الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
***
[ما وقع من الحوادث سنة 740]
السنة الحادية والثلاثون من ولاية الملك الناصر الثالثة على مصر، وهى سنة أربعين وسبعمائة.
فيها توفّى الخليفة أمير المؤمنين المستكفى بالله أبو الربيع سليمان ابن الخليفة الحاكم بأمر الله أبى العبّاس أحمد بن الحسن بن أبى بكر الهاشمىّ العباسىّ بمدينة قوص فى خامس شعبان عن ست وخمسين سنة وستة أشهر وأحد عشر يوما. وكانت خلافته تسعا وثلاثين سنة وشهرين وثلاثة عشر يوما. وكان حشما كريما فاضلا.
كان أخرجه الملك الناصر إلى قوص لما كان فى نفسه منه لما كان منه فى القيام بنصرة الملك المظفّر بيبرس الجاشنكير، وتولّى الخلافة من بعده ولده أبو العباس أحمد ولقّب بالحاكم على لقب جدّه بعهد منه إليه. وكان الناصر منع الحاكم من الخلافة وولّى غيره، حسب ما ذكرناه فى ترجمة الملك «1» الناصر، فلم يتم له ذلك وولّى الحاكم هذا.
وتوفّى الأمير شمس الدين آق سنقر بن عبد الله شادّ العمائر المنسوبة إليه قنطرة «2» سنقر على الخليج خارج القاهرة والجامع «3» بسويقة السبّاعين «4» على البركة «5» الناصرية فيما بين القاهرة ومصر. وكانت وفاته بدمشق.
وتوفّى الأمير علاء الدين علىّ بن حسن المروانىّ «1» والى القاهرة فى ثانى عشرين «2» رجب بعد ما قاسى أمراضا شنيعة مدّة سنة، وكان ظالما غشوما سفّاكا للدماء، اقترح فى أيام ولايته عقوبات مهولة، منها أنه كان ينعل الرجل فى رجليه بالحديد كما تنعل الخيل. ومنها تعليق الرجل بيديه وتعلّق مقايرات «3» العلاج فى رجليه فتنخلع أعضاؤه فيموت، وقتل خلقا كثيرا من الكتّاب وغيرهم فى أيام النّشو. ولمّا حملت جنازته وقف عالم كثير لرجمه، فركب الوالى وابن صابر المقدّم حتّى طردوهم ومنعوهم ودفنوه.
وتوفّى شرف الدين عبد الوهاب ابن التاج فضل الله المعروف بالنّشو ناظر الخاص الشريف تحت العقوبة فى يوم الأربعاء ثانى «4» شهر ربيع الآخر. وقد تقدم التعريف بأحواله وكيفية قتله والقبض عليه فى ترجمة «5» الملك الناصر هذه مفصّلا مستوفى. كان هو وأبوه وإخوته يخدمون الأمير بكتمر الحاجب، ثم خدم النّشو هذا عند الأمير أيدغمش أمير آخور. فلما جمع السلطان فى بعض الأيام كتّاب الأمراء رأى النّشو وهو واقف وراء الجماعة وهو شابّ نصرانىّ طويل حلو الوجه، فاستدعاه وقال له:
إيش اسمك؟ قال: النّشو. فقال السلطان: أنا أجعلك نشوى، ورتّبه، مستوفيا، وأقبلت سعادته، فأرضاه فيما ندبه إليه وملأ عينه، واستمر على ذلك حتى استسلمه الأمير بكتمر الساقى وسلّم إليه ديوان سيّدى آنوك ابن الملك الناصر إلى أن توفّى القاضى فخر الدين ناظر الجيش، نقل الملك الناصر شمس الدين موسى ناظر الخاصّ إلى نظر الجيش عوضه، وولّى النشو هذا نظر الخاصّ على ما بيده من ديوان ابن
السلطان. ووقع له ما حكيناه فى ترجمة الملك الناصر كل شىء فى محلّه. قال الصلاح الصّفدىّ: ولمّا كان فى الاستيفاء وهو نصرانىّ كانت أخلاقه حسنة وفيه بشر وطلاقة وجه وتسرّع لقضاء حوائج الناس، وكان الناس يحبّونه. فلمّا تولّى الخاصّ وكثر الطلب عليه وزاد السلطان فى الإنعامات والعمائر وبالغ فى أثمان المماليك وزوّج بناته واحتاج الى الكلف العظيمة، ساءت أخلاق النّشو وأنكر من يعرفه، وفتح أبواب المصادرات. انتهى كلام الصفدىّ باختصار.
وتوفّى الشيخ مجد الدين أبو بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز السّنكلونىّ «1» الشافعىّ فى شهر ربيع الأول، وكان فقيها فاضلا، شرح التنبيه فى الفقه، وتولّى مشيخة خانقاه الملك المظفّر بيبرس ودرّس وأفتى.
وتوفّى الأمير ركن الدين بيبرس بن عبد الله الأوحدىّ المنصورىّ والى قلعة الجبل فى شهر ربيع الأول.
وتوفّى الأمير سيف الدين «2» أيدمر بن عبد الله الدّوادار بدمشق. وكان أميرا جليلا خيّرا ديّنا.
وتوفّى الأمير سيف الدين بهادر بن عبد الله البدرىّ الناصرىّ نائب الكرك، بعد ما عزل عن الكرك ونفى إلى طرابلس فمات بها.
وتوفّى شيخ الشيوخ بخانقاه سرياقوس العلّامة مجد الدين أبو حامد موسى بن أحمد بن «3» محمود الأقصرائى الحنفىّ فى شهر ربيع «4» الآخر. وكان إماما فقيها بارعا مفتيا.