الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: ووقع لبكتمر هذا من العظمة والقرب من السلطان ما لم يقع لغيره من أبناء جنسه. وقد استوعبنا أمره فى «المنهل الصافى» مستوفى، حيث هو كتاب تراجم الأعيان، وليس لذكره هنا إلا الاختصار؛ إذ هذا الكتاب موضوع للإطناب فى تراجم ملوك مصر لا غير، ومهما كان غير ذلك يكون على سبيل الاستطراد والضميمة لحوادث الملك المذكور لا غير، فيكون الاختصار فيما عدا ملوك مصر أرشق، وإلا يطل الشرح فى ذلك حتى تزيد عدّة هذا الكتاب على مائة مجلّد وأكثر. وقد سقنا أيضا من ذكر بكتمر فى أصل ترجمة الملك الناصر قطعة جيّدة فيها كفاية فى هذا الكتاب، فلتنظر هناك.
أمر النيل فى هذه السنة- الماء القديم ثلاث أذرع وثمانى أصابع.
مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعا وست عشرة إصبعا.
***
[ما وقع من الحوادث سنة 734]
سنة خمس وعشرين من ولاية الملك الناصر الثالثة على مصر، وهى سنة أربع وثلاثين وسبعمائة.
فيها توفّى الأمير سيف الدين ألماس «1» بن عبد الله الناصرىّ حاجب الحجّاب بالديار المصريّة فى محبسه خنقا فى ليلة ثانى عشر صفر، وحمل من الغد حتّى دفن بجامعه»
بالشارع خارج بابى زويلة. وكان من مماليك الناصر محمد، اشتراه ورقّاه وأمّره وجعله جاشنكيره، ثم ولّاه الحجوبيّة، فصار فى محلّ النيابة لشغور منصب النيابة فى أيامه، فكان أكابر الأمراء يركبون فى خدمته ويجلس فى باب القلعة
وتقف الحجّاب فى خدمته، ولا زال مقرّبا عند السلطان حتّى قبض عليه لأمور بلغته عنه: منها، أنه كان اتّفق مع بكتمر الساقى على قتل السلطان، ومنها محبّته لصبىّ من أولاد الحسينيّة وتهتّكه بسببه، وغير ذلك. ولمّا حبسه السلطان منعه الطعام والشراب ثلاثة أيام ثم خنقه. وقد تقدّم من ذكره فى أصل ترجمة الملك الناصر بعد عوده من الحجاز نبذة أخرى يعرف منها أحواله. وكان ألماس غتميّا لا يعرف بالعربيّة شيئا. وكان كريما ويتباخل خوفا من الملك الناصر.
ولمّا مات وجد له أشياء كثيرة.
وتوفّى الأمير علم الدين «1» سليمان بن مهنّا بن عيسى ملك العرب وأمير آل فضل فى خامس عشرين ربيع الأوّل، وتولّى الإمرة بعده سيف بن فضل [بن عيسى ابن مهنا «2» ] .
وتوفّى السلطان الملك الظاهر أسد الدّين عبد الله ابن الملك المنصور نجم الدين أيّوب ابن الملك المظفّر يوسف بن عمر [بن علىّ «3» ] بن رسول متملّك اليمن، بعد ما قبض عليه الملك المجاهد «4» بقلعة دملوه «5» ، وصار الظاهر هذا يركب فى خدمة المجاهد، ثم سجنه المجاهد مدّة شهرين وخنقه بقلعة تعزّ «6» .
وتوفّى قاضى حماة نجم الدين عمر بن محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن محمد ابن هبة الله بن أحمد المعروف بابن العديم الحلبى الأصل الحنفىّ عن خمس وأربعين سنة، وهو من بيت علم ورياسة وفضل.
وتوفّى الأمير طغاى تمر بن عبد الله [العمرىّ «1» ] الناصرىّ أحد مماليك الملك الناصر وزوج ابنته فى ليلة الثلاثاء ثامن عشرين شهر ربيع الأوّل. وكان من أجلّ مماليك الناصر وأمرائه وأحد خواصه.
وتوفّى الأمير سوسون «2» بن عبد الله الناصرىّ أحد مقدّمى الألوف بديار مصر وأخو الأمير قوصون فى ليلة الجمعة رابع عشر جمادى الأولى.
وتوفّى الشيخ الإمام العالم الحافظ ذو الفنون فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد ابن محمد [بن أحمد «3» ] بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن سيد الناس اليعمرىّ الإشبيلىّ فى شعبان. كان إماما حافظا مصنّفا، صنّف السّيرة النبويّة وسمّاه «كتاب عيون الأثر «4» ، فى فنون المغازى والشمائل والسّير» ، ومختصر ذلك سمّاه «نور العيون» «5» ، وكتاب «تحصيل الإصابة، فى تفضيل الصحابة» و «النّفح «6» الشّذى، فى شرح جامع التّرمذى» وكتاب «بشرى اللّبيب، بذكرى الحبيب» . وكان له نظم ونثر علامة فيهما حافظا متقنا. ومن شعره قصيدته التى أوّلها:
عهدى به والبين ليس يروعه
…
صبّا براه نحوله ودموعه
لا تطلبوا فى الحبّ ثأر متيّم
…
فالموت من شرع الغرام شروعه
عن ساكن الوادى- سقته مدامعى-
…
حدّث حديثا طاب لى مسموعه
أفدى الذي عنت البدور لوجهه
…
إذ حلّ معنى الحسن فيه جميعه
البدر من كلف به كلف «1» به
…
والغصن من عطف عليه خضوعه
لله «2» حلوىّ المراشف واللّمى
…
حلو الحديث ظريفه مطبوعه
دارت رحيق لحاظه «3» فلنا بها
…
سكر يحلّ عن المدام صنيعه
يجنى فأضمر عتبه فإذا بدا
…
فجماله ممّا جناه شفيعه
وتوفّى الأمير قرطاى «4» بن عبد الله الأشرفىّ نائب طرابلس، وقد جاوز ستين سنة فى ثامن عشرين صفر، وكان مطّبا عند الملك، أمّره وولّاه نيابة طرابلس إلى أن مات بها.
وتوفّى الأمير سيف الدين بلبان بن عبد الله المعروف بطرنا «5» نائب صفد فى حادى عشرين ربيع الأوّل. وكان أميرا شجاعا مقداما.
وتوفّى قاضى القضاة جمال الدين أبو الربيع سليمان ابن الخطيب مجد الدين عمر ابن عثمان الأذرعى الشافعى المعروف بالزّرعىّ، فى سادس صفر بالقاهرة وهو قاضى العسكر بها. وكان فقيها عالما.
وتوفّى الأمير سيف الدين خاص «6» ترك بن عبد الله الناصرىّ أحد مقدّمى الألوف بالديار المصريّة فى شهر رجب بدمشق، وكان من خواصّ مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون.