الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْوَّل: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ الاِسْتِجْمَارُ. وَهَذَا قَوْلٌ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ الأَْصْل فِي النَّجَاسَةِ الْغَسْل، وَتَرْكُ ذَلِكَ فِي الْبَوْل وَالْغَائِطِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا، لِنُدْرَةِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْخَارِجِ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل أَيْضًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِغَسْل الذَّكَرِ مِنَ الْمَذْيِ (1) وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الآْثَارَ كُلَّهَا عَلَى اخْتِلَافِ أَلْفَاظِهَا وَأَسَانِيدِهَا لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الاِسْتِجْمَارِ، إِنَّمَا هُوَ الْغَسْل. كَالأَْمْرِ بِالْغَسْل مِنَ الْمَذْيِ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِ الاِسْتِجْمَارُ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ لِكُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ.
وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْل، أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ فِيهِ الْغَسْل لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ، فَهُوَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ. وَأَمَّا الْمَذْيُ فَمُعْتَادٌ كَثِيرٌ، وَيَجِبُ غَسْل الذَّكَرِ مِنْهُ تَعَبُّدًا، وَقِيل: لَا يَجِبُ. (2)
مَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجٍ بَدِيلٍ عَنِ السَّبِيلَيْنِ:
15 -
إِذَا انْفَتَحَ مَخْرَجٌ لِلْحَدَثِ، وَصَارَ مُعْتَادًا، اسْتَجْمَرَ مِنْهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَلَا يَلْحَقُ بِالْجَسَدِ، لأَِنَّهُ أَصْبَحَ مُعْتَادًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ.
(1) حديث: " إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسل الذكر. . . . " أخرجه البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه (فتح الباري 1 / 379 ط السلفية، وصحيح مسلم بتحقيق محمد عبد الباقي 1 / 247 ط عيسى الحلبي) .
(2)
فتح القدير 1 / 150، والبحر الرائق 1 / 253، والذخيرة 1 / 200، والقليوبي 1 / 43. وشرح منظومة المعفوات للشرنبلالي ص 25 ط دمشق، والمغني 1 / 114.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجُ الْمُعْتَادُ وَانْفَتَحَ آخَرُ، لَمْ يُجْزِئْهُ الاِسْتِجْمَارُ فِيهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ، لأَِنَّهُ غَيْرُ السَّبِيل الْمُعْتَادِ. وَفِي قَوْلٍ لَهُمْ: يُجْزِئُ.
وَلَمْ يُعْثَرْ عَلَى قَوْل الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (1)
الْمَذْيُ:
16 -
الْمَذْيُ نَجِسٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَهُوَ مِمَّا يُسْتَنْجَى مِنْهُ كَغَيْرِهِ، بِالْمَاءِ أَوْ بِالأَْحْجَارِ. وَيُجْزِئُ الاِسْتِجْمَارُ أَوْ الاِسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ مِنْهُ. وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلٍ هُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
أَمَّا فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمَاءُ وَلَا يُجْزِئُ الْحَجَرُ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَال: كُنْت رَجُلاً مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَتْ أَنْ أَسْأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَكَانِ ابْنَتِهِ، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الأَْسْوَدِ فَسَأَلَهُ، فَقَال: يَغْسِل ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ وَيَتَوَضَّأُ. وَفِي لَفْظٍ يَغْسِل ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ. (2)
وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْغُسْل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِذَا خَرَجَ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ، أَمَّا إِنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَصْلاً فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ، مَا لَمْ يَكُنْ يَأْتِي كُل يَوْمٍ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ، فَلَا يُطْلَبُ فِي إِزَالَتِهِ مَاءٌ وَلَا حَجَرٌ، بَل يُعْفَى عَنْهُ. (3)
(1) الذخيرة 1 / 203، والمغني 1 / 118.
(2)
حديث علي رضي الله عنه: " كنت رجلا مذاء " رواه البخاري ومسلم وأبو داود والبيهقي، وتفرد أبو داود بلفظ " وأنثييه "(فتح الباري 1 / 379 ط السلفية، وصحيح مسلم 1 / 247 بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، وسنن أبي داود 1 / 142 ط السعادة، وسنن البيهقي 1 / 115 ط دار المعرفة) .
(3)
الطحطاوي على الدر 1 / 164، والذخيرة للقرافي 1 / 200.