الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتوفّى الأمير جمال الدين خضر بن نوكاى «1» التتارى أخو خوند أردوكين «2» الأشرفية المتوفية فى سنه أربع وعشرين. وكان خضر هذا من أعيان أمراء الديار المصرية، وله حرمة وثروة وحشم.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم خمس أذرع وعشر أصابع. مبلغ الزيادة ثمانى عشرة ذراعا وتسع أصابع.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 729]
سنة عشرين من ولاية الملك الناصر محمد بن قلاوون الثالثة على مصر، وهى سنة تسع وعشرين وسبعمائة.
فيها توفّى الأمير غرس الدين خليل بن الإربلىّ أحد أمراء العشرات بديار مصر فى سادس صفر، وأنعم السلطان بإمرته على إياجى الساقى. وكان خليل المذكور شجاه اصلا وجيها فى الدولة.
وتوفى الأمير سعد الدين سعيد ابن الأمير الكبير حسام الدين حسين فى ثامن عشر المحرم وأنعم بإمرته على تكا «3» الناصرىّ.
وتوفّى الشيخ الإمام الفقيه جمال الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد «4» الواسطىّ الأشمومىّ «5» الشافعىّ المعروف بالوجيزى لكثرة قراءته «كتاب الوجيز «6» »
فى الفقه فى ثامن «1» عشر المحرّم. وكان فقيها عالما معدودا من فقهاء الشافعية، وتولّى قضاء قليوب والجيزة.
وتوفّى الأمير الكبير شرف الدين حسين بن أبى بكر بن أسعد «2» بن جندرباك الرومىّ فى سادس «3» المحرّم. وكان قدم صحبة أبيه إلى الديار المصرية فى سنة خمس وسبعين وستمائة فى أيام الملك الظاهر بيبرس البندقدارىّ فى جملة من قدم من أهل الروم.
وكان أبوه أمير جاندار متملّك بلاد الروم معظّما فى بلاده. وكان أمير حسين هذا رأس مدرج لحسام الدين لاچين لما كان نائب الشام، لأنه كان رأسا فى الصيد ولعب الطين، فلمّا تسلطن لاچين أمّره عشرة بمصر، ثم وقع له أمور وصار من جملة أمراء الطبلخاناه بدمشق، ونادم الأفرم نائب الشام إلى أن فرّ [الأفرم «4» إلى بلاد التّتار] . توجّه الأمير حسين هذا إلى الملك الناصر محمد إلى الكرك، ثم توجه معه إلى الديار المصرية وصار مقرّبا عنده. وكان يجيد لعب الصيد والرّمى بالنّشّاب، فأنعم عليه الملك الناصر بتقدمة ألف بالديار المصرية، وأفرد له زاوية من الطيور الخاص، وجعله أمير شكار رفيقا للأمير الكوجرى، وصار له حرمة وافرة بالقاهرة.
ووقع له أمور ذكرناها فى ترجمته فى «المنهل الصافى» مستوفاة. وطالت أيام الأمير حسين هذا فى السعادة. وعمر جامعه «5» قريبا من بستان العدّة والقنطرة «6» التى على الخليج بحكر «7» جوهر النّوبىّ ولمّا فرغ من عمارة الجامع المذكور أحضر إليه المشدّ والكاتب حساب المصروف فرمى به إلى الخليج، وقال: أنا خرجت عن هذا لله تعالى، فإن
خنتما فعليكما، وإن وفّيتما فلكما. وكان خفيف الرّوح دائم البشر لطيف العبارة، وكانت فى عبارته عجمة لكنة، كان إذا قال الحكاية أو النادرة يظهر لكلامه حلاوة فى القلب والسمع.
وتوفّى الأمير سيف الدين بكتمر «1» بن عبد الله الحسامىّ الحاجب فى يوم الأربعاء حادى عشرين شهر ربيع الآخر «2» بداره «3» خارج باب النصر. وأنعم السلطان على ولده ناصر الدين محمد بإمرة عشرة وسنّه يومئذ ثلاث عشرة سنة. وفرّق الملك الناصر إقطاعه على جماعة، فكمل للأمير طرغاى «4» الجاشنكير تقدمة ألف، وأنعم على الأمير قوصون الناصرىّ بمنية «5» زفتة. وكان أصل بكتمر هذا من جملة مماليك الأمير حسام الدين طرنطاى نائب السلطنة للملك المنصور قلاوون، وكان أخذ من بلاد الروم سنة خمس وسبعين «6» وستمائة فيما أخذ «7» من مماليك السلطان غياث الدين كيخسرو
متملّك بلاد الروم عندما دخل الملك الظاهر بيبرس إلى مدينة قيسريّة «1» ، وقد تقدّم ذكر ذلك فى ترجمة «2» الظاهر. فصار بكتمر هذا إلى طرنطاى، وطرنطاى يوم ذاك مملوك الأمير سيف الدين قلاوون الألفىّ قبل سلطنته فربّاه وأعتقه. فلمّا قتل طرنطاى صار بكتمر هذا للأشرف خليل، فرتّبه فى جملة الأوجاقيّة فى الإسطبل السلطانىّ.
ثم نقله [المنصور «3» لاچين] وجعله أمير آخور صغيرا، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة بعد وفاة الفاخرىّ «4» . وما زال يترقّى حتّى ولى الوزارة، ثم الحجوبيّة بدمشق ثم نيابة غزّة ثم نيابة صفد ثم حجوبيّة الحجّاب بديار مصر إلى أن مات. وهو صاحب المدرسة والدار «5» خارج باب النصر من القاهرة. وخلّف أموالا كثيرة، وكان معروفا بالشّحّ وجمع المال.
قلت: وعلى هذا كان غالب أولاده وذريّته ممّن أدركنا. قال الشيخ صلاح الدين الصّفدىّ فى تاريخه: «وكان له حرص عظيم على جمع المال إلى الغاية، وكان له الأملاك الكثيرة فى كلّ مدينة، وكان له قدور يطبخ فيها الحمّص والفول وغير ذلك من الأوانى تكرى، وكان بخيلا جدّا. حكى لى الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس قال: كنت عنده يوما وبين يديه صغير من أولاده وهو يبكى ويتعلّق فى رقبته ويبوس صدره، فلمّا طال ذلك من الصغير قلت له: ياخوند، ماله؟
قال: شيطان يريد قصب مصّ. فقلت: يا خوند اقض شهوته. فقال: يا بخشى «6»
سيّر إلى السّوق أربع فلوس هات له عودّا. فلمّا حضر العود القصب وجدوا الصغير قد نام ممّا تعنّى وتعب فى طلب القصب. فقال الأمير بكتمر: هذا قد نام، ردّوا العود وهاتوا الفلوس!» . انتهى كلام الصّفدىّ.
قلت: ولأجل هذا كانت له تلك الأملاك الكثيرة والأموال الجمّة. وإلّا من هو بكتمر بالنسبة إلى غيره من الأتابكيّة ونوّاب البلاد الشاميّة وغيرهم من عظماء الأمراء! ولكن هذا من ذاك. انتهى.
وتوفّى الشيخ الإمام جلال الدين أبو بكر عبد الله بن يوسف بن إسحاق بن يوسف الأنصارىّ الدّلاصىّ «1» إمام الجامع الأزهر بالقاهرة عن بضع وثمانين سنة.
وكان يعتقد فيه الخير، وله شهرة بالدّين والصلاح.
وتوفّى قاضى قضاة دمشق علاء الدين أبو الحسن علىّ بن إسماعيل بن يوسف القونوىّ الشافعىّ فى يوم السبت رابع عشر ذى القعدة. وكان عالما مصنّفا بارعا فى فنون من العلوم.
وتوفّى الأمير عزّ الدين أيبك الخطيرىّ أمير آخور فى العشرين «2» من ذى القعدة.
وتوفّى الأمير سيف الدين ساطلمش بن عبد الله الفاخرىّ فى ثالث ذى الحجّة، وأنعم بإقطاعه على الأمير كوجبا الساقىّ. وكان قديم هجرة فى الأمراء، وله وجاهة عند السلطان وغيره.
وتوفى الأمير ناصر الدين نصر الطّواشى شيخ الخدّام بالحرم النبوىّ، ومقدّم المماليك السلطانية معا فى يوم الخميس عاشر شهر رجب. واستقرّ عوضه فى مشيخة الخدّام وتقدمة المماليك السلطانية الطّواشىّ عنبر السّحرتى. [ومات عزّ الدين «3» ] القيمرىّ.
وتوفّى الأمير علاء الدين علىّ بن الكافرى والى قوص. كان ولى عدّة أعمال، وكان من الظّلمة.
وتوفّى الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الأيدمرىّ فى شهر ربيع الأول.
وتوفّى الشيخ عزّ الدين أبو يعلى حمزة ابن المؤيّد أبى المعالى [أسعد «1» ] بن المظفّر بن أسعد بن حمزة القلانسىّ الشافعىّ بدمشق.
وتوفّى الشيخ الإمام نجم «2» الدين أبو عبد الله محمد بن عقيل بن أبى الحسن بن عقيل البالسىّ الشافعىّ بمصر. كان إماما فقيها مدرّسا مصنّفا، شرح التنبيه فى الفقه.
وتوفّى القاضى معين الدين هبة الله ابن علم الدين مسعود بن عبد الله «3» بن حشيش، صاحب ديوان الجيش بمصر، ثم ناظر جيش دمشق فى جمادى الآخرة. كان إماما فاضلا أديبا نحويّا كاتبا، وله فضائل، وتنقّل فى عدّة خدم.
وتوفّى الأمير حسام الدين لاچين بن عبد الله الصغير بقلعة البيرة «4» .
وتوفّى شرف الدين يعقوب بن عبد الكريم بن أبى المعالى الحلبىّ «5» بحماة. كان فاضلا كاتبا تنقّل فى عدّة خدم بالبلاد الشاميّة وغيرها، وتولّى كتابة السّرّ بحلب غير مرّة، وكان فيه رياسة وحشمة. «6» وفيه يقول الشيخ جمال الدين بن نباته:
قالت العليا لمن حاولها
…
سبق الصاحب واحتلّ ذارها
فدعوا كسب المعالى إنّها
…
حاجة فى نفس يعقوب قضاها