الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقديم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، فمن نعم الله تعالى على عباده العلم الذى يثمر المعرفة التى أصبحت أساسا فى الوصول إلى الحق فى الخلق، وعنوانا على الطريق الصحيح فى الوصول إلى رب العالمين؛ الذى أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة والتى لا ينكرها إلا جاحد، رفض رجوع الفضل إلى صاحبه، الذى نعبده ونستعينه ونستهديه فى كل أعمالنا، كى نحقق الغرض من خلقنا ألا وهو العبادة الصحيحة، والاعتراف بوحدانية الخالق- سبحانه وتعالى من خلال الدين الخاتم والقرآن الخالد؛ الذى تظهر معجزاته كل يوم فى شتى المعارف، ومختلف العلوم التى جعلت أصحابها بدورا تنير للناس الطرق، وتهدى العالم إلى السبل بعد رسل الله- عليهم السلام، فقد اختلفت الأمم، وأجدبت الحضارات وتشعبت الناس، ما بين غرب وشرق، وشمال وجنوب، نسوا أن الحق- سبحانه وتعالى واحد، والرسول واحد والكتاب واحد، فأين يذهبون؟!
فمهما بعدوا عنه، أو تركوه، أو تناسوه، فلن ينصلح آخرهم إلا بما صلح به أولهم، وصدق الله العظيم: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء: 107] ومعطيات الرحمة فى الاتحاد لا فى الافتراق والتشيع والتحزب، والرحمة فى العبادة لا فى الإلحاد والكفر والمروق عن الدين، والرحمة فى السمع والطاعة لأوامر الله تعالى ونواهيه وأن الله تعالى سينصر عباده، وحزبه، ما داموا
مخلصين فى العبادة، مسيطرين على الدنيا بتقواهم، وعلومهم لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة: 22].
وإنى على ثقة تامة أن الإسلام هو الحق، والقرآن هو الفيصل للعالم فى عصرنا الحاضر، وما يقدمه هذا الدين للعالم كله هو المفتاح السحرى لمشكلات العصر، وقضايا السيادة، ومشكلات الانفراد بالهيمنة والثقافة والفكر على العالم من دولة أو مجموعة دول لكى يصبح العالم كله قرية واحدة أو فكرة واحدة تدور فى فلك القوى مهما كانت نوازعه أو مطالبه، فى هدم القيم الثابتة لدى الأمم، وسلخ الإيمان الراسخ عند الشعوب المتدينة، وقلب الفطرة إلى الأنانية المطلقة، والخصوصية البغيضة التى دعا الإسلام إلى تجاوزها، والتعاون على البر والتقوى، والنفع العام للجميع دون تمييز أو مفاضلة وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ [المائدة: 4].
وخير دليل على شمولية الإسلام، وعمومية رسالته، ما وجدته عند الرازى الذى نشأ فى بيئة فارسية أو إيرانية، ومع ذلك جادل وناقش كل الفرق التى تدعى الإسلام، وتطبق غيره، ونجح فى صراعه، وبلغ الذروة فى دفاعه عن دينه، دون أن يعلو بجنس أو يفتخر بقوم، بل جعل الإسلام هو أصله الذى يدافع عنه وينتصر له، حتى تحقق له ما أراد، ولقد شجعتنى سيرة الفخر الرازى، وما
دار حولها وبسببها فى الدخول إلى عالمه الذى جمع العلوم فوعاها، وفتق أكمام الشريعة فأعلاها، فاستخرت الله تعالى، مستعينا به فى الولوج إلى هذا الخضم من التراث، كى أفتح لنفسى نافذة على فكر الرازى، لعلى أحظى بفكرة صائبة أو أرجع بيان واضح، ودليل راجح عن هذا الرجل فى موضوع كتب فيه الكثيرون حتى أشبعوه، ولم يتركوا شاردة ولا واردة قديما ولا حديثا، وهو النسخ فى القرآن، ولكنى أحببت أن أنفذ إلى الرازى من خلال هذا الموضوع، الذى كثر الجدل فيه عسى أن أخرج منه بما أشتهى، وإلا فقد حاولت، والله المستعان على المراد وهو نعم المولى ونعم النصير.
د. محمود محمد الحنطور الأستاذ المساعد بكلية الدعوة بالمدينة المنورة فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
الثلاثاء فى 23 جمادى الآخرة 1422 هـ 11 سبتمبر 2001 م