الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مخارج الحروف
لمعرفة مخارج الحروف وصفاتها أهمية قصوى بالنسبة لكل من أراد أن يقرأ القرآن. بل لا أكاد أكون مبالغة إذا قلت أنها تعد من أهم المعارف وأشدها ضرورة لكل متعلم وطالب لعلم التجويد ولكل متحدث أو قارئ للغة العربية. فالحروف هي مفردات الكلمة؛ والكلمات هي مفردات اللغة أو الكلام. وبغير اللغة العربية لا يمكننا قراءة كتاب الله ومطالعته ناهيك عن فهم معانيه دون الاستعانة بمساعدة مترجم أو من يحل محله. ولا تكون قراءتنا صحيحة إلا إذا كانت على الوجه التي قرئ به القرآن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكي نجاهد من أجل الوصول بأنفسنا إلى تلك الدرجة العالية من صحة التلاوة لا بدّ أن نتوخى تدريب ألسنتنا مرارا وتكرارا على تصحيح ما طرأ على مخارج حروفنا وصفات تلك الحروف من تحريف خلال الأربعة عشر قرنا التي تفصل بين زماننا وزمن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان القرآن يقرأ غضا نديا من أفواه أسلافنا العرب. ولسنا بسبيل مناقشة الأسباب والعوامل التي أدت بنا إلى تلك التغيرات، ولكني أردت بتلك المقدمة أن ألفت نظر الدارسين لعلم التجويد إلى أن الركن الركين لتحقيق قراءة نموذجية سليمة خالية من العيوب اللفظية يبدأ بالدرجة الأولي بتعلم مفردات الحروف حرفا حرفا حتى نتبين من أين يخرج ذلك الحرف الذي تعودنا أن نخرجه بالفطرة والسليقة من المكان الذي نظن أو نعتقد أنه المخرج الصحيح له، وقد لا يكون كذلك. وقد لا يقتصر الأمر على عدم درايتنا بمكان خروج ذلك الحرف، بل يتعداه إلى عدم درايتنا كذلك بالكيفية التي يجب أن نخرجه بها من مخرجه الحقيقي لكي يصل إلى السامع سليما معافي خاليا من العيوب.
وإذا كانت سلامة النطق ووضوح الكلام ضرورة اجتماعية لكل إنسان ناجح في مجتمعه فهي بالدرجة الأولي واجب ديني على كل مسلم وعلي كل قارئ
للقرآن متّعه الله بجهاز نطق سليم مستكمل الأعضاء ليس به عيب خلقي خارج عن إرادته. فعلي كل مسلم قارئ لكتاب الله تعالي أن يجاهد لتحقيق غاية ما يستطيع من أجل إخراج كل حرف من حروفه من مخرجه السليم الصحيح متلبسا بكل صفاته اللازمة له. فإن لم يكن قادرا على ذلك فأضعف الإيمان أن يحاول من أجل الوصول إلى ذلك بكثرة المحاولات مع الرغبة الصادقة، والتدريب المستمر، والإرادة القوية، ولا بدّ بمشيئة الله تعالى أن ينجح في النهاية في الوصول إلى بغيته أو الاقتراب منها على الأقل وليعلم أنه فى كل تلك المحاولات مأجور مثاب على ذلك. ولكي يصل إلى تحقيق ذلك عليه أن يتعرف أولا على جهاز النطق البشرى [تصوير]
[تصوير] ليرى كيف يعمل لكي تخرج منه تلك الأصوات والحروف التي تتكون منها الكلمات ويتعرف على شكله وأعضاء النطق المختلفة به، وكيفية إنتاج الحرف ومحل إنتاجه. مثله في ذلك مثل من يفكر في إنتاج سلعة فيقوم بتفقد المصنع المنتج لها والتعرف على الآلات الموجودة بداخله، وطريقة صنع المنتج، وكيفية خروجه من الآلة الخاصة إلى حيز الوجود منتجا عالي الجودة، خاليا من العيوب والتشوهات مع التثبت والتيقن من مهارة القائم بالإشراف على الآلة وقدرته على التحكم في جودة الإنتاج. فإذا كانت الآلة المنتجة للسلعة هي محل خروج المنتج فعضو النطق كذلك هو محل خروج الحرف ومهارة العامل في التحكم في الآلة لإخراج منتج جيد كمهارة الإنسان في استخدام عضو النطق لإخراج حرف سليم من مخرجه الصحيح.
وكما أن للمنتج صفاته التي تميزه عن غيره من المنتجات كاللون والطعم