المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌39 - كتاب القسمة

- ‌الباب الأول: في أنواع القسمة

- ‌[الفصل الثاني: في العروض]

- ‌40 - كتاب الرهُون

- ‌41 - كتاب الحجر

- ‌الباب الأول: في أصناف المحجورين

- ‌الباب الثاني: متى يخرجون من الحجر، ومتى يحجر عليهم

- ‌الباب الثالث: في معرفة أحكام أفعالهم في الرد والإجازة

- ‌42 - كتاب التفليس

- ‌43 - كتاب الصلح

- ‌44 - كتاب الكفالة

- ‌45 - كتاب الحوالة

- ‌46 - كتاب الوكالة

- ‌الباب الأول: في أركان الوكالة

- ‌الباب الثاني: في أحكام الوكالة

- ‌الباب الثالث: في مخالفة الموكل للوكيل

- ‌47 - كتاب اللقطة

- ‌48 - كتاب الوديعة

- ‌49 - كتاب العارية

- ‌50 - كتاب الغصب

- ‌الباب الأول: في الضمان

- ‌الباب الثاني: في الطوارئ على المغصوب

- ‌51 - كتاب الإستحقاق وأحكامه

- ‌52 - كتاب الهبات

- ‌53 - كتاب الوصايا

- ‌54 - كتاب الفرائض

- ‌55 - كتاب العتق

- ‌56 - كتاب الكناية

- ‌57 - كتاب التدبير

- ‌58 - كتاب أمهات الأولاد

- ‌59 - كتاب الجنايات

- ‌60 - كتاب القصاص

- ‌61 - كتاب الجراح

- ‌62 - كتاب الديات في النفوس

- ‌63 - كتاب الديات فيما دون النفس

- ‌64 - كتاب القسامة

- ‌65 - كتاب في أحكام الزنى

- ‌66 - كتاب القذف

- ‌باب في شرب الخمر

- ‌67 - كتاب السرقة

- ‌68 - كتاب الحرابة

- ‌الباب الأول: النظر في الحرابة

- ‌الباب الثاني: النظر في المحارب

- ‌الباب الثالث: فيما يجب على المحارب

- ‌الباب الرابع: في مسقط الواجب عنه وهي التوبة

- ‌الباب الخامس: بماذا تثبت هذه الجنابة

- ‌69 - كتاب الأقضية

- ‌الباب الأول: من يجوز قضاؤه

- ‌الباب الثاني: ما يقضي به

- ‌الباب الثالث: فيما يكون به القضاء

- ‌الباب الرابع: من يقضي عليه أوله

- ‌الباب الخامس: في كيفية القضاء

- ‌الباب السادس: في وقت القضاء

- ‌ثبت المصادر والمراجع

الفصل: ‌54 - كتاب الفرائض

‌54 - كتاب الفرائض

ص: 245

1612 -

حديث عمر بن الخطاب أَنَّه كَتَبَ إلى أبي عُبَيْدة أَنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهُ

ص: 248

وَرَسُولَهُ مَوْلَى مَنْ لَا مْوْلَى لَهُ، والخال وارث مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ".

أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي، والدارقطني والبيهقي من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أن رجلًا رمى رجلًا بسهم فقتله، وليس له وارث إلا خال، فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر رضي الله عنهما فكتب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وذكره، واقتصر الترمذي على ذكر المرفوع، وقال حديث حسن، وصححه ابن حبان، كابن الجارود.

ص: 249

وفي الباب: عن المقدام بن معدى كرب، وعائشة، وأبي هريرة وواسع بن حبان، وبريدة؛ وأبي الدرداء.

فحديث المقدام: رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن الجارود، والطحاوي والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ترك كلًا فإِليَّ، وربما قال: إلى الله ورسوله، ومن ترك مالًا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه، والخال من لا وارث له يعقل عنه ويرثه ولفظ الحاكم: أنا مولى من لا مولى له أرث ماله وأفك عانيه، والخال وارث من لا وارث له ويفك عانيه، ثم قال:(صحيح على شرط الشيخين)، وتعقبه الذهبي:(بأن علي بن أبي طلحة أحد رجاله، قال أحمد: له أشياء منكرات ولم يخرج له البخاري).

ص: 250

قلت: قد احتج به مسلم، ومن تكلم فيه فلأجل مذهبه الذي اتهموه به، وهو أنه كان يرى السيف، وذلك باطل لأنهم أخذوه من حكاية لا تدل على ذلك. ومع هذا فقد ورد الحديث من غير طريقه، وقد صححه أيضًا ابن حبان، وحسنه أبو زرعة الرازي فيما حكاه عنه ابن أبي حاتم بل صححه ابن القطان الفاسي، وهو شديد التعنت في التصحيح، وأعله أبو داود، والبيهقي بما هو ظاهر في التحامل والتعنت.

وحديث عائشة: رواه الدارمي، والترمذي، والطحاوي، والدارقطني، والحاكم والبيهقي كلهم من رواية ابن جريج، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له، قال الترمذي:(غريب). وقال الحاكم.

ص: 251

(صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي، وهو الحق وكونه روى موقوفًا أو مرسلًا غير ضائرة على ما قررناه غير مرة.

وحديث أبي هريرة: رواه الدارقطني، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان"، والبيهقي كلهم من طريق ليث، عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة مرفوعًا: الخال وارث من لا وارث له. ورواه الدارقطني، مرة أخرى، عن ليث، عن أبي هبيرة، عن أبي هريرة به بزيادة من لا وارث له، وضعفه البيهقي باختلاف وقع في إسناده وهو اختلاف بسيط.

وحديث أبي الدرداء: رواه العقيلي في "الضعفاء" بلفظ: الخال وارث من لا وارث له.

وحديث واسع بن حبان: رواه الحارث بن أبي أسامة، والطحاوي، والبيهقي عنه أن ثابت بن الدحداح كان رجلًا آتيًا في بنى العجلان مات، فسأل

ص: 252

النبي صلى الله عليه وسلم هل له وارث، فلم يجدوا له وارثًا فدفع النبي صلى الله عليه وسلم مراثه إلى ابن أخته وهو أبو لبابة بن عبد المنذر، ونقل البيهقي عن الشافعي تعليله، بأن ثابت بن الدحداح مات في غزوة أحد قبل نزول المواريث، ورد ابن التركماني ذلك بما نقله عن الواقدي وغيره من أن ثابتًا تأخرت وفاته إلى زمن الحديبية بعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم منها.

وحديث بريدة: رواه أبو داود والنسائي في "الكبرى" من حديث جبريل بن أحمر عن بريدة، عن أبيه قال: مات رجل من خزاعة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بميراثه فقال التمسوا له وارثًا أو ذا رحم، فلم يجدوا له وارثًا ولا ذا رحم فقال: أعطوه الكبر من خزاعة، وقال النَّسائي: جبريل بن أحمر ليس بالقوي، والحديث منكر كذا قال، وقد وثقه ابن معين، وأبو زرعة، وابن حبان

ص: 253

1613 -

حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حاتم بن عبد الله، عن جابر:"أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى البِنْتَيْنِ الثُّلُثَيْنِ".

كذا وقع في الأصل، عن حاتم بن عبد الله، عن جابر، ولا ذكر له في الحديث، وإنما هو عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هاتان إبنتا سعد بن الربيع قُتِل أبوهما معك يوم أحد شهيدًا وإن عمهما أخذ مالهما فلا يدع لهما مالًا، ولا تنكحان إلا ولهما مال قال يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم -

ص: 254

إلى عمهما فقال: أعط ابنة سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن، وما بقي فهو لك. رواه أحمد وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم، والبيهقي، وغيرهم، وقال الترمذي (حسن صحيح)، وقال الحاكم:(صحيح الإِسناد).

ص: 255

1614 -

حديث ابن عباس: "أقْسِمُوا المَالَ بَيْنَ أهْلِ الفَرَائِضِ عَلى كِتَابِ اللهِ عز وجل فَمَا أَبْقَتِ الفرائِضُ فَلأوْلى رَجُلٍ ذَكرٍ".

متفق؛ ورواه أيضًا أحمد، والدارمي، وأبو داود، وابن ماجه

ص: 256

والبيهقي، وجماعة وفي لفظ: الحقوا الفرائض بأهلها، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر. وهو لفظ البخاري ومسلم؛ ولمسلم أيضًا نحو ما ذكر المصنف.

ص: 257

1615 -

حديث ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ابنة وابنة ابن وأخت إنَّ لِلْبِنْتِ النِّصْفَ ولابْنَةِ الابْنَ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ وما بقي فَلِلأخْتِ".

أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والبيهقي، من حديث هزيل (بالزاي) بن شرحبيل قال: سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت فقال للابنة النصف، وللأخت النصف وائت ابن مسعود فَسَيُتَابِعُني، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين،

ص: 261

أقضي فيها، بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم، لفظ البخاري.

* * *

1616 -

حديث علي عليه السلام قال: "قَضَى رسُولُ اللِه صلى الله عليه وسلم أنَّ أَعْيَانَ بَنِي الأُمِّ يَتَوَارَثُونَ دُوْنَ بَنِي العَلَّاتِ".

الطيالسي، وأحمد، والترمذي، وابن ماجه، والدارقطني،

ص: 262

والحاكم من حديث أبي إسحاق عن الحارث، عن علي وسنده حسن أو صحيح لأن الحارث الأعور عندنا ثقة.

ص: 263

1617 -

حديث مالك: "جَاءَتِ الجَّدَةُ إلى أبي بكر رضي الله عنه تسأَلُهُ عَنْ ميراثِها، فقال أبو بكر: مَا لَكِ فِي كتَاب الله شَيءٌ، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَارْجِعِي حَتَّى أسَأل النَّاس، فَقَال لهُ المُغِيرة بن شُعبة: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَال أبو بكر مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فقام محمد بن مَسْلَمة فقال مِثْلَ ما قال المغيرة، فأنْفَذَهُ أبو بكرٍ لَهَا، ثُمَّ جَاءَت الجَّدَةُ الأُخْرَىَ إلى عُمَرَ بنِ الخطاب تَسْأَلُهُ مِيرَاثها، فَقَال: مَا لكِ فِي كِتَاب اللهِ عز وجل شَيءٌ، ومَا كَانَ القَضَاءُ الذي قُضِيَ بهِ إلَّا لِغَيْرِك، وَمَا أنَا بِزَائِدٍ فِي الفَرَائِضِ، وَلَكِنَّه ذَلِكَ السُّدسُ، فإن اجتَمْعتُما فِيهِ فَهُوَ لَكُمَا، وأَيَّتُكُما انَفَرَدَتْ بِهْ فَهُو لَهَا".

ص: 269

مالك في "الموطأ"، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والحاكم، والبيهقي، من حديث قبيصة بن ذؤيب قال: جاء الجدة فذكره، وقال الترمذي:(حسن صحيح)، وقال الحاكم:(صحيح على شرط الشيخين)؛ وأقره الذهبي لكنه معلول بالانقطاع كما قال ابن حزم وغيره، لأن قبيصة لم يدرك أبا بكر وعمر، فقد صحح الحفاظ ولادته كانت عام الفتح.

ص: 270

1618 -

حديث ابن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم:"أن النبي صلى الله عليه وسلم وَرَّثَ ثَلاثَ جَدَّاتٍ اثْنَتَيْنِ مِن قَبِلِ الأبِ وَوَاحَدِة مِنَ قَبَلِ الأُمِ".

الدارقطني، من طريق ابن وهب أخبرني حماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم بن يزيد به.

ورواه البيهقي، من طريق يزيد بن هارون قال: أنا شعبة وسفيان وشريك، عن منصور، عن إبراهيم قال: أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدات سدسًا قلت لإِبراهيم: ما هن؟ قال: جدتاك من قبل أبيك، وجدة أمك، قال البيهقي:(هذا مرسل وقد روي عن خارجه بن مصعب، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أيضًا مرسل).

ص: 271

ثم أخرجه من طريق الدارقطني، ولم يسق متنه، ولفظه عند الدارقطني، أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدات السدس ثنتين من قِبل الأب وواحدة من قبل الأم.

ثم أخرج البيهقي من طريق وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث ثلاث جدات ثم قال: وهذا أيضًا مرسل وفيه تأكيد للأول.

* * *

1619 -

حديث الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله قال:"أوْلُ جَدَّةٍ أَعْطَاهَا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم سُدُسًا جَدَّةٌ مَعْ ابنها وابنُهَا حَيٌ".

البيهقي، من طريق يزيد بن هارون، أنا محمد بن سالم، عن الشعبي به، ثم

ص: 272

قال البيهقي: (تفرد به محمد بن سالم، وروي عن يونس، عن ابن سيرين قال: أنبئت عن أشعث بن سوار، عن عبد الله وعن أشعث بن عبد الملك، عن الحسن وابن سيرين، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث يونس وأشعث منقطع، ومحمد بن سالم غير محتج به، وإنما الرواية الصحيحة فيه، عن عمر، وعبد الله، وعمران بن حصين، ثم أسند عن جميعهم أنهم ورثوا جدة مع ابنها) وتعقب (بأنه أثر عمر، من طريق ابن المسيب عنه، وابن المسيب لم يسمع من عمر، فكيف يدعي أن الرواية عنه صحيحة).

قلت: ومحمد بن سالم راوي المرفوع ضعيف جدًا، قال أحمد لا يروي حديثه وقال ابن المبارك: أضْرَبوا على حديثه، وقال جماعة متروك الحديث. وآخرون: منكر الحديث، وأنكر أحمد أحاديث رواها وقال: هي موضوعة.

ص: 273

1620 -

حديث: "لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، ولَا الكافِرُ المُسْلِمَ".

مالك، والطيالسي، وأحمد، والدارمي، والبخاري، ومسلم،

ص: 275

وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود، والدارقطني، والبيهقي وجماعة من حديث أسامة بن زيد، وفي الباب عن جماعة.

تنبيه: قال المجد بن تيمية في "المنتقي" لما ذكر هذا الحديث، رواه الجماعة إلا مسلمًا، والنَّسائي، وهو واهم في ذلك بالنسبة إلى مسلم، فإِنه خرج الحديث بهذا اللفظ وبه صدر كتاب الفرائض.

وعزاه الحافظ في "التلخيض" للبخاري، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، ثم قال:(وأغرب ابن تيمية في "المنتقى" فادعى أن مسلمًا لم يخرجه وكذلك ابن الأثير في "الجامع"، ادعي أن النسائي لم يخرجه)، والصواب مع ابن الأثير فالنَّسائي لم يخرِّج هذا الحديث في "المجتبى" الذي هو أحد السنن الأربعة، بل ليس فيه كتاب الفرائض أصلًا، فإِن كان خرجه في "السنن الكبرى" فليس هو من الكتب الستة كما هو معلوم.

ص: 276

1621 -

قوله: (وَذَهَبَ مَعَاذ بن جبلِ، ومَعَاوية مِنَ الصَّحَابة، وَسَعِيد بن المُسَيَب وَمَسْرُوق مِنَ التَّابِعين وجَمَاعة، إلىَ أنَّ المُسْلِمَ يَرِثُ الكَافِرَ، إلى أنّ قَال: وَرَوُوا في ذَلِكَ حَدِيْثًا، قال أبو عُمر: وَلَيْسَ بالقَوي عِنَدَ الجُمْهُورِ).

قلت: كان ابن عبد البر يريد أنَّ الاستدلال به غير قوي لأنه ليس نصًا ولا ظاهرًا في المسألة، والحديث خرجه أبو داود الطيالسي وأبو داود السجستاني، والحاكم والبيهقي من حديث أبي الأَسْوَدِ الدُّؤَلي، عن معاذ بن جبل؛ أنه أتى في ميراث يهودي، وله وارث مسلم فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الإسلام يزيد ولا

ص: 277

ينقص، قال الحاكم:(صحيح الإِسناد ولم يخرجاه)، وأقره الذهبي مع أنه منقطع لأن أبا الأسْوَد لم يسمعه من معاذ.

فقد رواه أبو داود من وجه آخر، وفيه عن أبي الأسْوَد أنَّ رجلًا حدَّثه أن معاذ قال: فذكره.

ص: 278

قال البيهقي: (وإن صح الخبر فتأويله غير ما ذهب إليه، وإنما أراد أن الإسلام في زيادة ولا ينقص بالردة قال: وهذا رجل مجهول فهو منقطع).

* * *

1622 -

حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لَا يَتَوَارَثُ أهْلُ مِلَّتَيْنِ".

أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والدارقطني، والبيهقي وغيرهم بلفظ: لا يتوارث أهل ملتين شتى. وفي الباب عن جابر عند الترمذي،

ص: 279

وعن غيره عند غيره.

* * *

1623 -

حديث: "لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، ولا الكَافِرُ المُسْلِمَ".

تقدم.

ص: 280

وعمدة الفريق الأول عموم قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} فقالوا: هذه أم وكل أم لها الثلث، فهذه لها الثلث.

ص: 282

1624 -

حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنَّهُ ألْحَقَ وَلَدَ المُلَاعَنَةِ بأُمَّهِ".

مالك، والبخاري، ومسلم، والأربعة، من حديث نافع عنه أن رجلًا لاعن إمرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بأمه.

* * *

1625 -

حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدِّهِ، قال:"جَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم مِيْرَاث ابن المَلاعَنَةِ لأُمِّهِ وَلوِرَثَتِهِ".

ص: 283

أبو داود، والبيهقي، من طريق عيسى بن أبي محمد، عن العلاء بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده به مثله إلا أنه قال: ولورثتها من بعدها، وقال البيهقي:(عيسى هو ابن موسى، أبو محمد القرشي فيه نظر).

قلت: قد رواه الهيثم بن حميد، وهو ثقة، عن العلاء بن الحارث به ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بميراث ابن الملاعنة لأنه كله لما لقيت فيه من العناء رواه الدارمي، وله طريق ثالث، ورواه أحمد، من طريق محمد بن إسحاق، قال: ذكر عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولد الملاعنين أنه يرث أمه وترثه أمه، ومن قفاها به جلد ثمانين ومن دعاه ولد زنى جلد ثمانين.

ورواه أبو داود والبيهقي، عن مكحول مرسلًا، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها، قال البيهقي:(هذا منقطع).

* * *

1626 -

حديث واثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ: "المَرْأةُ تَحُوزُ ثَلَاثَة مَوَارِيثَ عَتَيْقِهَا، وَلَقِيْطِهَا، وَوَلَدِهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ".

ص: 284

أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، وابن عدي والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، كلهم إلا الحاكم، من حديث محمد بن حرب، ثنا عمر بن رؤبة التغلبي، عن عبد الواحد بن عبد الله النصري (بالنون والصاد)، عن واثلة به، وقال الترمذي:(حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حرب).

قلت: قد تابعه سليمان بن سليم، أبو سلمة، عن عمر بن رؤبة أخرجه من طريقه الدارقطني، والحاكم، وقال:(صحيح الإِسناد ولم يخرجاه) وأقره الذهبي، إلا أن الحاكم وقع عنده عمر بن رؤبة، عن عبد العزيز بن عبد الله بدل عبد الواحد

ص: 285

ابن عبد الله، فقال الذهبي: هو في السنن الأربعة، من طريق عمر بن رؤبة، عن عبد الواحد بن عبد الله، عن واثلة اهـ).

وقال ابن عدي: (عمر بن رؤبة فيه نظر، وسمعت ابن حماد يذكره عن البخاري).

وقال البيهقي، هذا غير ثابت، قال البخاري:(عمر بن رؤبة فيه نظر)، ثم أسنده (عن البخاري، من طريق ابن عدي، عن ابن حماد، وقال ابن عدي: أنكروا عليه أحاديثه عن عبد الواحد النصري).

وذكره البيهقي في باب آخر فقال الذهبي في "مهذبه" عمر بن رؤبة واه، وهذا غلو وإسراف من الذهبي فقد ذكر هو في الميزان، عن دحيم أنه قال:(لا أعلمه إلا ثقة، وعن أبي حاتم أنه قال: صالح الحديث، عن ابن حبان ذكره في الثقات): ومن كان بهذه المتانة لا يقال عنه واه، وقد أقرَّ هو أيضًا تصحيح الحاكم للحديث كما سبق.

وأغرب ابن حزم فقال: (إنّه مجهول) وكأنه لم يعرف أنه روي عنه أربعة وهم، محمد بن حرب الخولاني، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وأبو سلمة سليمان بن سليم الكلبي، وإسماعيل بن عياش، والجهالة ترتفع برواية اثنين، وقد عرفه أبو حاتم، ودحيم وقال إنه شيخ من شيوخ حمص، وكذلك ابن حبان؛ وابن حزم يسارع إلى إنكار ما لا يعلم.

ص: 286

1627 -

حديث مكحول: "عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم بمِثْلِ ذَلِكَ".

ص: 287

يعني مثل حديث عمرو بن شعيب المذكور قبل حديث واثلة، وقد ذكرناه في حديث عمرو بن شعيب.

* * *

1628 -

حديث مالِكٍ، عن ابن شهَابٍ، عن عُروةَ، عن عَائِشَة في قُصَّةِ سَعد بنْ أبي وَقَّاصٍ مع عبد الله بن زمعة في ابن وليدة أبيه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم. "هُوَ لَكَ يا عَبْدُ بن زَمْعَة، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بَنْت زَمْعَةَ: احْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأىَ مِنْ شَبَهِهِ بِعُتُبَةَ"، قال ابن رشد، متفقٌ على صِحَتِهِ.

ص: 288

1629 -

حديث عائشة قالت: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَسْرُورًا تَبْرُقُ أسَارِيْرُ وَجْهِهِ، فقال: ألمْ تَسْمَعِي مَا قَال مجزِّزٌ المَدْلِجي لِزَيْدِ وأُسَامَةَ وَرَآى أقْدَامَهُمَا فَقَالَ: هَذِهِ الأَقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ".

أحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة وغيرهم بألفاظ هذا منها.

ص: 293

1630 -

حديث: "الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ".

تقدم قريبًا.

* * *

1631 -

حديث الثوري، عن صالح بن حي، عن الشعبي، عن زيد بن أرقم قال:"كان علي باليمن فأُتِيَ بامْرَأَةٍ وَطئها ثَلَاثَةُ أُنَاسٍ في طُهْرٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُم أَنْ يُقِرَ لِصَاحِبِهِ بالوَلَدِ، فَأَبَى فَأَقْرَعَ بَيْنَهُم وَقَضَى بَالوَلَدِ لِلَّذِي أصَابَتْهُ القُرْعَة وَجَعَل عَلَيْهِ ثُلُثَي الدِّيَةِ فَرفَعَ ذَلِكَ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَعْجَبَهُ وَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذَهُ".

ص: 294

كذا قال عن الشعبي، عن زيد بن أرقم، وإنما هو عن الشعبي، عن عبد خير، عن زيد، رواه عبد الرزاق في "مصنفه"، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه، والبيهقي، كلهم من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، والمشهور في هذا الباب ما أخبرنا، ثم أخرج من طريق مسدد، ثنا يحيى عن الأجلح، عن الشعبي فقال عن عبد الله بن الخليل، عن زيد بن أرقم قال: كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من أهل اليمن فقال: إن ثلاثة من أهل اليمن أتوا عليًا فذكر الحديث.

ومن هذا الطريق رواه أبو داود، والنَّسائى.

ص: 295

ورواه أحمد والنَّسائي، والحاكم، من أوجه أخرى، عن الأجلح به كالذي قبله، وقال الحاكم:(صحيح الإِسناد ولم يخرجاه، وزاد الحديث تأكيدًا برواية ابن عيينة الأجلح به). وزاد فيه: (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أعلم فيها إلا ما قال علي، ثم أخرجه من طريق الحميدي، عن سفيان).

قلت: وكذلك رواه أحمد في "مسنده"، عن سفيان بن عيينة بالزيادة المذكورة ورواه الحاكم في موضع آخر من "المستدرك"، ثم قال:(قد أعرض الشيخان، عن الأجلح بن عبد الله الكندي، وليس هو في روايته بالمتروك ينقم عليه به مذهبه). يعني التشيع هذا الذي رأيته في "المستدرك" في كتاب الأحكام، وفي كتاب الفضائل، وأقره الذهبي في الموضعين، ونقل عنه ابن التركماني أنه قال:

ص: 296

(الأجلح إنما نقما عليه يعني الشيخين حديثًا واحدًا لعبد الله بن بريدة، وقد تابعه على ذلك الحديث ثلاثة من الثقات، قال التركماني: فهذا الحديث إذًا صحيح).

قلت: ويؤيد صحته أنه رواه جماعة عن الشعبي متابعين فيه للأجلح منهم صالح الهمداني كما سبق، ومنهم أبو إسحاق الشيباني، رواه النَّسائي إلا إنه لم يسم عبد الله بن الخليل بل قال عن الشعبي، عن رجل من حضرموت، عن زيد بن أرقم، ومنهم محمد بن سالم الكوفي ذكره البيهقي، ومنهم سلمة بن كهيل، رواه أبو داود، والنَّسائي، والبيهقي من طريق شعبة عنه إلا أنه قال عن أبي أو ابن الخليل، أن ثلاثة نفر، فذكر القصة، ولم يذكر زيد بن أرقم ولا النبي صلى الله عليه وسلم قال

ص: 297

النَّسائي: (وهذا صواب)؛ وقال البيهقي: هو أصح ما ورد في هذا الباب، وليس كما قال بل هو من التحامل الظاهر؛ ومنهم داود بن يزيد الأودي فإنه رواه عن الشعبي أيضًا بسند آخر عن أبي جحيفة السواءي قال لما كان علي عليه السلام باليمن فذكر الحديث وفي آخره فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وَضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي، رواه البيهقي ثم قال:(داود بن يزيد الأودي غير محتج به).

قلت: لكنه غير متهم، ولا منكر الحديث بل هو صدوق في نفسه، فهو صالح في المتابعات، ومع هذه الطرق المتعددة لا ينكر ثبوت الحديث إلا متحامل صاحب غرض.

* * *

1632 -

حديث: "أَيُّما دَارٍ أَو أرْضٍ قُسِّمَتْ فِي الجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الجَاهِلِيَّة وأيُّما دَارٍ أَو أرْضٍ أدْرَكَها الإِسْلَامُ وَلَمْ تُقْسَمْ فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلَامِ".

ص: 298

تقدم في القسمة.

* * *

1633 -

حديث عطاء: "أَنَّ رَجُلًا أَسْلَم عَلَى مِيْرَاثٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ أن يَقسِم، فَأَعْطَاه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَصِيْبَهُ".

لم أقف عليه ولعله عند ابن عبد البر، وقد قال سعيد بن منصور في سننه، ثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن عطاء قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية، وما أدرك الإسلام من ميراث فهو على قسمة الإِسلام.

ص: 299

1634 -

قوله: (فَلمّا ثَبُتَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدَيثِ بُريْرةُ، إنَّما الوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ).

متفق عليه من حديث عائشة وقد تقدم.

ص: 300

1635 -

حديث: "الوَلَاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ".

محمد بن الحسن في "كتاب الولاء"، والشافعي في "مسنده"، عنه، وابن حبان، والطبراني في "الأوسط"، والحاكم، والبيهقي، ومحمد بن المظفر في "مسند أبي حنيفة"، وغيرهم من حديث ابن عمر بزيادة لا يباع ولا يوهب؛ وقال الحاكم:(صحيح الإِسناد)، فقال الذهبي: بالدبوس إشارة إلى ما قيل من أن الصواب فيه عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمران أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء، وعن هبته كما قاله أكثر الرواة ولكن رجال هذا أيضًا ثقات فلا مانع أن يكون عند عبد الله بن دينار، عن ابن عمر على الوجهين وقد ورد بهذا اللفظ من حديث جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن أبي أوفى، قال ابن جرير في "تهذيب الآثار"، حدثني موسى بن سهل الرملي، ثنا محمد بن عيسى الطباع، ثنا عبثر بن القاسم، عن

ص: 301

إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي أوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب وهو سند صحيح.

وقد رواه ابن عدي في "الكامل"، والطبراني في "الكبير"، من طريق عبيد بن القاسم، عن إسماعيل بن أبي خالد به وعبيد بن القاسم كان كذابًا، وبه أعله ابن عدي، فأورده في ترجمته، ولعله تحرف عن عبيد بن القاسم [الثقة](*) كما أنه يجوز أن يكون عُبَيْد تحرَّف عن [عَبْثَر](**) فكلاهما يروي عن إسماعيل بن أبي خالد.

وقد جمع الحافظ في عَزْوِهِ هذا الحديث بين طريق الطبري والطبراني، وقال ظاهر إسناده الصحة، فلعله راعى هذا المعنى، وغلب إسناد الطبري على الطبراني، إن لم يكن وقع عند الطبراني أيضًا، عن عبثر بن القاسم

وكيفما كان فللحديث طريق آخر ليس فيه واحد منهما؛ قال أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا أبو أحمد علي بن محمد بن جبلة، ثنا يحيى بن هاشم السمسار، ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لحمة كلحمة النسب، وعن أبي نعيم رواه الخطيب في "التاريخ".

ومنهم علي بن أبي طالب رواه البيهقي، من طريق الحسن بن سفيان، ولعله في مسنده قال: حدثنا عباس بن الوليد النرسي، حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح،

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع (التعة)، ولعل الصواب ما أثبتُّه، والله أعلم

(**) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع (عبيد)، ولعل اصواب ما أثبتُّه، وعبثر بن القاسم، يروي عن إسماعيل بن أبي خالد، وسبق في إسناد الطبري في "تهذيب الآثار"

ص: 302

عن مجاهد، عن علي عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الولاء بمنزلة النسب لا يباع ولا يوهب أقره حيث جعله الله، وهذا سند صحيح أيضًا، إلا أن الشافعي رواه عن سفيان فأوقفه على علي بهذا الإِسناد، وقال في متنه: الولاء بمنزلة الحلف أقره حيث جعله الله، والحكم للرافع لأن مع زيادة ومنهم أبو هريرة رواه ابن عدي في "الكامل" بسند ضعيف؛ قال البيهقي:(وروى في ذلك عن عبد الله بن نافع بإسنادين وَهَّمَ فيهما، واختُلف عليه فيهما، عن يحيى بن أبي أنيسة عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا، وليس للزهري فيه أصل ويحيى بن أبي أنيسة ضعيف بمرة، وإنما يروي هذا اللفظ مرسلًا).

قلت: المرسل خرَّجه هو أيضًا، من طريق يزيد بن هارون، أنبأنا هشام بن حسان، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب.

وفي الباب أيضًا عن ابن عباس قال: قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الولاء ليس بمنتقل، ولا بمتحول، رواه البزار، والطبراني، وفيه المغيرة بن جميل وهو ضعيف

ص: 303

لكن له طريق آخر أخرجه الدولابي في "الكنى" من طريق سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي عن جدي عبد الله بن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الولاء ليس يحول ولا ينقل.

* * *

1636 -

حديث: "إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَن أعْنَقَ".

تقدم.

ص: 304

1637 -

حديث نعيم الداري قال: سَألْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُشْرِكِ يُسْلِمُ بَيْنَ يَدَي مُسْلِم فَقَال: "هُوَ أَحَقُّ الناسِ وَأوْلَاهُم بِحَيَاتِهِ وَمَمَاتِهِ".

عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في "مصنفيهما"، وأحمد، والدارمي، والبخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، والترمذي، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه، والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز، وابن أبي حاتم في العلل، ويعقوب بن سفيان في "التاريخ" وأبو يعلى، والطبراني،

ص: 305

والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والخطيب في "التاريخ" من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن موهب عن قَبِيْصَةَ بن ذُؤيب، عن تميم الداري به، وصححه الحاكم وغيره، وحسنه أبو زرعة الدمشقي، وتكلم فيه آخرون، وذكره البخاري في "صحيحه" تعليقًا بصيغة التمريض فقال:(ويذكر عن تميم الداري رفعه قال: هو أولى الناس بمحياه ومماته، واختلفوا في صحة هذا الخبر)؛ وقال في "تاريخه" لا يصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الولاء لمن أعتق فأعرض عن السند ونظر إلى المعنى مع خطأٍ في الاستدلال فإن قوله صلى الله عليه وسلم إنما الولاء لمن أعتق لا يعارض هذا لأنه خرَجَ مَخْرَج الرد على من أراد أن يبيع بريرة ويجعل ولاءها له فقال النبي صلى الله عليه وسلم، إنما الولاء لمن أعتق لا لمن باع واشترط الولاء لأنه شرط باطل، وغير صورة البيع والعتق مسكوت عنها وقد جاء هذا الحديث ببيان صورة أخرى من صور الولاء، وهي من أسلم على يدي رجل فله ولاؤه وقد ضعفه آخرون من جهة الإِسناد.

فقال الشافعي: (هذا الحديث ليس بثابت إنما يرويه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن ابن موهب، عن تميم الداري؛ وابن موهب ليس بمعروف عندنا، ولا

ص: 306

نعلمه لقي تميمًا، ومثل هذا لا يثبت لأنه من قبل مجهول، ولا أعلمه متصلًا).

وقال يعقوب بن سفيان: (هذا خطأ ابن موهب، لم يسمع من تميم، ولا لحِقهُ).

وقال الخطابي: (قد ضعف أحمد بن حنبل هذا الحديث، وقال: إن راويه عبد العزيز ليس من أهل الحفظ والإِتقان. وقال ابن المنذر لم يروه غير عبد العزيز بن عمر وهو شيخ ليس من أهل الحفظ، وقد اضطربت روايته فيه).

وقال ابن القطان: علة الحديث الجهل بحال عبد الله بن موهب فإنه لا يعرف حاله وكان قاضي فلسطين، ولم يعرفه ابن معين وقد اختلفوا فيه على عبد العزيز، فرواه الترمذي من حديث أسامة، وابن نمير، ووكيع عنه، عن عبد الله بن موهب، عن تميم، ورواه يحيى بن حمزة عنه، فأدخل بينهما قبيصة بن ذؤيب وهو الأصوب، وعبد العزيز ليس به بأس، والحديث من أجل عبد الله بن موهب هذا لا يصح، وقال البيهقي في مناقب الشافعي:(قد صرَّح بعض الرواة فيه بسماع ابن موهب من تميم، وضعف ذلك البخاري، وأدْخَل بعضهم بينه وبين تميم قبيصة وهو أيضًا ضعيف اهـ).

ص: 307

هذا كل من ضعفوا هذا الحديث. وقد انحصر في كون عبد الله بن موهب مجهولًا، وكونه لم يلق تميمًا، وكَوْنِ عبد العزيز بن عمر ليس من أهل الحفظ وإنهم اختلفوا عليه فيه وأنه تفرد به فلا يعرف إلا عنه وأن قبيصة بن ذؤيب الذي اتصل به الحديث ضعيف وكل هذا باطل.

أما عبد الله بن موهب، فهو معروف روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز والزهري، وابنه يزيد بن عبد الله بن موهب، وعبد الملك بن أبي جميلة، وعمرو بن مهاجر، وغيرهم، وروى هو عن تميم الداري، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس، وأبي هريرة، ومعاوية وقبيصة بن ذؤيب، فهو معروف بالعلم أخذًا وأداءً واحتج به أصحاب السنن الأربعة. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة؛ وقال العجلي: شامي ثقة أمينًا فقد عرف عينًا وحالًا بالعلم والثقة والعدالة، وفي شيوخ الشافعي وأسانيد حديثه التي احتج بها هو وأصحابه كالبيهقي من هو دون هذا بمراحل بل الضعفاء والمتروكون بالإِجماع أمَّا هذا فلم يتكلم فيه أحد بسوء أصلًا، ولا ضعفه أحد قط؛ وأما كونه لم يلق تميمًا فلا دليل علي ذلك ولا هو متفق عليه، إنما هو قول استنبطه من قاله من روايته مرة أخرى للحديث، عن قبيصة بن ذويب، عن تميم، وذلك غير قاطع في الحُكم بأنه لم يسمع منه لاحتمال أن تكون روايته، عن قبيصة من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، وقد قال جماعة من كبار الحفاظ، عن عبد الله بن موهب قال: سمعت تميمًا هكذا صرَّح بالسماع وكيع في روايته عن عبد العزيز بن عمر عنه أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن ماجة.

وكذلك قال علي بن عباس، وعبد الرحمن بن سليمان، ومحمد بن ربيعة الكلابي،

ص: 308

أخرج روايتهم الدارقطني.

وكذلك قال أبو نعيم الفضل، أخرج روايته أحمد، والدارمي، ويعقوب بن سفيان، والبيهقي، ورجحها أبو حاتم فقد قال ابنه في "العلل": سألت أبي عن حديث رواه يحيى بن حمزة، عن عبد العزيز بن عمر، عن ابن موهب، عن قبيصة بن ذؤيب عن تميم، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يُسْلِم على يدي الرجل قال أبي: ثنا أبو نعيم، عن عبد العزيز، عن ابن موهب قال: سمعت تميم الدارمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال أبي: أبو نعيم أحفظ وأتقن؛ قلت لأبي: يحيى بن حمزة، أفهم بأهل بلده؛ قال أبو نعيم: في كل شيء أحفظ وأتقن؛ فهذا أبو حاتم وهو من هو يرجح سماع ابن موهب من تميم مع أنه لا يعتمد إلا على رواية أبي نعيم، فكيف وقد وافقه على التصريح بالسماع وكيع، وهو لا يقل عنه حفظًا وإتقانًا، وكذلك الثلاثة الباقون أضف إليهم رواية جماعة كلهم قالوا عن عبد الله بن موهب، عن تميم؛ منهم أبو أسامة، وابن نمير عند الترمذي وعبد الله بن داود عند النَّسائي في "الكبرى"، وإسحاق بن يوسف الأزرق عند أحمد؛ وابن المبارك عند عبد الرزاق، وحفص بن غياث عند الطبراني؛ وبشر بن عبد الله بن عمر عند الخطيب؛ وإسماعيل بن عياش، وعلي بن مسهر كلاهما عند الدارقطني، فهؤلاء كلهم قالوا: عن ابن موهب، عن

ص: 309

تميم، والأصل في العنعنة السماع والإِتصال، إلا إذا ثبت التدليس وأيد هذه العنعنة تصريح الخمسة المارين بالسماع، والتاريخ يساعد على ذلك ولا يأباه، فتميم الداري توفي سنة أربعين، وعبد الله بن موهب كان قاضيًا في أواخر المائة فإذا عمر ثمانين أو خمسًا وسبعين يكون قد أدرك من حياة تميم الداري عشرين سنة أو خمس عشرة على أقل تقدير، وقد صححوا رواية من روى وهو ابن سبع سنين فأقل، سَلَّمنا انقطاع هذه الطريق، والحكم بالخطأ على أبي نعيم ووكيع ومن وافقهما في التصريح بالسماع، فعندنا طريق متصلة بلا نزاع وذلك أن يحيى بن حمزة زاد بين عبد الله بن موهب قبيصة بن ذؤيب عن تميم.

كذلك أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"، وأبو داود، والباغندي في مسند عمر بن عبد العزيز، ويعقوب بن سفيان في "التاريخ"، والطبراني في "الكبير"، والحاكم في المستدرك"، والبيهقي كلهم من طريق يحيى بن حمزة، ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: سمعت عبد الله بن موهب يحدث عمر بن عبد العزيز، عن قبيصة بن ذؤيب، عن تميم الداري، قال: يا رسول الله ما السُّنَّةُ في الرجل الكافر يُسْلِمُ على يدي المسلم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو أولى الناس به حياته ومماته زاد الباغندي، قال عبد العزيز بن عمر؛ وشهدت عمر بن عبد العزيز قضى بذلك في رجل أسلم على يدي رجل فمات وترك مالًا وابنة فأعطى عمر ابنته النصف. والذي أسلم على يديه النصف، فهذا سند متصل رجاله كلهم رجال الصحيحين إلا عبد

ص: 310

الله بن موهب وهو ثقة أيضًا كما قدمنا فالحديث على شرط الصحيح باتفاق الأقوال والاصطلاحات في تعريف الصحيح.

وأمَّا عبد العزيز بن عمر فهو من رجال الصحيحين، احتج به البخاري ومسلم، ووثقه ابن معين وأبو داود والنَّسائي، ويعقوب بن سفيان، وأبو حاتم، وأبو زرعة وابن حبان على اختلاف عباراتهم في ذلك، وقال هشام بن عمار: هو ثقة ليس بين الناس اختلاف، وكونه ليس من أهل الحفظ كما قال أحمد إن صح ذلك عنه فبعيد عن تعليل الحديث به، لأن قلة الحفظ ليست بجرح إذا لم يصحب ذلك خلط وتخليط في الأسانيد والمتون وذلك مدفوع عنه، وليس في هذا الحديث ما يحتاج إلى شدة حفظ وإتقان فإن قليل المعنى والكلمات ومع ذلك مما يلزم الشيخين في الأحاديث التي صححها له يلزم هذا أيضًا.

وأمَّا كونهم اختلفوا عليه فيه فمدفوع بعدم وقوع الاختلاف المذكور، فإن الحديث لم يرو عنه إلا على وجهين: أما بزيادة قبيصة بن ذؤيب وأما بعدم ذكره وإرسال الحديث، وهذا لا يسمى اختلافًا وإلا فأحاديث الزهري ومالك وأمثالهما كلها مختلفة ليس فيها الصحيح إلا ما هو أقل من القليل إذ لا يكاد يوجد حديث لم يرسله مالك أو الزهري مرة ويوصلانه مرة أخرى؛ وقد أجاب أبو زرعة الدمشقي عن هذا فقال: نرى والله أعلم أن عبد العزيز حدث يحيى بن حمزة من كتابه فذكر له الإِسناد كاملًا، وحدثهم بالعراق من حفظه فأسقط ذكر قَبِيْصَة. قال أبو زرعة: وهذا حديث حسن متصل لم أر أحدًا من أهل العلم يدفعه.

وأما كون لا يعرف إلا عنه فعلته أسقط من أن يشتغل بردها فإن الآف الأحاديث الصحيحة إنفرد بها رواتها، والعمدة إنما هي على العدالة والثقة فمتى كان الراوي عدلًا ثقة فلا يضر أن لا يشاركه في الحديث غيره ومع ذلك فلم ينفرد الحديث بل تابعه

ص: 311

عليه أبو إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن موهب، عن تميم، أخرجه النَّسائي في "الكبرى"، والحاكم والبيهقي، من رواية يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، وصححه الحاكم على شرط مسلم، إلا أنه وقع عنده وعند النَّسائي عبد الله بن موهب، وهو تحريف من أحد الرواة قبل يونس.

وأمَّا كون قَبِيْصَةَ بن ذُؤيب ضعيفًا كما قال البيهقي فما أدري كيف صدر هذا من البيهقي، ولا أين كان عقله حين سطر هذا الباطل بيده، فقبيصة ثقة بالإِجماع، بل هو صحابي على بعض الأقوال والتصاريف للصحابي، لأنه وُلد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وأتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له بالبركة، وأثنى الناس عليه، ووصفوه بالعلم والفقه والعدالة والثقة، واحتج به البخاري ومسلم ولم يغمز أحد بكلمة حتى حمل التعصب البيهقي على أن يقول فيه ضعيف.

* * *

1638 -

قوله: (وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّه لَا يَجُوزُ بَيْعُ الوَلَاءِ وَلَا هِبَتُهُ لِثُبُوتِ نَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ).

ص: 312

مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والأربعة من حديث ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته.

ص: 313