاية المحتاج 2 / 450، والمغني 2 / 466، وكشاف القناع 2 / 105.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا. . . " أخرجه أبو داود من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا. قال المنذري: في إسناده أبو مالك عمرو بن هاشم الجنبي وفيه مقال (عون المعبود 3 / 170 ط الهند، وجامع الأصول 11 / 116 نشر مكتبة الحلواني 1393 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه ". أخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعا (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 651 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> جواهر الإكليل 1 / 109، والخرشي 2 / 126.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٨٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الإِْسْرَافُ فِي الْمُحَرَّمَاتِ</span></p> </p><font color=#ff0000>17 -</font> الْمَحْظُورُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: هُوَ مَا مُنِعَ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا، وَيَشْمَل بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ الْحَرَامَ وَالْمَكْرُوهَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ، فَالْمَحْظُورَاتُ بِهَذَا الْمَعْنَى هِيَ الْمَمْنُوعَاتُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي تُوجِبُ الْعِقَابَ (1) .</p>وَارْتِكَابُ الْمُحَرَّمَاتِ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ إِسْرَافًا، لأَِنَّهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ. يَقُول الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا} (2) : الإِْسْرَافُ فِي كُل شَيْءٍ الإِْفْرَاطُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الذُّنُوبُ الْعَظِيمَةُ الْكَبِيرَةُ. قَال أَبُو حَيَّانَ الأَْنْدَلُسِيُّ:(ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا) مُتَقَارِبَانِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَجَاءَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل التَّأْكِيدِ. (3) وَقِيل: الذُّنُوبُ مَا دُونَ الْكَبَائِرِ. ثُمَّ إِنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي ارْتِكَابِ الْمَمْنُوعِ تُوجِبُ تَشْدِيدَ الْعِقَابِ، فَالْعُقُوبَةُ بِقَدْرِ الْجَرِيمَةِ، كَمَا قَرَّرَهُ الْفُقَهَاءُ، وَالإِْصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَإِدَامَتُهَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْكَبِيرَةِ فِي إِسْقَاطِ الْعَدَالَةِ، فَلَا تُقْبَل شَهَادَةُ مَنْ كَثُرَتْ صَغَائِرُهُ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا (4) .</p> </p><font color=#ff0000>18 -</font> لَكِنْ هُنَاكَ حَالَاتٌ خَاصَّةٌ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ الإِْتْيَانُ بِالْمُحَرَّمِ، بِشَرْطِ أَلَاّ يُسْرِفَ أَيْ لَا يُجَاوِزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ وَذَلِكَ مِثْل:</p>أ - حَالَةِ الإِْكْرَاهِ: كَمَا إِذَا أَجْبَرَ شَخْصٌ آخَرَ بِأَكْل أَوْ شُرْبِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ، كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهَا.</p>ب - حَالَةِ الاِضْطِرَارِ: كَمَا إِذَا وُجِدَ الشَّخْصُ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 214.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة آل عمران / 147.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر المحيط 3 / 75.</p><font color=#ff0000>(4)</font> قليوبي 4 / 319، وابن عابدين 4 / 377، والشرح الصغير 4 / 242، وجواهر الإكليل 2 / 233.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>حَالَةٍ لَوْ لَمْ يَتَنَاوَل الْمُحَرَّمَ هَلَكَ، وَلَا تَكُونُ لِلْخُرُوجِ عَنْ هَذِهِ الْحَالَةِ وَسِيلَةٌ أُخْرَى، كَحَالَةِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ الشَّدِيدَيْنِ. (1)</p>فَفِي هَذِهِ الْحَالَاتِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا - بَل يَجِبُ عِنْدَ الأَْكْثَرِ - أَكْل مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالأَْمْوَال الْمُحَرَّمَةِ، بِشَرْطِ أَلَاّ يُسْرِفَ الآْكِل وَالشَّارِبُ، وَلَا يَتَجَاوَزُ الْحُدُودَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُقَرَّرَةَ الَّتِي سَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا.</p>وَتَتَّفِقُ حَالَةُ الإِْكْرَاهِ مَعَ حَالَةِ الاِضْطِرَارِ فِي الْحُكْمِ، وَلَكِنَّهُمَا تَخْتَلِفَانِ فِي سَبَبِ الْفِعْل، فَفِي الإِْكْرَاهِ يَدْفَعُ الْمُكْرَهَ إِلَى إِتْيَانِ الْفِعْل الْمُحَرَّمِ شَخْصٌ آخَرُ وَيُجْبِرُهُ عَلَى الْعَمَل، أَمَّا فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ فَيُوجَدُ الْفَاعِل فِي ظُرُوفٍ تَقْتَضِي الْخُرُوجَ مِنْهَا، أَنْ يَرْتَكِبَ الْفِعْل الْمُحَرَّمَ لِيُنْجِيَ نَفْسَهُ. وَبِهَذَا نَكْتَفِي بِذِكْرِ حُكْمِ الإِْسْرَافِ فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ فَقَطْ. 19 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُضْطَرَّ يَجُوزُ لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِالْمُحَرَّمِ، وَلَوْ كَانَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ أَوْ مَال الْغَيْرِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} (2) لَكِنَّ الأَْكْل وَالشُّرْبَ مِنَ الْمُحَرَّمِ حَال الاِضْطِرَارِ مَحْدُودٌ بِحُدُودٍ لَا يَجُوزُ التَّجَاوُزُ عَنْهَا وَالإِْسْرَافُ فِيهَا، وَإِلَاّ يُعْتَبَرُ مُسِيئًا وَآثِمًا.</p>وَالْجُمْهُورُ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مِقْدَارَ مَا يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحموي على الأشباه ص 108، والشرح الكبير للدردير 2 / 115، والقليوبي 4 / 262، والمغني 8 / 595، 596.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 173.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حالة الاضطرار: أن يبلغ الإنسان حدا إن لم يتناول الممنوع يهلك، ويشترط فيه أن يكون خوف الموت قائما في الحال، وألا يكون لدفعه وسيلة أخرى. اللجنة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٠)</span><hr/></div>أَكْلُهُ أَوْ شُرْبُهُ مِنَ الْمُحَرَّمِ هُوَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ، فَمَنْ زَادَ عَنْ هَذَا الْمِقْدَارِ يُعْتَبَرُ مُجَاوِزًا لِلْحَدِّ. (1) فَلَا يَجُوزُ لَهُ الأَْكْل إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ وَالتَّزَوُّدِ بِالْمُحَرَّمِ، لأَِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى قَيَّدَ جَوَازَ الاِنْتِفَاعِ بِالْمُحَرَّمِ فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ بِقَوْلِهِ:{غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} ، وَالْمُرَادُ أَلَاّ يَكُونَ الْمُضْطَرُّ بَاغِيًا فِي أَكْل الْمُحَرَّمِ تَلَذُّذًا، وَلَا مُتَعَدِّيًا بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، فَيَكُونُ مُسْرِفًا فِي الأَْكْل إِذَا تَنَاوَل مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْسِكُ الرَّمَقَ، فَمَتَى أَكَل بِمِقْدَارِ مَا يَزُول عَنْهُ الْخَوْفُ مِنَ الضَّرَرِ فِي الْحَال فَقَدْ زَالَتِ الضَّرُورَةُ، وَلَا اعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ لِسَدِّ الْجَوْعَةِ، لأَِنَّ الْجُوعَ فِي الاِبْتِلَاءِ لَا يُبِيحُ أَكْل الْمَيْتَةِ إِذَا لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا يَتْرُكُهُ (2)</p>وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُل مِنَ الْمَيْتَةِ إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا، لأَِنَّ مَا جَازَ سَدُّ الرَّمَقِ بِهِ جَازَ الشِّبَعُ مِنْهُ كَالْمُبَاحِ، بَل الْمَالِكِيَّةُ جَوَّزُوا التَّزَوُّدَ مِنَ الْمَيْتَةِ، وَقَالُوا: إِنَّهُ يَأْكُل مِنْهَا حَتَّى يَشْبَعَ، وَيَتَزَوَّدُ مِنْهَا، فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا، لأَِنَّ الْمُضْطَرَّ لَيْسَ مِمَّنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الْمَيْتَةُ، فَإِذَا كَانَتْ حَلَالاً لَهُ الأَْكْل مِنْهَا مَا شَاءَ، حَتَّى يَجِدَ غَيْرَهَا فَتَحْرُمَ عَلَيْهِ، (3) وَجَوَازُ التَّزَوُّدِ لِلْمُضْطَرِّ مِنْ لَحْمِ الْمَيْتَةِ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (4) وَعَلَى ذَلِكَ فَالأَْكْل إِلَى حَدِّ الشِّبَعِ لَا يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا عِنْدَ هَؤُلَاءِ، كَمَا أَنَّ التَّزَوُّدَ مِنَ الْمَيْتَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 215، وأسنى المطالب 1 / 570، والشرح الكبير للدردير 2 / 115، والمغني 8 / 596.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير الأحكام للجصاص 1 / 149 - 151، وابن عابدين 5 / 215، ونهاية المحتاج 8 / 152، والمغني 8 / 595.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التاج والإكليل 3 / 233، والقليوبي 4 / 263، والمغني 5 / 595.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 8 / 597.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>لَا يُعَدُّ إِسْرَافًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (1)</p>وَلِتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ ر:(اضْطِرَار) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْرَافُ فِي الْعُقُوبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الأَْصْل فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ بِقَدْرِ الْجَرِيمَةِ، قَال سبحانه وتعالى:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (2) وَقَال سُبْحَانَهُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (3) فَلَا تَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ وَالإِْسْرَافُ قَطْعًا، لأَِنَّ الزِّيَادَةَ تُعْتَبَرُ تَعَدِّيًا مَنْهِيًّا عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (4)</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الْقِصَاصِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَبْنَى الْقِصَاصِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الإِْسْرَافُ وَالزِّيَادَةُ. قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَنْ قُتِل مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْل إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (5) قَال الْمُفَسِّرُونَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآْيَةِ: لَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْل أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ فِيهِ، فَلَا يُقْتَل غَيْرُ قَاتِلِهِ، وَلَا يُمَثَّل بِالْقَاتِل كَعَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، لأَِنَّهُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 36، والهندية 5 / 338، ومواهب الجليل 3 / 234، وأسنى المطالب 1 / 573، والمغني 11 / 78.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النحل / 126.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 194.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 190.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة الإسراء / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩١)</span><hr/></div>كَانُوا إِذَا قُتِل مِنْهُمْ وَاحِدٌ قَتَلُوا بِهِ جَمَاعَةً، وَإِذَا قَتَل مَنْ لَيْسَ شَرِيفًا لَمْ يَقْتُلُوهُ، وَقَتَلُوا بِهِ شَرِيفًا مِنْ قَوْمِهِ، فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ. (1)</p><font color=#ff0000>22 -</font> وَصَرَّحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى حَامِلٍ لَمْ تُقْتَل حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَإِذَا وَضَعَتْ لَمْ تُقْتَل حَتَّى تَسْقِيَ وَلَدَهَا اللِّبَأَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَنْ يُرْضِعُهُ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهَا حَتَّى يَجِيءَ أَوَانُ فِطَامِهِ، لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: إِذَا قَتَلَتِ الْمَرْأَةُ عَمْدًا لَمْ تُقْتَل حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلاً، وَحَتَّى تُكْفِل وَلَدَهَا (2) . وَلأَِنَّ فِي قَتْل الْحَامِل قَتْلاً لِوَلَدِهَا، فَيَكُونُ إِسْرَافًا فِي الْقَتْل، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَال:{فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْل} ، وَلأَِنَّ فِي الْقِصَاصِ مِنَ الْحَامِل قَتْلاً لِغَيْرِ الْجَانِي وَهُوَ مُحَرَّمٌ (3) ، إِذْ {لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (4) .</p><font color=#ff0000>23 -</font> وَنَشْتَرِطُ الْمُمَاثَلَةَ فِي قِصَاصِ الأَْعْضَاءِ فِي الْمَحَل وَالْمِقْدَارِ وَالصِّفَةِ، بِأَلَاّ يَكُونَ الْعُضْوُ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ أَحْسَنَ حَالاً مِنَ الْعُضْوِ التَّالِفِ، وَإِلَاّ يُعْتَبَرُ إِسْرَافًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القرطبي 10 / 255، وتفسير الرازي 20 / 203، والألوسي 15 / 69، وتفسير الكشاف 20 / 448، وابن كثير 3 / 39.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إذا قتلت المرأة. . . . " أخرجه ابن ماجه من حديث معاذ بن جبل وأبي عبيدة بن الجراح وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس مرفوعا بلفظ: " المرأة إذا قتلت عمدا لا تقتل حتى تضع ما في بطنها إن كانت حاملا، وحتى تكفل ولدها. وإن زنت لم ترجم حتى تضع ما في بطنها، وحتى تكفل ولدها " قال الحافظ البوصيري في الزوائد: في إسناده ابن أنعم، اسمه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ضعيف، وكذلك الراوي عنه عبد الله بن لهيعة (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 895 ط</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 7 / 59، ونهاية المحتاج 7 / 288، ومواهب الجليل 6 / 253، والمغني 7 / 731 - 732.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الأنعام / 164.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>مَنْهِيًّا عَنْهُ، فَلَا تُؤْخَذُ يَدٌ صَحِيحَةٌ بِيَدٍ شَلَاّءَ، وَلَا رِجْلٌ صَحِيحَةٌ بِرِجْلٍ شَلَاّءَ، وَلَا تُؤْخَذُ يَدٌ كَامِلَةٌ بِيَدٍ نَاقِصَةٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ فَوْقَ حَقِّهِ، وَلَوْ وَجَبَ لَهُ قِصَاصٌ فِي أُنْمُلَةٍ فَقَطَعَ أُنْمُلَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ عَامِدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الزِّيَادَةِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (1)</p><font color=#ff0000>24 -</font> وَلِكَيْ يُؤْمَنُ الإِْسْرَافُ وَالتَّعَدِّي، صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ أَنَّهُ لَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إِلَاّ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ، لأَِنَّهُ يُفْتَقَرُ إِلَى اجْتِهَادِهِ، وَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ مَعَ قَصْدِ التَّشَفِّي، وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الأَْمْرِ تَفَقُّدُ آلَةِ الاِسْتِيفَاءِ، وَالأَْمْرُ بِضَبْطِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فِي غَيْرِ النَّفْسِ، حَذَرًا مِنَ الزِّيَادَةِ وَاضْطِرَابِهِ، وَإِذَا سَلَّمَ الْحَاكِمُ الْقَاتِل لِوَلِيِّ الدَّمِ لِيَقْتُلَهُ نَهَى الْحَاكِمُ الْوَلِيَّ عَنِ التَّمْثِيل بِالْقَاتِل وَالتَّشْدِيدِ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ. (2)</p>وَفِي قِصَاصِ الأَْطْرَافِ يُشْتَرَطُ إِمْكَانُ الاِسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا زِيَادَةٍ، بِأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ مِنْ مَوْضِعِ الْقَطْعِ، حَذَرًا مِنَ الإِْسْرَافِ. (3)</p>وَلأَِنَّ الْجَرْحَ الَّذِي يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ وَلَا زِيَادَةٍ هُوَ كُل جُرْحٍ يَنْتَهِي إِلَى عَظْمٍ كَالْمُوضِحَةِ، اتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 182، 188، ومواهب الجليل 6 / 246، والشرح الصغير 4 / 348، والمغني 7 / 707، 724، وابن عابدين 5 / 53، والبدائع 7 / 298، والبحر الرائق 8 / 306، 308.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 5 / 535 - 537، والمغني 7 / 707، وشرح منح الجليل 4 / 383، ونهاية المحتاج 7 / 286، والاختيار 5 / 42.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٢)</span><hr/></div>فِيهَا الْقِصَاصَ، وَاتَّفَقُوا كَذَلِكَ عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ فِيمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ لأَِنَّهُ يَعْظُمُ فِيهِ الْخَطَرُ، أَمَّا فِي غَيْرِهَا مِنَ الْجُرُوحِ فَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، لاِحْتِمَال الزِّيَادَةِ وَالْحَيْفِ خَوْفًا مِنَ الإِْسْرَافِ، وَلَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ عَمْدًا فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ لِتَعَمُّدِهِ (1)، كَمَا نَصُّوا عَلَى ذَلِكَ.</p>وَتَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاص) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي الْحُدُودِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> الْحَدُّ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ وَاجِبَةٌ حَقًّا لِلَّهِ. وَالْمُرَادُ بِالْعُقُوبَةِ الْمُقَدَّرَةِ: أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ وَمُحَدَّدَةٌ لَا تَقْبَل الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، فَحَدُّ مَنْ سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ (2) أَوْ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَاحِدٌ. وَمَعْنَى أَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهَا لَا تَقْبَل الْعَفْوَ وَالإِْسْقَاطَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِبْدَال عُقُوبَةٍ أُخْرَى بِهَا، لأَِنَّهَا ثَبَتَتْ بِالأَْدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا التَّعَدِّي وَالإِْسْرَافِ، وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (3)</p>وَلِهَذَا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْحَامِل، لأَِنَّ فِيهِ هَلَاكُ الْجَنِينِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذَا إِسْرَافٌ بِلَا شَكٍّ. (4) وَيُشْتَرَطُ فِي الْحُدُودِ الَّتِي عُقُوبَتُهَا الْجَلْدُ، كَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالزِّنَى فِي حَالَةِ عَدَمِ الإِْحْصَانِ أَلَاّ يَكُونَ فِي الْجَلْدِ خَوْفُ الْهَلَاكِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 7 / 286، والاختيار 5 / 42، والمغني 7 / 703، 704، ومواهب الجليل 6 / 246.</p><font color=#ff0000>(2)</font> عند الحنفية أقل ما يقطع به عشرة دراهم.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 7 / 33، ومواهب الجليل 6 / 318، والإقناع 4 / 244، والمغني 8 / 311، 312، والأحكام السلطانية للماوردي ص 194.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 7 / 59، ومواهب الجليل 6 / 319، والمغني 8 / 317، والدسوقي 4 / 322.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>لأَِنَّ هَذَا الْحَدَّ شُرِعَ زَاجِرًا لَا مُهْلِكًا، وَيَكُونُ الضَّرْبُ وَسَطًا، لَا مُبَرِّحًا وَلَا خَفِيفًا، وَلَا يُجْمَعُ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ، وَيَتَّقِي الْمَقَاتِل، وَهِيَ الرَّأْسُ وَالْوَجْهُ وَالْفَرْجُ، لِمَا فِيهَا مِنْ خَوْفِ الْهَلَاكِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَلَاّدُ عَاقِلاً بَصِيرًا بِأَمْرِ الضَّرْبِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ لِلتَّحَرُّزِ عَنِ التَّعَدِّي وَالإِْسْرَافِ. (1)</p>فَإِنْ أَتَى بِالْحَدِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَإِسْرَافٍ لَا يَضْمَنُ مَنْ تَلِفَ بِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: إِنَّ إِقَامَةَ الْحَدِّ غَيْرُ مَشْرُوطَةٍ بِالسَّلَامَةِ، أَمَّا إِذَا أَسْرَفَ وَزَادَ عَلَى الْحَدِّ فَتَلِفَ الْمَحْدُودُ وَجَبَ الضَّمَانُ بِالاِتِّفَاقِ. (2)</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل هَذِهِ الْمَسَائِل فِي مَوَاضِعِهَا.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الإِْسْرَافُ فِي التَّعْزِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> التَّعْزِيرُ هُوَ: التَّأْدِيبُ عَلَى ذُنُوبٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا حَدٌّ وَلَا كَفَّارَةٌ. وَهُوَ عُقُوبَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْجِنَايَةِ وَأَحْوَال النَّاسِ، فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ، وَمِقْدَارِ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ الْجَانِي، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْزَجِرُ بِالْيَسِيرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَنْزَجِرُ إِلَاّ بِالْكَثِيرِ (3) ، وَلِهَذَا قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ فِي الضَّرْبِ لِلتَّأْدِيبِ أَلَاّ يَكُونَ مُبَرِّحًا، وَلَا يَكُونَ عَلَى الْوَجْهِ، وَلَا عَلَى الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفَةِ، وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ تَأْدِيبًا، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الصَّلَاحُ لَا غَيْرُ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 59، والمغني 8 / 311 - 315، والحطاب 6 / 319، وقليوبي 4 / 183، 204، 205.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 311، 312، ومواهب الجليل 6 / 297، والقليوبي 4 / 209، والبدائع 7 / 304، 305.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الزيلعي 3 / 204، ومواهب الجليل 6 / 319، والقليوبي 4 / 205، وابن عابدين 3 / 177، والبدائع 7 / 63، والمغني 8 / 324، والإقناع 4 / 268.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٣)</span><hr/></div>ظَنِّهِ أَنَّ الضَّرْبَ لَا يُفِيدُ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا لَمْ يَجُزِ التَّعْزِيرُ بِالضَّرْبِ، وَإِلَاّ كَانَ ضَامِنًا بِلَا خِلَافٍ، لأَِنَّ الضَّرْبَ غَيْرُ الْمُعْتَادِ، وَاَلَّذِي لَا يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ أَدَبًا، تَعَدٍّ وَإِسْرَافٌ فَيُوجِبُ الضَّمَانَ. (1)</p><font color=#ff0000>27 -</font> أَمَّا إِذَا ضَرَبَ لِلتَّأْدِيبِ عَلَى النَّحْوِ الْمَشْرُوعِ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ - كَمَا فَسَّرَهُ الرَّمْلِيُّ - بِأَنْ يَكُونَ الضَّرْبُ مُعْتَادًا كَمًّا وَكَيْفًا وَمَحَلًّا - كَمَا عَبَّرَ الطَّحْطَاوِيُّ - فَتَلِفَ، كَضَرْبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ لِنُشُوزِهَا، فَتَلِفَتْ مِنَ التَّأْدِيبِ الْمَشْرُوعِ، لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَيَضْمَنُ عَنِ التَّلَفِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ مُعْتَادًا، لأَِنَّ التَّأْدِيبَ حَقٌّ، وَاسْتِعْمَال الْحَقِّ يُقَيَّدُ بِالسَّلَامَةِ عِنْدَهُمَا، وَلَا يُقَيَّدُ بِهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مَوْضِعِهَا. (2)</p>وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ (مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الأَْصَحِّ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ) عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ الْجَلْدِ فِي التَّعْزِيرِ لَا تَتَجَاوَزُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سَوْطًا، لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ. (3) لأَِنَّ الأَْرْبَعِينَ حَدٌّ كَامِلٌ لِلرَّقِيقِ، فَإِذَا نَقَصَتْ سَوْطًا أَصْبَحَ الْحَدُّ الأَْعْلَى لِلتَّعْزِيرِ تِسْعَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 8 / 327، وأسنى المطالب 3 / 239، ومواهب الجليل 4 / 15، 16، والطحطاوي 4 / 375، والأم 6 / 176.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة، ونهاية المحتاج 8 / 28، ومنح الجليل 4 / 556، والأشباه لابن نجيم ص 289.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين " أخرجه البيهقي من حديث النعمان بن بشير، وقال: والمحفوظ هذا الحديث مرسل (السنن الكبرى للبيهقي 8 / 327 ط الهند، وفيض القدير 6 / 95 نشر المكتبة التجارية 1357 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>وَثَلَاثِينَ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ هَذَا فِيمَا يَكُونُ فِي جِنْسِهِ حَدٌّ. (1)</p>وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ نَقْلاً عَنِ الْقَاضِي: إِنَّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. (2) وَيُفَوَّضُ مِقْدَارُهُ مُطْلَقًا - وَإِنْ زَائِدًا عَلَى الْحَدِّ - لِلْحَاكِمِ بِشَرْطِ أَلَاّ يَتَجَاوَزَ عَمَّا يَكْفِي لِزَجْرِ الْجَانِي عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. (3)</p>وَلَيْسَ لأَِقَل التَّعْزِيرِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، فَلَوْ رَأَى الْقَاضِي أَنَّهُ يَنْزَجِرُ بِسَوْطٍ وَاحِدٍ اكْتَفَى بِهِ، فَلَا يَجُوزُ الإِْسْرَافُ وَالزِّيَادَةُ فِي التَّعْزِيرِ عَلَى مِقْدَارِ مَا يَنْزَجِرُ بِهِ الْمُجْرِمُ فِي الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَجْرُ عَلَى الْمُسْرِفِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> الْمُسْرِفُ فِي الأَْمْوَال يُعْتَبَرُ سَفِيهًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ يُبَذِّرُ الأَْمْوَال وَيُضَيِّعُهَا عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ وَالْعَقْل، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى السَّفَهِ عِنْدَهُمْ.</p>وَلِهَذَا جَرَى عَلَى لِسَانِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ السَّفَهَ هُوَ التَّبْذِيرُ، وَالسَّفِيهُ هُوَ الْمُبَذِّرُ. (5)</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَالإِْسْرَافُ النَّاشِئُ عَنِ السَّفَهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 177، ونهاية المحتاج 8 / 20، والمغني 8 / 324، والقليوبي 4 / 206.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 325، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 235.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الحطاب 6 / 319.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 3 / 178، 179، والحطاب 6 / 319، والقليوبي 4 / 205، 206، ونهاية المحتاج 8 / 20، 28، والمغني 8 / 325.</p><font color=#ff0000>(5)</font> بلغة السالك 3 / 393، وأسنى المطالب 2 / 205، وانظر ابن عابدين 5 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٤)</span><hr/></div>سَبَبٌ لِلْحَجْرِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ رَأْيُ الصَّاحِبَيْنِ: أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَهُمْ خِلَافًا لأَِبِي حَنِيفَةَ، فَلَا يُحْجَرُ عَلَى الْمُكَلَّفِ لِسَبَبِ السَّفَهِ وَالتَّبْذِيرِ.</p>وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (حَجْر) . (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْرَى</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الأَْسْرَى جَمْعُ أَسِيرٍ، وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى أُسَارَى وَأَسَارَى. وَالأَْسِيرُ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنَ الإِْسَارِ، وَهُوَ الْقَيْدُ، لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَشُدُّونَهُ بِالْقَيْدِ. فَسُمِّيَ كُل أَخِيذٍ أَسِيرًا وَإِنْ لَمْ يُشَدَّ بِهِ. وَكُل مَحْبُوسٍ فِي قَيْدٍ أَوْ سِجْنٍ أَسِيرٌ. قَال مُجَاهِدٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (2) الأَْسِيرُ: الْمَسْجُونُ. (3)</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَفِي الاِصْطِلَاحِ: عَرَّفَ الْمَاوَرْدِيُّ الأَْسْرَى بِأَنَّهُمُ: الرِّجَال الْمُقَاتِلُونَ مِنَ الْكُفَّارِ، إِذَا ظَفِرَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ أَحْيَاءً. (4) وَهُوَ تَعْرِيفٌ أَغْلَبِيٌّ، لاِخْتِصَاصِهِ بِأَسْرَى الْحَرْبِيِّينَ عِنْدَ الْقِتَال، لأَِنَّهُ بِتَتَبُّعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بلغة السالك 3 / 381، والقليوبي 2 / 301، وشرح روض الطالب 2 / 206، والمغني 4 / 505، وابن عابدين 5 / 10.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الإنسان / 8.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، والصحاح، والقاموس باب الراء فصل الألف.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأحكام السلطانية ص 131 ط أولى سنة 1380 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>اسْتِعْمَالَاتِ الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَهُ عَلَى كُل مَنْ يُظْفَرُ بِهِمْ مِنَ الْمُقَاتِلِينَ وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، وَيُؤْخَذُونَ أَثْنَاءَ الْحَرْبِ أَوْ فِي نِهَايَتِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ فِعْلِيَّةٍ، مَا دَامَ الْعَدَاءُ قَائِمًا وَالْحَرْبُ مُحْتَمَلَةٌ.</p>مِنْ ذَلِكَ قَوْل ابْنِ تَيْمِيَّةَ: أَوْجَبَتِ الشَّرِيعَةُ قِتَال الْكُفَّارِ، وَلَمْ تُوجِبْ قَتْل الْمَقْدُورِ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ، بَل إِذَا أُسِرَ الرَّجُل مِنْهُمْ فِي الْقِتَال أَوْ غَيْرِ الْقِتَال، مِثْل أَنْ تُلْقِيَهُ السَّفِينَةُ إِلَيْنَا، أَوْ يَضِل الطَّرِيقَ، أَوْ يُؤْخَذَ بِحِيلَةٍ فَإِنَّهُ يَفْعَل بِهِ الإِْمَامُ الأَْصْلَحَ. وَفِي الْمُغْنِي: هُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَقِيل: يَكُونُ فَيْئًا. (1)</p>وَيُطْلِقُ الْفُقَهَاءُ لَفْظَ الأَْسِيرِ أَيْضًا عَلَى: مَنْ يَظْفَرُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ إِذَا دَخَلُوا دَارَ الإِْسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ (2)، وَعَلَى مَنْ يَظْفَرُونَ بِهِ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ عِنْدَ مُقَاتَلَتِهِمْ لَنَا. يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ. (3)</p>كَمَا يُطْلِقُونَ لَفْظَ الأَْسِيرِ عَلَى: الْمُسْلِمِ الَّذِي ظَفِرَ بِهِ الْعَدُوُّ. يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: وَجَبَ عَلَى الإِْمَامِ أَنْ يَفُكَّ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَيْتِ الْمَال. . . وَيَقُول: وَإِذَا كَانَ الْحِصْنُ فِيهِ أُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَطْفَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (4) . . . إِلَخْ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية ص 193 ط الثانية 1951، والمغني 10 / 441 ط أولى مطبعة المنار.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 109.</p><font color=#ff0000>(3)</font> السياسة الشرعية لابن تيمية ص 92 ط الثانية، وبداية المجتهد لابن رشد 2 / 458 ط الثالثة مصطفى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق مطبوع بهامش مواهب الجليل 3 / 387 ط دار الكتاب اللبناني بيروت، والمهذب 2 / 260 ط عيسى الحلبي، وبداية المجتهد 1 / 385، 388.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الرَّهِينَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الرَّهِينَةُ: وَاحِدَةُ الرَّهَائِنِ وَهِيَ كُل مَا اُحْتُبِسَ بِشَيْءٍ، وَالأَْسِيرُ وَالرَّهِينَةُ كِلَاهُمَا مُحْتَبَسٌ، إِلَاّ أَنَّ الأَْسِيرَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ إِنْسَانًا (1)، وَاحْتِبَاسُهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِل حَقٍّ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْحَبْسُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْحَبْسُ: ضِدُّ التَّخْلِيَةِ، وَالْمَحْبُوسُ: الْمُمْسَكُ عَنِ التَّوَجُّهِ حَيْثُ يَشَاءُ، فَالْحَبْسُ أَعَمُّ مِنَ الأَْسْرِ (2) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ السَّبْيُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> السَّبْيُ وَالسَّبَاءُ: الأَْسْرُ، فَالسَّبْيُ أَخْذُ النَّاسِ عَبِيدًا وَإِمَاءً (3) ، وَالْفُقَهَاءُ يُطْلِقُونَ لَفْظَ السَّبْيِ عَلَى مَنْ يَظْفَرُ بِهِ الْمُسْلِمُونَ حَيًّا مِنْ نِسَاءِ أَهْل الْحَرْبِ وَأَطْفَالِهِمْ. وَيُخَصِّصُونَ لَفْظَ الأَْسْرَى - عِنْدَ مُقَابَلَتِهِ بِلَفْظِ السَّبَايَا - بِالرِّجَال الْمُقَاتِلِينَ، إِذَا ظَفِرَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمْ أَحْيَاءً. (4)</p>‌<span class="title">‌صِفَةُ الأَْسْرِ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الأَْسْرُ مَشْرُوعٌ، وَيَدُل عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا قَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كتب اللغة باب النون فصل الراء.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والصحاح، والقاموس باب السين فصل الحاء.</p><font color=#ff0000>(3)</font> اللسان، والصحاح، والقاموس مادة (سبى) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 7 / 117، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 127، والسيرة الحلبية 2 / 70.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} (1) وَلَا يَتَنَافَى ذَلِكَ مَعَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَْرْضِ} (2) لأَِنَّهَا لَمْ تَرِدْ فِي مَنْعِ الأَْسْرِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا جَاءَتْ فِي الْحَثِّ عَلَى الْقِتَال، وَأَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ أَسْرَى قَبْل الإِْثْخَانِ فِي الأَْرْضِ، أَيِ الْمُبَالَغَةِ فِي قَتْل الْكُفَّارِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحِكْمَةُ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الأَْسْرِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> هِيَ كَسْرُ شَوْكَةِ الْعَدُوِّ، وَدَفْعُ شَرِّهِ، وَإِبْعَادُهُ عَنْ سَاحَةِ الْقِتَال، لِمَنْعِ فَاعِلِيَّتِهِ وَأَذَاهُ، وَلِيُمْكِنَ افْتِكَاكُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ بِهِ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ يَجُوزُ أَسْرُهُمْ وَمَنْ لَا يَجُوزُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَجُوزُ أَسْرُ كُل مَنْ وَقَعَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ، صَبِيًّا كَانَ أَوْ شَابًّا أَوْ شَيْخًا أَوِ امْرَأَةً، الأَْصِحَّاءِ مِنْهُمْ وَالْمَرْضَى، إِلَاّ مَنْ لَا يُخْشَى مِنْ تَرْكِهِ ضَرَرٌ وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَسْرُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ.</p>فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ مُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يُؤْسَرُ مَنْ لَا ضَرَرَ مِنْهُمْ، وَلَا فَائِدَةَ فِي أَسْرِهِمْ، كَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالزَّمِنِ وَالأَْعْمَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة محمد / 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنفال / 67.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8 / 47 و 72 و 16 / 226 ط دار الكتب المصرية.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المبسوط للسرخسي 10 / 64 مطبعة السعادة بالقاهرة، والمهذب 2 / 33 ط عيسى الحلبي، والمغني 10 / 403 الطبعة الأولى مطبعة المنار، والإنصاف 4 / 129 طبعة أولى.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٦)</span><hr/></div>وَالرَّاهِبِ إِذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا رَأْيَ لَهُمْ. (1)</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ كُل مَنْ لَا يَقْتُل يَجُوزُ أَسْرُهُ، إِلَاّ الرَّاهِبَ وَالرَّاهِبَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا رَأْيٌ فَإِنَّهُمَا لَا يُؤْسَرَانِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنَ الْمَعْتُوهِ وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالزَّمِنِ وَالأَْعْمَى فَإِنَّهُمْ وَإِنْ حَرُمَ قَتْلُهُمْ يَجُزْ أَسْرُهُمْ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَمِنْ غَيْرِ أَسْرٍ. (2)</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَسْرُ الْجَمِيعِ دُونَ اسْتِثْنَاءٍ. (3)</p><font color=#ff0000>9 -</font> وَلَا يَجُوزُ أَسْرُ أَحَدٍ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِذَا كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهَا عَهْدُ مُوَادَعَةٍ، لأَِنَّ عَقْدَ الْمُوَادَعَةِ أَفَادَ الأَْمَانَ، وَبِالأَْمَانِ لَا تَصِيرُ الدَّارُ مُسْتَبَاحَةً، وَحَتَّى لَوْ خَرَجَ قَوْمٌ مِنَ الْمُوَادِعِينَ إِلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُوَادَعَةٌ، فَغَزَا الْمُسْلِمُونَ تِلْكَ الْبَلْدَةَ، فَهَؤُلَاءِ آمِنُونَ، لَا سَبِيل لأَِحَدٍ عَلَيْهِمْ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني والشرح الكبير 10 / 404، 409 ط أولى مطبعة المنار 1348 هـ، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد 4 / 133 ط أولى 1375 هـ، وبدائع الصنائع 7 / 102، 119 ط أولى 1328 هـ، والمبسوط 10 / 24، 64، 137 ط مطبعة السعادة بمصر، والهداية والفتح 4 / 290، 292، 305 ط أولى بولاق بمصر 1316 هـ، وتبيين الحقائق 3 / 244، 245 ط أولى بولاق 1313 هـ، وحاشية ابن عابدين 3 / 224، والسير الكبير لمحمد بن الحسن 2 / 261، 3 / 284.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 177 ط دار الفكر، والتاج والإكليل للمواق 3 / 351 ط دار الكتاب اللبناني، وبداية المجتهد لابن رشد 1 / 382، 384 ط مصطفى الحلبي 1379 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 8 / 61 ط مصطفى الحلبي 1357 هـ، والمهذب 2 / 233 ط عيسى الحلبي، وحاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 194 ط دار إحياء التراث العربي، وتحفة المحتاج بشرح المنهاج لابن حجر الهيثمي وحاشية الشرواني 8 / 33 ط أولى، والوجيز 2 / 189 ط 1317 هـ بمصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>لأَِنَّ عَقْدَ الْمُوَادَعَةِ أَفَادَ الأَْمَانَ لَهُمْ، فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْخُرُوجِ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ. وَكَذَا لَوْ دَخَل فِي دَارِ الْمُوَادَعَةِ رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ دَارِهِمْ بِأَمَانٍ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ، فَهُوَ آمِنٌ لَا يَجُوزُ أَسْرُهُ، لأَِنَّهُ لَمَّا دَخَل دَارَ الْمُوَادَعِينَ بِأَمَانِهِمْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وُجِدَ الْحَرْبِيُّ بِدَارِ الإِْسْلَامِ بِأَمَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَسْرُهُ، وَمَا لَوْ أَخَذَ الْحَرْبِيُّ الأَْمَانَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ فِي حِصْنِ الْحَرْبِيِّينَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْسِيرُ فِي يَدِ آسِرِهِ وَمَدَى سُلْطَانِهِ عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الأَْسِيرُ فِي ذِمَّةِ آسِرِهِ لَا يَدَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَا حَقَّ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ، إِذْ الْحَقُّ لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ مَوْكُولٌ لِلإِْمَامِ، وَعَلَيْهِ بَعْدَ الأَْسْرِ أَنْ يَقُودَهُ إِلَى الأَْمِيرِ لِيَقْضِيَ فِيهِ بِمَا يَرَى، وَلِلآْسِرِ أَنْ يَشُدَّ وَثَاقَهُ (2) إِنْ خَافَ انْفِلَاتَهُ، أَوْ لَمْ يَأْمَنْ شَرَّهُ، كَمَا يَجُوزُ عَصْبُ عَيْنَيْهِ أَثْنَاءَ نَقْلِهِ لِمَنْعِهِ مِنَ الْهَرَبِ.</p>فَمِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ أَنْ يَمْنَعَ الأَْسِيرَ مِنَ الْهَرَبِ، وَإِذَا لَمْ يَجِدْ فُرْصَةً لِمَنْعِهِ إِلَاّ قَتْلَهُ فَلَا بَأْسَ، وَقَدْ فَعَل هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ. (3)</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (4) عَلَى أَنَّ الأَْسِيرَ إِذَا صَارَ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 109، وشرح السير الكبير 1 / 366، 369 ط مطبعة مصر سنة 1957 م.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأم للشافعي 8 / 449 ط شركة الطباعة الفنية بمصر، والمبسوط 10 / 25.</p><font color=#ff0000>(3)</font> السير الكبير 3 / 1328، والمغني 10 / 407.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح السير الكبير 2 / 651، 690 وما بعدهما، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 187، والمهذب 2 / 238، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 5 / 14 مطبعة صبيح سنة 1384 هـ، والمغني 10 / 423 ط أولى المنار.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٧)</span><hr/></div>يَدِ الإِْمَامِ فَلَا اسْتِحْقَاقَ لِلآْسِرِ فِيهِ إِلَاّ بِتَنْفِيل الإِْمَامِ، لَا بِنَفْسِ الأَْسْرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُنَادِيَ فِي الْعَسْكَرِ: مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ أَسِيرًا فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ قَال ذَلِكَ فَأَعْتَقَ الرَّجُل أَسِيرَهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ. وَلَوْ أَصَابَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ، لأَِنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الاِسْتِحْقَاقُ لَهُمْ بِالإِْصَابَةِ صَارَ الأَْسِيرُ مَمْلُوكًا لآِسِرِهِ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً. بَل قَالُوا: لَوْ قَال الأَْمِيرُ: مَنْ قَتَل قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ. فَأَسَرَ الْعَسْكَرُ بَعْضَ الأَْسْرَى، ثُمَّ قَتَل أَحَدُ الأُْسَرَاءِ رَجُلاً مِنَ الْعَدُوِّ، كَانَ السَّلَبُ مِنَ الْغَنِيمَةِ، إِنْ لَمْ يُقَسِّمِ الأَْمِيرُ الأُْسَرَاءَ، وَإِنْ كَانَ قَسَمَهُمْ أَوْ بَاعَهُمْ فَالسَّلَبُ لِمَوْلَى الأَْسِيرِ الْقَاتِل.</p>وَقَدْ فَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ مَنْ أَسَرَ أَسِيرًا أَثْنَاءَ الْقِتَال مُسْتَنِدًا إِلَى قُوَّةِ الْجَيْشِ، وَبَيْنَ مَنْ أَسَرَ أَسِيرًا مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ، وَقَالُوا: إِنْ كَانَ الآْسِرُ مِنَ الْجَيْشِ، أَوْ مُسْتَنِدًا لَهُ خُمُسٌ كَسَائِرِ الْغَنِيمَةِ، وَإِلَاّ اخْتَصَّ بِهِ الآْسِرُ.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ قَتْل الآْسِرِ أَسِيرَهُ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْغُزَاةِ أَنْ يَقْتُل أَسِيرَهُ بِنَفْسِهِ، إِذِ الأَْمْرُ فِيهِ بَعْدَ الأَْسْرِ مُفَوَّضٌ لِلإِْمَامِ، فَلَا يَحِل الْقَتْل إِلَاّ بِرَأْيِ الإِْمَامِ اتِّفَاقًا، إِلَاّ إِذَا خِيفَ ضَرَرُهُ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ قَتْلُهُ قَبْل أَنْ يُؤْتَى بِهِ إِلَى الإِْمَامِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِ مَنْ أَسَرَهُ قَتْلُهُ (1)، لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا يَتَعَاطَى أَحَدُكُمْ أَسِيرَ صَاحِبِهِ فَيَقْتُلَهُ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 10 / 64، وبداية المجتهد 1 / 393 ط 1386 هـ، والمغني 10 / 407.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " لا يتعاطى أحدكم أسير صاحبه فيقتله ". أورده السرخسي في المبسوط من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا، ولم نعثر عليه فيما لدينا من مراجع السنن والآثار برواية جابر، وإنما أخرجه أحمد بن حنبل والطبراني من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعا بلفظ " لا يتعاطى أحدكم من أسير أخيه فيقتله " قال الهيثمي: وفيه إسحاق بن ثعلبة وهو ضعيف (مسند أحمد بن حنبل 5 / 18 ط الميمنية، ومجمع الزوائد 5 / 333 نشر مكتبة القدسي، والمبسوط للسرخسي 9 / 64 ط مطبعة السعادة، والفتح الرباني 14 / 104، 105 الطبعة الأولى 1370 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>فَلَوْ قَتَل رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَسِيرًا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، فَالْحَنَفِيَّةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ قَبْل الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَإِنْ كَانَ قَبْل الْقِسْمَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ مِنْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قِيمَةٍ، لأَِنَّ دَمَهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ، إِذْ لِلإِْمَامِ فِيهِ خِيَرَةُ الْقَتْل، وَمَعَ هَذَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، أَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ فَيُرَاعَى فِيهِ حُكْمُ الْقَتْل، لأَِنَّ دَمَهُ صَارَ مَعْصُومًا، فَكَانَ مَضْمُونًا بِالْقَتْل، إِلَاّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ لِقِيَامِ الشُّبْهَةِ. (1) وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ هُوَ الآْسِرُ أَوْ غَيْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ الإِْطْلَاقُ.</p>وَالْمَالِكِيَّةُ يَتَّجِهُونَ وُجْهَةَ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ نَاحِيَةِ الضَّمَانِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّفْرِقَةَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْقَتْل فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل أَنْ يَصِيرَ فِي الْمَغْنَمِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَغْنَمًا، وَيَنُصُّونَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَل مَنْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل أَنْ يَصِيرَ فِي الْمَغْنَمِ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ مَغْنَمًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ. (2)</p>وَالشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا يُلْزِمُونَ الْقَاتِل بِالضَّمَانِ، فَإِذَا كَانَ بَعْدَ اخْتِيَارِ رِقِّهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ، وَكَانَ فِي الْغَنِيمَةِ. وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْمَنِّ عَلَيْهِ لَزِمَهُ دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ قَتَلَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 121 ط الجمالية، والمبسوط 10 / 64، 137، وفتح القدير 4 / 305، والسير الكبير 3 / 1207.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منح الجليل على مختصر خليل 1 / 712، والتاج والإكليل 3 / 358، وحاشية الدسوقي 2 / 184.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٨)</span><hr/></div>بَعْدَ الْفِدَاءِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ غَنِيمَةً، إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الإِْمَامُ الْفِدَاءَ، وَإِلَاّ فَدِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ. وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الإِْمَامِ قَتْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ عُزِّرَ. (1)</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ قَتَل أَسِيرَهُ أَوْ أَسِيرَ غَيْرِهِ قَبْل الذَّهَابِ لِلإِْمَامِ أَسَاءَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌مُعَامَلَةُ الأَْسِيرِ قَبْل نَقْلِهِ لِدَارِ الإِْسْلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> مَبَادِئُ الإِْسْلَامِ تَدْعُو إِلَى الرِّفْقِ بِالأَْسْرَى، وَتَوْفِيرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِسَاءِ لَهُمْ، وَاحْتِرَامِ آدَمِيَّتِهِمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكَيْنَا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (3)، وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لأَِصْحَابِهِ فِي أَسْرَى بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَمَا احْتَرَقَ النَّهَارُ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ:(4) أَحْسِنُوا أُسَارَاهُمْ. وَقَيِّلُوهُمْ (5)، وَاسْقُوهُمْ (6) وَقَال: لَا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ وَحَرَّ السِّلَاحِ. . . (7) وَقَال الْفُقَهَاءُ: إِنْ رَأَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 197 ط الميمنية بمصر 1305 هـ، وأسنى المطالب 4 / 193 ط الميمنية 1313 هـ، والمهذب 2 / 236، وفتح الوهاب 2 / 173، وشرح البهجة 5 / 121، والإقناع 5 / 7.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 10 / 400، 401، والإنصاف 4 / 128، ومطالب أولي النهى 2 / 522.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الإنسان / 8.</p><font color=#ff0000>(4)</font> يوم صائف: أي يوم من أيام الصيف اشتدت فيه الحرارة.</p><font color=#ff0000>(5)</font> قيلوهم: أي أريحوهم بالقيلولة، وهي راحة نصف النهار عند حر الشمس.</p><font color=#ff0000>(6)</font> إمتاع الأسماع 1 / 248 ط لجنة التأليف والترجمة والنشر 1941 م.</p><font color=#ff0000>(7)</font> شرح السير الكبير 3 / 1029 مطبعة مصر 1960 م. وحديث " لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم. . . " أورده الإمام محمد بن الحسن الشيباني في السير الكبير بلفظ: قال عليه السلام في بني قريظة بعد ما احترق النهار في يوم صائف: " لا تجمعوا عليهم حر هذا اليوم وحر السلاح،</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>الإِْمَامُ قَتْل الأُْسَارَى فَيَنْبَغِي لَهُ أَلَاّ يُعَذِّبَهُمْ بِالْعَطَشِ وَالْجُوعِ، وَلَكِنَّهُ يَقْتُلُهُمْ قَتْلاً كَرِيمًا. (1)</p>وَيَجُوزُ حَبْسُ الأَْسْرَى فِي أَيِّ مَكَانٍ، لِيُؤْمَنَ مَنْعُهُمْ مِنَ الْفِرَارِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الرَّسُول حَبَسَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ (2)</p> </p>‌<span class="title">‌التَّصَرُّفُ فِي الأَْسْرَى قَبْل نَقْلِهِمْ لِدَارِ الإِْسْلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِي الْغَنَائِمِ - وَمِنْهَا الأَْسْرَى فِي دَارِ الْحَرْبِ - وَقَبْل نَقْلِهِمْ لِدَارِ الإِْسْلَامِ. قَال مَالِكٌ: الشَّأْنُ أَنْ تُقْسَمَ الْغَنَائِمُ وَتُبَاعَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ، وَرَوَى الأَْوْزَاعِيُّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ وَالْخُلَفَاءَ لَمْ يَقْسِمُوا غَنِيمَةً قَطُّ إِلَاّ فِي دَارِ الشِّرْكِ، قَال أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رضي الله عنه: خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ، وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا وَأَحْبَبْنَا الْعَزْل، فَأَرَدْنَا الْعَزْل وَقُلْنَا: نَعْزِل وَرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْل أَنْ نَسْأَلَهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَال: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَاّ وَهِيَ كَائِنَةٌ (3) فَإِنَّ سُؤَالَهُمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المرجع السابق. وانظر التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 3 / 353.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الباري 1 / 555 ط السلفية، وصحيح مسلم بشرح النووي 12 / 87.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة المصطلق. . . " أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم (فتح الباري 7 / 428، 429 ط السلفية، وصحيح مسلم بشرح النووي 10 / 9، 10 ط المطبعة المصرية بالأزهر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ١٩٩)</span><hr/></div>النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْعَزْل فِي وَطْءِ السَّبَايَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ الْغَنَائِمِ قَدْ تَمَّتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْجِيل مَسَرَّةِ الْغَانِمِينَ وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لِبَلَدِ الإِْسْلَامِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْغَانِمُونَ جَيْشًا وَأَمِنُوا مِنْ كَرِّ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ. (1)</p>وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ لِلْغَانِمَيْنِ التَّمَلُّكَ قَبْل الْقِسْمَةِ لَفْظًا، بِأَنْ يَقُول كُلٌّ بَعْدَ الْحِيَازَةِ، وَقَبْل الْقِسْمَةِ: اخْتَرْتُ مِلْكَ نَصِيبِي، فَتَمَلَّكَ بِذَلِكَ.</p>وَقِيل: يَمْلِكُونَ بِمُجَرَّدِ الْحِيَازَةِ، لِزَوَال مِلْكِ الْكُفَّارِ بِالاِسْتِيلَاءِ. وَقِيل: الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ. وَالْمُرَادُ عِنْدَ مَنْ قَال يَمْلِكُونَ بِمُجَرَّدِ الْحِيَازَةِ: الاِخْتِصَاصُ، أَيْ يَخْتَصِمُونَ. (2)</p>وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِجَوَازِ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَهُوَ قَوْل الأَْوْزَاعِيِّ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَأَبِي ثَوْرٍ لِفِعْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَلأَِنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ فِيهَا بِالْقَهْرِ وَالاِسْتِيلَاءِ. (3)</p><font color=#ff0000>15 -</font> وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تُقْسَمُ الْغَنَائِمُ إِلَاّ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، لأَِنَّ الْمِلْكَ لَا يَتِمُّ عَلَيْهَا إِلَاّ بِالاِسْتِيلَاءِ التَّامِّ، وَلَا يَحْصُل إِلَاّ بِإِحْرَازِهَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، لأَِنَّ سَبَبَ ثُبُوتِ الْحَقِّ الْقَهْرُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ، لأَِنَّهُمْ قَاهِرُونَ يَدًا مَقْهُورُونَ دَارًا، فَلَا يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَقْسِمَ الْغَنَائِمَ - وَمِنْهَا الأَْسْرَى - أَوْ يَبِيعَهَا حَتَّى يُخْرِجَهَا إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ، خَشْيَةَ تَقْلِيل الرَّغْبَةِ فِي لُحُوقِ الْمَدَدِ بِالْجَيْشِ، وَتَعَرُّضِ الْمُسْلِمِينَ لِوُقُوعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التاج والإكليل 3 / 375، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 194 ط دار الفكر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 73 ط مصطفى الحلبي 1357 هـ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 10 / 466.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>الدَّبَرَةِ عَلَيْهِمْ، بِأَنْ يَتَفَرَّقُوا وَيَسْتَقِل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحَمْل نَصِيبِهِ. وَمَعَ هَذَا فَقَالُوا: وَإِنْ قَسَمَ الإِْمَامُ الْغَنَائِمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ جَازَ، لأَِنَّهُ أَمْضَى فَصْلاً مُخْتَلَفًا فِيهِ بِالاِجْتِهَادِ. (1) وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ قِسْمَةَ غَنَائِمِ حُنَيْنٍ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى الْجِعْرَانَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَأْمِينُ الأَْسِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحِقُّ لِلإِْمَامِ إِعْطَاءُ الأَْمَانِ لِلأَْسِيرِ بَعْدَ الاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ عُمَرَ لَمَّا قُدِمَ عَلَيْهِ بِالْهُرْمُزَانِ أَسِيرًا قَال. لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، ثُمَّ أَرَادَ قَتْلَهُ، فَقَال لَهُ أَنَسٌ: قَدْ أَمَّنْتُهُ فَلَا سَبِيل لَكَ عَلَيْهِ، وَشَهِدَ الزُّبَيْرُ بِذَلِكَ فَعَدُّوهُ أَمَانًا (3) ، وَلأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِ، وَالأَْمَانُ دُونَ الْمَنِّ، وَلَا يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَى حُكْمِ التَّمَنِّي وَالتَّشَهِّي دُونَ مَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَا عَقَدَهُ أَمِيرُ الْجَيْشِ مِنَ الأَْمَانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح السير الكبير 3 / 1005، 1011، والمغني 10 / 466، واللجنة ترى أن هذا مفوض إلى رأي القائد يجري فيه على حسب ما يرى فيه المصلحة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث تأخير قسمة الغنائم يفهم مما أخرجه البخاري من حديث أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجعرانة - بين مكة والمدينة - ومعه بلال، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: ألا تنجز لي ما وعدتني؟ فقال له: أبش (فتح الباري 8 / 46 ط السلفية، وكتاب الخراج لأبي يوسف ص 196) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأثر عن عمر رضي الله عنه أخرجه البيهقي مطولا، وأورده ابن حجر في التلخيص وسكت عنه (السنن الكبرى للبيهقي 9 / 96 ط دائرة المعارف العثمانية بالهند، والتلخيص الحبير 4 / 120) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>جَازَ وَلَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ، وَأَمَّا آحَادُ الرَّعِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، لأَِنَّ أَمْرَ الأَْسِيرِ مُفَوَّضٌ إِلَى الإِْمَامِ، فَلَمْ يَجُزْ الاِفْتِيَاتُ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَقَتْلِهِ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَمَانُ آحَادِ الرَّعِيَّةِ، لأَِنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أَجَارَتْ زَوْجَهَا أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ بَعْدَ أَسْرِهِ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَانَهَا (1) .</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَمَان) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ الإِْمَامِ فِي الأَْسْرَى </span>(2) :</p><font color=#ff0000>17 -</font> يَرْجِعُ الأَْمْرُ فِي أَسْرَى الْحَرْبِيِّينَ إِلَى الإِْمَامِ، أَوْ مَنْ يُنِيبُهُ عَنْهُ.</p>وَجَعَل جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مَصَائِرَ الأَْسْرَى بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَبْل إِجْرَاءِ قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فِي أَحَدِ أُمُورٍ: فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى تَخْيِيرِ الإِْمَامِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " أن زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم أجارت زوجها ". أخرجه ابن إسحاق مطولا بلا إسناد، وأورده ابن كثير في البداية والنهاية، ولم يعزه إلى مصدر آخر، وأخرجه ابن جرير الطبري من طريق ابن إسحاق من حديث يزيد بن رومان مرسلا (البداية والنهاية 3 / 332 ط مطبعة السعادة، والسير النبوية لابن هشام 2 / 312، 313 ط مصطفى الحلبي 1355 هـ وتاريخ الطبري بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 2 / 471 نشر دار سويدان بيروت) . انظر المغني 10 / 434، والسير الكبير 1 / 253، 263، والبحر الرائق 5 / 88، والتاج والإكليل 3 / 360، والمهذب 2 / 236.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جعلت الشريعة للإمام حق استرقاق الأسرى، وتصرفه في ذلك منوط بالمصحلة، وحيث إن هناك اتفاقا دوليا بمنع الاسترتاق، فإن هذا لا يناقض الشريعة، ولا ينافي أن هذا من حق الإمام، لأن الشريعة في كثير من نصوصها تحث على فك الرقاب، فلا ينبغي للإمام الآن أن يلجأ إلى</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>الرِّجَال الْبَالِغِينَ مِنْ أَسْرَى الْكُفَّارِ، بَيْنَ قَتْلِهِمْ، أَوِ اسْتِرْقَاقِهِمْ، أَوِ الْمَنِّ عَلَيْهِمْ، أَوْ مُفَادَاتِهِمْ بِمَالٍ أَوْ نَفْسٍ. (1)</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ قَصَرُوا التَّخْيِيرَ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ فَقَطِ: الْقَتْل، وَالاِسْتِرْقَاقِ، وَالْمَنِّ عَلَيْهِمْ بِجَعْلِهِمْ أَهْل ذِمَّةٍ عَلَى الْجِزْيَةِ، وَلَمْ يُجِيزُوا الْمَنَّ عَلَيْهِمْ دُونَ قَيْدٍ، وَلَا الْفِدَاءَ بِالْمَال إِلَاّ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، أَوْ إِذَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ بِحَاجَةٍ لِلْمَال. وَأَمَّا مُفَادَاتُهُمْ بِأَسْرَى الْمُسْلِمِينَ فَمَوْضِعُ خِلَافٍ عِنْدَهُمْ. (2)</p>وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ يُخَيَّرُ فِي الأَْسْرَى بَيْنَ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: فَإِمَّا أَنْ يَقْتُل، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَرِقَّ، وَإِمَّا أَنْ يُعْتِقَ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ الْفِدَاءَ، وَإِمَّا أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِ الذِّمَّةَ وَيَضْرِبَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ، وَالإِْمَامُ مُقَيَّدٌ فِي اخْتِيَارِهِ بِمَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةَ الْجَمَاعَةِ. (3)</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْصْل فِي السَّبَايَا مِنَ النِّسَاءِ وَالصَّبِيَّةِ أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ. فَفِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلدَّرْدِيرِ: وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ فَلَيْسَ فِيهِمْ إِلَاّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الإقناع 5 / 8 ط صبيح 1384 هـ، ونهاية المحتاج 8 / 65، وشرح البهجة 5 / 621، والمهذب 2 / 235، والمغني 10 / 400، والإنصاف 4 / 130، والفروع 3 / 596، ومطالب أولي النهى 2 / 520.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 121، والزيلعي 4 / 249، وفتح القدير 4 / 305، والمبسوط 10 / 24، 138، وحاشية ابن عابدين 3 / 229، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 89.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التاج والإكليل 3 / 358، وبداية المجتهد 1 / 292، وحاشية الدسوقي والشرح الكبير 2 / 184.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>الاِسْتِرْقَاقُ أَوِ الْفِدَاءُ. (1) وَتَفْصِيلُهُ فِي (سَبْي) .</p>كَمَا يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الأَْسِيرَ الْحَرْبِيَّ الَّذِي أَعْلَنَ إِسْلَامَهُ قَبْل الْقِسْمَةِ، لَا يَحِقُّ لِلإِْمَامِ قَتْلُهُ، لأَِنَّ الإِْسْلَامَ عَاصِمٌ لِدَمِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.</p><font color=#ff0000>19 -</font> وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ خَفِيَ عَلَى الإِْمَامِ أَوْ أَمِيرِ الْجَيْشِ الأَْحَظُّ حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُ، لأَِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الاِجْتِهَادِ، وَيُصَرِّحُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ يُوجَدُ تَأْمِينٌ لَهُمْ. (2)</p> </p><font color=#ff0000>20 -</font> وَقَال قَوْمٌ: لَا يَجُوزُ قَتْل الأَْسِيرِ، وَحَكَى الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ أَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ.</p>وَالسَّبَبُ فِي الاِخْتِلَافِ تَعَارُضُ الآْيَةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَتَعَارُضُ الأَْفْعَال، وَمُعَارَضَةُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام، لأَِنَّ ظَاهِرَ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} أَنَّهُ لَيْسَ لِلإِْمَامِ بَعْدَ الأَْسْرِ إِلَاّ الْمَنُّ أَوِ الْفِدَاءُ. وقَوْله تَعَالَى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَْرْضِ} (3) وَالسَّبَبُ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ يَدُل عَلَى أَنَّ الْقَتْل أَفْضَل مِنْ الاِسْتِبْقَاءِ. وَأَمَّا فِعْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: فَقَدْ قَتَل الأَْسَارَى فِي غَيْرِ مَوْطِنٍ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ الآْيَةَ الْخَاصَّةَ بِالأَْسَارَى نَاسِخَةٌ لِفِعْلِهِ قَال:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 184.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح السير الكبير 2 / 590، وحاشية ابن عابدين 3 / 229، وفتح القدير 4 / 305، والزيلعي 3 / 249، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 3 / 358، وحاشية الدسوقي 2 / 184، وبداية المجتهد 1 / 392، وتحفة المحتاج 8 / 39، وشرح روض الطالب 4 / 693، وحاشية الجمل على المنهج 5 / 697، والإنصاف 4 / 130، والمغني 10 / 400، ومطالب أولي النهى 2 / 519.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأنفال / 67.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>لَا يُقْتَل الأَْسِيرُ، وَمَنْ رَأَى أَنَّ الآْيَةَ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ لِقَتْل الأَْسِيرِ وَلَا الْمَقْصُودُ مِنْهَا حَصْرُ مَا يُفْعَل بِالأَْسَارَى قَال بِجَوَازِ قَتْل الأَْسِيرِ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>21 -</font> وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْسْرَى مِنْ نِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ كَالْخُنْثَى وَالْمَجْنُونِ، وَكَذَا الْعَبِيدُ الْمَمْلُوكُونَ لَهُمْ يُسْتَرَقُّونَ بِنَفْسِ الأَْسْرِ، وَيَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْحَرْبِيِّينَ قَبْل الاِسْتِيلَاءِ وَالأَْسْرِ لَا يُسْتَرَقُّ، وَكَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّينَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ الاِسْتِتَابَةُ وَالْعَوْدَةُ إِلَى الإِْسْلَامِ، وَإِلَاّ فَالسَّيْفُ. (2)</p><font color=#ff0000>22 -</font> أَمَّا الرِّجَال الأَْحْرَارُ الْمُقَاتِلُونَ مِنْهُمْ.، فَقَدِ اتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الأَْعَاجِمِ، وَثَنِيِّينَ كَانُوا أَوْ أَهْل كِتَابٍ. وَاتَّجَهَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ اسْتِرْقَاقِ الْعَرَبِ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَهُمْ. وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يُجِيزُونَ اسْتِرْقَاقَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْفِدَاءُ بِالْمَال:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي غَيْرِ رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: جَوَازُ فِدَاءِ أَسْرَى الْحَرْبِيِّينَ الَّذِينَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلإِْمَامِ فِيهِمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 392، 394.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 229، وحاشية الشلبي بهامش تبيين الحقائق 3 / 249، والعناية بهامش الفتح 4 / 306، وشرح السير الكبير 3 / 1024، 1036، والبدائع 7 / 117، وبداية المجتهد 1 / 392، وحاشية الدسوقي 2 / 184، والتاج والإكليل ومواهب الجليل 3 / 359، والمهذب 2 / 235، وفتح الوهاب 2 / 173، وحاشية الجمل 5 / 197، وتحفة المحتاج 8 / 40، والمغني 10 / 400، والإنصاف 4 / 131، ومطالب أولي النهى 2 / 522.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div>بِالْمَال. (1) غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يُجِيزُونَهُ بِمَالٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الأَْسِيرِ (2) ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - كَمَا نَقَل السَّرَخْسِيُّ عَنِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ - تَقْيِيدَ ذَلِكَ بِحَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ لِلْمَال، وَقَيَّدَ الْكَاسَانِيُّ هَذَا بِمَا إِذَا كَانَ الأَْسِيرُ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يُرْجَى لَهُ وَلَدٌ. (3) وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِالْمَال دُونَ قَيْدٍ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَمَّةَ حَاجَةٌ لِلْمَال، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَفْدِيَ الأَْسْرَى بِالْمَال يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، سَوَاءٌ، أَكَانَ مِنْ مَالِهِمْ أَمْ مِنْ مَالِنَا الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ، وَأَنْ نَفْدِيَهُمْ بِأَسْلِحَتِنَا الَّتِي فِي أَيْدِيهِمْ. أَمَّا أَسْلِحَتُهُمْ الَّتِي بِأَيْدِينَا فَفِي جَوَازِ مُفَادَاةِ أَسْرَانَا بِهَا وَجْهَانِ، أَوْجَهُهُمَا عِنْدَهُمُ الْجَوَازُ. (4)</p>وَاسْتَدَل الْمُجِيزُونَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (5) ، وَبِفِعْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فَقَدْ فَادَى أَسَارَى بَدْرٍ بِالْمَال وَكَانُوا سَبْعِينَ رَجُلاً، كُل رَجُلٍ مِنْهُمْ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ (6) ، وَأَدْنَى دَرَجَاتِ فِعْلِهِ الْجَوَازُ وَالإِْبَاحَةُ.</p><font color=#ff0000>24 -</font> وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ، فِي غَيْرِ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 10 / 138، والبدائع 7 / 119، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 3 / 358، وحاشية الدسوقي 2 / 184، والإقناع 5 / 8، والمهذب 2 / 237، والإنصاف 4 / 130، والمغني والشرح الكبير 10 / 401، ومطالب أولي النهى 2 / 521.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التاج والإكليل 3 / 358.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 10 / 138، والبدائع 7 / 619، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار 3 / 229.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح روض الطالب 4 / 193، وتحفة المحتاج 8 / 40، والمهذب 2 / 237، ونهاية المحتاج 8 / 65، والإقناع 5 / 8، وفتح الوهاب 2 / 174.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة محمد / 4.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حديث: " مفاداة أسارى بدر ". أخرجه أبو داود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ " أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة ". قال الشوكاني: أخرجه أيضا النسائي والحاكم وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص، ورجاله ثقا وأما عدد أسارى بدر فقد أخرجه مسلم من حديث ابن عباس بلفظ " فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين "(عون المعبود 3 / 14 ط الهند، ونيل الأوطار 7 / 323 ط مصطفى الحلبي 1380 هـ، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1383 - 1385 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْل أَبِي عُبَيْدِ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَاّمٍ عَدَمُ جَوَازِ الْفِدَاءِ بِمَالٍ. (1)</p>وَيَدُل عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ أَنَّ قَتْل الأَْسَارَى مَأْمُورٌ بِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَْعْنَاقِ} (2) وَأَنَّهُ مُنْصَرِفٌ إِلَى مَا بَعْدَ الأَْخْذِ وَالاِسْتِرْقَاقِ، وقَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (3) وَالأَْمْرُ بِالْقَتْل لِلتَّوَسُّل إِلَى الإِْسْلَامِ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إِلَاّ لِمَا شُرِعَ لَهُ الْقَتْل، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَسِيلَةً إِلَى الإِْسْلَامِ، وَلَا يَحْصُل مَعْنَى التَّوَسُّل بِالْمُفَادَاةِ بِالْمَال، كَمَا أَنَّ فِي ذَلِكَ إِعَانَةً لأَِهْل الْحَرْبِ، لأَِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَى الْمَنَعَةِ، فَيَصِيرُونَ حَرْبًا عَلَيْنَا، وَقَتْل الْمُشْرِكِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَرْضٌ مُحْكَمٌ، وَفِي الْمُفَادَاةِ تَرْكُ إِقَامَةِ هَذَا الْفَرْضِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَال فِي الأَْسِيرِ: لَا تُفَادُوهُ وَإِنْ أُعْطِيتُمْ بِهِ مُدَّيْنِ مِنْ ذَهَبٍ " (4) وَلأَِنَّهُ صَارَ بِالأَْسْرِ مِنْ أَهْل دَارِنَا، فَلَا يَجُوزُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 10 / 138، وتبيين الحقائق 3 / 249، والبحر الرائق 5 / 90، ومواهب الجليل 3 / 359، والأموال ص 117 فقرة 313، والإنصاف 4 / 130، وابن عابدين 3 / 229.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنفال / 12.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة التوبة / 5.</p><font color=#ff0000>(4)</font>) الأثر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أخرجه أبو يوسف في كتاب الخراج بلفظ " إن أخذتم أحدا من المشركين فأعطيتم به مدين دنانير فلا تفادوه " (كتاب الخراج ص 196 نشر المكتبة السلفية 1352 هـ) والمدي +: مكيال لأهل الشام.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>إِعَادَتُهُ لِدَارِ الْحَرْبِ، لِيَكُونَ حَرْبًا عَلَيْنَا، وَفِي هَذَا مَعْصِيَةٌ، وَارْتِكَابُ الْمَعْصِيَةِ لِمَنْفَعَةِ الْمَال لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَعْطَوْنَا مَالاً لِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَفْعَل ذَلِكَ مَعَ الْحَاجَةِ، فَكَذَا لَا يَجُوزُ تَرْكُ قَتْل الْمُشْرِكِ بِالْمُفَادَاةِ (1) .</p>وَعَلَى الْقَوْل بِأَنَّ لِلإِْمَامِ حَقَّ الْمُفَادَاةِ بِالْمَال، فَإِنَّ هَذَا الْمَال يَكُونُ لِلْغَانِمِينَ، وَلَيْسَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُسْقِطَ شَيْئًا مِنَ الْمَال الَّذِي يَفْرِضُهُ عَلَيْهِمْ مُقَابِل الْفِدَاءِ إِلَاّ بِرِضَى الْغَانِمِينَ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌فِدَاءُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ بِأَسْرَى الأَْعْدَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (3) مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ تَبَادُل الأَْسْرَى، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْل النَّبِيِّ أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَعُودُوا الْمَرِيضَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ (4) وَقَوْلِهِ إِنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي فَيْئِهِمْ أَنْ يُفَادُوا أَسِيرَهُمْ، وَيُؤَدُّوا عَنْ غَارِمِهِمْ (5) وَفَادَى النَّبِيُّ رَجُلَيْنِ مِنِ الْمُسْلِمِينَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 119، 120، والمبسوط 10 / 138، 139. ولا يخفى أن ظاهر الآية إن تعين القتل أولا قبل الإثخان، فإذا أثخنوا أجرى عليهم ما في الآية من المن أو الفداء.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي والشرح الكبير 2 / 184، والمهذب 2 / 237، والمغني 10 / 403.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 3 / 249، وحاشية ابن عابدين 3 / 229، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 184، وبداية المجتهد 1 / 392، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 868، والإقناع 5 / 8، ونهاية المحتاج 8 / 65، والمهذب 2 / 237، والمغني والشرح الكبير 10 / 401، والإنصاف 4 / 130، ومطالب أولي النهى 2 / 521.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " أطعموا الجائع. . . . ". أخرجه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري (فتح الباري 10 / 112 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " إن على المسلمين في فيئهم. . . . " أخرجه سعيد بن منصور من حديث حبان بن أبي جبلة. والحديث مرسل (سنن سعيد بن منصور، القسم الثاني من المجلد الثالث ص 317 ط الهند) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>بِالرَّجُل الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ بَنِي عَقِيلٍ (1) . وَفَادَى بِالْمَرْأَةِ الَّتِي، اسْتَوْهَبَهَا مِنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَْكْوَعِ (2) نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا قَدْ أُسِرُوا بِمَكَّةَ وَلأَِنَّ فِي الْمُفَادَاةِ تَخْلِيصُ الْمُسْلِمِ مِنْ عَذَابِ الْكُفَّارِ وَالْفِتْنَةِ فِي الدِّينِ، وَإِنْقَاذُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى مِنْ إِهْلَاكِ الْكَافِرِ.</p>وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الْمُفَادَاةُ قَبْل الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا.</p>أَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَقَدْ قَصَرَ جَوَازَ الْمُفَادَاةِ عَلَى مَا قَبْل الْقِسْمَةِ، لأَِنَّهُ قَبْل الْقِسْمَةِ لَمْ يَتَقَرَّرْ كَوْنُ أَسِيرِهِمْ مِنْ أَهْل دَارِنَا حَتَّى جَازَ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَدْ تَقَرَّرَ كَوْنُهُ مِنْ أَهْل دَارِنَا حَتَّى لَيْسَ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ. أَيْ فَلَا يُعَادُ بِالْمُفَادَاةِ إِلَى دَارِ الْكُفْرِ. وَلأَِنَّ فِي الْمُفَادَاةِ بَعْدَهَا إِبْطَال مِلْكِ الْمَقْسُومِ لَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ.</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى مِثْل قَوْل أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ أَجَازَهُ فِي الْحَالَتَيْنِ لأَِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لأَِجْلِهِ جُوِّزَ ذَلِكَ قَبْل الْقِسْمَةِ، الْحَاجَةُ إِلَى تَخْلِيصِ الْمُسْلِمِ مِنْ عَذَابِهِمْ، وَهَذَا مَوْجُودٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَحَقُّ الْغَانِمِينَ فِي الاِسْتِرْقَاقِ ثَابِتٌ قَبْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" فداه النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين بالرجل الذي أخذه من بني عقيل ". أخرجه مسلم مطولا من حديث عمران بن حصين (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1262، 1263 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " فداء النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة التي استوهبها من سلمة بن الأكوع ناسا من المسلمين ". أخرجه مسلم مطولا من حديث سلمة رضي الله عنه (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1375، 1376 ط عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>الْقِسْمَةِ، وَقَدْ صَارَ الأَْسِيرُ بِذَلِكَ مِنْ أَهْل دَارِنَا، ثُمَّ تَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِهِ لِهَذِهِ الْحَاجَةِ، فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ.</p>وَقَدْ نَقَل الْحَطَّابُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ لَيْسَ فِيهِمْ إِلَاّ الاِسْتِرْقَاقُ، أَوِ الْمُفَادَاةُ بِالنُّفُوسِ دُونَ الْمَال.</p>وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَهِيَ مَنْعُ مُفَادَاةِ الأَْسِيرِ بِالأَْسِيرِ، وَوَجْهُهُ: أَنَّ قَتْل الْمُشْرِكِينَ فَرْضٌ مُحْكَمٌ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِالْمُفَادَاةِ. (1)</p><font color=#ff0000>26 -</font> وَلَوْ أَسْلَمَ الأَْسِيرُ لَا يُفَادَى بِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، أَيْ لأَِنَّهُ فِدَاءُ مُسْلِمٍ بِمُسْلِمٍ، إِلَاّ إِذَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُهُ وَهُوَ مَأْمُونٌ عَلَى إِسْلَامِهِ:(2)</p><font color=#ff0000>27 -</font> وَيَجُوزُ مُفَادَاةُ الأَْكْثَرِ بِالأَْقَل وَالْعَكْسُ كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ الْحَنَابِلَةُ، لَكِنْ فِي كُتُبِهِمْ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ، لاِسْتِدْلَالِهِمْ بِالأَْحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ.</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى لَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْ أَسَرَانَا، وَيُؤْخَذُ بَدَلَهُ أَسِيرَانِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌جَعْل الأَْسْرَى ذِمَّةً لَنَا وَفَرْضُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَضَعَ الْجِزْيَةَ فِي رِقَابِ الأَْسْرَى مِنْ أَهْل الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 10 / 139، 140، والبدائع 2 / 120، وتبيين الحقائق 3 / 249، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 184، ومواهب الجليل 3 / 359، والمغني 8 / 449 ط ثالثة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 3 / 249، والبحر الرائق 5 / 90، والمغني 10 / 403.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الإقناع 2 / 253، والمغني 10 / 401، ومطالب أولي النهى 2 / 251، والبدائع 7 / 121. وترى اللجنة أن ذلك ينبغي أن يكون الرأي فيه للإمام حسب المصلحة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>عَلَى أَنْ يَكُونُوا ذِمَّةً لَنَا، وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ إِجَابَتُهُمْ إِلَى ذَلِكَ إِذَا سَأَلُوهُ، كَمَا يَجِبُ إِذَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ فِي غَيْرِ أَسْرٍ. (1)</p>وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِفِعْل عُمَرَ فِي أَهْل السَّوَادِ (2) وَقَالُوا: إِنَّهُ أَمْرٌ جَوَازِيٌّ، لأَِنَّهُمْ صَارُوا فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَكَيْلَا يَسْقُطَ بِذَلِكَ مَا ثَبَتَ مِنِ اخْتِيَارٍ. (3) وَهَذَا إِنْ كَانُوا مِمَّنْ تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ.</p>وَهَذَا يَتَّفِقُ مَعَ مَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ حَيْثُ قَال: وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَال قَوْمٌ: تُؤْخَذُ مِنْ كُل مُشْرِكٍ، وَبِهِ قَال مَالِكٌ (4) .</p>وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ لِلإِْمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلأُْسَارَى مِنْ غَيْرِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَالْمُرْتَدِّينَ، وَوَضَعُوا قَاعِدَةً عَامَّةً هِيَ: كُل مَنْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ مِنَ الرِّجَال، يَجُوزُ أَخْذُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 236.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أخرجه يحيى بن آدم في كتاب الخراج: " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أتاه رؤساء السواد وفيهم ابن الرفيل. فقالوا: يا أمير المؤمنين: إنا من قوم من أهل السواد، وكان أهل فارس قد ظهروا عليا وأضروا بنا، ففعلوا وفعلوا - ومصنف عبد الرزاق 6 / 69 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 2 / 522، والمهذب 2 / 236.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بداية المجتهد 1 / 399، 400.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>الْجِزْيَةِ مِنْهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، كَأَهْل الْكِتَابِ وَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ مِنَ الْعَجَمِ، وَمَنْ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُ، كَالْمُرْتَدِّينَ وَعَبَدَةِ الأَْوْثَانِ مِنَ الْعَرَبِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌رُجُوعُ الإِْمَامِ فِي اخْتِيَارِهِ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> لَمْ نَقِفْ فِيمَا رَجَعْنَا إِلَيْهِ مِنْ كُتُبٍ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا، إِلَاّ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا فِيمَا عَلِمْتُ إِلَى أَنَّ الإِْمَامَ لَوِ اخْتَارَ خَصْلَةً لَهُ الرُّجُوعِ عَنْهَا أَوْ لَا، وَلَا إِلَى أَنَّ اخْتِيَارَهُ هَل يَتَوَقَّفُ عَلَى لَفْظٍ أَوْ لَا. وَقَال: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، فَلَوِ اخْتَارَ خَصْلَةً وَظَهَرَ لَهُ بِالاِجْتِهَادِ أَنَّهَا الأَْحَظُّ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الأَْحَظَّ غَيْرُهَا، فَإِنْ كَانَتْ رِقًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا مُطْلَقًا، لأَِنَّ الْغَانِمِينَ وَأَهْل الْخُمُسِ مَلَكُوا بِمُجَرَّدِ ضَرْبِ الرِّقِّ، فَلَمْ يَمْلِكْ إِبْطَالَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَتْلاً جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ مَا أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ فِدَاءً أَوْ مَنًّا لَمْ يُعْمَل بِالثَّانِي، لاِسْتِلْزَامِهِ نَقْضَ الاِجْتِهَادِ بِالاِجْتِهَادِ مِنْ غَيْرِ مُوجِبٍ، إِلَاّ إِذَا كَانَ اخْتِيَارُهُ أَحَدَهُمَا لِسَبَبٍ ثُمَّ زَال السَّبَبُ، وَتَعَيَّنَتِ الْمَصْلَحَةُ فِي الثَّانِي عَمِل بِقَضِيَّتِهِ. وَلَيْسَ هَذَا نَقْضُ اجْتِهَادٍ بِاجْتِهَادٍ، بَل بِمَا يُشْبِهُ النَّصَّ، لِزَوَال مُوجِبِهِ الأَْوَّل بِالْكُلِّيَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَكُونُ بِهِ الاِخْتِيَارُ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> وَأَمَّا تَوَقُّفُ الاِخْتِيَارِ عَلَى لَفْظٍ، فَإِنَّ الاِسْتِرْقَاقَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ لَفْظٍ يَدُل عَلَيْهِ، وَلَا يَكْفِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح السير الكبير 3 / 1036، والبدائع 7 / 119، وفتح القدير 4 / 306.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>فِيهِ مُجَرَّدُ الْفِعْل، وَكَذَا الْفِدَاءُ، نَعَمْ يَكْفِي فِيهِ لَفْظٌ مُلْتَزِمٌ الْبَدَل مَعَ قَبْضِ الإِْمَامِ لَهُ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، بِخِلَافِ الْخَصْلَتَيْنِ الأُْخْرَيَيْنِ لِحُصُولِهِمَا بِمُجَرَّدِ الْفِعْل. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْلَامُ الأَْسِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> إِذَا أَسْلَمَ الأَْسِيرُ بَعْدَ أَسْرِهِ وَقَبْل قَضَاءِ الإِْمَامِ فِيهِ الْقَتْل أَوِ الْمَنَّ أَوِ الْفِدَاءَ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَل إِجْمَاعًا، لأَِنَّهُ بِالإِْسْلَامِ قَدْ عُصِمَ دَمُهُ.</p>أَمَّا اسْتِرْقَاقُهُ فَفِيهِ رَأْيَانِ: فَالْجُمْهُورُ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَاحْتِمَالٌ لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّ الإِْمَامَ فِيهِ مُخَيَّرٌ فِيمَا عَدَا الْقَتْل، لأَِنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْقَتْل بِإِسْلَامِهِ بَقِيَتْ بَاقِي الْخِصَال.</p>وَالْقَوْل الظَّاهِرُ لِلْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ اسْتِرْقَاقُهُ، لأَِنَّ سَبَبَ الاِسْتِرْقَاقِ قَدِ انْعَقَدَ بِالأَْسْرِ قَبْل إِسْلَامِهِ، فَصَارَ كَالنِّسَاءِ وَالذَّرَارِيِّ، فَيَتَعَيَّنُ اسْتِرْقَاقُهُ فَقَطْ، فَلَا مَنَّ وَلَا فِدَاءَ، وَلَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُفَادِيَ بِهِ لِتَخْلِيصِهِ مِنَ الرِّقِّ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌أَمْوَال الأَْسِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> الْحُكْمُ فِي مَال الأَْسِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحُكْمِ فِي نَفْسِهِ، فَلَا عِصْمَةَ لَهُ عَلَى مَالِهِ وَمَا مَعَهُ، فَهُوَ فَيْءٌ لِكُل الْمُسْلِمِينَ مَا دَامَ أُسِرَ بِقُوَّةِ الْجَيْشِ، أَوْ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تحفة المحتاج 8 / 40 ط أولى.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح السير الكبير 3 / 1025، والبحر الرائق 5 / 90، وتبيين الحقائق 3 / 249، وفتح القدير 4 / 306، والبدائع 7 / 122، والمهذب 2 / 239، ونهاية المحتاج 8 / 66، وفتح الوهاب 2 / 174، والوجيز 2 / 190، والمغني 10 / 402، ومطالب أولي النهى 2 / 527، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 125 ط أولى 1356 هـ، والطرق الحكمية ص 172 ط 1317 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>الأَْسْرُ مُسْتَنِدًا لِقُوَّةِ الْجَيْشِ، وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَسْرِهِ وَاسْتُرِقَّ تَبِعَهُ مَالُهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ إِسْلَامُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَبْل أَخْذِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا حَتَّى ظَهَرْنَا عَلَى الدَّارِ، عَصَمَ نَفْسَهُ وَصِغَارَهُ وَكُل مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالٍ، لِحَدِيثِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَالٍ فَهُوَ لَهُ (1) وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْقُول، وَكَذَا الْعَقَارُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ.</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: وَخَرَجَ عَقَارُهُ لأَِنَّهُ فِي يَدِ أَهْل الدَّارِ وَسُلْطَانِهَا فَيَكُونُ غَنِيمَةً. (2) وَقِيل: إنَّ مُحَمَّدًا جَعَلَهُ كَسَائِرِ مَالِهِ. (3)</p>وَإِذَا قَال الأَْمِيرُ: مَنْ خَرَجَ مِنْ أَهْل الْعَسْكَرِ فَأَصَابَ شَيْئًا فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الرُّبُعُ، وَسَمِعَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَسِيرٌ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ، فَخَرَجَ فَأَصَابَ شَيْئًا فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، لأَِنَّ الأَْسِيرَ فَيْءٌ لَهُمْ وَكَسْبَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من أسلم على مال فهو له ". أخرجه ابن عدي والبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ: " من أسلم على شيء فهو له ". وفي إسناده ياسين بن معاذ الزيات. قال البيهقي: ياسين بن معاذ الزيات كوفي ضعيف جرحه يحيى بن معين والبخاري وغيرهما من الحفاظ. وأخرجه سعيد بن منصور من حديث عروة بن الزبير رضي الله عنهما، قال محمد بن عبد الهادي في تنقيح التحقيق: هذا الحديث مرسل لكنه صحيح الإسناد، وروي الحديث كذلك عن ابن أبي مليكة مرسلا. قال الألباني: والحديث عندي حسن بمجموع طرقه (السنن الكبرى للبيهقي 9 / 113 ط دائرة المعارف العثمانية بالهند، وكتاب السنن لسعيد بن منصور القسم الأول من المجلد الثالث ص 54، 55 ط علمي بريس ماليكاون، وفيض القدير 6 / 62 نشر المكتبة التجارية، وإرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل للألباني 6 / 156، 157 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 233 ط 1272 هـ، وحاشية الدسوقي 2 / 187.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر الرائق 5 / 94، والمغني 10 / 475.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>33 -</font> وَإِذَا وَقَعَ السَّبْيُ فِي سَهْمِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخْرَجَ مَالاً كَانَ مَعَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَيَنْبَغِي لِلَّذِي وَقَعَ فِي سَهْمِهِ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ، لأَِنَّ الأَْمِيرَ إِنَّمَا مَلَّكَهُ بِالْقِسْمَةِ رَقَبَةَ الأَْسِيرِ لَا مَا مَعَهُ مِنَ الْمَال، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَهُ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْعَدْل فِي الْقِسْمَةِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْعَدْل إِذَا كَانَتِ الْقِسْمَةُ لَا تَتَنَاوَل إِلَاّ مَا كَانَ مَعْلُومًا. وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلاً اشْتَرَى جَارِيَةً مِنَ الْمَغْنَمِ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا قَدْ خَلَصَتْ لَهُ أَخْرَجَتْ حُلِيًّا كَانَ مَعَهَا، فَقَال الرَّجُل: مَا أَدْرِي هَذَا؟ وَأَتَى سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَأَخْبَرَهُ فَقَال: اجْعَلْهُ فِي غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ. لأَِنَّ الْمَال الَّذِي مَعَ الأَْسِيرِ كَانَ غَنِيمَةً، وَفِعْل الأَْمِيرِ تَنَاوَل الرَّقَبَةَ دُونَ الْمَال، فَبَقِيَ الْمَال غَنِيمَةً (2) . وَهَذَا الْحُكْمُ يَصْدُقُ أَيْضًا عَلَى الدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ الَّتِي لَهُ لَدَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ. فَإِنْ كَانَتْ لَدَى حَرْبِيٍّ فَهِيَ فَيْءٌ لِلْغَانِمِينَ.</p> </p><font color=#ff0000>34 -</font> وَإِذَا كَانَ عَلَى الأَْسِيرِ دَيْنٌ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قُضِيَ مِنْ مَالِهِ الَّذِي لَمْ يُغْنَمْ قَبْل اسْتِرْقَاقِهِ، فَإِنَّ حَقَّ الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْغَنِيمَةِ، إِلَاّ إِذَا سَبَقَ الاِغْتِنَامُ رِقَّهُ. وَلَوْ وَقَعَا مَعًا فَالظَّاهِرُ - عَلَى مَا قَال الْغَزَالِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - تَقْدِيمُ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَعْتِقَ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌بِمَ يُعْرَفُ إِسْلَامُهُ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَسَرَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح السير الكبير 3 / 835، والمهذب 2 / 239، والمدونة مع المقدمات 1 / 379.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح السير الكبير 3 / 1037، 1038.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الوجيز 2 / 191.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>وَتَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ بِالإِْسْلَامِ دُونَ اعْتِرَافٍ جَازِمٍ، بَيَّنَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ بِقَوْلِهِ:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَْسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْل فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ} (1) .</p>وَإِذَا كَانَ الْقُرْآنُ كَشَفَ نِيَّاتِ بَعْضِ الأَْسْرَى لِرَسُولِهِ، فَإِنَّ الْمُحَارِبِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُؤْمَرُوا بِالْبَحْثِ عَنْ هَذِهِ النِّيَّاتِ، وَلَقَدْ حَدَّثَ الْمِقْدَادُ بْنُ الأَْسْوَدِ أَنَّهُ قَال: يَا رَسُول اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلاً مِنَ الْكُفَّارِ فَقَاتَلَنِي، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَال: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ، أَفَأَقْتُلُهُ يَا رَسُول اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَقْتُلْهُ. قَال فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ يَدِيّ، ثُمَّ قَال ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَطَعَهَا، أَفَأَقْتُلُهُ؟ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَقْتُلْهُ، فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْل أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْل أَنْ يَقُول كَلِمَتَهُ الَّتِي قَال (2) .</p>وَبِمِثْل ذَلِكَ قَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لأُِسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ: أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا (3) . وَلِذَا فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ قَالُوا: لَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَخَذُوا أُسَرَاءَ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ فَأَرَادُوا قَتْلَهُمْ، فَقَال<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنفال 70 - 71. وانظر أحكام القرآن لابن العربي قسم ثان ص 784.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث المقداد بن الأسود " يا رسول الله: أرأيت إن لقيت رجلا. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 95 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ". أخرجه مسلم من حديث أسامة بن زيد مرفوعا ضمن قصة (صحيح مسلم 1 / 96 ط عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>رَجُلٌ مِنْهُمْ: أَنَا مُسْلِمٌ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ حَتَّى يَسْأَلُوهُ عَنِ الإِْسْلَامِ، فَإِنْ وَصَفَهُ لَهُمْ فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَصِفَهُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَصِفُوهُ لَهُ، ثُمَّ يَقُولُوا لَهُ: هَل أَنْتَ عَلَى هَذَا؟ فَإِنْ قَال: نَعَمْ، فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَلَوْ قَال: لَسْتُ بِمُسْلِمٍ وَلَكِنِ اُدْعُونِي إِلَى الإِْسْلَامِ حَتَّى أُسْلِمَ لَمْ يَحِل قَتْلُهُ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْرَى الْبُغَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> الْبَغْيُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ بَغَى، وَهُوَ بِمَعْنَى عَلَا وَظَلَمَ وَعَدَل عَنِ الْحَقِّ وَاسْتَطَال. (2) وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُْخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ} . (3)</p>وَالْبُغَاةُ فِي الاِصْطِلَاحِ: هُمُ الْخَارِجُونَ عَلَى الإِْمَامِ الْحَقِّ بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَهُمْ مَنَعَةٌ. وَيَجِبُ قِتَالُهُمْ لِرَدْعِهِمْ لَا لِقَتْلِهِمْ (4) وَسَنَتَصَدَّى لِلْكَلَامِ عَنْ حُكْمِ أَسْرَاهُمْ.</p><font color=#ff0000>37 -</font> أَسْرَى الْبُغَاةِ تُعَامِلُهُمُ الشَّرِيعَةُ الإِْسْلَامِيَّةُ مُعَامَلَةً خَاصَّةً، لأَِنَّ قِتَالَهُمْ لِمُجَرَّدِ دَفْعِهِمْ عَنِ الْمُحَارَبَةِ، وَرَدِّهِمْ إِلَى الْحَقِّ، لَا لِكُفْرِهِمْ. (5) رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: يَا ابْنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن للجصاص 2 / 296، وشرح السير الكبير 2 / 513.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القاموس مادة:(بغى) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الحجرات / 9.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 308، وحاشية الدسوقي 4 / 298، وحاشية الجمل 5 / 194، والفروع 3 / 541 ط المنار.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الشرح الكبير مطبوع مع المغني 10 / 59.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>أُمِّ عَبْدٍ مَا حُكْمُ مَنْ بَغَى عَلَى أُمَّتِي؟ قَال: فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: لَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ، وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَا يُقْتَل أَسِيرُهُمْ، وَلَا يُقْسَمُ فَيْؤُهُمْ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>38 -</font> وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ سَبْيِ نِسَاءِ الْبُغَاةِ وَذَرَارِيِّهِمْ. بَل ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى قَصْرِ الأَْسْرِ عَلَى الرِّجَال الْمُقَاتِلِينَ وَتَخْلِيَةِ سَبِيل الشُّيُوخِ وَالصِّبْيَةِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه لَمَّا وَقَعَ الْقِتَال بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ، قَرَّرَ عَلِيٌّ عَدَمَ السَّبْيِ وَعَدَمَ أَخْذِ الْغَنِيمَةِ، فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ كَانُوا فِي صُفُوفِهِ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ: أَفَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ عَائِشَةَ؟ أَمْ تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا تَسْتَحِلُّونَ مِنْ غَيْرِهَا. فَإِنْ قُلْتُمْ لَيْسَتْ أُمَّكُمْ كَفَرْتُمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (2) وَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّهَا أُمُّكُمْ وَاسْتَحْلَلْتُمْ سَبْيَهَا فَقَدْ كَفَرْتُمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُول اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} (3) . فَلَا يُسْتَبَاحُ مِنْهُمْ إِلَاّ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُ الْقِتَال (4) وَيَبْقَى حُكْمُ الْمَال وَالذُّرِّيَّةِ عَلَى أَصْل الْعِصْمَةِ. وَلِفُقَهَاءِ الْمَذَاهِبِ تَفْصِيلٌ فِي حُكْمِ أَسْرَى الْبُغَاةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " لا يتبع مدبرهم، ولا يجاز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يقسم فيؤهم " أخرجه الحاكم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما بلفظ " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: يا بن مسعود أتدري ما حكم الله فيمن بغى من هذه الأمة؟ قال ابن مسعود:</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحزاب / 6.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأحزاب / 53.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الكبير مع المغني 10 / 65، وفتح القدير 4 / 413.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ اسْتِرْقَاقِ أَسْرَى الْبُغَاةِ، لأَِنَّ الإِْسْلَامَ يَمْنَعُ الاِسْتِرْقَاقَ ابْتِدَاءً، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال يَوْمَ الْجَمَل: لَا يُقْتَل أَسِيرُهُمْ، وَلَا يُكْشَفُ سِتْرٌ، وَلَا يُؤْخَذُ مَالٌ " أَيْ لَا يُسْتَرَقُّونَ وَلِذَا فَإِنَّهُ لَا تُسْبَى نِسَاؤُهُمْ وَلَا ذَرَارِيُّهُمْ. (1) وَالأَْصْل أَنَّ أَسِيرَهُمْ لَا يُقْتَل لأَِنَّهُ مُسْلِمٌ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ كُلٌّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، حَتَّى قَال الْحَنَابِلَةُ: وَإِنْ قَتَل أَهْل الْبَغْيِ أُسَارَى أَهْل الْعَدْل لَمْ يَجُزْ لأَِهْل الْعَدْل قَتْل أُسَارَاهُمْ، لأَِنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِمْ، وَيَتَّجِهُ الْمَالِكِيَّةُ وُجْهَةَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي عَدَمِ قَتْل الأَْسْرَى. (2) غَيْرَ أَنَّهُ جَاءَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا أُسِرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِل. وَقِيل: يُؤَدَّبُ وَلَا يُقْتَل (3) وَإِنْ كَانَتِ الْحَرْبُ قَائِمَةً فَلِلإِْمَامِ قَتْلُهُ. وَلَوْ كَانُوا جَمَاعَةً، إِذَا خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ ضَرَرٌ. (4)</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ لأَِسْرَى الْبُغَاةِ فِئَةٌ، وَبَيْنَ مَا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ، فَقَالُوا: لَوْ كَانَ لِلْبُغَاةِ فِئَةٌ أُجْهِزَ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَاتُّبِعَ هَارِبُهُمْ لِقَتْلِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 3 / 311، 312، والبحر الرائق 5 / 152 - 153، وفتح القدير 4 / 411، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي 3 / 595، وغنية ذوي الأحكام بهامش درر الحكام 1 / 305، والتاج والإكليل 6 / 278، والشرح الصغير 2 / 415، وحاشية الدسوقي 4 / 299، وبداية المجتهد 2 / 498، والخرشي 5 / 302، وحاشية الجمل 5 / 117، 118، وشرح روض الطالب 4 / 114 - 115، وفتح الوهاب 2 / 154، والمغني 10 / 63 - 65، والفروع 3 / 54، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 39.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بداية المجتهد 2 / 498.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التاج والإكليل 6 / 278.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>أَوْ أَسْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِئَةٌ فَلَا، وَالإِْمَامُ بِالْخِيَارِ فِي أَسِرْهُمْ إِنْ كَانَ لَهُ فِئَةٌ: إِنْ شَاءَ قَتَلَهُ لِئَلَاّ يَنْفَلِتَ وَيَلْحَقَ بِهِمْ، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهُ حَتَّى يَتُوبَ أَهْل الْبَغْيِ، قَال الشَّرْنَبَلَالِيُّ: وَهُوَ الْحَسَنُ، لأَِنَّ شَرَّهُ يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ، وَقَالُوا: إِنَّ مَا قَالَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه مِنْ عَدَمِ قَتْل الأَْسِيرِ مُؤَوَّلٌ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ، وَقَالُوا: إِنَّ عَلِيًّا كَانَ إِذَا أَخَذَ أَسِيرًا اسْتَحْلَفَهُ أَلَاّ يُعِينَ عَلَيْهِ وَخَلَاّهُ (1) ، أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ فِئَةٌ فَلَا يُقْتَل أَسِيرُهُمْ. (2) وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْل الْبَغْيِ إِذَا أُسِرَتْ وَكَانَتْ تُقَاتِل حُبِسَتْ وَلَا تُقْتَل، إِلَاّ فِي حَال مُقَاتَلَتِهَا. وَكَذَا الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ. (3)</p><font color=#ff0000>40 -</font> وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِدَاؤُهُمْ نَظِيرَ مَالٍ، وَإِنَّمَا إِذَا تَرَكَهُمْ مَعَ الأَْمْنِ كَانَ مَجَّانًا، لأَِنَّ الإِْسْلَامَ يَعْصِمُ النَّفْسَ وَالْمَال (4) ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلإِْمَامِ مُوَادَعَتُهُمْ عَلَى مَالٍ، وَإِنْ وَادَعَهُمْ عَلَى مَالٍ بَطَلَتِ الْمُوَادَعَةُ وَنَظَرَ فِي الْمَال، فَإِنْ كَانَ مِنْ فَيْئِهِمْ أَوْ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَصَرَفَ الصَّدَقَاتِ فِي أَهْلِهَا، وَالْفَيْءَ فِي مُسْتَحَقِّيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خَالِصِ أَمْوَالِهِمْ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَيْهِمْ. (5)</p><font color=#ff0000>41 -</font> وَيَجُوزُ مُفَادَاتُهُمْ بِأُسَارَى أَهْل الْعَدْل، وَإِنْ أَبَى الْبُغَاةُ مُفَادَاةَ الأَْسْرَى الَّذِينَ مَعَهُمْ وَحَبَسُوهُمْ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأثر عن علي رضي الله عنه أخرجه أبو يوسف بإسناده عن محمد بن إسحاق عن أبي جعفر بلفظ:" كان علي رضي الله عنه إذا أتي بالأسير يوم صفين أخذ دابته وسلاحه، وأخذ عليه ألا يعود، وخلى سبيله "(الخراج لأبي يوسف ص 233 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> غنية ذوي الأحكام 1 / 305، والبحر الرائق 5 / 153، وتبيين الحقائق 3 / 295، وفتح القدير 4 / 411، 412.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 10 / 64، وغنية ذوي الأحكام 1 / 305، والبحر الرائق 5 / 152، وحاشية الدسوقي 4 / 299.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الشرح الصغير 2 / 415.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 40.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: اُحْتُمِل أَنْ يَجُوزَ لأَِهْل الْعَدْل حَبْسُ مَنْ مَعَهُمْ، لِيَتَوَصَّلُوا إِلَى تَخْلِيصِ أُسَارَاهُمْ، وَيُحْتَمَل أَلَاّ يَجُوزَ حَبْسُهُمْ وَيُطْلَقُونَ، لأَِنَّ الْمُتَرَتِّبَ فِي أُسَارَى أَهْل الْعَدْل لِغَيْرِهِمْ. (1)</p><font color=#ff0000>42 -</font> وَعَلَى مَا سَبَقَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ قَتْلِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يُحْبَسُونَ وَلَا يُخَلَّى سَبِيلُهُمْ، إِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنَعَةٌ، وَلَوْ كَانَ الأَْسِيرُ صَبِيًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا إِنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ، وَإِلَاّ أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَيَنْبَغِي عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِمْ وَمُبَايَعَةُ الإِْمَامِ. (2) وَلَوْ كَانُوا مُرَاهِقِينَ وَعَبِيدًا وَنِسَاءً غَيْرَ مُقَاتِلِينَ أَوْ أَطْفَالاً أُطْلِقُوا بَعْدَ الْحَرْبِ دُونَ أَنْ نَعْرِضَ عَلَيْهِمْ مُبَايَعَةَ الإِْمَامِ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُحْبَسُونَ، لأَِنَّ فِيهِ كَسْرًا لِقُلُوبِ الْبُغَاةِ. (3) وَقَالُوا: إِنْ بَطَلَتْ شَوْكَتُهُمْ وَيُخَافُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْحَال، فَالصَّوَابُ عَدَمُ إِرْسَال أَسِيرِهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (4)</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْرَى الْحَرْبِيِّينَ إِذَا أَعَانُوا الْبُغَاةَ:</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ عَلَى قِتَالِنَا بِقَوْمٍ مِنْ أَهْل الْحَرْبِ وَأَمَّنُوهُمْ، أَوْ لَمْ يُؤْمِنُوهُمْ، فَظَهَرَ أَهْل الْعَدْل عَلَيْهِمْ، فَوَقَعُوا فِي الأَْسْرِ عِنْدَ أَهْل الْعَدْل، أَخَذُوا حُكْمَ أَسْرَى أَهْل الْحَرْبِ (5)، وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مَا إِذَا قَال الأَْسِيرُ: ظَنَنْتُ جَوَازَ إِعَانَتِهِمْ، أَوْ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ وَلِيَ إِعَانَةُ الْمُحِقِّ، وَأَمْكَنَ تَصْدِيقُهُ فَإِنَّهُ يُبَلَّغُ مَأْمَنَهُ، ثُمَّ يُقَاتَل كَالْبُغَاةِ. (6)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 10 / 64.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الجمل 5 / 117، وشرح روض الطالب 4 / 114.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 10 / 64.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفروع 3 / 544، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 39.</p><font color=#ff0000>(5)</font> فتح القدير 4 / 415، 416 والمغني 10 / 71.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حاشية الجمل على شرح المنهج 5 / 118.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْسْرَى مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ إِذَا أَعَانُوا الْبُغَاةَ:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> إِذَا اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ عَلَى قِتَالِنَا بِأَهْل الذِّمَّةِ، فَوَقَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي الأَْسْرِ، أَخَذَ حُكْمَ الْبَاغِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَا يُقْتَل إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ، وَيُخَيَّرُ الإِْمَامُ إِذَا كَانَتْ لَهُ فِئَةٌ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ. (1)</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا اسْتَعَانَ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّل بِذِمِّيٍّ فَلَا يَغْرَمُ الذِّمِّيُّ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَلَا يُعَدُّ خُرُوجُهُ مَعَهُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ. أَمَّا إِنْ كَانَ الْبَاغِي مُعَانِدًا - أَيْ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ - فَإِنَّ الذِّمِّيَّ الَّذِي مَعَهُ يَكُونُ نَاقِضًا لِلْعَهْدِ، وَيَكُونُ هُوَ وَمَالُهُ فَيْئًا. وَهَذَا إِنْ كَانَ مُخْتَارًا، أَمَّا إِنْ كَانَ مُكْرَهًا فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ، وَإِنْ قَتَل نَفْسًا يُؤْخَذُ بِهَا، حَتَّى لَوْ كَانَ مُكْرَهًا. (2)</p>وَقَوْل الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ كَقَوْل الْمَالِكِيَّةِ. قَالُوا: لَوْ أَعَانَ الذِّمِّيُّونَ الْبُغَاةَ فِي الْقِتَال، وَهُمْ عَالِمُونَ بِالتَّحْرِيمِ مُخْتَارُونَ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، كَمَا لَوِ انْفَرَدُوا بِالْقِتَال.</p>أَمَّا إِنْ قَال الذِّمِّيُّونَ: كُنَّا مُكْرَهِينَ، أَوْ ظَنَنَّا جَوَازَ الْقِتَال إِعَانَةً، أَوْ ظَنَنَّا أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ فِيمَا فَعَلُوهُ، وَأَنَّ لَنَا إِعَانَةَ الْمُحِقِّ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ، فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ، لِمُوَافَقَتِهِمْ طَائِفَةً مُسْلِمَةً مَعَ عُذْرِهِمْ، وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ.</p>وَمِثْلُهُمْ فِي ذَلِكَ الْمُسْتَأْمَنُونَ، عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ. (3)</p>وَلِلْحَنَابِلَةِ قَوْلَانِ فِي انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ، أَحَدُهُمَا: يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ، لأَِنَّهُمْ قَاتَلُوا أَهْل الْحَقِّ فَانْتَقَضَ عَهْدُهُمْ كَمَا لَوِ انْفَرَدُوا بِقَتْلِهِمْ. وَيَصِيرُونَ كَأَهْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 3 / 295، وفتح القدير 4 / 415.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 300.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجمل على شرح المنهاج 5 / 118.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>الْحَرْبِ فِي قَتْل مُقْبِلِهِمْ وَاتِّبَاعِ مُدْبِرِهِمْ وَجَرِيحِهِمْ.</p>وَالثَّانِي: لَا يُنْتَقَضُ، لأَِنَّ أَهْل الذِّمَّةِ لَا يَعْرِفُونَ الْمُحِقَّ مِنَ الْمُبْطِل، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً لَهُمْ. وَيَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ أَهْل الْبَغْيِ فِي قَتْل مُقْبِلِهِمْ، وَالْكَفِّ عَنْ أَسِيرِهِمْ وَمُدْبِرِهِمْ وَجَرِيحِهِمْ.</p>وَإِنْ أَكْرَهَهُمُ الْبُغَاةُ عَلَى مَعُونَتِهِمْ، أَوِ ادَّعَوْا ذَلِكَ قُبِل مِنْهُمْ، لأَِنَّهُمْ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ وَقُدْرَتِهِمْ. وَكَذَلِكَ إِنْ قَالُوا: ظَنَنَّا أَنَّ مَنِ اسْتَعَانَ بِنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَزِمَتْنَا مَعُونَتُهُ، لأَِنَّ مَا ادَّعُوهُ مُحْتَمَلٌ، فَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ مَعَ الشُّبْهَةِ. (1)</p>وَإِنْ فَعَل ذَلِكَ الْمُسْتَأْمَنُونَ نُقِضَ عَهْدُهُمْ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَهْل الذِّمَّةِ أَقْوَى حُكْمًا، لأَِنَّ عَهْدَهُمْ مُؤَبَّدٌ، وَلَا يَجُوزُ نَقْضُهُ لِخَوْفِ الْخِيَانَةِ مِنْهُمْ، وَيَلْزَمُ الإِْمَامَ الدَّفْعُ عَنْهُمْ، وَالْمُسْتَأْمَنُونَ بِخِلَافِ ذَلِكَ.</p>وَإِذَا أُسِرَ مَنْ يُرَادُ عَقْدُ الإِْمَامَةِ لَهُ، وَكَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ الأَْسْرِ، مَنَعَ ذَلِكَ مِنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ لَهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْرَى الْحِرَابَةِ:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> الْمُحَارِبُونَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْفَسَادِ، اجْتَمَعَتْ عَلَى شَهْرِ السِّلَاحِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ (2) ، وَيَجُوزُ حَبْسُ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ لاِسْتِبْرَاءِ حَالِهِ (3) ، وَمَنْ ظَفِرَ بِالْمُحَارِبِ فَلَا يَلِي قَتْلَهُ، وَيَرْفَعُهُ إِلَى الإِْمَامِ. قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِلَاّ أَنْ يَخَافَ أَلَاّ يُقِيمَ الإِْمَامُ عَلَيْهِ الْحُكْمَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير مع المغني 10 / 69.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأحكام السلطانية للماوردي ص 51، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 42.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأحكام السلطانية للماوردي ص 51، 52، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 41، 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>وَلَا يَجُوزُ لِلإِْمَامِ تَأْمِينُهُ (1) ، وَإِنِ اسْتَحَقُّوا الْهَزِيمَةَ فَجَرِيحُهُمْ أَسِيرٌ، وَالْحُكْمُ فِيهِمْ لِلإِْمَامِ، مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ ذِمِّيِّينَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَأَحَدِ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْمَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالأَْوْزَاعِيِّ. وَمَوْضِعُ بَيَانِ ذَلِكَ مُصْطَلَحُ (حِرَابَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْرَى الْمُرْتَدِّينَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ مِنْ أَحْكَامٍ</span></p><font color=#ff0000>46 -</font> الرِّدَّةُ فِي اللُّغَةِ: الرُّجُوعُ، فَيُقَال: ارْتَدَّ عَنْ دِينِهِ إِذَا كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامٍ.</p>وَتَخْتَصُّ الرِّدَّةُ - فِي الاِصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ - بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِْسْلَامِ. وَكُل مُسْلِمٍ ارْتَدَّ فَإِنَّهُ يُقْتَل إِنْ لَمْ يَتُبْ، إِلَاّ الْمَرْأَةَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهَا تُحْبَسُ، وَلَا يُتْرَكُ الْمُرْتَدُّ عَلَى رِدَّتِهِ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَلَا بِأَمَانٍ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ حَتَّى لَوْ أُسِرَ بَعْدَ أَنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُسْتَرَقُّ بَعْدَ اللِّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ، عَلَى تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ مَوْضِعُهُ مُصْطَلَحُ (رِدَّةٌ) .</p> </p><font color=#ff0000>47 -</font> وَإِذَا ارْتَدَّ جَمْعٌ، وَتَجَمَّعُوا وَانْحَازُوا فِي دَارٍ يَنْفَرِدُونَ بِهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى صَارُوا فِيهَا ذَوِي مَنَعَةٍ وَجَبَ قِتَالُهُمْ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ مُنَاظَرَتِهِمْ عَلَى الإِْسْلَامِ، وَيُسْتَتَابُونَ وُجُوبًا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَاسْتِحْبَابًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيُقَاتَلُونَ قِتَال أَهْل الْحَرْبِ، وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ قُتِل صَبْرًا إِنْ لَمْ يَتُبْ، وَيُصَرِّحُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّنَا نَبْدَؤُهُمْ بِالْقِتَال إِذَا امْتَنَعُوا بِنَحْوِ حِصْنٍ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التبصرة مطبوعة بهامش فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك 2 / 274، 275.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأحكام السلطانية ص 36، وأسنى المطالب 4 / 123.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَرَقَّ رِجَالُهُمْ، وَلَكِنْ تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ، وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمُ الَّذِينَ حَدَثُوا بَعْدَ الرِّدَّةِ، لأَِنَّهَا دَارٌ تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ أَهْل الْحَرْبِ فَكَانَتْ دَارَ حَرْبٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُهَادَنُوا عَلَى الْمُوَادَعَةِ، وَلَا يُصَالَحُوا عَلَى مَالٍ يَقَرُّونَ بِهِ عَلَى رِدَّتِهِمْ، بِخِلَافِ أَهْل الْحَرْبِ. (1) وَقَدْ سَبَى أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ذَرَارِيَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَسَبَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بَنِي نَاجِيَةَ.</p>وَإِنْ أَسْلَمُوا حُقِنَتْ دِمَاؤُهُمْ، وَمَضَى فِيهِمْ حُكْمُ السَّبَاءِ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، فَأَمَّا الرِّجَال فَأَحْرَارٌ لَا يُسْتَرَقُّونَ، وَلَيْسَ عَلَى الرِّجَال مِنْ أَهْل الرِّدَّةِ سَبْيٌ وَلَا جِزْيَةٌ، إِنَّمَا هُوَ الْقَتْل أَوِ الإِْسْلَامُ. وَإِنْ تَرَكَ الإِْمَامُ السَّبَاءَ وَأَطْلَقَهُمْ وَعَفَا عَنْهُمْ وَتَرَكَ لَهُمْ أَرْضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَهُوَ فِي سَعَةٍ.</p> </p><font color=#ff0000>48 -</font> وَيُصَرِّحُ الْمَالِكِيَّةُ بِعَدَمِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ إِنْ حَارَبُوا بِأَرْضِ الْكُفْرِ أَوْ بِأَرْضِ الإِْسْلَامِ، يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: إِذَا حَارَبَ الْمُرْتَدُّ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقْتَل بِالْحِرَابَةِ، وَلَا يُسْتَتَابُ، كَانَتْ حِرَابَتُهُ بِدَارِ الإِْسْلَامِ أَوْ بَعْدَ أَنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ إِلَاّ أَنْ يُسْلِمَ، فَإِنْ كَانَتْ حِرَابَتُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ عِنْدَ مَالِكٍ كَالْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ، لَا تِبَاعَةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا فَعَل فِي حَال ارْتِدَادِهِ.</p>وَأَمَّا إِنْ كَانَ حِرَابَتُهُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ إِسْلَامُهُ عَنْهُ حُكْمَ الْحِرَابَةِ خَاصَّةً. (2) وَعَنِ ابْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 36، 37، والخراج ص 67 ط 1182 هـ، وفتح القدير 4 / 211، والمبسوط 10 / 113، 114، والمهذب 2 / 224، والأحكام السلطانية للماوردي ص 49.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 498، والتاج والإكليل 6 / 281.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>الْقَاسِمِ قَال: إِذَا ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ فِي حِصْنٍ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ، وَأَمْوَالُهُمْ فَيْءٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ. وَقَال أَصْبَغُ: تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ وَتُقْسَمُ أَمْوَالُهُمْ.</p>وَهَذَا الَّذِي خَالَفَتْ فِيهِ سِيرَةُ عُمَرَ سِيرَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما فِي الَّذِينَ ارْتَدُّوا مِنَ الْعَرَبِ، فَقَدْ سَبَى أَبُو بَكْرٍ النِّسَاءَ وَالصِّغَارَ، وَأَجْرَى الْمُقَاسَمَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ نَقَضَ ذَلِكَ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>49 -</font> وَيَتَّفِقُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ الأَْسِيرَ الْمُرْتَدَّ يُقْتَل إِنْ لَمْ يَتُبْ وَيَعُدْ إِلَى الإِْسْلَامِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَمَكْحُولٌ، لِعُمُومِ حَدِيثِ: مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ (2) .</p><font color=#ff0000>50 -</font> وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُقْتَل، وَإِنَّمَا تُحْبَسُ حَتَّى تَتُوبَ.</p>أَمَّا لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تُقَاتِل، أَوْ كَانَتْ ذَاتَ رَأْيٍ فَإِنَّهَا تُقْتَل اتِّفَاقًا. لَكِنَّهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تُقْتَل لَا لِرِدَّتِهَا، بَل لأَِنَّهَا تَسْعَى بِالْفَسَادِ.</p>وَيَسْتَدِل الْحَنَفِيَّةُ عَلَى عَدَمِ قَتْل الْمَرْأَةِ الْمُرْتَدَّةِ إِذَا أُخِذَتْ سَبْيًا بِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: الْحَقْ بِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَلَا يَقْتُلَنَّ ذُرِّيَّةً وَلَا عَسِيفًا (3) ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التاج والإكليل 3 / 386.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " من بدل دينه فاقتلوه ". أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا (فتح الباري 12 / 267 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المبسوط 10 / 98، والمهذب 2 / 223، وأسنى المطالب 4 / 121، وبداية المجتهد 2 / 498، وحاشية الدسوقي 4 / 304، والمغني 10 / 74، والفروع 3 / 557، والفتح 4 / 389. وحديث " الحقْ بخالد بن الوليد فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا " أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم واللفظ له، من حديث رباح بن الربيع، وقال الحاكم: وهكذا رواه المغيرة بن عبد الرحمن وابن جريح عن أبي الزناد، فصار الحديث صحيحا على شرط الشيخين ولم (مسند أحمد بن حنبل 3 / 488 ط الميمنية، والفتح الرباني 14 / 64 الطبعة الأولى 1370 هـ، وعون المعبود 3 / 6 - 7 الهند، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 948 ط عيسى الحلبي، وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ص 398 ط دار الكتب العلمية، والمستدرك 2 / 122 نشر دار الكتاب العربي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُفْرِ الأَْصْلِيِّ وَالْكُفْرِ الطَّارِئِ، فَإِنَّ الْحَرْبِيَّةَ إِذَا سُبِيَتْ لَا تُقْتَل. (1)</p> </p><font color=#ff0000>51 -</font> وَيَتَّفِقُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْفِدَاءِ مِنَ الأَْسْرَى الْمُرْتَدِّينَ، وَلَا الْمَنُّ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ مُؤَقَّتٍ أَوْ أَمَانٍ مُؤَبَّدٍ، وَلَا يُتْرَكُ عَلَى رِدَّتِهِ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ. كَمَا يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ مِنَ الرِّجَال لَا يَجْرِي فِيهِ إِلَاّ: الْعَوْدَةُ إِلَى الإِْسْلَامِ أَوِ الْقَتْل، لأَِنَّ قَتْل الْمُرْتَدِّ عَلَى رِدَّتِهِ حَدٌّ، وَلَا يُتْرَكُ إِقَامَةُ الْحَدِّ لِمَنْفَعَةِ الأَْفْرَادِ. (2)</p><font color=#ff0000>52 -</font> وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ لَا يَجْرِي عَلَى الْمُرْتَدَّةِ أَيْضًا، وَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ، لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِمْرَارُ أَحَدٍ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ عَلَى الْكُفْرِ بِالاِسْتِرْقَاقِ، بَيْنَمَا يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمُرْتَدَّةَ تُسْتَرَقُّ بَعْدَ اللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَا تُسْتَرَقُّ فِي دَارِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 10 / 108، 109، وتبيين الحقائق 3 / 285، والخراج لأبي يوسف ص 179، وحاشية ابن عابدين 3 / 298، والبحر الرائق 5 / 138، وغنية ذوي الأحكام بهامش درر الحكام شرح غرر الأحكام 1 / 301.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 10 / 75، والمقنع 3 / 516، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 4 / 122، والمهذب 2 / 222، وحاشية الدسوقي 4 / 304، والمبسوط 10 / 108.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>الإِْسْلَامِ، كَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي النَّوَادِرِ: أَنَّهَا تُسْتَرَقُّ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ أَيْضًا.</p>وَقَالُوا فِي تَعْلِيل ذَلِكَ: إِنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ قَتْلُهَا، وَلَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ الْكَافِرِ عَلَى الْكُفْرِ إِلَاّ مَعَ الْجِزْيَةِ أَوْ مَعَ الرِّقِّ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَى النِّسَاءِ، فَكَانَ إِبْقَاؤُهَا عَلَى الرِّقِّ أَنْفَعُ. وَقَدِ اسْتَرَقَّ الصَّحَابَةُ نِسَاءَ مَنِ ارْتَدَّ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>53 -</font> وَبِالنِّسْبَةِ لأَِصْحَابِ الأَْعْذَارِ مِنَ الأَْسْرَى الْمُرْتَدِّينَ، فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ أَيْضًا. وَنَقَل السَّرَخْسِيُّ قَوْلاً بِأَنَّ حُلُول الآْفَةِ بِمَنْزِلَةِ الأُْنُوثَةِ، لأَِنَّهُ تَخْرُجُ بِهِ بِنْيَتُهُ (هَيْئَتُهُ وَجِسْمُهُ) مِنْ أَنْ تَكُونَ صَالِحَةً لِلْقِتَال، فَعَلَى هَذَا لَا يُقْتَلُونَ بَعْدَ الرِّدَّةِ، كَمَا لَا يُقْتَلُونَ فِي الْكُفْرِ الأَْصْلِيِّ. (2)</p>وَعَلَى قَوْل مَنْ يَرَى وُجُوبَ قَتْل الْمُرْتَدَّةِ - إِذَا كَانَتِ الأَْسِيرَةُ الْمُرْتَدَّةُ ذَاتَ زَوْجٍ، وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ - فَإِنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ قَبْل قَتْلِهَا خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ حَامِلاً، فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أُخِّرَتْ حَتَّى تَضَعَ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ اُسْتُبْرِئَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا، وَإِلَاّ قُتِلَتْ بَعْدَ الاِسْتِتَابَةِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 5 / 138، والمبسوط 10 / 111، 114، وفتح القدير 4 / 388، 389، وحاشية ابن عابدين 3 / 300، والبدائع 7 / 136، والمغني 10 / 74، وأسنى المطالب 4 / 122، والدسوقي 4 / 304.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط 10 / 111.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 304.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ فِي يَدِ الأَْعْدَاءِ</span></p>:</p>‌<span class="title">‌اسْتِئْسَارُ الْمُسْلِمِ وَمَا يَنْبَغِي لاِسْتِنْقَاذِهِ عِنْدَ تَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِهِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الاِسْتِئْسَارُ:</span></p><font color=#ff0000>54 -</font> الاِسْتِئْسَارُ هُوَ تَسْلِيمُ الْجُنْدِيِّ نَفْسَهُ لِلأَْسْرِ، فَقَدْ يَجِدُ الْجُنْدِيُّ نَفْسَهُ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ. وَقَدْ وَقَعَ الاِسْتِئْسَارُ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِمَ بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِسَنَدِهِ قَال: بَعَثَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةً رَهْطًا عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَْنْصَارِيَّ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ - مَوْضِعٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ - ذُكِرُوا لِبَنِي لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتِي رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ - مَوْضِعٍ غَلِيظٍ مُرْتَفِعٍ - وَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا وَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَلَاّ نَقْتُل مِنْكُمْ أَحَدًا، قَال عَاصِمٌ: أَمَّا أَنَا فَوَاَللَّهِ لَا أَنْزِل الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ خَبِّرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْل فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَل إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الأَْنْصَارِيُّ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثْنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَال الرَّجُل الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّل الْغَدْرِ، وَاَللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي فِي هَؤُلَاءِ لأَُسْوَةً - يُرِيدُ الْقَتْلَى - فَجَرُّوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ - أَيْ مَارَسُوهُ وَخَادَعُوهُ لِيَتْبَعَهُمْ - فَأَبَى فَقَتَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ الدَّثْنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ. . . (1) فَعَلِمَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نيل الأوطار للشوكاني 7 / 268، 269 ط مصطفى الحلبي سنة 1380 هـ، والحديث: أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه (6 / 165 - 166 ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا حَدَثَ، وَعَدَمُ إِنْكَارِهِ يَدُل عَلَى أَنَّ الاِسْتِئْسَارَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُرَخَّصٌ فِيهِ، وَقَال الْحَسَنُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَأْسَرُ الرَّجُل إِذَا خَافَ أَنْ يُغْلَبَ. (1) وَإِلَى هَذَا اتَّجَهَ كُلٌّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p> </p><font color=#ff0000>55 -</font> وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى شُرُوطٍ يَلْزَمُ تَوَافُرُهَا لِجَوَازِ الاِسْتِئْسَارِ هِيَ: أَنْ يَخَافَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الاِسْتِسْلَامِ قَتْلُهُ فِي الْحَال، وَأَلَاّ يَكُونَ الْمُسْتَسْلِمُ إِمَامًا، أَوْ عِنْدَهُ مِنَ الشَّجَاعَةِ مَا يُمْكِنُهُ مِنَ الصُّمُودِ، وَأَنْ تَأْمَنَ الْمَرْأَةُ عَلَى نَفْسِهَا الْفَاحِشَةَ.</p>وَالأَْوْلَى - كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ - إِذَا مَا خَشِيَ الْمُسْلِمُ الْوُقُوعَ فِي الأَْسْرِ أَنْ يُقَاتِل حَتَّى يُقْتَل، وَلَا يُسْلِمَ نَفْسَهُ لِلأَْسْرِ، لأَِنَّهُ يَفُوزُ بِثَوَابِ الدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ، وَيَسْلَمُ مِنْ تَحَكُّمِ الْكُفَّارِ عَلَيْهِ بِالتَّعْذِيبِ وَالاِسْتِخْدَامِ وَالْفِتْنَةِ، وَإِنْ اسْتَأْسَرَ جَازَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ. (2)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ اسْتِنْقَاذُ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ وَمُفَادَاتُهُمْ:</span></p><font color=#ff0000>56 -</font> إِذَا وَقَعَ الْمُسْلِمُ أَسِيرًا فَهُوَ حُرٌّ عَلَى حَالِهِ، وَكَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، يَلْزَمُهُمُ الْعَمَل عَلَى خَلَاصِهِ، وَلَوْ بِتَيْسِيرِ سُبُل الْفِرَارِ لَهُ، وَالتَّفَاوُضِ مِنْ أَجْل إِطْلَاقِ سَرَاحِهِ، فَإِذَا لَمْ يُطْلِقُوا سَرَاحَهُ تَرَبَّصُوا لِذَلِكَ. وَقَدْ كَانَ الرَّسُول صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ يَتَحَيَّنُ الْفُرْصَةَ الْمُنَاسِبَةَ لِتَخْلِيصِ الأَْسْرَى. رَوَتْ كُتُبُ السِّيرَةِ أَنَّ قُرَيْشًا أَسَرَتْ نَفَرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) العيني على صحيح البخاري 14 / 294.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 3 / 357، وفتح الوهاب 2 / 171، والمغني مع الشرح الكبير 10 / 553، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 30، والدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين 3 / 222.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>فَلَمَّا لَمْ يَجِدِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم حِيلَةً لإِِنْقَاذِهِمْ كَانَ يَدْعُو اللَّهَ لإِِنْقَاذِهِمْ دُبُرَ كُل صَلَاةٍ، وَلَمَّا أَفْلَتَ أَحَدُهُمْ مِنَ الأَْسْرِ، وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، سَأَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَفِيقَيْهِ فَقَال: أَنَا لَكَ بِهِمَا يَا رَسُول اللَّهِ، فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَدَخَلَهَا مُسْتَخْفِيًا، فَلَقِيَ امْرَأَةً عَلِمَ أَنَّهَا تَحْمِل الطَّعَامَ لَهُمَا فِي الأَْسْرِ فَتَبِعَهَا، حَتَّى اسْتَطَاعَ تَخْلِيصَهُمَا، وَقَدِمَ بِهِمَا عَلَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ (1) .</p>وَقَدِ اسْتَنْقَذَ رَسُول اللَّهِ كُلًّا مِنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَعُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ رضي الله عنهما، وَقَدْ أَسَرَهُمَا الْمُشْرِكُونَ، بِأَنْ فَاوَضَ عَلَيْهِمَا، وَحَبَسَ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ حَتَّى يُطْلِقُوا سَرَاحَهُمَا، وَكَذَلِكَ فَعَل فِي اسْتِنْقَاذِ عُثْمَانَ وَعَشَرَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رضي الله عنهم بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ (2) .</p>وَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ قَال: إِنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي فَيْئِهِمْ أَنْ يُفَادُوا أَسْرَاهُمْ. وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَال: لأََنْ أَسْتَنْقِذَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السير النبوية لابن هشام 1 / 474، 476 ط الثانية 1375 هـ، والخراج لأبي يوسف ص 311 ط المطبعة السلفية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" استنقذ رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه الطبري مرسلا من حديث السدى مطولا (تفسير الطبري بتحقيق محمود محمد شاكر 2 / 305، 306 نشر دار المعارف بمصر) . والسيرة النبوية لابن هشام ص 604، والبداية والنهاية 3 / 250 ط أولى 1351 هـ، وإمتاع الأسماع 1 / 57، 291.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div><font color=#ff0000>57 -</font> وَيَجِبُ اسْتِنْقَاذُ الأَْسْرَى بِالْمُقَاتَلَةِ مَا دَامَ ذَلِكَ مَيْسُورًا، فَإِذَا دَخَل الْمُشْرِكُونَ دَارَ الإِْسْلَامِ فَأَخَذُوا الأَْمْوَال وَالذَّرَارِيَّ وَالنِّسَاءَ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِمْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَهُمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ، فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، فَإِنْ دَخَلُوا بِهِمْ دَارَ الْحَرْبِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ إِذَا غَلَبَ عَلَى رَأْيِهِمْ أَنَّهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى اسْتِنْقَاذِهِمْ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الْقِتَال لِتَخْلِيصِهِمْ فَتَرَكُوهُ كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ فِي يَدِ الْكُفَّارِ بَعْضَ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَجِبُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنَّا الْخُرُوجُ لِقِتَالِهِمْ لاِسْتِنْقَاذِ الأَْسْرَى. (1)</p><font color=#ff0000>58 -</font> وَالاِسْتِنْقَاذُ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ عَنْ طَرِيقِ الْقِتَال فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَنْ طَرِيقِ الْفِدَاءِ بِتَبَادُل الأَْسْرَى، عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُ الْقَوْل فِيهِ، كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِالْمَال أَيْضًا، لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: أَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ، وَفُكُّوا الْعَانِيَ لأَِنَّ مَا يُخَافُ مِنْ تَعْذِيبِ الأَْسِيرِ أَعْظَمُ فِي الضَّرُورَةِ مِنْ بَذْل الْمَال، فَجَازَ دَفْعُ أَعْظَمِ الضَّرَرَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا. (2)</p>وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَال، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْتَدُوهُ. وَنَقَل أَبُو يُوسُفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال:" كُل أَسِيرٍ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَفِكَاكُهُ فِي بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ "(3) . وَهُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح السير الكبير 1 / 207. والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 3 / 387، وفتح الوهاب شرح منهج الطلاب 2 / 171. وحاشية الجمل 5 / 152. والمغني 10 / 498.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 10 / 498، والتاج والإكليل 3 / 388، والمذهب 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أثر:" كل أسير كان في أيدي المشركين. . . ". أخرجه أبو يوسف من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا عليه. (كتاب الخراج لأبي يوسف ص 196 نشر المكتبة السلفية 1352 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ، كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنِ ابْنِ بَشِيرٍ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَال، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ، وَالأَْسِيرُ كَأَحَدِهِمْ، فَإِنْ ضَيَّعَ الإِْمَامُ وَالْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الأَْسِيرِ مِنْ مَالِهِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا.</p>وَفِي الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (1)</p>وَالْوَجْهُ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ بَذْل الْمَال لِفَكِّ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ - إِنْ خِيفَ تَعْذِيبُهُمْ - جَائِزٌ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَيَكُونُ فِي مَالِهِمْ، وَيُنْدَبُ عِنْدَ الْعَجْزِ افْتِدَاءُ الْغَيْرِ لَهُ، فَمَنْ قَال لِكَافِرٍ: أَطْلِقْ هَذَا الأَْسِيرَ، وَعَلَيَّ كَذَا، فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الأَْسِيرِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي فِدَائِهِ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>61 -</font> وَأَسْرُ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ لَا يُزِيل حُرِّيَّتَهُ، فَمَنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْعَدُوِّ لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنِ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِيمَا أَدَّى مِنْ فِدَائِهِ، وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِأَمْرِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، وَالْقِيَاسُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إِلَاّ أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ نَصًّا. (3)</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ - كَمَا يَرْوِي الْمَوَّاقُ - أَنَّ لِلْمُشْتَرِيَّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، شَاءَ أَوْ أَبَى، لأَِنَّهُ فِدَاءٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَاَلَّذِي فَدَاهُ وَاشْتَرَاهُ مِنَ الْعَدُوِّ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غُرَمَائِهِ. أَمَّا إِنْ كَانَ يَقْصِدُ الصَّدَقَةَ، أَوْ كَانَ الْفِدَاءُ مِنْ بَيْتِ الْمَال فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ الأَْسِيرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخراج ص 196، وحاشية الدسوقي والشرح الكبير 2 / 207، والتاج والإكليل 3 / 387، والمهذب 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح السير الكبير 3 / 1033، وحاشية الجمل 5 / 192.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>يَرْجُو الْخَلَاصَ بِالْهُرُوبِ أَوِ التَّرْكِ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>62 -</font> وَلَوْ خَلَّى الْكُفَّارُ الأَْسِيرَ، وَاسْتَحْلَفُوهُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ بِفِدَائِهِ، أَوْ يَعُودَ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ هَذَا نَتِيجَةَ إِكْرَاهٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ، وَإِنْ لَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ وَقَدَرَ عَلَى الْفِدَاءِ لَزِمَهُ، وَبِهَذَا قَال عَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَالزُّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ، لِوُجُوبِ الْوَفَاءِ، وَلأَِنَّ فِيهِ مَصْلَحَةَ الأُْسَارَى، وَفِي الْغَدْرِ مَفْسَدَةٌ فِي حَقِّهِمْ. وَقَال الشَّافِعِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ، لأَِنَّهُ حُرٌّ لَا يَسْتَحِقُّونَ بَدَلَهُ.</p>وَأَمَّا إِنْ عَجَزَ عَنِ الْفِدَاءِ، فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً فَإِنَّهُ لَا يَحِل لَهَا الرُّجُوعُ إِلَيْهِمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (2) ، وَلأَِنَّ فِي رُجُوعِهَا تَسْلِيطًا لَهُمْ عَلَى وَطْئِهَا حَرَامًا.</p>وَإِنْ كَانَ رَجُلاً، فَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا يَرْجِعُ، وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ. وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَهُمْ يَلْزَمُهُ، وَهُوَ قَوْل عُثْمَانَ وَالزُّهْرِيِّ وَالأَْوْزَاعِيِّ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ صَالَحَ قُرَيْشًا عَلَى رَدِّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا أَمْضَى اللَّهُ ذَلِكَ فِي الرِّجَال، وَنَسَخَهُ فِي النِّسَاءِ. (3)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّتَرُّسُ بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ:</span></p><font color=#ff0000>63 -</font> التُّرْسُ بِضَمِّ التَّاءِ: مَا يُتَوَقَّى بِهِ فِي الْحَرْبِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التاج والإكليل 3 / 388، وحاشية الدسوقي 2 / 207.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الممتحنة / 10.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 10 / 548، 549.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>يُقَال: تَتَرَّسَ بِالتُّرْسِ إِذَا تَوَقَّى بِهِ (1) ، وَمِنْ ذَلِكَ تَتَرُّسُ الْمُشْرِكِينَ بِالأَْسْرَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالذِّمِّيِّينَ فِي الْقِتَال، لأَِنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُمْ كَالتِّرَاسِ، فَيَتَّقُونَ بِهِمْ هُجُومَ جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، لأَِنَّ رَمْيَ الْمُشْرِكِينَ - مَعَ تَتَرُّسِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ - يُؤَدِّي إِلَى قَتْل الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ نَحْرِصُ عَلَى حَيَاتِهِمْ وَإِنْقَاذِهِمْ مِنَ الأَْسْرِ. وَقَدْ عُنِيَ الْفُقَهَاءُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَنَاوَلُوهَا مِنْ نَاحِيَةِ جَوَازِ الرَّمْيِ مَعَ التَّتَرُّسِ بِالْمُسْلِمِينَ أَوِ الذِّمِّيِّينَ، كَمَا تَنَاوَلُوهَا مِنْ نَاحِيَةِ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَالدِّيَةِ، وَإِلَيْكَ اتِّجَاهَاتُ الْمَذَاهِبِ فِي هَذَا:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ رَمْيُ التُّرْسِ:</span></p><font color=#ff0000>64 -</font> مِنْ نَاحِيَةِ رَمْيِ التُّرْسِ: يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي تَرْكِ الرَّمْيِ خَطَرٌ مُحَقَّقٌ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الرَّمْيُ بِرَغْمِ التَّتَرُّسِ، لأَِنَّ فِي الرَّمْيِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ بِالذَّبِّ عَنْ بَيْضَةِ الإِْسْلَامِ، وَقَتْل الأَْسِيرِ ضَرَرٌ خَاصٌّ. وَيُقْصَدُ عِنْدَ الرَّمْيِ الْكُفَّارُ لَا التُّرْسُ، لأَِنَّهُ إِنْ تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ فِعْلاً فَقَدْ أَمْكَنَ قَصْدًا، وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّ الْقَوْل لِلرَّامِي بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ قَصَدَ الْكُفَّارَ، وَلَيْسَ قَوْل وَلِيِّ الْمَقْتُول الَّذِي يَدَّعِي الْعَمْدَ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الشلبي بهامش تبيين الحقائق 3 / 243.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير والعناية 4 / 287، والبدائع 7 / 100، 101، وحاشية ابن عابدين 3 / 623، وحاشية الدسوقي 2 / 178، والشرح الصغير وبلغة السالك عليه 1 / 357، ومنهج الطلاب وشرحه فتح الوهاب 1 / 172، وحاشية الجمل 5 / 124، والأحكام السلطانية للماوردي ص 42 الطبعة الأولى لمصطفى الحلبي، والأم 4 / 163، والمغني 10 / 505، والإنصاف 4 / 129.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>أَمَّا فِي حَالَةِ خَوْفِ وُقُوعِ الضَّرَرِ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ رَمْيُهُمْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا حَالَةُ ضَرُورَةٍ أَيْضًا، وَتَسْقُطُ حُرْمَةُ التُّرْسِ.</p>وَيَقُول الصَّاوِيُّ الْمَالِكِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ الْمُتَتَرَّسُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنَ الْمُجَاهِدِينَ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَجُوزُ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْخَوْفِ لَا يُبِيحُ الدَّمَ الْمَعْصُومَ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا كَانَ الْخَوْفُ عَلَى بَعْضِ الْغَازِينَ فَقَطْ. (1)</p><font color=#ff0000>65 -</font> وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْحِصَارِ الَّذِي لَا خَطَرَ فِيهِ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، لَكِنْ لَا يُقْدَرُ عَلَى الْحَرْبِيِّينَ إِلَاّ بِرَمْيِ التُّرْسِ، فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ، وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الْمَنْعِ، لأَِنَّ الإِْقْدَامَ عَلَى قَتْل الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، وَتَرْكُ قَتْل الْكَافِرِ جَائِزٌ. أَلَا يُرَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَلَاّ يَقْتُل الأُْسَارَى لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ مُرَاعَاةُ جَانِبِ الْمُسْلِمِ أَوْلَى مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلأَِنَّ مَفْسَدَةَ قَتْل الْمُسْلِمِ فَوْقَ مَصْلَحَةِ قَتْل الْكَافِرِ.</p>وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى جَوَازِ رَمْيِهِمْ، وَعَلَّل الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي الرَّمْيِ دَفْعَ الضَّرَرِ الْعَامِّ، وَأَنَّهُ قَلَّمَا يَخْلُو حِصْنٌ عَنْ مُسْلِمٍ، وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيل الضَّرُورَةِ. (2)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>66 -</font> وَمِنْ نَاحِيَةِ الْكَفَّارَةِ وَالدِّيَةِ عِنْدَ إِصَابَةِ أَحَدِ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ نَتِيجَةَ رَمْيِ التُّرْسِ، فَإِنَّ جُمْهُورَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَا أَصَابُوهُ مِنْهُمْ لَا يَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الوجيز 2 / 190 ط 1317 هـ، والشرح الصغير وبلغة السالك 1 / 357 ط مصطفى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>كَفَّارَةٌ، لأَِنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ، وَالْغَرَامَاتُ لَا تُقْرَنُ بِالْفُرُوضِ، لأَِنَّ الْفَرْضَ مَأْمُورٌ بِهِ لَا مَحَالَةَ، وَسَبَبُ الْغَرَامَاتِ عُدْوَانٌ مَحْضٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ، فَوُجُوبُ الضَّمَانِ يَمْنَعُ مِنْ إِقَامَةِ الْفَرْضِ، لأَِنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنْهُ خَوْفًا مِنْ لُزُومِ الضَّمَانِ، وَهَذَا لَا يَتَعَارَضُ مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الإِْسْلَامِ دَمٌ مُفْرَجٌ (1) - أَيْ مُهْدَرٌ - لأَِنَّ النَّهْيَ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ الْبُغَاةُ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ، فَتُخَصُّ صُورَةُ النِّزَاعِ، كَمَا أَنَّ النَّهْيَ فِي الْحَدِيثِ خَاصٌّ بِدَارِ الإِْسْلَامِ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ بِدَارِ الإِْسْلَامِ. (2)</p><font color=#ff0000>67 -</font> وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ تَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ قَوْلاً وَاحِدًا، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ:</p>إِحْدَاهُمَا: تَجِبُ، لأَِنَّهُ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً، فَيَدْخُل فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا} (3) .</p>الثَّانِيَةُ: لَا دِيَةَ، لأَِنَّهُ قَتَل فِي دَارِ الْحَرْبِ بِرَمْيٍ مُبَاحٍ، فَيَدْخُل فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (4) وَلَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ليس في الإسلام دم مفرج " أورده ابن الأثير في النهاية نقلا عن الهروي بلفظ " العقل على المسلمين عامة، فلا يترك في الإسلام دم مفرج " ولم يصرح بأنه حديث نبوي. وأخرج عبد الرزاق عن علي رضي الله عنه أنه قال: " أيما قتيل بفلاة من الأرض فديته من بيت ال (النهاية لابن الأثير 3 / 423 ط عيسى الحلبي، وكنز العمال 15 / 143 نشر مكتبة التراث الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتح والعناية 4 / 287.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 94.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النساء / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>يَذْكُرْ دِيَةً. (1) وَعَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. (2)</p><font color=#ff0000>68 -</font> وَيَقُول الْجَمَل الشَّافِعِيُّ: وَجَبَتِ الْكَفَّارَةُ إِنْ عُلِمَ الْقَاتِل، لأَِنَّهُ قَتَل مَعْصُومًا، وَكَذَا الدِّيَةُ، لَا الْقِصَاصُ، لأَِنَّهُ مَعَ تَجْوِيزِ الرَّمْيِ لَا يَجْتَمِعَانِ. (3) وَفِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْلَمَ بِهِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الإِْمْكَانِ تَوَقِّيهِ. (4)</p>وَيَنْقُل الْبَابَرْتِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَال: إِنْ قَصَدَهُ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ الدِّيَةُ، عَلِمَهُ مُسْلِمًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ، لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ. وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِعَيْنِهِ بَل رَمَى إِلَى الصَّفِّ فَأُصِيبَ فَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ.</p>وَالتَّعْلِيل الأَْوَّل أَنَّ الإِْقْدَامَ عَلَى قَتْل الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، وَتَرْكَ قَتْل الْكَافِرِ جَائِزٌ، لأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقْتُل الأُْسَارَى لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ تَرْكُهُ لِعَدَمِ قَتْل الْمُسْلِمِ أَوْلَى، وَلأَِنَّ مَفْسَدَةَ قَتْل الْمُسْلِمِ فَوْقَ مَصْلَحَةِ قَتْل الْكَافِرِ. (5)</p><font color=#ff0000>69 -</font> وَلَمْ نَقِفْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى شَيْءٍ فِي هَذَا إِلَاّ مَا قَالَهُ الدُّسُوقِيُّ عِنْدَ تَعْلِيقِهِ عَلَى قَوْل خَلِيلٍ: وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ، فَقَال: وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِأَمْوَال الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ وَلَا يُتْرَكُونَ. وَيَنْبَغِي ضَمَانُ قِيمَتِهِ عَلَى مَنْ رَمَاهُمْ، قِيَاسًا عَلَى مَا يُرْمَى مِنَ السَّفِينَةِ لِلنَّجَاةِ مِنَ الْغَرَقِ، بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا إِتْلَافُ مَالٍ لِلنَّجَاةِ. (6)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 10 / 505.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإنصاف 4 / 129.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الجمل 4 / 191.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 8 / 62.</p><font color=#ff0000>(5)</font> العناية على الفتح 4 / 287.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حاشية الدسوقي 2 / 178.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَدَى تَطْبِيقِ بَعْضِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ</span></p>‌<span class="title">‌حَقُّ الأَْسِيرِ فِي الْغَنِيمَةِ:</span></p><font color=#ff0000>70 -</font> يَسْتَحِقُّ مَنْ أُسِرَ قَبْل إِحْرَازِ الْغَنِيمَةَ فِيمَا غُنِمَ قَبْل الأَْسْرِ، إِذَا عُلِمَ حَيَاتُهُ أَوِ انْفَلَتَ مِنَ الأَْسْرِ. لأَِنَّ حَقَّهُ ثَابِتٌ فِيهَا، وَبِالأَْسْرِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَهْلاً، لِتَقَرُّرِ حَقِّهِ بِالإِْحْرَازِ. وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ أَسْرِهِ، لأَِنَّ الْمَأْسُورَ فِي يَدِ أَهْل الْحَرْبِ لَا يَكُونُ مَعَ الْجَيْشِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، فَهُوَ لَمْ يُشَارِكْهُمْ فِي إِصَابَةِ هَذَا، وَلَا فِي إِحْرَازِهِ بِالدَّارِ. وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مَصِيرُ هَذَا الأَْسِيرِ فِي يَدِ الْحَرْبِيِّينَ قُسِمَتِ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ يُوقَفْ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَإِنْ قُسِمَتِ الْغَنَائِمُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ حَيًّا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، لأَِنَّ حَقَّ الَّذِينَ قُسِمَ بَيْنَهُمْ قَدْ تَأَكَّدَ بِالْقِسْمَةِ وَثَبَتَ مِلْكُهُمْ فِيهَا، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ إِبْطَال الْحَقِّ الضَّعِيفِ. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا هَرَبَ فَأَدْرَكَ الْحَرْبَ قَبْل تَقَضِّيهَا أُسْهِمَ لَهُ، وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ إِحْرَازِ الْغَنِيمَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. (1)</p><font color=#ff0000>71 -</font> وَمَنْ أُسِرَ بَعْدَ إِخْرَاجِ الْغَنَائِمِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَيْعِهَا، وَكَانَ قَدْ تَخَلَّفَ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِحَاجَةِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُهُ حَتَّى يَجِيءَ فَيَأْخُذَهُ، أَوْ يَظْهَرَ مَوْتُهُ فَيَكُونَ لِوَرَثَتِهِ، لأَِنَّ حَقَّهُ قَدْ تَأَكَّدَ فِي الْمَال الْمُصَابِ بِالإِْحْرَازِ. (2)</p>وَفِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ: أَنَّ الْغَنِيمَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِلْمُجَاهِدَيْنِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السير الكبير وشرحه 3 / 913، 914، والإنصاف 4 / 165.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح السير الكبير 3 / 913، 914.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>مِمَّنْ حَضَرَ الْقِتَال، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رِدْءًا لِمَنْ حَضَرَ الْقِتَال. (1) وَتَفْصِيل الْكَلَامِ فِي هَذَا مَوْضِعُهُ مُصْطَلَحُ (غَنِيمَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَقُّ الأَْسِيرِ فِي الإِْرْثِ وَتَصَرُّفَاتُهُ الْمَالِيَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>72 -</font> أَسِيرُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي مَعَ الْعَدُوِّ يَرِثُ إِذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ فِي قَوْل عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ الْكُفَّارَ لَا يَمْلِكْنَ الأَْحْرَارَ بِالْقَهْرِ، فَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُرِّيَّتِهِ، فَيَرِثُ كَغَيْرِهِ. (2) وَكَذَلِكَ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْهُ، لأَِنَّ تَصَرُّفَهُ فِي مَالِهِ نَافِذٌ، وَلَا أَثَرَ لاِخْتِلَافِ الدَّارِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ. (3) فَقَدْ كَانَ شُرَيْحٌ يُوَرِّثُ الأَْسِيرَ فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ.</p>وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ. . . (4) فَهَذَا الْحَدِيثُ بِعُمُومِهِ يُؤَيِّدُ قَوْل الْجُمْهُورِ أَنَّ الأَْسِيرَ إِذَا وَجَبَ لَهُ مِيرَاثٌ يُوقَفُ لَهُ.</p>وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ لَمْ يُوَرِّثِ الأَْسِيرَ فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ يَرِثُ (5) .</p><font color=#ff0000>73 -</font> وَالْمُسْلِمُ الَّذِي أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، وَلَا يُدْرَى أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ، مَعَ أَنَّ مَكَانَهُ مَعْلُومٌ وَهُوَ دَارُ الْحَرْبِ، لَهُ حُكْمٌ فِي الْحَال، فَيُعْتَبَرُ حَيًّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، حَتَّى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بداية المجتهد 1 / 405.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 131.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير مطبوع مع المغني 2 / 446.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " من ترك مالا فلورثته " أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 9 / 515، 516 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1237 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> إرشاد الساري شرح صحيح البخاري 9 / 443، 444 الطبعة السابقة سنة 1326 هـ، وفتح الباري 12 / 49 ط السلفية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>لَا يُورَثَ عَنْهُ مَالُهُ، وَلَا تُزَوَّجَ نِسَاؤُهُ، وَمَيِّتًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يَرِثَ مِنْ أَحَدٍ. وَلَهُ حُكْمٌ فِي الْمَآل، وَهُوَ الْحُكْمُ بِمَوْتِهِ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ (1) ، فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَفْقُودِ. اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (مَفْقُود) .</p> </p><font color=#ff0000>74 -</font> وَيَسْرِي عَلَى الأَْسِيرِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ الْمَالِيَّةِ مَا يَسْرِي عَلَى غَيْرِهِ فِي حَال الصِّحَّةِ مِنْ أَحْكَامٍ، فَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ جَائِزٌ، مَا دَامَ صَحِيحًا غَيْرَ مُكْرَهٍ. قَال عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أُجِيزَ وَصِيَّةُ الأَْسِيرِ وَعَتَاقُهُ وَمَا صَنَعَ فِي مَالِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ دِينِهِ، فَإِنَّمَا هُوَ مَالُهُ يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ. (2)</p>أَمَّا إِنْ كَانَ الأَْسِيرُ فِي يَدِ مُشْرِكِينَ عُرِفُوا بِقَتْل أَسْرَاهُمْ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ، لأَِنَّ الأَْغْلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا، وَلَيْسَ يَخْلُو الْمَرَّةَ فِي حَالٍ أَبَدًا مِنْ رَجَاءِ الْحَيَاةِ وَخَوْفِ الْمَوْتِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ الأَْغْلَبُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ الْخَوْفَ عَلَيْهِ، فَعَطِيَّتُهُ عَطِيَّةَ مَرِيضٍ، وَإِذَا كَانَ الأَْغْلَبُ الأَْمَانَ كَانَتْ عَطِيَّتُهُ عَطِيَّةَ الصَّحِيحِ. (3) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (مَرَضُ الْمَوْتِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌جِنَايَةُ الأَْسِيرِ وَمَا يَجِبُ فِيهَا:</span></p><font color=#ff0000>75 -</font> يَتَّجِهُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَى أَنَّهُ إِذَا صَدَرَ مِنَ الأَْسِيرِ حَال الأَْسْرِ مَا يُوجِبُ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، لأَِنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ الدَّارَانِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 5 / 136 ط أولى، والشرح الكبير مطبوع مع المغني 7 / 146.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إرشاد الساري 9 / 447.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأم 4 / 36 الطبعة الأولى، والبدائع 7 / 133.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>تَحْرِيمِ الْفِعْل، فَلَمْ تَخْتَلِفْ فِيمَا يَجِبُ مِنَ الْعُقُوبَةِ. فَلَوْ قَتَل بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ قَذَفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ شَرِبَ أَحَدُهُمْ خَمْرًا، فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِمْ إِذَا صَارُوا إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَمْنَعُ الدَّارُ حُكْمَ اللَّهِ.</p>وَيَقُول الْحَطَّابُ: إِذَا أَقَرَّ الأَْسِيرُ أَنَّهُ زَنَى، وَدَامَ عَلَى إِقْرَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ، قَال ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ.</p>وَإِذَا قَتَل الأَْسِيرُ أَحَدًا مِنْهُمْ خَطَأً، وَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ، وَالأَْسِيرُ لَا يَعْلَمُ، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ. وَقِيل الْكَفَّارَةُ فَقَطْ. وَإِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ. وَإِنْ كَانَ قَتَلَهُ عَمْدًا وَهُوَ يَعْلَمُ بِإِسْلَامِهِ قُتِل بِهِ. وَإِذَا جَنَى الأَْسِيرُ عَلَى أَسِيرٍ مِثْلِهِ فَكَغَيْرِهِمَا (1) .</p><font color=#ff0000>76 -</font> وَقَال الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ - فِي جَرِيمَةِ الزِّنَى - بِعَدَمِ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عليه السلام لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي دَارِ الْحَرْبِ (2) لاِنْعِدَامِ الْمُسْتَوْفِي، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 241. والأم 4 / 162، 199، والمغني 10 / 537، ومواهب الجليل 3 / 354.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا تقام الحدود في دار الحرب " لم نجده بهذا اللفظ وإنما يدل عليه ما أخرجه الترمذي من حديث بسر بن أرطاة مرفوعا بلفظ: " لا تقطع الأيدي في الغزو " وما أخرجه النسائي وأبو داود مرفوعا بلفظ " لا تقطع الأيدي في السفر " قال الترمذي: هذا حديث غريب، وسكت عنه أبو داود، وقال الشوكاني: إسناده عند أبي داود ثقات إلى بسر، وفي إسناد الترمذي ابن لهيعة، وفي إسناد النسائي بقية بن الوليد، واختلف في صحبة بسر المذكور. وقال عبد القادر الأرناؤوط: وإسناده صحيح (تحفة الأحوذي 5 / 11، 12 نشر السلفية، وسنن النسائي 8 / 91 نشر المكتبة التجارية الكبرى، وعون المعبود 4 / 246 ط الهند، ونيل الأوطار 7 / 313 ط دار الجيل، وجامع الأصول بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط 3 / 579 نشر مكتبة الحلواني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>حِينَ بَاشَرَ السَّبَبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: لَا حَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى وَكَانَ أَسِيرًا فِي مُعَسْكَرِ أَهْل الْبَغْيِ، لأَِنَّ يَدَ إِمَامِ أَهْل الْعَدْل لَا تَصِل إِلَيْهِمْ. (1) وَقَالُوا: لَوْ قَتَل أَحَدُ الأَْسِيرَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ الآْخَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى الْكَفَّارَةِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّهُ بِالأَْسْرِ صَارَ تَبَعًا لَهُمْ، لِصَيْرُورَتِهِ مَقْهُورًا فِي أَيْدِيهِمْ، وَلِهَذَا يَصِيرُ مُقِيمًا بِإِقَامَتِهِمْ وَمُسَافِرًا بِسَفَرِهِمْ. وَخُصَّ الْخَطَأُ بِالْكَفَّارَةِ، لأَِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الْعَمْدِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ عِقَابُ الآْخِرَةِ. وَقَال الصَّاحِبَانِ بِلُزُومِ الدِّيَةِ أَيْضًا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ، لأَِنَّ الْعِصْمَةَ لَا تَبْطُل بِعَارِضِ الأَْسْرِ وَامْتِنَاعِ الْقِصَاصِ لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ الَّذِي فِي دَارِ الإِْسْلَامِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْكِحَةُ الأَْسْرَى:</span></p><font color=#ff0000>77 -</font> ظَاهِرُ كَلَامِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ الأَْسِيرَ لَا يَحِل لَهُ التَّزَوُّجُ مَا دَامَ أَسِيرًا، وَهَذَا قَوْل الزُّهْرِيِّ، وَكَرِهَ الْحَسَنُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي أَرْضِ الْمُشْرِكِينَ، لأَِنَّ الأَْسِيرَ إِذَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ كَانَ رَقِيقًا لَهُمْ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ، وَسُئِل أَحْمَدُ عَنْ أَسِيرٍ اُشْتُرِيَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ أَيَطَؤُهَا؟ فَقَال: كَيْفَ يَطَؤُهَا؟ فَلَعَل غَيْرَهُ مِنْهُمْ يَطَؤُهَا، قَال الأَْثْرَمُ: قُلْتُ لَهُ: وَلَعَلَّهَا تَعْلَقُ بِوَلَدٍ فَيَكُونُ مَعَهُمْ، قَال: وَهَذَا أَيْضًا. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 10 / 99، 100، ومواهب الجليل 3 / 354.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر الرائق 5 / 108، والفتح 4 / 350، 351، والبدائع 7 / 131، 133.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 10 / 511.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>وَيَقُول الْمَوَّاقُ: الأَْسِيرُ يُعْلَمُ تَنَصُّرُهُ فَلَا يُدْرَى أَطَوْعًا أَمْ كَرْهًا فَلْتَعْتَدَّ زَوْجَتُهُ، وَيُوقَفْ مَالُهُ، وَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ ثَبَتَ إِكْرَاهُهُ بِبَيِّنَةٍ كَانَ بِحَال الْمُسْلِمِ فِي نِسَائِهِ وَمَالِهِ. (1) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ (إِكْرَاه) (وَرِدَّة) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِكْرَاهُ الأَْسِيرِ وَالاِسْتِعَانَةُ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>78 -</font> الأَْسِيرُ إِنْ أَكْرَهَهُ الْكُفَّارُ عَلَى الْكُفْرِ، وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِْيمَانِ، لَا تَبِينُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ، وَلَا يَحْرُمُ مِيرَاثُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُحْرَمُونَ مِيرَاثَهُمْ مِنْهُ، وَإِذَا مَا أُكْرِهَ عَلَى أَكْل لَحْمِ الْخِنْزِيرِ أَوْ دُخُول الْكَنِيسَةِ فَفَعَل وَسِعَهُ ذَلِكَ لِقَاعِدَةِ الضَّرُورَاتِ. (2) وَلَوْ أَكْرَهُوهُ عَلَى أَنْ يَقْتُل مُسْلِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا لَا يُرَخَّصُ لَهُ فِي أَنْ يَدُل عَلَى ثُغْرَةٍ يَنْفُذُ مِنْهَا الْعَدُوُّ إِلَى مُقَاتَلَتِنَا، وَلَا الاِشْتِرَاكِ مَعَ الْعَدُوِّ فِي الْقِتَال عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ الأَْوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ (3) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَوْضِعُهُ مُصْطَلَحُ (إِكْرَاهٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْمَانُ مِنَ الأَْسِيرِ وَتَأْمِينُهُ:</span></p><font color=#ff0000>79 -</font> لَا يَصِحُّ الأَْمَانُ مِنَ الأَْسِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لأَِنَّ الأَْمَانَ لَا يَقَعُ مِنْهُ بِصِفَةِ النَّظَرِ مِنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ، بَل لِنَفْسِهِ حَتَّى يَتَخَلَّصَ مِنْهُمْ، وَلأَِنَّ الأَْسِيرَ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ، إِلَاّ أَنَّهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ إِنْ أَمِنُوهُ وَأَمِنَهُمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ لَهُمْ كَمَا يَفُونَ لَهُ، وَلَا يَسْرِقَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي حَقِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التاج والإكليل مطبوع بهامش مواهب الجيل 6 / 285.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأم 4 / 698.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التاج والإكليل مطبوع بهامش مواهب الجليل 3 / 389.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>نَفْسِهِ، وَقَدْ شُرِطَ أَنْ يَفِيَ لَهُمْ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِهِمْ. وَهُوَ مَا قَالَهُ اللَّيْثُ (1) . وَوَافَقَهُمْ كُلٌّ مِنَ: الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِذَا مَا كَانَ الأَْسِيرُ مَحْبُوسًا أَوْ مُقَيَّدًا، لأَِنَّهُ مُكْرَهٌ، وَأَعْطَى الشَّافِعِيَّةُ مَنْ أَمَّنَ آسِرَهُ حُكْمَ الْمُكْرَهِ، وَقَالُوا: إِنَّ أَمَانَهُ فَاسِدٌ. (2) أَمَّا إِذَا كَانَ مُطْلَقًا وَغَيْرَ مُكْرَهٍ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ أَسِيرَ الدَّارِ - وَهُوَ الْمُطْلَقُ بِبِلَادِ الْكُفَّارِ الْمَمْنُوعُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا - يَصِحُّ أَمَانُهُ. قَال الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِنَّمَا يَكُونُ مُؤَمَّنُهُ آمِنًا بِدَارِهِمْ لَا غَيْرُ، إِلَاّ أَنْ يُصَرِّحَ بِالأَْمَانِ فِي غَيْرِهَا. (3) وَسُئِل أَشْهَبُ عَنْ رَجُلٍ شَذَّ عَنْ عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَسَرَهُ الْعَدُوُّ، فَطَلَبَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، فَقَال الْعَدُوُّ لِلأَْسِيرِ الْمُسْلِمِ: أَعْطِنَا الأَْمَانَ، فَأَعْطَاهُمْ الأَْمَانَ، فَقَال: إِذَا كَانَ أَمَّنَهُمْ، وَهُوَ آمِنٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ أَمَّنَهُمْ، وَهُوَ خَائِفٌ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ، وَقَوْل الأَْسِيرِ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ. (4)</p>وَيُعَلِّل ابْنُ قُدَامَةَ لِصِحَّةِ أَمَانِ الأَْسِيرِ إِذَا عَقَدَهُ غَيْرَ مُكْرَهٍ، بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ مِنْ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ. . . كَمَا أَنَّهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح السير الكبير 1 / 286، وتبيين الحقائق 3 / 247، والفتح 4 / 300، والبحر الرائق 5 / 88، ومواهب الجليل 3 / 361، وفتح الوهاب 2 / 176، والمغني 10 / 433.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الوجيز 2 / 195.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح الوهاب 2 / 176، وحاشية الجمل 5 / 205، وشرح البهجة 5 / 132.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التاج والإكليل 3 / 361.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 10 / 433 وحديث:" ذمة المسلمين. . . " أخرجه مسلم من حديث الأعمش مرفوعا (صحيح مسلم بتحقيق محمد عبد الباقي 2 / 999 ط عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صَلَاةُ الأَْسِيرِ فِي السَّفَرِ، وَالاِنْفِلَاتِ، وَمَا يَنْتَهِي بِهِ الأَْسْرُ</span></p><font color=#ff0000>80 -</font> الأَْسِيرُ الْمُسْلِمُ فِي أَيْدِي الْكُفَّارِ إِنْ عَزَمَ عَلَى الْفِرَارِ مِنَ الأَْسْرِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ الْكُفَّارُ أَقَامُوا بِهِ فِي مَوْضِعٍ يُرِيدُونَ الْمُقَامَ فِيهِ الْمُدَّةَ الَّتِي تُعْتَبَرُ إِقَامَةً، وَلَا تَقْصُرُ بَعْدَهَا الصَّلَاةُ، لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ، لأَِنَّهُ مَقْهُورٌ فِي أَيْدِيهِمْ، فَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ نِيَّتَهُمْ فِي السَّفَرِ وَالإِْقَامَةِ، لَا نِيَّتَهُ. وَإِنْ كَانَ الأَْسِيرُ انْفَلَتَ مِنْهُمْ، وَهُوَ مُسَافِرٌ، فَوَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى إِقَامَةِ شَهْرٍ فِي غَارٍ أَوْ غَيْرِهِ قَصَرَ الصَّلَاةَ، لأَِنَّهُ مُحَارِبٌ لَهُمْ، فَلَا تَكُونُ دَارُ الْحَرْبِ مَوْضِعَ الإِْقَامَةِ فِي حَقِّهِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ. (1) وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (صَلَاةُ الْمُسَافِرِ) .</p> </p><font color=#ff0000>81 -</font> وَالأَْسْرُ يَنْتَهِي بِمَا يُقَرِّرُ الإِْمَامُ، مِنْ قَتْلٍ أَوِ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ بِمَالٍ، أَوْ عَنْ طَرِيقِ تَبَادُل الأَْسْرَى عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ، كَمَا يَنْتَهِي الأَْسْرُ بِمَوْتِ الأَْسِيرِ قَبْل قَرَارِ الإِْمَامِ فِيهِ، وَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ يَنْتَهِي بِفِرَارِ الأَْسِيرِ، يَقُول الْكَاسَانِيُّ: لَوِ انْفَلَتَ أَسِيرٌ قَبْل الإِْحْرَازِ بِدَارِ الإِْسْلَامِ وَالْتَحَقَ بِمَنْعَتِهِمْ يَعُودُ حُرًّا، وَيَنْتَهِي أَسْرُهُ، وَلَمْ يَعُدْ فَيْئًا، لأَِنَّ حَقَّ أَهْل دَارِ الإِْسْلَامِ لَا يَتَأَكَّدُ إِلَاّ بِالأَْخْذِ حَقِيقَةً، وَلَمْ يُوجَدْ. (2)</p><font color=#ff0000>82 -</font> وَيُصَرِّحُ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ الْفِرَارُ إِنْ أَطَاقُوهُ، وَلَمْ يُرْجَ ظُهُورُ الإِْسْلَامِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح السير الكبير 1 / 248.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 117، ومواهب الجليل 3 / 366، والتاج والإكليل 3 / 688.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>بِبَقَائِهِمْ، لِلْخُلُوصِ مِنْ قَهْرِ الأَْسْرِ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْوُجُوبَ بِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ إِظْهَارِ الدِّينِ (1)، لَكِنْ جَاءَ فِي مَطَالِبِ أُولِي النُّهَى: وَإِنْ أُسِرَ مُسْلِمٌ، فَأُطْلِقَ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَرَضِيَ بِالشَّرْطِ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ لِحَدِيثِ: الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ (2) وَإِنْ أُطْلِقَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ، إِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِظْهَارِ دِينِهِ، إِلَاّ الْمَرْأَةَ فَلَا يَحِل لَهَا الرُّجُوعُ. (3)</p>وَاخْتَارَ ابْنُ رُشْدٍ - إِذَا ائْتَمَنَ الْعَدُوُّ الأَْسِيرَ طَائِعًا عَلَى أَلَاّ يَهْرُبَ، وَلَا يَخُونَهُمْ - أَنَّهُ يَهْرُبُ وَلَا يَخُونُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ.</p>وَأَمَّا إِنِ ائْتَمَنُوهُ مُكْرَهًا، أَوْ لَمْ يَأْتَمِنُوهُ، فَلَهُ أَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح الوهاب 2 / 177، وحاشية الجمل 5 / 209.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" المؤمنون عند شروطهم. . . ". أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عطاء مرسلا بهذا اللفظ، وعلقه البخاري بلفظ:" المسلمون عند شروطهم ". قال ابن حجر: هذا أحد الأحاديث التي لم يوصلها المصنف في مكان آخر، وقد جاء من حديث عمرو بن عوف المزني، فأخرجه إسحاق في مسنده من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف، عن أبيه عن جده مرفوعا، وكذلك أخرجه الت (فتح الباري 4 / 451 - 452 ط السلفية، وتحفة الأحوذي 4 / 584، 585 نشر المكتبة السلفية، وسنن أبي داود 4 / 19، 20 ط استانبول، والمستدرك 2 / 49 نشر دار الكتاب العربي، ونيل الأوطار 5 / 254، 255 ط المطبعة العثمانية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالب أولي النهى 2 / 583، والإنصاف 4 / 209.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>يَأْخُذَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَهُ أَنْ يَهْرُبَ بِنَفْسِهِ. وَقَال اللَّخْمِيُّ: إِنْ عَاهَدُوهُ عَلَى أَلَاّ يَهْرُبَ فَلْيُوَفِّ بِالْعَهْدِ (1) ، فَإِنْ تَبِعَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَكْثَرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ فَلْيَدْفَعْهُمْ حَتْمًا إِنْ حَارَبُوهُ وَكَانُوا مِثْلَيْهِ فَأَقَل، وَإِلَاّ فَنَدْبًا. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌أُسْرَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> أُسْرَةُ الإِْنْسَانِ: عَشِيرَتُهُ وَرَهْطُهُ الأَْدْنَوْنَ، مَأْخُوذٌ مِنَ الأَْسْرِ، وَهُوَ الْقُوَّةُ، سُمُّوا بِذَلِكَ لأَِنَّهُ يَتَقَوَّى بِهِمْ، وَالأُْسْرَةُ: عَشِيرَةُ الرَّجُل وَأَهْل بَيْتِهِ، وَقَال أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: الأُْسْرَةُ أَقَارِبُ الرَّجُل مِنْ قِبَل أَبِيهِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لَفْظُ الأُْسْرَةِ لَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، كَذَلِكَ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ الْفُقَهَاءُ فِي عِبَارَاتِهِمْ فِيمَا نَعْلَمُ. وَالْمُتَعَارَفُ عَلَيْهِ الآْنَ إِطْلَاقُ لَفْظِ (الأُْسْرَةِ) عَلَى الرَّجُل وَمَنْ يَعُولُهُمْ مِنْ زَوْجِهِ وَأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى يُعَبِّرُ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ قَدِيمًا بِأَلْفَاظٍ مِنْهَا: الآْل، وَالأَْهْل، وَالْعِيَال. كَقَوْل النَّفْرَاوِيِّ الْمَالِكِيِّ: مَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التاج والإكليل 3 / 383، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 179، والفروع 3 / 628.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 8 / 78، والأم 8 / 275، ومطالب أولي النهى 2 / 585.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، وتاج العروس، والمصباح المنير. مادة:(أسر) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>قَال: الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ وَقْفٌ عَلَى عِيَالِي، تَدْخُل زَوْجَتُهُ فِي الْعِيَال. (1)</p>وَفِي ابْنِ عَابِدِينَ: أَهْلُهُ زَوْجَتُهُ، وَقَالَا، يَعْنِي صَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ: كُل مَنْ فِي عِيَالِهِ وَنَفَقَتِهِ غَيْرِ مَمَالِيكِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> مَا يُعْرَفُ بِأَحْكَامِ الأُْسْرَةِ أَوِ الأَْحْوَال الشَّخْصِيَّةِ فَهُوَ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَجْمُوعَةُ الأَْحْكَامِ الَّتِي تُنَظِّمُ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ أَفْرَادِ الأُْسْرَةِ الْوَاحِدَةِ.</p>وَقَدْ فَصَّلَهَا الْفُقَهَاءُ فِي أَبْوَابِ النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَاتِ وَالْقَسْمِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَالْعِدَدِ وَالظِّهَارِ وَالإِْيلَاءِ وَالنَّسَبِ وَالْحَضَانَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ وَنَحْوِهَا. وَتُنْظَرُ هَذِهِ الأَْحْكَامُ تَحْتَ هَذِهِ الْعَنَاوِينِ أَيْضًا، وَتَحْتَ عُنْوَانِ (أَبٌ، ابْنٌ، بِنْتٌ) إِلَخْ.</p> </p>‌<span class="title">‌أُسْطُوَانَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الأُْسْطُوَانَةُ: السَّارِيَةُ فِي الْمَسْجِدِ أَوِ الْبَيْتِ أَوْ نَحْوِهِمَا. (3)</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ ذَلِكَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفواكه الدواني 2 / 76 ط مصطفى محمد.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 452 ط بولاق الثالثة، والآية من سورة الشعراء / 26.</p><font color=#ff0000>(3)</font> لسان العرب، والمغني 2 / 220، وحاشية الدسوقي 1 / 331.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ، وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> فِي وُقُوفِ الإِْمَامِ بَيْنَ السَّوَارِي، وَفِي صَلَاتِهِ إِلَى الأُْسْطُوَانَةِ خِلَافٌ. فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ بِالْكَرَاهَةِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، فِي مَبْحَثِ (صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ) . (1)</p>أَمَّا الْمَأْمُومُونَ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَقْطَعِ الأُْسْطُوَانَةُ الصَّفَّ فَلَا كَرَاهَةَ لِعَدَمِ الدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا إِذَا قَطَعَتْ فَفِيهِ خِلَافٌ. فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، لِعَدَمِ الدَّلِيل عَلَى الْمَنْعِ. وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ الْكَرَاهَةَ، لِمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الصَّفِّ بَيْنَ السَّوَارِي (2) إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الصَّفُّ قَدْرَ مَا بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، أَوْ أَقَل فَلَا يُكْرَهُ. (3)</p>وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْفَارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الإِْسْفَارِ فِي اللُّغَةِ: الْكَشْفُ، يُقَال:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 220 و 237، وحاشية ابن عابدين 1 / 382.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" النهي عن الصف بين السواري. . . " أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود من حديث عبد الحميد بن محمود أنه قال: " صلينا خلف أمير من الأمراء، فاضطرنا الناس فصلينا بين الساريتين، فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ". قال الترمذي: حديث أنس حديث حسن صحيح (تحفة الأحوذي 2 / 21 نشر المكتبة السلفية، وجامع الأصول 5 / 611، 612 نشر مكتبة الحلواني) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 2 / 220، 237، وحاشية الدسوقي 1 / 331، والقليوبي 1 / 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>سَفَرَ الصُّبْحُ وَأَسْفَرَ: أَيْ أَضَاءَ، وَأَسْفَرَ الْقَوْمُ: أَصْبَحُوا، وَسَفَرَتِ الْمَرْأَةُ: كَشَفَتْ عَنْ وَجْهِهَا. (1)</p>وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلإِْسْفَارِ بِمَعْنَى ظُهُورِ الضَّوْءِ (2)، يُقَال: أَسْفَرَ بِالصُّبْحِ: إِذَا صَلَاّهَا وَقْتَ الإِْسْفَارِ (3) ، أَيْ عِنْدَ ظُهُورِ الضَّوْءِ، لَا فِي الْغَلَسِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْوَقْتَ الاِخْتِيَارِيَّ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ هُوَ إِلَى وَقْتِ الإِْسْفَارِ (4)، لِمَا رُوِيَ: أَنَّ جِبْرِيل عليه السلام صَلَّى الصُّبْحَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى مِنَ الْغَدِ حِينَ أَسْفَرَ، ثُمَّ الْتَفَتَ وَقَال: هَذَا وَقْتُكَ وَوَقْتُ الأَْنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والكليات مادة:(سفر) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 1 / 33 ط دار المعرفة، والمطلع ص 60.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغرب في ترتيب المعرب.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جواهر الإكليل 1 / 33، ونهاية المحتاج 1 / 353 ط المكتبة الإسلامية، والمهذب 1 / 59 ط دار المعرفة، والمغني 1 / 394 - 395 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" أن جبريل عليه السلام صلى الصبح. . . " أخرجه أحمد والترمذي وأبو داود وابن خزيمة والدارقطني والحاكم من حديث ابن عباس مرفوعا. ولفظ الترمذي: " أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين " إلى أن قال: " ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم. . ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض، ثم التفت إلي جبريل فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت فيما بين هذين الوقتين ". قا وصححه ابن عبد البر وأبو بكر بن العربي. قال الشوكاني: وفي إسناده ثلاثة مختلف فيهم. وأخرجه أحمد والنسائي والترمذي وابن حبان والحاكم من حديث جابر بن عبد الله بهذا المعنى مرفوعا وليست فيه عبارة " يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك ". قال البخاري: هو أصح ش قال الترمذي في كتاب العلل. إنه حسنه البخاري (تحفة الأحوزي 1 / 464 - 468 نشر المكتبة السلفية، ونيل الأوطار 1 / 380 - 382 ط دار الجيل 1973 م) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الإِْسْفَارُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، وَهُوَ أَفْضَل مِنَ التَّغْلِيسِ، فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، وَفِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ، وَفِي رِوَايَةٍ نَوِّرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَْجْرِ (1) . قَال أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ: يُبْدَأُ بِالتَّغْلِيسِ وَيُخْتَمُ بِالإِْسْفَارِ جَمْعًا بَيْنَ أَحَادِيثِ التَّغْلِيسِ وَالإِْسْفَارِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُبْحَثُ الإِْسْفَارُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَالأَْوْقَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْقَاطٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الإِْسْقَاطِ لُغَةً: الإِْيقَاعُ وَالإِْلْقَاءُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أسفروا بالفجر. . . " أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن حبان من حديث رافع بن خديج مرفوعا. ولفظ الترمذي: " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر، قال الترمذي: حديث رافع بن خديج حديث صحيح. وقال الحافظ في فتح الباري: رواه أصحاب السنن، وصححه غير واحد (فيض القدير 9 / 508 ط المكتبة التجارية 1356 هـ، وتحفة الأحوذي 1 / 477 - 479 نشر المكتبة السلفية، وجامع الأصول 5 / 252 نشر مكتبة الحلواني) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 1 / 38 ط دار المعرفة، والبدائع 1 / 124 ط الجمالية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>يُقَال: سَقَطَ اسْمُهُ مِنَ الدِّيوَانِ: إِذَا وَقَعَ، وَأَسْقَطَتِ الْحَامِل: أَلْقَتِ الْجَنِينَ، وَقَوْل الْفُقَهَاءِ: سَقَطَ الْفَرْضُ، أَيْ سَقَطَ طَلَبُهُ وَالأَْمْرُ بِهِ. (1)</p>وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: هُوَ إِزَالَةُ الْمِلْكِ، أَوِ الْحَقِّ، لَا إِلَى مَالِكٍ وَلَا إِلَى مُسْتَحِقٍّ، وَتَسْقُطُ بِذَلِكَ الْمُطَالَبَةُ بِهِ، لأَِنَّ السَّاقِطَ يَنْتَهِي وَيَتَلَاشَى وَلَا يَنْتَقِل، وَذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ وَ‌<span class="title">‌الإِْبْرَاءِ </span>مِنَ الدَّيْنِ (2)، وَبِمَعْنَى الإِْسْقَاطِ: الْحَطُّ، إِذْ يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ بِالْمَعْنَى نَفْسِهِ. (3) وَيَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي إِسْقَاطِ الْحَامِل الْجَنِينَ (4) . وَسَبَقَ تَفْصِيلُهُ فِي (إِجْهَاضٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ - الإِْبْرَاءُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْبْرَاءُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: إِسْقَاطُ الشَّخْصِ حَقًّا لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ أَوْ قِبَلَهُ. وَهَذَا عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ الإِْبْرَاءَ مِنَ الدَّيْنِ إِسْقَاطًا مَحْضًا، أَمَّا مَنْ يَعْتَبِرُهُ تَمْلِيكًا فَيَقُول: هُوَ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ. وَتَوَسَّطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فَقَال: هُوَ تَمْلِيكٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ، إِسْقَاطٌ فِي حَقِّ الْمَدِينِ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ لِبَرَاءَةِ الإِْسْقَاطِ لَا لِبَرَاءَةِ الاِسْتِيفَاءِ.</p>وَيُلَاحَظُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْحَقُّ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير ولسان العرب مادة:(سقط) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 3 / 121، 4 / 17 ط. دار المعرفة، والذخيرة 1 / 152 نشر وزارة الأوقاف بالكويت، والمهذب 1 / 449، 455، وشرح منتهى الإرادات 3 / 122.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغرب مادة:(حط) ، والكافي لابن عبد البر 1 / 881، وشرح منتهى الإرادات 3 / 288، وقليوبي 2 / 220.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المهذب 2 / 198.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>تُجَاهِهِ، كَحَقِّ الشُّفْعَةِ، فَتَرْكُهُ لَا يُعْتَبَرُ إِبْرَاءً، بَل هُوَ إِسْقَاطٌ. وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ. (1) غَيْرَ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ يَعْتَبِرُ الإِْبْرَاءَ أَعَمَّ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، إِذْ يَقُول: الإِْسْقَاطُ فِي الْمُعَيَّنِ، وَالإِْبْرَاءُ أَعَمُّ مِنْهُ، لأَِنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ. (2)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الصُّلْحُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الصُّلْحُ اسْمٌ بِمَعْنَى: الْمُصَالَحَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَالسِّلْمِ.</p>وَشَرْعًا: عَقْدٌ يَقْتَضِي قَطْعَ النِّزَاعِ وَالْخُصُومَةِ.</p>وَيَجُوزُ فِي الصُّلْحِ إِسْقَاطُ بَعْضِ الْحَقِّ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَنْ إِقْرَارٍ أَمْ إِنْكَارٍ أَمْ سُكُوتٍ. فَإِذَا كَانَتِ الْمُصَالَحَةُ عَلَى أَخْذِ الْبَدَل فَالصُّلْحُ مُعَاوَضَةٌ، وَلَيْسَ إِسْقَاطًا، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ. (3)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْمُقَاصَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يُقَال تَقَاصَّ الْقَوْمُ: إِذَا قَاصَّ كُلٌّ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ فِي الْحِسَابِ، فَحَبَسَ عَنْهُ مِثْل مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. (4)</p>وَالْمُقَاصَّةُ نَوْعٌ مِنَ الإِْسْقَاطِ، إِذْ هِيَ إِسْقَاطُ مَا لِلإِْنْسَانِ مِنْ دَيْنٍ عَلَى غَرِيمِهِ فِي مِثْل مَا عَلَيْهِ. فَهِيَ إِسْقَاطٌ بِعِوَضٍ، فِي حِينِ أَنَّ الإِْسْقَاطَ الْمُطْلَقَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، والمغرب مادة:(برئ) ، والمنثور في القواعد 1 / 81 نشر وزارة الأوقاف الكويتية، وجواهر الإكليل 2 / 212، والمهذب 1 / 455، 2 / 60، والمغني 5 / 659، ومنتهى الإرادات 2 / 521، وتكملة ابن عابدين 2 / 347.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منح الجليل 3 / 426.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغرب ولسان العرب مادة:(صلح) ، وقليوبي 2 / 306، والاختيار 3 / 5، وشرح منتهى الإرادات 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغرب ولسان العرب مادة:(قص) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>يَكُونُ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ، وَبِذَلِكَ تَكُونُ الْمُقَاصَّةُ أَخَصَّ مِنَ الإِْسْقَاطِ. (1) وَلَهَا شُرُوطٌ تُنْظَرُ فِي مَوْضِعِهَا.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْعَفْوُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> مِنْ مَعَانِي الْعَفْوِ: الْمَحْوُ وَالإِْسْقَاطُ وَتَرْكُ الْمُطَالَبَةِ، يُقَال: عَفَوْت عَنْ فُلَانٍ إِذَا تَرَكْتَ مُطَالَبَتَهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} . (2) أَيِ التَّارِكِينَ مَظَالِمَهُمْ عِنْدَهُمْ لَا يُطَالِبُونَهُمْ بِهَا. (3) فَالْعَفْوُ الَّذِي يُسْتَعْمَل فِي تَرْكِ الْحَقِّ مُسَاوٍ لِلإِْسْقَاطِ فِي الْمَعْنَى، إِلَاّ أَنَّ الْعَفْوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ أَعَمُّ لِتَعَدُّدِ اسْتِعْمَالَاتِهِ.</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ التَّمْلِيكُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> التَّمْلِيكُ: نَقْل الْمِلْكِ وَإِزَالَتُهُ إِلَى مَالِكٍ آخَرَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَنْقُول عَيْنًا كَمَا فِي الْبَيْعِ، أَمْ مَنْفَعَةً كَمَا فِي الإِْجَارَةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ بِعِوَضٍ كَمَا سَبَقَ، أَمْ بِدُونِهِ كَالْهِبَةِ. وَالتَّمْلِيكُ بِعُمُومِهِ يُفَارِقُ الإِْسْقَاطَ بِعُمُومِهِ، إِذْ التَّمْلِيكُ إِزَالَةٌ وَنَقْلٌ إِلَى مَالِكٍ، فِي حِينِ أَنَّ الإِْسْقَاطَ إِزَالَةٌ وَلَيْسَ نَقْلاً، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ إِلَى مَالِكٍ، لَكِنَّهُمَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي الإِْبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ، عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُهُ تَمْلِيكًا، كَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَلِذَلِكَ يَشْتَرِطُونَ فِيهِ الْقَبُول. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منح الجليل 3 / 52، والمنثور في القواعد 1 / 391.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة آل عمران / 134.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير مادة:(عفو) ، وشرح غريب المهذب 1 / 67، والمغني 5 / 659 ط الرياض، وشرح منتهى الإرادات 3 / 288، والبدائع 6 / 120.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح المنير مادة:(ملك) ، والاختيار 2 / 3، 3 / 41، والذخيرة 1 / 151، والمنثور في القواعد 3 / 228، والأشباه لابن نجيم ص 348، ومنتهى الإرادات 2 / 140، والمهذب 1 / 148 و 264.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صِفَةُ الإِْسْقَاطِ (حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ) :</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الإِْسْقَاطُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الْجُمْلَةِ، إِذْ هُوَ تَصَرُّفُ الإِْنْسَانِ فِي خَالِصِ حَقِّهِ، دُونَ أَنْ يَمَسَّ ذَلِكَ حَقًّا لِغَيْرِهِ (1) .</p>وَالأَْصْل فِيهِ الإِْبَاحَةُ، وَقَدْ تَعْرِضُ لَهُ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الأُْخْرَى. فَيَكُونُ وَاجِبًا، كَتَرْكِ وَلِيِّ الصَّغِيرِ الشُّفْعَةَ الَّتِي وَجَبَتْ لِلصَّغِيرِ، إِذَا كَانَ الْحَظُّ فِي تَرْكِهَا، لأَِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي مَالِهِ بِمَا فِيهِ حَظٌّ وَغِبْطَةٌ لَهُ. (2) وَكَالطَّلَاقِ الَّذِي يَرَاهُ الْحَكَمَانِ إِذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَكَذَلِكَ طَلَاقُ الرَّجُل إِذَا آلَى مِنْ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَفِئْ إِلَيْهَا (3) .</p>وَيَكُونُ مَنْدُوبًا إِذَا كَانَ قُرْبَةً، كَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ، وَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ، وَالْعِتْقِ، وَالْكِتَابَةِ. وَمِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّدْبِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ قَوْله تَعَالَى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} . (4) فَنَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْعَفْوِ وَالتَّصَدُّقِ بِحَقِّ الْقِصَاصِ (5) . . وَفِي إِبْرَاءِ الْمَدِينِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (6) يَقُول الْقُرْطُبِيُّ: نَدَبَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الأَْلْفَاظِ إِلَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَجَعَل ذَلِكَ خَيْرًا مِنْ إِنْظَارِهِ (7) .، وَلِذَلِكَ يَقُول الْفُقَهَاءُ: إِنَّ الْمَنْدُوبَ هُنَا وَهُوَ الإِْبْرَاءُ أَفْضَل مِنَ الْوَاجِبِ وَهُوَ الإِْنْظَارُ (8) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 260، والمنثور في القواعد 3 / 393.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 1 / 336، وشرح منتهى الإرادات 2 / 439.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 2 / 79، 80، والمغني 7 / 97.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المائدة / 45.</p><font color=#ff0000>(5)</font> أحكام القرآن للجصاص 1 / 175.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة البقرة / 280.</p><font color=#ff0000>(7)</font> الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3 / 374.</p><font color=#ff0000>(8)</font> الأشباه لابن نجيم ص 157.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا، كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ، وَهُوَ طَلَاقُ الْمَدْخُول بِهَا فِي حَال الْحَيْضِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ، وَكَذَلِكَ عَفْوُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ عَنِ الْقِصَاصِ مَجَّانًا (1) .</p>وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا، كَالطَّلَاقِ بِدُونِ سَبَبٍ يَسْتَدْعِيهِ (2)، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَبْغَضُ الْحَلَال إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌الْبَاعِثُ عَلَى الإِْسْقَاطِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> تَصَرُّفَاتُ الْمُكَلَّفِينَ فِيمَا يَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِيهِ لَا تَأْتِي عَفْوًا، بَل تَكُونُ لَهَا بَوَاعِثُ، قَدْ تَكُونُ شَرْعِيَّةً، فَيَكُونُ التَّصَرُّفُ اسْتِجَابَةً لأَِوَامِرِ الشَّرْعِ، وَقَدْ تَكُونُ لِمَصَالِحَ شَخْصِيَّةٍ.</p>وَالإِْسْقَاطُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَأَتَّى فِيهَا الْبَاعِثُ الشَّرْعِيُّ وَالشَّخْصِيُّ.</p>فَمِنَ الْبَوَاعِثِ الشَّرْعِيَّةِ:</p>الْعَمَل عَلَى حُرِّيَّةِ الإِْنْسَانِ الَّتِي هِيَ الأَْصْل لِكُل النَّاسِ، وَذَلِكَ الْعِتْقُ الَّذِي حَثَّ عَلَيْهِ الإِْسْلَامُ.</p>وَمِنْهَا: الإِْبْقَاءُ عَلَى الْحَيَاةِ، وَذَلِكَ بِإِسْقَاطِ حَقِّ الْقِصَاصِ مِمَّنْ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْحَقُّ.</p>وَمِنْهَا: مُعَاوَنَةُ الْمُعْسِرِينَ، وَذَلِكَ بِإِسْقَاطِ الدَّيْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 79، 80، وشرح منتهى الإرادات 2 / 291، و 3 / 123، وحاشية ابن عابدين 5 / 299، والمغني 7 / 97.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 648، والمهذب 2 / 79، 80، والمغني 7 / 97.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " أخرجه ابن ماجه (1 / 650 ط الحلبي) وأبو داود (2 / 343 ط المكتبة التجارية) ، وأعله ابن حجر في التلخيص بالإرسال والضعف (3 / 205 ط هاشم اليماني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>عَنْهُمْ إِنْ وُجِدَ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ ذَلِكَ.</p>وَمِنْهَا: إِرَادَةُ نَفْعِ الْجَارِ، كَمَا فِي وَضْعِ خَشَبِهِ عَلَى جِدَارِ جَارِهِ (1) وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَمْنَعُ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ (2) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَتَّسِعُ الْمَقَامُ لِذِكْرِهِ.</p>أَمَّا الْبَوَاعِثُ الشَّخْصِيَّةُ:</p>فَمِنْهَا: رَجَاءُ حُسْنِ الْعِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، مِمَّا يَدْعُو الزَّوْجَةَ إِلَى إِبْرَاءِ زَوْجِهَا مِنَ الْمَهْرِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بَعْدَ الدُّخُول (3)، أَوْ إِسْقَاطِ الزَّوْجَةِ حَقَّهَا فِي الْقَسْمِ (4) .</p>وَمِنْهَا: الإِْسْرَاعُ فِي الْحُصُول عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَذَلِكَ كَالْمُكَاتَبِ، إِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الأَْجَل فِي أَدَاءِ الْمَال الْمُكَاتَبِ، عَلَيْهِ، فَعَجَّل أَدَاءَ النُّجُومِ (الأَْقْسَاطِ) ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمَال، لأَِنَّ الأَْجَل حَقُّ الْمُكَاتَبِ فَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، حَتَّى لَوْ أَبَى السَّيِّدُ أَخْذَ الْمَال جَعَلَهُ الإِْمَامُ فِي بَيْتِ الْمَال، وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ (5) .</p>وَمِنْهَا: الاِنْتِفَاعُ الْمَادِّيُّ، كَالْخُلْعِ وَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 271.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبه في جداره " أخرجه البخاري (5 / 110 - الفتح - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1230 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> جواهر الإكليل 1 / 315.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المهذب 2 / 70، وجواهر الإكليل 1 / 328.</p><font color=#ff0000>(5)</font> منتهى الإرادات 2 / 261، 668، والأشباه لابن نجيم ص 266.</p><font color=#ff0000>(6)</font> منتهى الإرادات 3 / 107، والاختيار 3 / 156، والمهذب 2 / 71، والهداية 3 / 139، 204.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَرْكَانُ الإِْسْقَاطِ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> رُكْنُ الإِْسْقَاطِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ‌<span class="title">‌ الصِّيغَةُ </span>فَقَطْ، وَيُزَادُ عَلَيْهَا عِنْدَ غَيْرِهِمُ: الطَّرَفَانِ - الْمُسْقِطُ وَهُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَالْمُسْقَطُ عَنْهُ الَّذِي تَقَرَّرَ الْحَقُّ قِبَلَهُ - وَالْمَحَل وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَرِدُ عَلَيْهِ الإِْسْقَاطُ.</p> </p>الصِّيغَةُ:</p><font color=#ff0000>10 -</font> مِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ الصِّيغَةَ تَتَكَوَّنُ مِنَ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول مَعًا فِي الْعَقْدِ، وَهِيَ هُنَا كَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ فِي الْجُمْلَةِ فِي الإِْسْقَاطَاتِ الَّتِي تُقَابَل بِعِوَضٍ كَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ (1) . وَفِي غَيْرِهَا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَبُول عَلَى مَا سَيَأْتِي.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْيجَابُ فِي الصِّيغَةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الإِْيجَابُ فِي الصِّيغَةِ، هُوَ مَا يَدُل عَلَى الإِْسْقَاطِ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَى الْقَوْل، مِنْ إِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ سُكُوتٍ.</p>وَيُلَاحَظُ أَنَّ الإِْسْقَاطَاتِ قَدْ مُيِّزَ بَعْضُهَا بِأَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ تُعْرَفُ بِهَا، فَإِسْقَاطُ الْحَقِّ عَنِ الرِّقِّ عِتْقٌ، وَعَنِ اسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ طَلَاقٌ، وَعَنِ الْقِصَاصِ عَفْوٌ، وَعَنِ الدَّيْنِ إِبْرَاءٌ (2) .</p>وَلِكُل نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الإِْسْقَاطَاتِ صِيَغٌ خَاصَّةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ صَرِيحَةً، أَمْ كِنَايَةً تَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ. ر:(طَلَاق، عِتْق) .</p>أَمَّا غَيْرُ هَذِهِ الأَْنْوَاعِ مِنَ الإِْسْقَاطَاتِ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ الَّذِي يَدُل عَلَيْهَا هُوَ الإِْسْقَاطُ (3) . وَمَا بِمَعْنَاهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 73، وشرح منتهى الإرادات 3 / 113، 114، وجواهر الإكليل 1 / 330، والاختيار 3 / 157.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 4 / 17، وابن عابدين 3 / 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 5 / 659.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَلْفَاظًا مُتَعَدِّدَةً تُؤَدِّي مَعْنَى الإِْسْقَاطِ، وَذَلِكَ مِثْل: التَّرْكِ وَالْحَطِّ وَالْعَفْوِ وَالْوَضْعِ وَالإِْبْرَاءِ فِي بَرَاءَةِ الإِْسْقَاطِ وَالإِْبْطَال وَالإِْحْلَال (1) ، وَالْمَدَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعُرْفِ وَدَلَالَةِ الْحَال، وَلِذَلِكَ جَعَلُوا مِنَ الأَْلْفَاظِ الَّتِي تَدُل عَلَيْهِ: الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعَطِيَّةُ حِينَ لَا يُرَادُ بِهَذِهِ الأَْلْفَاظِ حَقِيقَتُهَا وَهِيَ التَّمْلِيكُ، وَيَكُونُ الْمَقَامُ دَالًّا عَلَى الإِْسْقَاطِ، فَفِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ: مَنْ أَبْرَأَ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ وَهَبَهُ لِمَدِينِهِ، أَوْ أَحَلَّهُ مِنْهُ، أَوْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ، أَوْ تَرَكَهُ لَهُ، أَوْ مَلَّكَهُ لَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ عَفَا عَنِ الدَّيْنِ، صَحَّ ذَلِكَ جَمِيعُهُ، وَكَانَ مُسْقِطًا لِلدَّيْنِ. وَإِنَّمَا صَحَّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ، لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَيْنٌ مَوْجُودَةٌ يَتَنَاوَلُهَا اللَّفْظُ انْصَرَفَ إِلَى مَعْنَى الإِْبْرَاءِ.</p>قَال الْحَارِثِيُّ: وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ دَيْنَهُ هِبَةً حَقِيقِيَّةً لَمْ يَصِحَّ، لاِنْتِفَاءِ مَعْنَى الإِْسْقَاطِ وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ (2) .</p>وَكَمَا يَحْصُل الإِْسْقَاطُ بِالْقَوْل، فَإِنَّهُ يَحْصُل بِالْكِتَابَةِ الْمُعَنْوَنَةِ الْمَرْسُومَةِ، وَبِالإِْشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ مِنْ فَاقِدِ النُّطْقِ (3) .</p>كَذَلِكَ قَدْ يَحْصُل الإِْسْقَاطُ بِالسُّكُوتِ، كَمَا إِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِبَيْعِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ، وَسَكَتَ مَعَ إِمْكَانِ الطَّلَبِ، فَإِنَّ سُكُوتَهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 659، والمهذب 2 / 60، 61، والكافي لابن عبد البر 2 / 881، والأشباه لابن نجيم ص 316 - 318، 343.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 521.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 456، والمغني 6 / 102، 7 / 238، وجواهر الإكليل 2 / 317، وأشباه السيوطي ص 247.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 7 / 193، وأشباه ابن نجيم ص 155، والاختيار 4 / 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>وَيَحْصُل الإِْسْقَاطُ أَيْضًا نَتِيجَةَ فِعْلٍ يَصْدُرُ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ، كَمَنْ يَشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ يَتَصَرَّفُ فِي الْمَبِيعِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، فَإِنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِحَقِّهِ فِي الْخِيَارِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَبُول:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الأَْصْل فِي الإِْسْقَاطِ أَنْ يَتِمَّ بِإِرَادَةِ الْمُسْقِطِ وَحْدَهُ، لأَِنَّ جَائِزَ التَّصَرُّفِ لَا يُمْنَعُ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّهِ، مَا دَامَ لَمْ يَمَسَّ حَقَّ غَيْرِهِ. (2)</p>وَمِنْ هُنَا فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الإِْسْقَاطَ الْمَحْضَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَاَلَّذِي لَمْ يُقَابَل بِعِوَضٍ، يَتِمُّ بِصُدُورِ مَا يُحَقِّقُ مَعْنَاهُ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُول الطَّرَفِ الآْخَرِ، كَالطَّلَاقِ، فَلَا يَحْتَاجُ الطَّلَاقُ إِلَى قَبُولٍ. (3)</p><font color=#ff0000>13 -</font> وَيَتَّفِقُونَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الإِْسْقَاطَ الَّذِي يُقَابَل بِعِوَضٍ يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى قَبُول الطَّرَفِ الآْخَرِ فِي الْجُمْلَةِ، كَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ (4) ، لأَِنَّ الإِْسْقَاطَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُعَاوَضَةً، فَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى قَبُول دَفْعِ الْعِوَضِ مِنَ الطَّرَفِ الآْخَرِ، إِذِ الْمُعَاوَضَةُ لَا تَتِمُّ إِلَاّ بِرِضَى الطَّرَفَيْنِ.</p>وَقَدْ أَلْحَقَ الْحَنَفِيَّةُ بِهَذَا الْقِسْمِ الصُّلْحَ عَلَى دَمِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَى الْجَانِي، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 2 / 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تكملة ابن عابدين 2 / 142، والاختيار 4 / 17، وجواهر الإكليل 2 / 299، والمهذب 2 / 78، ومنتهى الإرادات 3 / 128.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 113، 114، وجواهر الإكليل 1 / 330، والاختيار 3 / 157، والمهذب 2 / 73.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (1) وَالْمُرَادُ بِهِ الصُّلْحُ. وَلأَِنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لِلْوَرَثَةِ يَجْرِي فِيهِ الإِْسْقَاطُ عَفْوًا، فَكَذَا تَعْوِيضًا، لاِشْتِمَالِهِ عَلَى إِحْسَانِ الأَْوْلِيَاءِ وَإِحْيَاءِ الْقَاتِل، فَيَجُوزُ بِالتَّرَاضِي. (2)</p>وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ هُوَ قَوْلٌ لِلإِْمَامِ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ. (3)</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلإِْمَامِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْقِصَاصِ، إِذَا أَرَادَ أَخْذَ الدِّيَةِ بَدَل الْقِصَاصِ، فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِضَى الْجَانِي، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} وَلِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَامَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال: مَنْ قُتِل لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يُودَى، وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ. (4) وَبِهَذَا قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (5) .</p> </p><font color=#ff0000>14 -</font> وَيَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ الإِْسْقَاطُ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، كَإِبْرَاءِ الْمَدِينِ مِنَ الدَّيْنِ. وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الإِْسْقَاطِ هُوَ الَّذِي اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَسَاسِ مَا فِيهِ مِنْ جَانِبَيِ الإِْسْقَاطِ وَالتَّمْلِيكِ.</p>فَالْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَالْحَنَابِلَةُ وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، نَظَرُوا إِلَى جَانِبِ الإِْسْقَاطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 178.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 4 / 158، 167.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الكافي لابن عبد البر 2 / 1100.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يودى، وإما أن يقاد " أخرجه البخاري (12 / 205 - الفتح - ط السلفية) ومسلم (2 / 989 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 7 / 751، والمهذب 2 / 189، والكافي لابن عبد البر 2 / 1100.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>فِيهِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ تَمَامُهُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْقَبُول، لأَِنَّ جَائِزَ التَّصَرُّفِ لَا يُمْنَعُ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّهِ أَوْ بَعْضِهِ. وَلأَِنَّهُ إِسْقَاطُ حَقٍّ لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْقَبُول، كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالشُّفْعَةِ. (1) بَل إِنَّ الْخَطِيبَ الشِّرْبِينِيَّ قَال: لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُول عَلَى الْمَذْهَبِ، سَوَاءٌ قُلْنَا: الإِْبْرَاءُ تَمْلِيكٌ أَوْ إِسْقَاطٌ. (2)</p>وَيَسْتَوِي عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ التَّعْبِيرُ بِالإِْبْرَاءِ أَوْ بِهِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ، إِلَاّ مَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْهِبَةِ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُول. جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: هِبَةُ الدَّيْنِ مِنَ الْكَفِيل لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُول، وَإِبْرَاؤُهُ يَتِمُّ بِدُونِ قَبُولٍ. (3)</p><font color=#ff0000>15 -</font> وَلَمَّا كَانَ الإِْبْرَاءُ مِنْ بَدَل الصَّرْفِ وَرَأْسُ مَال السَّلَمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُول عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، مِمَّا يُشْعِرُ بِالتَّعَارُضِ مَعَ رَأْيِهِمْ فِي عَدَمِ تَوَقُّفِ الإِْبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُول، فَقَدْ عَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّ التَّوَقُّفَ عَلَى الْقَبُول فِيهِمَا لَيْسَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ هِبَةُ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ، وَلَكِنْ لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ فِيهِمَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ بِفَوَاتِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ لِحَقِّ الشَّارِعِ، وَأَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِفَسْخِهِ، فَلِهَذَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُول الآْخَرِ. (4)</p>وَالأَْرْجَحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ إِبْرَاءَ الْمَدِينِ مِنَ الدَّيْنِ يَتَوَقَّفُ تَمَامُهُ عَلَى الْقَبُول،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تكملة ابن عابدين 2 / 142، 347، والمهذب 1 / 455، 2 / 60، والدسوقي 4 / 99، ومنح الجليل 4 / 86، وشرح منتهى الإرادات 2 / 521، والمغني 5 / 658.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 4 / 373.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تكملة ابن عابدين 2 / 347، وأشباه ابن نجيم ص 264، والفتاوى الهندية 4 / 384.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تكملة ابن عابدين 2 / 347.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ - عَلَى رَأْيِهِمْ - نَقْلٌ لِلْمِلْكِ، فَهُوَ تَمْلِيكُ الْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ، فَيَكُونُ مِنْ قَبِيل الْهِبَةِ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُول. (1)</p>وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ هِيَ تَرَفُّعُ ذَوِي الْمُرُوءَاتِ عَمَّا قَدْ يَحْدُثُ فِي الإِْبْرَاءِ مِنْ مِنَّةٍ، وَمَا قَدْ يُصِيبُهُمْ مِنْ ضَرَرٍ بِذَلِكَ، لَا سِيَّمَا مِنَ السَّفَلَةِ، فَكَانَ لَهُمُ الرَّفْضُ شَرْعًا، نَفْيًا لِلضَّرَرِ الْحَاصِل مِنَ الْمِنَنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌رَدُّ الإِْسْقَاطِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> لَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ الإِْسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَاَلَّتِي لَمْ تُقَابَل بِعِوَضٍ، كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ لَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، لأَِنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُول، وَبِالإِْسْقَاطِ يَسْقُطُ الْمِلْكُ وَالْحَقُّ، فَيَتَلَاشَى وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الرَّدُّ، وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. وَلَا يَخْتَلِفُونَ كَذَلِكَ فِي أَنَّ الإِْسْقَاطَاتِ الَّتِي تُقَابَل بِعِوَضٍ، كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ مَا لَمْ يَسْبِقْ قَبُولٌ أَوْ طَلَبٌ. (3)</p><font color=#ff0000>17 -</font> أَمَّا مَا فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ كَالإِْبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ رَأْيُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 4 / 99، والفروق للقرافي 2 / 110، والمهذب 1 / 455، وشرح الروض 2 / 195.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق 2 / 110، وشرح الروض 2 / 95، ومنح الجليل 4 / 86، 88، والدسوقي 4 / 99، والمهذب 1 / 454، 455 و 2 / 73، ويلاحظ أن هذه الحكمة علل بها الحنفية أيضا ارتداد الإبراء بالرد، كما سيأتي (البدائع 5 / 203) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> لاختيار 3 / 121، 157، 4 / 17، وشرح منتهى الإرادات 3 / 107، 108 و 2 / 676، والمهذب 2 / 73، وجواهر الإكليل 1 / 330، 2 / 299، والمغني 5 / 658.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، نَظَرًا لِجَانِبِ التَّمْلِيكِ فِيهِ، وَلِمَا قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ قَابِلِيَّتِهِ لِلرَّدِّ مِنْ ضَرَرِ الْمِنَّةِ الَّتِي يَتَرَفَّعُ عَنْهَا ذَوُو الْمُرُوءَاتِ.</p><font color=#ff0000>18 -</font> هَذَا مَعَ اسْتِثْنَاءِ الْحَنَفِيَّةِ لِبَعْضِ الْمَسَائِل الَّتِي لَا يَرْتَدُّ فِيهَا الإِْبْرَاءُ بِالرَّدِّ وَهِيَ:</p>أ - إِذَا أَبْرَأَ الْمُحَال الْمُحَال عَلَيْهِ فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ.</p>ب - إِذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيل فَالأَْرْجَحُ أَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَقِيل يَرْتَدُّ.</p>ج - إِذَا طَلَبَ الْمَدِينُ الإِْبْرَاءَ فَأَبْرَأَهُ الدَّائِنُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ.</p>د - إِذَا قَبِل الْمَدِينُ الإِْبْرَاءَ ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ.</p>وَهَذِهِ الْمَسَائِل فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ خُرُوجًا عَلَى الأَْصْل الَّذِي سَارَ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، ذَلِكَ أَنَّ الْحَوَالَةَ وَالْكَفَالَةَ مِنَ الإِْسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ، لأَِنَّ الْوَاجِبَ هُوَ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ.</p>وَأَمَّا الْقَبُول إِذَا تَمَّ فَلَا مَعْنَى لِلرَّدِّ بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ طَلَبُ الْمَدِينِ الْبَرَاءَةَ يُعْتَبَرُ قَبُولاً.</p><font color=#ff0000>19 -</font> وَمَعَ اتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الإِْبْرَاءَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إِلَاّ أَنَّهُمْ يَخْتَلِفُونَ مِنْ حَيْثُ تَقْيِيدُ الرَّدِّ بِمَجْلِسِ الإِْبْرَاءِ وَعَدَمُ تَقْيِيدِهِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: هُمَا قَوْلَانِ. وَفِي الْفَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ: لَوْ لَمْ يَقْبَل وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى افْتَرَقَا، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ رَدَّ لَا يَرْتَدُّ فِي الصَّحِيحِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تكملة ابن عابدين 2 / 347، وابن عابدين 4 / 456، والهندية 4 / 384، والبدائع 5 / 203، وشرح الروض 2 / 195، والمهذب 1 / 455، 459، ومنح الجليل 4 / 86، والدسوقي 4 / 99، والفروق 2 / 110.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌التَّعْلِيقُ وَالتَّقْيِيدُ وَالإِْضَافَةُ فِي الإِْسْقَاطَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> التَّعْلِيقُ هُوَ رَبْطُ وُجُودِ الشَّيْءِ بِوُجُودِ غَيْرِهِ، وَيُسْتَعْمَل فِيهِ لَفْظُ أَدَاةِ الشَّرْطِ صَرِيحًا، كَإِنْ وَإِذَا، وَانْعِقَادُ الْحُكْمِ فِيهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُول الشَّرْطِ.</p><font color=#ff0000>21 -</font> وَالتَّقْيِيدُ بِالشُّرُوطِ مَا جُزِمَ فِيهِ بِالأَْصْل، وَشُرِطَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ، وَلَا يُسْتَعْمَل فِيهِ لَفْظُ أَدَاةِ الشَّرْطِ صَرِيحًا.</p><font color=#ff0000>22 -</font> أَمَّا الإِْضَافَةُ فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَمْنَعُ سَبَبِيَّةَ اللَّفْظِ لِلْحُكْمِ إِلَاّ أَنَّهَا تَجْعَل الْحُكْمَ يَتَأَخَّرُ الْبَدْءُ بِهِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ يُحَدِّدُهُ الْمُتَصَرِّفُ (1) .</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْسْقَاطَاتِ هُوَ:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: تَعْلِيقُ الإِْسْقَاطِ عَلَى الشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ تَعْلِيقُ الإِْسْقَاطَاتِ عَلَى الشَّرْطِ الْكَائِنِ بِالْفِعْل (أَيِ الْمَوْجُودِ حَالَةَ الإِْسْقَاطِ) ، لأَِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْجَزِ، كَقَوْل الدَّائِنِ لِغَرِيمِهِ: إِنْ كَانَ لِي عَلَيْكَ دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُكَ، وَكَقَوْل الرَّجُل لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ كَانَتِ السَّمَاءُ فَوْقَنَا وَالأَْرْضُ تَحْتَنَا، وَكَمَنْ قَال لآِخَرَ: بَاعَنِي فُلَانٌ دَارَكَ بِكَذَا، فَقَال: إِنْ كَانَ كَذَا فَقَدْ أَجَزْتُهُ، وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ اشْتَرَى هَذَا الشِّقْصَ بِكَذَا فَقَدْ أَسْقَطْتُ الشُّفْعَةَ.</p>كَذَلِكَ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ التَّعْلِيقُ عَلَى مَوْتِ الْمُسْقِطِ، وَيُعْتَبَرُ وَصِيَّةً، كَقَوْلِهِ لِمَدِينِهِ: إِذَا مِتَّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تكملة فتح القدير والعناية بهامشه 7 / 398، والزيلعي والشلبي عليه 5 / 244، وحاشية ابن عابدين 4 / 222، 233.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 223 - 226، والتكملة لابن عابدين 2 / 345، وشرح منتهى الإرادات 2 / 521، 675، والمغني 4 / 359 ط الرياض، ونهاية المحتاج 4 / 428، ومنح الجليل 4 / 590، 653، وفتح العلي المالك 1 / 307.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>وَهَذَا فِيمَا عَدَا مَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى مَوْتِهِ، إِذْ فِيهِ الاِخْتِلَافُ بَيْنَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ وَبَيْنَ عَدَمِ وُقُوعِهِ (1) .</p>أَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ فَيُمْكِنُ تَقْسِيمُ الإِْسْقَاطَاتِ بِالنِّسْبَةِ لَهَا فِي الْجُمْلَةِ إِلَى الآْتِي:</p><font color=#ff0000>24 -</font> (أ) إِسْقَاطَاتٌ مَحْضَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَلَمْ تُقَابَل بِعِوَضٍ. وَهَذِهِ يَجُوزُ فِي الْجُمْلَةِ تَعْلِيقُهَا عَلَى الشَّرْطِ، غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ وَضَعُوا هُنَا ضَابِطًا فَقَالُوا: إِنْ كَانَتِ الإِْسْقَاطَاتُ مِمَّا يُحْلَفُ بِهَا، كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ مُلَائِمًا أَمْ غَيْرَ مُلَائِمٍ. وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُحْلَفُ بِهَا، كَالإِْذْنِ فِي التِّجَارَةِ وَتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ فَقَطْ، وَهُوَ مَا يُؤَكِّدُ مُوجَبَ الْعَقْدِ. وَيُعَبِّرُ الْحَنَفِيَّةُ أَحْيَانًا بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ. وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا وَاحِدٌ، فَفِي ابْنِ عَابِدِينَ: وَفِي الْبَحْرِ عَنِ الْمِعْرَاجِ: غَيْرُ الْمُلَائِمِ هُوَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلطَّالِبِ أَصْلاً، كَدُخُول الدَّارِ وَمَجِيءِ الْغَدِ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ - بَعْدَ الْكَلَامِ عَنِ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ فِي جَوَازِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنَ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ - قَال: وَجْهُ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَ الشَّرْطُ مَحْضًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ أَصْلاً، لأَِنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ بَيْنَ النَّاسِ، كَمَا لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ لَيْسَ لِلنَّاسِ فِيهِ تَعَامُلٌ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ بِشَرْطٍ فِيهِ نَفْعٌ لِلطَّالِبِ، وَلَهُ تَعَامُلٌ، فَتَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِهِ صَحِيحٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منح الجليل 2 / 250، والمهذب 2 / 97، والمغني 7 / 270.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 223، 233، 277، 480، والتكملة 2 / 345، وفتح القدير 6 / 311.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>وَلَمْ يَتَعَرَّضْ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ لِهَذَا التَّقْسِيمِ، وَاَلَّذِي يَبْدُو مِمَّا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَعْلِيقُ الإِْسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ عَلَى الشَّرْطِ مُطْلَقًا، دُونَ تَفْرِيقٍ بَيْنَ مَا يُحْلَفُ بِهِ وَمَا لَا يُحْلَفُ بِهِ، وَيَدُل لِذَلِكَ الضَّابِطُ الَّذِي وَضَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ: مَا كَانَ تَمْلِيكًا مَحْضًا لَا مَدْخَل لِلتَّعْلِيقِ فِيهِ قَطْعًا كَالْبَيْعِ، وَمَا كَانَ حِلًّا مَحْضًا، يَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ قَطْعًا كَالْعِتْقِ، وَبَيْنَهُمَا مَرَاتِبُ يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ كَالْفَسْخِ وَالإِْبْرَاءِ. (1)</p>وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّ الْمَسَائِل الَّتِي ذَكَرُوا أَنَّهَا تَقْبَل التَّعْلِيقَ تُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى. وَقَدْ وَرَدَ الْكَثِيرُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِل فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ عُلَيْشٍ الْمَالِكِيِّ، وَمِنْهَا: إِذَا طَلَبَتِ الْحَاضِنَةُ الاِنْتِقَال بِالأَْوْلَادِ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَقَال الأَْبُ: إِنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ فَنَفَقَتُهُمْ وَكِسْوَتُهُمْ عَلَيْكَ، لَزِمَهَا ذَلِكَ، لأَِنَّ لِلأَْبِ مَنْعَهَا مِنَ الْخُرُوجِ بِهِمْ إِلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَأَسْقَطَ حَقَّهُ بِذَلِكَ. وَإِذَا قَال الشَّفِيعُ: إِنِ اشْتَرَيْتَ ذَلِكَ الشِّقْصَ فَقَدْ سَلَّمْتُ لَكَ شُفْعَتِي عَلَى دِينَارٍ تُعْطِينِي إِيَّاهُ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ مِنْكَ فَلَا جُعْل لِي عَلَيْكَ، جَازَ ذَلِكَ. (2)</p><font color=#ff0000>25 -</font> (ب) إِسْقَاطَاتٌ فِيهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، كَالْخُلْعِ وَالْمُكَاتَبَةِ. (3) وَمَا يَلْحَقُ بِهِمَا مِنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ.</p>فَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ وَكَذَا الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور في قواعد الزركشي 1 / 377، والأشباه للسيوطي ص 287.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العلي المالك 1 / 267، 307، وانظر شرح منتهى الإرادات 2 / 300، 308، 330.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المكاتبة: اتفاق بين العبد ومالكه على عتقه بدفع مال محدد في أجل معين، مع إطلاق يده خلاله في التصرف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>تَعْلِيقُهُمَا جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ، لأَِنَّهُمَا إِسْقَاطٌ مَحْضٌ، وَالْمُعَاوَضَةُ فِيهِمَا مَعْدُولٌ بِهَا عَنْ سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ.</p>وَأَمَّا الْخُلْعُ فَقَدْ أَجَازَ تَعْلِيقَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ، بِاعْتِبَارِهِ طَلَاقًا، وَمَنَعَهُ الْحَنَابِلَةُ لِمَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ.</p>وَأَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَقَدْ أَجَازَ تَعْلِيقَهَا بِالشَّرْطِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَمَنَعَهَا الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، جَاءَ فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيِّ: الْمُعَاوَضَةُ غَيْرُ الْمَحْضَةِ وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ الْمَال فِيهَا مَقْصُودًا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ (أَيْ كَالْمُكَاتَبَةِ) لَا تَقْبَل التَّعْلِيقَ، إِلَاّ فِي الْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ. (1)</p><font color=#ff0000>26 -</font> (ج) الإِْسْقَاطُ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، كَالإِْبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ. وَقَدْ أَجَازَ تَعْلِيقَهُ عَلَى الشَّرْطِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ. غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَيَّدُوهُ بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ أَوِ الْمُتَعَارَفِ عَلَى مَا سَبَقَ تَفْسِيرُهُ. وَمَنَعَ تَعْلِيقَهُ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ.</p>وَقَدِ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ ثَلَاثَ صُوَرٍ يَجُوزُ فِيهَا التَّعْلِيقُ، وَهِيَ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> لَوْ قَال: إِنْ رَدَدْتَ ضَالَّتِي فَقَدْ أَبْرَأْتُكَ عَنِ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْكَ صَحَّ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تَعْلِيقُ الإِْبْرَاءِ ضِمْنًا، كَمَا إِذَا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ، ثُمَّ كَاتَبَهُ فَوُجِدَتِ الصِّفَةُ، عَتَقَ، وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ الإِْبْرَاءَ مِنَ النُّجُومِ (أَيِ الأَْقْسَاطِ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الْبَرَاءَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِمَوْتِ الْمُبَرِّئِ (2) ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 152، 4 / 137، وفتح القدير 4 / 164، ونهاية المحتاج 6 / 402، والمهذب 2 / 210، 212، وقليوبي 3 / 314، والمنثور 1 / 370، 2 / 403، ومنتهى الإرادات 3 / 110، 113، 2 / 655، 675، والمغني 7 / 72، وجواهر الإكليل 1 / 335، 336، 2 / 312، ومنح الجليل 4 / 628.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 225، 231، 480، وفتح العلي المالك 1 / 281، ومنتهى الإرادات 2 / 521، والمغني 4 / 359، والمنثور 1 / 83، 84، 85، وأشباه السيوطي ص 287، وقليوبي 3 / 310.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: تَقْيِيدُ الإِْسْقَاطِ بِالشَّرْطِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> يَصِحُّ فِي الْجُمْلَةِ تَقْيِيدُ الإِْسْقَاطَاتِ بِالشُّرُوطِ، فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا لَزِمَ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ فَاسِدًا فَلِكُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ فِي الْحُكْمِ عَلَى مَا يُعْتَبَرُ فَاسِدًا مِنَ الشُّرُوطِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ، وَهَل يَبْطُل التَّصَرُّفُ بِفَسَادِ الشَّرْطِ، أَوْ يَبْطُل الشَّرْطُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ. وَنَتْرُكُ التَّفَاصِيل لِمَوَاضِعِهَا.</p>لَكِنَّ الْحُكْمَ الْغَالِبَ فِي الإِْسْقَاطَاتِ أَنَّهَا لَوْ قُيِّدَتْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، صَحَّ وَبَطَل الشَّرْطُ.</p>وَيَتَبَيَّنُ هَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الضَّوَابِطِ، وَمِنَ الْفُرُوعِ الَّتِي أَوْرَدَهَا غَيْرُهُمْ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ ذَلِكَ.</p>قَال الْحَنَفِيَّةُ: كُل مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ، الْفَاسِدِ.</p>وَقَالُوا أَيْضًا: مَا لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الدُّرِّ وَابْنُ عَابِدِينَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَصِحُّ وَلَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَمِنْهَا: الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالْعِتْقُ وَالإِْيصَاءُ وَالشَّرِكَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْكِتَابَةُ وَالإِْذْنُ فِي التِّجَارَةِ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالإِْبْرَاءُ عَنْهُ. (1)</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فَلَمْ يَرْبِطُوا بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّقْيِيدِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ أَنَّ مَا يَقْبَل الشَّرْطَ وَالتَّعْلِيقَ: الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُول التَّعْلِيقِ قَبُول الشَّرْطِ، وَلَا مِنْ قَبُول الشَّرْطِ قَبُول التَّعْلِيقِ، وَتُطْلَبُ الْمُنَاسَبَةُ فِي كُل بَابٍ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر وحاشية ابن عابدين 4 / 225، 227، 228، 232.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>أَبْوَابِ الْفِقْهِ (1) . وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي وَرَدَتْ عِنْدَهُمْ: لَوْ خَالَعَتْ زَوْجَهَا وَاشْتَرَطَتِ الرَّجْعَةَ، لَزِمَ الْخُلْعُ، وَبَطَل الشَّرْطُ (2) . وَلَوْ صَالَحَ الْجَانِي وَلِيَّ الدَّمِ عَلَى شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَرْحَل مِنَ الْبَلَدِ، فَقَال ابْنُ كِنَانَةَ: الشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ، وَقَال الْمُغِيرَةُ: الشَّرْطُ جَائِزٌ وَالصُّلْحُ لَازِمٌ، وَكَانَ سَحْنُونٌ يُعْجِبُهُ قَوْل الْمُغِيرَةِ (3) .</p>وَيَقُول الشَّافِعِيَّةُ: الشَّرْطُ الْفَاسِدُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بَعْضُ أَحْكَامِ الصَّحِيحِ، وَمِثْل ذَلِكَ فِي الإِْسْقَاطَاتِ الْكِتَابَةُ وَالْخُلْعُ (4) .</p>وَمِمَّا قَالَهُ الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ: إِذَا قُيِّدَ الْخُلْعُ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ صَحَّ الْخُلْعُ وَلَغَا الشَّرْطُ. وَفِي الْمُغْنِي: الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ لَا تُبْطِلُهُمَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: إِضَافَةُ الإِْسْقَاطِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> مِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَظْهَرُ أَثَرُهَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِ تَمَّامِ الصِّيغَةِ، وَلَا تَقْبَل إِرْجَاءَ حُكْمِهَا إِلَى زَمَنٍ آخَرَ كَالزَّوَاجِ وَالْبَيْعِ.</p>وَمِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا تَكُونُ طَبِيعَتُهَا تَمْنَعُ ظُهُورَ أَثَرِهَا إِلَاّ فِي زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، كَالْوَصِيَّةِ.</p>وَمِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَقَعُ حُكْمُهُ مُنْجَزًا، كَالطَّلَاقِ تَنْتَهِي بِهِ الزَّوْجِيَّةُ فِي الْحَال، وَيَصِحُّ أَنْ يُضَافَ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا تَنْتَهِي الزَّوْجِيَّةُ إِلَاّ عِنْدَ حُصُولِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 1 / 228.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح العلي المالك 1 / 266، 338، 374.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 4 / 263.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المنثور في القواعد للزركشي 3 / 15، 2 / 409، 410.</p><font color=#ff0000>(5)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 110، والمغني 5 / 71، 72 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>وَإِضَافَةُ الطَّلَاقِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (1) وَهُوَ مُنْجَزٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَلَوْ أَضَافَهُ إِلَى الْمُسْتَقْبَل، لأَِنَّهُ بِهَذِهِ الإِْضَافَةِ أَشْبَهُ بِنِكَاحِ الْمُتْعَةِ. (2) وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ فَإِنَّهُ إِسْقَاطٌ يَقْبَل الإِْضَافَةَ.</p>وَمِمَّا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنَ الإِْسْقَاطَاتِ الَّتِي لَا تَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ: الإِْبْرَاءُ مِنَ الدَّيْنِ وَإِسْقَاطُ الْقِصَاصِ. (3) وَالْحُكْمُ الْغَالِبُ أَنَّ الإِْسْقَاطَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ تَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل. هَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلِكُل مَذْهَبٍ تَفْصِيلٌ فِي كُل نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ، وَيُنْظَرُ فِي مَوْضِعِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْ يَمْلِكُ الإِْسْقَاطَ (الْمُسْقِطُ) :</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> الإِْسْقَاطُ قَدْ يَكُونُ مِنْ قِبَل الشَّرْعِ أَسَاسًا، كَإِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي يَكُونُ فِي مُبَاشَرَتِهَا مَشَقَّةٌ وَحَرَجٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ، وَكَإِسْقَاطِ الْعُقُوبَاتِ الَّتِي تَرِدُ عَلَيْهَا شُبْهَةٌ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ.</p>وَقَدْ يَكُونُ الإِْسْقَاطُ مِنْ قِبَل الْعِبَادِ نَتِيجَةً لأَِمْرِ الشَّارِعِ، إِمَّا عَلَى سَبِيل الْوُجُوبِ كَالْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَإِمَّا عَلَى سَبِيل النَّدْبِ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ مِنَ الدَّيْنِ، وَكَالْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ.</p>وَقَدْ يَكُونُ الإِْسْقَاطُ مِنَ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لأَِسْبَابٍ خَاصَّةٍ، كَإِسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِي الشِّرَاءِ. عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 233، والمهذب 2 / 95، وشرح منتهى الإرادات 3 / 146، 148.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكافي لابن عبد البر 2 / 577.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 233 - 234، والمهذب 1 / 357، والمغني 5 / 94، والخرشي 4 / 289.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْقِطِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> الإِْسْقَاطُ مِنَ الْعِبَادِ يُعْتَبَرُ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَتَنَازَل فِيهَا الإِْنْسَانُ عَنْ حَقِّهِ، فَهُوَ فِي حَقِيقَتِهِ تَبَرُّعٌ. وَلَمَّا كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ قَدْ يَعُودُ عَلَى الْمُسْقِطِ بِالضَّرَرِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ أَهْلِيَّتُهُ لِلتَّبَرُّعِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلاً. فَلَا يَصِحُّ الإِْسْقَاطُ مِنَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، لأَِنَّ الْحَنَابِلَةَ يَقُولُونَ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ مِنَ الصَّغِيرِ الَّذِي يَعْقِلُهُ، (1) لأَِنَّ فِيهِ تَحْصِيل عِوَضٍ لَهُ.</p>وَيُشْتَرَطُ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ دَيْنٍ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّبَرُّعَاتِ، لأَِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ وَأَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْقِصَاصِ وَأَنْ يُخَالِعَ، لَكِنْ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ الْمَال، وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ مِنَ الزَّوْجَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا لِسَفَهٍ أَوْ صِغَرٍ، مَعَ مُلَاحَظَةِ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ، وَلَا عَلَى الْمَدِينِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (2) . ر:(حَجْر، وَسَفَه، وَأَهْلِيَّة) .</p>وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَا إِرَادَةٍ، فَلَا يَصِحُّ إِسْقَاطُ الْمُكْرَهِ، إِلَاّ مَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ صِحَّةِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ مِنَ الْمُكْرَهِ (3) . وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الإِْكْرَاهِ الْمُلْجِئِ وَغَيْرِ الْمُلْجِئِ. وَيُنْظَرُ فِي (إِكْرَاهٌ) .</p>وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي حَال الصِّحَّةِ، إِذَا كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 3 / 280، وجواهر الإكليل 1 / 339، ومنح الجليل 3 / 169، والمهذب 2 / 78، ومنتهى الإرادات 3 / 75، 107، والبدائع 6 / 40، 7 / 246، والمغني 6 / 730.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 1 / 339، 370، 2 / 72، ومنتهى الإرادات 3 / 107، 108، 109، وجواهر الإكليل 2 / 88، 89، ومنح الجليل 2 / 183، والهداية 3 / 281، 285.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية 3 / 278، ومنتهى الإرادات 3 / 120، وجواهر الإكليل 2 / 100، والبدائع 7 / 189.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>إِسْقَاطُهُ لِكُل مَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ وَقْتَ الإِْسْقَاطِ فَتَصَرُّفُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِلأَْجْنَبِيِّ، أَوْ بِأَقَل لِلْوَارِثِ، يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ. ر:(وَصِيَّة) .</p>وَإِذَا كَانَ الْمَرِيضُ مَدِينًا وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدُّيُونِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الإِْبْرَاءُ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ. (1)</p>وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ. وَفِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ خِلَافٌ بَيْنَ مَنْ يُجِيزُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، وَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَبَيْنَ مَنْ لَا يُجِيزُهُ وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. (2) وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ مَوْضِعُهُ مُصْطَلَحُ (فُضُولِيّ) .</p>وَقَدْ يَكُونُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ بِالْوَكَالَةِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ التَّصَرُّفُ عَلَى الْمَأْذُونِ بِهِ لِلْوَكِيل. وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيل بِالْخُلْعِ، وَبِالإِْعْتَاقِ عَلَى مَالٍ، وَبِالصُّلْحِ عَلَى الإِْنْكَارِ، وَفِي إِبْرَاءٍ مِنَ الدَّيْنِ وَلَوْ لِلْوَكِيل، إِذَا عَيَّنَهُ الْمُوَكِّل وَقَال لَهُ: أَبْرِئْ نَفْسَكَ. وَيُرَاعَى فِي كُل ذَلِكَ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكِّل وَالْوَكِيل وَمَا أُذِنَ فِيهِ. (3) وَيُنْظَرُ تَفْصِيلُهُ فِي (وَكَالَة) .</p>وَقَدْ يَكُونُ مَلَكَ التَّصَرُّفَ بِالْوِلَايَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ تَصَرُّفُهُمَا عَلَى مَا فِيهِ الْحَظُّ لِلصَّغِيرِ وَالْمُوَلَّى عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّبَرُّعُ وَلَا إِسْقَاطُ الْمَهْرِ وَلَا الْعَفْوُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ وَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 228، 370، وابن عابدين 4 / 462، والخرشي 6 / 99، ومنتهى الإرادات 3 / 291.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 52، 5 / 149.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 7 / 23 - 28، ومنتهى الإرادات 2 / 302، 303.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>تَرْكُ الشُّفْعَةِ إِذَا كَانَ فِي التَّرْكِ ضَرَرٌ. (1) وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ (ر: وِصَايَة وِلَايَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمُسْقَطُ عَنْهُ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> الْمُسْقَطُ عَنْهُ هُوَ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ الْحَقُّ أَوْ تَقَرَّرَ قِبَلَهُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا فِي الْجُمْلَةِ. هَذَا، وَأَغْلَبُ الإِْسْقَاطَاتِ يَكُونُ الْمُسْقَطُ عَنْهُ أَوْ لَهُ مَعْرُوفًا، كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَالْخِيَارِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ.</p>وَإِنَّمَا نَتَصَوَّرُ الْجَهَالَةَ فِي إِبْرَاءِ الْمَدِينِ وَفِي الإِْعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.</p>أَمَّا الإِْبْرَاءُ مِنَ الدَّيْنِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُبَرَّأُ مَعْلُومًا، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. وَلِذَلِكَ لَوْ قَال: أَبْرَأْتُ شَخْصًا أَوْ رَجُلاً مِمَّا لِي قِبَلَهُ لَا يَصِحُّ. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَال: أَبْرَأْتُ أَحَدَ غَرِيمَيَّ، أَمَّا لَوْ قَال: أَبْرَأْتُ أَهَالِي الْمَحَلَّةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهْل تِلْكَ الْمَحَلَّةِ مُعَيَّنِينَ، وَعِبَارَةً عَنْ أَشْخَاصٍ مَعْدُودِينَ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ. (2)</p>كَذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الإِْبْرَاءُ لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، فَلَوْ أُبْرِئَ غَيْرُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَا يَصِحُّ، وَمِثَال ذَلِكَ: إِذَا أُبْرِئَ قَاتِلٌ مِنْ دِيَةٍ وَاجِبَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ فِي ذَلِكَ، لِوُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ. أَمَّا لَوْ أُبْرِئَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِل، أَوْ قَال الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: عَفَوْتُ عَنْ هَذِهِ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يُسَمِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 246، ومنتهى الإرادات 2 / 260، 291، 3 / 74، والمهذب 1 / 336، وجواهر الإكليل 2 / 100، والمغني 6 / 730.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 470، والتكملة 2 / 144، والخرشي 6 / 99، والدسوقي 3 / 411، ونهاية المحتاج 4 / 428، والمنثور في القواعد 1 / 81، وشرح منتهى الإرادات 2 / 521، 522.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>الْمُبَرَّأَ مِنْ قَاتِلٍ أَوْ عَاقِلَةٍ صَحَّ الإِْبْرَاءُ، لاِنْصِرَافِهِ إِلَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ. (1)</p>وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الإِْبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ الْمُبَرَّأُ مُقِرًّا بِالْحَقِّ، حَيْثُ يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ مِنَ الإِْنْكَارِ. وَمِثْل ذَلِكَ يُقَال فِي غَيْرِ الدَّيْنِ مِمَّا يَصِحُّ إِسْقَاطُهُ. (2)</p>وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الإِْبْهَامِ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنَ التَّعْيِينِ، فَمَنْ قَال لِزَوْجَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ، وَلَكِنَّهُ يَلْزَمُ بِتَعْيِينِ الْمُطَلَّقَةِ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمَا تُطَلَّقَانِ، وَهُوَ قَوْل الْمِصْرِيِّينَ، وَقَال الْمَدَنِيُّونَ: يَخْتَارُ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَقْرَعُ بَيْنَهُمَا إِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا. (3)</p>‌<span class="title">‌مَحَل الإِْسْقَاطِ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> الْمَحَل الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ يُسَمَّى حَقًّا، وَهُوَ بِهَذَا الإِْطْلَاقِ الْعَامِّ يَشْمَل الأَْعْيَانَ، وَمَنَافِعَهَا، وَالدُّيُونَ، وَالْحُقُوقَ الْمُطْلَقَةَ. (4)</p>وَكُل مَنْ مَلَكَ حَقًّا مِنْ هَذِهِ الْحُقُوقِ - بِهَذَا الإِْطْلَاقِ الْعَامِّ - يُصْبِحُ لَهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ، لَيْسَ لأَِحَدٍ وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَيْهِ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، وَلَا لأَِحَدٍ وِلَايَةُ الْمَنْعِ عَنْهُ إِلَاّ إِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، فَيُمْنَعُ عَنِ التَّصَرُّفِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح منتهى الإرادات 3 / 291.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 2 / 265.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 3 / 145، 4 / 27، والمهذب 2 / 5، 101، ومنح الجليل 2 / 274، وجواهر الإكليل 1 / 355، والمغني 7 / 251، ومنتهى الإرادات 3 / 180.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 7 / 223، والدسوقي 3 / 416، والمغني 9 / 237، والمنثور في القواعد 2 / 67.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>مِنْ غَيْرِ رِضَى صَاحِبِ الْحَقِّ. (1)</p>وَالإِْسْقَاطُ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، إِلَاّ أَنَّهُ لَيْسَ كُل مَحَلٍّ قَابِلاً لِلإِْسْقَاطِ، بَل مِنْهُ‌<span class="title">‌ مَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ </span>لِتَوَفُّرِ شُرُوطِهِ، وَمِنْهُ مَا لَا يَقْبَلُهُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شُرُوطِهِ، كَكَوْنِهِ مَجْهُولاً، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَهَكَذَا. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p>مَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ</p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً - الدَّيْنُ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> يَصِحُّ بِاتِّفَاقٍ إِسْقَاطُ الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ، لأَِنَّهُ حَقٌّ، وَالْحُقُوقُ تَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ، فَكُل مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ، أَمْ كَانَ مُسْلَمًا فِيهِ، أَمْ نَفَقَةً مَفْرُوضَةً مَاضِيَةً لِلزَّوْجَةِ، أَمْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إِسْقَاطُهُ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الإِْسْقَاطُ خَاصًّا بِدَيْنٍ أَمْ عَامًّا لِكُل الدَّيْنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مُطْلَقًا أَمْ مُعَلَّقًا أَمْ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ. وَكَمَا يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ عَنْ كُل الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ عَنْ بَعْضِهِ. (2)</p>وَكَمَا يَصِحُّ إِسْقَاطُ الدَّيْنِ بِدُونِ عِوَضٍ، يَصِحُّ إِسْقَاطُهُ نَظِيرَ عِوَضٍ، مَعَ الاِخْتِلَافِ فِي الصُّورَةِ أَوِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا ذَلِكَ، وَمِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ:</p>أ - أَنْ يُعْطِيَ الْمَدِينُ الدَّائِنَ ثَوْبًا فِي مُقَابَلَةِ إِبْرَائِهِ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ، فَيَمْلِكُ الدَّائِنُ الْعِوَضَ الْمَبْذُول لَهُ نَظِيرَ الإِْبْرَاءِ وَيُبَرَّأُ الْمَدِينُ، وَذَلِكَ كَمَا يَقُول الشَّافِعِيَّةُ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 264.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 653، والبدائع 5 / 203، 214، و 6 / 44، والدسوقي 3 / 220، 310، والمغني 5 / 22، وشرح منتهى الإرادات 3 / 222، 223، 521، والمهذب 1 / 455، وقليوبي 2 / 308، 4 / 368، والوجيز 1 / 177.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الجمل على شرح المنهج 3 / 381، ونهاية المحتاج 4 / 429.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>ب - يَقُول الْحَنَابِلَةُ: مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ، وَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْتَسِبَ عَلَيْهَا بِدَيْنِهِ مَكَانَ نَفَقَتِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَلَهُ ذَلِكَ، لأَِنَّ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ أَيِّ أَمْوَالِهِ شَاءَ، وَهَذَا مِنْ مَالِهِ.</p>وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ قَبِيل الْمُقَاصَّةِ، وَالْمُقَاصَّةُ بِالتَّرَاضِي تُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا بِعِوَضٍ مِنَ الْجَانِبَيْنِ. (1) مَعَ مُرَاعَاةِ شُرُوطِهَا مِنَ اتِّحَادِ الدَّيْنِ قَدْرًا وَوَصْفًا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ.</p>ج - كَذَلِكَ يَأْتِي إِسْقَاطُ الدَّيْنِ نَظِيرَ عِوَضِ صُورَةِ الصُّلْحِ. وَقَدْ قَسَّمَ الْقَرَافِيُّ الإِْسْقَاطَ إِلَى قِسْمَيْنِ: بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِهِ، وَجَعَل مِنَ الإِْسْقَاطِ بِعِوَضٍ الصُّلْحَ عَنَ الدَّيْنِ. (2)</p>د - فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: إِذَا أَبْرَأَتِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا مِنَ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ لِيُطَلِّقَهَا، صَحَّ الإِْبْرَاءُ، وَيَكُونُ بِعِوَضٍ، وَهُوَ أَنَّهُ مَلَّكَهَا نَفْسَهَا. (3)</p>هـ - وَقَدْ يَأْتِي إِسْقَاطُ الدَّيْنِ بِعِوَضٍ فِي صُوَرِ التَّعْلِيقِ، كَمَنْ قَال لِغَيْرِهِ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي سَيَّارَتَكَ أَسْقَطْتُ عَنْكَ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَيْكَ (4) .</p>و وَالإِْبْرَاءُ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْخُلْعِ يُعْتَبَرُ مِنْ قَبِيل الْعِوَضِ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 576، 9 / 448، والأشباه لابن نجيم ص 266، ومنح الجليل 3 / 53، والمنثور في القواعد 1 / 392.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الذخيرة ص 152 نشر وزارة الأوقاف بالكويت، والهداية 3 / 192، والبدائع 7 / 45، ونهاية المحتاج 4 / 371 - 373، وشرح منتهى الإرادات 2 / 263، والمغني 4 / 527 - 536.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 566.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح العلي المالك 1 / 274.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الجمل على شرح المنهج 3 / 381، وشرح منتهى الإرادات 3 / 112.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الْعَيْنُ</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> الأَْصْل أَنَّ الأَْعْيَانَ لَا تَقْبَل الإِْسْقَاطَ، عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيمَا لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ، إِلَاّ أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ تُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِلْمِلْكِ. وَذَلِكَ كَالْعِتْقِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ عَيْنٌ. وَالْعِتْقُ مَشْرُوعٌ بَل مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ شَرْعًا، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا كَمَا فِي الْكَفَّارَاتِ. كَذَلِكَ الْوَقْفُ يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا لِلْمِلْكِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، فَفِي قَوَاعِدِ الْمُقْرِي: وَقْفُ الْمَسَاجِدِ إِسْقَاطُ مِلْكٍ إِجْمَاعًا، وَفِي غَيْرِهَا قَوْلَانِ. (1)</p>وَقَدْ يَأْتِي إِسْقَاطُ الْعَيْنِ نَظِيرَ عِوَضٍ عَمَّنْ عَقَدَ الصُّلْحَ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ شَرْعًا لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَاّ صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالاً أَوْ أَحَل حَرَامًا. (2) وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَنْ إِقْرَارٍ، أَمْ عَنْ إِنْكَارٍ، أَمْ سُكُوتٍ، فَإِنْ كَانَ عَنْ إِنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منح الجليل 4 / 77، 78، والمغني 5 / 600، والهداية 3 / 13.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" الصلح جائز. . . " أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث عمرو بن عوف المزني مرفوعا. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قال صاحب تحفة الأحوذي: وفي تصحيح الترمذي هذا الحديث نظر، فإن في إسناده كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف وهو ضعيف جدا. وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد وأبي داود والحاكم، إلا أن اوسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 788 ط عيسى الحلبي، ومختصر سنن أبي داود للمنذري 5 / 213، 214 نشر دار المعرفة، والمستدرك 2 / 49 نشر دار الكتاب العربي، ومسند أحمد بن حنبل 2 / 366، وشرح السنة للبغوي بتحقيق شعيب الأرناؤوط 8 / 209 نشر المكتب الإسلامي، ونيل الأوطار 5 / 378، 379 ط دار الجيل الجديد) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةُ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتِدَاءُ الْيَمِينِ وَدَفْعُ الْخُصُومَةِ وَهَذَا مَشْرُوعٌ. بَل إِنَّ بَعْضَ الْحَنَابِلَةِ أَجَازَ الصُّلْحَ عَمَّا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ مِنْ دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ بِمَالٍ لِئَلَاّ يُفْضِيَ إِلَى ضَيَاعِ الْمَال.</p>وَيُلَاحَظُ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ لَا يُجِيزُونَ الصُّلْحَ عَنْ إِنْكَارٍ.</p>وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ اُعْتُبِرَ كَالْبَيْعِ، إِنْ كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ، أَوْ كَالإِْجَارَةِ إِنْ كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ، أَوْ كَالْهِبَةِ إِنْ كَانَ عَلَى تَرْكِ بَعْضِ الْعَيْنِ. (1) وَيُعْتَبَرُ فِي كُل حَالٍ شُرُوطُهَا. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (صُلْح) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الْمَنْفَعَةُ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> الْمَنَافِعُ حُقُوقٌ تَثْبُتُ لِمُسْتَحِقِّيهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ نَتِيجَةَ مِلْكِ الْعَيْنِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا، أَمْ كَانَتْ نَتِيجَةَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ (أَيِ الْعَيْنِ) بِمُقْتَضَى عَقْدٍ، كَالإِْجَارَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ، أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ، كَتَحْجِيرِ الْمَوَاتِ لإِِحْيَائِهِ، وَالاِخْتِصَاصِ بِمَقَاعِدِ الأَْسْوَاقِ، وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ.</p>وَالأَْصْل فِي الْمَنَافِعِ أَنَّهَا تَقْبَل الإِْسْقَاطَ بِإِسْقَاطِ مَالِكِ الْعَيْنِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا أَوْ مُسْتَحِقِّ مَنْفَعَتِهَا، إِذْ كُل جَائِزِ التَّصَرُّفِ لَا يُمْنَعُ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّهِ، مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ. (2) وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. وَصُوَرُ ذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 3 / 192، 193، والبدائع 7 / 46، وابن عابدين 3 / 333، ومنح الجليل 3 / 201، وجواهر الإكليل 2 / 102، ونهاية المحتاج 4 / 371 - 373، والمهذب 1 / 340، وشرح منتهى الإرادات 2 / 263، والمغني 4 / 527 - 536، 546.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 7 / 227، وشرح منتهى الإرادات 2 / 260، والمنثور في القواعد 3 / 393.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>كَثِيرَةٌ فِي مَسَائِل الْفِقْهِ وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا:</p>أ - مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُكْنَى دَارِهِ، فَمَاتَ الْمُوصِي، وَبَاعَ الْوَارِثُ الدَّارَ، وَرَضِيَ بِهِ الْمُوصَى لَهُ، جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَتْ سُكْنَاهُ. (1)</p>ب - مَنْ وَصَّى بِعَيْنِ دَارٍ لِزَيْدٍ، وَبِالْمَنْفَعَةِ لِعَمْرٍو، فَأَسْقَطَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ حَقَّهُ، سَقَطَ بِالإِْسْقَاطِ. (2)</p>ج - مَنْ كَانَ لَهُ مَسِيل مَاءٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ، فَقَال: أَبْطَلْتُ حَقِّي فِي الْمَسِيل، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إِجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَل حَقُّهُ قِيَاسًا عَلَى حَقِّ السُّكْنَى. (3)</p>د - يَجُوزُ إِسْقَاطُ الْحَقِّ فِي الاِنْتِفَاعِ بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَسْقَطَهُ صَاحِبُهُ. فَإِنْ أَسْقَطَهُ مُدَّةً مَخْصُوصَةً رَجَعَ إِلَيْهِ بَعْدَ انْتِهَائِهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الإِْسْقَاطِ فَلَا يَعُودُ لَهُ. (4)</p>هـ - أَمَاكِنُ الْجُلُوسِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالأَْسْوَاقِ يَجُوزُ إِسْقَاطُ الْحَقِّ فِيهَا. (5)</p>هَذَا بِالنِّسْبَةِ لإِِسْقَاطِ الْحَقِّ فِي الْمَنَافِعِ بِدُونِ عِوَضٍ.</p><font color=#ff0000>36 -</font> أَمَّا إِسْقَاطُهُ بِعِوَضٍ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى قَاعِدَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ وَمِلْكِ الاِنْتِفَاعِ، فَإِنَّ الأَْصْل أَنَّ كُل مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ مَلَكَ الْمُعَاوَضَةَ عَلَيْهَا، وَمَنْ مَلَكَ الاِنْتِفَاعَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ فَلَيْسَ لَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه لابن نجيم ص 316.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور في القواعد 3 / 230، وقليوبي 2 / 312.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه لابن نجيم ص 316.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الدسوقي 3 / 434.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المنثور في القواعد 3 / 394، والقواعد لابن رجب ص 199، وشرح منتهى الإرادات 2 / 464، 465، والدسوقي 3 / 434.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ. (1)</p>وَعَلَى ذَلِكَ فَكُل مَنْ مَلَكَ الْمَنْفَعَةَ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ، أَمْ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ دُونَ الرَّقَبَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إِسْقَاطُ حَقِّهِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالاِعْتِيَاضُ عَنْهُ</p>وَهَذَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ. أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ، فَإِنَّ الاِعْتِيَاضَ عَنِ الْمَنَافِعِ عِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ إِلَاّ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، أَوْ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ بِعِوَضٍ. وَالْمَنَافِعُ لَيْسَتْ بِأَمْوَالٍ عِنْدَهُمْ. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ إِفْرَادُ حُقُوقِ الاِرْتِفَاقِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الأَْصَحِّ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَبَعًا. (2) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (إِجَارَة، ارْتِفَاق، إِعَارَة، وَصِيَّة، وَقْف) .</p><font color=#ff0000>37 -</font> وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ عَلَى إِسْقَاطِ الْحَقِّ فِي الْمَنَافِعِ بِعِوَضٍ: مَا لَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةُ مَنْ أَوْصَى لَهُ مُوَرِّثُهُمْ بِسُكْنَى دَارٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ التَّرِكَةِ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ ذَلِكَ صُلْحًا، لأَِنَّهُ إِسْقَاطُ حَقٍّ، وَمِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِعَيْنِ الدَّارِ صَالَحَ الْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَاهَا بِدَرَاهِمَ أَوْ بِمَنْفَعَةِ عَيْنٍ أُخْرَى لِتَسَلُّمِ الدَّارِ لَهُ جَازَ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: الْحَقُّ الْمُطْلَقُ</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> يَنْقَسِمُ الْحَقُّ بِحَسَبِ مَنْ يُضَافُ إِلَيْهِ إِلَى الآْتِي:</p>حَقٌّ خَالِصٌ لِلَّهِ سبحانه وتعالى، وَهُوَ كُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 4 / 546، 547، ومنتهى الإرادات 2 / 351، 391، 392، ومنح الجليل 3 / 448، 771، ونهاية المحتاج 5 / 117، 118.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 4 / 253، والبدائع 6 / 189، 220، والأشباه لابن نجيم ص 353، وابن عابدين 5 / 443، 444.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تكملة فتح القدير 7 / 385، وابن عابدين 4 / 15، وشرح منتهى الإرادات 2 / 263.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ النَّفْعُ الْعَامُّ، أَوْ هُوَ امْتِثَال أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ.</p>وَحَقٌّ خَالِصٌ لِلْعِبَادِ، وَهُوَ مَصَالِحُهُمُ الْمُقَرَّرَةُ بِمُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ.</p>وَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ، كَحَدِّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ.</p>وَالأَْصْل أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ سبحانه وتعالى، لأَِنَّهُ مَا مِنْ حَقٍّ لِلْعَبْدِ إِلَاّ وَفِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْرُهُ بِإِيصَال ذَلِكَ الْحَقِّ إِلَى مُسْتَحِقِّهِ.</p>وَإِفْرَادُ نَوْعٍ مِنَ الْحُقُوقِ بِجَعْلِهِ حَقًّا لِلْعَبْدِ فَقَطْ، إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ تَسْلِيطِ الْعَبْدِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ أَسْقَطَهُ لَسَقَطَ، فَكُل وَاحِدٍ مِنَ الْحَقَّيْنِ (حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْعَبْدِ) مَوْكُولٌ لِمَنْ هُوَ مَنْسُوبٌ إِلَيْهِ ثُبُوتًا وَإِسْقَاطًا. (1)</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي:</p>‌<span class="title">‌حَقُّ اللَّهِ سبحانه وتعالى:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> ذِكْرُ حَقِّ اللَّهِ هُنَا فِيمَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ قَبُولِهِ لِلإِْسْقَاطِ مِنْ قِبَل الشَّارِعِ، أَمَّا مِنْ قِبَل الْعِبَادِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا سَيَأْتِي.</p>وَحُقُوقُ اللَّهِ: إِمَّا عِبَادَاتٌ مَحْضَةٌ مَالِيَّةٌ كَالزَّكَاةِ، أَوْ بَدَنِيَّةٌ كَالصَّلَاةِ، أَوْ جَامِعَةٌ لِلْبَدَنِ وَالْمَال كَالْحَجِّ. وَإِمَّا عُقُوبَاتٌ مَحْضَةٌ كَالْحُدُودِ. وَإِمَّا كَفَّارَاتٌ وَهِيَ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْعُقُوبَةِ وَالْعِبَادَةِ.</p>وَيَقُول الْفُقَهَاءُ: إِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ سبحانه وتعالى لَنْ يَلْحَقَهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنار ص 886، والذخيرة ص 68 نشر وزارة الأوقاف بالكويت، والمنثور 2 / 58 - 64، والتلويح 2 / 151، والفروق 1 / 140، 195.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>ضَرَرٌ فِي شَيْءٍ، وَمِنْ ثَمَّ قَبِل الرُّجُوعَ عَنِ الإِْقْرَارِ بِالزِّنَى فَيَسْقُطَ الْحَدُّ، بِخِلَافِ حَقِّ الآْدَمِيِّينَ فَإِنَّهُمْ يَتَضَرَّرُونَ. (1)</p>وَبِإِيجَازٍ نَذْكُرُ الأَْسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لإِِسْقَاطِ حَقِّ اللَّهِ كَمَا اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ:</p><font color=#ff0000>40 -</font> حُقُوقُ اللَّهِ سبحانه وتعالى تَقْبَل الإِْسْقَاطَ فِي الْجُمْلَةِ لِلأَْسْبَابِ الَّتِي يَعْتَبِرُهَا الشَّرْعُ مُؤَدِّيَةً إِلَى ذَلِكَ، تَفَضُّلاً مِنْهُ، وَرَحْمَةً بِالْعِبَادِ، وَرَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ عَنْهُمْ، كَإِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ وَالْعُقُوبَاتِ عَنِ الْمَجْنُونِ، وَكَإِسْقَاطِ بَعْضِ الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ لأَِصْحَابِ الأَْعْذَارِ كَالْمَرْضَى وَالْمُسَافِرِينَ، لِمَا يَنَالُهُمْ مِنْ مَشَقَّةٍ. وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ الْمَشَاقَّ وَأَنْوَاعَهَا، وَبَيَّنُوا لِكُل عِبَادَةٍ مَرْتَبَةً مُعَيَّنَةً مِنْ مَشَاقِّهَا الْمُؤَثِّرَةِ فِي إِسْقَاطِهَا، وَأَدْرَجُوا ذَلِكَ تَحْتَ قَاعِدَةِ: الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ، أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} ، (2) وقَوْله تَعَالَى:{وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} . (3)</p>وَالْحُكْمُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الأَْعْذَارِ يُسَمَّى رُخْصَةً. وَمِنْ أَقْسَامِ الرُّخْصَةِ مَا يُسَمَّى رُخْصَةَ إِسْقَاطٍ، كَإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَإِسْقَاطِ الصَّوْمِ عَنِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَقْوَى عَلَيْهِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح المنار ص 886، والمنثور في القواعد 2 / 58، 59، والفروق للقرافي 1 / 140، 195، والتلويح على التوضيح 2 / 151 وما بعدها، والموافقات 2 / 375.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 185.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الحج / 78.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأشباه لابن نجيم ص 75 وما بعدها وص 83، والمنثور في القواعد 1 / 253، والذخيرة ص 339 - 342، والفروق للقرافي 1 / 118، 119، والتلويح 2 / 201.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>وَصَلَاةُ الْمُسَافِرِ قَصْرًا فَرْضٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَتُعْتَبَرُ رُخْصَةَ إِسْقَاطٍ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ. (1) وَجْهُ الاِسْتِدْلَال: أَنَّ التَّصَدُّقَ بِمَا لَا يَحْتَمِل التَّمْلِيكَ إِسْقَاطٌ لَا يَحْتَمِل الرَّدَّ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُ طَاعَتُهُ كَوَلِيِّ الْقِصَاصِ، فَهُوَ مِنَ اللَّهِ الَّذِي تَلْزَمُ طَاعَتُهُ أَوْلَى (2) .</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّ قَصْرَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ لِلتَّرْفِيهِ عَنِ الْعَبْدِ.</p>كَذَلِكَ يَسْقُطُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ عَمَّنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ، إِذَا قَامَ بِهِ غَيْرُهُ، بَل إِنَّ الْقَرَافِيَّ يَقُول: يَكْفِي فِي سُقُوطِ الْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى الْكِفَايَةِ ظَنُّ الْفِعْل، لَا وُقُوعُهُ تَحْقِيقًا (3) .</p>وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا إِسْقَاطُ الْحُرْمَةِ فِي تَنَاوُل الْمُحَرَّمِ لِلضَّرُورَةِ، كَأَكْل الْمُضْطَرِّ لِلْمَيْتَةِ، وَإِسَاغَةِ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ لِمَنْ غَصَّ بِهَا، وَإِبَاحَةِ نَظَرِ الْعَوْرَةِ لِلطَّبِيبِ (4) . وَيَسْرِي هَذَا الْحُكْمُ عَلَى الْمُعَامَلَاتِ، فَمِنَ الرُّخْصَةِ مَا سَقَطَ مَعَ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ كَمَا فِي السَّلَمِ، لِقَوْل الرَّاوِي: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الإِْنْسَانِ، وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ. (5) وَأَنَّ الأَْصْل فِي الْبَيْعِ أَنْ يُلَاقِيَ عَيْنًا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته " أخرجه مسلم (1 / 478 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> التلويح 2 / 130، وأشباه ابن نجيم ص 75.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق للقرافي 1 / 117، والمغني 8 / 345، والشرح الكبير بهامش المغني 2 / 101.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التلويح 2 / 129، وأشباه ابن نجيم ص 75 وما بعدها، ومسلم الثبوت 1 / 118، والمنثور في القواعد 2 / 164.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" نهى عن بيع ما ليس عند الإنسان " أخرجه أبو داود (3 / 303 - عون المعبود - ط الهند) ، والبيهقي (5 / 267 ط دائرة المعارف العثمانية) ، والترمذي (تحفة الأحوذي 4 / 430، 431 ط السلفية)، من حديث حكيم بن حزام مرفوعا بلفظ " لا تبع ما ليس عندك ". وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. أما الترخيص في السلم فهو مفهوم من أحاديث كثيرة، وليس بهذا اللفظ، منها قوله صلى الله عليه وسلم:" من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم " أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 428 ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>وَهَذَا حُكْمٌ مَشْرُوعٌ، لَكِنَّهُ سَقَطَ فِي السَّلَمِ. (1)</p>وَمِنَ التَّخْفِيفِ: مَشْرُوعِيَّةُ الطَّلَاقِ، لِمَا فِي الْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ مِنَ الْمَشَقَّةِ عِنْدَ التَّنَافُرِ، وَكَذَا مَشْرُوعِيَّةُ الْخُلْعِ وَالاِفْتِدَاءِ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الْكِتَابَةِ لِيَتَخَلَّصَ الْعَبْدُ مِنْ دَوَامِ الرِّقِّ. (2) وَكُل ذَلِكَ مُفَصَّلٌ فِي أَبْوَابِهِ الْخَاصَّةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ، وَفِي بَابَيِ: الرُّخْصَةِ وَالأَْهْلِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الأُْصُول.</p> </p>‌<span class="title">‌حُقُوقُ الْعِبَادِ</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> الْمَقْصُودُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ هُنَا، مَا عَدَا الأَْعْيَانِ وَالْمَنَافِعِ وَالدُّيُونِ، وَذَلِكَ لِحَقِّ الشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَالْخِيَارِ. وَالأَْصْل أَنَّ كُل مَنْ لَهُ حَقٌّ إِذَا أَسْقَطَهُ - وَهُوَ مِنْ أَهْل الإِْسْقَاطِ، وَالْمَحَل قَابِلٌ لِلسُّقُوطِ - سَقَطَ.</p>فَالشَّفِيعُ لَهُ حَقُّ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَإِذَا أَسْقَطَ هَذَا الْحَقَّ وَتَرَكَ الأَْخْذَ بِالشُّفْعَةِ سَقَطَ حَقُّهُ، وَوَلِيُّ الدَّمِ فِي الْقَتْل الْعَمْدِ لَهُ حَقُّ الْقِصَاصِ، فَإِذَا عَفَا وَأَسْقَطَ هَذَا الْحَقَّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْغَانِمُ قَبْل الْقِسْمَةِ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ، وَيَجُوزُ لَهُ إِسْقَاطُ هَذَا الْحَقِّ، وَإِذَا ثَبَتَ حَقُّ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي كَانَ لِمَنْ ثَبَتَ لَهُ مِنْهُمَا هَذَا الْحَقُّ أَنْ يُسْقِطَهُ. وَهَكَذَا مَتَى ثَبَتَ لإِِنْسَانٍ حَقٌّ، وَهُوَ جَائِزُ التَّصَرُّفِ، كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح 2 / 129.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه لابن نجيم ص 80، 81.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>مِنْ حَقِّهِ إِسْقَاطُهُ، إِلَاّ لِمَانِعٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. (1)</p>هَذَا بِالنِّسْبَةِ لإِِسْقَاطِ الْحُقُوقِ بِدُونِ عِوَضٍ، أَمَّا إِسْقَاطُهَا نَظِيرَ عِوَضٍ فَبَيَانُهُ كَالآْتِي:</p><font color=#ff0000>42 -</font> فَرَّقَ الْكَثِيرُ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَجُوزُ بِقَاعِدَةٍ هِيَ: أَنَّ الْحَقَّ إِذَا كَانَ مُجَرَّدًا عَنِ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا مُتَقَرِّرًا فِي الْمَحَل الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ صَحَّ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ.</p>وَفَرَّقَ الْبَعْضُ الآْخَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِقَاعِدَةٍ أُخْرَى هِيَ: أَنَّ الْحَقَّ إِذَا كَانَ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَإِذَا كَانَتْ ثَبَتَ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ فَيَكُونُ ثَابِتًا لَهُ أَصَالَةً، فَيَصِحُّ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ.</p>وَمَنْ يَرْجِعُ إِلَى الأَْمْثِلَةِ الَّتِي أَوْرَدُوهَا يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّهُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ، فَفِي الأَْشْبَاهِ لاِبْنِ نُجَيْمٍ (2) : الْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهَا، كَحَقِّ الشُّفْعَةِ، فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالٍ بَطَلَتْ وَرَجَعَ بِهِ، وَلَوْ صَالَحَ الْمُخَيَّرَةَ بِمَالٍ لِتَخْتَارَهُ بَطَل وَلَا شَيْءَ لَهَا، وَلَوْ صَالَحَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِمَالٍ لِتَتْرُكَ نَوْبَتَهَا لَمْ يَلْزَمْ، وَلَا شَيْءَ لَهَا. هَكَذَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّفْعَةِ. وَخَرَجَ عَنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ وَمِلْكُ النِّكَاحِ، وَحَقُّ الرِّقِّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهَا. وَالْكَفِيل بِالنَّفْسِ إِذَا صَالَحَ الْمَكْفُول لَهُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَجِبْ، وَفِي بُطْلَانِهَا رِوَايَتَانِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 297، 7 / 247 " وشرح منتهى الإرادات 2 / 260، وأشباه ابن نجيم ص 316، والفروق للقرافي 1 / 195 - 197، والخرشي 6 / 99، وقليوبي 4 / 325، والمنثور في القواعد 2 / 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه لابن نجيم ص 212.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ (1) : لَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنِ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ، ثُمَّ أَوْرَدَ نَفْسَ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الأَْشْبَاهِ، ثُمَّ قَال: وَعَدَمُ جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَحَقِّ الْقَسْمِ لِلزَّوْجَةِ وَحَقِّ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ لِلْمُخَيَّرَةِ إِنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنِ الشَّفِيعِ وَالْمَرْأَةِ، وَمَا ثَبَتَ لِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْهُ، لأَِنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَمَّا رَضِيَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا. أَمَّا حَقُّ الْقِصَاصِ وَمِلْكُ النِّكَاحِ وَحَقُّ الرِّقِّ فَقَدْ ثَبَتَ عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ، فَهُوَ ثَابِتٌ لَهُ أَصَالَةً، لَا عَلَى وَجْهِ رَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ صَاحِبِهِ. وَسَارَ صَاحِبُ الْبَدَائِعِ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ الَّذِي يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ، هُوَ الْحَقُّ الثَّابِتُ فِي الْمَحَل أَصَالَةً. (2)</p>أَمَّا الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) فَلَمْ نَعْثُرْ لَهُمْ عَلَى قَاعِدَةٍ يُمْكِنُ الاِسْتِنَادُ إِلَيْهَا فِي مَعْرِفَةِ الْحُقُوقِ الَّتِي يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهَا وَاَلَّتِي لَا يَجُوزُ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْمَسَائِل فِي أَمَاكِنِهَا مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، كَالْحَضَانَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالْخِيَارِ فِي الْعُقُودِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ سَنَكْتَفِي بِذِكْرِ بَعْضِ الأَْمْثِلَةِ. وَالْجُمْهُورُ أَحْيَانًا مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِل، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ فِي سَبَبِ الاِعْتِيَاضِ، وَأَحْيَانًا يَخْتَلِفُونَ عَنْهُمْ. وَسَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنَ الأَْمْثِلَةِ.</p>أ - الاِعْتِيَاضُ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ، هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا سَبَقَ، وَيُوَافِقُهُمْ فِي الْحُكْمِ وَفِي الْعِلَّةِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. فِي حِينِ أَجَازَ الاِعْتِيَاضَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 14، 15.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 49، 5 / 21.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>عَنْهَا الْمَالِكِيَّةُ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ: إِذَا كَانَ الاِعْتِيَاضُ، مِنَ الْمُشْتَرِي لَا مِنْ غَيْرِهِ. (1)</p>ب - هِبَةُ الزَّوْجَةِ يَوْمَهَا لِضَرَّتِهَا، لَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَوَافَقَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: لأَِنَّهُ لَيْسَ عَيْنًا وَلَا مَنْفَعَةً فَلَا يُقَابَل بِمَالٍ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الزَّوْجَةَ مِنْ حَقِّهَا كَوْنُ الزَّوْجِ عِنْدَهَا، وَهُوَ لَا يُقَابَل بِمَالٍ. وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْ سَائِرِ حُقُوقِهَا مِنَ الْقَسْمِ وَغَيْرِهِ. وَالْمَالِكِيَّةُ أَجَازُوا الاِعْتِيَاضَ عَنْ حَقِّهَا فِي ذَلِكَ، لأَِنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الاِسْتِمْتَاعِ أَوْ عَنْ إِسْقَاطِ الْحَقِّ. (2)</p>ج - إِذَا تَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْحَقُّ فِي الاِعْتِيَاضِ عَنِ الْعَيْبِ. وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ الرِّضَى بِالْعَيْبِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَل لِمُشْتَرِي الْمُصَرَّاةِ الْخِيَارَ بَيْنَ الإِْمْسَاكِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ وَبَيْنَ الرَّدِّ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ إِمْسَاكُ الْمَبِيعِ وَالاِعْتِيَاضُ عَنِ الْعَيْبِ، لأَِنَّهُ فَاتَ عَلَيْهِ جُزْءٌ مِنَ الْمَبِيعِ، فَكَانَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِعِوَضِهِ، وَيُخَالِفُ الْمُصَرَّاةُ، لأَِنَّ الْخِيَارَ لَهُ بِالتَّدْلِيسِ، وَكَذَلِكَ فِي الْقَوْل الثَّانِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 217، والمهذب 1 / 291، وشرح منتهى الإرادات 2 / 266، والقواعد ص 199، ومنح الجليل 3 / 591، وفتح العلي المالك 1 / 307.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 6 / 382، ومنح الإرادات 3 / 102، ومنح الجليل 2 / 174، وفتح العلي المالك 1 / 313، والمغني 7 / 39، وكشاف القناع 5 / 206.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. (1)</p>د - الْقِصَاصُ يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهُ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ. (2)</p>هـ - يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ إِسْقَاطِ حَقِّ الدَّعْوَى، كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَالشِّرْبِ، إِلَاّ مَا كَانَ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ كَدَعْوَى الْحَدِّ وَالنَّسَبِ، وَلأَِنَّ الصُّلْحَ فِي الدَّعْوَى لاِفْتِدَاءِ الْيَمِينِ، وَهُوَ جَائِزٌ. (3)</p>و يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنِ التَّعْزِيرِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ، لَكِنْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنَّ التَّعْزِيرَ الَّذِي فِيهِ حَقُّ اللَّهِ كَقُبْلَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ صِحَّةِ الصُّلْحِ فِيهِ. (4)</p>ز - يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْ إِسْقَاطِ حَقِّ الْحَضَانَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهَا حَقُّ الْحَاضِنِ. (5)</p>ح - يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْ إِسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (6)</p>وَنَكْتَفِي بِذِكْرِ هَذِهِ الأَْمْثِلَةِ، إِذْ مِنَ الْعَسِيرِ حَصْرُ الْحُقُوقِ الَّتِي يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْهَا، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَسَائِل فِي أَبْوَابِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 289، ومنح الجليل 2 / 668، والمغني 4 / 162، 163، ومنتهى الإرادات 2 / 176، والمهذب 1 / 91.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 48، والمنح 3 / 215، والمنتهى 2 / 265، والمهذب 2 / 189.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 478.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 6 / 48، 7 / 65، والذخيرة ص 68.</p><font color=#ff0000>(5)</font> منح الجليل 2 / 185، وابن عابدين 2 / 366.</p><font color=#ff0000>(6)</font> ابن عابدين 2 / 325، 4 / 515.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَا لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْعَيْنُ:</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> الْعَيْنُ مَا يَحْتَمِل التَّعْيِينَ مُطْلَقًا، جِنْسًا وَنَوْعًا وَقَدْرًا وَصِفَةً، كَالْعُرُوضِ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْعَقَارِ مِنَ الأَْرَضِينَ وَالدُّورِ، وَالْحَيَوَانِ مِنَ الدَّوَابِّ، وَالْمَكِيل وَالْمَوْزُونِ. (1)</p>وَمَالِكُ الْعَيْنِ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالنَّقْل عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ. أَمَّا التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالإِْسْقَاطِ - أَيْ رَفْعُ الْمِلْكِ وَإِزَالَتُهُ، بِأَنْ يَقُول الشَّخْصُ مَثَلاً: أَسْقَطْتُ مِلْكِي فِي هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ، يُرِيدُ بِذَلِكَ زَوَال مِلْكِهِ وَثُبُوتَهُ لِغَيْرِهِ - فَهَذَا بَاطِلٌ، وَلَا يُفِيدُ زَوَال مِلْكِ الْمُسْقِطِ عَنِ الْعَيْنِ، وَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِيهَا لِلْمُسْقَطِ لَهُ.</p>وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الأَْعْيَانَ لَا تَقْبَل الإِْسْقَاطَ (2) . إِلَاّ مَا وَرَدَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِتْقِ وَالْوَقْفِ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ.</p><font color=#ff0000>44 -</font> لَكِنْ لَوْ حَدَثَ هَذَا التَّصَرُّفُ مِنَ الْمَالِكِ، وَكَانَتِ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدِ الْمُسْقَطِ لَهُ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ مَغْصُوبَةً هَالِكَةً صَحَّ الإِْسْقَاطُ، لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ إِسْقَاطًا لِقِيمَتِهَا الْمُتَرَتِّبَةِ فِي ذِمَّتِهِ، فَصَارَ إِسْقَاطًا لِلدَّيْنِ، وَإِسْقَاطُ الدَّيْنِ صَحِيحٌ.</p>وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ قَائِمَةً، فَمَعْنَى إِسْقَاطِهَا إِسْقَاطُ ضَمَانِهَا لَوْ هَلَكَتْ، وَتَصِيرُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْنِهَا كَالأَْمَانَةِ، لَا تُضْمَنُ إِلَاّ بِالتَّعَدِّي. وَقَال زُفَرُ رحمه الله: لَا يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ وَتَبْقَى مَضْمُونَةً.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 46.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه لابن نجيم ص 356، وحاشية ابن عابدين 4 / 472 - 475، والتكملة 2 / 144، 164، وقليوبي 3 / 13، والدسوقي 3 / 411، وشرح منتهى الإرادات 2 / 263.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ أَمَانَةً، فَالْبَرَاءَةُ عَنْهَا لَا تَصِحُّ دِيَانَةً، بِمَعْنَى أَنَّ مَالِكَهَا إِذَا ظَفِرَ بِهَا أَخَذَهَا. وَتَصِحُّ قَضَاءً، فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي دَعْوَاهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ. وَقَدْ قَالُوا: الإِْبْرَاءُ عَنِ الأَْعْيَانِ بَاطِلٌ دِيَانَةً لَا قَضَاءً. وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا تَكُونُ مِلْكًا لَهُ بِالإِْبْرَاءِ، وَإِنَّمَا الإِْبْرَاءُ عَنْهَا صَحِيحٌ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ، أَوْ يُحْمَل عَلَى الأَْمَانَةِ. وَيَقُول الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْبَرَاءَةَ مِنَ الْمُعَيَّنَاتِ يَسْقُطُ بِهَا الطَّلَبُ بِقِيمَتِهَا إِذَا فَاتَتْ، وَالطَّلَبُ بِرَفْعِ الْيَدِ عَنْهَا إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنَ الْمَذْهَبِ، إِلَاّ إِنَّهُ نُقِل عَنِ الْمَازِرِيِّ مَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الإِْبْرَاءَ يَشْمَل الأَْمَانَاتِ وَهِيَ مُعَيَّنَاتٌ (وَهَذَا فِي الإِْبْرَاءِ الْعَامِّ) . كَذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الإِْسْقَاطَ فِي الْمُعَيَّنِ، وَالإِْبْرَاءُ أَعَمُّ مِنْهُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْحَقُّ:</span></p>ذُكِرَ فِيمَا سَبَقَ مَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنَ الْحُقُوقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ أَمْ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ، وَنَذْكُرُ فِيمَا يَلِي مَا لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْهُمَا.</p>‌<span class="title">‌مَا لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> الأَْصْل أَنَّ حَقَّ اللَّهِ لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ لاِعْتِبَارَاتٍ خَاصَّةٍ، كَالتَّخْفِيفِ عَنِ الْعِبَادِ عَلَى مَا سَبَقَ. فَحَقُّ اللَّهِ الْخَالِصُ مِنَ الْعِبَادَاتِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، وَمِنَ الْعُقُوبَاتِ كَحَدِّ الزِّنَى وَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ، وَمِنَ الْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منح الجليل 3 / 426.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>ثَبَتَتْ لِلْعَبْدِ بِمُقْتَضَى الشَّرِيعَةِ كَحَقِّ الْوِلَايَةِ عَلَى الصَّغِيرَةِ، حَقُّ اللَّهِ هَذَا لَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ إِسْقَاطُهُ، لأَِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ، بَل إِنَّ مَنْ حَاوَل ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقَاتَل، كَمَا فَعَل أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بِمَانِعِي الزَّكَاةِ. (1) حَتَّى إِنَّ السُّنَنَ الَّتِي فِيهَا إِظْهَارُ الدِّينِ، وَتُعْتَبَرُ مِنْ شَعَائِرِهِ، كَالأَْذَانِ، لَوِ اتَّفَقَ أَهْل بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ وَجَبَ قِتَالُهُمْ. (2)</p><font color=#ff0000>46 -</font> كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّحَيُّل عَلَى إِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ، كَمَنْ دَخَل عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ، فَشَرِبَ خَمْرًا أَوْ دَوَاءً مُنَوِّمًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا - وَهُوَ فَاقِدٌ لِعَقْلِهِ - كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. وَكَمَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَقْدِرُ بِهِ عَلَى الْحَجِّ، فَوَهَبَهُ كَيْلَا يَجِبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ (3) .</p><font color=#ff0000>47 -</font> وَتَحْرُمُ الشَّفَاعَةُ لإِِسْقَاطِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَفِي السَّرِقَةِ كَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ، لأَِنَّ الْحَدَّ فِيهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: أُتِيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَارِقٍ قَدْ سَرَقَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ، فَقِيل: يَا رَسُول اللَّهِ مَا كُنَّا نَرَاكَ تَبْلُغُ بِهِ هَذَا، قَال: لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ لأََقَمْتُ عَلَيْهَا الْحَدَّ. (4) وَرَوَى عُرْوَةُ قَال: شَفَعَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 572، والأثر أخرجه البخاري ضمن حديث طويل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر رضي عنه قال:" والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. . . "(فتح الباري 3 / 262 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 1 / 42، ومنح الجليل 1 / 117.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الموافقات 2 / 379 و 4 / 201، والشرح الصغير 1 / 600 ط دار المعارف، والمغني 2 / 534 ط المنار.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسارق. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، ولفظ البخاري: " أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتشفع (فتح الباري 12 / 87 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1315 ط عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>الزُّبَيْرُ فِي سَارِقٍ فَقِيل: حَتَّى يَأْتِيَ السُّلْطَانُ، قَال: إِذَا بَلَغَ السُّلْطَانَ فَلَعَنَ اللَّهُ الشَّافِعَ وَالْمُشَفَّعَ (1) . وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِصَفْوَانَ، حِينَ تَصَدَّقَ عَلَى السَّارِقِ: فَهَلَاّ قَبْل أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأثر عن الزبير " إذا بلغ السلطان فلعن الله الشافع والمشفع " أخرجه مالك في الموطأ، قال ابن حجر في الفتح: وهو منقطع من وقفه. وقال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: وإسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل. وأخرجه الطبراني في الأوسط والصغير، قال الهيثمي: وفيه أبو غزية محمد بن موسى الأنصاري ضعفه أبو حاتم وغيره، ووثقه الحاكم، وعبد الرحمن بن أبي الزناد ضيف. قال الحافظ ابن حجر: وهو عند ابن أبي شيبة بسند حسن عن الزبير موقوفا، وسند آخر حسن عن علي نحوه كذلك. وأخرجه الدارقطني من حديث الزبير موصولا مرفوعا بلفظ:" اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي، فإذا وصل الوالي فعفا، فلا عفا الله عنه ". قال الحافظ: والموقوف هو المعتمد، (تنوير الحوالك 3 / 49، 50 نشر مكتبة المشهد الحسيني، وفتح الباري 12 / 87، 88 ط السلفية، ومجمع الزمان 6 / 259 ط مكتبة القدسي 1353 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب 2 / 283، 284، والمغني 8 / 282 ط الرياض. وحديث عائشة:" فهلا قبل أن تأتيني به " أخرجه مالك (الموطأ بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 834، 835 ط عيسى الحلبي 1370 هـ) وأحمد (6 / 465 - ط الميمنية) وأبو داود (عون المعبود 4 / 240، 241 ط الهند) ضمن قصة من حديث صفوان بن أمية. قال الحافظ ابن عبد البر: رواه جمهور أصحاب مالك مرسلا. ورواه أبو عاصم النبيل وحده عن مالك عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن جده فوصله. قال ال رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد في مسنده من غير وجه، قال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: وإسناده حسن (جامع الأصول 3 / 600 - 602 نشر مكتبة الحلواني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>وَقَال النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ بَعْدَ بُلُوغِهِ الإِْمَامَ، فَأَمَّا قَبْل بُلُوغِهِ الإِْمَامَ فَقَدْ أَجَازَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَشْفُوعُ فِيهِ صَاحِبَ شَرٍّ وَأَذًى لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَشْفَعْ فِيهِ. (1)</p><font color=#ff0000>48 -</font> وَيُلَاحَظُ أَنَّ السَّرِقَةَ، وَإِنْ كَانَ الْحَدُّ فِيهَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ، إِلَاّ أَنَّ الْجَانِبَ الشَّخْصِيَّ فِيهَا مُتَحَقِّقٌ نَاحِيَةَ الْمَال، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ مِنَ الْمَال. (2) أَمَّا الْحَدُّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ قَبْل الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ. لَكِنْ قَال الْحَنَفِيَّةُ - غَيْرُ زُفَرَ، وَرِوَايَةٌ لأَِبِي يُوسُفَ - لَوْ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مَلَّكَ الْمَسْرُوقَ لِلسَّارِقِ سَقَطَ الْحَدُّ. (3)</p>وَالْقَذْفُ مِمَّا يَجْتَمِعُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ، مَعَ الاِخْتِلَافِ فِي تَغْلِيبِ أَحَدِهِمَا، وَعَلَى الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْعَفْوُ فِيهِ (أَيِ الإِْسْقَاطُ) قَبْل التَّرَافُعِ وَبَعْدَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الرَّفْعِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوا الْعَفْوَ بَعْدَ التَّرَافُعِ بِمَا إِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ يُرِيدُ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ. وَلَا يُشْتَرَطُ هَذَا الْقَيْدُ بَيْنَ الاِبْنِ وَأَبِيهِ. وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَفْوُ كَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلإِْمَامِ. (4)</p>وَأَمَّا التَّعْزِيرُ، فَمَا كَانَ مِنْهُ حَقًّا لِلآْدَمِيِّ جَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَمَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى الإِْمَامِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور في القواعد 1 / 426، وحاشية ابن عابدين 3 / 140، والمغني 8 / 281، 282.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منح الجليل 3 / 424.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 8 / 269، والمهذب 2 / 283، 284، ومنح الجليل 4 / 515، والاختيار 4 / 111.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية 2 / 113، والمهذب 2 / 275، والتبصرة 2 / 268، ومنتهى الإرادات 3 / 351.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>وَنُقِل عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ إِقَامَتُهُ إِذَا كَانَ فِي حَقِّ اللَّهِ. وَعَنِ الإِْمَامَيْنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ أَنَّ مَا كَانَ مِنَ التَّعْزِيرِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ فَيَجِبُ امْتِثَال الأَْمْرِ فِيهِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى الإِْمَامِ. (1)</p><font color=#ff0000>49 -</font> وَمَا دَامَتْ حُدُودُ اللَّهِ لَا تَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنَ الْعِبَادِ، فَبِالتَّالِي لَا يَجُوزُ الاِعْتِيَاضُ عَنْ إِسْقَاطِهَا، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ سَارِقًا أَوْ شَارِبًا لِيُطْلِقَهُ وَلَا يَرْفَعَهُ لِلسُّلْطَانِ، لأَِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَخْذُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَتِهِ. وَكَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُصَالِحَ شَاهِدًا عَلَى أَلَاّ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لآِدَمِيٍّ، لأَِنَّ الشَّاهِدَ فِي إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ مُحْتَسَبٌ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} (2) وَالصُّلْحُ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ عز وجل بَاطِلٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ، لأَِنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ. (3)</p>وَهُنَاكَ أَيْضًا مَا يُعْتَبَرُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى مِمَّا شُرِعَ أَصْلاً لِمَصْلَحَةِ الْعِبَادِ، وَلِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُنَافَاةِ الإِْسْقَاطِ لِمَا هُوَ مَشْرُوعٌ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ:</p> </p>‌<span class="title">‌الْوِلَايَةُ عَلَى الصَّغِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>50 -</font> مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ وَصْفًا ذَاتِيًّا لِصَاحِبِهَا، وِلَايَةُ الأَْبِ عَلَى الصَّغِيرِ، فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ وَلَا تَنْفَكُّ عَنْهُ، فَحَقُّهُ ثَابِتٌ بِإِثْبَاتِ الشَّرْعِ، فَهِيَ حَقٌّ عَلَيْهِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلِذَلِكَ لَا تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 4 / 354، والتبصرة 2 / 303، والحطاب 6 / 320، وابن عابدين 3 / 186، 187، والمهذب 2 / 275، والمغني 8 / 326.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الطلاق / 2.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 6 / 48، وشرح منتهى الإرادات 2 / 266.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>لأَِنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ خِلَافَ الْمَشْرُوعِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ. (1)</p>أَمَّا غَيْرُ الأَْبِ كَالْوَصِيِّ فَفِيهِ خِلَافٌ. فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ: إِذَا كَانَ الْوَصِيُّ قَدْ قَبِل الْوِصَايَةَ، وَمَاتَ الْمُوصِي، فَلَا يَجُوزُ لَهُ عَزْل نَفْسِهِ لِثُبُوتِ هَذَا الْحَقِّ لَهُ. وَلأَِنَّهَا وِلَايَةٌ فَلَا تَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ. أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُسْقِطَ الْوَصِيُّ حَقَّهُ، وَلَوْ بَعْدَ قَبُولِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، لأَِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ بِالإِْذْنِ، فَكَانَ لَهُ عَزْل نَفْسِهِ كَالْوَكِيل (2) .</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل أَنْوَاعِ الْوِلَايَاتِ، كَالْقَاضِي وَنَاظِرِ الْوَقْفِ، فِي مُصْطَلَحِ (وِلَايَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌السُّكْنَى فِي بَيْتِ الْعِدَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>51 -</font> أَوْجَبَ الشَّارِعُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَعْتَدَّ فِي الْمَنْزِل الَّذِي يُضَافُ إِلَيْهَا بِالسُّكْنَى حَال وُقُوعِ الْفُرْقَةِ أَوِ الْمَوْتِ، وَالْبَيْتِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (3) هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي تَسْكُنُهُ. وَلَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ وَلَا لِغَيْرِهِ إِخْرَاجُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ مَسْكَنِهَا. وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ وَإِنْ رَضِيَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ، لأَِنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِخْرَاجُهَا أَوْ خُرُوجُهَا مِنْ مَسْكَنِ الْعِدَّةِ مُنَافٍ لِلْمَشْرُوعِ، فَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ إِسْقَاطُهُ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ، لأَِنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنَةِ قَرَارُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 152، وأشباه ابن نجيم ص 160، وابن عابدين 2 / 102، والمنثور في القواعد 3 / 393، وشرح منتهى الإرادات 2 / 526، وفتح العلي المالك 1 / 393.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 327، والكافي لابن عبد البر 2 / 1031، والمغني 6 / 141 ط الرياض، والمهذب 1 / 471، والهداية 4 / 258.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الطلاق / 1.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>فِي مَسْكَنِ الْعِدَّةِ، لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الَّذِي فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لَهَا: لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى. (1) وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ، خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ. (2) وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ كَثِيرٌ ر:(عِدَّة، سُكْنَى) .</p> </p>‌<span class="title">‌خِيَارُ الرُّؤْيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>52 -</font> بَيْعُ الشَّيْءِ قَبْل رُؤْيَتِهِ يَثْبُتُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ لِلْمُشْتَرِي، فَلَهُ الأَْخْذُ وَلَهُ الرَّدُّ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنِ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إِذَا رَآهُ (3) فَالْخِيَارُ هُنَا لَيْسَ بِاشْتِرَاطِ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ شَرْعًا فَكَانَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ، وَلَا يَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُونَ بَيْعَ الشَّيْءِ الْغَائِبِ، مَعَ مُرَاعَاةِ شَرَائِطِ ثُبُوتِ الْخِيَارِ.</p>وَلَوْ أَنَّ الْعَاقِدَيْنِ تَبَايَعَا بِشَرْطِ إِسْقَاطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ بَطَل الشَّرْطُ مَعَ الْخِلَافِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث فاطمة بنت قيس:" لا نفقة لك ولا سكنى " أخرجه مسلم (2 / 1115 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الهداية 2 / 33، والبدائع 3 / 152، وجواهر الإكليل 1 / 392، والدسوقي 2 / 350، ونهاية المحتاج 7 / 145، 146، والمغني 7 / 521 - 530، وشرح منتهى الإرادات 3 / 228، 230.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" من اشترى شيئا. . . " روي مسندا ومرسلا، أما المسند فأخرجه الدارقطني في سننه من حديث أبي هريرة، قال الدارقطني: فيه عمر بن إبراهيم، يقال له الكردي يضع الأحاديث، وهذا باطل لا يصح. قال ابن القطان: والراوي عن الكردي داهر بن نوح، وهو لا يعرف، ولعل الجناية منه. وأما المرسل، فرواه ابن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني والبيهقي. قال الدارقطني: هذا مرسل، وأبو بكر بن أبي ضعيف (سنن الدارقطني 3 / 3 - 5 ط دار المحاسن بالقاهرة، والسنن الكبرى للبيهقي 5 / 268 ط دائرة المعارف العثمانية، ونصب الراية 4 / 9 ط دار المأمون 1357 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>وَفَسَادِهِ، بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ. (1) وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي:(بَيْع، خِيَار) .</p> </p>‌<span class="title">‌حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>53 -</font> حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ الَّتِي يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا - وَهِيَ فِيمَا يَهَبُهُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَفِيمَا يَهَبُهُ الإِْنْسَانُ إِذَا لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - حَقٌّ ثَابِتٌ شَرْعًا، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً، فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلَاّ الْوَالِدَ بِمَا يُعْطِي وَلَدَهُ. (2) وَهَذَا مَا اسْتَدَل بِهِ الْجُمْهُورُ. وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا (3) أَيْ مَا لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 292، 295، والهداية 3 / 32، وجواهر الإكليل 2 / 9، والمهذب 1 / 270، وشرح منتهى الإرادات 2 / 146، والمغني 3 / 581.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يحل لرجل. . . " أخرجه أبو داود (3 / 808 - ط عزت عبيد دعاس) وابن ماجه (2 / 759 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها ". أخرجه ابن ماجه والبيهقي وابن أبي شيبة، من حديث أبي هريرة مرفوعا، وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن جارية ضعفوه. وأخرجه الطبراني، والدارقطني من حديث ابن عباس مرفوعا. وأعل عبد الحق إسناد الدارقطني بمحمد بن عبيد الله العرزمي. وأخرجه الحاكم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا. وقال. صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ورواه الدارقطني في سننه. قال البيهقي: والصحيح أنه عن عمر من قوله. وإسناد حديث أبي هريرة أليق، إلا أن فيه إبراهيم بن إسماعيل، وهو ضعيف عند أهل الحديث، فلا والسنن الكبرى للبيهقي 6 / 181 ط دائرة المعارف العثمانية بالهند، والمستدرك 2 / 52 نشر دار الكتاب العربي، وسنن الدارقطني 3 / 44 ط دار المحاسن للطباعة، ونصب الراية 4 / 125 - 126 ط دار المأمون 1357 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>يُعَوَّضْ. قَالُوا: وَالْعِوَضُ فِيمَا وُهِبَ لِذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ هُوَ: صِلَةُ الرَّحِمِ، وَقَدْ حَصَل.</p>وَمَا دَامَ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ - فِيمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ - ثَابِتًا شَرْعًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُ، وَلَا يَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ. وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ. وَالْقَوْل الآْخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّ الرُّجُوعَ حَقُّهُ، وَهُوَ يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ لِلأَْبِ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ، إِلَاّ إِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا، أَوْ شَرَطَ عَدَمَ الاِعْتِصَارِ (أَيِ الرُّجُوعِ)، فَلَا رُجُوعَ لَهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمَشْهُورِ. (1) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي:(هِبَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ:</span></p>سَبَقَ أَنَّ كُل جَائِزِ التَّصَرُّفِ لَا يُمْنَعُ مِنْ إِسْقَاطِ حَقِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَانِعٌ، وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ بَعْضِ مَا لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ مِنَ الْحُقُوقِ اتِّفَاقًا أَوْ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، إِمَّا لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمَحَل، أَوْ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الإِْسْقَاطِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ:</span></p><font color=#ff0000>54 -</font> الإِْسْقَاطُ إِذَا كَانَ مَسَّ حَقًّا لِغَيْرِ مَنْ يُبَاشِرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، إِذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْغَيْرِ كَحَقِّ الصَّغِيرِ، أَوْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ مَنْ يَمْلِكُ الإِْجَازَةَ كَالْوَارِثِ وَالْمُرْتَهِنِ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَا يَأْتِي:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 4 / 515، والتكملة 2 / 325، والهداية 3 / 227، 228، والمنثور في القواعد 2 / 54، وشرح منتهى الإرادات 2 / 526، والمغني 5 / 668، والدسوقي 4 / 111، وفتح العلي المالك 2 / 285.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حَقُّ الْحَضَانَةِ:</span></p><font color=#ff0000>55 -</font> يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ - أَنَّ لِلْحَاضِنِ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّهُ بِإِسْقَاطِهِ، وَيَنْتَقِل الْحَقُّ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ إِلَاّ إِذَا تَعَيَّنَ وَلَمْ يُوجَدْ حَاضِنٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ إِنْ عَادَ الْحَاضِنُ فَطَلَبَ الْحَضَانَةَ عَادَ الْحَقُّ إِلَيْهِ.</p>وَخَالَفَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا: إِنَّ الْحَاضِنَةَ إِذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، بَعْدَ وُجُوبِهَا لَهَا، ثُمَّ أَرَادَتِ الْعَوْدَ فَلَا تَعُودُ. (1) وَلِلتَّفْصِيل ر:(حَضَانَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَسَبُ الصَّغِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>56 -</font> النَّسَبُ حَقُّ الصَّغِيرِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا الْحَقُّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَحِقَ بِهِ إِسْقَاطُ هَذَا الْحَقِّ، فَمَنْ أَقَرَّ بِابْنٍ، أَوْ هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ، أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ، أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ مَعَ إِمْكَانِ النَّفْيِ فَقَدِ الْتَحَقَ بِهِ، وَلَا يَصِحُّ لَهُ إِسْقَاطُ نَسَبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. (2)</p>وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ صَبِيًّا فِي يَدِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْهَا، وَجَحَدَ الرَّجُل فَصَالَحَتْ عَنِ النَّسَبِ عَلَى شَيْءٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، لأَِنَّ النَّسَبَ حَقُّ الصَّبِيِّ لَا حَقُّهَا. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 636، ومنح الجليل 2 / 458، والمنثور في القواعد 2 / 54، ونهاية المحتاج 6 / 392 و 7 / 219، وشرح منتهى الإرادات 3 / 265، والمغني 7 / 625، ونيل المآرب بشرح دليل الطالب 2 / 309 ط أولى سنة 1403 هـ مكتبة الفلاح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 211، والمغني 7 / 424، والكافي لابن عبد البر 2 / 616، ونهاية المحتاج 7 / 116.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 6 / 49.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌عَزْل الْوَكِيل:</span></p><font color=#ff0000>57 -</font> الأَْصْل أَنَّ الْمُوَكِّل يَجُوزُ لَهُ عَزْل الْوَكِيل مَتَى شَاءَ، لأَِنَّهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ، لَكِنْ لَوْ تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ بِغَيْرِ رِضَى صَاحِبِ الْحَقِّ، لأَِنَّ فِي الْعَزْل إِبْطَال حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَذَلِكَ كَالْوَكِيل فِي الْخُصُومَةِ لَا يَجُوزُ عَزْلُهُ مَا دَامَتِ الْخُصُومَةُ مُسْتَمِرَّةً. وَكَالْعَدْل الْمُتَسَلِّطِ عَلَى بَيْعِ الْمَرْهُونِ. وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، (1) مَعَ تَفْصِيلٍ كَثِيرٍ فِي شُرُوطِ الْعَزْل وَشُرُوطِ الْوَكَالَةِ فِي الْخُصُومَةِ، وَتُنْظَرُ فِي:(وَكَالَة، رَهْن) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَصَرُّفُ الْمُفْلِسِ:</span></p><font color=#ff0000>58 -</font> الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِلْفَلَسِ، يَتَعَلَّقُ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ تَصَرُّفًا مُسْتَأْنَفًا، كَوَقْفٍ، وَعِتْقٍ، وَإِبْرَاءٍ، وَعَفْوٍ مَجَّانًا فِيمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِمَالِهِ، فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ، أَشْبَهَ الرَّاهِنَ يَتَصَرَّفُ فِي الرَّهْنِ. (2) ر:(حَجْر، فَلَس) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْل وُجُوبِهِ، وَبَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ:</span></p><font color=#ff0000>59 -</font> يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الإِْسْقَاطِ قَبْل وُجُوبِ الْحَقِّ، وَقَبْل وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، لأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 6 / 38، ومنح الجليل 3 / 95، 354، وفتح العلي 1 / 240.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 95، والدسوقي 3 / 265، ونهاية المحتاج 4 / 305، 306، ومنتهى الإرادات 2 / 278، والقواعد ص 91، 93.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>الْحَقَّ قَبْل ذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ بِالْفِعْل، فَلَا يُتَصَوَّرُ وُرُودُ الإِْسْقَاطِ عَلَيْهِ، فَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ لَا يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا، وَإِنَّمَا مُجَرَّدُ وَعْدٍ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الإِْسْقَاطُ مُسْتَقْبَلاً، كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْل الْبَيْعِ، وَإِسْقَاطِ الْحَاضِنَةِ حَقَّهَا فِي الْحَضَانَةِ قَبْل وُجُوبِهَا، فَكُل هَذَا لَا يُعْتَبَرُ إِسْقَاطًا، وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ عَنِ الْحَقِّ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَالْعَوْدُ إِلَى الْمُطَالَبَةِ بِالْحَقِّ.</p><font color=#ff0000>60 -</font> أَمَّا إِذَا لَمْ يَجِبِ الْحَقُّ، وَلَكِنْ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ، فَفِي صِحَّةِ الإِْسْقَاطِ حِينَئِذٍ اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ:</p>فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ يَصِحُّ الإِْسْقَاطُ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَقَبْل الْوُجُوبِ.</p>فَقَدْ جَاءَ فِي بَدَائِعِ الصَّنَائِعِ (1) : الإِْبْرَاءُ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ قَبْل الْوُجُوبِ جَائِزٌ، كَالإِْبْرَاءِ عَنِ الأُْجْرَةِ قَبْل مُضِيِّ مُدَّةِ الإِْجَارَةِ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (2) : الإِْبْرَاءُ عَنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ جَائِزٌ.</p>وَفِي شَرْحِ مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُغْنِي: إِنْ عَفَا مَجْرُوحٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَنْ قَوَدِ نَفْسِهِ أَوْ دِيَتِهَا صَحَّ عَفْوُهُ، لإِِسْقَاطِهِ حَقَّهُ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِهِ. (3)</p>وَفِي فَتْحِ الْعَلِيِّ الْمَالِكِ (4) وَرَدَتْ عِدَّةُ مَسَائِل:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 6 / 14، 4 / 29، 512، والدسوقي 2 / 316.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تكملة فتح القدير 8 / 295 ط دار إحياء التراث، والهداية 4 / 8، وحاشية ابن عابدين 2 / 566.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 80، 290، 428، والمغني 7 / 750، 8 / 712 - 714، 9 / 30، وكشاف القناع 5 / 546.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح العلي المالك 1 / 322، 323، 366.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>كَإِبْرَاءِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا مِنَ الصَّدَاقِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ قَبْل الْبِنَاءِ وَقَبْل أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، وَإِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا نَفَقَةَ الْمُسْتَقْبَل، وَكَعَفْوِ الْمَجْرُوحِ عَمَّا يَئُول إِلَيْهِ الْجُرْحُ. ثُمَّ قَال نَقْلاً عَنِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: وَبَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِل أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ، فَهَل يَلْزَمُ الإِْسْقَاطُ فِي ذَلِكَ، لأَِنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ قَدْ وُجِدَ أَوْ لَا يَلْزَمُ لأَِنَّهَا لَمْ تَجِبْ؟ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ</p>وَفِي الدُّسُوقِيِّ (1) ذَكَرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ هُوَ لُزُومُ الإِْسْقَاطِ لِجَرَيَانِ السَّبَبِ. وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْقَوْل الثَّانِي لِلْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ يَصِحُّ إِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْل وُجُوبِهِ، وَإِنْ جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ.</p>جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ:(2) لَوْ أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَنِ الضَّمَانِ لَمْ يُبَرَّأْ فِي الأَْظْهَرِ، إِذْ هُوَ إِبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَإِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ، وَالْقَوْل الثَّانِي: يُبَرَّأُ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ.</p>وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ صُورَةً يَصِحُّ فِيهَا الإِْسْقَاطُ قَبْل الْوُجُوبِ وَهِيَ: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إِذْنٍ، وَأَبْرَأَهُ الْمَالِكُ، وَرَضِيَ بِبَقَائِهَا، فَإِنَّهُ يُبَرَّأُ مِمَّا وَقَعَ فِيهَا. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْقَاطُ الْمَجْهُول:</span></p><font color=#ff0000>61 -</font> إِسْقَاطُ الْحَقِّ الْمَعْلُومِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَالْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَجْهُول، كَالدَّيْنِ، وَالْعَيْبِ فِي الْمَبِيعِ، وَحِصَّةٍ فِي تَرِكَةٍ، وَمَا مَاثَل ذَلِكَ. فَهَذَا النَّوْعُ مَحَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 2 / 316.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 4 / 78.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه للسيوطي ص 337، وقليوبي 2 / 211، والمنثور في القواعد 1 / 86.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي صِحَّةِ إِسْقَاطِهِ، بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الإِْبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ، هَل هُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ إِسْقَاطٌ؟</p>فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالْقَدِيمُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ مِنَ الْمَجْهُول، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَنِ اخْتَصَمَا فِي مَوَارِيثَ قَدْ دَرَسَتْ: اسْتَهِمَا، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ، وَلِيُحْلِل كُلٌّ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ. (1) وَلأَِنَّهُ إِسْقَاطُ حَقٍّ لَا تَسْلِيمَ فِيهِ، فَصَحَّ فِي الْمَجْهُول، لأَِنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ لَا تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ. وَمِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: صِحَّةُ الصُّلْحِ عَمَّا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ مِنَ الدَّيْنِ، لِئَلَاّ يُفْضِيَ إِلَى ضَيَاعِ الْمَال. (2)</p>وَفِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ مِنَ الْمَجْهُول (3) ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكُ مَا فِي ذِمَّتِهِ، فَيُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ.</p>وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الْقَوْل بِعَدَمِ الصِّحَّةِ بَيْنَ مَجْهُول الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ.</p>وَيَسْتَثْنِي الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الإِْبْرَاءِ مِنَ الْمَجْهُول صُورَتَيْنِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " استهما وتوخيا الحق. . . . " أخرجه أحمد، وأبو داود من حديث أم مسلمة رضي عنها مرفوعا، ولفظ أبي داود " اقتسما وتوخيا الحق ثم استهما ثم تحالا "، والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري. وقال شعيب الأرناؤوط محقق شرح السنة: إسناده حسن (مسند أحمد بن حنبل 6 / 320 ط الميمنية، وعون المعبود 3 / 329 ط الهند، وشرح السنة للبغوي بتحقيق شعيب الأرناؤوط 10 / 113 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 5 / 172، 173، والدسوقي 3 / 411، وشرح منتهى الإرادات 263، وكشاف القناع 3 / 396 و 4 / 304، والقواعد لابن رجب ص 232، والمغني 4 / 198.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قليوبي 2 / 326، ونهاية المحتاج 4 / 428، 430، وشرح الروض 2 / 239، والمراجع السابقة للحنابلة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>الأُْولَى: الإِْبْرَاءُ مِنْ إِبِل الدِّيَةِ، فَيَصِحُّ الإِْبْرَاءُ مِنْهَا مَعَ الْجَهْل بِصِفَتِهَا، لاِغْتِفَارِهِمْ ذَلِكَ فِي إِثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي. وَكَذَا الأَْرْشُ وَالْحُكُومَةُ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ مِنْهُمَا مَعَ الْجَهْل بِصِفَتِهِمَا.</p>الثَّانِيَةُ: إِذَا ذَكَرَ قَدْرًا يَتَحَقَّقُ أَنَّ حَقَّهُ أَقَل مِنْهُ.</p>وَأُضِيفَ إِلَى هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَمَّا عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ، لأَِنَّهُ وَصِيَّةٌ.</p>كَذَلِكَ الْجَهْل الْيَسِيرُ الَّذِي يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الإِْسْقَاطِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَالإِْبْرَاءِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ مُوَرِّثِهِ فِي التَّرِكَةِ، إِنْ عَلِمَ قَدْرَ التَّرِكَةِ، وَجَهِل قَدْرَ حِصَّتِهِ.</p>وَإِنْ أَجَازَ الْوَارِثُ وَصِيَّةَ مُوَرِّثِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَقَال: إِنَّمَا أَجَزْتُ لأَِنِّي ظَنَنْتُ الْمَال قَلِيلاً، وَأَنَّ الثُّلُثَ قَلِيلٌ، وَقَدْ بَانَ أَنَّهُ كَثِيرٌ، قُبِل قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا زَادَ عَلَى ظَنِّهِ، مَا لَمْ يَكُنِ الْمَال ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُجِيزِ، أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ بِعِلْمِهِ وَبِقَدْرِهِ، وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>62 -</font> أَمَّا الإِْبْرَاءُ مِنَ الْعُيُوبِ فِي الْبَيْعِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ كَالْحُكْمِ فِي الدَّيْنِ، مَعَ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْحَادِثِ وَالْقَائِمِ. وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الأَْشْهَرُ فِيهِ عَدَمُ صِحَّةِ الإِْبْرَاءِ. وَالرَّأْيُ الثَّانِي: يَجُوزُ الإِْبْرَاءُ فِيهِ. وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُل عَيْبٍ، وَقَوْلٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يُبَرَّأُ إِلَاّ مِنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الْعَيْبُ الْبَاطِنُ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ بِهِ الْبَائِعُ، قَال الشَّافِعِيُّ رحمه الله: لأَِنَّ الْحَيَوَانَ يُفَارِقُ مَا سِوَاهُ، وَقَلَّمَا يُبَرَّأُ مِنْ عَيْبٍ يَظْهَرُ أَوْ يَخْفَى، فَدَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منتهى الإرادات 2 / 543، والمهذب 1 / 457.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>التَّبَرِّي مِنَ الْعَيْبِ الْبَاطِنِ فِيهِ. (1)</p>هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِمَا لَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ بِالاِتِّفَاقِ، أَوْ مَعَ الاِخْتِلَافِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمَحَل أَوْ شُرُوطِ الإِْسْقَاطِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ.</p><font color=#ff0000>63 -</font> وَهُنَاكَ كَثِيرٌ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا تَقْبَل الإِْسْقَاطَ لأَِسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَمِنَ الْعَسِيرِ حَصْرُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لِتَشَعُّبِهَا فِي مَسَائِل الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: حَقُّ الزَّوْجِ فِي الاِسْتِمْتَاعِ. (2)</p>وَهُنَاكَ مَا لَا يَسْقُطُ لِقَاعِدَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهِيَ: أَنَّ صِفَاتِ الْحُقُوقِ لَا تُفْرَدُ بِالإِْسْقَاطِ كَالأَْجَل وَالْجَوْدَةِ، بَيْنَمَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهُمَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ خُرُوجًا عَنْ قَاعِدَةِ " التَّابِعُ تَابِعٌ (3) ".</p>كَذَلِكَ قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الشَّرْطَ إِذَا كَانَ فِي عَقْدٍ لَازِمٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ وَلَا يَقْبَل الإِْسْقَاطَ، فَلَوْ قَال رَبُّ السَّلَمِ: أَسْقَطْتُ حَقِّي فِي التَّسْلِيمِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوِ الْبَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ. وَكَمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِيمَا شَرَطَ لَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَا لأَِحَدٍ، لأَِنَّ الاِشْتِرَاطَ لَهُ صَارَ لَازِمًا كَلُزُومِ الْوَقْفِ (4) . وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَيُنْظَرُ فِي مَوَاضِعِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَجَزُّؤُ الإِْسْقَاطِ:</span></p><font color=#ff0000>64 -</font> مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الإِْسْقَاطَ يَرِدُ عَلَى مَحَلٍّ، وَالْمَحَل هُوَ الأَْسَاسُ فِي بَيَانِ حُكْمِ التَّجَزُّؤِ، فَإِذَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 1 / 295، والبدائع 5 / 277، والهداية 3 / 41، والمغني 4 / 197، 198، والقواعد ص 232، وفتح العلي المالك 1 / 361.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور في القواعد 2 / 54.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المنثور في القواعد 2 / 315، 316، والأشباه لابن نجيم ص 120، 266.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأشباه لابن نجيم ص 317.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>كَانَ الْمَحَل يَقْبَل الإِْسْقَاطَ فِي بَعْضِهِ دُونَ الْبَعْضِ الآْخَرِ، قِيل: إِنَّ الإِْسْقَاطَ يَتَجَزَّأُ. وَإِنْ كَانَ الْمَحَل لَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ بِالإِْسْقَاطِ فِي بَعْضِهِ، بَل يَثْبُتُ فِي الْكُل، قِيل: إِنَّ الإِْسْقَاطَ لَا يَتَجَزَّأُ.</p>وَمِنَ الْقَوَاعِدِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، كَمَا ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ وَالأَْتَاسِيُّ شَارِحُ الْمَجَلَّةِ:" ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ ". فَإِذَا طَلَّقَ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، أَوْ طَلَّقَ نِصْفَ الْمَرْأَةِ طُلِّقَتْ، وَمِنْهَا الْعَفْوُ عَنِ الْقِصَاصِ: إِذَا عَفَا عَنْ بَعْضِ الْقَاتِل كَانَ عَفْوًا عَنْ كُلِّهِ، وَكَذَا إِذَا عَفَا بَعْضُ الأَْوْلِيَاءِ سَقَطَ الْقِصَاصُ كُلُّهُ وَانْقَلَبَ نَصِيبُ الْبَاقِينَ مَالاً. وَخَرَجَ عَنِ الْقَاعِدَةِ الْعِتْقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُ إِذَا أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ لَمْ يَعْتِقْ كُلُّهُ. وَعِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ لَا يَتَجَزَّأُ (1)، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ. (2) وَأَدْخَل شَارِحُ الْمَجَلَّةِ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا: الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ، وَالشُّفْعَةَ، وَوِصَايَةَ الأَْبِ، وَالْوِلَايَةَ (3) .</p>وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ بِتَوْضِيحٍ أَكْثَر فَقَالُوا: مَا لَا يَقْبَل التَّبْعِيضَ يَكُونُ اخْتِيَارُ بَعْضِهِ كَاخْتِيَارِ كُلِّهِ، وَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ كَإِسْقَاطِ كُلِّهِ. وَذَكَرُوا تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمَسَائِل الَّتِي سَبَقَ إِيرَادُهَا عَنِ ابْنِ نُجَيْمٍ، وَهِيَ: الطَّلَاقُ وَالْقِصَاصُ وَالْعِتْقُ وَالشُّفْعَةُ. فَإِذَا عَفَا الشَّفِيعُ عَنْ بَعْضِ حَقِّهِ سَقَطَ الْكُل. وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الْقَاعِدَةِ حَدَّ الْقَذْفِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه لابن نجيم ص 162، والبدائع 7 / 247، 235، 356.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من أعتق شركا له في مملوك فعليه عتقه " أخرجه البخاري من حديث عمر رضي الله عنه. (الفتح 5 / 151 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح المجلة 1 / 165 م 63.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>فَالْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْهُ. قَالَهُ الرَّافِعِيُّ. وَزَادَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ: التَّعْزِيرَ، فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ (1) .</p>وَالْمَسَائِل الْمَشْهُورَةُ الَّتِي وَرَدَتْ مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَقِصَاصٍ هِيَ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، فِي أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُبَعَّضَ أَوِ الْمُضَافَ إِلَى جُزْءٍ مِنَ الزَّوْجَةِ، أَوِ الْعِتْقَ الْمُضَافَ إِلَى جُزْءٍ مِنَ الْعَبْدِ، أَوْ عَفْوَ أَحَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ عَنِ الْقِصَاصِ، كُل هَذَا يَسْرِي عَلَى الْكُل، وَلَا يَتَبَعَّضُ الْمَحَل، فَتُطَلَّقُ الْمَرْأَةُ، وَيَعْتِقُ الْعَبْدُ، وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ فِي الأَْصْل الْعَامِّ، إِلَاّ مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعِتْقِ كَمَا سَبَقَ.</p>وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي فُرُوعِ كُل مَسْأَلَةٍ. فَمَثَلاً إِضَافَةُ الطَّلَاقِ أَوِ الْعِتْقِ إِلَى الظُّفُرِ وَالسِّنِّ وَالشَّعَرِ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ تَزُول وَيَخْرُجُ غَيْرُهَا فَكَانَتْ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِل (2) .</p>وَفِي الإِْضَافَةِ إِلَى الشَّعَرِ قَوْلَانِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَيَقَعُ بِالإِْضَافَةِ إِلَيْهِ الطَّلَاقُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.</p>وَالشُّفْعَةُ أَيْضًا الأَْصْل الْعَامُّ فِيهَا أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ، حَتَّى لَا يَقَعَ ضَرَرٌ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. فَالشَّفِيعُ إِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْكُل أَوْ يَتْرُكَ، وَإِذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْبَعْضِ سَقَطَ الْكُل. لَكِنْ وَقَعَ خِلَافٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، إِذْ قِيل: إِنَّ إِسْقَاطَ بَعْضِ الشُّفْعَةِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْهَا.</p>وَلَيْسَ مِنْ تَبْعِيضِ الشُّفْعَةِ مَا إِذَا كَانَ الْبَائِعُ أَوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور في القواعد للزركشي 3 / 153، 154، ونهاية المحتاج 7 / 104، 8 / 355.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 7 / 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>الْمُشْتَرِي اثْنَيْنِ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ، وَإِذَا تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ فَالشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ الأَْنْصِبَاءِ.</p>وَالدَّيْنُ مِمَّا يَقْبَل التَّبْعِيضَ، فَلِلدَّائِنِ أَخْذُ بَعْضِهِ وَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌السَّاقِطُ لَا يَعُودُ</span></p><font color=#ff0000>65 -</font> مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ السَّاقِطَ يَنْتَهِي وَيَتَلَاشَى، وَيُصْبِحُ كَالْمَعْدُومِ لَا سَبِيل إِلَى إِعَادَتِهِ إِلَاّ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ يَصِيرُ مِثْلَهُ لَا عَيْنَهُ، فَإِذَا أَبْرَأَ الدَّائِنُ الْمَدِينَ فَقَدْ سَقَطَ الدَّيْنُ، فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ دَيْنٌ، إِلَاّ إِذَا وُجِدَ سَبَبٌ جَدِيدٌ، وَكَالْقِصَاصِ لَوْ عُفِيَ عَنْهُ فَقَدْ سَقَطَ وَسَلِمَتْ نَفْسُ الْقَاتِل، وَلَا تُسْتَبَاحُ إِلَاّ بِجِنَايَةٍ أُخْرَى، وَهَكَذَا. وَكَمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ، ثُمَّ رَجَعَتِ الدَّارُ إِلَى صَاحِبِهَا بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ، أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ، لأَِنَّ الْحَقَّ قَدْ بَطَل، فَلَا يَعُودُ إِلَاّ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ (2) .</p>وَالإِْسْقَاطُ يَقَعُ عَلَى الْكَائِنِ الْمُسْتَحِقِّ، وَهُوَ الَّذِي إِذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ، أَمَّا الْحَقُّ الَّذِي يَثْبُتُ شَيْئًا فَشَيْئًا، أَيْ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ سَبَبِهِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الإِْسْقَاطُ، لأَِنَّ الإِْسْقَاطَ يُؤَثِّرُ فِي الْحَال دُونَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 5 / 25، ومنح الجليل 2 / 240، 245 و 4 / 574، ونهاية المحتاج 5 / 212، 213، وخبايا الزوايا ص 385 نشر وزارة الأوقاف بالكويت، والمهذب 1 / 388، 2 / 88، وشرح منتهى الإرادات 2 / 237، 3 / 140، 284، والمغني 9 / 344، 345.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح المجلة للأتاسي 1 / 118 م 51، وبدائع الصنائع 5 / 20، وجواهر الإكليل 2 / 162، ومنتهى الإرادات 3 / 288.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>الْمُسْتَقْبَل. وَمِثَال ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي خَبَايَا الزَّوَايَا: لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْل الْقَبْضِ، وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ الْفَسْخِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، يُمَكَّنُ مِنَ الْفَسْخِ، لأَِنَّ التَّسْلِيمَ مُسْتَحَقٌّ لَهُ فِي الأَْوْقَاتِ كُلِّهَا، وَالإِْسْقَاطُ يُؤَثِّرُ فِي الْحَال دُونَ مَا يُسْتَحَقُّ مِنْ بَعْدُ (1) .</p>وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَوْ أَسْقَطَتِ الزَّوْجَةُ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ، لأَِنَّهَا أَسْقَطَتِ الْكَائِنَ، وَحَقُّهَا يَثْبُتُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَلَا يَسْقُطُ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَلَا يَرِدُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، لأَِنَّ الْعَائِدَ غَيْرُ السَّاقِطِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا (2) . وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ قَاعِدَةً فِي ذَلِكَ فَقَال: الأَْصْل أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحُكْمِ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا وَالْحُكْمُ مَعْدُومٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَانِعِ، وَإِنْ عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَهُوَ مِنْ بَابِ السَّاقِطِ (3) .</p>فَهُنَاكَ فَرْقٌ إِذَنْ بَيْنَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ، ثُمَّ سَقَطَ الْحُكْمُ لِمَانِعٍ، فَإِذَا زَال الْمَانِعُ مَعَ وُجُودِ الْمُقْتَضِي عَادَ الْحُكْمُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا عُدِمَ الْمُقْتَضِي فَلَا يَعُودُ الْحُكْمُ.</p>وَمِنْ ذَلِكَ حَقُّ الْحَضَانَةِ. جَاءَ فِي مُنْتَهَى الإِْرَادَاتِ (4) : لَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ، وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلَا تَزْوِيجَ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَحْضُونٍ. وَبِمُجَرَّدِ زَوَال الْمَانِعِ مِنْ فِسْقٍ أَوْ كُفْرٍ، أَوْ تَزَوُّجٍ بِأَجْنَبِيٍّ، وَبِمُجَرَّدِ رُجُوعِ مُمْتَنِعٍ مِنْ حَضَانَةٍ يَعُودُ الْحَقُّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ، لِقِيَامِ سَبَبِهَا مَعَ زَوَال الْمَانِعِ.</p>هَذَا مَعَ الاِخْتِلَافِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، هَل الْحَضَانَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) خبايا الزوايا ص 247 م / 239.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 636، ومنتهى الإرادات 3 / 103، وفتح العلي المالك 1 / 315.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه لابن نجيم ص 318.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح منتهى الإرادات 3 / 264، 265.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>حَقُّ الْحَاضِنِ أَوْ حَقُّ الْمَحْضُونِ. وَفِي الدُّسُوقِيِّ: إِذَا انْتَقَلَتِ الْحَضَانَةُ لِشَخْصٍ لِمَانِعٍ، ثُمَّ زَال الْمَانِعُ فَإِنَّهَا تَعُودُ لِلأَْوَّل، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتِ الأُْمُّ وَدَخَل بِهَا الزَّوْجُ، وَأَخَذَتِ الْجَدَّةُ الْوَلَدَ، ثُمَّ فَارَقَ الزَّوْجُ الأُْمَّ، وَقَدْ مَاتَتِ الْجَدَّةُ، أَوْ تَزَوَّجَتْ، وَالأُْمُّ خَالِيَةٌ مِنَ الْمَوَانِعِ، فَهِيَ أَحَقُّ مِمَّنْ بَعْدَ الْجَدَّةِ، وَهِيَ الْخَالَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا. كَذَا قَال الْمُصَنِّفُ (الدَّرْدِيرُ) ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجَدَّةَ إِذَا مَاتَتِ انْتَقَلَتِ الْحَضَانَةُ لِمَنْ بَعْدَهَا كَالْخَالَةِ، وَلَا تَعُودُ لِلأُْمِّ وَلَوْ كَانَتْ مُتَأَيِّمَةً (لَا زَوْجَ لَهَا) . (1)</p>وَفِي الْجُمَل عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لَوْ أَسْقَطَتِ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا انْتَقَلَتْ لِمَنْ يَلِيهَا، فَإِذَا رَجَعَتْ عَادَ حَقُّهَا (2) . وَمِثْل ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.</p>وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَفَرَّعْتُ عَلَى " وَقَوْلُهُمْ: السَّاقِطُ لَا يَعُودُ " قَوْلَهُمْ إِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ، مَعَ وُجُودِ الأَْهْلِيَّةِ، لِفِسْقٍ أَوْ لِتُهْمَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَل بَعْدَ ذَلِكَ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ.</p>وَمِنَ الْمَسَائِل الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ نُجَيْمٍ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا هُوَ مُسْقِطٌ وَمَا هُوَ مَانِعٌ قَوْلُهُ: لَا يَعُودُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِقِلَّةِ الْفَوَائِتِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِالتَّذَكُّرِ، لأَِنَّ النِّسْيَانَ كَانَ مَانِعًا لَا مُسْقِطًا، فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَال الْمَانِعِ. وَلَا تَصِحُّ إِقَالَةُ الإِْقَالَةِ فِي السَّلَمِ، لأَِنَّهُ دَيْنٌ سَاقِطٌ فَلَا يَعُودُ. أَمَّا عَوْدُ النَّفَقَةِ - بَعْدَ سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ - بِالرُّجُوعِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ زَوَال الْمَانِعِ، لَا مِنْ بَابِ عَوْدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدسوقي 2 / 533.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجمل على شرح المنهج 4 / 521، والبدائع 4 / 42.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>السَّاقِطِ (1) . وَتُنْظَرُ الْفُرُوعُ فِي أَبْوَابِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَثَرُ الإِْسْقَاطِ:</span></p><font color=#ff0000>66 -</font> يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْسْقَاطِ آثَارٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ. وَمِنْ ذَلِكَ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> إِسْقَاطُ رَجُلٍ الاِنْتِقَاعَ بِالْبُضْعِ بِالطَّلَاقِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارٌ مُتَعَدِّدَةٌ، كَالْعِدَّةِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَجَوَازِ الرَّجْعَةِ، إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَعَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ إِنْ كَانَ بَائِنًا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْثَارِ. (2) ر:(طَلَاق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإِْعْتَاقُ وَهُوَ: إِزَالَةُ الرِّقِّ عَنِ الْمَمْلُوكِ وَإِثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ لَهُ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِلْكُهُ لِمَالِهِ وَكَسْبِهِ، وَإِطْلَاقُ يَدِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ، وَإِثْبَاتُ حَقِّ الْوَلَاءِ لِلْمُعْتَقِ، وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ مِنَ الأَْحْكَامِ. (3) ر:(عِتْق) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْسْقَاطِ إِثْبَاتُ حُقُوقٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَحَل، كَإِسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ، يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اسْتِقْرَارُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِسْقَاطُ حَقِّ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ لُزُومُ الْبَيْعِ، لأَِنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِالْبَيْعِ قَبْل الاِخْتِيَارِ مِلْكٌ غَيْرُ لَازِمٍ. وَإِجَازَةُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا لُزُومُ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ (4) وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي:(بَيْع - خِيَار - شُفْعَة - فُضُولِيّ) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> وَمِنَ الآْثَارِ مَا يَرِدُ تَحْتَ قَاعِدَةِ: الْفَرْعُ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ الأَْصْل، كَمَا إِذَا أُبْرِئَ الْمَضْمُونُ أَوِ الْمَكْفُول عَنِ الدَّيْنِ بُرِّئَ الضَّامِنُ وَالْكَفِيل، لأَِنَّ الضَّامِنَ وَالْكَفِيل فَرْعٌ، فَإِذَا سَقَطَ الأَْصْل سَقَطَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه لابن نجيم ص 318، 319.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 3 / 121، 174.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الاختيار 4 / 17.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 5 / 261، 267، 273، 291، 295.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>الْفَرْعُ وَلَا عَكْسَ، فَلَوْ أُبْرِئَ الضَّامِنُ لَمْ يُبَرَّأِ الأَْصِيل، لأَِنَّهُ إِسْقَاطُ وَثِيقَةٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الدَّيْنُ (1) . ر:(كَفَالَة - ضَمَان) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْسْقَاطِ الْحُصُول عَلَى حَقٍّ كَانَ صَاحِبُهُ مَمْنُوعًا مِنْهُ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، وَذَلِكَ مِثْل صِحَّةِ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي الْمَرْهُونِ، بِنَحْوِ وَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ، إِذَا أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ، لأَِنَّ مَنْعَهُ كَانَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ، وَقَدْ أَسْقَطَهُ بِإِذْنِهِ (2) .</p><font color=#ff0000>(6)</font> الْغَرِيمُ إِذَا وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ الْمُفْلِسِ كَانَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِيهِ بِشُرُوطٍ مِنْهَا: أَلَاّ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَشُفْعَةٍ وَرَهْنٍ. فَإِذَا أَسْقَطَ أَصْحَابُ الْحُقُوقِ حُقُوقَهُمْ، بِأَنْ أَسْقَطَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ، أَوْ أَسْقَطَ الْمُرْتَهِنُ حَقَّهُ فِي الرَّهْنِ فَلِرَبِّ الْعَيْنِ أَخْذُهَا (3) .</p><font color=#ff0000>(7)</font> إِذَا أَجَّل الْبَائِعُ الثَّمَنَ بَعْدَ الْعَقْدِ سَقَطَ حَقُّ الْحَبْسِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْبَدَائِعِ، لأَِنَّهُ أَخَّرَ حَقَّ نَفْسِهِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، فَلَا يَتَأَخَّرُ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي مِنَ الثَّمَنِ بَطَل حَقُّ الْحَبْسِ (4) .</p><font color=#ff0000>(8)</font> لَوْ أَجَّلَتِ الزَّوْجَةُ الْمَهْرَ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا، لأَِنَّ الْمَرْأَةَ بِالتَّأْجِيل رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّ نَفْسِهَا، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الزَّوْجِ. وَهَذَا فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا، لأَِنَّ مِنْ حُكْمِ الْمَهْرِ أَنْ يَتَقَدَّمَ تَسْلِيمُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 4 / 244، والمنتهى 2 / 247، والمنثور 3 / 22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> منتهى الإرادات 2 / 234، ونهاية المحتاج 4 / 262، ومنح الجليل 3 / 74.</p><font color=#ff0000>(3)</font> منتهى الإرادات 2 / 281.</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 5 / 250.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>عَلَى تَسْلِيمِ النَّفْسِ، فَلَمَّا قَبِل الزَّوْجُ التَّأْجِيل كَانَ ذَلِكَ رِضًا بِتَأْخِيرِ حَقِّ نَفْسِهَا فِي الْقَبْضِ، بِخِلَافِ الْبَائِعِ (1) . وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل كُل ذَلِكَ فِي:(إِفْلَاسٌ - بَيْعٌ - حَبْس - رَهْن) .</p><font color=#ff0000>(9)</font> إِسْقَاطُ الشَّارِعِ الْعِبَادَاتِ بِسَبَبِ الأَْعْذَارِ قَدْ يَسْقُطُ الطَّلَبُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا يُطَالَبُ بِالْقَضَاءِ، كَالصَّوْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. وَقَدْ يُطَالَبُ بِالْقَضَاءِ، كَالصَّوْمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَائِضِ وَالْمُسَافِرِ.</p><font color=#ff0000>(10)</font> الإِْبْرَاءُ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ مِنَ الْحَقِّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْمُبَرَّأِ مَتَى اسْتَوْفَى الإِْبْرَاءُ شُرُوطَهُ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ عَنْ حَقٍّ خَاصٍّ أَمْ حَقٍّ عَامٍّ، بِحَسَبِ مَا يَرِدُ فِي صِيغَةِ الْمُبَرِّئِ.</p>وَيَتَرَتَّبُ كَذَلِكَ سُقُوطُ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ، فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيمَا تَنَاوَلَهُ الإِْبْرَاءُ إِلَى حِينِ وُقُوعِهِ، دُونَ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ. وَلَا تُقْبَل الدَّعْوَى بَعْدَ ذَلِكَ بِحُجَّةِ الْجَهْل أَوِ النِّسْيَانِ.</p>إِلَاّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوا ذَلِكَ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الإِْبْرَاءُ مَعَ الصُّلْحِ. فَإِذَا كَانَ الإِْبْرَاءُ مَعَ الصُّلْحِ، أَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إِبْرَاءٌ عَامٌّ، ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ، لأَِنَّهُ إِبْرَاءٌ عَلَى دَوَامِ صِفَةِ الصُّلْحِ لَا إِبْرَاءٌ مُطْلَقٌ، إِلَاّ إِذَا الْتَزَمَ فِي الصُّلْحِ عَدَمَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِبَيِّنَةٍ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى. هَذَا، مَعَ اسْتِثْنَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الإِْبْرَاءِ بَعْضَ الْمَسَائِل، كَضَمَانِ الدَّرَكِ (اسْتِحْقَاقُ الْمَبِيعِ) ، وَكَدَعْوَى الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ، وَكَادِّعَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 289، والمنح 2 / 104.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>الْوَارِثِ دَيْنًا لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ كَثِيرٌ يُنْظَرُ فِي (إِبْرَاءٌ - دَعْوَى) .</p><font color=#ff0000>(11)</font> الإِْبْرَاءُ الْعَامُّ يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِالْحَقِّ قَضَاءً لَا دِيَانَةً، إِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بِمَالِهِ مِنَ الْحَقِّ لَمْ يُبَرِّئْهُ، كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْوَلْوَالَجِيَّةِ. لَكِنْ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى: الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُبَرَّأُ قَضَاءً وَدِيَانَةً وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ أَبْرَأَهُ فِي الدُّنْيَا دُونَ الآْخِرَةِ بُرِّئَ فِيهِمَا، لأَِنَّ أَحْكَامَ الآْخِرَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، ذَكَرَهُمَا الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌بُطْلَانُ الإِْسْقَاطِ</span></p><font color=#ff0000>67 -</font> لِلإِْسْقَاطِ أَرْكَانٌ، وَلِكُل رُكْنٍ شُرُوطُهُ الْخَاصَّةُ، فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطٌ مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا بَطَل الإِْسْقَاطُ، أَيْ بَطَل حُكْمُهُ، فَلَا يَنْفُذُ. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْقِطِ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلاً، فَإِذَا كَانَ الْمُتَصَرِّفُ بِالإِْسْقَاطِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا يَصِحُّ الإِْسْقَاطُ وَلَا يَنْفُذُ.</p>وَلَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالإِْسْقَاطِ مُنَافِيًا لِلْمَشْرُوعِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ تَصَرُّفًا بَاطِلاً وَلَا يَسْقُطُ بِالإِْسْقَاطِ، كَإِسْقَاطِ الْوِلَايَةِ، أَوْ إِسْقَاطِ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ.</p>وَكَذَلِكَ الإِْسْقَاطُ لَا يَرِدُ عَلَى الأَْعْيَانِ، وَيُعْتَبَرُ إِسْقَاطُهَا بَاطِلاً. وَلِذَلِكَ خَرَّجَهُ الْفُقَهَاءُ عَلَى إِسْقَاطِ الضَّمَانِ.</p>وَقَدْ يَقَعُ الإِْسْقَاطُ صَحِيحًا، لَكِنْ يَبْطُل إِذَا رَدَّهُ الْمُسْقَطُ عَنْهُ، عِنْدَ مَنْ يَقُول أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ كَالْحَنَفِيَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أشباه ابن نجيم ص 223، 265، ومنح الجليل 3 / 209، 210، 424، ونهاية المحتاج 4 / 428، 431، والمغني 4 / 623.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>فِي قَاعِدَةٍ ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ هِيَ: أَنَّهُ إِذَا بَطَل الشَّيْءُ بَطَل مَا فِي ضِمْنِهِ، فَلْو أَبْرَأَهُ ضِمْنَ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَسَدَ الإِْبْرَاءُ (1) .</p>وَأَغْلَبُ هَذِهِ الْمَسَائِل وَرَدَتْ فِيمَا سَبَقَ فِي الْبَحْثِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْكَارٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْسْكَارُ لُغَةً: مَصْدَرُ أَسْكَرَهُ الشَّرَابُ. وَسَكِرَ سَكَرًا، مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَالسُّكْرُ اسْمٌ مِنْهُ، أَيْ أَزَال عَقْلَهُ (2) .</p>وَالإِْسْكَارُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: تَغْطِيَةُ الْعَقْل (3) بِمَا فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ كَالْخَمْرِ. وَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ ضَابِطَ الإِْسْكَارِ هُوَ أَنْ يَخْتَلِطَ كَلَامُهُ، فَيَصِيرَ غَالِبُ كَلَامِهِ الْهَذَيَانَ، حَتَّى لَا يُمَيِّزَ بَيْنَ ثَوْبِهِ وَثَوْبِ غَيْرِهِ عِنْدَ اخْتِلَاطِهِمَا، وَلَا بَيْنَ نَعْلِهِ وَنَعْل غَيْرِهِ، وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِغَالِبِ النَّاسِ (4) . وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: السَّكْرَانُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ السَّمَاءَ مِنَ الأَْرْضِ، وَلَا الرَّجُل مِنَ الْمَرْأَةِ. ر:(أَشْرِبَة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه لابن نجيم ص 391، 356، وتنظر المراجع السابقة في البحث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير:(مادة سكر) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 423 - 424 ط بولاق.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفتاوى الهندية 2 / 159 ط المكتبة الإسلامية، وحاشية الصاوي مع الشرح الصغير 2 / 543 ط دار المعارف، وتحفة المحتاج 7 / 637 ط أولى، والمغني 8 / 313.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْغْمَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْغْمَاءُ آفَةٌ تُعَطِّل الْقُوَى الْمُدْرِكَةَ عَنْ أَفْعَالِهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَقْل مَغْلُوبًا (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّخْدِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّخْدِيرُ تَغْشِيَةُ الْعَقْل مِنْ غَيْرِ شِدَّةٍ مُطْرِبَةٍ.</p> </p>-‌<span class="title">‌ التَّفْتِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْمُفَتِّرُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُضْعِفَ الأَْعْضَاءَ وَيُلَيِّنُ الْجِسْمَ بِشِدَّةٍ وَيُسَكِّنُ حِدَّتَهُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> تَعَاطِي مَا يُحْدِثُ الإِْسْكَارَ مُحَرَّمٌ مُوجِبٌ لِلْحَدِّ، حَيْثُ لَا تُوجَدُ شُبْهَةٌ مُسْقِطَةٌ لَهُ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْخَمْرُ مُحَرَّمَةٌ بِالنَّصِّ، وَيُحَدُّ شَارِبُ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ مِنْهَا. وَأَمَّا غَيْرُ الْخَمْرِ فَلَا يَحْرُمُ، وَلَا يُحَدُّ شَارِبُهُ إِلَاّ بِالْقَدْرِ الَّذِي أَسْكَرَ فِعْلاً. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (أَشْرِبَةٌ) .</p>كَمَا أَنَّ لِلسُّكْرِ أَثَرًا فِي التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ الْفِعْلِيَّةِ، كَالطَّلَاقِ وَالْبُيُوعِ وَالرِّدَّةِ وَالْخِطَابَاتِ وَغَيْرِهِمَا. وَيُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ، بِاعْتِبَارِهِ مِنْ عَوَارِضِ الأَْهْلِيَّةِ، وَفِي الْحُدُودِ.</p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يُبْحَثُ مَوْضُوعُ الإِْسْكَارِ فِي حَدِّ الشُّرْبِ، عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ ضَابِطِ الإِْسْكَارِ، وَفِي أَوْصَافِ الْخَمْرِيَّةِ، وَفِي عِلَّةِ حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ، وَفِي السَّرِقَةِ عِنْدَ أَثَرِ الإِْسْكَارِ فِي الإِْحْرَازِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 426 ط بولاق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِسْكَانٌ</span></p> </p>اُنْظُرْ: سُكْنَى</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْلَامٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> مِنْ مَعَانِي الإِْسْلَامِ فِي اللُّغَةِ: الإِْذْعَانُ وَالاِنْقِيَادُ، وَالدُّخُول فِي السِّلْمِ، أَوْ فِي دِينِ الإِْسْلَامِ. وَالإِْسْلَامُ يَكُونُ أَيْضًا بِمَعْنَى: الإِْسْلَافُ، أَيْ عَقْدُ السَّلَمِ (1)، يُقَال: أَسْلَمْتُ إِلَى فُلَانٍ فِي عِشْرِينَ صَاعًا مَثَلاً، أَيِ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ مُؤَجَّلَةً بِثَمَنٍ حَالٍّ.</p>أَمَّا فِي الشَّرْعِ فَيَخْتَلِفُ مَعْنَاهُ تَبَعًا لِوُرُودِهِ مُنْفَرِدًا، أَوْ مُقْتَرِنًا بِالإِْيمَانِ.</p>فَمَعْنَاهُ مُنْفَرِدًا: الدُّخُول فِي دِينِ الإِْسْلَامِ، أَوْ دِينُ الإِْسْلَامِ نَفْسُهُ. وَالدُّخُول فِي الدِّينِ هُوَ اسْتِسْلَامُ الْعَبْدِ لِلَّهِ عز وجل بِاتِّبَاعِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم مِنَ الشَّهَادَةِ بِاللِّسَانِ، وَالتَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ، وَالْعَمَل بِالْجَوَارِحِ.</p>وَمَعْنَاهُ إِذَا وَرَدَ مُقْتَرِنًا بِالإِْيمَانِ هُوَ: أَعْمَال الْجَوَارِحِ الظَّاهِرَةُ، مِنَ الْقَوْل وَالْعَمَل كَالشَّهَادَتَيْنِ وَالصَّلَاةِ وَسَائِرِ أَرْكَانِ الإِْسْلَامِ.</p>وَإِذَا انْفَرَدَ الإِْيمَانُ يَكُونُ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى: الاِعْتِقَادِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح، والمغرب مادة:(سلم) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>بِالْقَلْبِ وَالتَّصْدِيقِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مَعَ الاِنْقِيَادِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِْيمَانُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> سَبَقَ تَعْرِيفُ الإِْسْلَامِ مُنْفَرِدًا وَمُقْتَرِنًا بِالإِْيمَانِ. وَهَذَا يَتَأَتَّى فِي تَعْرِيفِ الإِْيمَانِ أَيْضًا. فَالإِْيمَانُ مُنْفَرِدًا: هُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم. وَالإِْقْرَارُ بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بِهِ. أَمَّا إِذَا اقْتَرَنَ بِالإِْسْلَامِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ يَقْتَصِرُ عَلَى تَصْدِيقِ الْقَلْبِ (2)، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ سُؤَال جِبْرِيل وَنَصُّهُ: عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَال: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِْسْلَامِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الإِْسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَال: صَدَقْتَ. قَال: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، قَال: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِْيمَانِ، قَال: أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدْرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، قَال: صَدَقْتَ. الْحَدِيثَ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع العلوم والحكم ص 22 - 26 ط دار المعرفة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المرجع السابق.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث سؤال جبريل: أخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 36، 37 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِطْلَاقُ الإِْسْلَامِ عَلَى مِلَل الأَْنْبِيَاءِ السَّابِقِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الإِْسْلَامِ فِي ذَلِكَ، فَبَعْضُهُمْ يَرَى أَنَّ الإِْسْلَامَ يُطْلَقُ عَلَى الْمِلَل السَّابِقَةِ. وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَاَلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (1) الآْيَةَ، وَآيَاتٍ أُخْرَى.</p>وَيَرَى آخَرُونَ: أَنَّهُ لَمْ تُوصَفْ بِهِ الأُْمَمُ السَّابِقَةُ، وَإِنَّمَا وُصِفَ بِهِ الأَْنْبِيَاءُ فَقَطْ، وَشُرِّفَتْ هَذِهِ الأُْمَّةُ بِأَنْ وُصِفَتْ بِمَا وُصِفَ بِهِ الأَْنْبِيَاءُ، تَشْرِيفًا لَهَا وَتَكْرِيمًا.</p>وَوَجْهُ اخْتِصَاصِ الأُْمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِهَذَا الاِسْمِ " الإِْسْلَامِ " هُوَ: أَنَّ الإِْسْلَامَ اسْمٌ لِلشَّرِيعَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَذِهِ الأُْمَّةِ، مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَالْغُسْل مِنَ الْجَنَابَةِ، وَالْجِهَادِ، وَنَحْوِهَا. وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعَ كَثِيرٍ غَيْرِهِ خَاصٍّ بِهَذِهِ الأُْمَّةِ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الأُْمَمِ، وَإِنَّمَا كُتِبَ عَلَى الأَْنْبِيَاءِ فَقَطْ.</p>وَيُؤَكِّدُ هَذَا الْمَعْنَى - وَهُوَ اخْتِصَاصُ الأُْمَّةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِاسْمِ الإِْسْلَامِ - قَوْله تَعَالَى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} . (2) فَالضَّمِيرُ (هُوَ) يَرْجِعُ لإِِبْرَاهِيمَ عليه السلام، كَمَا يَرَاهُ عُلَمَاءُ السَّلَفِ لِسَابِقِيَّةِ قَوْلِهِ فِي الآْيَةِ الأُْخْرَى:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} . (3) فَدَعَا بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلِوَلَدِهِ، ثُمَّ دَعَا لأُِمَّةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الشورى / 13.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الحج / 78.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 128.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>وَهِيَ هَذِهِ الأُْمَّةُ فَقَال: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ} الآْيَةَ (1) ، وَهُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ، فَبَعَثَ مُحَمَّدًا إِلَيْهِمْ، وَسَمَّاهُمْ مُسْلِمِينَ (2) .</p>فَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ أُمَّةً بِالإِْسْلَامِ غَيْرَ هَذِهِ الأُْمَّةِ، وَلَمْ يُسْمَعْ بِأُمَّةٍ ذُكِرَتْ بِهِ غَيْرُهَا.</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَقَال الإِْمَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ (3) : وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيمَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أُمَّةِ مُوسَى وَعِيسَى هَل هُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ لَا؟ فَالإِْسْلَامُ الْحَاضِرُ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم الْمُتَضَمِّنُ لِشَرِيعَةِ الْقُرْآنِ، لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَاّ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَالإِْسْلَامُ الْيَوْمَ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ يَتَنَاوَل هَذَا.</p>وَأَمَّا الإِْسْلَامُ الْعَامُّ الْمُتَنَاوِل لِكُل شَرِيعَةٍ بَعَثَ اللَّهُ بِهَا نَبِيًّا، فَإِنَّهُ إِسْلَامُ كُل أُمَّةٍ مُتَّبِعَةٍ لِنَبِيٍّ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ.</p>وَعَلَى هَذَا الأَْسَاسِ يُمْكِنُ أَنْ تُفْهَمَ كُل الآْيَاتِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي تَعَرَّضَ فِيهَا الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مُسْتَعْمَلَةً بِالنِّسْبَةِ لِلأُْمَمِ الأُْخْرَى، إِمَّا عَلَى أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لِمَادَّةِ أَسْلَمَ، أَوْ أَنَّهَا تُشِيرُ إِلَى الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ كُلِّهَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ جَمِيعَ الرُّسُل، وَإِلَيْهِ الإِْشَارَةُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الآْيَاتِ، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُل أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} . (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 129.</p><font color=#ff0000>(2)</font> عن فتاوى أحمد بن حجر الهيثمي ص 126.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مجموعة فتاوى ابن تيمية 3 / 94 طبع المملكة السعودية.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النحل / 36.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَثَرُ الدُّخُول فِي الإِْسْلَامِ فِي التَّصَرُّفَاتِ السَّابِقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الأَْصْل أَنَّ تَصَرُّفَاتِ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ صَحِيحَةٌ إِلَاّ مَا جَاءَ الإِْسْلَامُ بِإِبْطَالِهِ، كَمَا يُعْلَمُ فِي أَبْوَابِ الْفِقْهِ الْمُخْتَلِفَةِ.</p>وَإِذَا كَانَ مَنْ دَخَل فِي الإِْسْلَامِ مُتَزَوِّجًا بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ بِمَنْ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُنَّ، كَأُخْتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ، أَوْ إِحْدَى الأُْخْتَيْنِ. وَاسْتَدَل لَهُ الْقَرَافِيُّ (1) بِقَوْل النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام لِغَيْلَانَ لَمَّا أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ: أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ. (2) وَهَل يَلْزَمُهُ فِرَاقُ مَنْ عَدَا الأَْرْبَعِ الَّتِي تَزَوَّجَهُنَّ أَوَّلاً، أَوْ مَنْ شَاءَ؟ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي بَابِهِ. وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ فِرَاقِ أَيِّ الأُْخْتَيْنِ شَاءَ.</p>وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ مَعًا، قَبْل الدُّخُول أَوْ بَعْدَهُ، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْل الْعِلْمِ. (3)</p>إِذَا أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ قَبْل الدُّخُول أَوْ بَعْدَهُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 3 / 91.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث غيلان:" أمسك. . . " أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه بهذا المعنى، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا، وصححه ابن حبان، وأعله البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم. قال ابن كثير فيما نقله عنه الصنعاني: وهذا الإسناد رجاله على شرط الشيخين، إلا أن الترمذي (مسند أحمد بن حنبل بتحقيق أحمد شاكر 6 / 277 - 278 ط دار المعارف بمصر 1370 هـ، وتحفة الأحوذي 4 / 278 ط السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 628، وسبل السلام 3 / 132 ط مصطفى الحلبي، ومشكاة المصابيح بتحقيق محمد ناصر الدين الألباني 2 / 948 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 7 / 534.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>أَوْ أَسْلَمَا مَعًا، فَالنِّكَاحُ بَاقٍ بِحَالِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ زَوْجُهَا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ، لأَِنَّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَ كِتَابِيَّةٍ، فَاسْتِدَامَتُهُ أَوْلَى، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِإِجَازَةِ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ.</p>وَأَمَّا إِنْ أَسْلَمَتِ الْكِتَابِيَّةُ قَبْلَهُ وَقَبْل الدُّخُول،</p>تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ، سَوَاءٌ أَكَانَ زَوْجُهَا كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ، إِذْ لَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ، إِذَا كَانَ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا فُرْقَةَ إِلَاّ بَعْدَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ الإِْسْلَامُ فَيَأْبَى.</p>وَإِنْ كَانَ إِسْلَامُهُمَا بَعْدَ الدُّخُول فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ عَلَى مَا يَأْتِي:</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ، أَوِ الْمَجُوسِيَّيْنِ، أَوْ كِتَابِيٌّ مُتَزَوِّجٌ بِوَثَنِيَّةٍ، أَوْ مَجُوسِيَّةٌ قَبْل الدُّخُول، تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا مِنْ حِينِ إِسْلَامِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لَا طَلَاقًا. وَهَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا تَتَعَجَّل الْفُرْقَةُ، بَل إِنْ كَانَا فِي دَارِ الإِْسْلَامِ عُرِضَ الإِْسْلَامُ عَلَى الآْخَرِ، فَإِنْ أَبَى وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَسْلَمَ اسْتَمَرَّتِ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنْ كَانَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَفَ ذَلِكَ عَلَى انْقِضَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ، أَوْ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَيْسَتْ عِدَّةً، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمِ الآْخَرُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ. وَقَال مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ عُرِضَ عَلَيْهِ الإِْسْلَامُ، فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَاّ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْلِمُ تَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةُ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 532، 558، وابن عابدين 2 / 390.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>أَمَّا إِنْ كَانَ إِسْلَامُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ أَوِ الْمَجُوسِيَّيْنِ أَوْ زَوْجَةِ الْكِتَابِيِّ، بَعْدَ الدُّخُول، فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ اتِّجَاهَاتٍ:</p>الأَْوَّل: يَقِفُ الأَْمْرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَسْلَمَ الآْخَرُ قَبْل انْقِضَائِهَا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ أَسْلَمَ حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ مُنْذُ اخْتَلَفَ الدِّينَانِ، فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِئْنَافِ الْعِدَّةِ. وَهَذَا قَوْل الشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.</p>الثَّانِي. تَتَعَجَّل الْفُرْقَةُ. وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْل الْحَسَنِ وَطَاوُوسٍ.</p>الثَّالِثُ: يُعْرَضُ الإِْسْلَامُ عَلَى الآْخَرِ إِنْ كَانَ فِي دَارِ الإِْسْلَامِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، كَقَوْلِهِ فِي إِسْلَامِ أَحَدِهِمَا قَبْل الدُّخُول، إِلَاّ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَانْقَضَتْ مُدَّةُ التَّرَبُّصِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ ثَلَاثَةُ حِيَضٍ، وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَى الْحَرْبِيَّةِ.</p>وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ، فَخَرَجَتْ إِلَيْنَا مُهَاجِرَةً، فَتَمَّتِ الْحِيَضُ هُنَا، فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَال الصَّاحِبَانِ: عَلَيْهَا الْعِدَّةُ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ إِذَا أَسْلَمَ مِنَ التَّكَالِيفِ السَّابِقَةِ عَلَى الإِْسْلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> قَال الْقَرَافِيُّ: إِنَّ أَحْوَال الْكَافِرِ مُخْتَلِفَةٌ إِذَا أَسْلَمَ، فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُ الْبِيَاعَاتِ، وَأَجْرُ الإِْجَارَاتِ، وَدَفْعُ الدُّيُونِ الَّتِي اقْتَرَضَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ الْقِصَاصُ، وَلَا الْغَصْبُ وَالنَّهْبُ إِنْ كَانَ حَرْبِيًّا. وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 534، وابن عابدين 2 / 390.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>الْمَظَالِمِ وَرَدُّهَا، لأَِنَّهُ عَقَدَ الذِّمَّةَ وَهُوَ رَاضٍ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الذِّمَّةِ. وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَمْ يَرْضَ بِشَيْءٍ، فَلِذَلِكَ أَسْقَطْنَا عَنْهُ الْغُصُوبَ وَالنُّهُوبَ وَالْغَارَاتِ وَنَحْوَهَا.</p>وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا تَقَدَّمَ فِي كُفْرِهِ، فَلَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لَا ظِهَارٌ وَلَا نَذْرٌ وَلَا يَمِينٌ مِنَ الأَْيْمَانِ، وَلَا قَضَاءُ الصَّلَوَاتِ، وَلَا الزَّكَوَاتِ، وَلَا شَيْءٍ فَرَّطَ فِيهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: الإِْسْلَامُ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ (1) وَضَابِطُ الْفَرْقِ: أَنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ قِسْمَانِ: مِنْهَا مَا رَضِيَ بِهِ حَالَةَ كُفْرِهِ، وَاطْمَأَنَّتْ نَفْسُهُ بِدَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ، هَذَا لَا يَسْقُطُ بِالإِْسْلَامِ، لأَِنَّ إِلْزَامَهُ إِيَّاهُ لَيْسَ مُنَفِّرًا لَهُ عَنِ الإِْسْلَامِ لِرِضَاهُ. وَمَا لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ، كَالْقَتْل وَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ إِنَّمَا دَخَل عَلَيْهَا مُعْتَمِدًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُوَفِّيهَا أَهْلَهَا، فَهَذَا كُلُّهُ يَسْقُطُ، لأَِنَّ فِي إِلْزَامِهِ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ لُزُومَهُ تَنْفِيرًا لَهُ عَنِ الإِْسْلَامِ، فَقُدِّمَتْ مَصْلَحَةُ الإِْسْلَامِ عَلَى مَصْلَحَةِ ذَوِي الْحُقُوقِ. وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَتَسْقُطُ مُطْلَقًا رَضِيَ بِهَا أَمْ لَا.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُقُوقِ الآْدَمِيِّينَ مِنْ وَجْهَيْنِ:</p>(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الإِْسْلَامَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى،</p>وَالْعِبَادَاتُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَمَّا كَانَ الْحَقَّانِ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ نَاسَبَ أَنْ يُقَدِّمَ أَحَدَهُمَا عَلَى الآْخَرِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الإسلام يجب ما كان قبله " أخرجه أحمد بهذا اللفظ من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه مرفوعا. وأخرجه مسلم بلفظ: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله ". (مسند أحمد بن حنبل 4 / 199 نشر المكتب الإسلامي، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 112 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>وَيُسْقِطُ أَحَدُهُمَا الآْخَرَ، لِحُصُول الْحَقِّ الثَّانِي لِجِهَةِ الْحَقِّ السَّاقِطِ.</p>وَأَمَّا حَقُّ الآْدَمِيِّينَ فَلِجِهَةِ الآْدَمِيِّينَ، وَالإِْسْلَامُ لَيْسَ حَقًّا لَهُمْ، بَل لِجِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَنَاسَبَ أَلَاّ يَسْقُطَ حَقُّهُمْ بِتَحْصِيل حَقِّ غَيْرِهِمْ.</p>(وَثَانِيهِمَا) أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ جَوَادٌ، تُنَاسِبُ رَحْمَتَهُ الْمُسَامَحَةُ، وَالْعَبْدُ بَخِيلٌ ضَعِيفٌ، فَنَاسَبَ ذَلِكَ التَّمَسُّكُ بِحَقِّهِ، فَسَقَطَتْ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا، وَإِنْ رَضِيَ بِهَا، كَالنُّذُورِ وَالأَْيْمَانِ، أَوْ لَمْ يَرْضَ بِهَا كَالصَّلَوَاتِ. وَلَا يَسْقُطُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ إِلَاّ مَا تَقَدَّمَ الرِّضَى بِهِ، فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌الآْثَارُ اللَاّحِقَةُ لِدُخُول الإِْسْلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> إِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَصْبَحَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَهُ مَا لَهُمْ مِنَ الْحُقُوقِ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَاجِبَاتِ.</p>فَتَلْزَمُهُ التَّكَالِيفُ الشَّرْعِيَّةُ، كَالْعِبَادَاتِ وَالْجِهَادِ. إِلَخْ. وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الإِْسْلَامِ، كَإِبَاحَةِ تَوَلِّي الْوِلَايَاتِ الْعَامَّةِ كَالإِْمَامَةِ، وَالْقَضَاءِ، وَالْوِلَايَاتِ الْخَاصَّةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. . . إِلَخْ</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الإِْسْلَامِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْعِبَادَاتِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِهَا:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> الْكَافِرُ فِي حَال كُفْرِهِ هَل هُوَ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَمُكَلَّفٌ بِهَا أَمْ لَا؟ قَال النَّوَوِيُّ: الْمُخْتَارُ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَالْمَنْهِيِّ عَنْهَا، لِيَزْدَادَ عَذَابُهُمْ فِي الآْخِرَةِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 3 / 184 - 185 ط دار المعرفة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح مسلم بهامش القسطلاني 1 / 279.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>وَيَسْتَوْفِي الْمَسْأَلَةَ عُلَمَاءُ الأُْصُول فِي مَبَاحِثِ التَّكْلِيفِ، فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهَا.</p>فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَعْصِمُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَاّ؛ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ (1) وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، إِلَاّ بِحَقِّهَا، لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ (2) فَتَثْبُتُ هَذِهِ الْعِصْمَةُ لِلنَّفْسِ مُبَاشَرَةً، وَلِلْمَال تَبَعًا لِعِصْمَةِ النَّفْسِ، وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ الْجَارِيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تِلْكَ الَّتِي كَانَتْ مَمْنُوعَةً عَنْهُ بِالْكُفْرِ. وَيَحْصُل التَّوَارُثُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَرِثُهُمْ إِنْ مَاتُوا، وَيَرِثُونَهُ كَذَلِكَ. لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أمرت أن أقاتل. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعا واللفظ للبخاري (فتح الباري 3 / 262 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 15، 52 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font>) حديث: " فإذا فعلوا ذلك. . . " أخرجه الترمذي وأبو داود بهذا اللفظ من حديث أنس بن مالك رضي الله عنهما مرفوعا، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وأخرجه البخاري بهذا المعنى تعليقا، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنهما (تحفة الأحوذي 7 / 339، 340 نشر المكتبة السلفية، وسنن أبي داود 3 / 101، 102 ط استنابول، وفتح الباري 1 / 497 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font>) حديث " لا يرث المسلم الكافر. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما مرفوعا (فتح الباري 12 / 50 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1233 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>وَلاِنْعِقَادِ الإِْجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ. (1) كَمَا أَنَّهُ يُحْرَمُ مِنْ إِرْثِ أَقَارِبِهِ الْكُفَّارِ، وَيَحِل لَهُ تَزَوُّجُ الْمُسْلِمَةِ، كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَزَوُّجُ الْمُشْرِكَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْل الْكِتَابِ، أَيِ الْوَثَنِيَّةِ.</p>وَتَبْطُل - فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ - مَالِيَّةُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بَعْدَمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَتَلْزَمُهُ جَمِيعُ التَّكَالِيفِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِي مُقَدِّمَتِهَا أَرْكَانُ الإِْسْلَامِ: الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ، أُصُولاً وَفُرُوعًا، بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ التَّكَالِيفِ.</p>وَكَذَلِكَ يُفْرَضُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ، بَعْدَمَا كَانَ غَيْرَ مُطَالَبٍ بِهِ، لِحَدِيثِ: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ (2) وَتَحِل الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ، وَغُسْلُهُ وَكَفَنُهُ وَدَفْنُهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، إِلَى غَيْرِ هَذَا مِنْ أَحْكَامٍ تَعَرَّضَتْ لَهَا كُتُبُ الْفِقْهِ فِي كُل الْمَذَاهِبِ.</p> </p><font color=#ff0000>10 -</font> إِذَا بَاعَ ذِمِّيٌّ لآِخَرَ خَمْرًا وَخِنْزِيرًا، ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْل الْقَبْضِ، يُفْسَخُ الْبَيْعُ، لأَِنَّهُ بِالإِْسْلَامِ حَرُمَ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ، فَيَحْرُمُ الْقَبْضُ وَالتَّسْلِيمُ أَيْضًا، (3) أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حسبما تضافرت عليه دواوين المذاهب الفقهية كلها، إلا ما شذ (الشرح الكبير للإمام اللقاني على جوهرة التوحيد مخطوط، وشرح الكنز للزيلعي 3 / 292) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من مات ولم يغز ولم يحدث به. . . " أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، واللفظ لمسلم (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1517 ط عيسى الحلبي 1375 هـ، وسنن النسائي 6 / 8 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وسنن أبي داود بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد 3 / 15، 16 نشر المكتبة الكبرى 1369 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 5 / 72.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>مُؤْمِنِينَ} . (1)</p>وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ أَسْلَمُوا لأََحْرَزُوا بِإِسْلَامِهِمْ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الرِّبَا وَثَمَنِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، (2) لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} . (3) كَمَا يَجِبُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمَ أَنْ يَهْجُرَ بَلَدَ الْكُفْرِ وَبَلَدَ الْحَرْبِ.</p>قَال ابْنُ رُشْدٍ: لَقَدْ وَجَبَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ بِبَلَدِ الْكُفْرِ أَنْ يَهْجُرَهُ، وَيَلْحَقَ بِدَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَسْكُنَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، وَيُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إِقَامَةِ شَعَائِرِ دِينِهِ، أَوْ يُجْبَرُ عَلَى أَحْكَامِ الْكُفْرِ. وَانْظُرْ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (هِجْرَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ الإِْسْلَامُ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> مِمَّا يُشْتَرَطُ الإِْسْلَامُ لِصِحَّتِهِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> الْعَقْدُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> وِلَايَةُ عَقْدِ نِكَاحِهَا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشَّهَادَةُ عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهَا.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ، وَهِيَ أَنْ يَتَسَاوَى الشُّرَكَاءُ فِي الْمَال وَالدَّيْنِ وَالتَّصَرُّفِ. وَأَجَازَهَا أَبُو يُوسُفَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الْوَصِيَّةُ بِمُصْحَفٍ أَوْ مَا بِمَعْنَاهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمُوصَى لَهُ مُسْلِمًا.</p><font color=#ff0000>(6)</font> النَّذْرُ، فَيُشْتَرَطُ إِسْلَامُ النَّاذِرِ، لأَِنَّ النَّذْرَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً، وَفِعْل الْكَافِرِ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 278.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مقدمات ابن رشد من كتاب التجارة إلى أرض الحرب - مخطوطة، والنص من القسم الذي لم يطبع منها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 275.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>قُرْبَةً. وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ. وَيَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. قَال صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ: (1) وَيَصِحُّ النَّذْرُ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ بِعِبَادَةٍ، لِحَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ: إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْفِ بِنَذْرِكَ. (2)</p><font color=#ff0000>(7)</font> الْقَضَاءُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.</p><font color=#ff0000>(8)</font> الْوِلَايَاتُ الْعَامَّةُ كُلُّهَا، وَهِيَ الْخِلَافَةُ، وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهَا، مِنَ الْوِلَايَةِ وَإِمَارَةِ الْجُيُوشِ، وَالْوَزَارَةِ وَالشُّرْطَةِ، وَالدَّوَاوِينِ الْمَالِيَّةِ، وَالْحِسْبَةِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَنْ يَجْعَل اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (3)</p><font color=#ff0000>(9)</font> الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ حَال ضَرُورَةِ الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (4) أَيْ مِنْ رِجَال الْمُسْلِمِينَ.</p>وَقَال الإِْمَامُ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ الْحَنْبَلِيُّ: أَجَازَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شَهَادَةَ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْحَاجَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَْرْضِ} . (5) ثُمَّ قَال: وَقَوْل الإِْمَامِ أَحْمَدَ فِي قَبُول شَهَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَرُورَةٌ حَضَرًا وَسَفَرًا، وَلَوْ قِيل تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ مَعَ أَيْمَانِهِمْ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 6 / 273 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font>) حديث:" أوف بنذرك " أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له، وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 4 / 284 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1277 ط عيسى الحلبي 1375 هـ، وجامع الأصول 11 / 543 نشر مكتبة الحلواني) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النساء / 141.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 282.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة المائدة / 106.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>كُل شَيْءٍ عُدِمَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، وَيَكُونُ بَدَلاً مُطْلَقًا. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الدِّينُ، أَوِ الْمِلَّةُ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> مِنْ مَعَانِي الدِّينِ لُغَةً: الْعَادَةُ وَالسِّيرَةُ وَالْحِسَابُ وَالطَّاعَةُ وَالْمِلَّةُ. (2)</p>وَقَدْ وَرَدَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِمَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ.</p>التَّوْحِيدُ: كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِْسْلَامُ} . (3)</p>الْحِسَابُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} . (4)</p>الْحُكْمُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} . (5)</p>الْمِلَّةُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَل رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} . (6)</p>وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (7) يَعْنِي الْمِلَّةَ الْمُسْتَقِيمَةَ.</p>وَاصْطِلَاحًا: يُطْلَقُ الدِّينُ عَلَى الشَّرْعِ، كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مِلَّةِ كُل نَبِيٍّ. وَقَدْ يُخَصُّ بِمِلَّةِ الإِْسْلَامِ، كَمَا قَال تَعَالَى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِْسْلَامُ} .</p><font color=#ff0000>13 -</font> وَعَلَى ضَوْءِ هَذِهِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ، وَعَلَى ضَوْءِ التَّوْجِيهِ الْقُرْآنِيِّ الَّذِي سَلَكَ فِي اسْتِعْمَال هَذِهِ الْكَلِمَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية ص 159 - 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف المصطلحات للتهانوي 1 / 552، طبعة استنابول.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة آل عمران / 19، وانظر البيضاوي وحواشيه عند تفسيره هذه الآية 2 / 9 ط مصطفى محمد، وكتاب الوجوه والنظائر للدامقاني.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المطففين / 11.</p><font color=#ff0000>(5)</font> سورة يوسف / 76.</p><font color=#ff0000>(6)</font> سورة التوبة / 32.</p><font color=#ff0000>(7)</font> سورة البينة / 5.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>بِالْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، أَوْ بِغَيْرِهَا الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا الْقُرْآنُ، لَا نَكَادُ نَلْمِسُ فَرْقًا جَوْهَرِيًّا بَيْنَ مُسَمَّى الإِْسْلَامِ وَمُسَمَّى الدِّينِ، مَا عَدَا الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يُخْرِجُ الْمَرْءَ عَنِ الإِْسْلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> كُل مَا يَصِيرُ الْكَافِرُ بِالإِْقْرَارِ بِهِ مُسْلِمًا يَكْفُرُ الْمُسْلِمُ بِإِنْكَارِهِ. (1) وَكَذَا كُل مَا يَقْطَعُ الإِْسْلَامَ مِنْ نِيَّةِ كُفْرٍ، أَوْ قَوْل كُفْرٍ، أَوْ فِعْل كُفْرٍ، سَوَاءٌ اسْتِهْزَاءً أَمِ اعْتِقَادًا أَمْ عِنَادًا. (2) وَقَال الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: كُل مَنْ فَعَل فِعْلاً مِنْ خَصَائِصِ الْكُفَّارِ عَلَى أَنَّهُ دِينٌ، أَوْ تَرَكَ فِعْلاً مِنْ أَفْعَال الْمُسْلِمِينَ يَدُل عَلَى إِخْرَاجِهِ مِنَ الدِّينِ، فَهُوَ كَافِرٌ بِهَذَيْنِ الاِعْتِقَادَيْنِ لَا بِالْفِعْلَيْنِ. (3)</p>وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: لَا يُخْرِجُ الرَّجُل مِنَ الإِْيمَانِ إِلَاّ جُحُودُ مَا أَدْخَلَهُ فِيهِ، ثُمَّ مَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ رِدَّةٌ يُحْكَمُ بِهَا، وَمَا يُشَكُّ أَنَّهُ رِدَّةٌ لَا يُحْكَمُ بِهِ، إِذِ الإِْسْلَامُ الثَّابِتُ لَا يَزُول بِالشَّكِّ، مَعَ أَنَّ الإِْسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ. (4)</p>وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا، إِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ وُجُوهٌ تُوجِبُ التَّكْفِيرَ وَوَجْهٌ وَاحِدٌ يُمَانِعُهُ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَمِيل إِلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَمْنَعُ التَّكْفِيرَ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِالْمُسْلِمِ، إِلَاّ إِذَا صَرَّحَ بِإِرَادَةِ مُوجِبِ الْكُفْرِ فَلَا يَنْفَعُ التَّأْوِيل. وَلِلتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (رِدَّة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح مسلم للنووي بهامش القسطلاني 1 / 201.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الإقناع للخطيب بحاشية البجيرمي 4 / 111.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سنن الترمذي بشرح أبي بكر بن العربي، والتبصرة لابن فرحون 2 / 203.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 3 / 393.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ هُنَاكَ طُرُقًا ثَلَاثَةً يُحْكَمُ بِهَا عَلَى كَوْنِ الشَّخْصِ مُسْلِمًا وَهِيَ: النَّصُّ - وَالتَّبَعِيَّةُ - وَالدَّلَالَةُ.</p>أَمَّا النَّصُّ فَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ صَرِيحًا. وَأَمَّا التَّبَعِيَّةُ فَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ التَّابِعُ حُكْمَ الْمَتْبُوعِ فِي الإِْسْلَامِ، كَمَا يَتَّبِعُ ابْنُ الْكَافِرِ الصَّغِيرِ أَبَاهُ إِذَا أَسْلَمَ مَثَلاً، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا مُسْتَوْفًى.</p>وَأَمَّا طَرِيقُ الدَّلَالَةِ فَهِيَ سُلُوكُ طَرِيقِ الْفِعْل لِلدُّخُول فِي الإِْسْلَامِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: الإِْسْلَامُ النَّصُّ:</span></p>وَهُوَ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ، وَالْبُرْءُ مِنْ كُل دِينٍ غَيْرِ دِينِ الإِْسْلَامِ.</p><font color=#ff0000>16 -</font> يَكْفِي كُل الْكِفَايَةِ التَّصْرِيحُ بِالشَّهَادَةِ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَقْدِيسِهِ، مُدَعَّمًا بِالتَّصْدِيقِ الْبَاطِنِيِّ وَالاِعْتِقَادِ الْقَلْبِيِّ الْجَازِمِ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالإِْقْرَارِ بِالْعُبُودِيَّةِ لَهُ تَعَالَى، وَالتَّصْرِيحُ كَذَلِكَ بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ أُصُول الْعَقَائِدِ وَشَرَائِعِ الإِْسْلَامِ، مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ وَحَجٍّ، فَلَيْسَ هُنَاكَ عُنْوَانٌ فِي قُوَّتِهِ وَدَلَالَتِهِ عَلَى التَّحَقُّقِ مِنْ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ الْكَامِلَةِ أَصْرَحُ مِنَ النُّطْقِ بِصِيغَتَيِ الشَّهَادَتَيْنِ: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ.</p>فَالْكَافِرُ الَّذِي أَنَارَ اللَّهُ بَصِيرَتَهُ وَأَشْرَقَتْ عَلَى قَلْبِهِ أَنْوَارُ الْيَقِينِ، وَيُرِيدُ أَنْ يَعْتَنِقَ الإِْسْلَامَ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْقَادِرِ كَالأَْخْرَسِ، وَمِنْ غَيْرِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>الْمُتَمَكِّنِ كَالْخَائِفِ وَالشَّرِقِ (1) وَمَنْ عَاجَلَتْهُ الْمَنِيَّةُ، وَكُل مَنْ قَامَ بِهِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ النُّطْقَ، فَنُصَدِّقُ عُذْرَهُ إِنْ تَمَسَّكَ بِهِ بَعْدَ زَوَال الْمَانِعِ. وَلَا لُزُومَ لأَِنْ تَكُونَ صِيغَتُهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُحْسِنُهَا.</p>وَأَمَّا مَنْ يَرَى اخْتِصَاصَ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرَبِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُقِرَّ بِعُمُومِ رِسَالَتِهِ.</p>وَأَمَّا الْمُسْلِمُ أَصَالَةً، أَيْ مَنْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لِوَالِدَيْهِ، وَمَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَنْطِقْ بِالشَّهَادَتَيْنِ طِوَال عُمُرِهِ. وَأَوْجَبَهَا عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَلَوْ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ.</p><font color=#ff0000>17 -</font> وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ التَّصْدِيقَ بِالْقَلْبِ كَافٍ فِي صِحَّةِ مُطْلَقِ الإِْيمَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ.</p>وَأَمَّا الإِْقْرَارُ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لإِِجْرَاءِ الأَْحْكَامِ الدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْهِ فَقَطْ، وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِكُفْرٍ إِلَاّ إِنِ اقْتَرَنَ بِهِ فِعْلٌ يَدُل عَلَى كُفْرِهِ كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ. (2) إِذَنْ فَحُكْمُ الإِْسْلَامِ فِي الظَّاهِرِ يَثْبُتُ بِالشَّهَادَتَيْنِ، أَوْ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُمَا لِتُقَامَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ فِيمَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. (3)</p>وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيِّ قَال: قُلْتُ يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ أُمِّي أَوْصَتْ أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَعِنْدِي جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ نُوبِيَّةٌ أَفَأَعْتِقُهَا؟ قَال: اُدْعُهَا، فَدَعَوْتُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرق: بفتحتين الشجا والغصة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> القسطلاني على صحيح البخاري 1 / 103، والإحياء للغزالي 1 / 116 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير على الجوهرة للشيخ اللقاني مخطوط - وشرح ابن حجر على الأربعين عند الكلام على الحديث الثاني " حديث جبريل ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>فَجَاءَتْ فَقَال: مَنْ رَبُّكِ؟ قَالَتِ: اللَّهُ، قَال: فَمَنْ أَنَا؟ قَالَتْ: رَسُول اللَّهِ، قَال: اعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ. (1)</p>وَقَدْ قَال الإِْمَامُ النَّوَوِيُّ (2) : اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّةِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْل الْقِبْلَةِ وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ لَا يَكُونُ إِلَاّ مَنِ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الإِْسْلَامِ اعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنَ الشُّكُوكِ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ.</p><font color=#ff0000>18 -</font> فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْقِبْلَةِ إِلَاّ إِذَا عَجَزَ عَنِ النُّطْقِ لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ، أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِمُعَاجَلَةِ الْمَنِيَّةِ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا، أَمَّا إِذَا أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُمَا أَنْ يَقُول: أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُل دِينٍ خَالَفَ الإِْسْلَامَ، إِلَاّ إِذَا كَانَ مِنَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ اخْتِصَاصَ رِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لِلْعَرَبِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إِلَاّ بِأَنْ يُسْتَبْرَأَ. أَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَلَمْ يَقُل: مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ، فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: الشريد بن سويد الثقفي. أخرجه أبو داود واللفظ له والنسائي من حديث الشريد، قال أبو داود: خالد بن عبد الله أرسله، لم يذكر الشريد، قال عبد القادر الأرناؤوط محقق جامع الأصول: وإسناده حسن (عون المعبود 3 / 227 ط الهند، وسنن النسائي 6 / 252 نشر المكتبة التجارية، وجامع الأصول بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط 1 / 228، 229 نشر مكتبة الحلواني) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح مسلم 1 / 201. تنبيه: " على أن من آمن بقلبه ولم ينطق بلسانه مع قدرته كان مخلدا في النار. . إلخ. معترض بأنه لا إجماع على ذلك، وأنه مؤمن عاص من أقوال المذاهب الأربعة، على أن بعض محققي الحنفية يرى أن الإقرار باللسان إنما هو شرط لإجراء أحكام الدنيا فحسب " انتهى من شرح ابن حجر الهيثمي على الحديث الثاني - من الأربعين النووية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا، وَمِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ مَنْ قَال: يَكُونُ مُسْلِمًا، وَيُطَالَبُ بِالشَّهَادَةِ الأُْخْرَى، فَإِنْ أَبَى جُعِل مُرْتَدًّا، وَيُحْتَجُّ لِهَذَا الْقَوْل بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَهَا فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَاّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ. (1)</p>وَهَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ عَلَى قَوْل الشَّهَادَتَيْنِ، وَاسْتُغْنِيَ بِذِكْرِ إِحْدَاهُمَا عَنِ الأُْخْرَى لاِرْتِبَاطِهِمَا وَشُهْرَتِهِمَا.</p>وَجَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ:(2) سُئِل أَبُو يُوسُفَ عَنِ الرَّجُل كَيْفَ يُسْلِمُ، فَقَال: يَقُول أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَيُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الدِّينِ الَّذِي انْتَحَلَهُ. وَفِيهِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُول: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَيَتَبَرَّأُ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَكَذَا الْيَهُودِيَّةُ وَغَيْرُهَا.</p>وَأَمَّا مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَيُحْمَل عَلَى الإِْسْلَامِ إِذَا قَال: مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ، أَوْ قَال: دَخَلْتُ دِينَ الإِْسْلَامِ، أَوْ دَخَلْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ دَلِيل إِسْلَامِهِ، فَكَيْفَ إِذَا أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ.</p>وَأَمَّا تَوْبَةُ الْمُرْتَدِّ فَهُوَ أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ كُل دِينٍ غَيْرِ دِينِ الإِْسْلَامِ، بَعْدَ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَأَنْ يَتَبَرَّأَ مِمَّا انْتَقَل إِلَيْهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَرْكَانُ الإِْسْلَامِ</span></p>‌<span class="title">‌أَرْكَانُ الإِْسْلَامِ خَمْسَةٌ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> جَاءَتِ الآْيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ الْكَرِيمَةُ مُجْمَلَةً بِالأَْوَامِرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أمرت أن أقاتل الناس. . . " سبق تخريجه (ف / 9) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير شرح الهداية 4 / 383.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>وَالأَْحْكَامِ فِيمَا يَخُصُّ هَذِهِ الأَْرْكَانَ، وَكَذَلِكَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَال:" سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: بُنِيَ الإِْسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (1) .</p>وَأَيْضًا الْحَدِيثُ السَّابِقُ الْمَشْهُورُ بِحَدِيثِ جِبْرِيل.</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الأَْوَّل: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> هَذِهِ الشَّهَادَةُ مِنْ أَوَّل مَا يَدْخُل بِهِ الْمَرْءُ فِي الإِْسْلَامِ، فَكَانَتْ أَوَّل وَاجِبٍ عَلَى الْمُكَلَّفِ يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ تَصْدِيقًا وَاعْتِقَادًا وَنُطْقًا.</p>وَأَئِمَّةُ السَّلَفِ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَوَّل مَا يُؤْمَرُ بِهِ الْعَبْدُ الشَّهَادَتَانِ. (2) وَقَدْ كَانَتْ رِسَالَاتُ كُل الرُّسُل تَدْعُو إِلَى التَّوْحِيدِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْكَلِمَةُ، وَالإِْقْرَارُ بِالأُْلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ سبحانه وتعالى. وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} (3) فَكَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَوَّل مَا يَدْخُل بِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " بني الإسلام. . . " أخرجه البخاري واللفظ له ومسلم والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا (فتح الباري 1 / 49 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 45 ط عيسى الحلبي 1374 هـ، وجامع الأصول في أحاديث الرسول 1 / 207، 208 نشر مكتبة الحلواني 1389 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> راجع تفاصيل ذلك في عنوان: ما يصير به المرء مسلما وتوابعه من هذا البحث.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الأنبياء / 25.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>الْمَرْءُ فِي الإِْسْلَامِ، وَإِذَا كَانَتْ آخِرَ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْمُسْلِمُ مِنَ الدُّنْيَا دَخَل بِهَا الْجَنَّةَ، كَمَا قَال صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ دَخَل الْجَنَّةَ. (1) . وَالإِْيمَانُ أَيْضًا بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم هُوَ إِيمَانٌ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا تَتَضَمَّنُهُ رِسَالَتُهُ، وَإِيمَانٌ بِجَمِيعِ الرُّسُل، وَتَصْدِيقٌ بِرِسَالَاتِهِمْ.</p>وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ الأَْصْلَيْنِ فِي هَذَا الرُّكْنِ الرَّكِينِ الَّذِي يَسْبِقُ كُل الأَْرْكَانِ تَتَحَقَّقُ بِهِ بَاقِي الأَْرْكَانِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الثَّانِي: إِقَامُ الصَّلَاةِ</span>.</p><font color=#ff0000>21 -</font> الصَّلَاةُ لُغَةً بِمَعْنَى الدُّعَاءِ، وَقَدْ أَضَافَ الشَّرْعُ إِلَى الدُّعَاءِ مَا شَاءَ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ وَسُمِّيَ مَجْمُوعُ ذَلِكَ الصَّلَاةَ، أَوْ هِيَ مَنْقُولَةٌ مِنَ الصِّلَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، فَهِيَ بِذَلِكَ صِلَةٌ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَفُرِضَتْ لَيْلَةَ الإِْسْرَاءِ بِمَكَّةَ قَبْل الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ.</p>وَوُجُوبُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مِنَ الْمَعْلُومِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ.</p>فَمَنْ جَحَدَهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ.</p>أَمَّا مَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا، فَقِيل: فَاسِقٌ يُقْتَل حَدًّا إِنْ تَمَادَى عَلَى الاِمْتِنَاعِ، وَقِيل:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1)) حديث: " من كان آخر كلامه. . . . " أخرجه أبو داود والحاكم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا، قال الحاكم، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قال شعيب الأرناؤوط: وفيه صالح بن أبي غريب - أحد رواته - روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه ابن حبان، وباقي رجاله ثقات (سنن أبي داود 3 / 486 ط استانبول، والمستدرك 1 / 351 نشر دار الكتاب العربي، وشرح السنة للبغوي بتحقيق شعيب الأرناؤوط 5 / 296 نشر المكتب الإسلامي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>مَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا أَوْ مُفَرِّطًا فَهُوَ كَافِرٌ يُقْتَل كُفْرًا. وَقَدْ جَاءَتِ الآْيَاتُ الْكَثِيرَةُ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ دَالَّةً عَلَى ذَلِكَ، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (1)</p>وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (2)، وَغَيْرُهَا كَثِيرٌ.</p>أَمَّا الأَْحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ فَمِنْهَا سُئِل صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الأَْعْمَال أَفْضَل؟ فَقَال: الصَّلَاةُ لِمَوَاقِيتِهَا (3) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ. ر: (صَلَاةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الثَّالِثُ: إِيتَاءُ الزَّكَاةِ</span>.</p><font color=#ff0000>22 -</font> الزَّكَاةُ لُغَةً: النُّمُوُّ وَالزِّيَادَةُ. يُقَال: زَكَا الشَّيْءُ إِذَا نَمَا وَكَثُرَ، إِمَّا حِسًّا كَالنَّبَاتِ وَالْمَال، أَوْ مَعْنًى كَنُمُوِّ الإِْنْسَانِ بِالْفَضَائِل وَالصَّلَاحِ.</p>وَشَرْعًا: إِخْرَاجُ جُزْءٍ مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ لِقَوْمٍ مَخْصُوصِينَ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، وَسُمِّيَتْ صَدَقَةُ الْمَال زَكَاةً، لأَِنَّهَا تَعُودُ بِالْبَرَكَةِ فِي الْمَال الَّذِي أُخْرِجَتْ مِنْهُ وَتُنَمِّيهِ. وَرُكْنِيَّتُهَا وَوُجُوبُهَا ثَابِتَانِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ. فَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا مُرْتَدٌّ، لإِِنْكَارِهِ مَا قَامَ مِنَ الدِّينِ ضَرُورَةً.</p>وَمَنْ أَقَرَّ بِوُجُوبِهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا أُخِذَتْ مِنْهُ كَرْهًا، بِأَنْ يُقَاتَل وَيُؤَدَّبَ عَلَى امْتِنَاعِهِ عَنْ أَدَائِهَا. وَقُرِنَتْ بِالصَّلَاةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي اثْنَيْنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النور / 56.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 102.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " الصلاة لمواقيتها " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ " سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. . . " (فتح الباري 2 / 9 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 90 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>وَثَمَانِينَ آيَةً. وَفُرِضَتْ فِي مَكَّةَ مُطْلَقَةً أَوَّلاً، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ حُدِّدَتِ الأَْنْوَاعُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا، وَمِقْدَارُ النِّصَابِ فِي كُلٍّ ر:(زَكَاة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيَامُ</span>.</p><font color=#ff0000>23 -</font> الصَّوْمُ لُغَةً: مُطْلَقُ الإِْمْسَاكِ وَالْكَفِّ، فَكُل مَنْ أَمْسَكَ عَنْ شَيْءٍ يُقَال فِيهِ: صَامَ عَنْهُ. وَفِي الشَّرْعِ: الإِْمْسَاكُ عَنْ شَهْوَتَيِ الْفَرْجِ وَالْبَطْنِ يَوْمًا كَامِلاً بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ.</p>وَوُجُوبُهَا وَرُكْنِيَّتُهَا ثَابِتَانِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} (1) . وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . (2)</p>وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ (3) ر: (صِيَام) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرُّكْنُ الْخَامِسُ: الْحَجُّ</span>.</p><font color=#ff0000>24 -</font> الْحَجُّ فِي اللُّغَةِ: الْقَصْدُ. وَشَرْعًا: الْقَصْدُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَفِي أَيَّامٍ مَخْصُوصَةٍ. وَالأَْصْل فِي وُجُوبِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 183.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 185.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " صوموا لرؤيته. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 4 / 119 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 762 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (1) وقَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (2) .</p>وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا (3) . فَرُكْنِيَّتُهُ وَوُجُوبُهُ ثَابِتَانِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِْجْمَاعِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، فَمَنْ جَحَدَ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ. وَمَنْ أَقَرَّ بِهِ وَتَرَكَهُ فَاَللَّهُ حَسْبُهُ، لَا يُتَعَرَّضُ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ، لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الاِسْتِطَاعَةِ وَسُقُوطِهِ بِعَدَمِهَا.</p>ر:(حَجّ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: الإِْسْلَامُ بِالتَّبَعِيَّةِ</span></p>‌<span class="title">‌إِسْلَامُ الصَّغِيرِ بِإِسْلَامِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ الأَْبُ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ، أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِمْ - كَالْمَجْنُونِ إِذَا بَلَغَ مَجْنُونًا - فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لأَِبِيهِمْ.</p>وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِإِسْلَامِ أَحَدِ الأَْبَوَيْنِ، أَبًا كَانَ أَوْ أُمًّا، فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الصِّغَارِ بِالتَّبَعِيَّةِ، لأَِنَّ الإِْسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ، لأَِنَّهُ دِينُ اللَّهِ الَّذِي ارْتَضَاهُ لِعِبَادِهِ. وَقَال مَالِكٌ: لَا عِبْرَةَ بِإِسْلَامِ الأُْمِّ أَوِ الْجَدِّ، لأَِنَّ الْوَلَدَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ أَبِيهِ وَيَنْتَسِبُ إِلَى قَبِيلَتِهِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ إِسْلَامَ الْجَدِّ - وَإِنْ عَلَا - يَسْتَتْبِعُ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِ الأَْحْفَادِ الصِّغَارِ وَمَنْ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران / 97.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 196.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إن الله فرض عليكم الحج فحجوا " أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ " أيها الناس: قد فرض الله عليكم الحج فحجوا. . . "(صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 975 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>حُكْمِهِمْ، وَلَوْ كَانَ الأَْبُ حَيًّا كَافِرًا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (1) .</p>وَقَال الثَّوْرِيُّ: إِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ يُخَيَّرُ بَيْنَ دِينِ أَبَوَيْهِ، فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ كَانَ عَلَى دِينِهِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْلَامُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِدَارِ الإِْسْلَامِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> يَدْخُل فِي ذَلِكَ الصَّغِيرُ إِذَا سُبِيَ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ أَبَوَيْهِ، إِذَا أَدْخَلَهُ السَّابِي إِلَى دَارِ الإِْسْلَامِ. وَكَذَلِكَ لَقِيطُ دَارِ الإِْسْلَامِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُلْتَقِطُهُ ذِمِّيًّا. وَكَذَلِكَ الْيَتِيمُ الَّذِي مَاتَ أَبَوَاهُ وَكَفَلَهُ أَحَدُ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَتَّبِعُ كَافِلَهُ وَحَاضِنَهُ فِي الدِّينِ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ. (3)</p>وَانْفَرَدَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْوَلَدَ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَبَوَيْهِ الذِّمِّيِّينَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: كُل مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: الإِْسْلَامُ بِالدَّلَالَةِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: الأَْصْل أَنَّ الْكَافِرَ مَتَى فَعَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الطور / 21.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 4 / 104، وابن عابدين 4 / 348، والشربيني 4 / 206 - 207، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 308، والزرقاني على خليل 2 / 69، والمغني 8 / 139 - 140، وكشاف القناع 6 / 183.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شفاء العليل ص 298، والمغني 8 / 140.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " كل مولود. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ " ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه. . . " (فتح الباري 11 / 493 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 4 / 2047 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>عِبَادَةً فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي سَائِرِ الأَْدْيَانِ لَا يَكُونُ بِهَا مُسْلِمًا، كَ‌<span class="title">‌الصَّلَاةِ </span>مُنْفَرِدًا، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ الَّذِي لَيْسَ بِكَامِلٍ، وَالصَّدَقَةِ، وَمَتَى فَعَل مَا اخْتَصَّ بِشَرْعِنَا، وَلَوْ مِنَ الْوَسَائِل كَالتَّيَمُّمِ. وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنَ الْمَقَاصِدِ أَوْ مِنَ الشَّعَائِرِ، كَالصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ وَالْحَجِّ الْكَامِل وَالأَْذَانِ فِي الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ (1) . وَقَدِ اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ جُمْلَةً مِنَ الأَْفْعَال تَقُومُ دَلَالَةً عَلَى كَوْنِ الشَّخْصِ مُسْلِمًا، وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ.</p> </p>أ - الصَّلَاةُ</p><font color=#ff0000>28 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ بِفِعْل الصَّلَاةِ. لَكِنْ قَال الْحَنَابِلَةُ: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِالصَّلَاةِ سَوَاءٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ دَارِ الإِْسْلَامِ، وَسَوَاءٌ صَلَّى جَمَاعَةً أَوْ فَرْدًا، فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الإِْسْلَامِ، وَإِلَاّ فَهُوَ مُرْتَدٌّ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ.</p>وَإِنْ مَاتَ قَبْل ظُهُورِ مَا يُنَافِي الإِْسْلَامَ فَهُوَ مُسْلِمٌ، يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ دُونَ الْكَافِرِينَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنِّي نُهِيتُ عَنْ قَتْل الْمُصَلِّينَ (2) وَقَوْلِهِ: الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار 1 / 7364، 3 / 390، والمغني 2 / 201.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" إني نهيت عن قتل المصلين " أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، قال المنذري: وفي إسناده أبو يسار القرشي، سئل عنه أبو حاتم الرازي، فقال: مجهول، وأبو هاشم قيل هو ابن عم أبي هريرة، وهو كما قال الحافظ ابن حجر: مجهول الحال أيضا (عون المعبود 4 / 438 ط الهند، وجامع الأصول 4 / 744 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ، وتقريب التهذيب 2 / 482 نشر دار المعرفة 1395 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>الصَّلَاةُ (1) وَقَوْلُهُ: مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَل قِبْلَتَنَا، وَأَكَل ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلَا تَخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ (2) . فَجَعَلَهَا حَدًّا بَيْنَ الإِْيمَانِ وَالْكُفْرِ، فَمَنْ صَلَّى فَقَدْ دَخَل فِي حَدِّ الإِْسْلَامِ، وَلأَِنَّهَا عِبَادَةٌ تَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِينَ فَالإِْتْيَانُ بِهَا إِسْلَامٌ، كَالشَّهَادَتَيْنِ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِالصَّلَاةِ إِلَاّ إِنْ صَلَاّهَا كَامِلَةً فِي الْوَقْتِ مَأْمُومًا فِي جَمَاعَةٍ، إِلَاّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يَرَى أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ مُسْتَقْبِل الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ بِمُجَرَّدِ صَلَاتِهِ، لأَِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ فُرُوعِ الإِْسْلَامِ، فَلَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِفِعْلِهَا، كَالْحَجِّ وَالصِّيَامِ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِل النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُول اللَّهِ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَاّ بِحَقِّهَا (3) . وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " العهد. . . " أخرجه الترمذي والنسائي من حديث بريدة رضي الله عنه مرفوعا، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. قال المباركفوري: وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: صحيح، ولا نعرف له علة (تحفة الأحوذي 7 / 369 ط السلفية، وسنن النسائي 1 / 231 نشر المكتبة التجارية، وجامع الأصول 5 / 203 نشر مكتبة الحلواني، وشرح السنة للبغوي 2 / 180 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " من صلى صلاتنا. . . " أخرجه البخاري من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 1 / 496 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أمرت أن أقاتل. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام " وفي رواية مسلم " إلا بحقها وحسابهم على الله ". (فتح الباري 1 / 75 ط السلفية، وصحيح مسلم 1 / 53 ط استانبول، وجامع الأصول 1 / 245 نشر مكتبة الحلواني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>صَلَّى فِي دَارِ الإِْسْلَامِ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ، لأَِنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ الاِسْتِتَارَ بِالصَّلَاةِ وَإِخْفَاءَ دِينِهِ، وَإِنْ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ مُسْلِمٌ، لأَِنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي حَقِّهِ (1) . وَالدَّلِيل لِذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَل قِبْلَتَنَا، وَأَكَل ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تَخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ (2) . وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّجُل يَتَعَاهَدُ الْمَسَاجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِْيمَانِ (3) فَإِنَّ اللَّهَ يَقُول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَاّ اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (4) .</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ (5) : مَنْ صَلَّى حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ ظَاهِرًا، أَمَّا صَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ فَأَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 4 / 103، والمغني 2 / 201 والدسوقي على الشرح الكبير 1 / 325.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من صلى صلاتنا. . . " سبق تخريجه (ف / 27) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إذا رأيتم الرجل يتعاهد المساجد. . . . " أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم وابن حبان والدارمي من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، قال الحاكم: هذه ترجمة للمصريين، لم يختلفوا في صحتها وصدق رواتها، غير أن شيخي الصحيح البخاري ومسلم لم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: في إسناده دراج وهو كثير المناكير (تحفة الأحوذي 1 / 365 - 366 ط السلفية، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 263 ط عيسى الحلبي 1372 هـ، ومسند أحمد بن حنبل 3 / 68 ط الميمنية، والمستدرك 1 / 212، 213 نشر دار الكتاب العربي، وسنن الدارمي 1 / 278 ط مطبعة الاعتدال 1349 هـ) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة التوبة / 18.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 2 / 201.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>فَالرَّجُل يَتَعَهَّدُ الْمَسَاجِدَ وَيَرْتَادُهَا لإِِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا وَالإِْنْصَاتِ فِيهَا لِمَا يُتْلَى مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَمَا يُلْقَى فِيهَا مِنَ الْعِبَرِ وَالْعِظَاتِ، وَالأَْمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْمَسَاجِدَ لَا يَرْتَادُهَا إِلَاّ الْمُؤْمِنُونَ الطَّائِعُونَ وَالْمُخْلِصُونَ فِي إِيمَانِهِمْ لِلَّهِ، فَلَا جَرَمَ إِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ هَذَا الاِرْتِيَادَ هُوَ أَمَارَةٌ عَلَى الإِْيمَانِ، يَشْهَدُ لَهُ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ} . الآْيَةَ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الأَْذَانُ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ بِالأَْذَانِ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي الْوَقْتِ، لأَِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ دِينِنَا وَشِعَارِ شَرْعِنَا، وَلَيْسَ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُ يَشْتَمِل عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ، بَل لأَِنَّهُ مِنْ قَبِيل الإِْسْلَامِ بِالْفِعْل.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ سُجُودُ التِّلَاوَةِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْكَافِرِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ، لأَِنَّهُ مِنْ خَصَائِصِنَا، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عَنِ الْكُفَّارِ فِي قَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْحَجُّ:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> وَكَذَلِكَ لَوْ حَجَّ، وَتَهَيَّأَ لِلإِْحْرَامِ. وَلَبَّى وَشَهِدَ الْمَنَاسِكَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ. وَإِنْ لَبَّى وَلَمْ يَشْهَدِ الْمَنَاسِكَ، أَوْ شَهِدَهَا وَلَمْ يُلَبِّ، فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الانشقاق / 21.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 7 / 103.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِسْلَامٌ</span></p> </p>اُنْظُرْ: سَلَم</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْلَافٌ</span></p> </p>اُنْظُرْ: سَلَف</p> </p>‌<span class="title">‌إِسْنَادٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْسْنَادُ لُغَةً يَكُونُ:</p>أ - بِمَعْنَى إِمَالَةِ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ حَتَّى يَعْتَمِدَ عَلَيْهِ.</p>ب - وَيَأْتِي أَيْضًا بِمَعْنَى رَفْعِ الْقَوْل إِلَى قَائِلِهِ وَنِسْبَتِهِ إِلَيْهِ (1) . وَيَأْتِي اصْطِلَاحًا لِمَعَانٍ:</p>أ - إِعَانَةُ الْغَيْرِ، كَالْمَرِيضِ مَثَلاً، بِتَمْكِينِهِ مِنَ التَّوَكُّؤِ عَلَى الْمُسْنَدِ، وَنَحْوُهُ إِسْنَادُ الظَّهْرِ إِلَى الشَّيْءِ.</p>وَتَفْصِيل الْكَلَامِ فِي الإِْسْنَادِ بِهَذَا الْمَعْنَى يَأْتِي تَحْتَ عِنْوَانَيِ:(اسْتِنَاد)(وَإِعَانَة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، ومعجم متن اللغة، وتاج العروس مادة:(سند) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>ب - مَا يُذْكَرُ لِتَقْوِيَةِ الْقَضِيَّةِ الْمُدَّعَاةِ. وَالْكَلَامُ فِيهِ تَحْتَ عِنْوَانَيْ (إِثْبَاتٌ)(وَسَنَدٌ) .</p>ج - الإِْضَافَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: إِسْنَادُ الطَّلَاقِ إِلَى وَقْتٍ سَابِقٍ (1) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (إِضَافَةٌ) .</p>د - الطَّرِيقُ الْمُوَصِّل إِلَى مَتْنِ الْحَدِيثِ. وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْنَادُ بِمَعْنَى الطَّرِيقِ الْمُوَصِّل إِلَى مَتْنِ الْحَدِيثِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> هَذَا الاِصْطِلَاحُ هُوَ لِلأُْصُولِيِّينَ وَالْمُحَدِّثِينَ، وَلَهُ عِنْدَهُمْ إِطْلَاقَانِ:</p>الأَْوَّل: أَنَّ إِسْنَادَ الْحَدِيثِ هُوَ ذِكْرُ سَنَدِهِ، وَهُوَ ضِدُّ الإِْرْسَال (2) . وَ‌<span class="title">‌السَّنَدُ: </span>سِلْسِلَةُ رُوَاتِهِ بَيْنَ الْقَائِل وَالرَّاوِي الأَْخِيرِ. وَهَذَا الاِصْطِلَاحُ فِي الإِْسْنَادِ هُوَ الأَْشْهَرُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ.</p>الثَّانِي: وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، أَنَّ الإِْسْنَادَ هُوَ رَفْعُ الْحَدِيثِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَمُقَابِل الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ - عَلَى هَذَا الْقَوْل - الْحَدِيثُ الْمَوْقُوفُ، وَهُوَ مَا لَمْ يُرْفَعْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. بَل هُوَ مِنْ قَوْل الصَّحَابِيِّ، وَالْمَقْطُوعُ: وَهُوَ مَا انْتَهَى إِلَى التَّابِعِيِّ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْعَلَاقَةُ بَيْنَ (الإِْسْنَادِ)(وَالسَّنَدِ) :</span></p> </p><font color=#ff0000>3 -</font> السَّنَدُ:</p>السَّنَدُ هُوَ الطَّرِيقُ الْمُوَصِّل إِلَى مَتْنِ الْحَدِيثِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 477 ط عيسى الحلبي، ورد المحتار 2 / 622 ط الميمنية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح مسلم الثبوت 2 / 173، وكشاف اصطلاحات الفنون 3 / 631. وينبغي أن نعلم أن في (الإرسال) اصطلاحات أخرى (ر: إرسال) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مقدمة في علوم الحديث لابن الصلاح ص 39، 40، وتدريب الراوي ص 117، 118.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ: سِلْسِلَةُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِمَتْنِ الْحَدِيثِ: أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ الْمَرْوِيَّةِ.</p>وَأَمَّا الإِْسْنَادُ فَهُوَ ذِكْرُ ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَحِكَايَتُهُ وَالإِْخْبَارُ بِهِ.</p>فَبَيْنَ (الإِْسْنَادِ)(وَالسَّنَدِ) تَبَايُنٌ. وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الاِصْطِلَاحَيْنِ. قَال السَّخَاوِيُّ: هُوَ الْحَقُّ.</p>وَنَقَل السُّيُوطِيُّ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الاِصْطِلَاحَيْنِ خِلَافَ هَذَا. قَال: قَال ابْنُ جَمَاعَةَ وَالطِّيبِيُّ: السَّنَدُ هُوَ الإِْخْبَارُ عَنْ طَرِيقِ الْمَتْنِ، وَأَمَّا الإِْسْنَادُ فَهُوَ رَفْعُ الْحَدِيثِ إِلَى قَائِلِهِ.</p>هَذَا مَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الاِصْطِلَاحَيْنِ، وَلَكِنْ بِاسْتِقْرَاءِ مَوَاضِعَ مِنْ كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ نَجِدُهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الإِْسْنَادَ بِمَعْنَى السَّنَدِ كَثِيرًا بِنَوْعٍ مِنَ التَّسَاهُل أَوِ الْمَجَازِ، حَتَّى لَقَدْ قَال ابْنُ جَمَاعَةَ: الْمُحَدِّثُونَ يَسْتَعْمِلُونَ السَّنَدَ وَالإِْسْنَادَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَنْزِلَةُ الإِْسْنَادِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> يَقُول الأُْصُولِيُّونَ: إِنَّ الاِحْتِجَاجَ بِالسُّنَّةِ مَوْقُوفٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْنَا عَلَى السَّنَدِ، بِأَنْ يَقُول الْمُحْتَجُّ بِهَا: حَدَّثَنِي فُلَانٌ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ، أَوْ بِوَاسِطَةٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَال: أَوْ فَعَل، أَوْ أَقَرَّ كَذَا. . وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الاِحْتِجَاجُ مَوْقُوفًا عَلَى السَّنَدِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّحَابَةِ، أَيْ لِسَمَاعِهِمُ الأَْحَادِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُبَاشَرَةً. وَمُبَاشَرَتِهِمْ لِرُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ (2) . وَهَذَا فِي غَيْرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تدريب الراوي للسيوطي شرح تقريب النواوي ص 5، وكشاف اصطلاحات الفنون 3 / 631.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح مسلم الثبوت 2 / 100.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>الْمُتَوَاتِرِ، أَمَّا الْمُتَوَاتِرُ فَيُغْنِي تَوَاتُرُهُ عَنْ بَيَانِ إِسْنَادِهِ. وَقَدْ نَقَل مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: الإِْسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلَا الإِْسْنَادُ لَقَال مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ (1) . وَقَال الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: الَّذِي يَطْلُبُ الْحَدِيثَ بِلَا سَنَدٍ كَحَاطِبِ لَيْلٍ يَحْمِل حُزْمَةَ حَطَبٍ وَفِيهِ أَفْعَى وَهُوَ لَا يَدْرِي (2) .</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إِلَى الإِْسْنَادِ لِلْحَاجَةِ إِلَى ضَبْطِ الْمَرْوِيَّاتِ وَالتَّوَثُّقِ مِنْهَا، وَظَهَرَتْ تِلْكَ الْحَاجَةُ بَعْدَمَا شَرَعَ أَهْل الأَْهْوَاءِ فِي افْتِرَاءِ أَحَادِيثَ يُقَوُّونَ بِهَا مَا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ. قَال ابْنُ سِيرِينَ: لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنَ الإِْسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْل السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَإِلَى أَهْل الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْنَادُ وَثُبُوتُ الْحَدِيثِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> إِنْ كَانَ إِسْنَادُ الْحَدِيثِ صَحِيحًا لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ صِحَّةُ الْمَتْنِ وَثُبُوتُهُ، لاِحْتِمَال كَوْنِ الْحَدِيثِ شَاذًّا، أَوْ لاِحْتِمَال وُجُودِ عِلَّةٍ قَادِحَةٍ. فَإِنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا يَكُونُ صَحِيحًا إِذَا جَمَعَ إِلَى صِحَّةِ الإِْسْنَادِ السَّلَامَةَ مِنَ الشُّذُوذِ وَالْعِلَّةِ. إِلَاّ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ أَنَّ أَئِمَّةَ نَقْدِ الْحَدِيثِ إِذَا قَال الْوَاحِدُ مِنْهُمْ فِي حَدِيثٍ: إِنَّهُ صَحِيحُ الإِْسْنَادِ، وَلَمْ يَقْدَحْ فِيهِ فَالظَّاهِرُ مِنْهُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، لأَِنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) صحيح مسلم بشرح النووي 1 / 86.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فيض القدير 1 / 433 ط مصطفى محمد، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1 / 16، والإمداد لمعرفة علوم الإسناد ص 3 ط حيدر آباد دائرة المعارف العثمانية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> صحيح مسلم بشرح النووي 1 / 84.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>وَالْقَادِحِ هُوَ الأَْصْل وَالظَّاهِرُ. كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي مُقَدِّمَتِهِ (1) .</p>وَلَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْحَدِيثِ ظَاهِرًا أَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، لِجَوَازِ الْخَطَأِ أَوِ النِّسْيَانِ عَلَى الثِّقَةِ (2) .</p>وَلَكِنَّ إِسْنَادَ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ الْمُرْسَل، وَيُحْتَجُّ بِهِ إِنْ كَانَ الَّذِي أَرْسَلَهُ ثِقَةٌ، وَهُوَ قَوْل الأَْئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ: أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَقِيل فِي تَعْلِيل ذَلِكَ: مَنْ أَسْنَدَ فَقَدْ أَحَالَكَ، وَمَنْ أَرْسَل فَقَدْ تَكَفَّل لَكَ، أَيْ بِالصِّحَّةِ. وَلَا يَقْبَلُهُ الإِْمَامُ الشَّافِعِيُّ إِلَاّ إِنِ اعْتَضَدَ بِمَا يُقَوِّيهِ (3) .</p>وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلَاتٌ أُخْرَى. اُنْظُرْ (إِرْسَالٌ) . وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُسْنَدَ مِنَ الأَْحَادِيثِ أَقْوَى مِنَ الْمُرْسَل (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِفَاتُ الأَْسَانِيدِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يُوصَفُ الإِْسْنَادُ بِصِفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَقَدْ يُوصَفُ مَثَلاً بِالْعُلُوِّ أَوْ بِالنُّزُول. فَإِنْ كَانَتِ الْوَسَائِطُ قَلِيلَةً فَهُوَ إِسْنَادٌ عَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَهُوَ نَازِلٌ.</p>كَمَا يُوصَفُ الإِْسْنَادُ بِالْقُوَّةِ وَالصِّحَّةِ، أَوْ بِالْحُسْنِ أَوْ بِالضَّعْفِ، وَقَدْ يُقَال: إِسْنَادٌ مُعَنْعَنٌ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مقدمة ابن الصلاح ص 3، 4.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الرفع والتكميل في الجرح والتعديل لعبد الحي اللكنوي ص 84 نشر مكتبة المطبوعات.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح مسلم الثبوت 2 / 174.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح العضد على مختصر ابن الحاجب وحاشية التفتازاني 2 / 74، 311 ط ليبيا.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>أَوْ مُدَلَّسٌ، أَوْ غَرِيبٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ (1) . وَيُعْرَفُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى مَوَاطِنِهِ مِنْ كُتُبِ عُلُومِ الْحَدِيثِ أَوْ أَبْوَابِ السُّنَّةِ مِنَ الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَا يَحْتَاجُ إِلَى الإِْسْنَادِ. وَالإِْسْنَادُ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَحْتَاجُ إِلَى الإِْسْنَادِ كُل مَا يُحْتَجُّ بِهِ مِمَّا لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ، وَمِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ الْقِرَاءَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ بِالإِْسْنَادِ (2) . وَمِنْهُ أَيْضًا ثُبُوتُ الأَْحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ الْمَرْوِيَّةِ بِالإِْسْنَادِ. وَقَدْ دَخَل الإِْسْنَادُ فِي رِوَايَةِ الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي عُلُومِ الدِّينِ، حَتَّى إِنَّهُ دَخَل فِي رِوَايَةِ كُتُبِ اللُّغَةِ وَالأَْدَبِ وَالتَّارِيخِ وَغَيْرِهَا.</p>إِلَاّ أَنَّ الإِْسْنَادَ تُرِكَ غَالِبًا فِي هَذِهِ الأَْعْصُرِ الأَْخِيرَةِ، حَتَّى فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ. وَلَعَل ذَلِكَ اكْتِفَاءً مِنَ الْعُلَمَاءِ بِتَوَاتُرِ تِلْكَ الْكُتُبِ عَنْ مُؤَلِّفِيهَا، كَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ، أَوْ لِشُهْرَتِهَا عَنْهُمْ، مِمَّا يُغْنِي عَنْ إِيرَادِ الأَْسَانِيدِ، وَنَظَرًا لِطُول الأَْسَانِيدِ وَنُزُولِهَا بِدَرَجَةٍ تُضْعِفُ الثِّقَةَ بِهَا، فَلَا تَكَادُ تُكَافِئُ مَا قَدْ يُبْذَل فِيهَا مِنَ الْجُهُودِ. وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي إِحْيَائِهَا بَرَكَةُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى هَذِهِ الْخِصِّيصَةِ مِنْ خَصَائِصِ، الأُْمَّةِ الإِْسْلَامِيَّةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح مسلم الثبوت 2 / 207، وشرح العضد على مختصر المنتهى 2 / 311.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الإتقان للسيوطي 1 / 74 - 76 ط الثانية مصطفى الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِسْهَامٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْسْهَامُ فِي اللُّغَةِ يَأْتِي بِمَعْنَيَيْنِ:</p>الأَْوَّل: جَعْل الشَّخْصِ صَاحِبَ حِصَّةٍ أَوْ نَصِيبٍ، يُقَال: أَسْهَمْتُ لَهُ بِأَلْفٍ، يَعْنِي أَعْطَيْتُهُ أَلْفًا.</p>وَيُصْبِحُ الشَّخْصُ ذَا سَهْمٍ فِي أُمُورٍ مِنْهَا: الْمِيرَاثُ، وَالْقِسْمَةُ، وَالْغَنِيمَةُ، وَالْفَيْءُ، وَالنَّفَقَةُ، وَالشُّرْبُ إِنْ كَانَ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي ذَلِكَ.</p>وَالثَّانِي: الإِْقْرَاعُ. يُقَال: أَسْهَمَ بَيْنَهُمْ، أَيْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ (1) . وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْهَامُ بِالْمَعْنَى الأَْوَّل (جَعْل الشَّخْصِ صَاحِبَ حِصَّةٍ) </span>.</p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِْسْهَامُ فِي جَمِيعِ حَالَاتِ الاِشْتِرَاكِ، كَالاِشْتِرَاكِ فِي الْهَدْيِ، يَجْعَل لِكُلٍّ مِنَ الْمُشْتَرِكِينَ سَهْمًا فِيهِ.</p>وَالاِشْتِرَاكُ فِي الْعَمَل يَجْعَل لِكُلٍّ مِنَ الْمُشْتَرِكِينَ سَهْمًا مِنَ الرِّبْحِ أَوْ تَحَمُّل الْخَسَارَةِ. كَمَا يُثْبِتُ الإِْسْهَامُ لِكُلٍّ مِنَ الشُّرَكَاءِ نَصِيبًا فِي الشُّفْعَةِ.</p>وَالاِشْتِرَاكُ فِي الرَّهْنِ - إِذَا رَهَنَ عَيْنًا عِنْدَ اثْنَيْنِ - يَجْعَل لِكُلٍّ مِنَ الْمُرْتَهِنَيْنِ حَظًّا فِي حِفْظِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير، ولسان العرب، مادة:(سهم) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>وَالاِشْتِرَاكُ فِي الْجِنَايَةِ الْخَطَأِ يُوجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْجُنَاةِ حَظًّا مِنَ الدِّيَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ إِسْهَامُ الْعَاقِلَةِ فِي تَحَمُّل الدِّيَةِ فِي جِنَايَةِ الْخَطَأِ.</p>وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْسْهَامُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي (الْقُرْعَةُ) :</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الْقُرْعَةِ إِذَا كَانَتْ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ، بَل هِيَ مَنْدُوبَةٌ فِي ذَلِكَ، كَإِقْرَاعِ الْمُسَافِرِ بَيْنَ نِسَائِهِ لإِِخْرَاجِ مَنْ يُسَافِرُ بِهَا مِنْهُنَّ، وَالإِْقْرَاعُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْيِينِ مَنْ يَبْدَأُ بِهَا فِي الْقِسْمَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.</p>كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُرْعَةِ لِتَعْيِينِ الْحَقِّ فِي الْقِسْمَةِ بَعْدَ الإِْفْرَازِ، قَطْعًا لِلْخِلَافِ وَتَطْيِيبًا لِلْقُلُوبِ.</p>وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْقُرْعَةِ لإِِثْبَاتِ حَقِّ الْبَعْضِ وَإِبْطَال حَقِّ الْبَعْضِ الآْخَرِ، كَمَنْ طَلَّقَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْ. فَأَنْكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَتِمَّ التَّعْيِينُ بِالْقُرْعَةِ، وَأَقَرَّ ذَلِكَ غَيْرُهُمْ (1) . وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالْقِسْمَةِ وَالطَّلَاقِ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَسِيرٌ</span></p> </p>اُنْظُرْ: أَسْرَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 8 / 15، وفتاوى قاضي خان 3 / 155، والمغني 9 / 359.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِشَارَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْشَارَةُ لُغَةً: التَّلْوِيحُ بِشَيْءٍ يُفْهَمُ مِنْهُ مَا يُفْهَمُ مِنَ النُّطْقِ، فَهِيَ الإِْيمَاءُ إِلَى الشَّيْءِ بِالْكَفِّ وَالْعَيْنِ وَالْحَاجِبِ وَغَيْرِهَا. وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِكَذَا: أَبْدَى لَهُ رَأْيَهُ، وَالاِسْمُ الشُّورَى.</p>وَهِيَ عِنْدَ الإِْطْلَاقِ حَقِيقَةٌ فِي الْحِسِّيَّةِ، وَتُسْتَعْمَل مَجَازًا فِي الذِّهْنِيَّةِ، كَالإِْشَارَةِ بِضَمِيرِ الْغَائِبِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ عُدِّيَ " إِلَى " تَكُونُ بِمَعْنَى الإِْيمَاءِ بِالْيَدِ، وَنَحْوِهَا، وَإِنْ عُدِّيَ بِ " عَلَى " تَكُونُ بِمَعْنَى الرَّأْيِ (1) .</p>وَالإِْشَارَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ مِثْلُهَا فِي اللُّغَةِ، وَيَسْتَعْمِلُهَا الأُْصُولِيُّونَ فِي مَبْحَثِ الدَّلَالَاتِ، وَيُعَرِّفُونَ دَلَالَةَ الإِْشَارَةِ بِأَنَّهَا: دَلَالَةُ اللَّفْظِ عَلَى مَا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ، وَلَكِنَّهُ لَازِمٌ لَهُ. كَدَلَالَةِ قَوْله تَعَالَى:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} (2) عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَهْرِ، لأَِنَّ صِحَّةَ الطَّلَاقِ فَرْعُ صِحَّةِ النِّكَاحِ.</p>أَمَّا عِبَارَةُ النَّصِّ فَهِيَ الْمَعْنَى الَّذِي يَتَبَادَرُ فَهْمُهُ مِنْ صِيغَتِهِ، وَيَكُونُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ سِيَاقِهِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكليات 1 / 184 - 185، واللسان، والمصباح مادة:(شور) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 236.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الدَّلَالَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الدَّلَالَةُ: كَوْنُ الشَّيْءِ بِحَيْثُ يُفْهَمُ مِنْهُ شَيْءٌ آخَرُ، كَدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى، وَهِيَ أَعَمُّ مِنَ الإِْشَارَةِ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْيمَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الإِْيمَاءُ: مُرَادِفٌ لِلإِْشَارَةِ لُغَةً، وَعِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ عَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ: إِلْقَاءُ الْمَعْنَى فِي النَّفْسِ بِخَفَاءٍ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِفَتُهَا (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الإِْشَارَةُ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي أَغْلَبِ الأُْمُورِ، لأَِنَّهَا تُبَيِّنُ الْمُرَادَ كَالنُّطْقِ، وَلَكِنَّ الشَّارِعَ يُقَيِّدُ النَّاطِقِينَ بِالْعِبَارَةِ فِي بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ كَالنِّكَاحِ، فَإِذَا عَجَزَ إِنْسَانٌ عَنْهَا، أَقَامَ الشَّارِعُ إِشَارَتَهُ مَقَامَ نُطْقِهِ فِي الْجُمْلَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا، وَتَقُومُ مَقَامَ عِبَارَةِ النَّاطِقِ فِيمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْعِبَارَةِ، إِذَا كَانَتْ مَعْهُودَةً فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ، وَالإِْجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالنِّكَاحِ، وَالْحُلُول: كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ، وَالإِْبْرَاءِ. وَغَيْرِ ذَلِكَ كَالأَْقَارِيرِ - مَا عَدَا الإِْقْرَارِ بِالْحُدُودِ، فَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا - وَالدَّعَاوَى " وَالإِْسْلَامُ. وَهَذَا الْقَدْرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا نَعْلَمُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكليات 1 / 336.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكليات 2 / 320.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المنثور في القواعد 1 / 164 - 165.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>وَفِي اللِّعَانِ وَالْقَذْفِ خِلَافٌ. فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ الإِْشَارَةَ لَا تَقُومُ مَقَامَ النُّطْقِ فِيهِمَا، لأَِنَّ فِي الإِْشَارَةِ شُبْهَةً يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ، وَقَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ كَنُطْقِهِ فِيهِمَا (1) .</p>وَلَا فَرْقَ فِي اعْتِبَارِ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْكِتَابَةِ، أَوْ عَاجِزًا عَنْهَا، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَرَسُ أَصَالَةً أَوْ طَارِئًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (2) .</p>وَنُقِل عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّمَا تُعْتَبَرُ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ إِذَا كَانَ عَاجِزًا عَنِ الْكِتَابَةِ، لأَِنَّهَا أَضْبَطُ (3) . وَلَمْ يُفَرِّقِ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ وَكِتَابَتِهِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِقَبُول إِشَارَتِهِ الْعَجْزُ عَنِ الْكِتَابَةِ (4) .</p>وَيَشْتَرِطُ الْحَنَفِيَّةُ لِقَبُول إِشَارَتِهِ مَا يَلِي:</p>أ - أَنْ يَكُونَ قَدْ وُلِدَ أَخْرَسَ، أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ وَدَامَ حَتَّى الْمَوْتِ. وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَاكِمِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَفِي هَذَا مِنَ الْحَرَجِ مَا فِيهِ، وَقَدَّرَ التُّمُرْتَاشِيُّ الاِمْتِدَادَ لِسَنَةٍ. وَفِي التَّتَارَخَانِيَّةِ: أَنَّهُ إِذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الْخَرَسُ وَدَامَ حَتَّى صَارَتْ إِشَارَتُهُ مَفْهُومَةً اُعْتُبِرَتْ إِشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ وَإِلَاّ لَمْ تُعْتَبَرْ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 8 / 39، والمغني لابن قدامة 3 / 566، 7 / 396 ط الرياض، وحاشية ابن عابدين 2 / 425، والقوانين الفقهية ص 161.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إعانة الطالبين 4 / 11، وروضة الطالبين 3 / 341، ومواهب الجليل 4 / 229.</p><font color=#ff0000>(3)</font> روضة الطالين 8 / 39.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الدسوقي 2 / 412 ط التجارية.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 425. واللجنة ترى أن هذا القول الأخير هو الذي ينبغي أن يعتمد درءا للحرج.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>ب - أَلَاّ يَقْدِرَ عَلَى الْكِتَابَةِ. جَاءَ فِي تَكْمِلَةِ حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: قَال الْكَمَال: قَال بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ بِالإِْشَارَةِ، لاِنْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِمَا هُوَ أَدَل عَلَى الْمُرَادِ مِنَ الإِْشَارَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ، وَبِهِ قَال بَعْضُ مَشَايِخِنَا.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ: بَل هَذَا الْقَوْل تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَفِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ كَانَ الأَْخْرَسُ لَا يَكْتُبُ، وَكَانَ لَهُ إِشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي طَلَاقِهِ، وَنِكَاحِهِ، وَشِرَائِهِ، وَبَيْعِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ. ثُمَّ قَال: فَيُفِيدُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لَا تَجُوزُ إِشَارَتُهُ (1)</p>وَفِي الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ: أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ لَيْسَ شَرْطًا لِلْعَمَل بِالإِْشَارَةِ (2) .</p>وَقَال السُّيُوطِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي إِقَامَةِ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ مَقَامَ نُطْقِهِ مَسَائِل لَا تَقُومُ فِيهَا إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ مَقَامَ النُّطْقِ، مِنْهَا:</p><font color=#ff0000>(1)</font> إِذَا خَاطَبَ بِالإِْشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ لَا تَبْطُل صَلَاتُهُ فِي الأَْصَحِّ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إِذَا نَذَرَ بِالإِْشَارَةِ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> إِذَا شَهِدَ بِالإِْشَارَةِ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّ إِقَامَتَهَا مَقَامَ النُّطْقِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي شَهَادَتِهِ لإِِمْكَانِ شَهَادَةِ النَّاطِقِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 425، وتكملة ابن عابدين 2 / 82 ط الميمنية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 138.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(4)</font> إِذَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا فَكَلَّمَهُ بِالإِْشَارَةِ لَا يَحْنَثُ.</p><font color=#ff0000>(5)</font> إِذَا حَلَفَ بِالإِْشَارَةِ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ إِلَاّ فِي اللِّعَانِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِقْرَارُ الأَْخْرَسِ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ إِقْرَارِ الأَْخْرَسِ بِالزِّنَى وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُدُودِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يُحَدُّ إِنْ أَقَرَّ بِالزِّنَى بِإِشَارَتِهِ، قَالُوا: لأَِنَّ مَنْ صَحَّ إِقْرَارُهُ بِغَيْرِ الزِّنَى صَحَّ إِقْرَارُهُ بِهِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَى، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ تَحْتَمِل مَا فُهِمَ مِنْهَا وَغَيْرُهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي دَرْءِ الْحَدِّ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (2) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ:(حُدُود، وَإِقْرَار) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ بِالإِْقْرَارِ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> إِشَارَتُهُ فِي ذَلِكَ مَقْبُولَةٌ فِي قَوْل الْفُقَهَاءِ فِي الْقِصَاصِ، لأَِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَقْسِيمُ إِشَارَةِ الأَْخْرَسِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ إِذَا كَانَتْ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر ص 247، والمنثور 1 / 164، وإعانة الطالبين 4 / 16، وروضة الطالبين 8 / 39 - 40.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 196 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 10 / 4593، 9 / 4187، وروضة الطالبين 8 / 39، والمغني 3 / 566، وحاشية ابن عابدين 2 / 425.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>بِحَيْثُ يَفْهَمُهَا كُل مَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا فَهِيَ صَرِيحَةٌ (1) . وَإِنْ كَانَ يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا ذَوُو الْفَطِنَةِ وَالذَّكَاءِ، فَهِيَ كِنَايَةٌ وَإِنِ انْضَمَّ إِلَيْهَا قَرَائِنُ.</p>وَتُعْرَفُ نِيَّةُ الأَْخْرَسِ فِيمَا إِذَا كَانَتْ إِشَارَتُهُ كِنَايَةً بِإِشَارَةٍ أُخْرَى أَوْ كِتَابَةٍ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَفْهَمْ إِشَارَتَهُ أَحَدٌ فَهِيَ لَغْوٌ (2) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا تَكُونُ إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ كِنَايَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُفْهِمَةً فَهِيَ صَرِيحَةٌ وَإِلَاّ فَلَغْوٌ (3) .</p>وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى قِسْمَةِ الإِْشَارَةِ مِنَ الأَْخْرَسِ إِلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ، وَتَفْصِيل مَا يَخُصُّ الإِْشَارَةَ فِي الطَّلَاقِ يَأْتِي فِي بَابِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ الأَْخْرَسِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> لِلْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ اتِّجَاهَانِ:</p>الأَْوَّل: يَجِبُ تَحْرِيكُ الأَْخْرَسِ لِسَانَهُ فِي تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، لأَِنَّ الصَّحِيحَ يَلْزَمُهُ النُّطْقُ بِتَحْرِيكِ لِسَانِهِ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ الآْخَرُ. وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ.</p>وَالثَّانِي: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.</p>وَخَرَجَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى قَوْلِهِمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 425، وشرح الزرقاني 4 / 104.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إعانة الطالبين 4 / 16.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح الزرقاني 4 / 104.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>بِوُجُوبِ التَّحْرِيكِ، تَحْرِيمُ تَحْرِيكِ الأَْخْرَسِ لِسَانَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ جُنُبٌ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّهَادَةُ بِالإِْشَارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الأَْخْرَسِ بِحَالٍ، وَإِنْ فَهِمَ إِشَارَتَهُ كُل أَحَدٍ. لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشَّهَادَةِ الْيَقِينُ، وَالإِْشَارَةُ لَا تَخْلُو عَنِ احْتِمَالٍ (2) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا تُقْبَل إِذَا كَانَتْ مُفْهِمَةً (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُعْتَقَل اللِّسَانِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ صَوَّبَهُ صَاحِبُ الإِْنْصَافِ أَنَّ مُعْتَقَل اللِّسَانِ - وَهُوَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ النَّاطِقِ وَالأَْخْرَسِ - إِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنِ النُّطْقِ فَهُوَ كَالأَْخْرَسِ، وَتَقُومُ إِشَارَتُهُ الْمُفْهِمَةُ مَقَامَ الْعِبَارَةِ، فَإِنْ أَوْصَى بِالإِْشَارَةِ، أَوْ قُرِئَتْ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ، وَأَشَارَ أَنْ " نَعَمْ " صَحَّتِ الْوَصِيَّةُ.</p>وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُعْتَقَل اللِّسَانِ لَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ النَّاطِقِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> مَنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلنُّطْقِ فَفِي إِقَامَةِ إِشَارَتِهِ مَقَامَ النُّطْقِ اتَّجَهَانِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تكملة ابن عابدين 2 / 82، والمغني لابن قدامة 1 / 463 ط الرياض، والقوانين الفقهية ص 44، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 248 ط التجارية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تحفة المحتاج 8 / 421، والبحر الرائق 7 / 77، ونهاية المحتاج 8 / 277.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الكافي في فقه أهل المدينة ص 899، والدسوقي 4 / 168.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأشباه والنظائر ص 248 - 249، والإنصاف 7 / 188، وحاشية ابن عابدين 4 / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>الأَْوَّل: أَنَّهَا لَغْوٌ فِي الْجُمْلَةِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، إِلَاّ فِي مَسَائِل مَعْدُودَةٍ نَصَّ عَلَيْهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَقَامُوا فِيهَا الإِْشَارَةَ مَقَامَ النُّطْقِ. وَإِنَّمَا قَالُوا بِإِلْغَائِهَا، لأَِنَّهَا مَهْمَا قَوِيَتْ دَلَالَتُهَا فَإِنَّهَا لَا تُفِيدُ الْيَقِينَ الَّذِي تُفِيدُهُ الْعِبَارَةُ، وَمِنَ الْمَسَائِل الَّتِي اسْتَثْنَوْهَا:</p>أ - إِشَارَةُ الْمُفْتِي بِالْجَوَابِ.</p>ب - أَمَانُ الْكُفَّارِ، يَنْعَقِدُ بِالإِْشَارَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، فَلَوْ أَشَارَ الْمُسْلِمُ إِلَى الْكَافِرِ بِالأَْمَانِ، فَانْحَازَ إِلَى صَفِّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَحِل قَتْلُهُ.</p>ج - إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ فَرَدَّ بِالإِْشَارَةِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ.</p>د - الإِْشَارَةُ بِالْعَدَدِ فِي الطَّلَاقِ.</p>هـ - لَوْ أَشَارَ الْمُحْرِمُ إِلَى الصَّيْدِ فَصِيدَ، حَرُمَ عَلَيْهِ الأَْكْل مِنْهُ. وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ الإِْشَارَةُ بِالإِْقْرَارِ بِالنَّسَبِ لِتَشَوُّفِ الشَّرْعِ إِلَى إِثْبَاتِهِ، وَبِالإِْسْلَامِ وَالْكُفْرِ.</p>الثَّانِي: أَنَّ إِشَارَةَ النَّاطِقِ مُعْتَبَرَةٌ كَنُطْقِهِ، مَا دَامَتْ مَفْهُومَةً بَيْنَ النَّاسِ وَمُتَعَارَفًا بَيْنَهُمْ عَلَى مَدْلُولِهَا. وَقَالُوا: إِنَّ التَّعَاقُدَ بِالإِْشَارَةِ أَوْلَى مِنَ التَّعَاقُدِ بِالأَْفْعَال (التَّعَاطِي)، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا كَلَامٌ. قَال اللَّهُ تَعَالَى:{قَال آيَتُكَ أَلَاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَاّ رَمْزًا} (1) وَهَذَا مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَاّ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ خَاصَّةً، دُونَ تَعْيِينِ الْمَنْكُوحَةِ أَوِ النَّاكِحِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة آل عمران / 41.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر للسيوطي ص 248، ومواهب الجليل 4 / 229، والبدائع 4 / 16، وابن عابدين 4 / 452، والمغني 3 / 562، والروضة 8 / 39، وإعانة الطالبين 4 / 16، وكشاف القناع 6 / 453 ط الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعَارُضُ عِبَارَةِ النَّصِّ مَعَ إِشَارَتِهِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> سَبَقَ بَيَانُ الْمُرَادِ بِعِبَارَةِ النَّصِّ وَبِإِشَارَتِهِ (ر: ف 1) ، فَإِذَا تَعَارَضَتْ عِبَارَةُ نَصٍّ وَإِشَارَةِ آخَرَ يُرَجَّحُ مَفْهُومُ الْعِبَارَةِ فِي الْجُمْلَةِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌رَدُّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ، فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ فِي الرَّدِّ بِالْقَوْل كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَتَادَةَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُلِّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ رَدَّهُ حَتَّى يَسْمَعَ (1) . وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ الاِنْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ (2) . وَاتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ الأَْرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ بِالْقَوْل. فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا (3) . عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ التَّفْصِيل.</p>فَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الرَّدَّ بِالإِْشَارَةِ وَاجِبٌ (4) .</p>وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الرَّدُّ بِالإِْشَارَةِ (5) . وَذَهَبَ الأَْحْنَافُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ رَدُّهُ بِالإِْشَارَةِ بِالْيَدِ، وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ، جَاءَ فِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: رَدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ لَا يُفْسِدُهَا، خِلَافًا لِمَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأثر عن أبي هريرة أورده صاحب عون المعبود 1 / 347 ط الهند، ولم ينسبه إلى كتاب من كتب الحديث.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية عون المعبود 1 / 347، وسبل السلام 1 / 141، والمغني لابن قدامة 1 / 815.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح منح الجليل 1 / 183، والمغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 1 / 815، وحاشية ابن عابدين 1 / 415، ونهاية المحتاج 2 / 44.</p><font color=#ff0000>(4)</font> منح الجليل 1 / 183.</p><font color=#ff0000>(5)</font> إعانة الطالبين 4 / 190، ونهاية المحتاج 2 / 44.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>عَزَا إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُفْسِدٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ نَقْلُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْل الْمَذْهَبِ (1) . وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُرَدُّ بِالإِْشَارَةِ (2) . وَقَدِ اسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ بَعْدَ الاِنْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَال: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا وَقَال: إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلاً. (3)</p>وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِالرَّدِّ بِالإِْشَارَةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَال: إِنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَال: إِنَّكَ سَلَّمْتَ عَلَيَّ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَاّ أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي. (4)</p>وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ أَنَّهُ قَال: مَرَرْتُ بِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ إِلَيَّ إِشَارَةً (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 414، 415.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير 1 / 715، 4 / 716.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه البخاري ومسلم، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. (فتح الباري 3 / 72 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 382 ط عيسى الحلبي 1374 هـ، وجامع الأصول في أحاديث الرسول 5 / 485، 486 نشر مكتبة الحلواني 1390 هـ) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة. . . . " أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا (صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 383، 384 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ". أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي من حديث صهيب رضي الله عنه، وقال الترمذي: حديث صهيب حسن. (تحفة الأحوذي 2 / 363 نشر المكتبة السلفية، وسنن أبي داود 1 / 568 ط استانبول، وسنن النسائي 3 / 5 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وجامع الأصول 5 / 497 نشر مكتبة الحلواني) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الإِْشَارَةُ فِي التَّشَهُّدِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَلِّي فِي التَّشَهُّدِ الإِْشَارَةُ بِسَبَّابَتِهِ، وَتُسَمَّى فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ " الْمُسَبِّحَةَ " وَهِيَ الَّتِي تَلِي الإِْبْهَامَ، وَيَرْفَعُهَا عِنْدَ التَّوْحِيدِ وَلَا يُحَرِّكُهَا (1) ، لِحَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِذَا دَعَا، وَلَا يُحَرِّكُهَا (2) وَقِيل يُحَرِّكُهَا، لِحَدِيثِ وَائِل بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: رَفَعَ أُصْبُعَهُ فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا (3) وَتَفْصِيل كَيْفِيَّةِ الإِْشَارَةِ مِنْ حَيْثُ عَقْدُ الأَْصَابِعِ أَوْ بَسْطُهَا، وَالتَّحْرِيكُ وَعَدَمُهُ يَأْتِي فِي (الصَّلَاةِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ الْمُحْرِمِ إِلَى الصَّيْدِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> إِذَا أَشَارَ الْمُحْرِمُ إِلَى صَيْدٍ، أَوْ دَل حَلَالاً عَلَيْهِ فَصَادَهُ حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ (4) . وَهَذَا الْقَدْرُ لَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الروضة 1 / 262، والمغني لابن قدامة 1 / 383.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أنه صلى الله عليه وسلم كان يشير بأصبعه إذا دعا. . . " أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وقال النووي: إسناده صحيح (سنن النسائي 3 / 32 ط مصطفى الحلبي 1383 هـ، وعون المعبود 1 / 374 - 375 ط الهند، وجامع الأصول 5 / 404 نشر مكتبة الحلواني، والمجموع للنووي 3 / 454 ط المنيرية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم رفع أصبعه " أخرجه النسائي وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي من حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، قال الحافظ البوصيري تعليقا على إسناد ابن ماجه: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال محقق صحيح ابن خزيمة: إسناده صحيح. (سنن النسائي 3 / 37 ط المطبعة المصرية بالأزهر، وسنن ابن ماجه 1 / 295 ط عيسى الحلبي 1372 هـ، وصحيح ابن خزيمة 1 / 354 نشر المكتب الإسلامي، وسنن البيهقي 2 / 132 ط الهند) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح القدير 1 / 256، وروضة الطالبين 3 / 149، ومغني المحتاج 1 / 524.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ فِي قِصَّةِ اصْطِيَادِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، قَال: فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا قَال: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا (1) . وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ إِعَانَةٌ عَلَى قَتْلِهِ بِشَيْءٍ حَل لَهُ الأَْكْل مِنْهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (2) .</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُشِيرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ، لأَِنَّ الإِْشَارَةَ إِلَى الصَّيْدِ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ بِدَلِيل تَحْرِيمِ الأَْكْل مِنْهُ، فَتَكُونُ جِنَايَةً عَلَى الصَّيْدِ بِتَفْوِيتِ الأَْمْنِ عَلَى وَجْهٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَتْلُهُ، فَصَارَتْ كَالْقَتْل (3) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لَا جَزَاءَ عَلَى الْمُشِيرِ، لأَِنَّ النَّصَّ عَلَّقَ الْجَزَاءَ بِالْقَتْل. وَلَيْسَتِ الإِْشَارَةُ قَتْلاً (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْشَارَةُ إِلَى الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِالْيَدِ أَوْ غَيْرِهَا عِنْدَ الطَّوَافِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: مَا تَرَكْتُ اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ مُنْذُ رَأَيْتُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: أبي قتادة في قصة اصطياده. أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي قتادة واللفظ للبخاري (فتح الباري 4 / 28، 29 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 853، 854 ط عيسى الحلبي 1374 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> سبل السلام 2 / 193.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 2 / 257، والمغني لابن قدامة 3 / 418.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 1 / 524، وروضة الطالبين 3 / 149، والقوانين الفقهية 92 ط دار القلم - بيروت، والحطاب 3 / 176.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُمَا (1) . كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الإِْشَارَةِ إِلَى الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الاِسْتِلَامِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْبَيْتِ عَلَى بَعِيرٍ، كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ أَشَارَ إِلَيْهِ (2) .</p>وَاخْتَلَفُوا فِي الإِْشَارَةِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ عِنْدَ تَعَذُّرِ الاِسْتِلَامِ. فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشِيرُ إِلَيْهِ إِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِلَامِهِ، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ قِيَاسًا عَلَى الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّسْلِيمُ بِالإِْشَارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> لَا تَحْصُل سُنَّةُ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ بِالإِْشَارَةِ بِالْيَدِ أَوِ الرَّأْسِ لِلنَّاطِقِ، وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ الرَّدِّ عَنْهُ بِهَا. لأَِنَّ السَّلَامَ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي جَعَل لَهَا الشَّارِعُ صِيَغًا مَخْصُوصَةً، لَا يَقُومُ مَقَامَهَا غَيْرُهَا، إِلَاّ عِنْدَ تَعَذُّرِ صِيغَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ. وَتَكَادُ تَتَّفِقُ عِبَارَاتُ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْقَوْل: بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الإِْسْمَاعِ، وَلَا يَكُونُ الإِْسْمَاعُ إِلَاّ بِقَوْلٍ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" ما تركت استلام هذين الركنين. . . " أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (فتح الباري 3 / 471 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير. . . " أخرجه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (فتح الباري 3 / 476 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 1 / 488، والبحر الرائق 2 / 355، وابن عابدين 2 / 166، والدسوقي 2 / 41، والخرشي 2 / 325 - 326، وكشاف القناع 2 / 478 - 479، والمغني 3 / 393 - 396 ط أولى.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 8 / 48، وكفاية الطالب 2 / 378، وحاشية ابن عابدين 5 / 265.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: لَا تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ، فَإِنَّ تَسْلِيمَهُمْ بِالأَْكُفِّ وَالرُّءُوسِ وَالإِْشَارَةِ (1) . وَرَوَى عَلْقَمَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَال:" كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّسْلِيمَ بِالْيَدِ (2) ". يَعْنِي الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ.</p>أَمَّا الأَْصَمُّ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ، وَغَيْرُ الْمَقْدُورِ عَلَى إِسْمَاعِهِ كَالْبَعِيدِ، فَالإِْشَارَةُ مَشْرُوعَةٌ فِي حَقِّهِ، وَقَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إِذَا سَلَّمَ عَلَى أَصَمَّ لَا يَسْمَعُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالسَّلَامِ، لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَيُشِيرُ بِالْيَدِ (3) . وَيَسْقُطُ فَرْضُ الرَّدِّ مِنَ الأَْخْرَسِ بِالإِْشَارَةِ، لأَِنَّهُ مَقْدُورُهُ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ بِالإِْشَارَةِ وَالتَّلَفُّظِ مَعًا (4) . وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ:(سَلَام) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِْشَارَةُ فِي أَصْل الْيَمِينِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُ النَّاطِقِ بِالإِْشَارَةِ، لأَِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إِلَاّ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ. أَمَّا الأَْخْرَسُ فَذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ (5) . وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ إِشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ حَلَفَ، وَتَصِحُّ يَمِينُهُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُفْهِمَةٍ، وَوَجَبَتْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا تسلموا تسليم اليهود. . . " أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا، وقال عنه صاحب فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد: سنده جيد (تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف 2 / 290 نشر الدار القيمة بالهند 1386 هـ، وفضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد 2 / 463 ط السلفية 1378 هـ) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأثر عن عطاء بن أبي رباح أخرجه البخاري في الأدب المفرد (فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد 2 / 464 ط السلفية 1378 هـ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأذكار للنووي ص 220 - 221، ونهاية المحتاج 8 / 48.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المنثور في القواعد 1 / 165.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>عَلَيْهِ يَمِينُهُ، وَقَفَ حَتَّى تُفْهَمَ إِشَارَتُهُ (1) . وَنَسَبَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا لِلإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ. وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (أَيْمَانٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ الْقَاضِي إِلَى أَحَدِ الْخُصُومِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْمَل أَعْمَالاً تُسَبِّبُ التُّهْمَةَ وَسُوءَ الظَّنِّ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهُ يُفَضِّلُهُ عَلَى خَصْمِهِ، كَالإِْشَارَةِ لأَِحَدِ الْخَصْمَيْنِ بِالْيَدِ، أَوْ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالرَّأْسِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُسَبِّبُ انْكِسَارًا لِقَلْبِ الْخَصْمِ الآْخَرِ، وَقَدْ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ الدَّعْوَى وَالْيَأْسِ مِنَ الْعَدَالَةِ، مِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ضَيَاعُ حَقِّهِ.</p>وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (2) .</p>وَقَدْ رَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ قُضَاةِ الْبَصْرَةِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَعْدِل بَيْنَهُمْ فِي لَحْظِهِ وَإِشَارَتِهِ وَمَقْعَدِهِ، وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ مَا لَا يَرْفَعُ عَلَى الآْخَرِ وَفِي رِوَايَةٍ: فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي النَّظَرِ وَالإِْشَارَةِ وَالْمَجْلِسِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 9 / 190 ط بولاق، والمنثور في القواعد 1 / 115، وكشاف القناع 6 / 417.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني لابن قدامة 10 / 71، والبحر الرائق 6 / 306 - 307، ودرر الحكام شرح جملة الأحكام تأليف علي حيدر 4 / 538 مادة 1798.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من ابتلي بالقضاء. . . . " أخرجه أبو يعلى والدارقطني والطبراني من حديث أم سلمة رضي الله عنها، قال الهيثمي والشوكاني: وفي إسناده عبادة بن كثير الثقفي وهو ضعيف (نيل الأوطار 8 / 275 ط المطبعة العثمانية، ومجمع الزوائد 4 / 197 نشر مكتبة القدسي، وسنن الدارقطني 4 / 205 نشر السيد عبد الله هاشم يماني بالمدينة المنورة 1386 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ الْمُحْتَضَرِ إِلَى الْجَانِي عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَوْل الْمُحْتَضَرِ: قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا، لأَِنَّهُ لَا يُقْبَل دَعْوَاهُ عَلَى الْغَيْرِ بِالْمَال، فَلَا يُقْبَل ادِّعَاؤُهُ عَلَيْهِ بِالدَّمِ، وَلأَِنَّهُ مُدَّعٍ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ (1) . لِحَدِيثِ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ (2) فَإِذَا لَمْ تُعْتَبَرْ أَقْوَالُهُ فَلَا تُقْبَل إِشَارَتُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى. وَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَال الْمُحْتَضَرُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَاقِل: قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا، ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا، فَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ بَعْدَ حَلِفِ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ يَمِينَ الْقَسَامَةِ.</p>أَمَّا إِذَا قَال: قَتَلَنِي خَطَأً، فَفِي ذَلِكَ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ:</p>إِحْدَاهُمَا: لَا يُقْبَل قَوْلُهُ، لأَِنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إِغْنَاءَ وَرَثَتِهِ.</p>وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَل، وَتَكُونُ مَعَهُ الْقَسَامَةُ، وَلَا يُتَّهَمُ، لأَِنَّهُ فِي حَالٍ يُصَدَّقُ فِيهِ الْكَاذِبُ، وَيَتُوبُ فِيهِ الْفَاجِرُ، فَمَنْ تَحَقَّقَ مَصِيرُهُ إِلَى الآْخِرَةِ وَأَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ فَلَا يُتَّهَمُ فِي إِرَاقَةِ دَمِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا، وَغَلَبَةُ الظَّنِّ فِي هَذَا يَنْزِل مَنْزِلَةَ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِي صِدْقِ الشَّاهِدِ، وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَال النَّاسِ عِنْدَ الْمَوْتِ التَّوْبَةُ وَالاِسْتِغْفَارُ وَالنَّدَمُ عَلَى التَّفْرِيطِ. وَتَزَوُّدُهُ مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع للنووي 19 / 380، والمغني لابن قدامة 8 / 501، والجمل على شرح المنهج 5 / 106، وروضة الطالبين 10 / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لو يعطى الناس. . . " أخرجه البخاري ضمن قصة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ومسلم - واللفظ له - مرفوعا، ولم يذكر القصة (فتح الباري 8 / 213 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 3 / 1336 ط عيسى الحلبي 1375 هـ) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>دُنْيَاهُ قَتْل نَفْسٍ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَغَيْرُ الْمُعْتَادِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَارَةُ الْمُحْتَضَرِ إِلَى تَصَرُّفَاتٍ مَالِيَّةٍ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> إِذَا كَانَ الْمُحْتَضَرُ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ فَلَا تُقْبَل إِشَارَتُهُ، أَمَّا إِذَا كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى النُّطْقِ فَإِشَارَتُهُ تَقُومُ مَقَامَ عِبَارَتِهِ. وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَقَل اللِّسَانِ لَمْ تُعْتَبَرُ إِشَارَتُهُ إِلَاّ فِي أَرْبَعٍ: الْكُفْرِ، وَالإِْسْلَامِ، وَالنَّسَبِ، وَالإِْفْتَاءِ (2) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الإِْشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ كَالنُّطْقِ مُطْلَقًا (3) . وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ إِشَارَةَ الْمُحْتَضَرِ إِلَى تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ كَعِبَارَتِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَادِرًا عَلَى النُّطْقِ أَمْ لَا.</p> </p>‌<span class="title">‌إِشَاعَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الإِْشَاعَةُ مَصْدَرُ أَشَاعَ، وَأَشَاعَ ذَكَرَ الشَّيْءَ: أَطَارَهُ وَأَظْهَرَهُ، وَشَاعَ الْخَبَرُ فِي النَّاسِ شُيُوعًا أَيِ انْتَشَرَ وَذَاعَ وَظَهَرَ (4) .</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 8 / 50، وحاشية الدسوقي 4 / 288.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 9، والأشباه والنظائر ص 248، ومغني المحتاج 3 / 53، وتحفة المحتاج 6 / 93.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مواهب الجليل 4 / 229</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب والمصباح المنير مادة: (شيع) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>وَقَدْ تُطْلَقُ الإِْشَاعَةُ عَلَى الأَْخْبَارِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ مَنْ أَذَاعَهَا (1) .</p>وَكَثِيرًا مَا يُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى غَيْرِ الإِْشَاعَةِ كَالاِشْتِهَارِ، وَالإِْفْشَاءِ، وَالاِسْتِفَاضَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> قَدْ تَكُونُ الإِْشَاعَةُ حَرَامًا، إِذَا كَانَتْ إِظْهَارًا لِمَا يَمَسُّ أَعْرَاضَ النَّاسِ كَإِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ} (3) .</p>هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الأُْخْرَوِيُّ، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الإِْشَاعَةِ الْكَاذِبَةِ فَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ إِنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ، وَإِلَاّ فَالتَّعْزِيرُ. ر:(قَذْف، تَعْزِير) .</p>أَمَّا الْمُشَاعُ عَنْهُ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الإِْشَاعَةِ، قَال الْقَلْيُوبِيُّ: لَا يُكْتَفَى بِالإِْشَاعَةِ - أَيْ شُيُوعِ الزِّنَى - فِي جَوَازِ الْقَذْفِ، لأَِنَّ السَّتْرَ مَطْلُوبٌ (4) . وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَجْلِسُ الشَّيْطَانُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ، فَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فَيَتَحَدَّثُونَ بِهَا، وَيَقُولُونَ: لَا نَدْرِي مَنْ قَالَهَا (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 97، 415، 5 / 420 ط بولاق ثالثة، والجواهر 1 / 275 ط دار المعرفة، والنظم المستعذب بهامش المهذب 2 / 310 ط دار المعرفة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجواهر 2 / 241، 242، وابن عابدين 1 / 97، وقليوبي 4 / 32 ط الحلبي، والقرطبي 12 / 206 ط دار الكتب، وهامش المهذب 2 / 326.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة النور / 19.</p><font color=#ff0000>(4)</font> القرطبي 12 / 206، وقليوبي 4 / 32.</p><font color=#ff0000>(5)</font> ورد في آخر الزمان " يجلس الشيطان. . . . " أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (1 / 12 - ط الحلبي) عن عبد الله بن مسعود موقوفا عليه أنه قال: " إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون، فيقول الرجل منهم: سمعت رجلا أعرف وجهه</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>فَمِثْل هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْمَعَ فَضْلاً عَنْ أَنْ يَثْبُتَ بِهِ حُكْمٌ.</p>عَلَى أَنَّ مِنْ وَاجِبِ أُولِي الأَْمْرِ قَطْعَ دَابِرِ الْفَسَادِ بِالطُّرُقِ الْمُنَاسِبَةِ.</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَقَدْ تَكُونُ الإِْشَاعَةُ طَرِيقًا لِثُبُوتِ بَعْضِ الأَْحْكَامِ، وَمِنْ ذَلِكَ: أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ، فَإِنَّهَا يُكْتَفَى لِطَلَبِهَا بِالإِْشَاعَةِ، فَالإِْشَاعَةُ هُنَا تُعْتَبَرُ لَوْثًا (1) .</p>وَمِنْ ذَلِكَ: سُقُوطُ الْحَدِّ عَنِ الزَّوْجَيْنِ إِنْ دَخَلَا بِلَا شُهُودٍ وَثَبَتَ الْوَطْءُ. إِنْ فَشَا النِّكَاحُ، أَيْ شَاعَ وَاشْتُهِرَ (2) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَإِذَا كَانَ إِظْهَارُ الشَّيْءِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ، فَإِنَّ إِشَاعَتَهُ تَكُونُ مَطْلُوبَةً، وَذَلِكَ كَإِشَاعَةِ الرَّضَاعَةِ مِمَّنْ تُرْضِعُ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ:</p> </p>الْوَاجِبُ عَلَى النِّسَاءِ أَلَاّ يَرْضِعْنَ كُل صَبِيٍّ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِذَا أَرْضَعْنَ فَلِيَحْفَظْنَ ذَلِكَ، وَلْيَشْهَرْنَهُ وَيَكْتُبْنَهُ احْتِيَاطًا (3) .‌<span class="title">‌ مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> تُنْظَرُ مَوَاطِنُ الإِْشَاعَةِ فِي أَبْوَابِ الرَّضَاعِ، وَالنِّكَاحِ، وَالشَّهَادَةِ وَالْقَسَامَةِ، وَالصِّيَامِ (فِي رُؤْيَةِ الْهِلَال) وَالْقَذْفِ، وَأَصْل الْوَقْفِ، وَثُبُوتِ النَّسَبِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قليوبي 4 / 32، 165.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الجواهر 1 / 275.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 415.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَشْبَاه</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ اللُّغَوِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الأَْشْبَاهُ جَمْعٌ مُفْرَدُهُ شَبَهٌ، وَالشَّبَهُ وَالشِّبْهُ: الْمِثْل، وَالْجَمْعُ أَشْبَاهٌ، وَأَشْبَهَ الشَّيْءَ مَاثَلَهُ، وَبَيْنَهُمْ أَشْبَاهٌ أَيْ أَشْيَاءُ يَتَشَابَهُونَ بِهَا (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ الاِصْطِلَاحِيُّ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلَفْظِ الأَْشْبَاهِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي تَعْرِيفِ الشَّبَهِ، حَتَّى قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ: لَا يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ، وَقَال غَيْرُهُ: يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ.</p>فَقِيل: هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الأَْصْل وَالْفَرْعِ بِوَصْفٍ يُوهِمُ اشْتِمَالَهُ عَلَى الْحِكْمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِحُكْمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، كَقَوْل الشَّافِعِيِّ فِي النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ: طَهَارَتَانِ فَأَنَّى تَفْتَرِقَانِ.</p>وَقَال الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ: هُوَ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ بِذَاتِهِ، لَكِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لِمَا يُنَاسِبُهُ بِذَاتِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب مادة (شبه) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>وَحَكَى الأَْبْيَارِيُّ فِي " شَرْحِ الْبُرْهَانِ " عَنِ الْقَاضِي أَنَّهُ: مَا يُوهِمُ الاِشْتِمَال عَلَى وَصْفٍ مُخَيَّلٍ.</p>وَقِيل: الشَّبَهُ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ مُنَاسِبًا لِلْحُكْمِ وَلَكِنْ عُرِفَ اعْتِبَارُ جِنْسِهِ الْقَرِيبِ فِي الْجِنْسِ الْقَرِيبِ (1) .</p>وَأَوْضَحُ تَعْرِيفٍ لَهُ هُوَ مَا قَالَهُ شَارِحُ مُسْلِمٍ الثُّبُوتُ: الشَّبَهُ هُوَ مَا لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ لِتُرَاثِهِ، بَل يُوهِمُ الْمُنَاسَبَةَ، وَذَلِكَ التَّوَهُّمُ إِنَّمَا هُوَ بِالْتِفَاتِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، فَيُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمُنَاسَبَةُ، كَقَوْلِكَ: إِزَالَةُ الْخَبَثِ طَهَارَةٌ تُرَادُ لِلصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ فِيهَا الْمَاءُ، وَلَا يَجُوزُ مَائِعٌ آخَرُ، كَإِزَالَةِ الْحَدَثِ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْمَاءُ (2) .</p>وَفِي الْمُسْتَصْفَى: قِيَاسُ الشَّبَهِ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالأَْصْل بِوَصْفٍ، مَعَ الاِعْتِرَافِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ لَيْسَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ، وَذَلِكَ كَقَوْل أَبِي حَنِيفَةَ مَسْحُ الرَّأْسِ لَا يَتَكَرَّرُ تَشْبِيهًا لَهُ بِمَسْحِ الْخُفِّ وَالتَّيَمُّمِ، وَالْجَامِعُ أَنَّهُ مَسْحٌ، فَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّكْرَارُ قِيَاسًا عَلَى التَّيَمُّمِ وَمَسْحِ الْخُفِّ (&# x663 ;) .</p>وَفِي الرِّسَالَةِ يَقُول الشَّافِعِيُّ فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ: يَكُونُ الشَّيْءُ لَهُ فِي الأُْصُول أَشْبَاهٌ، فَذَلِكَ يَلْحَقُ بِأَوْلَاهَا بِهِ وَأَكْثَرِهَا شَبَهًا فِيهِ، فَقَدْ يَخْتَلِفُ الْقَايِسُونَ فِي هَذَا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إرشاد الفحول للشوكاني ص 219 ط مصطفى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت بهامش المستصفى 2 / 301 ط بولاق (الأميرية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المستصفى 2 / 311، 312 ط السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الرسالة ص 479 ط مصطفى الحلبي تحقيق الشيخ أحمد شاكر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صِفَتُهُ (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> إِذَا نِيطَ الْحُكْمُ بِأَصْلٍ فَتَعَذَّرَ انْتَقَل إِلَى أَقْرَبِ شَبَهٍ لَهُ (1) . وَلِذَلِكَ اعْتَبَرَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الشَّبَهَ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْحُكْمِ فِي أَبْوَابٍ مُعَيَّنَةٍ، مِنْ ذَلِكَ جَزَاءُ صَيْدِ الْمُحْرِمِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْل مَا قَتَل مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (2) أَيْ يَحْكُمَانِ فِيهِ بِأَشْبَهِ الأَْشْيَاءِ (3)، وَمِنْ ذَلِكَ فِي النَّسَبِ مَا رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: دَخَل عَلَيَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَسْرُورٌ تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَال: أَيْ عَائِشَةُ.، أَلَمْ تَرَيْ إِلَى مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ دَخَل فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الأَْقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ (4) .</p>وَذَلِكَ يَدُل عَلَى أَنَّ إِلْحَاقَ الْقَافَةِ يُفِيدُ النَّسَبَ لِسُرُورِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهِ، وَهُوَ لَا يُسَرُّ بِبَاطِلٍ. وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ.</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَضَاءِ بِالشَّبَهِ قَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ وَالْمَعْرِفَةِ فِي الأَْمْرِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ التَّخَاصُمُ، كَاعْتِبَارِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ فِي الْقِيَافَةِ (5) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور في القواعد للزركشي 2 / 223.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 95.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 3 / 511 ط الرياض، ومنحة الجليل 1 / 538.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " أي عائشة ألم تري. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها (فتح الباري 12 / 56 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 1082 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> الطرق الحكمية ص 195، 196، 198، والتبصرة 2 / 108.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div><font color=#ff0000>6 -</font> لَكِنَّ الاِعْتِمَادَ عَلَى الشَّبَهِ بِقَوْل أَهْل الْخِبْرَةِ يَكُونُ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ أَوْ حُكْمٌ، وَلِذَلِكَ يُعْتَبَرُ اللِّعَانُ مَانِعًا مِنْ إِعْمَال الشَّبَهِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي قِصَّةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَل الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَْلْيَتَيْنِ، مُدْلِجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ (1) .</p>وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلنَّصِّ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ فَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ:{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَدْ قَضَى الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ، كَقَوْل عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ:" فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ (2) . وَمَا لَمْ يَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْل عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْل الْخِبْرَةِ (3) .</p><font color=#ff0000>7 -</font> وَيُلَاحَظُ أَنَّ الإِْمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ يُخَالِفُونَ الْجُمْهُورَ فِي الاِعْتِمَادِ عَلَى الشَّبَهِ فِي النَّسَبِ. كَمَا أَنَّ الشَّبَهَ فِي حَزَّاءِ الصَّيْدِ هُوَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ حَيْثُ الْخِلْقَةِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْمِثْل هُوَ الْقِيمَةُ (4) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مَوَاضِعِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 449 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> " في النعامة بدنة " من قول عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية. أخرجه الشافعي في الأم (2 / 190 ط دار المعرفة وعنه البيهقي 5 / 182 ط دائرة المعارف العثمانية) وقال الشافعي: هذا لا يثبت عند أهل العلم بالحديث. ونقله عنه البيهقي وأقره، ونقل عنهما ابن حجر في التلخيص (3 / 284 ط دار المحاسن) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الطرق الحكمية ص 200، 201.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 3 / 511، والاختيار 1 / 166، ومنح الجليل 1 / 539، والمهذب 1 / 223.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div><font color=#ff0000>8 -</font> كَذَلِكَ يُعْتَمَدُ عَلَى الشَّبَهِ فِي الاِخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.</p>جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ: إِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، فَإِنِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَمَنًا يُشْبِهُ ثَمَنَ السِّلْعَةِ، وَادَّعَى الآْخَرُ مَالاً يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لَهَا، فَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ فَائِتَةً (أَيْ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَلَاكٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِمَا) فَالْقَوْل قَوْل مُدَّعِي الأَْشْبَهِ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا (أَيْ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ) ، لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ التَّغَابُنِ، وَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ وَمَا يُقَارِبُهَا. وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى الأَْشْبَهُ، لأَِنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى رَدِّ السِّلْعَةِ (1) . وَفِي الْمَنْثُورِ فِي الْقَوَاعِدِ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي بَابِ الرِّبَا: إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا يُكَال وَلَا يُوزَنُ فَيُعْتَبَرُ بِأَقْرَبِ الأَْشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ عَلَى أَحَدِ الأَْوْجُهِ (2) .</p>وَالصُّلْحُ مَعَ الإِْقْرَارِ يُحْمَل عَلَى الْبَيْعِ أَوِ الإِْجَارَةِ أَوِ الْهِبَةِ. وَالأَْصْل فِيهِ أَنَّ الصُّلْحَ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَقْرَبِ الْعُقُودِ إِلَيْهِ وَأَشْبَهِهَا بِهِ، لِتَصْحِيحِ تَصَرُّفِ الْعَاقِدِ مَا أَمْكَنَ (3) . ر:(صُلْحٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ هَل الشَّبَهُ حُجَّةٌ أَمْ لَا؟ فَقِيل: إِنَّهُ حُجَّةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الأَْكْثَرُونَ، وَقِيل: إِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَبِهِ قَال أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ. وَقِيل غَيْرُ ذَلِكَ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التبصرة بهامش فتح العلي المالك 2 / 50.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور في القواعد 2 / 224.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية 3 / 194.</p><font color=#ff0000>(4)</font> إرشاد الفحول ص 219، 220 ط مصطفى الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ (الْقِيَاسُ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمُرَادُ بِفَنِّ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> الْمُرَادُ بِفَنِّ الأَْشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ - كَمَا ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى أَشْبَاهِ ابْنِ نُجَيْمٍ -: الْمَسَائِل الَّتِي يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا مَعَ اخْتِلَافِهَا فِي الْحُكْمِ لأُِمُورٍ خَفِيَّةٍ أَدْرَكَهَا الْفُقَهَاءُ بِدِقَّةِ أَنْظَارِهِمْ (1) .</p>وَفَائِدَتُهُ كَمَا ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ (2) أَنَّهُ فَنٌّ بِهِ يُطَّلَعُ عَلَى حَقَائِقِ الْفِقْهِ وَمَدَارِكِهِ وَمَأْخَذِهِ وَأَسْرَارِهِ، وَيُتَمَهَّرُ فِي فَهْمِهِ وَاسْتِحْضَارِهِ، وَيُقْتَدَرُ عَلَى الإِْلْحَاقِ وَالتَّخْرِيجِ، وَمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْمَسَائِل الَّتِي لَيْسَتْ بِمَسْطُورَةٍ، وَالْحَوَادِثِ وَالْوَقَائِعِ الَّتِي لَا تَنْقَضِي عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ.</p>وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ: اعْرِفِ الأَْمْثَال وَالأَْشْبَاهَ، ثُمَّ قِسِ الأُْمُورَ عِنْدَكَ، فَاعْمَدْ إِلَى أَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم والحموي عليه 1 / 18 ط دار الطباعة العامرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر للسيوطي ص 6، 7 ط مصطفى الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> والأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " اعرف الأمثال والأشباه. . . " أخرجه الدارقطني (4 / 206، 207 ط دار المحاسن بالقاهرة) . وقواه ابن حجر في التلخيص (4 / 196 ط دار المحاسن بالقاهرة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اشْتِبَاه</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِشْتِبَاهُ مَصْدَرُ: اشْتَبَهَ، يُقَال اشْتَبَهَ الشَّيْئَانِ وَتَشَابَهَا: أَشْبَهَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا الآْخَرَ. وَالْمُشْتَبِهَاتُ مِنَ الأُْمُورِ: الْمُشْكِلَاتُ. وَالشُّبْهَةُ اسْمٌ مِنْ الاِشْتِبَاهِ وَهُوَ‌<span class="title">‌ الاِلْتِبَاسُ </span>(1) .</p>وَالاِشْتِبَاهُ فِي الاِسْتِعْمَال الْفِقْهِيِّ أَخَصُّ مِنْهُ فِي اللُّغَةِ، فَقَدْ عَرَّفَ الْجُرْجَانِيُّ الشُّبْهَةَ بِأَنَّهَا: مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ كَوْنُهُ حَرَامًا أَوْ حَلَالاً (2) . وَقَال السُّيُوطِيُّ: الشُّبْهَةُ مَا جُهِل تَحْلِيلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَتَحْرِيمُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ (3) . وَيَقُول الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: الشُّبْهَةُ مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ، وَلَا بُدَّ مِنَ الظَّنِّ لِتَحَقُّقِ الاِشْتِبَاهِ (4) .‌<span class="title">‌ الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p> </p>أ - الاِلْتِبَاسُ:</p><font color=#ff0000>2 -</font> الاِلْتِبَاسُ هُوَ: الإِْشْكَال، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الاِشْتِبَاهِ عَلَى مَا قَال الدُّسُوقِيُّ: أَنَّ الاِشْتِبَاهَ مَعَهُ دَلِيلٌ (يُرَجِّحُ أَحَدَ الاِحْتِمَالَيْنِ) وَالاِلْتِبَاسُ لَا دَلِيل مَعَهُ (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح. مادة: (شبه) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> التعريفات الجرجانية ص 110.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر للسيوطي ص 109.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية والفتح 4 / 148 ط أولى أميرية، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 50.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية الدسوقي 1 / 82.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الشُّبْهَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُقَال: اشْتَبَهَتِ الأُْمُورُ وَتَشَابَهَتِ: الْتَبَسَتْ فَلَمْ تَتَمَيَّزْ وَلَمْ تَظْهَرْ، وَمِنْهُ اشْتَبَهَتِ الْقِبْلَةُ وَنَحْوُهَا، وَالْجَمْعُ فِيهَا شُبَهٌ وَشُبُهَاتٌ (1) . وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهَا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُهُ حَرَامًا أَوْ حَلَالاً نَتِيجَةَ الاِشْتِبَاهِ.</p>وَلِلْفُقَهَاءِ فِي تَقْسِيمِهَا وَتَسْمِيَتِهَا اصْطِلَاحَاتٌ، فَجَعَلَهَا الْحَنَفِيَّةُ نَوْعَيْنِ:</p>الأَْوَّل: شُبْهَةٌ فِي الْفِعْل، وَتُسَمَّى شُبْهَةُ اشْتِبَاهٍ أَوْ شُبْهَةُ مُشَابَهَةٍ، أَيْ شُبْهَةٌ فِي حَقِّ مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ فَقَطْ، بِأَنْ يَظُنَّ غَيْرَ الدَّلِيل دَلِيلاً، كَمَا إِذَا ظَنَّ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ تَحِل لَهُ، فَمَعَ الظَّنِّ لَا يُحَدُّ، حَتَّى لَوْ قَال: عَلِمْتُ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيَّ حُدَّ.</p>النَّوْعُ الثَّانِي: شُبْهَةٌ فِي الْمَحَل، وَتُسَمَّى شُبْهَةٌ حُكْمِيَّةٌ أَوْ شُبْهَةُ مِلْكٍ، أَيْ شُبْهَةٌ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ بِحِل الْمَحَل. وَهِيَ تَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَدِّ، وَلَوْ قَال عَلِمْتُ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ. وَتَتَحَقَّقُ بِقِيَامِ الدَّلِيل النَّافِي لِلْحُرْمَةِ فِي ذَاتِهِ، لَكِنْ لَا يَكُونُ الدَّلِيل عَامِلاً لِقِيَامِ الْمَانِعِ كَوَطْءِ أَمَةِ الاِبْنِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (2) ، وَلَا يَتَوَقَّفُ هَذَا النَّوْعُ عَلَى ظَنِّ الْجَانِي وَاعْتِقَادِهِ، إِذِ الشُّبْهَةُ بِثُبُوتِ الدَّلِيل قَائِمَةٌ (3) . وَجَعَلَهَا الشَّافِعِيَّةُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> شُبْهَةٌ فِي الْمَحَل، كَوَطْءِ الزَّوْجَةِ الْحَائِضِ أَوِ الصَّائِمَةِ، لأَِنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَل لأَِمْرٍ عَارِضٍ كَالإِْيذَاءِ وَإِفْسَادِ الْعِبَادَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح مادة:(شبه) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أنت ومالك لأبيك " أخرجه ابن ماجه (2 / 760 ط الحلبي) وقواه السخاوي في المقاصد (ص 102 ط الخانجي بمصر) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية والفتح والعناية 4 / 140 - 141، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي 3 / 175 - 176، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 50.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(2)</font> وَشُبْهَةٌ فِي الْفَاعِل، كَمَنْ يَجِدُ امْرَأَةً عَلَى فِرَاشِهِ فَيَطَؤُهَا، ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> وَشُبْهَةٌ فِي الْجِهَةِ، كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ (1) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ شُبْهَة.</p>وَالْمَقْصُودُ هُنَا بَيَانُ أَنَّ الشُّبْهَةَ أَعَمُّ مِنْ الاِشْتِبَاهِ، لأَِنَّهَا قَدْ تُنْتَجُ نَتِيجَةَ الاِشْتِبَاهِ، وَقَدْ تُنْتَجُ دُونَ اشْتِبَاهٍ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّعَارُضُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> التَّعَارُضُ لُغَةً: الْمَنْعُ بِالاِعْتِرَاضِ عَنْ بُلُوغِ الْمُرَادِ (2) . وَاصْطِلَاحًا: تَقَابُل الْحُجَّتَيْنِ الْمُتَسَاوِيَتَيْنِ عَلَى وَجْهٍ تُوجِبُ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ضِدَّ مَا تُوجِبُهُ الأُْخْرَى. وَسَيَأْتِي أَنَّ التَّعَارُضَ أَحَدُ أَسْبَابِ الاِشْتِبَاهِ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الشَّكُّ لُغَةً: خِلَافُ الْيَقِينِ، وَهُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، سَوَاءٌ اسْتَوَى طَرَفَاهُ، أَوْ رُجِّحَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآْخَرِ (3)، وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ كَذَلِكَ.</p>وَهُوَ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ عِنْدَ الشَّاكِّ (4) ، فَالشَّكُّ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الاِشْتِبَاهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 269، ونهاية المحتاج 7 / 405، وفتح القدير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح، بتصرف.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريفات للجرجاني ص 125، ومجلة الأحكام العدلية المادة 4، والبحر الرائق 1 / 143.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>هـ -‌<span class="title">‌ الظَّنُّ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الظَّنُّ خِلَافُ الْيَقِينِ. وَقَدْ يُسْتَعْمَل بِمَعْنَى الْيَقِينِ (1) ، كَمَا فِي، قَوْله تَعَالَى:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} (2) .</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ الاِعْتِقَادُ الرَّاجِحُ مَعَ احْتِمَال النَّقِيضِ (3)، وَهُوَ طَرِيقٌ لِحُدُوثِ الاِشْتِبَاهِ (4) . -</p> </p>و‌<span class="title">‌ الْوَهْمُ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الْوَهْمُ: مَا سَبَقَ الْقَلْبُ إِلَيْهِ مَعَ إِرَادَةِ غَيْرِهِ (5) . وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ إِدْرَاكُ الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ، أَوْ كَمَا قَال عَنْهُ ابْنُ نُجَيْمٍ: رُجْحَانُ جِهَةِ الْخَطَأِ (6) ، فَهُوَ دُونَ كُلٍّ مِنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ، وَهُوَ لَا يَرْتَقِي إِلَى تَكْوِينِ اشْتِبَاهٍ (7) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَسْبَابُ الاِشْتِبَاهِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> قَدْ يَنْشَأُ الاِشْتِبَاهُ نَتِيجَةَ خَفَاءِ الدَّلِيل بِسَبَبٍ مِنَ الأَْسْبَابِ، كَالإِْجْمَال فِي الأَْلْفَاظِ وَاحْتِمَالِهَا التَّأْوِيل، وَدَوَرَانِ الدَّلِيل بَيْنَ الاِسْتِقْلَال بِالْحُكْمِ وَعَدَمِهِ، وَدَوَرَانِهِ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَدِيثِ، وَكَالاِشْتِرَاكِ فِي اللَّفْظِ، أَوِ التَّخْصِيصِ فِي عَامِّهِ، أَوِ التَّقْيِيدِ فِي مُطْلَقِهِ، كَمَا يَنْشَأُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 46.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التعريفات للجرجاني ص 125، والبحر الرائق 2 / 119، والأشباه لابن نجيم ص 29، ونهاية المحتاج 1 / 248.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الهداية والفتح والعناية 4 / 148، والأشباه والنظائر ص 10.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(6)</font> البحر الرائق 2 / 119.</p><font color=#ff0000>(7)</font> التعريفات للجرجاني ص 228، والأشباه لابن نجيم ص 29، ونهاية المحتاج 1 / 48.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>الاِشْتِبَاهُ عِنْدَ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ دُونَ مُرَجِّحٍ. كَمَا أَنَّ النُّصُوصَ فِي دَلَالَتِهَا لَيْسَتْ عَلَى وَضْعٍ وَاحِدٍ، فَمِنْهَا مَا دَلَالَتُهُ عَلَى الأَْحْكَامِ ظَنِّيَّةٌ، فَيَجْتَهِدُ الْفُقَهَاءُ لِلتَّعَرُّفِ عَلَى مَا يَدُل عَلَيْهِ النَّصُّ، وَقَدْ يَتَشَابَهُ الأَْمْرُ عَلَيْهِمْ نَتِيجَةَ ذَلِكَ، إِذْ مِنَ الْحَقَائِقِ الثَّابِتَةِ اخْتِلَافُ النَّاسِ فِي تَفْكِيرِهِمْ، وَتَبَايُنُ وُجُهَاتِ نَظَرِهِمْ (1) .</p>وَالاِشْتِبَاهُ النَّاشِئُ عَنْ خَفَاءٍ فِي الدَّلِيل يُعْذَرُ الْمُجْتَهِدُ فِيهِ، بَعْدَ بَذْلِهِ الْجَهْدَ وَاسْتِفْرَاغِهِ الْوُسْعَ، وَيَكُونُ فِيمَا انْتَهَى إِلَيْهِ مِنْ رَأْيٍ قَدِ اتَّبَعَ الدَّلِيل الْمُرْشِدَ إِلَى تَعَرُّفِ قَصْدِ الشَّارِعِ (2) . وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ اخْتِلَافُ الْمُخْبِرِينَ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ، وَأَخْبَرَهُ آخَرُ بِطَهَارَتِهِ. فَإِنَّ الأَْصْل عِنْدَ تَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ وَتَسَاوِيهِمَا تَسَاقُطُهُمَا، وَحِينَئِذٍ يُعْمَل بِالأَْصْل وَهُوَ الطَّهَارَةُ، إِذْ الشَّيْءُ مَتَى شُكَّ فِي حُكْمِهِ رُدَّ إِلَى أَصْلِهِ، لأَِنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُول بِالشَّكِّ، وَالأَْصْل فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ (3) .</p>وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ ذَبَحَهُ مَجُوسِيٌّ، وَأَخْبَرَ عَدْلٌ آخَرُ أَنَّهُ ذَكَّاهُ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ لَا يَحِل لِبَقَاءِ اللَّحْمِ عَلَى الْحُرْمَةِ الَّتِي هِيَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) انظر حول هذه المعاني الموافقات 4 / 156، 173، 176، 211 - 214، والإحكام لابن حزم 2 / 124، وبداية المجتهد 1 / المقدمة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مستخلص من الموافقات للشاطبي 4 / 220.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البحر الرائق 1 / 140، 143 ط أولى، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 1 / 53 ط الثانية، والمهذب 1 / 15 - 16، ونهاية المحتاج 1 / 87، وكشاف القناع 1 / 31 - 32، والمغني 1 / 65.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>الأَْصْل. إِذْ حِل الأَْكْل مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَحَقُّقِ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ. وَبِتَعَارُضِ الْخَبَرَيْنِ لَمْ يَتَحَقَّقِ الْحِل، فَبَقِيَتِ الذَّبِيحَةُ عَلَى الْحُرْمَةِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِْخْبَارُ الْمُقْتَضِي لِلاِشْتِبَاهِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> وَهُوَ الإِْخْبَارُ الَّذِي اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرَائِنُ تُوقِعُ فِي الاِشْتِبَاهِ. مِثَال ذَلِكَ: أَنْ يَعْقِدَ عَلَى امْرَأَةٍ، ثُمَّ تُزَفُّ إِلَيْهِ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَيَدْخُل بِهَا عَلَى هَذَا الاِعْتِقَادِ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا لَيْسَتِ الْمَرْأَةُ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا. فَإِنْ وَطِئَهَا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، لأَِنَّهُ اعْتَمَدَ دَلِيلاً شَرْعِيًّا فِي مَوْضِعِ الاِشْتِبَاهِ، وَهُوَ الإِْخْبَارُ. وَقَدْ أَوْرَدَ الْفُقَهَاءُ فُرُوعًا كَثِيرَةً مِثْل هَذَا الْفَرْعِ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الأَْسَاسِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ تَعَارُضُ الأَْدِلَّةِ ظَاهِرًا:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> لَا يُوجَدُ بَيْنَ أَدِلَّةِ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي وَاقِعِ الأَْمْرِ تَعَارُضٌ، لأَِنَّهَا جَمِيعَهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى. أَمَّا مَا يَظْهَرُ مِنَ التَّعَارُضِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ فَلِعَدَمِ الْعِلْمِ بِظُرُوفِهِمَا وَشُرُوطِ تَطْبِيقِهِمَا، أَوْ بِمَا يُرَادُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيل الْقَطْعِ، أَوْ لِجَهْلِنَا بِزَمَنِ وُرُودِهِمَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْتَفِعُ بِهِ التَّعَارُضُ.</p>فَمِنْ الاِشْتِبَاهِ بِسَبَبِ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ فِي الظَّاهِرِ مَا إِذَا سَرَقَ الْوَالِدُ مِنْ مَال وَلَدِهِ، إِذْ أَنَّ نُصُوصَ الْعِقَابِ عَلَى السَّرِقَةِ تَشْمَل فِي عُمُومِهَا هَذِهِ الْوَاقِعَةَ. فَاَللَّهُ سبحانه وتعالى يَقُول:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا. . .} (2) . غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 9 / 57 - 58، وتبيين الحقائق 3 / 179، وفتح القدير 4 / 146.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة المائدة / 38.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>فِي السُّنَّةِ مَا يُفِيدُ حِل مَال الاِبْنِ لأَِبِيهِ. فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال: أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (1) وَقَوْلُهُ: إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَل الرَّجُل مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ (2) وَوُجُودُ مِثْل هَذَا يُنْتِجُ اشْتِبَاهًا فِي الْحُكْمِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِسْقَاطُ الْحَدِّ، لأَِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الشُّبُهَاتِ أَخْذُ الرَّجُل مِنْ مَالٍ جَعَلَهُ الشَّرْعُ لَهُ، وَأَمَرَهُ بِأَخْذِهِ وَأَكْلِهِ. وَقَال أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ (3) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (سَرِقَة) .</p>وَمِنْ الاِشْتِبَاهِ النَّاشِئِ عَنْ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ فِي الظَّاهِرِ مَا وَرَدَ بِالنِّسْبَةِ لِطَهَارَةِ سُؤْرِ الْحِمَارِ، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُول: الْحِمَارُ يُعْتَلَفُ الْقَتَّ وَالتِّبْنَ فَسُؤْرُهُ طَاهِرٌ (4) وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل: أَنَتَوَضَّأُ بِمَا أَفْضَلَتِ الْحُمُرُ؟ قَال: نَعَمْ، وَبِمَا أَفْضَلَتِ السِّبَاعُ كُلُّهَا (5)، وَرُوِيَ عَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أنت ومالك لأبيك " سبق تخريجه (ف 3) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه " أخرجه أحمد (6 / 41 - ط الميمنية) ، وأبو داود (3 / 800 - ط عزت عبيد دعاس) والنسائي (7 / 241 ط المطبعة المصرية بالأزهر) ، والترمذي (تحفة الأحوذي 4 / 591 - 592 نشر المكتبة السلفية) ، وابن ماجه (سنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 723 ط عيسى الحلبي) ، من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا،وقال الترمذي: هذا حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 4 / 238 ط أولى أميرية، وحاشية الدسوقي 4 / 337، وشرح المنهج بحاشية الجمل 5 / 142 ط دار إحياء التراث العربي، والمغني 8 / 275.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أثر عبد الله بن عباس أورده صاحب البدائع، ولم نعثر عليه فيما لدينا من مراجع السنن والآثار (بدائع الصنائع 1 / 65 نشر دار الكتاب العربي 1394 هـ) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أنتوضأ مما أفضلت الحمر. . . .؟ " أخرجه الدارقطني (1 / 62 - ط شركة الطباعة الفنية) ، والبيهقي (1 / 249 - ط دائرة المعارف العثمانية) وأعلاّه بأحد الرواة الضعفاء.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول: " إِنَّهُ رِجْسٌ (1) وَالتَّوَقُّفُ فِي الْحُكْمِ عِنْدَ تَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ وَاجِبٌ. فَلِذَلِكَ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ التَّوَقُّفُ عَنْ إِعْطَاءِ حُكْمٍ قَاطِعٍ، لِتَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ (2) . قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الأَْصَحُّ أَنَّ سُؤْرَ الْحِمَارِ مَشْكُوكٌ فِي طَهُورِيَّتِهِ (أَيْ كَوْنُهُ مُطَهِّرًا، لَا فِي طَهَارَتِهِ فِي ذَاتِهِ) وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ. وَسَبَبُهُ تَعَارُضُ الأَْخْبَارِ فِي لَحْمِهِ، وَقِيل: اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي سُؤْرِهِ، وَقَدِ اسْتَوَى مَا يُوجِبُ الطَّهَارَةَ وَالنَّجَاسَةَ فَتَسَاقَطَا لِلتَّعَارُضِ، فَيُصَارُ إِلَى الأَْصْل، وَهُوَ هُنَا شَيْئَانِ: الطَّهَارَةُ فِي الْمَاءِ، وَالنَّجَاسَةُ فِي اللُّعَابِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الآْخَرِ، فَبَقِيَ الأَْمْرُ مُشْكِلاً، نَجِسًا مِنْ وَجْهٍ، طَاهِرًا مِنْ وَجْهٍ (3) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ:</span></p> </p><font color=#ff0000>12 -</font> مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، فَالْحَنَفِيَّةُ يُجِيزُونَهُ. وَسُقُوطُ الْحَدِّ بِسَبَبِ ذَلِكَ قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، لأَِنَّ الاِخْتِلَافَ فِي إِبَاحَةِ الْوَطْءِ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ (4) وَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِلَى بَابِ ‌<span class="title">‌(حَدِّ الزِّنَى) </span>.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأثر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة بلفظ: " أنه كان يكره سؤر الحمار " (مصنف عبد الرزاق 1 / 105، ومصنف ابن أبي شيبة 1 / 29) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 1 / 65، والمغني 1 / 48.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 151.</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح القدير 4 / 143 - 144، والبدائع 7 / 35، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 313، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 6 / 291، 293، وحاشية قليوبي 4 / 180، ونهاية المحتاج 7 / 405، والمغني 8 / 184.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>وَمِنْ ذَلِكَ الْمُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إِذَا رَأَى سَرَابًا، وَكَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهُ مَاءٌ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ، وَإِنِ اسْتَوَى الأَْمْرَانِ لَا يَحِل لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ، إِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَاءً يَلْزَمُهُ الإِْعَادَةُ، وَإِلَاّ فَلَا. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ (1) . وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَوَجَدَهُ أَوْ تَوَهَّمَهُ بَطَل تَيَمُّمُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ. وَيَحْصُل هَذَا التَّوَهُّمُ بِرُؤْيَةِ سَرَابٍ. وَمَحَل بُطْلَانِهِ بِالتَّوَهُّمِ إِنْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ زَمَنٌ لَوْ سَعَى فِيهِ إِلَى ذَلِكَ لأََمْكَنَهُ التَّطَهُّرُ بِهِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ. وَإِذَا بَطَل التَّيَمُّمُ بِتَوَهُّمِ وُجُودِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ بُطْلَانُهُ بِالظَّنِّ أَوِ الشَّكِّ أَوْلَى، سَوَاءٌ أَتَبَيَّنَ لَهُ خِلَافُ ظَنِّهِ أَمْ لَمْ يَتَبَيَّنْ، لأَِنَّ ظَنَّ وُجُودِ الْمَاءِ مُبْطِلٌ لِلتَّيَمُّمِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَ الدُّخُول فِي الصَّلَاةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إِتْمَامُهَا (2) .</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إِذَا مَا طَلَبَ الْمَاءَ سَاغَ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ بِسَبَبِ ظَنِّهِ فَتَبَيَّنَ عَدَمُ السَّبَبِ. مِثْل مَنْ رَأَى سَوَادًا بِاللَّيْل ظَنَّهُ عَدُوًّا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ بَعْدَ أَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى. وَقِيل: يَلْزَمُهُ الإِْعَادَةُ، لأَِنَّهُ تَيَمَّمَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ مُبِيحٍ لِلتَّيَمُّمِ (3) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الاِخْتِلَاطُ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> يُقْصَدُ بِهِ اخْتِلَاطُ الْحَلَال بِالْحَرَامِ وَعُسْرُ التَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا. كَمَا لَوِ اخْتَلَطَتِ الأَْوَانِي الَّتِي فِيهَا مَاءٌ طَاهِرٌ بِالأَْوَانِي الَّتِي فِيهَا مَاءٌ نَجِسٌ، وَاشْتَبَهَ الأَْمْرُ، بِأَنْ لَمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية 1 / 60.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 1 / 286 - 287، والمغني 1 / 271، 272، ومنح الجليل 1 / 93.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 1 / 164 - 165، والمغني 1 / 239.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>يُمْكِنِ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ اسْتِعْمَال الْمَاءِ، وَيَجِبُ التَّيَمُّمُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل سَحْنُونٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، لأَِنَّ أَحَدَهُمَا نَجِسٌ يَقِينًا، وَالآْخَرُ طَاهِرٌ يَقِينًا، لَكِنْ عَجَزَ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ فَيُصَارُ إِلَى الْبَدَل.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ (مَاءٌ)(1) . وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا إِذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بِنَجِسَةٍ، وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا، وَلَمْ يَجِدْ ثَوْبًا طَاهِرًا بِيَقِينٍ، وَلَيْسَ مَعَهُ مَا يُطَهِّرُهُمَا بِهِ، وَاحْتَاجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَالْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِلْمُزَنِيِّ، أَنَّهُ يَتَحَرَّى بَيْنَهَا، وَيُصَلِّي بِمَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طَهَارَتُهُ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي وَيُصَلِّي فِي ثِيَابِ مِنْهَا بِعَدَدِ النَّجِسِ مِنْهَا، وَيَزِيدُ صَلَاةً فِي ثَوْبٍ آخَرَ. وَقَال أَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ: لَا يُصَلِّي فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَالأَْوَانِي (2) .</p>وَإِنَّمَا يَتَحَرَّى - عِنْدَ مَنْ قَال بِذَلِكَ - إِذَا لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا طَاهِرًا، أَوْ مَا يُطَهِّرُ بِهِ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ. وَإِذَا تَحَرَّى فَلَمْ يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عَلَى الآْخَرِ صَلَّى فِي أَحَدِهِمَا. وَالْقَائِلُونَ بِالتَّحَرِّي هُنَا قَالُوا: لأَِنَّهُ لَا خُلْفَ لِلثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ، بِخِلَافِ الاِشْتِبَاهِ فِي الأَْوَانِي، لأَِنَّ التَّطَهُّرَ بِالْمَاءِ لَهُ خُلْفٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 1 / 140 - 141، والأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 146، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 1 / 170، وحاشية الدسوقي 1 / 82، ونهاية المحتاج 1 / 76، والمهذب 1 / 16، وكشاف القناع 1 / 47، والمغني 1 / 62.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 1 / 62 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 20، والفتاوى الهندية 5 / 383، وحاشية الدسوقي 1 / 79، ومواهب الجليل 1 / 160، ونهاية المحتاج 2 / 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>و -‌<span class="title">‌ الشَّكُّ (بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ يَشْمَل أَيْضًا الظَّنَّ وَالْوَهْمَ) :</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِيمَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ مِنْ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، إِذِ الْيَقِينُ لَا يَزُول بِالشَّكِّ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ (1)، غَيْرَ أَنَّهُ نُقِل عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: مَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَال: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ، وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ وَاحْتِيَاطٌ (2) ، كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ أَيْقَنَ بِالْحَدَثِ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ شَكَّهُ لَا يُعْتَبَرُ وَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ (3) ، لأَِنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ هُنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَلَى السَّوَاءِ أَمْ كَانَ أَحَدُ طَرَفَيْهِ أَرْجَحَ (4) . وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَحَدُهُمَا أَوْ يَتَسَاوَى الأَْمْرَانِ عِنْدَهُمَا، لأَِنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ إِذَا لَمْ تَكُنْ مَضْبُوطَةً بِضَابِطٍ شَرْعِيٍّ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا، وَلأَِنَّهُ إِذَا شَكَّ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الأَْمْرَانِ، فَيَجِبُ سُقُوطُهُمَا كَالْبَيِّنَتَيْنِ إِذَا تَعَارَضَتَا، وَيَرْجِعُ إِلَى الْيَقِينِ (5)</p>وَقَالُوا: مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَالْحَدَثَ مَعًا وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ الأَْمْرُ فَلَمْ يَعْلَمْ الأَْخِيرُ مِنْهُمَا وَالأَْسْبَقُ فَيُعْمَل بِضِدِّ مَا قَبْلَهُمَا، فَإِنْ كَانَ قَبْل ذَلِكَ مُحْدِثًا فَهُوَ الآْنَ مُتَطَهِّرٌ، لأَِنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدَثِ وَشَكَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 102، والتاج والإكليل 1 / 301، ونهاية المحتاج 1 / 914، والمهذب 1 / 32، والمغني 1 / 196.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التاج والإكليل 1 / 301.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 1 / 114.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 1 / 197.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>فِي انْتِقَاضِهَا، لأَِنَّهُ لَا يَدْرِي هَل الْحَدَثُ الثَّانِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا. وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا وَكَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَهُوَ الآْنَ مُحْدِثٌ، لأَِنَّهُ مُتَيَقِّنٌ حَدَثًا بَعْدَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ، لأَِنَّهُ لَا يَدْرِي هَل الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ أَمْ لَا (1) .</p>وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل مَا قَالُوهُ فِي الصَّائِمِ لَوْ شَكَّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ مَعَ الشَّكِّ، لأَِنَّ الأَْصْل بَقَاءُ النَّهَارِ. وَلَوْ أَفْطَرَ وَهُوَ شَاكٌّ وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الْحَال بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ اتِّفَاقًا (2) .</p>أَمَّا إِذَا شَكَّ الصَّائِمُ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَالْمُسْتَحَبُّ لَهُ أَلَاّ يَأْكُل لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ الْفَجْرُ قَدْ طَلَعَ، فَيَكُونُ الأَْكْل إِفْسَادًا لِلصَّوْمِ فَيُتَحَرَّزُ عَنْهُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: الْحَلَال بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ (3) . وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ (4) . وَلَوْ أَكَل وَهُوَ شَاكٌّ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ، لأَِنَّ فَسَادَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 102، والتاج والإكليل 1 / 301، ونهاية المحتاج 1 / 114، والمهذب 1 / 32، والمغني 1 / 197.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 2 / 105، وحاشية الدسوقي 1 / 526، ونهاية المحتاج 3 / 171، والإقناع في فقه الإمام أحمد 1 / 312 - 315، ط دار المعارف.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات " أخرجه البخاري (1 / 126 - الفتح - ط السلفية) من حديث النعمان بن بشير.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " علقه البخاري من حديث حسان بن أبي سنان، وأخرجه أحمد والنسائي والحاكم مرفوعا من حديث الحسن بن علي. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي، وسكت عنه ابن حجر (فتح الباري 4 / 292 - 293 ط السلفية، ومسند أحمد بن حنبل 1 / 200 ط الميمنية، وسنن النسائي 8 / 327 - 328، نشر المكتبة التجارية، والمستدرك 2 / 13 نشر دار الكتاب العربي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>الصَّوْمِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، إِذِ الأَْصْل بَقَاءُ اللَّيْل فَلَا يَثْبُتُ النَّهَارُ بِالشَّكِّ، وَإِلَى هَذَا اتَّجَهَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: مَنْ أَكَل شَاكًّا فِي الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ مَعَ الْحُرْمَةِ، وَإِنْ كَانَ الأَْصْل بَقَاءَ اللَّيْل، هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِصَوْمِ الْفَرْضِ. وَقِيل: وَفِي النَّفْل أَيْضًا. كَمَا قِيل مَعَ الْكَرَاهَةِ لَا الْحُرْمَةِ. وَمَنْ أَكَل مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْل أَوْ حُصُول الْغُرُوبِ ثُمَّ طَرَأَ الشَّكُّ، فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِلَا حُرْمَةٍ (2) .</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ الْجَهْل:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> وَمِنْ ذَلِكَ الأَْسِيرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ دُخُول رَمَضَانَ، وَأَرَادَ صَوْمَهُ، فَتَحَرَّى وَصَامَ شَهْرًا عَنْ رَمَضَانَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ. فَإِذَا كَانَ صَامَ قَبْل حُلُول شَهْرِ رَمَضَانَ فِعْلاً لَمْ يُجْزِئْهُ، لأَِنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ قَبْل وُجُوبِهِ وَوُجُودِ سَبَبِهِ، وَهُوَ مُشَاهَدَةُ الشَّهْرِ (3) ، وَنَقَل الشِّيرَازِيُّ عَنِ الأَْصْحَابِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلاً آخَرَ بِالإِْجْزَاءِ، لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ تُفْعَل فِي السَّنَةِ مَرَّةً، فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ فَرْضُهَا بِالْفِعْل قَبْل الْوَقْتِ عِنْدَ الْخَطَأِ، كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إِذَا أَخْطَأَ النَّاسُ وَوَقَفُوا قَبْل يَوْمِ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَال: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، لأَِنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يُؤْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْقَضَاءِ، فَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 2 / 105، ونهاية المحتاج 3 / 171، والإقناع في فقه الإمام أحمد 1 / 312، 315 ط دار المعارف.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 1 / 526.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 2 / 86، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 519، والمهذب 1 / 187، ونهاية المحتاج 3 / 459، وكشاف القناع 2 / 276، والإقناع في فقه الإمام أحمد 1 / 316 ط دار المعرفة بلبنان.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>فَعَلَهُ، كَمَا لَوْ تَحَرَّى فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَصَلَّى قَبْل الْوَقْتِ (1) . وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي صَامَهُ كَانَ بَعْدَ رَمَضَانَ صَحَّ.</p>وَإِذَا كَانَ الشَّهْرُ الَّذِي صَامَهُ نَاقِصًا، وَرَمَضَانَ الَّذِي صَامَهُ النَّاسُ تَامًّا صَامَ يَوْمًا، إِذْ لَا بُدَّ مِنْ مُوَافَقَةِ الْعَدَدِ، لأَِنَّ صَوْمَ شَهْرٍ آخَرَ بَعْدَهُ يَكُونُ قَضَاءً، وَالْقَضَاءُ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْفَائِتِ (2) . وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ آخَرُ اخْتَارَهُ أَبُو حَامِدٍ الإِْسْفَرايِينِيُّ بِالإِْجْزَاءِ، لأَِنَّ الشَّهْرَ يَقَعُ عَلَى مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ، وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ، فَصَامَ شَهْرًا نِقَاصًا بِالأَْهِلَّةِ أَجْزَأَهُ. ثُمَّ قَال الشِّيرَازِيُّ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ (3) . وَمِنْ ذَلِكَ الاِشْتِبَاهُ فِي الْقِبْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَجْهَلُهَا. فَقَدْ نَصَّ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ عَلَى أَنَّ مَنِ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ جِهَةُ الْقِبْلَةِ، وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا، سَأَل مَنْ بِحَضْرَتِهِ مِمَّنْ يَعْلَمُهَا مِنْ أَهْل الْمَكَانِ. وَحَدُّ الْحَضْرَةِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَوْ صَاحَ بِهِ سَمِعَهُ (4) . فَإِذَا تَحَرَّى بِنَفْسِهِ وَصَلَّى دُونَ سُؤَالٍ، وَتَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبِ الْقِبْلَةَ، أَعَادَ الصَّلَاةَ، لِعَدَمِ إِجْزَاءِ التَّحَرِّي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الاِسْتِخْبَارِ، لأَِنَّ التَّحَرِّي دُونَ الاِسْتِخْبَارِ، إِذِ الْخَبَرُ مُلْزِمٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، بَيْنَمَا التَّحَرِّي مُلْزِمٌ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، فَلَا يُصَارُ إِلَى الأَْدْنَى مَعَ إِمْكَانِ الأَْعْلَى، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 1 / 187.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المراجع السابقة للمذاهب.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 1 / 187.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الفتاوى الهندية 1 / 64، والبدائع 1 / 118، وكشاف القناع 1 / 307.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>ذَلِكَ، أَوْ كَانَ وَسَأَلَهُ وَلَمْ يُجِبْهُ، أَوْ لَمْ يَدُلَّهُ ثُمَّ تَحَرَّى، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَصِحُّ، حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخْطَأَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَال (1) : كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُل رَجُلٍ مِنَّا عَلَى حِيَالِهِ - أَيْ قُبَالَتَهُ - فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَل قَوْل اللَّهِ سُبْحَانَهُ {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (2) .</p>وَلأَِنَّ الْعَمَل بِالدَّلِيل الظَّاهِرِ وَاجِبٌ إِقَامَةً لِلْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ، وَإِقَامَةً لِلظَّنِّ مَقَامَ الْيَقِينِ لِتَعَذُّرِهِ (3) .</p>وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ " قِبْلَةَ الْمُتَحَرِّي جِهَةُ قَصْدِهِ (4) إِنْ تَحَرَّى ثُمَّ قَبْل الصَّلَاةِ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ مِنْ أَهْل الْجِهَةِ أَنَّ الْقِبْلَةَ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى، أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّحَرِّي (5) .</p> </p>ح -‌<span class="title">‌ النِّسْيَانُ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> وَمِنْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا نَسِيَتْ عَادَةَ حَيْضِهَا، وَاشْتَبَهَ عَلَيْهَا الأَْمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَيْضِ وَالطُّهْرِ، بِأَنْ لَمْ تَعْلَمْ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا الْمُعْتَادَةِ، وَلَا مَكَانَ هَذِهِ الأَْيَّامِ مِنَ الشَّهْرِ فَإِنَّهَا تَتَحَرَّى، فَإِنْ وَقَعَ تَحَرِّيهَا عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . . . " أخرجه الترمذي (1 / 176 - ط الحلبي) . وذكر ابن كثير في تفسيره له أسانيد أخرى 1 / 278، وقال: هذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضا.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 115.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 1 / 101، وكشاف القناع 1 / 307.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأثر عن علي رضي الله عنه " أن قبلة المتحري جهة قصده " أورده الزيلعي في تبيين الحقائق، ولم نعثر عليه فيما لدينا من مراجع السنن والآثار (تبيين الحقائق 1 / 101، ط دار المعرفة) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> الفتاوى الهندية 1 / 64.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>طُهْرٍ تُعْطَى حُكْمَ الطَّاهِرَاتِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى حَيْضٍ أُعْطِيَتْ حُكْمَهُ، لأَِنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ مِنَ الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.</p>وَإِنْ تَرَدَّدَتْ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا شَيْءٌ فَهِيَ الْمُحَيَّرَةُ، وَتُسَمَّى الْمُضَلَّلَةُ، لَا يُحْكَمُ لَهَا بِشَيْءٍ مِنَ الطُّهْرِ أَوِ الْحَيْضِ عَلَى التَّعْيِينِ، بَل تَأْخُذُ بِالأَْحْوَطِ فِي حَقِّ الأَْحْكَامِ، لاِحْتِمَال كُل زَمَانٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا مِنَ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالاِنْقِطَاعِ، وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا حَائِضًا دَائِمًا لِقِيَامِ الإِْجْمَاعِ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَلَا طَاهِرًا دَائِمًا لِقِيَامِ الدَّمِ، وَلَا التَّبْعِيضِ لأَِنَّهُ تَحَكُّمٌ، فَوَجَبَ الأَْخْذُ بِالأَْحْوَطِ فِي حَقِّ الأَْحْكَامِ لِلضَّرُورَةِ. (1) وَتَفْصِيل أَحْكَامِهَا فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِحَاضَة) .</p> </p>ط -‌<span class="title">‌ وُجُودُ دَلِيلٍ غَيْرِ قَوِيٍّ عَلَى خِلَافِ الأَْصْل:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى (2) فِي إِثْبَاتِ الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْجَوَازِ، أَوْ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فِي مَرَافِقِ الْعَقَارِ، وَوَافَقَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّرِيكِ فِي مَمَرِّ الدَّارِ، بِأَنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ آخَرُ إِلَى الدَّارِ، أَوْ أَمْكَنَ فَتْحُ بَابٍ لَهَا إِلَى شَارِعٍ.</p>وَأَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فَيَقْصُرُونَهَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي نَفْسِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ فَقَطْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ، لأَِنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ عَلَى خِلَافِ الأَْصْل، إِذْ هِيَ انْتِزَاعُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ رِضَاءٍ مِنْهُ، وَإِجْبَارٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 190 - 191، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي 1 / 62 - 63، وبداية المجتهد 1 / 57، وشرح الزرقاني 1 / 135، 336، ونهاية المحتاج 1 / 328، والمهذب 1 / 48، والمغني 1 / 321.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 5 / 308، والبدائع 5 / 4، والمبسوط 14 / 91 - 92</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>لَهُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ، (1) وَلِمَا رَوَى جَابِرٌ مِنْ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ (2) وَبِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا قُسِمَتِ الأَْرْضُ وَحُدَّتْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا. (3)</p>وَمُقْتَضَى الأَْصْل أَنْ لَا يَثْبُتَ حَقُّ الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَصْلاً، لَكِنَّهَا ثَبَتَتْ فِيمَا لَا يُقْسَمُ بِالنَّصِّ الصَّرِيحِ غَيْرِ مَعْقُول الْمَعْنَى، فَبَقِيَ الأَْمْرُ فِي الْمَقْسُومِ عَلَى الأَْصْل، أَوْ ثَبَتَ مَعْلُولاً بِدَفْعِ ضَرَرٍ خَاصٍّ وَهُوَ ضَرَرُ الْقِسْمَةِ. (4)</p>وَمَا اسْتَدَل بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَحَادِيثَ، فَإِنَّ فِي أَسَانِيدِهَا مَقَالاً. قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: الثَّابِتُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثُ جَابِرٍ - السَّابِقُ ذِكْرُهُ - وَمَا عَدَاهُ مِنَ الأَْحَادِيثِ الَّتِي اسْتَدَل بِهَا الْحَنَفِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمْ، كَالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو رَافِعٍ الْجَارُ أَحَقُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 3 / 473 - 474، ومنهاج الطالبين وحاشية قليوبي 3 / 43 - 44، والمهذب 1 / 384، والمغني 5 / 308 - 309، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 5 / 310 - 311.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " الشفعة فيما لم يقسم. . . . " أخرجه البخاري من حديث جابر رضي الله عنه بلفظ:" قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة "(فتح الباري 4 / 436 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إذا قسمت الأرض. . . " أخرجه مالك عن سعيد بن المسيب بلفظ: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم بين الشركاء، فإذا وقعت الحدود بينهم فلا شفعة فيه ". (الموطأ 2 / 713 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> البدائع 5 / 4.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>بِسَقَبِهِ، (1) وَالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ سَمُرَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ. (2) فَإِنَّ فِيهَا مَقَالاً. عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَل أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجَارِ الشَّرِيكَ، فَإِنَّهُ جَارٌ أَيْضًا. فَكُل هَذَا أَوْرَثَ شُبْهَةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ، لأَِنَّ مَا اسْتَدَل بِهِ الْحَنَفِيَّةُ غَيْرُ قَوِيٍّ، وَجَاءَ عَلَى خِلَافِ الأَْصْل، وَلِذَا لَمْ يُثْبِتُوا الشُّفْعَةَ بِسَبَبِ الْجِوَارِ وَالشَّرِكَةِ فِي مَرَافِقِ الْعَقَارِ، وَقَصَرُوهَا عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الْعَقَارِ نَفْسِهِ.</p>وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الاِشْتِبَاهِ: لَوْ قَضَى قَاضٍ بِهَا لَا يُفْسَخُ قَضَاؤُهُ. (3)</p>وَمِنْ الاِشْتِبَاهِ النَّاجِمِ عَنْ وُجُودِ دَلِيلٍ غَيْرِ قَوِيٍّ عَلَى خِلَافِ الأَْصْل: مَا قَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنْ أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ الَّذِي لَمْ يُخَصَّصْ قَطْعِيُّهُ، فَيَدُل عَلَى جَمِيعِ الأَْفْرَادِ الَّتِي يَصْدُقُ عَلَيْهَا مَعْنَاهُ. فَإِذَا دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ كَانَتِ دَلَالَتُهُ ظَنِّيَّةً.</p>بَيْنَمَا يَرَى جُمْهُورُ الأُْصُولِيِّينَ (4) أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " الجار أحق بسقبه " أخرجه البخاري (4 / 437 - الفتح ط السلفية) وأبو داود (3 / 786 ط عزت عبيد دعاس) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " جار الدار أحق بالدار " أخرجه أبو داود والترمذي، واللفظ له، من حديث سمرة مرفوعا، وقال الترمذي: حديث سمرة حسن صحيح، وصححه ابن حبان من حديث أنس رضي الله عنه، وله شاهد من حديث الشريد بن سويد الثقفي رضي الله عنه. (عون المعبود 3 / 307 ط الهند، وتحفة الأحوذي 4 / 609، 610 نشر السلفية، وموارد الظمآن ص 281 ط دار الكتب العلمية، ومسند أحمد بن حنبل 4 / 388 نشر المكتب الإسلامي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 5 / 309 - 310.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الإحكام للآمدي 3 / 180، وكشف الأسرار 1 / 307. والعام: هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له دفعة واحدة بحسب وضع واحد، وصيغته وضعت للاستغراق والشمول ما لم يصرفها صارف. (انظر الأسنوي 1 / 282، ومسلم الثبوت 1 / 255، وإرشاد الفحول ص 108، وكشف الأسرار 1 / 291 - 306) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>جَمِيعِ أَحْوَالِهِ ظَنِّيَّةٌ، إِذِ الأَْصْل أَنَّهُ مَا مِنْ عَامٍّ إِلَاّ وَخُصِّصَ. وَمَا دَامَ الْعَامُّ لَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ مُخَصِّصٍ، فَإِنَّ هَذَا يُورِثُ شُبْهَةً قَوِيَّةً تَمْنَعُ الْقَوْل بِقَطْعِيَّتِهِ فِي إِفَادَةِ الشُّمُول وَالاِسْتِغْرَاقِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَمْنَعُونَ تَخْصِيصَ عَامِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ ابْتِدَاءً بِالدَّلِيل الظَّنِّيِّ، خِلَافًا لِلْجُمْهُورِ.</p>وَعَلَى هَذَا فَقَدْ ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ أَكْل ذَبِيحَةِ الْمُسْلِمِ، إِذَا تَعَمَّدَ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهَا، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (1) وَلَمْ يُخَصِّصُوا هَذَا الْعُمُومَ بِحَدِيثِ: ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمِ حَلَالٌ، ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ، (2) لأَِنَّهُ خَبَرُ آحَادٍ، وَقَدْ وَافَقَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي تَحْرِيمِ ذَبِيحَةِ الْمُسْلِمِ إِذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا، بَيْنَمَا الشَّافِعِيَّةُ يُجِيزُونَ أَكْلَهَا، لأَِنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عِنْدَهُمْ ظَنِّيَّةٌ، فَيَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِمَا هُوَ ظَنِّيٌّ، وَإِنْ كَرِهُوا تَعَمُّدَ التَّرْكِ. (3) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (تَذْكِيَة، وَتَسْمِيَة) .</p> </p>وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل أَيْضًا: اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي سَرِقَةِ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ مِنَ الْمَاءِ الْمُحَرَّزِ، فَالأَْصْل فِي الْمَاءِ الْمُحَرَّزِ أَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، وَأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ أَحْرَزَهُ، وَلَا شَرِكَةَ فِيهِ وَلَا شُبْهَةَ الشَّرِكَةِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ إِلَاّ مَا حُمِل. (4) وَلِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنعام / 121.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله أم لم يذكره " أخرجه أبو داود في المراسيل كما في نصب الراية (4 / 183 - ط المجلس العلمي) وأعله ابن القطان بالإرسال وبجهالة أحد رواته.</p><font color=#ff0000>(3)</font> البدائع 5 / 45، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 106، وشرح الخطيب المسمى بالإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 4 / 254، والمغني 8 / 581.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " النهي عن بيع الماء إلا ما حمل " أخرجه أبو عبيد من حديث مشيخته بلفظ:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء إلا ما حمل منه " وفي إسناده إرسال وإبهام، كما أن أبا بكر بن عبد الله بن أبي مريم ضعيف، وفي إسناده بقية وهو مدلس وقد عنعن السند وميزان الاعتدال 1 / 331، 4 / 497، 498 ط عيسى الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>بِوُجُوبِ الْقَطْعِ، يَقُول ابْنُ رُشْدٍ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الأَْشْيَاءِ الَّتِي أَصْلُهَا مُبَاحٌ، هَل يَجِبُ فِي سَرِقَتِهَا الْقَطْعُ؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْقَطْعَ فِي كُل مُتَمَوَّلٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ الْعِوَضِ فِيهِ، وَعُمْدَتُهُمْ عُمُومُ الآْيَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَطْعِ، يَقُول اللَّهُ تَعَالَى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1) وَعُمُومُ الآْثَارِ الْوَارِدَةِ فِي اشْتِرَاطِ النِّصَابِ، وَمِنْهَا مَا ثَبَتَ عَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَال: لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَاّ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا. (2)</p>وَيَقُول الدُّسُوقِيُّ: وَيَجِبُ الْقَطْعُ وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مُحَقَّرًا كَمَاءٍ وَحَطَبٍ، لأَِنَّهُ مُتَمَوَّلٌ مَا دَامَ مُحَرَّزًا، وَلَوْ كَانَ مُبَاحَ الأَْصْل. (3) وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، (4) وَالْقَوْل الْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ. (5) لَكِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، وَالْحَنَابِلَةَ يَرَوْنَ عَدَمَ الْقَطْعِ، لأَِنَّهُ لَا يُتَمَوَّل عَادَةً، وَلأَِنَّ الإِْبَاحَةَ الأَْصْلِيَّةَ تُورِثُ شُبْهَةً بَعْدَ الإِْحْرَازِ، وَلأَِنَّ التَّافِهَ لَا يُحَرَّزُ عَادَةً، أَوْ لَا يُحَرَّزُ إِحْرَازَ الْخَطِيرِ، وَيَنْتَهُونَ إِلَى أَنَّ الاِعْتِمَادَ عَلَى مَعْنَى التَّفَاهَةِ دُونَ إِبَاحَةِ الأَْصْل،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 38.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بداية المجتهد 2 / 276 وحديث " لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا " رواه مسلم (3 / 1312 - ط الحلبي) والنسائي (8 / 81 - ط المكتبة التجارية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الدسوقي 4 / 334.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 4 / 171، وأسنى المطالب 4 / 141.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الهداية والفتح 4 / 257، والمبسوط 9 / 153.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّبَبَ شُبْهَةُ الشَّرِكَةِ. (1)</p> </p>ى -‌<span class="title">‌ الإِْبْهَامُ مَعَ عَدَمِ إِمْكَانِ الْبَيَانِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> وَمِنْ ذَلِكَ مَا إِذَا طَلَّقَ الرَّجُل إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ، دُونَ تَعْيِينِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ مَاتَ قَبْل الْبَيَانِ، فَيَحْدُثُ الاِشْتِبَاهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فِيمَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ.</p>فَالْحَنَفِيَّةُ يُفَصِّلُونَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحْكَامَ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، وَحُكْمَ الْمِيرَاثِ، وَحُكْمَ الْعِدَّةِ. فَأَمَّا حُكْمُ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَتَا مَدْخُولاً بِهِمَا فَلِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمِيعُ الْمَهْرِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَهْرِ، مَنْكُوحَةً كَانَتْ أَوْ مُطَلَّقَةً. وَإِنْ كَانَتَا غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهِمَا فَلَهُمَا مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ بَيْنَهُمَا، لِكُل وَاحِدَةٍ. مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً مُتَوَفَّى عَنْهَا، وَيُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ مُطَلَّقَةً. فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً مُتَوَفَّى عَنْهَا تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمَهْرِ، لأَِنَّ الْمَوْتَ بِمَنْزِلَةِ الدُّخُول، وَإِنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ فَقَطْ، لأَِنَّ النِّصْفَ سَقَطَ بِالطَّلَاقِ قَبْل الدُّخُول، فَلِكُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كُل الْمَهْرِ فِي حَالٍ، وَالنِّصْفُ فِي حَالٍ، وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنَ الأُْخْرَى، فَيَتَنَصَّفُ، فَيَكُونُ لِكُل وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَهْرٍ.</p>وَأَمَّا حُكْمُ الْمِيرَاثِ، فَهُوَ أَنَّهُمَا يَرِثَانِ مِنْهُ مِيرَاثَ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي الأَْحْوَال كُلِّهَا، لأَِنَّ إِحْدَاهُمَا مَنْكُوحَةٌ بِيَقِينٍ، وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنَ الأُْخْرَى، فَيَكُونُ قَدْرُ مِيرَاثِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 4 / 226، والبدائع 7 / 67 - 69، والمغني 8 / 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ.</p>وَأَمَّا حُكْمُ الْعِدَّةِ، فَعَلَى كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَعِدَّةُ الطَّلَاقِ، أَيُّهُمَا أَطْوَل، لأَِنَّ إِحْدَاهُمَا مَنْكُوحَةٌ وَالأُْخْرَى مُطَلَّقَةٌ، وَعَلَى الْمَنْكُوحَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَعَلَى الْمُطَلَّقَةِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ، فَدَارَتْ كُل وَاحِدَةٍ مِنَ الْعِدَّتَيْنِ فِي حَقِّ كُل وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَرْأَتَيْنِ بَيْنَ الْوُجُوبِ وَعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَالْعِدَّةُ يُحْتَاطُ فِي إِيجَابِهَا، وَمِنْ الاِحْتِيَاطِ الْقَوْل بِوُجُوبِهَا عَلَى كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. (1)</p>وَالْمَالِكِيَّةُ يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ (2) فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَالصَّدَاقِ. وَلَمْ نَقِفْ عَلَى نَصٍّ لَهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ.</p>وَلَهُمْ فِي الصَّدَاقِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (صَدَاق) .</p>أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَإِنَّهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِيرَاثِ يَرَوْنَ أَنَّهُ يُوقَفُ لِلزَّوْجَتَيْنِ مِنْ مَالِهِ نَصِيبُ زَوْجَةٍ إِلَى أَنْ يَصْطَلِحَا، لأَِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ إِرْثُ إِحْدَاهُمَا بِيَقِينٍ، وَلَيْسَتْ إِحْدَاهُمَا بِأَوْلَى مِنَ الأُْخْرَى، فَإِنْ قَال وَارِثُ الزَّوْجِ: أَنَا أَعْرِفُ الزَّوْجَةَ مِنْهُمَا فَفِيهِ قَوْلَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: يُرْجَعُ إِلَيْهِ، لأَِنَّهُ لَمَّا قَامَ مَقَامَهُ فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ قَامَ مَقَامَهُ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجَةِ.</p>وَالثَّانِي: لَا يُرْجَعُ إِلَيْهِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَوْجَةٌ فِي الظَّاهِرِ، وَفِي الرُّجُوعِ إِلَى بَيَانِهِ إِسْقَاطُ وَارِثٍ مُشَارِكٍ، وَالْوَارِثُ لَا يَمْلِكُ إِسْقَاطَ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْمِيرَاثِ. وَقِيل: إِنَّهُ فِي صُورَةِ مَا إِذَا طَلَّقَ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ دُونَ تَعْيِينٍ لَا يُرْجَعُ إِلَى الْوَارِثِ قَوْلاً وَاحِدًا، لأَِنَّهُ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 3 / 226 - 227.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية الدسوقي 2 / 275.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المهذب 4 / 101 - 102، وحاشية البجيرمي على الخطيب 3 / 78.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>وَبِالنِّسْبَةِ لِلْعِدَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ لَمْ يَدْخُل بِهِمَا اعْتَدَّتْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، لأَِنَّ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الزَّوْجَةُ، فَوَجَبَتِ الْعِدَّةُ عَلَيْهِمَا لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ.</p>وَإِنْ دَخَل بِهِمَا، فَإِنْ كَانَتَا حَامِلَيْنِ اعْتَدَّتَا بِوَضْعِ الْحَمْل، لأَِنَّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ فِي الْحَمْل وَاحِدَةٌ.</p>وَإِنْ كَانَتَا مِنْ ذَوَاتِ الشُّهُورِ اعْتَدَّتَا بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، لأَِنَّهَا تَجْمَعُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ، وَإِنْ كَانَتَا مِنْ ذَوَاتِ الأَْقْرَاءِ اعْتَدَّتَا بِأَقْصَى الأَْجَلَيْنِ. (1) وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلَمْ نَجِدْ نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ.</p>وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ، وَمَاتَ قَبْل الْبَيَانِ، أُخْرِجَتْ بِالْقُرْعَةِ، فَمَنْ تَقَعُ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، وَهُوَ قَوْل أَبِي ثَوْرٍ، لأَِنَّهُ إِزَالَةُ مِلْكٍ عَنِ الآْدَمِيِّ فَتُسْتَعْمَل فِيهِ الْقُرْعَةُ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ، كَالْعِتْقِ. وَلأَِنَّ الْحُقُوقَ تَسَاوَتْ عَلَى وَجْهٍ تَعَذَّرَ تَعَيُّنُ الْمُسْتَحِقِّ فِيهِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ تُسْتَعْمَل فِيهِ الْقُرْعَةُ، كَالْقِسْمَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ فِي السَّفَرِ. فَأَمَّا قِسْمَةُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَفِيهِ إِعْطَاءُ مَنْ لَا تَسْتَحِقُّ وَإِنْقَاضُ الْمُسْتَحَقِّ، وَفِي وَقْفِ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ إِلَى غَيْرِ غَايَةٍ تَضْيِيعٌ لِحُقُوقِهِنَّ، وَحِرْمَانُ الْجَمِيعِ مَنْعُ الْحَقِّ عَنْ صَاحِبِهِ يَقِينًا. (2) وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَالُوهُ فِي مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى وَالْحَرْقَى، لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ الإِْرْثِ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ وَقْتَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ. وَبِالنِّسْبَةِ لِلْغَرْقَى وَالْهَدْمَى وَالْحَرْقَى الَّذِينَ بَيْنَهُمْ تَوَارُثٌ مَاتُوا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ أَسْبَقُ مَوْتًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب 2 / 146 - 147.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 6 / 340 - 341.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>اشْتِبَاهٌ عِنْدَ التَّوْرِيثِ، إِذْ لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ أَسْبَقُ مَوْتًا، وَلِذَا فَإِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ قَالُوا: يَمْتَنِعُ التَّوَارُثُ بَيْنَهُمْ، وَإِنَّمَا تُوَزَّعُ تَرِكَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى وَرَثَتِهِ الأَْحْيَاءِ دُونَ اعْتِبَارٍ لِمَنْ مَاتَ مَعَهُ، إِذْ لَا تَوَارُثَ بِالشَّكِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، لاِحْتِمَال مَوْتِهِمْ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ، فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي الاِسْتِحْقَاقِ، وَاسْتِحْقَاقُ الأَْحْيَاءِ مُتَيَقَّنٌ، وَالشَّكُّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ (1) . وَتَفْصِيلُهُ فِي (إِرْثٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌طُرُقُ إِزَالَةِ الاِشْتِبَاهِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> مَنِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرٌ مَا فَإِنَّ إِزَالَةَ الاِشْتِبَاهِ تَكُونُ عَنْ طَرِيقِ‌<span class="title">‌ التَّحَرِّي</span>، أَوِ الأَْخْذِ بِالْقَرَائِنِ، أَوِ اسْتِصْحَابِ الْحَال، أَوِ الأَْخْذِ بِالاِحْتِيَاطِ، أَوْ بِإِجْرَاءِ الْقُرْعَةِ وَنَحْوِهَا. وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ مَا تَقَدَّمَ.</p> </p>أ - التَّحَرِّي:</p><font color=#ff0000>20 -</font> وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الشَّيْءِ بِغَالِبِ الرَّأْيِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَقَدْ جُعِل التَّحَرِّي حُجَّةً حَال الاِشْتِبَاهِ وَفَقْدِ الأَْدِلَّةِ، لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنِ الْوُصُول إِلَى الْمُتَحَرَّى عَنْهُ. وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الْعَمَل صَوَابًا فِي الشَّرْعِ. (2)</p>فَمَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ مَثَلاً، وَلَمْ يَجِدْ سَبِيلاً لِمَعْرِفَتِهَا تَحَرَّى. لِمَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَال: كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُل رَجُلٍ مِنَّا عَلَى حِيَالِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَل قَوْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الدر المختار وحاشية ابن عابدين 5 / 509، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 487، والمهذب 2 / 26، والمغني 6 / 308.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 5 / 382.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>اللَّهِ سُبْحَانَهُ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} . (1) وَقَال عَلِيٌّ رضي الله عنه: " قِبْلَةُ الْمُتَحَرِّي جِهَةُ قَصْدِهِ، وَلأَِنَّ الْعَمَل بِالدَّلِيل الظَّاهِرِ وَاجِبٌ وَإِقَامَةٌ لِلْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ. وَالْفُرُوضُ إِصَابَةُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ أَوْ جِهَتِهَا بِالاِجْتِهَادِ وَالتَّحَرِّي، (2) عَلَى تَفْصِيلٍ وَاخْتِلَافٍ بَيَانُهُ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِقْبَال) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الأَْخْذُ بِالْقَرَائِنِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> الْقَرِينَةُ: هِيَ الأَْمَارَةُ الَّتِي تُرَجِّحُ أَحَدَ الْجَوَانِبِ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ. جَاءَ فِي فَوَاتِحِ الرَّحَمُوتِ: أَنَّ الْقَرِينَةَ مَا يَتَرَجَّحُ بِهِ الْمَرْجُوحُ. (3) وَقَدْ تَكُونُ الْقَرِينَةُ قَطْعِيَّةً، (4) وَقَدْ عَرَّفَتْ مَجَلَّةُ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ الْقَرِينَةَ الْقَاطِعَةَ بِأَنَّهَا: الأَْمَارَةُ الْبَالِغَةُ حَدَّ الْيَقِينِ. (5) وَلَا خِلَافَ فِي أَصْل اعْتِبَارِ الْقَرِينَةِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مُصْطَلَحِ (إِثْبَاتٌ)(ف 31) .</p>وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل حُكْمُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ بِالْقِيَافَةِ (6)(اتِّبَاعِ الأَْثَرِ وَتَعَرُّفِ الشَّبَهِ)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سبق تخريجه (ف 15) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 5 / 383، وتبيين الحقائق 1 / 101، والبدائع 1 / 118، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 1 / 223 - 227، ومواهب الجليل والتاج والإكليل 1 / 508، ونهاية المحتاج 1 / 419 - 423، ومنهاج الطالبين وحاشية قليوبي 1 / 136، والمهذب 1 / 74 - 75، والمغني 1 / 438، 441 - 452، وكشاف القناع 1 / 307.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فواتح الرحموت 2 / 22.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مسلم الثبوت 2 / 166.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المادة 1741 من المجلة.</p><font color=#ff0000>(6)</font> القيافة: اتباع الأثر، والقائف: هو الذي يتتبع الآثار، ويتعرف منها الذين سلكوها، ويعرف شبه الرجل بأبيه وأخيه، ويلحق النسب عند الاشتباه لما خصه الله تعالى به من علم ذلك.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>وَجَعْلُهَا دَلِيلاً يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ. (1) وَإِذَا تَدَاعَى رَجُلَانِ شَيْئًا، وَقَدَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةَ قَبُولِهِ، وَتَسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ، وَاشْتَبَهَ الأَْمْرُ عَلَى الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا كَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً تُرَجِّحُ جَانِبَهُ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِل عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عِنْدَ التَّكَافُؤِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ. (2)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ اسْتِصْحَابُ الْحَال:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> الْمُرَادُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ حُكْمٍ ثَبَتَ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي عَلَى مَا كَانَ، وَاعْتِبَارُهُ مَوْجُودًا مُسْتَمِرًّا إِلَى أَنْ يُوجَدَ دَلِيلٌ يُغَيِّرُهُ. وَقَدْ عَرَّفُوهُ بِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالْمُتَحَقِّقِ فِي الْمَاضِي عَلَى الْوُقُوعِ فِي الْحَال. (3) وَقَال الشَّوْكَانِيُّ: الْمُرَادُ اسْتِصْحَابُ الْحَال لأَِمْرٍ وُجُودِيٍّ أَوْ عَدَمِيٍّ،</p>عَقْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ (4) . فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ، ثُمَّ شَكَّ فِي طُرُوءِ الْحَدَثِ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ وَبَقَاءِ وُضُوئِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُ ذَلِكَ، لأَِنَّ الطَّهَارَةَ الثَّابِتَةَ بِيَقِينٍ لَا يُحْكَمُ بِزَوَالِهَا بِالشَّكِّ. (5) وَتَفْصِيل الْكَلَامِ فِي حُجِّيَّةِ الاِسْتِصْحَابِ وَالتَّرْجِيحِ بِهِ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ وَانْعِدَامِ الدَّلِيل سَبَقَ بَيَانُهُ فِي مُصْطَلَحِ (اسْتِصْحَاب) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الأَْخْذُ بِالاِحْتِيَاطِ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> جَاءَ فِي اللُّغَةِ: الاِحْتِيَاطُ طَلَبُ الأَْحَظِّ وَالأَْخْذُ بِأَوْثَقِ الْوُجُوهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمُ: افْعَل الأَْحْوَطَ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الطرق الحكمية ص 11 ط المدني.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التبصرة بهامش فتح العلي المالك 1 / 280 ط مصطفى محمد.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مسلم الثبوت وشرحه 2 / 359 ط الأميرية</p><font color=#ff0000>(4)</font> إرشاد الفحول ص 237 ط. الحلبي.</p><font color=#ff0000>(5)</font> البدائع 1 / 26، والقواعد لابن رجب ص 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ الاِشْتِبَاهِ مَثَلاً، فِيمَا إِذَا وَجَدَ الزَّوْجَانِ فِي فِرَاشِهِمَا الْمُشْتَرَكِ مَنِيًّا، وَلَمْ يَذْكُرْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرَهُ، وَقَال الزَّوْجُ: إِنَّهُ مِنَ الْمَرْأَةِ وَلَعَلَّهَا احْتَلَمَتْ، وَقَالَتِ الزَّوْجَةُ: إِنَّهُ مِنَ الرَّجُل وَلَعَلَّهُ احْتَلَمَ، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْل عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا (1) . كَمَا نَصُّوا فِي بَابِ الْعِدَّةِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا، وَاخْتَلَى بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ فَارَقَهَا، فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُل بِهَا، لأَِنَّ الْخَلْوَةَ مَثَارُ الشُّبْهَةِ، وَهَذَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الأَْعْرَاضِ وَالأَْنْسَابِ. (2)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الاِنْتِظَارُ لِمُضِيِّ الْمُدَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> وَهَذَا يَكُونُ فِيمَا لَهُ مُدَّةٌ مُحَدَّدَةٌ، كَدُخُول شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُول:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} . (3) فَإِنِ اشْتَبَهَ الأَْمْرُ وَغُمَّ الْهِلَال وَجَبَ إِكْمَال شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، (4) لِخَبَرِ صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. (5)</p> </p>و‌<span class="title">‌ إِجْرَاءُ الْقُرْعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> يَقُول الْقَرَافِيُّ: مَتَى تَعَيَّنَتِ الْمَصْلَحَةُ أَوِ الْحَقُّ فِي جِهَةٍ فَلَا يَجُوزُ الإِْقْرَاعُ، لأَِنَّ فِي الْقُرْعَةِ ضَيَاعَ ذَلِكَ الْحَقِّ الْمُعَيَّنِ وَالْمَصْلَحَةِ الْمُتَعَيِّنَةِ، وَمَتَى تَسَاوَتِ الْحُقُوقُ وَالْمَصَالِحُ، وَاشْتُبِهَ فِي الْمُسْتَحِقِّ فَهَذَا هُوَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير مادة:(حوط) ، والفتاوى الهندية 1 / 15.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إرشاد الفحول ص 244 - 245.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 185.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبيين الحقائق 1 / 316، ومواهب الجليل 2 / 377، والمهذب 1 / 186، وكشاف القناع 2 / 300.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث " صوموا لرؤيته " أخرجه البخاري ومسلم (فتح الباري 4 / 119 ط السلفية، وصحيح مسلم 2 / 762 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>مَوْضِعُ الْقُرْعَةِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، مَنْعًا لِلضَّغَائِنِ. (1) وَتَفْصِيلَةُ فِي (إِثْبَاتٌ) (ف / 36) وَفِي (قُرْعَة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الاِشْتِبَاهِ:</span></p><font color=#ff0000>26 -</font> دَرْءُ الْحَدِّ: مِنْ أَظْهَرْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الاِشْتِبَاهِ مِنْ آثَارٍ: دَرْءُ الْحَدِّ عَنِ الْجَانِي. فَقَدْ رَوَتِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. (2) وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ. (3) إِلَخْ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: لأََنْ أُعَطِّل الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُقِيمَهَا بِالشُّبُهَاتِ (4) .</p>وَيَقُول الْكَاسَانِيُّ: إِنَّ الْحَدَّ عُقُوبَةٌ مُتَكَامِلَةٌ فَيَسْتَدْعِي جِنَايَةً مُتَكَامِلَةً، فَإِذَا كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ كَانَتِ الْجِنَايَةُ غَيْرَ مُتَكَامِلَةٍ. (5)</p> </p><font color=#ff0000>27 -</font> وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى الاِشْتِبَاهِ مِنْ آثَارٍ عَمَلِيَّةٍ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْمُصَلِّي: وُجُوبُ سُجُودِ السَّهْوِ جَبْرًا، لِتَرْكِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التبصرة لابن فرحون 2 / 96، والقواعد لابن رجب ص 348 - 350.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " ادرءوا الحدود عن المسلمين. . . . " أخرجه الترمذي (4 / 33 طبع الحلبي) والحاكم (4 / 384 - ط دائرة المعارف العثمانية) . وضعفه ابن حجر في التلخيص (4 / 56 - ط دار المحاسن بالقاهرة) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " ادرءوا الحدود بالشبهات " أخرجه البيهقي (8 / 238 - دائرة المعارف العثمانية) بلفظ:" ادرءوا القتل والجلد عن المسلمين ما استطعتم " وذكر ابن حجر في التلخيص تصحيحه عن البيهقي. (4 / 56 ط دار المحاسن بالقاهرة) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه " لأن أعطل الحدود بالشبهات. . . " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (9 / 566 - الدار السلفية) وحكم عليه ابن حجر في التلخيص بالانقطاع (4 / 56 ط دار المحاسن بالقاهرة) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> البدائع 7 / 34.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>الْوَاجِبِ الأَْصْلِيِّ فِي الصَّلَاةِ أَوْ تَغْيِيرِهِ، أَوْ تَغْيِيرِ فَرْضٍ مِنْهَا عَنْ مَحَلِّهِ الأَْصْلِيِّ سَاهِيًا، فَيَجِبُ جَبْرُهُ بِالسُّجُودِ. (1)</p>فَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى. ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْل أَنْ يُسَلِّمَ. فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لأَِرْبَعٍ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ. (2) وَلأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الإِْتْيَانِ بِمَا شَكَّ فِيهِ، فَلَزِمَهُ الإِْتْيَانُ بِهِ. (3) كَمَا لَوْ شَكَّ هَل صَلَّى أَوْ لَا. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (سُجُود السَّهْوِ) .</p> </p><font color=#ff0000>28 -</font> وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى اشْتِبَاهِ الْقَاضِي فِيمَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ بِهِ فِي الدَّعْوَى الَّتِي يَنْظُرُهَا: مُشَاوَرَةُ الْفُقَهَاءِ لِلاِسْتِئْنَاسِ بِرَأْيِهِمْ، وَذَلِكَ نَدْبًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَوُجُوبًا فِي قَوْلٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه إِذَا جَلَسَ أَحْضَرَ أَرْبَعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ ثُمَّ اسْتَثَارَهُمْ، فَإِنْ رَأَوْا مَا رَآهُ أَمْضَاهُ (4) . يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: إِذَا نَزَل بِالْقَاضِي الأَْمْرُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 1 / 164.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " إذا شك أحدكم فلم يدركم صلى. . " أخرجه مسلم (1 / 400 - الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> المغني 2 / 16 - 17.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأثر أخرجه البيهقي بلفظ: " كان عثمان رضي الله عنه إذا جلس على المقاعد جاءه الخصمان فقال لأحدهما: اذهب ادع عليا، وقال: للآخر اذهب فادع طلحة والزبير ونفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول لهما: تكلما ثم يقبل على القوم فيقول: ما تقولون؟ فإ</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>الْمُشْكِل عَلَيْهِ مِثْلُهُ شَاوَرَ فِيهِ أَهْل الْعِلْمِ وَالأَْمَانَةِ. ثُمَّ قَال: لأَِنَّهُ قَدْ يَنْتَبِهُ بِالْمُشَاوَرَةِ، وَيَذْكُرُ مَا نَسِيَهُ بِالْمُذَاكَرَةِ. وَالْمُشَاوَرَةُ هُنَا لاِسْتِخْرَاجِ الأَْدِلَّةِ، وَيَعْرِفُ الْقَاضِي الْحَقَّ بِالاِجْتِهَادِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ مَا دَامَ مُجْتَهِدًا. وَمِنْ أَجْل تَيْسِيرِ أَمْرِ الْمَشُورَةِ عَلَى الْقَاضِي، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَ الْمَاضِي أَهْل الْعِلْمِ مِنْ كُل مَذْهَبٍ، حَتَّى إِذَا حَدَثَتْ حَادِثَةٌ يَفْتَقِرُ إِلَى أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْهَا، سَأَلَهُمْ لِيَذْكُرُوا أَدِلَّتَهُمْ فِيهَا وَجَوَابَهُمْ فِيهَا. (1)</p> </p><font color=#ff0000>29 -</font> كَمَا قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الاِشْتِبَاهِ وَقْفُ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ، أَوْ الاِحْتِفَاظُ بِقَدْرٍ مِنْهَا، كَمَا إِذَا كَانَ ضِمْنَ الْوَرَثَةِ حَمْلٌ عِنْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ، وَلَا يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى، حَتَّى يُعْلَمَ نَصِيبُهُ، أَوْ أَصْل اسْتِحْقَاقِهِ فِي الإِْرْثِ، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَفْقُودِ وَالأَْسِيرِ، فَإِنَّهُ يُجْعَل حَيًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيل عَلَى وَفَاتِهِ، وَيُجْعَل مَيِّتًا فِي مَال غَيْرِهِ، لَكِنْ يُوقَفُ لَهُ نَصِيبُهُ كَمَا يُوقَفُ نَصِيبُ الْحَمْل حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ أَوْ يُقْضَى بِاعْتِبَارِهِ مَيِّتًا. (2)</p>وَتَفْصِيل كُل ذَلِكَ وَبَيَانُهُ فِي مُصْطَلَحِ:(إِرْثٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌اشْتِرَاط</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِشْتِرَاطُ لُغَةً: مَصْدَرٌ لِلْفِعْل اشْتَرَطَ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 5، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي 4 / 139، والمهذب 2 / 298، والمغني 9 / 50، 52.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح السراجية، والبدائع 6 / 196، وحاشية الدسوقي 4 / 480 فما بعدها، ونهاية المحتاج 6 / 28 فما بعدها، والمغني 6 / 108، 253، 313، 321.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>وَاشْتَرَطَ مَعْنَاهُ: شَرَطَ. تَقُول الْعَرَبُ: شَرَطَ عَلَيْهِ كَذَا أَيْ أَلْزَمَهُ بِهِ، فَالاِشْتِرَاطُ يَرْجِعُ مَعْنَاهُ إِلَى مَعْنَى الشَّرْطِ.</p>وَالشَّرْطُ (بِسُكُونِ الرَّاءِ) لَهُ عِدَّةُ مَعَانٍ، مِنْهَا: إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ. قَال فِي الْقَامُوسِ: الشَّرْطُ إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، كَالشَّرِيطَةِ، (1) وَيُجْمَعُ عَلَى شَرَائِطَ وَشُرُوطٍ. وَالشَّرَطُ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) مَعْنَاهُ الْعَلَامَةُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَشْرَاطٍ.</p>وَاَلَّذِي يَعْنِي بِهِ الْفُقَهَاءُ هُوَ الشَّرْطُ (بِسُكُونِ الرَّاءِ) وَهُوَ إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ. فَإِنْ اشْتَرَطَ الْمُوَكِّل عَلَى الْوَكِيل شَرْطًا فَلَا بُدَّ لِلْوَكِيل أَنْ يَتَقَيَّدَ بِهِ.</p>وَكَذَلِكَ سَائِرُ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْتِزَامِهَا وَعَدَمِ الْخُرُوجِ عَنْهَا. (2)</p>أَمَّا الاِشْتِرَاطُ فِي الاِصْطِلَاحِ، فَقَدْ عَرَّفَ الأُْصُولِيُّونَ الشَّرْطَ بِأَنَّهُ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ، وَلَا يَشْتَمِل عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ فِي ذَاتِهِ بَل فِي غَيْرِهِ. (3)</p>وَالشَّرْطُ بِهَذَا الْمَعْنَى يُخَالِفُ الْمَانِعَ، إِذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ. وَيُخَالِفُ السَّبَبَ، إِذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ. وَيُخَالِفُ جُزْءَ الْعِلَّةِ، لأَِنَّهُ يَشْتَمِل عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْمُنَاسَبَةِ، لأَِنَّ جُزْءَ الْمُنَاسِبِ مُنَاسِبٌ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس المحيط مادة:(شرط) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب، والصحاح مادة:(شرط) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفروق للقرافي 1 / 59، 61 ط إحياء الكتب العربية.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشف الأسرار للبزدوي 4 / 173 ط دار الكتاب العربي، وأصول السرخسي 2 / 303 ط حيدر آباد، والتلويح على التوضيح 1 / 45.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div><font color=#ff0000>2 -</font> وَالشَّرْطُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ قَدْ يَكُونُ عَقْلِيًّا، أَوْ شَرْعِيًّا، أَوْ عَادِيًّا، أَوْ لُغَوِيًّا، بِاعْتِبَارِ الرَّابِطِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَمَشْرُوطِهِ، إِنْ كَانَ سَبَبُهُ الْعَقْل، أَوِ الشَّرْعَ، أَوِ الْعَادَةَ، أَوِ اللُّغَةَ. وَهُنَاكَ أَقْسَامٌ أُخْرَى لِلشَّرْطِ يَذْكُرُهَا الأُْصُولِيُّونَ فِي كُتُبِهِمْ. وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ. (1)</p><font color=#ff0000>3 -</font> أَمَّا الشَّرْطُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَهُوَ نَوْعَانِ:</p>أَحَدُهُمَا:‌<span class="title">‌ الشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ </span>(الشَّرْعِيُّ)، وَثَانِيهَا:‌<span class="title">‌ الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ</span>. وَفِيمَا يَلِي مَعْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا:</p> </p>أ - الشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ:</p><font color=#ff0000>4 -</font> الشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُجُودُ الشَّيْءِ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، كَالْوُضُوءِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَا تُوجَدُ بِلَا وُضُوءٍ، لأَِنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا. وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَإِنَّهُ يُوجَدُ، فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى وُجُودِهِ وُجُودُ الصَّلَاةِ، وَلَكِنْ يَتَرَتَّبُ عَلَى انْتِفَائِهِ انْتِفَاءُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ.</p> </p>ب - الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ:</p><font color=#ff0000>5 -</font>‌<span class="title">‌ الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ نَوْعَانِ:</span></p>أَحَدُهُمَا: الشَّرْطُ التَّعْلِيقِيُّ، وَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، كَالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى دُخُول الدَّارِ، كَمَا إِذَا قَال لَهَا: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ مُرَتَّبٌ عَلَى دُخُولِهَا الدَّارَ، فَلَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الدُّخُول انْتِفَاءُ الطَّلَاقِ، بَل قَدْ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِسَبَبٍ آخَرَ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق 1 / 61، 62، وانظر مصطلح (شرط) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> التلويح على التوضيح 1 / 145، 146.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>وَثَانِيهِمَا: الشَّرْطُ الْمُقَيَّدُ، وَمَعْنَاهُ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ. (1) وَالاِشْتِرَاطُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ فِعْل الْمُشْتَرَطِ، بِأَنْ يُعَلِّقَ أَحَدَ تَصَرُّفَاتِهِ، أَوْ يُقَيِّدَهَا بِالشَّرْطِ، فَمَعْنَى الاِشْتِرَاطِ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَاّ فِي الشَّرْطِ الْجَعْلِيِّ. وَسَيَأْتِي التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(شَرْطٌ)</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْلِيقُ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ بَيْنَ الاِشْتِرَاطِ وَالتَّعْلِيقِ، بِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَا دَخَل عَلَى أَصْل الْفِعْل بِأَدَاتِهِ، كَإِنْ وَإِذَا، وَالشَّرْطُ مَا جُزِمَ فِيهِ بِالأَْصْل، وَشُرِطَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ. (2)</p>وَقَال الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ نُجَيْمٍ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: إِنَّ التَّعْلِيقَ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ يُوجَدُ، بِإِنْ أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَالشَّرْطُ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ. (3)</p>‌<span class="title">‌الاِشْتِرَاطُ الْجَعْلِيُّ وَأَثَرُهُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> الاِشْتِرَاطُ الْجَعْلِيُّ قَدْ يَكُونُ تَعْلِيقِيًّا، وَقَدْ يَكُونُ تَقْيِيدِيًّا، فَالاِشْتِرَاطُ التَّعْلِيقِيُّ. هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَعْنًى يَعْتَبِرُهُ الْمُكَلَّفُ، وَيُعَلِّقُ عَلَيْهِ تَصَرُّفًا مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، كَالطَّلَاقِ، وَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ التَّعْلِيقَ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْتِيبِ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ يُوجَدُ، بِإِنْ أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا. فَالاِشْتِرَاطُ التَّعْلِيقِيُّ هُوَ فِعْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) غمز عيون البصائر للحموي 2 / 225 ط العامرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور للزركشي 1 / 371 ط وزارة أوقاف الكويت.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الحموي على ابن نجيم 2 / 225 ط العامرة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>الْمُشْتَرَطِ، كَأَنْ يُعَلِّقَ أَحَدَ تَصَرُّفَاتِهِ عَلَى الشَّرْطِ (1) .</p>هَذَا، وَلِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ شُرُوطٌ يَذْكُرُهَا الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ.</p>مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مَعْلُومًا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقَعُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ سبحانه وتعالى لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا. (2)</p>وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا مُسْتَقْبَلاً، بِخِلَافِ الْمَاضِي، فَإِنَّهُ لَا مَدْخَل لِلتَّعْلِيقِ فِيهِ، فَهُوَ تَنْجِيزٌ حَقِيقَةً، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا فِي الصُّورَةِ. (3)</p>وَمِنْهَا: أَلَاّ يَفْصِل بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ بِمَا يُعْتَبَرُ فَاصِلاً فِي الْعَادَةِ، فَإِنْ فَعَل ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ. (4)</p>وَلِلاِشْتِرَاطِ التَّعْلِيقِيِّ أَثَرُهُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ إِذَا اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِطُ، فَإِنَّ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا يَقْبَل التَّعْلِيقَ، وَمِنْهَا مَا لَا يَقْبَلُهُ. (5)</p>‌<span class="title">‌التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَقْبَل التَّعْلِيقَ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> مِنْهَا: الْبَيْعُ، وَهُوَ مِنَ التَّمْلِيكَاتِ، لَا يَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ انْتِقَالٌ لِلْمِلْكِ مِنْ طَرَفٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) راجع مصطلح (شرط) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 2 / 243 ط دار المعرفة، وقليوبي وعميرة 3 / 342 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر للسيوطي ص 376 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 5 / 284 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المنثور للزركشي 1 / 370 ط وزارة أوقاف الكويت، والفروق 1 / 228، 229 ط إحياء الكتب العربية، وجامع الفصولين 2 / 1 - 4 ط بولاق، وتبيين الحقائق 5 / 148، 149 ط دار المعرفة، والفتاوى الهندية 4 / 396 ط تركيا، وانظر مصطلح (شرط) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>إِلَى طَرَفٍ، وَانْتِقَال الأَْمْلَاكِ إِنَّمَا يَعْتَمِدُ الرِّضَا، وَالرِّضَا يَعْتَمِدُ الْجَزْمَ، وَلَا جَزْمَ مَعَ التَّعْلِيقِ (1) .</p>وَمِنْهَا: النِّكَاحُ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي بَابِ النِّكَاحِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> مِنْهَا: الْكَفَالَةُ، فَإِنَّهَا تَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الأَْصَحِّ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ يَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ. (3)</p>هَذَا، وَبِالنَّظَرِ إِلَى مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي التَّصَرُّفَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مِنَ التَّمْلِيكَاتِ وَالْمُعَاوَضَاتِ وَالاِلْتِزَامَاتِ وَالإِْطْلَاقَاتِ وَالإِْسْقَاطَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ وَالْوِلَايَاتِ، فَإِنَّنَا نَجِدُهُمْ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ بَعْضَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا يَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ مُطْلَقًا، كَالتَّمْلِيكَاتِ، وَالْمُعَاوَضَاتِ، وَالأَْيْمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالإِْقْرَارِ. وَبَعْضُهَا يَقْبَل الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ مُطْلَقًا، كَالْوِلَايَاتِ وَالاِلْتِزَامِ بِبَعْضِ الطَّاعَاتِ، كَالنَّذْرِ مَثَلاً وَالإِْطْلَاقَاتِ. وَبَعْضُهَا فِيهِ الْخِلَافُ مِنْ حَيْثُ قَبُولِهِ الاِشْتِرَاطَ التَّعْلِيقِيَّ أَوْ عَدَمِ قَبُولِهِ لَهُ، كَالإِْسْقَاطَاتِ وَبَعْضِ عُقُودِ التَّبَرُّعَاتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 4 / 396 ط تركيا، والفروق للقرافي 1 / 229 ط إحياء الكتب العربية، وقليوبي وعميرة 2 / 154، ومنتهى الإرادات 1 / 354 ط دار المعرفة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الهندية 4 / 396، ومواهب الجليل 3 / 446 ط النجاح، والمنثور 1 / 373، وكشاف القناع 5 / 98</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 368، وتبيين الحقائق 5 / 148، ورد المحتار 5 / 354، والفتاوى الهندية 4 / 396، ومواهب الجليل 5 / 101، ومغني المحتاج 3 / 306 ط الحلبي، ومنتهى الإرادات 1 / 414، وراجع مصطلح (شرط، وكفالة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>وَغَيْرِهَا. وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ كُلِّهِ فِي مُصْطَلَحِ: (شَرْط) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِشْتِرَاطُ التَّقْيِيدِيُّ وَأَثَرُهُ</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> سَبَقَ أَنَّ الاِشْتِرَاطَ التَّقْيِيدِيَّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَعْنَاهُ: الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ. (1) أَوْ أَنَّهُ: مَا جُزِمَ فِيهِ بِالأَْصْل وَشُرِطَ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ (2) . فَالشَّرْطُ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الاِشْتِرَاطِ، لأَِنَّ الْتِزَامَ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ، أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ آخَرَ بَعْدَ الْجَزْمِ بِالأَْصْل هُوَ الاِشْتِرَاطُ. وَلِهَذَا الشَّرْطُ أَثَرُهُ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ إِذَا اُشْتُرِطَ فِيهَا مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ أَوِ الْبُطْلَانِ.</p>وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ التَّصَرُّفَ إِذَا قُيِّدَ بِشَرْطٍ فَلَا يَخْلُو هَذَا الشَّرْطُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا أَوْ بَاطِلاً.</p>فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ صَحِيحًا، كَمَا لَوِ اُشْتُرِطَ فِي الْبَقَرَةِ كَوْنُهَا حَلُوبًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، لأَِنَّ الْمَشْرُوطَ صِفَةٌ لِلْمَبِيعِ أَوِ الثَّمَنِ، وَهِيَ صِفَةٌ مَحْضَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ انْقِلَابُهَا أَصْلاً، وَلَا يَكُونُ لَهَا حِصَّةٌ مِنَ الثَّمَنِ بِحَالٍ. (3)</p>وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلاً أَوْ فَاسِدًا، كَمَا لَوِ اشْتَرَى نَاقَةً عَلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ، كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحموي على ابن نجيم 2 / 225 ط العامرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور 1 / 37.</p><font color=#ff0000>(3)</font> بدائع الصنائع 5 / 173، والشرح الكبير 3 / 108، ومغني المحتاج 3 / 24، وكشاف القناع 3 / 888.</p><font color=#ff0000>(4)</font> بدائع الصنائع 5 / 169، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 3 / 309، 310، ومغني المحتاج 3 / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>وَكَمَا لَوْ قَال: بِعْتُكَ دَارِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَكَ، أَوْ عَلَى أَنْ أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي لَمْ يَصِحَّ، لاِشْتِرَاطِهِ عَقْدًا آخَرَ، وَلِشَبَهِهِ بِنِكَاحِ الشِّغَارِ. (1)</p>وَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ الَّذِينَ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِل يَذْكُرُونَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: صَحِيحٌ، وَفَاسِدٌ، وَبَاطِلٌ. وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الَّذِينَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِل، وَيَقُولُونَ بِأَنَّهُمَا وَاحِدٌ، يَذْكُرُونَ لَهُ قِسْمَيْنِ: صَحِيحٌ، وَفَاسِدٌ أَوْ بَاطِلٌ. كَمَا أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَذْكُرُونَ لِلشَّرْطِ الصَّحِيحِ أَنْوَاعًا وَلِلشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَنْوَاعًا، وَإِنَّ مِنَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ مَا يُفْسِدُ التَّصَرُّفَ وَيُبْطِلُهُ، وَمِنْهَا مَا يَبْقَى التَّصَرُّفُ مَعَهُ صَحِيحًا. وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مُصْطَلَحِ (شَرْط) .</p> </p>‌<span class="title">‌ضَوَابِطُ الاِشْتِرَاطِ التَّقْيِيدِيِّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الاِشْتِرَاطُ التَّقْيِيدِيُّ قِسْمَانِ: صَحِيحٌ، وَفَاسِدٌ أَوْ بَاطِلٌ.‌<span class="title">‌ الْقِسْمُ الأَْوَّل: الاِشْتِرَاطُ الصَّحِيحُ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> الاِشْتِرَاطُ الصَّحِيحُ ضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ مَا يُلَائِمُ مُقْتَضَاهُ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ بِجَوَازِ اشْتِرَاطِهِ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا جَرَى عَلَيْهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ. (2)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 3 / 193.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 5 / 171 - 174 ط الجمالية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ. (1)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةً مَشْرُوعَةً لِلْعَاقِدَيْنِ، أَوِ اشْتِرَاطُ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إِلَيْهِ. (2)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ اشْتِرَاطُ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِمَحَل الْعَقْدِ وَقْتَ صُدُورِهِ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ يُؤَكِّدُ مُقْتَضَاهُ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا أَجَازَ الشَّارِعُ اشْتِرَاطَهُ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُحَقِّقُ مَصْلَحَةً لِلْعَاقِدَيْنِ. (3)</p>‌<span class="title">‌الْقِسْمُ الثَّانِي: الاِشْتِرَاطُ الْفَاسِدُ أَوِ الْبَاطِل:</span></p>وَهَذَا النَّوْعُ ضَرْبَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: مَا يُفْسِدُ التَّصَرُّفَ وَيُبْطِلُهُ، وَثَانِيهِمَا: مَا يَبْقَى التَّصَرُّفُ مَعَهُ صَحِيحًا. وَهَاكَ ضَابِطُ كُلٍّ مِنْهُمَا.</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّرْبُ الأَْوَّل: مَا يُفْسِدُ التَّصَرُّفَ وَيُبْطِلُهُ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى غَدْرٍ غَيْرِ يَسِيرٍ، أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ مَحْظُورٍ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لأَِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِغَيْرِهِمَا، أَوْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (إِذَا كَانَ هَذَانِ الأَْخِيرَانِ مِنْ أَهْل الاِسْتِحْقَاقِ) ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا لَا يُلَائِمُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 65، 108.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 2 / 33، 34، والمجموع للنووي 9 / 364 ط السلفية.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 3 / 188 - 190.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَا مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ التَّعَامُل بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا مِمَّا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ بِجَوَازِهِ. (1)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ مَحْظُورٍ، أَوْ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى غَدْرٍ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ. (2)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ، أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَةٍ. (3)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: اشْتِرَاطُ عَقْدَيْنِ فِي عَقْدٍ، أَوْ اشْتِرَاطُ شَرْطَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُخَالِفُ الْمَقْصُودَ مِنَ الْعَقْدِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا يُبْطِل وَيَبْقَى التَّصَرُّفُ مَعَهُ صَحِيحًا:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: كُل مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُ مُقْتَضَاهُ، وَلَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ أَوِ الْعُرْفِ دَلِيلٌ بِجَوَازِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لأَِحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، أَوْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْل الاِسْتِحْقَاقِ. فَإِذَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَالشَّرْطُ بَاطِلاً. (5)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: اشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ مِنِ الْعُيُوبِ، أَوِ اشْتِرَاطُ الْوَلَاءِ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ، أَوِ اشْتِرَاطُ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ دُونَ الإِْخْلَال بِمَقْصُودِهِ (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 168 - 170.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الشرح الكبير 3 / 58، 309، 310.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني المحتاج 2 / 30، 33، والمهذب للشيرازي 1 / 275.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 3 / 193 - 195.</p><font color=#ff0000>(5)</font> بدائع الصنائع 5 / 170.</p><font color=#ff0000>(6)</font> حاشية الدسوقي 3 / 65، 112، والخرشي 4 / 328 ط بولاق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: اشْتِرَاطُ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ، أَوْ مَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ دُونَ الإِْخْلَال بِمَقْصُودِهِ. (1)</p>وَضَابِطُهُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: اشْتِرَاطُ مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ، أَوِ اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَةٍ، أَوْ أَمْرٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ (2) .</p>هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ مِنَ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ شُرُوطًا تَسْقُطُ إِذَا أَسْقَطَهَا الْمُشْتَرِطُ. وَضَابِطُهَا عِنْدَهُمْ: اشْتِرَاطُ أَمْرٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ مِنَ الْبَيْعِ، أَوْ يُخِل بِالثَّمَنِ فِيهِ، أَوْ يُؤَدِّي إِلَى غَدْرٍ فِي الْهِبَةِ (3)</p> </p>‌<span class="title">‌اشْتِرَاك</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> يُطْلَقُ الاِشْتِرَاكُ فِي اللُّغَةِ عَلَى الاِلْتِبَاسِ، يُقَال: اشْتَرَكَ الأَْمْرُ: الْتَبَسَ، وَيَأْتِي الاِشْتِرَاكُ بِمَعْنَى التَّشَارُكِ.</p>وَرَجُلٌ مُشْتَرَكٌ: إِذَا كَانَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ كَالْمَهْمُومِ، أَيْ أَنَّ رَأْيَهُ مُشْتَرَكٌ لَيْسَ بِوَاحِدٍ، وَلَفْظٌ مُشْتَرَكٌ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مَعْنًى. (4)</p>وَيُطْلَقُ الاِشْتِرَاكُ فِي عُرْفِ الْعُلَمَاءِ، كَأَهْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 2 / 34، 308.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 3 / 193.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الكبير 3 / 59 - 67، وجواهر الإكليل 2 / 215، ومواهب الجليل 5 / 61 - 63.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب، وتاج العروس مع القاموس، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط مادة: (شرك) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>الْعَرَبِيَّةِ وَالأُْصُول وَالْمِيزَانِ (الْمَنْطِقِ) عَلَى مَعْنَيَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: الاِشْتِرَاكُ الْمَعْنَوِيُّ. وَهُوَ كَوْنُ اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ مَوْضُوعًا لِمَفْهُومٍ عَامٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الأَْفْرَادِ، وَذَلِكَ اللَّفْظُ يُسَمَّى مُشْتَرَكًا مَعْنَوِيًّا.</p>ثَانِيهِمَا: الاِشْتِرَاكُ اللَّفْظِيُّ. وَهُوَ كَوْنُ اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ مَوْضُوعًا لِمَعْنَيَيْنِ مَعًا عَلَى سَبِيل الْبَدَل مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، وَذَلِكَ اللَّفْظُ يُسَمَّى مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا. (1)</p>أَمَّا الاِشْتِرَاكُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى التَّشَارُكِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الْخُلْطَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْخُلْطَةُ هِيَ الشَّرِكَةُ، وَهِيَ نَوْعَانِ: خُلْطَةُ أَعْيَانٍ، وَهِيَ مَا إِذَا كَانَ الاِشْتِرَاكُ فِي الأَْعْيَانِ. وَخُلْطَةُ أَوْصَافٍ: وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَال كُل وَاحِدٍ مِنَ الْخَلِيطَيْنِ مُتَمَيِّزًا فَخَلَطَاهُ، وَاشْتَرَكَا فِي عَدَدٍ مِنَ الأَْوْصَافِ، كَالْمَرَاحِ (الْمَأْوَى) وَالْمَرْعَى وَالْمَشْرَبِ وَالْمَحْلَبِ وَالْفَحْل وَالرَّاعِي.</p>وَلِلْخُلْطَةِ أَثَرٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فِي اكْتِمَال نِصَابِ الأَْنْعَامِ وَاحْتِسَابِ الزَّكَاةِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي (زَكَاة) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْمُشْتَرَكُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ وَأَقْسَامُهُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْمُشْتَرَكُ مَا كَانَ اللَّفْظُ فِيهِ مَوْضُوعًا حَقِيقَةً فِي مَعْنَيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَيَنْقَسِمُ الْمُشْتَرَكُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى قِسْمَيْنِ: مَعْنَوِيٍّ وَلَفْظِيٍّ.</p>‌<span class="title">‌الأَْوَّل: الْمُشْتَرَكُ الْمَعْنَوِيُّ</span>. وَهُوَ اللَّفْظُ الْمُفْرَدُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف اصطلاحات الفنون 4 / 154.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>الْمَوْضُوعُ لِمَفْهُومٍ عَامٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الأَْفْرَادِ، وَيَنْقَسِمُ إِلَى الْمُتَوَاطِئِ وَالْمُشَكِّكِ.</p>أ - الْمُتَوَاطِئُ: وَهُوَ الْكُلِّيُّ الَّذِي تَسَاوَى الْمَعْنَى فِي أَفْرَادِهِ، كَالإِْنْسَانِ، فَإِنَّهُ مُتَسَاوِي الْمَعْنَى فِي أَفْرَادِهِ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَغَيْرِهِمَا. وَسُمِّيَ مُتَوَاطِئًا مِنَ التَّوَاطُؤِ (التَّوَافُقُ) لِتَوَافُقِ أَفْرَادِ مَعْنَاهُ فِيهِ.</p>ب - الْمُشَكِّكُ: وَهُوَ الْكُلِّيُّ الَّذِي تَفَاوَتَ مَعْنَاهُ فِي أَفْرَادِهِ، كَالْبَيَاضِ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ فِي الثَّلْجِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْعَاجِ.</p>‌<span class="title">‌الثَّانِي: الْمُشْتَرَكُ اللَّفْظِيُّ</span>. وَهُوَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِمَعْنَيَيْنِ مَعًا عَلَى سَبِيل الْبَدَل. أَوْ هُوَ أَنْ يَتَّحِدَ اللَّفْظُ وَيَتَعَدَّدَ الْمَعْنَى عَلَى سَبِيل الْحَقِيقَةِ فِيهِمَا، كَالْقَرْءِ، فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ. (1)</p>‌<span class="title">‌عُمُومُ الْمُشْتَرَكِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفُوا فِي عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ، وَهُوَ أَنْ يُرَادَ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ فِي اسْتِعْمَالٍ وَاحِدٍ جَمِيعُ مَعَانِيهِ، بِأَنْ تَتَعَلَّقَ النِّسْبَةُ بِكُل وَاحِدٍ مِنْهَا، بِأَنْ يُقَال: رَأَيْتُ الْعَيْنَ وَيُرَادُ بِهَا الْبَاصِرَةُ وَالْجَارِيَةُ وَالذَّهَبُ وَغَيْرُهَا مِنْ مَعَانِيهَا، وَرَأَيْتُ الْجَوْنَ، وَيُرَادُ بِهِ الأَْبْيَضُ وَالأَْسْوَدُ، وَأَقْرَأَتْ هِنْدٌ، وَيُرَادُ بِهَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ.</p>فَذَهَبَ الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى مَنْعِ عُمُومِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1)</p>) جمع الجوامع 1 / 274 - 275، وكشاف اصطلاح الفنون 4 / 154، وكشف الأسرار 1 / 39، وفواتح الرحموت مع مسلم الثبوت 1 / 198، والمنار مع حواشيه ص 339 وما بعدها، وحاشية التفتازاني مع مختصر المنتهى ص 111 - 112، وتيسير التحرير 1 / 186 وما بعدها، والبرهان 1 / 343، والأحكام للآمدي 1 / 10، وأصول السرخسي 1 / 126، وحاشية نسمات الأسحار 1 / 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>الْمُشْتَرَكِ، وَعَلَيْهِ الْكَرْخِيُّ وَفَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيَّ وَالْبَصْرِيُّ وَالْجُبَّائِيُّ وَأَبُو هَاشِمٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ.</p>وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَاّنِيُّ الْمَالِكِيُّ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيُّ إِلَى جَوَازِ عُمُومِ الْمُشْتَرَكِ. (1)</p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الاِشْتِرَاكِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَرِدُ الاِشْتِرَاكُ كَثِيرًا فِي الْفِقْهِ فِيمَا نُجْمِل بَعْضَ أَحْكَامِهِ مَعَ الإِْحَالَةِ إِلَى مَوْطِنِهَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ الشَّرِكَةُ:</span></p>وَهِيَ نَوْعَانِ جَبْرِيَّةٌ وَاخْتِيَارِيَّةٌ.</p><font color=#ff0000>(1)</font> الْجَبْرِيَّةُ: وَهِيَ بِأَنْ يَخْتَلِطَ مَالَانِ لِرَجُلَيْنِ اخْتِلَاطًا لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا، أَوْ يَرِثَا مَالاً.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاِخْتِيَارِيَّةُ: بِأَنْ يَشْتَرِيَا عَيْنًا، أَوْ يَتَّهِبَا، أَوْ يُوصَى لَهُمَا فَيَقْبَلَانِ، أَوْ يَسْتَوْلِيَا عَلَى مَالٍ، أَوْ يَخْلِطَا مَالَهُمَا. وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ فِي نَصِيبِ الآْخَرِ، لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إِلَاّ بِإِذْنِهِ. وَالشَّرِكَةُ فِي الْعُقُودِ نَوْعَانِ أَيْضًا: فَهِيَ إِمَّا شَرِكَةٌ فِي الْمَال، أَوْ شَرِكَةٌ فِي الأَْعْمَال. فَالشَّرِكَةُ فِي الأَْمْوَال أَنْوَاعٌ: مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ وَوُجُوهٌ، وَشَرِكَةٌ فِي الْعُرُوضِ. وَالشَّرِكَةُ فِي الأَْعْمَال نَوْعَانِ: جَائِزَةٌ، وَهِيَ شَرِكَةُ الصَّنَائِعِ، وَفَاسِدَةٌ وَهِيَ الشَّرِكَةُ فِي الْمُبَاحَاتِ.</p>وَهُنَاكَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ بَعْضِ الشَّرِكَاتِ. (2) وَفِي تَفْصِيل أَنْوَاعِ الشَّرِكَاتِ رَاجِعْ مُصْطَلَحَ (شَرِكَة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فواتح الرحموت 1 / 101، والمنار مع حواشيه ص 343، وجمع الجوامع 1 / 494 - 495.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الاختيار 3 / 12 وما بعدها، والإقناع للشربيني 1 / 291 وما بعدها، ومنار السبيل 1 / 400 ط المكتب الإسلامي، وبلغة السالك 1 / 165 وما بعدها ط دار المعرفة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الاِشْتِرَاكُ فِي الْجِنَايَةِ:</span></p>بِأَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا فِي قَتْلٍ عَمْدٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ أَوْ جُرْحٍ، فَاخْتُلِفَ فِي الاِنْتِقَال إِلَى الدِّيَةِ، أَوْ قَتْل الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (جِنَايَاتٌ، قِصَاص) .</p> </p>-‌<span class="title">‌ الاِشْتِرَاكُ فِي الإِْرْثِ:</span></p>وَهُوَ اشْتِرَاكٌ جَبْرِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِي كَيْفِيَّةِ تَوْزِيعِ الأَْنْصِبَةِ وَإِعْطَاءِ كُل ذِي حَقٍّ حَقَّهُ اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِرْثٌ) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الطَّرِيقُ الْمُشْتَرَكُ:</span></p>وَهُوَ أَنْ تَشْتَرِكَ عِدَّةُ دُورٍ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ. وَهَذَا الطَّرِيقُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْتُوحًا وَهُوَ الشَّارِعُ، أَوْ يَكُونَ مَسْدُودًا. وَفِي الْبِنَاءِ الزَّائِدِ عَلَى الْبَيْتِ إِلَى الدَّرْبِ تَفْصِيلٌ فِي الْجَوَازِ وَالْحُرْمَةِ. (1) اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (طَرِيق) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ زَوَال الاِشْتِرَاكِ:</span></p>يَزُول الاِشْتِرَاكُ بِالْقِسْمَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ بِأَنْفُسِهِمْ بِالتَّرَاضِي، لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُمْ، وَمَنْ نَصَّبُوهُ لِلْقِسْمَةِ وَكِيلٌ لَهُمْ. (2) اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (قِسْمَة) .</p>وَكَمَا تُقْسَمُ الأَْعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ تُقْسَمُ الْمَنَافِعُ الْمُشْتَرَكَةُ أَيْضًا مُهَايَأَةً، أَيْ مُنَاوَبَةً فِي الزَّمَنِ. (3) وَيُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(قِسْمَة)(وَمُهَايَأَة) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) قليوبي وعميرة 2 / 312.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح الروض 4 / 329.</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح الروض 4 / 337.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اشْتِغَال الذِّمَّةِ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِشْتِغَال فِي اللُّغَةِ: التَّلَهِّي بِشَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ، وَهُوَ ضِدُّ الْفَرَاغِ، (1) وَالذِّمَّةُ فِي اللُّغَةِ: الْعَهْدُ وَالضَّمَانُ وَالأَْمَانُ. (2)</p>وَمِنْهُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. (3)</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِلاِشْتِغَال عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>أَمَّا الذِّمَّةُ فَهِيَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ: وَصْفٌ يَصِيرُ الشَّخْصُ بِهِ أَهْلاً لِلإِْيجَابِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَهُوَ مَا يُعَبِّرُ عَنْهُ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ بِأَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ. وَبَعْضُهُمْ عَرَّفَهَا بِأَنَّهَا: نَفْسٌ لَهَا عَهْدٌ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ يُولَدُ وَلَهُ ذِمَّةٌ صَالِحَةٌ لِلْوُجُوبِ لَهُ وَعَلَيْهِ. (4) فَهِيَ مَحَل الْوُجُوبِ لَهَا وَعَلَيْهَا. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير وتاج العروس مادة:(شغل)، ومتن اللغة 3 / 339 وتاج العروس 9 / 391.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصباح المنير مادة:(شغل) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم. . . " أخرجه البخاري ومسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا (فتح الباري 6 / 279، 280 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 2 / 994 - 998 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> التعريفات للجرجاني ص 95 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(5)</font> كشف الأسرار لأصول البزدوي 4 / 237، والتوضيح والتلويح 2 / 162، وكشاف القناع 2 / 117.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>وَلَعَل تَسْمِيَةَ النَّفْسِ بِالذِّمَّةِ مِنْ قَبِيل تَسْمِيَةِ الْمَحَل (أَيِ النَّفْسِ) بِالْحَال (أَيِ الذِّمَّةِ) .</p>فَمَعْنَى اشْتِغَال الذِّمَّةِ بِالشَّيْءِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ وُجُوبُ الشَّيْءِ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا، وَمُقَابِلُهُ فَرَاغُ الذِّمَّةِ وَبَرَاءَتُهَا، كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْحَوَالَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إِلَاّ بِفَرَاغِ ذِمَّةِ الأَْصِيل، وَالْكَفَالَةُ لَا تَتَحَقَّقُ مَعَ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ. (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> هِيَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ وَضِدُّ الاِشْتِغَال، وَهِيَ أَصْلٌ مِنَ الأُْصُول الْمُسَلَّمَةِ الْفِقْهِيَّةِ. يُحَال عَلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ، وَالْقَاعِدَةُ الْكُلِّيَّةُ تَقُول:" الأَْصْل بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ "(2) .</p>وَلِذَا لَمْ يُقْبَل شَغْلُهَا إِلَاّ بِدَلِيلٍ، وَمَوْضِعُ تَفْصِيلِهِ مُصْطَلَحُ (بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> وَمَعْنَاهُ جَعْل الذِّمَّةِ فَارِغَةً، وَهُوَ يَحْصُل بِالأَْدَاءِ مُطْلَقًا، أَوْ بِالإِْبْرَاءِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ الَّتِي تَقْبَل الإِْبْرَاءَ، كَمَا يَحْصُل بِالْمَوْتِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ.</p>وَيَحْصُل أَيْضًا بِالْكَفَالَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ.</p>وَعَبَّرَ الأُْصُولِيُّونَ عَنْ وُجُوبِ تَفْرِيغِ الذِّمَّةِ بِوُجُوبِ الأَْدَاءِ، كَمَا يَقُول صَاحِبُ التَّوْضِيحِ: إِنَّ وُجُوبَ الأَْدَاءِ هُوَ لُزُومُ تَفْرِيغِ الذِّمَّةِ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهَا. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الزيلعي 4 / 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 23.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الهداية مع الفتح 5 / 418، والتوضيح والتلويح 1 / 203، وكشف الأسرار لأصول البزدوي 1 / 222.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صِفَتُهَا (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْغَالِبُ اسْتِعْمَال هَذَا الْمُصْطَلَحِ فِي الدُّيُونِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ الْمَالِيَّةِ، وَلِهَذَا يُعَرِّفُ الْفُقَهَاءُ الدَّيْنَ بِأَنَّهُ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ، كَمِقْدَارٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ فِي ذِمَّةِ رَجُلٍ، وَمِقْدَارٍ مِنْهَا لَيْسَ بِحَاضِرٍ. (1) وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَلْزَمُ تَفْرِيغُهَا بِالأَْدَاءِ أَوِ الإِْبْرَاءِ. وَتَظَل الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً وَإِنْ مَاتَ، وَلِذَا يُوَفَّى الدَّيْنُ مِنْ مَال الْمَدِينِ الْمُتَوَفَّى إِذَا تَرَكَ مَالاً. وَمَوْضِعُ تَفْصِيلِهِ مُصْطَلَحُ (دَيْن) .</p>وَالْحَقُّ أَنَّ الذِّمَّةَ كَمَا تَشْتَغِل بِحُقُوقِ النَّاسِ الْمَالِيَّةِ، تَشْغَلُهَا الأَْعْمَال الْمُسْتَحَقَّةُ، كَالْعَمَل فِي ذِمَّةِ الأَْجِيرِ فِي إِجَارَةِ الْعَمَل، وَتَشْغَلُهَا أَيْضًا الْوَاجِبَاتُ الدِّينِيَّةُ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَنُذُورٍ، لأَِنَّ الْوَاجِبَ فِي الذِّمَّةِ قَدْ يَكُونُ مَالاً، وَقَدْ يَكُونُ عَمَلاً مِنَ الأَْعْمَال، كَأَدَاءِ صَلَاةٍ فَائِتَةٍ، وَإِحْضَارِ شَخْصٍ أَمَامَ الْقَضَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، (2) وَحِينَ اشْتِغَال الذِّمَّةِ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأُْمُورِ يَجِبُ تَفْرِيغُهَا، إِمَّا بِالأَْدَاءِ، وَإِمَّا بِالإِْبْرَاءِ إِذَا كَانَتْ حَقًّا لِلْعِبَادِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْوُجُوبُ فِي الذِّمَّةِ، وَتَفْرِيغُهَا:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> عَبَّرَ الْفُقَهَاءُ عَنِ اشْتِغَال الذِّمَّةِ بِالْوُجُوبِ، كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْوُجُوبَ هُوَ اشْتِغَال ذِمَّةِ الْمُكَلَّفِ بِالشَّيْءِ، وَوُجُوبُ الأَْدَاءِ هُوَ لُزُومُ تَفْرِيغِ الذِّمَّةِ عَمَّا تَعَلَّقَ بِهَا. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مجلة الأحكام العدلية م / 158.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحموي على الأشباه والنظائر 2 / 209.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التوضيح والتلويح 1 / 203، وكشف الأسرار لأصول البزدوي 1 / 222.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>وَالأَْصْل أَنَّ الإِْيجَابَ هُوَ سَبَبُ اشْتِغَال الذِّمَّةِ، لأَِنَّ اشْتِغَال الذِّمَّةِ يَحْصُل بِالْوُجُوبِ عَلَيْهَا. يَقُول صَاحِبُ التَّوْضِيحِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَْدَاءِ وَالْقَضَاءِ: إِنَّ الشَّرْعَ شَغَل الذِّمَّةَ بِالْوَاجِبِ ثُمَّ أَمَرَ بِتَفْرِيغِهَا (1) وَيَقُول الْغَزَالِيُّ فِي مُسْتَصْفَاهُ: اشْتَغَلَتِ الذِّمَّةُ بِالأَْدَاءِ، وَبَقِيَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْوَقْتِ، فَأُمِرَ بِتَفْرِيغِهَا بِإِتْيَانِ الْمِثْل، فَالْوُجُوبُ الَّذِي ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ وَاحِدٌ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَتَكَلَّمُ الْفُقَهَاءُ عَنِ اشْتِغَال الذِّمَّةِ فِي الْكَلَامِ عَنِ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، (3) وَفِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ، (4) وَالْحَوَالَةِ، وَفِي بَحْثِ الدَّيْنِ (5) . وَالْقَرْضِ، وَالأُْصُولِيُّونَ يَتَكَلَّمُونَ عَنْهُ فِي بُحُوثِ الأَْهْلِيَّةِ، وَالأَْدَاءِ، وَالْقَضَاءِ، (6) وَالْمَأْمُورِ بِهِ، (7) وَفِي بَحْثِ الْقُدْرَةِ كَشَرْطٍ لِلتَّكْلِيفِ. (8) وَلِلتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَى الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التوضيح والتلويح 1 / 161.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المستصفى للغزالي 1 / 142.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم 1 / 23، 89.</p><font color=#ff0000>(4)</font> أسنى المطالب 2 / 235، وفتح القدير 5 / 418.</p><font color=#ff0000>(5)</font> ابن عابدين 3 / 138.</p><font color=#ff0000>(6)</font> كشف الأسرار لأصول البزدوي 1 / 134، والمستصفى للغزالي 1 / 142.</p><font color=#ff0000>(7)</font> التوضيح والتلويح 1 / 203.</p><font color=#ff0000>(8)</font> المستصفى للغزالي 1 / 140.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اشْتِمَال الصَّمَّاءِ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> فِي اللُّغَةِ: اشْتَمَل بِالثَّوْبِ إِذَا أَدَارَهُ عَلَى جَسَدِهِ كُلِّهِ حَتَّى لَا تَخْرُجَ مِنْهُ يَدُهُ، وَاشْتَمَل عَلَيْهِ الأَْمْرُ: أَحَاطَ بِهِ، وَالشَّمْلَةُ الصَّمَّاءُ: الَّتِي لَيْسَ تَحْتَهَا قَمِيصٌ وَلَا سَرَاوِيل.</p>قَال أَبُو عُبَيْدٍ: اشْتِمَال الصَّمَّاءِ هُوَ أَنْ يَشْتَمِل بِالثَّوْبِ حَتَّى يُجَلِّل بِهِ جَسَدَهُ، وَلَا يَرْفَعُ مِنْهُ جَانِبًا، فَيَكُونُ فِيهِ فُرْجَةٌ تَخْرُجُ مِنْهَا يَدُهُ، وَهُوَ التَّلَفُّعُ. (1)</p>أَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ: فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p>وَيَرَى بَعْضُهُمْ أَنَّ اشْتِمَال الصَّمَّاءِ هُوَ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ: الاِضْطِبَاعُ، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ طَرَفَيْ ثَوْبِهِ عَلَى عَاتِقِهِ الأَْيْسَرِ.</p>كَمَا أَنَّ الْكَثْرَةَ مِنَ الْفُقَهَاءِ يَرَوْنَ أَنَّ اشْتِمَال الصَّمَّاءِ لَا يَكُونُ فِي حَالَةِ وُجُودِ إِزَارٍ.</p>وَيَرَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَّزِرًا أَوْ غَيْرَ مُتَّزِرٍ.</p>وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ فِي هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّوْبِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب مادة:(شمل) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 458 ط بولاق ثالثة، والمجموع شرح المهذب 3 / 173 ط المكتبة السلفية، وحاشية الدسوقي 1 / 219 ط دار الفكر، وكشاف القناع 1 / 251 ط أنصار السنة، والمغني لابن قدامة 1 / 584 مكتبة الرياض، والمجموع 3 / 173.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صِفَتُهَا (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي‌<span class="title">‌ التَّعْرِيفِ </span>عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اشْتِمَال الصَّمَّاءِ - إِنِ انْكَشَفَتْ مَعَهُ الْعَوْرَةُ - كَانَ حَرَامًا وَمُفْسِدًا لِلصَّلَاةِ. وَأَمَّا إِذَا لَمْ يُؤَدِّ إِلَى ذَلِكَ فَقَدِ اتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى الْكَرَاهَةِ، وَلَكِنْ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، (1) وَبَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهَا كَرَاهَةٌ تَحْرِيمِيَّةٌ.</p>وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ نَهَى عَنْ لُبْسَتَيْنِ: اشْتِمَال الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُل بِثَوْبٍ لَيْسَ بَيْنَ فَرْجِهِ وَبَيْنَ السَّمَاءِ شَيْءٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُنْظَرُ تَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي: (لِبَاس، وَصَلَاة، وَعَوْرَة، وَمَكْرُوهَات الصَّلَاةِ) .</p> </p>‌<span class="title">‌اشْتِهَاء</span></p> </p>التَّعْرِيفُ:</p><font color=#ff0000>1 -</font> الاِشْتِهَاءُ فِي اللُّغَةِ: حُبُّ الشَّيْءِ وَاشْتِيَاقُهُ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المراجع السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن لبستين: اشتمال الصماء. . . . " أخرجه البخاري، والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بلفظ: " إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اشتمال الصماء، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء " (فتح الباري 10 / 279 ط السلفية، وسنن النسائي 8 / 210 ط المطبعة الأزهرية</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>وَالرَّغْبَةُ فِيهِ وَنُزُوعُ النَّفْسِ إِلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِالنِّسَاءِ أَمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَالشَّهْوَةُ كَذَلِكَ، وَقَدْ يُقَال لِلْقُوَّةِ الَّتِي تَشْتَهِي الشَّيْءَ شَهْوَةً. (1)</p>وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَأَغْلَبُ مَا يَعْنُونَ بِاسْتِعْمَالِهِمْ لِلَفْظَيِ اشْتِهَاءٍ وَشَهْوَةٍ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِرَغْبَةِ الرَّجُل فِي الْمَرْأَةِ وَرَغْبَتِهَا فِيهِ، وَهُوَ مَا يَجِدُهُ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا مِنْ لَذَّةٍ نَفْسِيَّةٍ، بِتَحْرِيكِ الْقَلْبِ وَمَيْلِهِ، أَوْ لَذَّةٍ حِسِّيَّةٍ بِتَحَرُّكِ أَعْضَاءِ التَّنَاسُل، وَذَلِكَ عِنْدَ النَّظَرِ أَوِ الْمَسِّ، أَوِ الْمُبَاشَرَةِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامٍ. (2)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font>‌<span class="title">‌ الشَّبَقُ: </span>وَهُوَ هِيَاجُ شَهْوَةِ النِّكَاحِ، فَالشَّبَقُ أَخَصُّ مِنْ الاِشْتِهَاءِ. (3)</p>‌<span class="title">‌صِفَتُهَا (الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ) :</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الاِشْتِهَاءُ الطَّبِيعِيُّ الَّذِي لَا إِرَادَةَ فِي إِيجَادِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} (4) وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تُؤَاخِذْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ (5) وَلَكِنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بِالاِشْتِهَاءِ الإِْرَادِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمفردات للراغب، والمعجم الوسيط: مادة (شهي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 241 ط بولاق ثانية، ومغني المحتاج 3 / 128 وما بعدها ط مصطفى الحلبي، ومنح الجليل 2 / 4 ط مكتبة النجاح بليبيا.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصباح المنير مادة:(شبق) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 286.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك ". أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه والحاكم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا بألفاظ مقاربة، ولفظ أبي داود والحاكم:" اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " والحديث صححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي ورجح الترمذي إرساله. وكذا أعله النسائي والدارقطني. وقال أبو زرعة: لا أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على وصله (تحفة الأحوذي 4 / 2 وعون المعبود 2 / 208 ط الهند، وسنن ابن ماجه بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي 1 / 634 ط عيسى الحلبي، والمستدرك 2 / 187 نشر دار الكتاب العربي، وموارد الظمآن بتحقيق محمد عبد الرزاق حمزة ص 317 نشر دار الكتب العلمية، ونيل الأوطار 6 / 372 ط دار الجيل، وشرح السنة للبغوي 9 / 151 نشر المكتب الإسلامي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>وَمَا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ: إِمَّا مُبَاحٌ أَوْ مُحَرَّمٌ.</p>أَمَّا الْمُبَاحُ: فَقَدْ حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي إِعْطَاءِ النَّفْسِ حَظَّهَا مِنَ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ مَذَاهِبَ.</p>أَحَدُهَا: مَنْعُهَا وَقَهْرُهَا حَتَّى لَا تَطْغَى.</p>الثَّانِي: إِعْطَاؤُهَا تَخَيُّلاً عَلَى نَشَاطِهَا.</p>الثَّالِثُ، وَهُوَ الأَْشْبَهُ: التَّوَسُّطُ (1) .</p>أَمَّا اشْتِهَاءُ الْمُحَرَّمِ فَحَرَامٌ،</p> </p>وَأَكْثَرُ مَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ هُوَ اشْتِهَاءُ الرَّجُل الْمَرْأَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ، أَوِ الْعَكْسُ، وَيُرَتِّبُونَ عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامًا مِنْهَا:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ النَّظَرُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النَّظَرَ بِشَهْوَةٍ حَرَامٌ قَطْعًا لِكُل مَنْظُورٍ إِلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مُحَرَّمٍ، لَا زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ نَظَرَ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْ شَهْوَةٍ صُبَّ فِي عَيْنَيْهِ الآْنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (2)</p>وَخَوْفُ الشَّهْوَةِ أَوِ الشَّكُّ فِي الاِشْتِهَاءِ يَحْرُمُ مَعَهُ النَّظَرُ أَيْضًا، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُل فِي ذَلِكَ يَحْرُمُ نَظَرُهَا إِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية عميرة بأسفل القليوبي 4 / 264 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font>) حديث:" من نظر إلى محاسن امرأة أجنبية عن شهوة صب في عينيه الآنك يوم القيامة ". أورده ابن حجر في الدراية، وقال: لم أجده. وذكره أيضا الزيلعي في نصب الراية واستغربه (الدراية في تخريج أحاديث الهداية 2 / 225 ط الفجالة الجديدة، ونصب الراية 4 / 239، 240 دار المأمون) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>الرَّجُل إِذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ، أَوْ خَافَتْ، أَوْ شَكَّتْ فِي الاِشْتِهَاءِ.</p>وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُشْتَهَى مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ.</p>أَمَّا الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى، وَمِثْلُهَا الْعَجُوزُ فَإِنَّهُ يَحِل النَّظَرُ وَالْمَسُّ، لاِنْعِدَامِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ، أَمَّا عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا.</p>وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ النَّظَرِ مَا إِذَا كَانَتْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ كَالْعِلَاجِ، أَوِ الشَّهَادَةِ، أَوِ الْقَضَاءِ، أَوِ الْخِطْبَةِ لِلنِّكَاحِ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ النَّظَرُ حِينَئِذٍ وَلَوْ مَعَ الاِشْتِهَاءِ. (1)</p>وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ مَعَ تَفْصِيلَاتٍ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيِ (النَّظَر، وَاللَّمْس) وَغَيْرُهُمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الصغير 4 / 743 ط دار المعارف، ومنح الجليل 2 / 4، والهداية 4 / 83 وما بعدها ط المكتبة الإسلامية، وابن عابدين 5 / 214 وما بعدها، 1 / 284 ط بولاق ثالثة، ومغني المحتاج 3 / 128 وما بعدها، والمغني 6 / 558 وما بعدها ط مكتبة الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مَنْ مَسَّتْهُ امْرَأَةٌ بِشَهْوَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ مَسَّ امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرَ إِلَى فَرْجِهَا الدَّاخِل،. لأَِنَّ الْمَسَّ وَالنَّظَرَ سَبَبٌ دَاعٍ لِلْوَطْءِ، فَيُقَامُ مَقَامُهُ فِي مَوْضِعِ الاِحْتِيَاطِ (وَالْمَسُّ بِشَهْوَةٍ أَنْ تَنْتَشِرَ الآْلَةُ أَوْ تَزْدَادُ انْتِشَارًا) وَهُوَ رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَلِلْحَنَابِلَةِ، وَفِي الْمَوْضِعِ تَفْصِيلَاتٌ كَثِيرَةٌ (1) تُنْظَرُ فِي (حُرْمَة - نِكَاح - زِنًى) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الاِشْتِهَاءُ أَوِ الشَّهْوَةُ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ عِدَّةٌ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ، وَبُطْلَانِ الصَّلَاةِ، وَإِيجَابِ الْغُسْل، وَحَدِّ الزِّنَى إِنْ أَدَّى إِلَى مُبَاشَرَةٍ فِي الْفَرَجِ، وَتُنْظَرُ فِي (وُضُوء، وَطَهَارَة، وَصَلَاة، وَزِنَى) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 1 / 192 وابن عابدين 2 / 278 ط بولاق أولى، 5 / 241 ط بولاق ثالثة، والمغني 6 / 579، ومنح الجليل 2 / 48، والمهذب 2 / 44 ط دار المعرفة بيروت.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أ</span></p>إبراهيم النخعي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 325.</p>‌<span class="title">‌ابن أبي تغلب (1057 - 1135ه</span>ـ)</p>هو عبد القادر بن عمر بن عبد القادر بن عمر بن أبي تغلب، أبو التقي، الحنبلي الدمشقي. فقيه، فرضي، صوفي. أخذ عن الشيخ عبد الباقي الحنبلي والشيخ عثمان القطان ومحمد بن محمد العيثاوي وغيرهم، وأخذ عنه خلق لا يحصون وانتفعوا به، وكان صالحاً عابداً خاشعاً مصون اللسان.</p>من تصانيفه:" نيل المآرب بشرح دليل الطالب " لمرعي الحنبلي في فروع الفقه الحنبلي.</p>[سلك الدرر 3 / 58، ومعجم المؤلفين 5 / 296، والأعلام 4 / 167] .</p> </p>ابن أبي ليلى:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص325.</p>ابن بدران: هو عبد القادر بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص340.</p> </p>ابن تيمية:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p>ابن جُرَيْج: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص326.</p>‌<span class="title">‌ابن الجزري (751 - 833ه</span>ـ)</p>هو محمد بن محمد بن علي، أبو الخير، العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي، الشهير بابن الجزري. مقرئ، مجوّد، محدث، حافظ، مؤرخ، مفسر، فقيه، مشارك في بعض العلوم، ولد ونشأ في دمشق، وابتنى فيها مدرسة سماها " دار القرآن " ورحل إلى مصر مراراً، ودخل</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>بلاد الروم، وسافر مع تيمورلنك إلى ما وراء النهر. ثم رحل إلى شيراز، فولي قضاءها. ومات فيها.</p>من تصانيفه:" النشر في القراءات العشر " و " غاية النهاية في طبقات القراء " و " تقريب النشر في القراءات العشر " و " الهداية في علم الرواية "، و " تحبير التيسير ".</p>[الضوء اللامع 9 / 255، وشذرات الذهب 7 / 204، ومعجم المؤلفين 11 / 291، والأعلام 7 / 274] .</p>ابن الجوزي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص 398.</p>ابن الحاج: هو محمد بن محمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص340.</p>ابن الحاجب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 327.</p>ابن حبيب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 327.</p>ابن حجر الهيثمي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص327.</p>‌<span class="title">‌ابن دقيق العيد (625 - 702ه</span>ـ)</p>هو محمد بن علي بن وهب بن مطيع، أبو الفتح، تقي الدين القشيري. المعروف كأبيه وجده بابن دقيق العيد. قاض، من أكابر العلماء بالأصول، مجتهد. أصل أبيه من منفلوط (بمصر) انتقل إلى قوص. وولد على ساحل البحر الأحمر. وتوفي بالقاهرة.</p>من تصانيفه:" إحكام الأحكام في شرح عمدة الأحكام " في الحديث و " أصول الدين " و " الإمام في شرح الإلمام " و " الاقتراح في بيان الاصطلاح ".</p>[الدرر الكامنة 4 / 91، وشذرات الذهب 6 / 5، والأعلام 7 / 173] .</p> </p>ابن رشد: هو أبو الوليد الجد أو الحفيد:</p>تقدمت ترجمتهما في ج1 ص328.</p>ابن الزير:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 359.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>ابن السمعاني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص329.</p>ابن سيرين:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 28.</p> </p>ابن شاس:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص329.</p> </p>ابن شبرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص400.</p>‌<span class="title">‌ابن شيطا (370 - 405ه</span>ـ)</p>هو عبد الواحد بن الحسين بن أحمد بن عثمان بن شيطا، أبو الفتح، البغدادي، مقرئ بصير بالعربية، توفي في صغره.</p>من تصانيفه:" التذكار في القراءات العشرة ".</p>[معجم المؤلفين 6 / 207، وكشف الظنون 1 / 383] .</p> </p>ابن عابدين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص330.</p>‌<span class="title">‌ابن عامر (8 - 118ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم، أبو عمران، اليحصبي الشامي. أحد القراء السبعة. ولي قضاء دمشق في خلافة الوليد بن عبد الملك. ولد في البلقاء في قرية " رحاب " وانتقل إلى دمشق بعد فتحها. روى عن معاوية والنعمان بن بشير وأبي أمامة وغيرهم. وعنه أخوه عبد الرحمن وربيعة بن يزيد وعبد الرحمن بن يزيد وغيرهم. قال الذهبي: مقرئ الشاميين، صدوق في رواية الحديث.</p>[تهذيب التهذيب 5 / 274، وميزان الاعتدال 2 / 449، والأعلام 4 / 228] .</p> </p>ابن عباس:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص330.</p>ابن عبد البر:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص400.</p> </p>ابن العربي المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>ابن عرفة: هو محمد بن محمد التونسي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p>ابن عقيل الحنبلي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص401.</p>‌<span class="title">‌ابن علاّن (996 - 1057ه</span>ـ)</p>هو محمد بن علي بن محمد بن علان، البكري، الصديقي، العلوي، الشافعي. مفسر. عالم بالحديث، مشارك في عدة علوم، وباشر الإفتاء وله من السن أربع وعشرون سنة، وجمع بين الرواية والدراية والعلم والعمل، وكان إماماً ثقة من أفراد أهل زمانه معرفة وحفظاً وإتقاناً وضبطاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد بمكة، ونشأ وتوفي بها.</p>من تصانيفه:" الفتوحات الربانية على الأذكار النووية " و " مثير شوق الأنام إلى حج بيت الله الحرام " و " ضياء السبيل " و " دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين ".</p>[خلاصة الأثر 4 / 184، ومعجم المؤلفين 11 / 54، والأعلام 7 / 187] .</p> </p>ابن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331</p>ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص332.</p> </p>ابن قتيبة:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص344.</p>ابن قدامة: هو عبد الله بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p>‌<span class="title">‌ابن كثير (759 - 803ه</span>ـ)</p>هو محمد بن إسماعيل بن عمر بن كثير، أبو عبد الله، البصروي، ثم الدمشقي، الشافعي. (أبوه الحافظ ابن كثير. المفسر. المؤرخ المشهور) محدث، حافظ، مؤرخ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>قال ابن حجر: وسمع معي بدمشق. ثم رحل إلى القاهرة، فسمع من بعض شيوخنا، وتمهر في هذا الشأن قليلاً وتخرج بابن النجيب، ودرس في مشيخة الحديث بعد أبيه بتربة أم صالح.</p>[شذرات الذهب 6 / 35، والضوء اللامع 7 / 138، ومعجم المؤلفين 9 / 59] .</p> </p>ابن الماجشون:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p>ابن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 334.</p>ابن المسيب: هو سعيد بن المسيب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 354.</p>‌<span class="title">‌ابن مفلح (710 وقيل 712 - 763ه</span>ـ)</p>هو محمد بن مفلح بن محمد بن مفرح، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي الراميني ثم الصالحي. فقيه، أصولي، محدث، أعلم أهل عصره بمذهب الإمام أحمد بن حنبل.</p>أخذ عن المزي والذهبي وتقي الدين السبكي وغيرهم. ولد ونشأ في بيت المقدس وتوفي بصالحية دمشق.</p>من تصانيفه:" الآداب الشرعية والمنح المرعية " و " كتاب الفروع " و " النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر لابن تيمية " و " شرح كتاب المقنع ".</p>[الدرر الكامنة 4 / 261، والنجوم الزاهرة 11 / 16، ومعجم المؤلفين 12 / 44، والأعلام 7 / 327] .</p> </p>ابن المنذر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</p>ابن المواز: هو محمد بن إبراهيم المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص402.</p>ابن نجيم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص334.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢١)</span><hr/></div>ابن هبيرة الوزير:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص335.</p> </p>ابن الهمام:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص335.</p>ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص335.</p>أبو إسحاق المروزي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص421.</p> </p>أبو أمامة:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص345.</p> </p>أبو البقاء:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص335.</p>‌<span class="title">‌أبو بكر الإسكاف (؟ - 333ه</span>ـ)</p>هو محمد بن أحمد أبو بكر الإسكاف البلخي. فقيه حنفي. إمام كبير جليل القدر، أخذ الفقه عن محمد بن سلمة وعن أبي سليمان الجوزجاني. وتفقه عليه أبو بكر الأعمش محمد بن سعيد وأبو جعفر الهندواني.</p>من تصانيفه:" شرح الجامع الكبير للشيباني " في فروع الفقه الحنفي.</p>[الجواهر المضيئة 2 / 28، 239، والفوائد البهية ص160، ومعجم المؤلفين 8 / 232] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو بكر البلخي (كان حيًّا 469ه</span>ـ)</p>هو محمد بن أحمد الهيثم الرُّوذباري، أبو بكر البلخي، مقرئ.</p>من تصانيفه:" جامع القراءات ".</p>[معجم المؤلفين 9 / 27] .</p> </p>أبو بكر الخلال:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p>أبو بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>أبو بكر بن العربي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص331.</p>أبو ثور:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p>‌<span class="title">‌أبو جعفر الهندواني (؟ - 362ه</span>ـ)</p>هو محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر، أبو جعفر البلخي الهندواني. إمام جليل القدر كان على جانب عظيم من الفقه والذكاء والزهد والورع، ويقال له أبو حنيفة الصغير.</p>تفقه على أبي بكر الأعمش وروى الحديث عن محمد بن عقيل البلخي وغيره. والهندواني بكسر الهاء وضم الدال المهملة نسبة إلى باب هندوان محلة ببلخ.</p>وتفقه عليه نصر بن محمد أبو الليث الفقيه وجماعة كثيرة.</p>[الفوائد البهية 179، وشذرات الذهب 3 / 41، وهدية العارفين 1 / 47] .</p> </p>أبو حامد الاسفراييني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص340.</p>‌<span class="title">‌أبو الحسن السخاوي (558 - 643ه</span>ـ)</p>هو علي بن محمد بن عبد الصمد، أبو الحسن، السخاوي، الشافعي. عالم بالقراءات والأصول واللغة والتفسير، أصله من سخا (بمصر) سكن دمشق، وتوفي فيها.</p>من تصانيفه:" جمال القراء وكمال الإقراء "، و " هداية المرتاب "، و " الكوكب الوقاد " في أصول الدين، و " الجواهر المكللة " في الحديث. [الأعلام 5 / 154، ومعجم المؤلفين 7 / 209، وكشف الظنون 1 / 593] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو حفص</span></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌البرمكي (؟ - 387ه</span>ـ)</p>هو عمر بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، أبو حفص البرمكي، الحنبلي، فقيه، محدث. كان من الفقهاء الأعيان النساك الزهاد، ذو الفتيا الواسعة. حدث عن ابن الصواف، والخطبي، صحب عمر بن بدر المغازلي، وأبا علي النجاد، وأبا بكر بن عبد العزيز، وغيرهم. توفي في جمادى الأولى، ودفن بمقبرة الإمام أحمد بن حنبل.</p>من تصانيفه:" المجموع "، و " كتاب الصيام "، و " كتاب حكم الوالدين في مال ولدهما " و " شرح بعض مسائل الكوسج ".</p>[طبقات الحنابلة 349، ومعجم المؤلفين 7 / 272، وهدية العارفين 1 / 781، وكشف الظنون 2 / 1413] .</p> </p>أبو حنيفة:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص336.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو حيان الأندلسي (654 - 745ه</span>ـ)</p>هو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، أبو حيان، الغرناطي الأندلسي. مفسر، محدث، أديب، مؤرخ، نحوي، لغوي. أخذ القراءات عن أبي جعفر بن الطباع، والعربية عن أبي الحسن الأبذي وابن الصائغ وغيرهما.</p>وسمع الحديث بالأندلس وإفريقية والإسكندرية والقاهرة والحجاز من نحو أربعمائة وخمسين شيخاً، وتولى تدريس التفسير بالمنصورية، والإقراء بجماع الأقمر.</p>من تصانيفه:" البحر المحيط " في تفسير القرآن، و " تحفة الأريب "، في غريب القرآن، و " عقد اللآلي في القراءات السبع العوالي "، و " الإعلان بأركان الإسلام ".</p>[شذرات الذهب 6 / 145، ومعجم المؤلفين 12 / 130، والأعلام 8 / 26] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو خلف الطبري (؟ - 470ه</span>ـ)</p>هو محمد بن عبد الملك بن خلف، الطبري السلمي الشافعي، فقيه، صوفي. تفقه على الشيخين القفال وأبي</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>منصور البغدادي. نسبته إلى جد له، اسمه " سلم " بفتح فسكون.</p>من تصانيفه:" الكناية " في الفقه، و " شرح المفتاح لابن القاص " في فروع الفقه الشافعي، و " المعين على مقتضى الدين ".</p>[طبقات الشافعية 3 / 76، ومعجم المؤلفين 10 / 256، والأعلام 7 / 127] .</p> </p>أبو الخطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو الخير الأصبهاني (500 - 568ه</span>ـ)</p>هو عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن حمدان، أبو الخير، الأصبهاني، كان من الأئمة الحفاظ الأبحار ومن محفوظه فيما قيل: الصحيحان بالإسناد، قال ابن النجار: حفاظ الحديث كانوا يفضلونه على الحافظ أبي موسى. حدث على أبي علي الحداد، وأبي القاسم بن الحصين.</p>[شذرات الذهب 4 / 228، وطبقات الحفاظ 472] .</p> </p>أبو داود:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>أبو ذر:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص403.</p> </p>أبو رافع:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص347.</p> </p>أبو السعود:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص347.</p> </p>أبو سعيد الخدري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو شامة (599 - 665ه</span>ـ)</p>هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم، أبو القاسم، المقدسي ثم الدمشقي شهاب الدين أبو شامة، محدث، مفسر،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>فقيه، أصولي، مقرئ، مشارك في بعض العلوم، مولده في دمشق، وبها منشؤه ووفاته. ولي بها مشيخة دار الحديث الأشرفية، ودخل عليه اثنان في صورة مستفتيين فضرباه، فمرض ومات.</p>من تصانيفه:" تاريخ دمشق "، و " مفردات القراء "، و " الوصول في الأصول " و " إبراز المعاني "، و " تاريخ ابن عساكر ".</p>[تذكرة الحفاظ 4 / 243، وشذرات الذهب 5 / 318، والأعلام 4 / 70، ومعجم المؤلفين 5 / 125] .</p> </p>أبو عبيد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص337.</p>‌<span class="title">‌أبو عمرو الداني (371 - 444ه</span>ـ)</p>هو عثمان بن سعيد بن عثمان، أبو عمرو الداني الأموي المقرئ. أحد حفاظ الحديث، ومن الأئمة في علم القرآن ورواته وتفسيره. ومن أهل دانية بالأندلس، دخل المشرق، فحج وزار مصر، وعاد فتوفى في بلده. له أكثر من مائة تصنيف.</p>وكان يقول: ما رأيت شيئاً قط إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته فنسيته.</p>[شذرات الذهب 3 / 272، والديباج المذهب 188، والأعلام 4 / 366] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو عوانة (230 - 316ه</span>ـ)</p>هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، أبو عوانة، النيسابوري ثم الاسفراييني. من أكابر حفاظ الحديث. نعته ياقوت بأحد حفاظ الدنيا. سمع يونس بن عبد الأعلى وأحمد بن الأزهر وعلي بن إشكاب وغيرهم. وحدث عنه الحافظ أحمد بن علي الرازي وأبو علي النيسابوري وابن عدي. طاف الشام ومصر والعراق والحجاز والجزيرة واليمن وبلاد فارس في طلب الحديث، واستقر في اسفرايين فتوفي بها. وهو أول من أدخل كتب الشافعي ومذهبه إليها.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>من تصانيفه: " الصحيح المسند " وهو مخرج على صحيح مسلم، وله فيه زيادات.</p>[تذكرة الحفاظ 3 / 2، والأعلام 9 / 256، ومعجم المؤلفين 13 / 242] .</p> </p>‌<span class="title">‌أبو القاسم (؟ - 336، وقيل 326ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن عصمة أبو القاسم الصفار البلخي الحنفي، الفقيه المحدث، تفقه على أبي جسر المغيداني وسمع منه الحديث. روى عنه أبو علي الحسين بن الحسن، وتفقه عليه أبو حامد أحمد بن الحسين المروزي. وتوفي في السنة المذكورة التي توفي فيها أبو بكر الإسكاف.</p>[الجواهر المضيئة 78، والفوائد البهية 26] .</p> </p>أبو قتادة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص405.</p> </p>أبو موسى الأشعري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص292.</p> </p>أبوهريرة</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 292</p> </p>أبو يعلى القاضي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p> </p>أبو يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>الأبياري (579 - 616هـ)</p>هو علي بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص403.</p> </p>الآتاسي: هو خالد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص349.</p> </p>أحمد (الإمام) :</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص339.</p> </p>الأذرعي: هو أحمد بن حمدان.</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص340.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>الأزهري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص340.</p> </p>‌<span class="title">‌أسامة بن زيد (7ق هـ - 54ه</span>ـ)</p>هو أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل، أبو محمد. صحابي جليل. ولد بمكة ونشأ على الإسلام (لأن أباه كان من أول الناس إسلاماً) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حباً جماً، وينظر إليه نظره إلى سبطية: الحسن والحسين. قال ابن سعد: مات النبي صلى الله عليه وسلم وله عشرون سنة، وكان أمره على جيش عظيم فمات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوجه فأنفذه أبو بكر. وكان عمر رضي الله عنه يجله ويكرمه.</p>وقد روى عن أسامة من الصحابة أبو هريرة وابن عباس، ومن كبار التابعين أبو عثمان النهدي وأبو وائل وآخرون. وفضائله كثيرة وأحاديثه شهيرة.</p>[الإصابة 1 / 31، وأسد الغابة 1 / 64، والأعلام 1 / 281] .</p> </p>أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341</p> </p>أصبغ:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341.</p> </p>إمام الحرمين الجويني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</p> </p>أم سلمة:</p>تقدمت ترجمتها في ج1 ص341.</p> </p>أنس بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص406.</p> </p>الأوزاعي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص341.</p> </p>البابرتي</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 342</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ب</span></p>بريدة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص406.</p>‌<span class="title">‌بشر المَرِيسي (138 - 218ه</span>ـ)</p>هو بشر بن غياث بن أبي كريمة عبد الرحمن المَرِيسّي، العدوي بالولاء، المريسي. فقيه معتزلي عارف بالفلسفة. أدرك مجلس أبي حنيفة وأخذ نبذاً منه، ثم لازم أبا يوسف وأخذ الفقه عنه، وبرع حتى صار من أخصّ أصحابه، وكذا ذا ورع وزهد، غير أنه رغب عنه الناس لاشتهاره بعلم الكلام والفلسفة، وكان أبو يوسف يذمه ويعرض عنه. المريسي (بفتح الميم وكسر الراء المهملة المخففة بعدها المثناة التحتية في آخره سين مهملة) نسبة إلى مريس قرية بمصر. وحكي عنه أقوال شنيعة ومذاهب منكرة. وإليه تنسب الطائفة من المرجئة التي يقال لها المريسية.</p>من تصانيفه:" التوحيد "، و " الإرجاء "، و " الرد على الخوارج "، و " المعرفة ".</p>[الفوائد البهية 54، والنجوم الزاهرة 2 / 228، ومعجم المؤلفين 3 / 406، والأعلام 2 / 27] .</p> </p>بلال:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص351.</p>‌<span class="title">‌بهرام (724 - 805ه</span>ـ)</p>هو بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز، تاج الدين،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>أبو البقاء، الدميري. قاضي القضاة. فقيه، حافظ، حامل لواء المذهب المالكي بمصر، وإليه المرجع هناك.</p>أخذ عن الشيخ خليل‌<span class="title">‌ ت</span>أليفه، وبه تفقه، وانتفع بالشرف الرهوني وغيرهما. وسمع منه أئمة منهم الأقضهسي وعبد الرحمن البكري والشمس البساطي وغيرهم.</p>من تصانيفه:" الشرح الكبير "، و " الشرح الوسيط "، و " الشرح الصغير " كلها على مختصر شيخه خليل، و " الإرشاد ".</p>[شجرة النور الزكية ص239، وكشف الظنون 2ص / 1628] .</p> </p>البهوتي: هو الشيخ منصور بن يونس، الحنبلي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص344.</p>البيجوري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص344.</p>البيهقي:</p>تقدمت ترجمته في 2 ص407.</p>ت</p> </p>التمرتاشي:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص352.</p>‌<span class="title">‌ث</span></p>الثوري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ج</span></p>جابر بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص345.</p>جبير بن مطعم:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص353.</p>‌<span class="title">‌الجرجاني (740 - 816ه</span>ـ)</p>هو علي بن محمد بن علي المعروف بالسيد الشريف، أبو الحسن، الجرجاني، الحسيني الحنفي. عالم، حكيم، مشارك في أنواع من العلوم. فريد عصره. سلطان العلماء العاملين. افتخار أعاظم المفسرين. ذي الخلق والخلق والتواضع مع الفقراء.</p>ولد في تاكو (قرب إستراباد) ودرس في شيراز وتوفي بها.</p>من تصانيفه:" التعريفات "، و " شرح مواقف الإيجي "، و " شرح السراجية "، و " رسالة في فن أصول الحديث ".</p>[الضوء اللامع 5 / 328، والفوائد البهية 125، ومعجم المؤلفين 7 / 216، والأعلام 5 / 159] .</p>الجَعبري (640 - 732هـ)</p>هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل، أبو إسحاق، الجعبري. واشتهر بالجعبري. عالم بالقراءات، من فقهاء الشافعية، ولد بقلعة جعبر (على الفرات، بين بالس والرقة) وسكن دمشق مدة، وتوفي بها.</p>من تصانيفه:" خلاصة الأبحاث "، و " نزهة البررة في القراءات العشرة " و " عقود الجمان في تجويد القرآن "، و " شرح الشاطبية ".</p>[البداية والنهاية 14 / 160، والدرر الكامنة 1 / 50، ومعجم المؤلفين 1 / 69، والأعلام 1 / 49] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ح</span></p>حذيفة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص409.</p>‌<span class="title">‌حسّان بن ثابت (؟ - 54ه</span>ـ)</p>هو حسان بن ثابت بن المنذر، أبو الوليد، الخزرجي الأنصاري. الصحابي شاعر النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام، عاش ستين سنة في الجاهلية، ومثلها في الإسلام، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعنه البراء بن عازب وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن وزيد بن ثابت وغيرهم.</p>لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشهداً لعلة أصابته، وكانت له ناصية يسدلها بين عينيه. وتوفي في المدينة.</p>[الإصابة 1 / 326، وتهذيب التهذيب 2 / 247، والأعلام 2 / 188] .</p> </p>الحسن البصري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 346.</p>الحسن بن زياد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p>الحصفكي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p> </p>الحطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p> </p>الحلواني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>الحلبي: هو إبراهيم بن محمد الحلبي:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص351.</p> </p>حماد بن سلمة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص410.</p>‌<span class="title">‌حنبل الشيباني (193 - 273ه</span>ـ)</p>هو حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال، أبو علي، الشيباني، محدث، مؤر‌<span class="title">‌خ</span>. من حفاظ الحديث، كان ثقة. أخذ عن ابن عمه الإمام أحمد بن حنبل.</p>سمع أبا نعيم وعفان ومحمد بن عبد الله الأنصاري وغيرهم. حدث عنه ابن صاعد وأبو بكر الخلال ومحمد بن مخلد وغيرهم.</p>من تصانيفه:" التاريخ "، و " الفتن "، و " المحنة ".</p>[تذكرة الحفاظ 2 / 160، وتاريخ بغداد 8 / 287، ومعجم المؤلفين 4 / 86، والأعلام 2 / 321] .</p> </p>خ</p>الخرقي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</p>الخصاف:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص348.</p>الخطيب الشربيني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص355.</p> </p>خليل: هو خليل بن إسحاق:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص349.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌د</span></p>الدا‌<span class="title">‌ر</span>مي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص350.</p> </p>الدردير:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص350.</p>الدسوقي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص350.</p> </p>ر</p>الرافعي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص351.</p> </p>‌<span class="title">‌رباح بن المغترف </span>(؟ -؟)</p>هو رباح بن المغترف، وقال الطبري: هو رباح بن عمرو بن المغترب بن حجوان، أبو حسان، القرشي الفهري. وقيل غير ذلك. قال الزبير بن بكار له صحبة، أسلم يوم الفتح، وهو والد عبد الله بن رباح الفقيه المشهور. وذكر الزبير بن بكار أن عمر مرّ به ورباح يغنيهم غناء الركبان فقال: ما هذا؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: غير ما بأس يقصر عنا السفر. فقال: إذا كنتم فاعلين فعليكم بشعر ضرار بن الخطاب.</p>[الإصابة 1 / 502، وأسد الغابة 2 / 162، والاستيعاب 2 / 486] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الربيع بنت معوذ (؟ - نحو 45 ه</span>ـ)</p>هي الربيع بنت معوذ بن عفراء، النجارية الأنصارية. صحابية من ذوات الشأن في الإسلام. بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان تحت الشجرة، صحبته في غ‌<span class="title">‌ز</span>واته، قالت: كنا نغزو مع رسول الله فنسقي القوم ونخدمهم ونداوي الجرحى ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يغشى بيتها فيتوضأ ويصلي ويأكل عندها. عاشت إلى أيام معاوية.</p>[الإصابة 4 / 300، وأسد الغابة 5 / 451، والأعلام 3 / 39] .</p> </p>‌<span class="title">‌ربيعة الرأي (؟ - 136 ه</span>ـ)</p>هو ربيعة بن فروخ التيمي بالولاء، أبو عثمان، المدني، المعروف بربيعة الرأي. إمام حافظ فقيه مجتهد، كان بصيراً بالرأي. روى عن أنس والسائب بن يزيد وحنظلة بن قيس الزرقي وغيرهم. وعنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك وشعبة والسفيانان وغيرهم. قال ابن الماجشون: ما رأيت أحداً أحفظ للسنة من ربيعة. وكان صاحب الفتوى بالمدينة وبه تفقه الإمام مالك، وقال العجلي وأبو حاتم والنسائي: ثقة.</p>[تذكرة الحفاظ 1 / 148، وتهذيب التهذيب 3 / 258، والأعلام 3 / 42] .</p> </p>ز</p>الزركشي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص412.</p> </p>الزهري:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌س</span></p>السبكي: هو علي بن عبد الكافي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p>سحنون: هو عبد السلام بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص412.</p> </p>السرخسي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p>سعد بن أبي وقاص:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p> </p>سعيد بن جبير:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p>سعيد بن المسيب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص354.</p>‌<span class="title">‌السمهودي (844 - 911ه</span>ـ)</p>هو علي بن عبد الله بن أحمد بن عيسى، أبو الحسن، الشافعي الحسني، المعروف بالسمهودي. مؤرخ المدينة المنورة ومفتيها. فقيه. ولد بسمهود في مصر، ونشأ بها، واستوطن المدينة المنورة وتوفي بها.</p>من تصانيفه:" الفتاوى " مجموع فتاويه، و " جواهر العقدين " في فضل العلم، و " الغماز على اللماز " رسالة في الحديث، و " وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ".</p>[الضوء اللامه 5 / 245، وشذرات الذهب 8 / 50، ومعجم المؤلفين 7 / 129، والأعلام 5 / 122] .</p> </p>‌<span class="title">‌سويد (؟ - 240ه</span>ـ)</p>هو سويد بن سعيد بن سهيل الهروي، أبو محمد، الحدثاني. (نسبته إلى الحديثة التي في عانة في العراق)</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>روى عن مالك، وحفص بن ميسرة، وحماد بن زيد وغيرهم. وعنه مسلم وابن ماجه وعبد الله بن أحمد وغيرهم. قال أبو حاتم: صدوق. وقال أحمد: متروك. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الذهبي: من أوعية العلم ثم‌<span class="title">‌ ش</span>اخ وأضر ونقص حفظه فأتى في حديثه أحاديث منكرة.</p>[تذكرة الحفاظ 2 / 454، وشذرات الذهب 2 / 94، وتاريخ بغداد 9 / 228، وطبقات الحفاظ ص 198] .</p> </p>السيوطي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص355.</p>ش</p>شارح مسلم الثبوت: هو محب الله بن عبد الشكور:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</p>الشافعي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص355.</p>‌<span class="title">‌الشاطبي (538 - 590ه</span>ـ)</p>هو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد، أبو محمد، الشاطبي الرعيني الأندلسي. مقرئ، نحوي، مفسر، محدث، ناظم. ولد بشاطبة إحدى قرى شرقي الأندلس، وتوفي بالقاهرة.</p>من تصانيفه:" حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع "، و " عقيلة القصائد في أسنى المقاصد في نظم المقنع للداني "، و " ناظمة الزهر في أعداد آيات السور "، و " تتمة الحرز من قراء أئمة الكنز ".</p>[شذرات الذهب 4 / 301، ومعجم المؤلفين 8 / 110 والأعلام 6 / 14] .</p> </p>الشبراملسي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص355.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>الشرنبلالي:</p>تقدمت ترجمته في ج1‌<span class="title">‌ ص</span>356.</p>الشرواني: هو الشيخ عبد الحميد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص356.</p>شريح: هو شريح بن الحارث:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص356.</p>الشعبي: هو عامر بن شراحيل</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 356</p>الشيخ عليش:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص414.</p>ص</p>صاحب البدائع: ر: الكاساني:</p>صاحب الدر: هو الحصكفي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص347.</p>صاحب كشاف القناع: هو البهوتي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص344.</p> </p>صاحب كفاية الطالب: ر: علي المنوفي.</p>صاحب المحيط:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص415.</p>صاحب المغني: هو ابن قدامة:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص333.</p>صاحب نهاية المحتاج: ر: الرملي، هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص352.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ض</span></p>الضحاك:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>‌<span class="title">‌ط</span></p> </p>الطبراني:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص415.</p>الطحاوي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>الطحطاوي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>الطرطوشي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص358.</p> </p>‌<span class="title">‌ع</span></p>عامر الشعبي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 356.</p> </p>عاصم:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص361.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌عامر بن ربيعة (؟ - 32 هـ، وقيل غير ذلك)</span></p>هو عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي، أبو عبد الله. صحابي كان أحد السابقين الأولين، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرتين. وشهد بدراً وسائر المشاهد روى عنه جماعة من الصحابة، منهم: ابن عمرو وابن الزبير.</p>وكان صاحب عمر لما قدم الجابية واستخلفه عثمان على المدينة. وقال ابن سعد: كان الخطاب قد تبنى عامراً فكان يقال له: عامر بن الخطاب حتى نزل قوله تعالى (ادعوهم لآبائهم) .</p>[الإصابة 2 / 249، والاستيعاب 2 / 790، وطبقات ابن سعد 3 / 386] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبادة بن الصامت (38 ق هـ - 34ه</span>ـ)</p>هو عبادة بن الصامت بن قيس، أبو الوليد، الأنصاري الخزرجي. صحابي. من الموصوفين بالورع، شهد بدراً، وقال ابن سعد: كان أحد النقباء بالعقبة، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنوي، وشهد المشاهد كلها بعد بدر. وقال ابن يونس: شهد فتح مصر. وهو أول من ولي القضاء بفلسطين، مات بالرملة أو بيت المقدس. روى 181 حديثاً، اتفق البخاري ومسلم على ستة منها. وكان من سادات الصحابة.</p>[الإصابة 2 / 268، وتهذيب التهذيب 5 / 111، والأعلام 4 / 30] .</p> </p>العباس:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص359.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن أبي قيس </span>(؟ -؟)</p>لعله عبد الله بن أبي قيس، ويقال ابن قيس، ويقال ابن أبي موسى، والأول أصح أبو الأسود، النصري، الحمصي، مولى عطية بن عازب. روى عن مولاه وابن عمر وابن الزبير وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم وغيرهم. وعنه محمد بن زياد الإلهاني، وعتبة بن ضمرة بن حبيب</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>ومعادية بن صالح وغيرهم. قال العجلي والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات.</p>[تهذيب التهذيب 5 / 365، وتقريب التهذيب 1 / 442] .</p> </p>عبد الله بن جعفر:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص416.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن رواحة (؟ - 8ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة أبو محمد، الأنصاري الخزرجي، صحابي. أحد النقباء شهد العقبة، وبدراً، وأحداً، والخندق، والحديبية، وعمرة القضاء، والمشاهد كلها إلا الفتح وما بعده، لأنه قتل يوم مؤتة شهيداً. واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة في إحدى غزواته. روى عنه من الصحابة ابن عباس، وأبو هريرة رضي الله عنهم.</p>[الإصابة 2 / 306، والاستيعاب 3 / 898، والأعلام 4 / 217] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الله بن عامر بن ربيعة (4 - 59ه</span>ـ)</p>هو عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة، أبو عبد الرحمن، الأموي. أمير، فاتح. ولد بمكة. وولي البصرة في أيام عثمان رضي الله عنه. وقتل عثمان وهو على البصرة. وشهد وقعة الجمل مع عائشة، ولم يحضر وقعة صفين، وولاه معاوية البصرة ثلاث سنين بعد إجماع الناس على خلافته. ثم صرف عنها. فأقام بالمدينة. ومات بمكة، ودفن بعرفات. كان شجاعاً سخياً وصولاً لقوله.</p>[الإصابة 2 / 329، والكامل لابن الأثير 3 / 19، والأعلام 4 / 228] .</p> </p>عبد الله بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج1ص360.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>عثمان:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p>العدوي: هو علي بن أحمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص375.</p> </p>العز بن عبد السلام: هو عبد العزيز بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص 417.</p>‌<span class="title">‌العزيزي (؟ - 1070ه</span>ـ)</p>هو علي بن أحمد بن محمد العزيزي البولاقي، الشافعي. فقيه مصري. محدث، حافظ كان مواظباً على النظر والتحصل كثير التلاوة سريعها متودداً متواضعاً، كثير الاشتغال بالعلم محباً لأهله خصوصاً أهل الحديث، حسن الخلق والمحاضرة، وشارك النور الشبراملسي في كثير من شيوخه وأخذ عنه واستفاد منه، وكان يلازمه في دروسه الأصلية والفرعية. مولده بالعزيزية (من الشرقية، بمصر) وإليها نسبته. ووفاته ببولاق.</p>من تصانيفه: " السراج المنير بشرح الجامع الصغير ".</p>[خلاصة الأثر 3 / 201، والأعلام 5 / 64] .</p> </p>عطاء:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص360.</p>عقبة بن عامر:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p>عكرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص361.</p>علقمة بن قيس:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص361.</p> </p>‌<span class="title">‌علوي السقاف (1255 - 135ه</span>ـ)</p>هو علوي بن أحمد بن عبد الرحمن الشافعي المكي. فقيه، أديب، مشارك في أنواع العلوم، نقيب السادة العلويين بمكة، وأحد علمائها. وهاجر إلى " الحج " بدعوة من أميرها، وعاد إلى مكة، فاستمر إلى أن تُوفي.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>من تصانيفه: " ترشيح المستفيدين " في فروع الفقه الشافعي، و " فتح العلام بأحكام السلام " فقه، و " الفوائد المكية " رسالة في الفقه، و " القول الجامع النجيح في أحكام صلاة التسابيح "، و " القول الجامع المتين في بعض المهم من حقوق أخواننا المسلمين ".</p>[معجم المؤلفين 6 / 295، والأعلام 5 / 51، ومعجم المطبوعات 1032] .</p> </p>علي بن أبي طالب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص361.</p> </p>‌<span class="title">‌علي المنوفي (857 - 939ه</span>ـ)</p>هو علي بن محمد بن محمد بن خلف المنوفي، أبو الحسن، الشاذلي، المصري. من فقهاء المالكية، نحوي، لغوي. مولده ووفاته بالقاهرة.</p>من تصانيفه:" عمدة السالك " في الفقه، و " تحفة المصلي "، و " غاية الأماني "، و " كفاية الطالب " وهما في شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني.</p>[معجم المؤلفين 7 / 230، والأعلام 5 / 164، وذيل كشف الظنون 557] .</p> </p>عمر بن الخطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p> </p>عمر بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص362.</p> </p>‌<span class="title">‌عمرو بن شعيب (؟ - 118ه</span>ـ)</p>هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، أبو إبراهيم، السهمي القرشي. أحد علماء زمانه. روى عن أبيه، وطاوس، وسليمان بن يسار، والربيع بن معوذ الصحابية وغيرهم. وعنه عطاء، وعمرو بن دينار، وهما أكبر منه، والزهري ويحيى بن سعيد وغيرهم. ووثقه ابن معين، وابن راهويه، وصالح جزرة. وقال الأوزاعي: ما رأيت قرشياً أكمل من عمرو بن شعيب. وكان يسكن مكة وتُوفي بالطائف.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>[تهذيب التهذيب 8 / 48، وميزان الاعتدال 3 / 263، والأعلام 5 / 247] .</p> </p>عمران بن حصين:</p>تقدمت ترجمته‌<span class="title">‌ ف</span>ي ج1 ص362.</p> </p>العيني:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص418.</p> </p>‌<span class="title">‌غ</span></p>الغزالي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص363.</p>ف</p>فاطمة الزهراء:</p>تقدمت ترجمتها في ج3 ص 364.</p>فخر الإسلام: هو علي بن محمد البرذوي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص343.</p>‌<span class="title">‌الفضلي (650 - 731ه</span>ـ)</p>هو عثمان بن إبراهيم بن مصطفى بن سليمان، وقيل: إبراهيم بن محمد، الأسدي، الحنفي، المعروف بالفضل. فقيه، محدث، مفسر، لغوي، أديب، انتهت إليه رياسة الحنفية بالديار المصرية. وأخذ العلم عنه ولداه قاضي القضاة علي بن عثمان المارديني، وتاج الدين أبو العباس</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>أحمد بن عثمان، وصاحب الجواهر المضيئة محيي الدين عبد ال‌<span class="title">‌ق</span>ادر القرشي وغيرهم.</p>من تصانيفه:" شرح الوجيز الجامع لمسائل الجامع " في شرح الكبير للشيباني، فقه، و " فتاوى ".</p>[الفوائد البهية 115، والدرر الكامنة 2 / 435، ومعجم المؤلفين 6 / 249، والأعلام 4 / 202] .</p> </p>ق</p>القاضي أبو يعلى:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p>القاضي عياض:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p> </p>قتادة:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص365.</p>القرافي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص364.</p>القرطبي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص419.</p>‌<span class="title">‌القسطلاني (851 - 923ه</span>ـ)</p>هو أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك بن أحمد، أبو العباس، القسطلاني القيتي المصري، محدث، مؤرخ، فقيه، ومقرئ، ولد بمصر ونشأ بها، قدم مكة، وأخذ بها عن جماعة: منهم النجم بن فهد، كان يعظ بالجامع الغمري وغيره.</p>من تصانيفه: " إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري "، و " المواهب اللدنية في المنح المحمدية "، و " لطائف الإشارات في علم القراءات ".</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>[شذرات الذهب 8 / 121، ومعجم المؤلفين 2 / 85، والأعلام 1 / 221] .</p> </p>القفال:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</p> </p>القليوبي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</p>‌<span class="title">‌ك</span></p>الكاساني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص366.</p>الكرخي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص366.</p>الكرلاني:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص419.</p>‌<span class="title">‌الكرماني (717 - 786 ه</span>ـ)</p>هو محمد بن يوسف بن علي بن سعيد شمس الدين الكرماني ثم البغدادي. فقيه، أصولي، محدث، مفسر. قال ابن حجي: تصدى لنشر العلم ببغداد ثلاثين سنة وأقام مدة بمكة، وكان مقبلاً على شأنه قانعاً باليسير ملازماً للعلم مع التواضع والبر بأهل العلم، وتوفي راجعاً من الحج في المحرم.</p>من تصانيفه:" الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري "، و " ضمائر القرآن "، و " النقود والردود في الأصول "، و " شرح مختصر ابن الحاجب ".</p>[الدرر الكامنة 4 / 310، ومعجم المؤلفين 12 / 129، والأعلام 8 / 27] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الكسائي (؟ - 189ه</span>ـ)</p>هو علي بن ح‌<span class="title">‌م</span>زة بن عبد الله الأسدي بالولاء، أبو الحسن، الكوفي، المعروف بالكسائي مقرئ، مجوّد، لغوي، نحوي، شاعر. نشأ بالكوفة، وتنقل في البلدان، واستوطن بغداد. وهو مؤدب الرشيد العباسي، وابنه الأمين. أصله من أولاد الفرس وأخباره مع علماء الأدب في عصره كثيرة.</p>من تصانيفه:" معاني القرآن "، و " المصادر "، و " الحروف "، و " القراءات ".</p>[تاريخ بغداد 11 / 403، ومعجم المؤلفين 7 / 84، والأعلام 5 / 93] .</p> </p>م</p>مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</p>الماوردي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</p>المتولي: هو عبد الرحمن بن مأمون:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص420.</p>مجاهد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص369.</p>محمد بن جرير:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص421.</p>‌<span class="title">‌محمد بن حاطب (؟ - 74ه</span>ـ)</p>هو محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر القرشي الجمحي. صحابي. ولد بأرض الحبشة أمه أم جميل فاطمة بنت المجلل. عده ابن حبيب من " أجواد الإسلام " وهو</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>أول من سمي " محمداً " في الإسلام. قال هشام بن الكلبي: شهد محمد بن حاطب مع علي مشاهده كلها الجمل وصفين والنهروان.</p>[الإصابة 3 / 372، وأسد الغابة 4 / 314، وشذرات الذهب 1 / 82، والأعلام 6 / 304] .</p> </p>محمد بن الحسن الشيباني:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص370.</p> </p>محمد بن شهاب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص353.</p> </p>المزني: هو إسماعيل بن يحيى:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص371.</p> </p>مسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص371.</p> </p>‌<span class="title">‌مسلم بن يسار (؟ - 108ه</span>ـ)</p>هو مسلم بن يسار، أبو عبد الله البصري الأموي بالولاء. فقيه، ناسك من رجال الحديث. أصله من مكة. سكن البصرة، فكان مفتيها.</p>روى عن أبيه وابن عباس وابن عمر وأبي الأشعث الصنعاني وغيرهم. وروى عنه ابنه عبد الله وثابت البناني ومحمد بن سيرين وغيرهم.</p>قال ابن سعد: قالوا كان ثقة فاضلاً عابداً ورعاً توفي في خلافة عمر بن عبد العزيز وذكره ابن حبان في الثقات.</p>[تهذيب التهذيب 10 / 140، وحلية الأولياء 2 / 290، والأعلام 8 / 121] .</p> </p>معاوية بن أبي سفيان:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص422.</p> </p>المغيرة بن شعبة:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص422.</p> </p>المقداد بن الأسود: هو المقداد بن عمرو الكندي:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص422.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>مكحول:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص372.</p>المواق: هو محمد ب‌<span class="title">‌ن </span>يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص 368.</p>ن</p>نافع: هو نافع المدني أبو عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص372.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ٤</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>النخعي:‌<span class="title">‌ ه</span>و إبراهيم بن يزيد: ر: إبراهيم النخعي.</p> </p>النسائي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص372.</p>النووي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص373.</p>هـ</p>الهروي:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص369.</p>324 323</div>
</div></body></html>