الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 - كتاب الصلح
1554 -
حديث: "إمْضَاءُ الصُّلْحِ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا"، قال ابن رشد:: رُوِيَ مَرْفُوعًا عن النَّبي صلى الله عليه وسلم وَمَوْقُوفًا عَلى عُمَر.
قلت: ليس في هذا الحديث إمضاء على ما رأيته في جميع طرقه. فالمرفوع
خرَّجه أحمد وأبو داود، وابن الجارود وابن حبان والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، كلهم من حديث كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم، والصلح جائز بين المسلمين، زاد بعضهم إلا صلحًا حرم حلالًا وأحل حرامًا قال الحاكم: رواة هذا الحديث مدنيون ولم يخرجاه وهذا أصل في الكتاب.
وقال الذهبي في "تلخيصه" لم يصححه الحاكم، وكثير بن زيد ضعفه النَّسائي ومشاه غيره كذا قال في البيوع، وأعاده الحاكم في الاحكام، فقال الذهبي: حديث منكر.
قلت: إن كان ذلك من أجل كثير بن زيد فقد ورد من وجه آخر عن أبي هريرة خرَّجه الدارقطني، والحاكم أيضًا من حديث عبد الله بن الحسين المصيصي، عفان، ثنا حماد بن زيد عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وهو معروف بعبد الله بن الحسين المصيصي، وهو ثقة لكن تعقبه الذهبي أيضًا أن ابن حبان قال: عبد الله بن الحسين يسرق الحديث.
تنبيه: عزا الحافظ في "التلخيص" هذا الحديث لأحمد، من حديث سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، فأفاد أَنْ للحديث طريقًا ثالثًا على
شرط الصحيح وذلك وهم من الحافظ أو من صاحب الأصل، فإن أحمد لم يخرجه من هذا الطريق أصلًا بل قال حدثنا الخزاعي يعني منصور بن سلمة ثنا سليمان بن بلال. عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة به كما ذكرته سابقًا، والذي أوقع من وهم في هذا أن أحمد قال قبل هذا الحديث مباشرة ثنا الخزاعي، أنا سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجرس مزمار الشيطان فانتقل نظره من سند حديث الباب إلى سند الحديث الذي قبله.
وفي الباب: عن عمرو بن عوف المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرَّم حلالًا أو أحل حرامًا والمسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرم حلالًا أو أحل حرامًا، رواه الترمذي، واللفظ له، وابن ماجه، والحاكم، والدارقطني، إلا أنه اقتصر على ذكر الشروط، البيهقي، وقال الترمذي: حسن صحيح، فرد عليه الناس ذلك وسكت عليه الحاكم فقال الذهبي في "مختصره" إنا
واه وقال في الميزان: بعد نقل جروح في كثير بن عبد الله، وأما الترمذي فروى حديثه، الصلح جائز بين المسلمين وصححه فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي.
تنبيه: عزا المجد ابن تيمية في "المنتقى" حديث عمرو بن عوف هذا إلى أبي داود فوهم في ذلك فإِن أبا داود لم يخرجه، وإنما خرَّج حديث أبي هريرة السابق وقد خلط الشوكاني في كلامه على هذا الحديث فقال بعد نقله تصحيح الترمذي: ورد الناس عليه ما نصه واعتذر له الحافظ فقال: وكأنه اعتبر بكثرة طرقه وذلك لأنه رواه أبو داود، والحاكم، من طريق كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة، قال الحاكم: على شرطهما، وصححه ابن حبان، وحسَّنه الترمذي، وأخرجه أيضًا الحاكم من حديث أنس، وأخرجه أيضًا من حديث عائشة، وكذلك الدارقطني، وأخرجه أحمد من حديث سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة، وأخرجه ابن أبي شيبة عن عطاء مرسلًا، أخرجه البيهقي موقوفًا على عمر كتبه إلى أبي موسى؛ وقد صرَّح الحافظ: بأن إسناد حديث أنس وإسناد حديث عائشة واهيان.
وضعف ابن حزم حديث أبي هريرة، وكذلك ضعفه عبد الحق، وقد روى من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة، وكثير بن زيد المذكور قال أبو زرعة صدوق، ووثقه ابن معين والوليد بن رباح صدوق، ولا يخفى أن الأحاديث المذكورة والطرق يشهد بعضها لبعض فأقل أحوالها أن يكون المتن الذي اجتمعت عليه حسنًا.
ولا يخفى ما فيه وبيانه أن حديث أنس وحديث. عائشة يساهمان في الصلح بل في الشروط فقط ولفظ حديثهما: المسلمون عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك، وكذلك هو لفظ حديث عطاء المرسل، والحافظ ذكر هذه الأحاديث مع حديث أبي هريرة، وعمرو بن عوف باعتبار شرط حديثهما المذكور فيه الشروط، والشوكاني نقل ذلك إلى كلامه على الشطر الآخر الذي فيه الصلح وطريق سليمان بن بلال عن العلاء عن أبيه، عن أبي هريرة، قد قدَّمنَا أنها وهم من الحافظ، ثم أن الشوكاني أدخلهما بين حديث أنس وعائشة وبين مرسل عطاء والحافظ ذكر هذه الطريق في كلامه على حديث الصلح وصرح بأن أحمد لم يزد في الحديث ذكر الشروط، ثم أن الشوكاني قال: وقد روي من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي وهو ثقة مع أن ذلك إنما قاله الحاكم وحده وتعقبه الناس على ذلك؛ وأيضًا فإِنه رواه من طريق آخر، من حديث أبي رافع، عن أبي هريرة كما سبق لا من طريق كثير بن زيد الموقوف على عمر، خرّجه
الدارقطني، والبيهقي في كتابه إلى أبي موسى الأشعري وفيه هذا بلفظ الترجمة.