المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌(الْجُزْء الْحَادِي وَالْعِشْرين)

- ‌(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)

- ‌(رب أعن)

- ‌(عَليّ)

- ‌(المَسْعُودِيّ المؤرخ)

- ‌(عَليّ بن حَمْزَة)

- ‌(عَليّ بن الْخطاب)

- ‌(عَليّ بن خَليفَة)

- ‌(عَليّ بن دَاوُد)

- ‌(عَليّ بن دبيس)

- ‌(عَليّ بن ربيعَة)

- ‌(عَليّ بن زُرَيْق)

- ‌(عَليّ بن زِيَاد)

- ‌(عَليّ بن زيد)

- ‌(عَليّ بن سَالم)

- ‌(عَليّ بن سعد)

- ‌(عَليّ بن سعيد)

- ‌(عَليّ بن سلمَان)

- ‌(عَليّ بن سُلَيْمَان)

- ‌(عَليّ بن سهل)

- ‌(عَليّ بن صَالح)

- ‌(عَليّ بن أبي طَالب)

- ‌(عَليّ بن طَاهِر)

- ‌(عَليّ بن طَلْحَة)

- ‌(عَليّ بن طراد)

- ‌(عَليّ بن عباد)

- ‌(عَليّ بن الْعَبَّاس)

- ‌(عَليّ بن عبد الله)

- ‌(عَليّ بن عبد الْجَبَّار)

- ‌ عَليّ بن عبد الرَّحْمَن

- ‌(عَليّ بن عبد الرَّحِيم)

- ‌(عَليّ بن عبد الصَّمد)

- ‌(عَليّ بن عبد الْعَزِيز)

- ‌(عَليّ بن عبد الْغَنِيّ)

- ‌(عَليّ بن عبد الْكَافِي)

- ‌(عَليّ بن عبد الْملك)

- ‌(عَليّ بن عبد الْوَاحِد)

- ‌(عَليّ بن عَبدة)

- ‌(عَليّ بن عبيد الله)

- ‌(عَليّ بن عُثْمَان)

- ‌(عَليّ بن عقيل)

- ‌(عَليّ بن عَليّ)

- ‌(عَليّ بن عمر)

- ‌(عَليّ بن عِيسَى)

- ‌(عَليّ بن الْفضل)

- ‌(عَليّ بن الْقَاسِم)

- ‌(عَليّ بن الْمُبَارك)

- ‌(عَليّ بن المحسن)

- ‌ عَليّ بن مُحَمَّد

الفصل: ‌(علي بن علي)

(وَمَا أَنا إِلَّا كالزناد تَضَمَّنت

لهيباً وَلَكِن اللهيب مدَاخِل)

3 -

(عَليّ بن عَليّ)

أَبُو الْقَاسِم الوَاسِطِيّ الْمُقْرِئ عَليّ بن عَليّ بن جَعْفَر بن شيران أَبُو الْقَاسِم الضَّرِير الْمُقْرِئ الوَاسِطِيّ قَرَأَ الْقرَاءَات بالعشر على أبي عَليّ الْحسن بن الْقَاسِم غُلَام الهراس وَكَانَ مقرئاً مجوداً مَوْصُوفا بِالصّدقِ وَالتَّحْقِيق

قَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة وَسمع من الْحسن بن أَحْمد الغندجاني وَأبي نعيم الجماري وَأبي الْفَتْح بن مُخْتَار النَّحْوِيّ وَغَيرهم ولد سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَأَرْبع مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَعشْرين وَخمْس مائَة

شرف السَّادة عَليّ بن عَليّ بن حسان شرف السَّادة الْبَغْدَادِيّ ذكره الباخرزي فِي دمية الْقصر وَأورد لَهُ من الْكَامِل المجزوء

(سقيا لأيام التصابي

مَعَ كل خرعبة كعاب)

(إِذْ نَحن نرتع فِي الْهوى

ونجر أردية الشَّبَاب)

(والدهر عَنَّا غافل

كالسيف يُؤمن فِي القراب)

)

(فاستنهزوا فرص المنى

فالعمر يرْكض كالسحاب)

وَمن شعره من الْكَامِل المجزوء

(يَا حبذا الخد المورد

والعطف فِي الصدغ المجعد)

(والمبسم العذب الرِّضَا

ب وَحسن لؤلؤه المنضد)

(قمر أَقَامَ قيامتي

بقوامه لما تأود)

(قد سل من أجفانه

سَيْفا على ضعْفي مُجَرّد)

(لما تطاول هجره

وخشيت أَن الْعُمر ينْفد)

(خليت عَنهُ يَد الْهوى

وَتركته والهجر فِي يَد)

ص: 219

وَأورد الباخرزي أَيْضا لشرف السَّادة من السَّرِيع

(وَكَيف أَرْجُو رَاحَة من هوى

كلفني هَوَاهُ مَا لَا أُطِيق)

(بَين ضلوعي زفرَة كلما

أخفيتها نم عَلَيْهَا الشهيق)

(ويلي على قلبِي وَمَا ناله

من حب ظَبْي لم يكن بِي رَفِيق)

(رمى فُؤَادِي بسهام القلى

وَلم أكن مِنْهُ بِهَذَا حقيق)

(واقتداني بالرفق حَتَّى إِذا

ملكته مني ذل الرَّقِيق)

(وَحقّ لي وجدي على شادن

أدق جسمي مِنْهُ خصر دَقِيق)

(ومبسم عذب حكى لؤلؤاً

مركبا فِي سفط من عقيق)

(وَشَاهد يشْهد فِي خَدّه

أَن لَيْسَ فِي الدُّنْيَا لهَذَا رَفِيق)

(فَكلما عذبني هجره

صحت من الوجد الحريقَ الْحَرِيق)

(يَا أَيهَا النَّاس ارحموا مدنفاً

قَيده الْعِشْق بِقَيْد وثيق)

(أسكره الْعِشْق بكاساته

فَلَيْسَ يَرْجُو أبدا أَن يفِيق)

قلت شعر عذب ونظم رطب

البرقي النَّحْوِيّ عَليّ بن عَليّ أَبُو الْحسن البرقي النَّحْوِيّ الشَّاعِر توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَخمْس مائَة

وَمن شعره أَبُو إِسْمَاعِيل الرِّفَاعِي)

عَليّ بن عَليّ بن نجاد بن رِفَاعَة أَبُو إِسْمَاعِيل الرِّفَاعِي الْبَصْرِيّ روى عَن الْحسن وَأبي المتَوَكل النَّاجِي عَليّ بن دَاوُد وروى عَنهُ وَكِيع وَأَبُو أُسَامَة وَعَفَّان وَعلي بن الْجَعْد وشيبان بن فروخ قَالَ أَبُو نعيم وَعَفَّان كَانَ يشبه بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَبُو حَاتِم كَانَ حسن الصَّوْت بِالْقُرْآنِ لَيْسَ بِهِ بَأْس وثقة أَبُو حَاتِم وَقَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عمَّار زَعَمُوا أَنه كَانَ يُصَلِّي كل يَوْم سِتّ مائَة رَكْعَة وَكَانَ عابداً وَعَن مَالك بن دِينَار أَنه كَانَ يُسمى عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي رَاهِب الْعَرَب وَكَانَ شُعْبَة يَقُول اذْهَبُوا بِنَا إِلَى سيدنَا وَابْن سيدنَا عَليّ بن عَليّ وَتُوفِّي بعد السِّتين وَمِائَة وروى لَهُ الْأَرْبَعَة

ص: 220

أَبُو المظفر الْكَاتِب عَليّ بن عَليّ بن روزبهار بن باكير أَبُو المظفر الْكَاتِب الْبَغْدَادِيّ وزر للسُّلْطَان شاه السلجوقي مُدَّة مقَامه بالعراق فِي أَيَّام المقتفي وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا أَيَّام العطلة من الأدبيات والدواوين وَكَانَ شِيعِيًّا وقف كتبه بمشهد مُوسَى بن جَعْفَر وَشرط أَن لَا تعار وَكَانَ من ذَوي الهيئات لَازِما لبيته حسن الْأَخْلَاق متواضعاً افْتقر آخر عمره وَطلب الْحَج مثل الْفُقَرَاء فأدركه أَجله بِذَات عرق وَلم يحجّ سنة إِحْدَى وست مائَة عَن سِتّ وَثَمَانِينَ سنة

الْمُفِيد الْبَغْدَادِيّ عَليّ بن عَليّ بن سَالم ابْن الشَّيْخ أَبُو الْحسن ابْن أبي البركات الْمَعْرُوف بالمفيد من أهل الكرخ وَكَانَ من شعراء الدِّيوَان قَالَ محب الدّين ابْن النجار كتبنَا عَنهُ وَكَانَ حسن الْأَخْلَاق ولد سنة سبع وَخمسين وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة سبع عشرَة وست مائَة وَمن شعره من المنسرح

(قصر نومي طَوِيل تسهيدي

لذات قد كالغصن أملود)

(بَيْضَاء كالدرة النقية قد

زينت بِحسن الغدائر السود)

(أبدت لنا سَاعَة الْوَدَاع وَقد

زموا المطايا بِسَاحَة البيد)

(الدّرّ من دمعها ومبسمها

وَمن حَدِيث لَهَا وَمن جيد)

أَبُو الْحسن الفارقي الشَّافِعِي عَليّ بن عَليّ بن سعيد أَبُو الْحسن الْفَقِيه الشَّافِعِي الميافارقي تفقه على ابْن أبي عَمْرو ثمَّ قدم بَغْدَاد وتفقه بهَا على يُوسُف الدِّمَشْقِي حَتَّى برع وتولَّى الْإِعَادَة بالنظامية واستنابه قَاضِي)

الْقُضَاة أَبُو طَالب عَليّ بن عَليّ بن البُخَارِيّ فِي الحكم وَالْقَضَاء وَأذن للشُّهُود فِي الشَّهَادَة عِنْده ثمَّ إِنَّه عزل نَفسه عَن الْقَضَاء واستعفى وَولي التدريس بمدرسة الْجِهَة الشَّرِيفَة أم النَّاصِر وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن توفّي سنة اثْنَتَيْنِ

ص: 221

وست مائَة وَكَانَ غزير الْفضل حسن السمت مليح الشيبة وقوراً قَلِيل المخالطة للنَّاس ذَا مكانة عِنْد الْمُلُوك والأكابر سمع من أبي زرْعَة الْمَقْدِسِي بِبَغْدَاد وبتبريز من مُحَمَّد بن أسعد العطاري وَكَانَ أحفظ أهل زَمَانه لمَذْهَب الشَّافِعِي

ابْن سكينَة عَليّ بن عَليّ بن عبيد الله بن الْحسن أَبُو مَنْصُور الْأمين الْمَعْرُوف بِابْن سكينَة سمع الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ للحميدي كَانَ من الْأَعْيَان النبلاء أولي الثروة وَالنعْمَة وَكَانَ مَشْهُورا بالديانة وَالْأَمَانَة توفّي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَخمْس مائَة

ابْن الخازن عَليّ بن عَليّ بن مَنْصُور ابْن الخازن أَبُو الْقَاسِم من أهل الْحلَّة السيفية نزل بَغْدَاد مُدَّة وَكَانَ يُؤَدب الصّبيان وَهُوَ أَخُو نصر ابْن الخازن النَّحْوِيّ وَكَانَ الْأَصْغَر شَابًّا ذكياً توفّي سنة إِحْدَى وست مائَة وَمن شعره من الْخَفِيف

(ويحييك بالمدامة ظَبْي

إِن بدا قلت بدر تمّ تبدا)

(قد حوى وجنة أرق من المسا

ء وَقَلْبًا أَمْسَى من الصخر صَلدًا)

(فَهِيَ من رِيقه وَمن وجنتيه

فترى فِي الْإِنَاء نَارا ووردا)

أَبُو الْحسن الْبَصْرِيّ الْكَاتِب عَليّ بن عَليّ بن نصر بن سعد بن مُحَمَّد الْبَصْرِيّ أَبُو الْحسن بن أبي تُرَاب الْكَاتِب قدم بَغْدَاد صَبيا وَكَانَ يكْتب لنقيب الطالبيين عَليّ بن المعمر الْعلوِي وَكَانَ أديباً فَاضلا سمع من مُحَمَّد بن عبد الله بن يحيى الْوَكِيل وَالْمبَارك بن عبد الْجَبَّار الصَّيْرَفِي وَعلي بن مُحَمَّد بن عَليّ بن العلاف وَغَيرهم وروى عَنهُ أَبُو يعلى حَمْزَة بن عَليّ بن القبيطي الْحَرَّانِي توفّي سنة أَربع وَخمسين وَخمْس مائَة وَمن شعره من الْخَفِيف

(قلت للنَّفس لَيْسَ فِي كل حِين

تودعيني صبَابَة فدعيني)

(كنت عوناً على النهى تورديني

كل عذب من الصّلاح معِين)

)

فَمَتَى مَا انثنيت عَن مَنْهَج النصح فبيني عَن نهج ودي وبيني إِبْنِ نما الْحلِيّ الشَّاعِر عَليّ بن عَليّ بن نما بن حمدون أَبُو الْحسن بن أبي

ص: 222

الْقَاسِم الْكَاتِب من أهل الْحلَّة السيفية وَهُوَ أَخُو الْحُسَيْن وَكَانَ الْأَكْبَر تصرف فِي الْأَعْمَال الديوانية وَكَانَ فَاضلا أديباً مدح الأكابر وسافر الشَّام وَكَانَ غالياً فِي التَّشَيُّع مبالغاً فِي الرَّفْض خَبِيث العقيدة مجاهراً بتكفير الصَّحَابَة رضي الله عنهم توفّي سنة تسع وَسبعين وَخمْس مائَة من شعره من الْخَفِيف

(يَا غزالاً غازلت فِيهِ غرامي

فَأبى أَن يدين لي أَو يديني)

(لَا وَمَا رق من مدامة خدي

ك وَمَاء أريقه من جفوني)

(وَعَذَاب يحملن ظلمك حملي

لعذاب ظلما بِهِ تبتليني)

مِنْهَا فِي مدح عَليّ بن أبي طَالب رضي الله عنه

(أصف السَّيِّد الَّذِي يعجز الوا

صف عَن عد فَضله فِي السنين)

(خاصف النَّعْل خائض الدَّم فِي بُد

ر وَأحد وَالْفَتْح خوض السفين)

(ذَا القضايا الَّتِي بهَا حصل التميي

ز بَين الْمَفْرُوض والمسنون)

مِنْهَا فِي هجو الصَّحَابَة رضي الله عنهم وأخزاه

(سل براة عَمَّن تولت وأفكر

أَن طلبت النجَاة فكر ضنين)

(أيولى على الْبَريَّة من لي

س على حمل سُورَة بأمين)

(إِن فِي مرحب وخيبر والبا

ب بلاغاً لكل عقل رصين)

(وَرُجُوع التَّيْمِيّ أخيب بالرا

ية كفا من صَفْقَة المغبون)

(ألشك من شَوْكَة الْحَرْب حادوا

يَوْم أحد أم خيفة للمنون)

(وَأرى الْحَالَتَيْنِ توجب للإب

طَال إبِْطَال مَا ادّعى من فتون)

(وَكفى فتح مَكَّة لمن استي

قظ أَو نَالَ رشده بعد حِين)

(حِين ولى النَّبِي رايته سع

د المفدى من قومه بالعيون)

(فشجاه الأعسى عَلَيْهِم وللأو

سي شعب من قلبه غير دون)

(فَرَأى أَن عَزله بعلي

هُوَ أحمى لمجده من أفون)

(عجب الْبَيْت إِذْ رقت قدماه

كَتفًا جلّ عَن يَدي جبرين)

)

(رُتْبَة لَو سما سواهُ إِلَيْهَا

قابلته الْأَصْنَام من غير هون)

(ثمَّ قَالَت أتكسروني يَا قو

م وبالأمس كُنْتُم تعبدوني)

(وَإِذا مَا عددت سبق ذَوي الهج

رة يَوْمًا هجانهم والهجين)

ص: 223

(شركت لَيْلَة الْفراش بِفضل

الْكل شت النَّوَى بحي قطين)

واشرحوا الْقلب فِي أُسَامَة إِذا أبطل تَسْرِيح جَيْشه وسمولى

(حَيْثُ لَا يُمكن الْوُثُوب أَخُو العذ

ل وَلَا عَادل أَخُو التَّمْكِين)

(إِن غصب الزهراء إِرْث أَبِيهَا

وادكار ارتجاعها بعد حِين)

(لفظيع لم يحفظوا فِيهِ إِلَّا

للنَّبِي الْهَادِي وَلَا إلَّ ديني)

(يَا لَهَا من فريسة أنقذتها

بعد بطء فراسة الميمون)

مِنْهَا

(سيف صدق لم يأل فِي الله جهداً

بجهاد مستحقب للضغون)

فاقتضاه يَوْم السَّقِيفَة مَا استسلف فِي بدر سَيْفه من دُيُون

(إحن أعجزتهم أَن يلوها

وَهِي من طي كفرهم فِي كمين)

قَالَ محب الدّين ابْن النجار ينشدها الرافضة فِي المواسم فِي مشَاهد أهل الْبَيْت وَمن شعره من الْكَامِل

(ومهفهف جمع النحول بأسره

لشقاوتي فِي مقلتيه وخصره)

(قمر يُبِيح ثغور صبري مَا حمى

واشيه عمدا من سلافة ثغره)

قَاضِي القضاه ابْن البُخَارِيّ عَليّ بن عَليّ بن هبة الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن البُخَارِيّ أَبُو طَالب بن أبي الْحُسَيْن بن أبي البركات نَشأ بِبَغْدَاد وتفقه على أبي الْقَاسِم ابْن فضلان وَسمع من أبي الْوَقْت وَغَيره وَدخل بِلَاد الرّوم وَأقَام باقصرا عِنْد وَالِده وَكَانَ قَاضِيا هُنَاكَ نَحوا من عشْرين سنة ثمَّ عَاد إِلَيّ بَغْدَاد وقلده النَّاصِر الْقَضَاء بِبَغْدَاد وخوطب بأقضى الْقُضَاة وَلم يزل كَذَلِك إِلَى أَن توفّي قَاضِي الْقُضَاة أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الدَّامغَانِي فتقلد ابْن البُخَارِيّ قَضَاء الْقُضَاة وناب فِي الوزارة وَجلسَ بديوان الْمجْلس وعزل عَن النِّيَابَة وَالْقَضَاء وألزم بَيته ثمَّ أُعِيد إِلَى قَضَاء الْقُضَاة وَلم يزل على ذَلِك إِلَى أَن جَاءَ نعي

ص: 224

الْوَزير ابْن القصاب فناب ابْن البُخَارِيّ فِي)

الوزارة وَبَقِي كَذَلِك إِلَى أَن تولى نِيَابَة الوزارة نصير الدّين ابْن مهْدي الْعلوِي نقيب الطالبيين

فاستقل ابْن البُخَارِيّ بِقَضَاء الْقُضَاة إِلَى أَن توفّي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَكَانَ فَقِيها فَاضلا جيد المناظرة فِيهِ دهاء وَحسن تَدْبِير وَمَعْرِفَة بالأمور وَلم يكن مَحْمُود الطَّرِيقَة فِي الحكم وَلَا مرضِي السِّيرَة

أَبُو الْمجد ابْن النَّاصِر الْعلوِي الْحَنَفِيّ عَليّ بن عَليّ بن يحيى بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن جَعْفَر بن الْحسن النَّاصِر الْكَبِير الأطروش بن عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن عمر الْأَشْرَف بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب أَبُو الْمجد كَانَ من أَعْيَان فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة درس بِجَامِع السُّلْطَان بعد وَفَاة الْأَمِير السَّيِّد

وَكَانَ متديناً حسن الِاعْتِقَاد سمع من مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي الْأنْصَارِيّ وَحدث باليسير حبس أَبُو الْمجد فِي الدِّيوَان لسَبَب فَرَأى الإِمَام النَّاصِر فِي الْمَنَام امْرَأَة تَقول لَهُ أطلق وَلَدي من الْحَبْس فَقَالَ لَهَا من أَنْت وَمن ولدك قَالَت أَنا فَاطِمَة بنت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَوَلَدي ابْن النَّاصِر فَأمر بِإِطْلَاقِهِ فِي الْحَال وخلع عَلَيْهِ وَذكر لَهُ الْمَنَام فَبكى وَقَالَ وَالله مَا فرحت بإطلاقي وتشريفي كفرحي بِصِحَّة نسبي ووإقرار السيدة أنني من وَلَدهَا ولد سنة خمس عشرَة وَخمْس مائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَتِسْعين وَخمْس مائَة وَمن شعره من الْكَامِل

(كل الْأُمُور شواغل وقواطع

فتخل عَنْهَا أَيهَا الرجل)

(وكل الْأُمُور إِلَى مدبرها

وخف الْفَوات فقد دنا الْأَجَل)

الْأَمِير نور الدّين ابْن الظَّاهِر عَليّ بن عَليّ بن مُحَمَّد بن غَازِي بن يُوسُف بن أَيُّوب الْأَمِير هُوَ نور الدّين ابْن الْملك الظَّاهِر ابْن الْملك الْعَزِيز ابْن الْملك الظَّاهِر ابْن السُّلْطَان صَلَاح الدّين كَانَ شَابًّا بديع الْجمال تَامّ الْخلقَة كَرِيمًا شجاعاً رَئِيسا توفّي سنة ثَمَانِينَ وست مائَة وَأمه يَوْمئِذٍ زَوْجَة البيسري وعمره نَيف عَن عشْرين سنة

الْعَلامَة سيف الدّين الْآمِدِيّ الشَّافِعِي عَليّ بن أبي عَليّ بن مُحَمَّد بن سَالم بن مُحَمَّد الْعَلامَة سيف الدّين الْآمِدِيّ التغلبي الشَّافِعِي

قَالَ قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين ابْن خلكان فِي بعض تعاليقه مَا عَسى أَن يُقَال فِي أعجوبة الدَّهْر وَإِمَام الْعَصْر وَقد مَلَأت تصانيفه

ص: 225

الأسماع وَوَقع على تقدمه وفضله الْإِجْمَاع إِمَام علم)

الْكَلَام وَمن أقرّ لَهُ فِيهِ الْخَاص وَالْعَام صَاحب المصنفات الْمَشْهُورَة والتعاليق الْمَذْكُورَة وَمن أكبر جهانذة الْإِسْلَام وَمن يرجع إِلَى قَوْله فِي الْحل والإبرام والحلال وَالْحرَام من الوافر

(إِذا قَالَت حذام فصدقوها

فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام)

ولد بآمد سنة أحدى وَخمسين وَخمْس مائَة وَلما بلغ أَربع عشرَة سنة انحدر إِلَى بَغْدَاد واشتغل على الإِمَام أبي الْفَتْح نصر بن فتيَان ابْن الْمَنِيّ الْحَنْبَلِيّ فِي الْخلاف على مذْهبه مُدَّة ثمَّ صحب الإِمَام الْعَلامَة أَبَا الْقَاسِم يحيى بن أبي الْحسن عَليّ بن الْفضل بن هبة الله بن بركَة الْبَغْدَادِيّ ابْن فضلان الشَّافِعِي وَأخذ عَنهُ الْخلاف وتميز فِيهِ وَحفظ طَريقَة الشريف والزوائد لأسعد الميهني وَحفظ أَرْبَعِينَ جدلاً على مَا قيل وَقدم إِلَى حلب وَاجْتمعَ بالشهاب السهروردي الْحَكِيم الْمَقْتُول وَحكى عَنهُ أَنه قَالَ رَأَيْت كَأَنِّي شربت الْبَحْر وَهَذَا الْمَنَام رَآهُ ابْن تومرت وعزم على الدُّخُول إِلَى الديار المصرية أَخْبرنِي عَنهُ بعض أَصْحَابه أَنه سَمعه يَقُول لما أردْت الدُّخُول إِلَى الديار المصرية كررت على طَريقَة الشريف ثمَّ دخل مصر والإسكندرية واشتغل عَلَيْهِ الطّلبَة وَعقد لَهُ مجْلِس المناظرة وَاسْتدلَّ بِالتَّعْيِينِ ثمَّ خرج مِنْهَا فاجتاز بحماة فأرغبه صَاحبهَا وَأحسن إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مدرسة فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ إِن الْمُعظم عِيسَى بن الْعَادِل كتب إِلَيْهِ ووعده إِن قدم إِلَيْهِ أَن يحسن إِلَيْهِ وحبب إِلَيْهِ سُكْنى دمشق وَكَانَ سيف الدّين يُحِبهَا ويؤثر الْمقَام بهَا فَخرج من حماة لَيْلًا وَلم يعلم بِهِ صَاحبهَا وَدخل دمشق فَأحْسن إِلَيْهِ الْمُعظم وولاه الْمدرسَة العزيزية الْمُجَاورَة لتربة الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين وَأَقْبل على الاشغال والاشتغال والتصنيف عقد لَهُ مجْلِس المناظرة لَيْلَة الْجُمُعَة وَلَيْلَة الثُّلَاثَاء بِالْحَائِطِ الشمالي من جَامع دمشق وَكَانَ يحضرهُ الأكابر من كل مَذْهَب ورحل إِلَيْهِ الطّلبَة من جَمِيع الْآفَاق من سَائِر الطوائف لطلب الْعلم وَكَانَ خير الطباع سليم الْقلب حسن الِاعْتِقَاد قَلِيل التعصب رَأَيْت عِنْده جمَاعَة من أَصْحَاب الإِمَام أَحْمد يشتغلون عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ أَصْحَاب الإِمَام أبي حنيفَة وَمَالك رضي الله عنهم وَهُوَ فِي غَايَة الْإِكْرَام لَهُم وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم حَتَّى قيل لَهُ يَا مَوْلَانَا تراك تُؤثر الْحَنَابِلَة وتزيد فِي الْإِحْسَان إِلَيْهِم فَقَالَ على سَبِيل المزاح الْمُرْتَد لَا يحب كسر الْمُسلمين يَعْنِي أَنه كَانَ قَدِيما حنبلياً

حكى لي تِلْمِيذه القَاضِي أَبُو الرّوح عِيسَى ابْن القَاضِي أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن دَاوُد الرشتي)

الْمَعْرُوف بِابْن قَاضِي تل بَاشر قَالَ سَمِعت شَيخنَا الإِمَام سيف الدّين يَقُول رَأَيْت فِي النّوم كَأَن قَائِلا يَقُول لي هَذَا الْبَيْت للْإِمَام الْغَزالِيّ قَالَ فَدخلت فَوجدت تابوتاً فكشفته فَوجدت

ص: 226

الْغَزالِيّ فِيهِ وَعَلِيهِ كَفنه وَهُوَ فِي الْقطن قَالَ فَكشفت عَن وَجهه وقبلته فَلَمَّا انْتَبَهت قلت فِي نَفسِي يَلِيق أَن أحفظ كَلَام الْغَزالِيّ فَأخذت كِتَابه الْمُسْتَصْفى فِي أصُول الْفِقْه فحفظته فِي مُدَّة يسيرَة قَالَ وَسمع الحَدِيث بِبَغْدَاد من الشَّيْخ أبي الْفَتْح عبيد الله بن عبد الله بن مُحَمَّد بن نجا بن مُحَمَّد بن شاتيل الدباس الْبَغْدَادِيّ وَحدث عَنهُ بِدِمَشْق رحمه الله

أَنْشدني الأديب الْكَاتِب الشَّاعِر فَخر الْقُضَاة أَبُو الْفَتْح نصر الله بن هبة الله بن عبد الْبَاقِي بن أبي البركات الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِابْن بصاقة لنَفسِهِ وَكتب بهَا إِلَى الإِمَام سيف الدّين الْآمِدِيّ فِي حق صاحبنا عماد الدّين أبي بكر مُحَمَّد بن عُثْمَان بن إِسْمَاعِيل بن خَلِيل السَّلمَانِي الْكَاتِب وَقد عزم أَن يقْرَأ على الشَّيْخ سيف الدّين شَيْئا من تصانيفه يوصيه بهَا وينبهه على مكانته من الْبَسِيط

(يَا سيداً جمل الله الْوُجُود بِهِ

وَأَهله من جَمِيع الْعَجم وَالْعرب)

(العَبْد يذكر مَوْلَاهُ بِمَا سبقت

وَعوده لعماد الدّين عَن كثب)

(وَمثل مولَايَ من جَاءَت مواهبه

من غير وعد وجدواه بِلَا طلب)

(فأصف من بحرك الْفَيَّاض مورده

وأغنه من كنوز الْعلم لَا الذَّهَب)

(وَاجعَل لَهُ نسبا يُدْلِي إِلَيْك بِهِ

فلحمة الْعلم تعلو لحْمَة لنسب)

(وَلَا تكله إِلَى كتب تنبئه

فالسيف أصدق أنباء من الْكتب)

فَوَقَعت هَذِه الأبيات من الإِمَام سيف الدّين أحسن موقع وَأَقْبل على الْعِمَاد وَأحسن إِلَيْهِ وَقَرَأَ بعد ذَلِك عَلَيْهِ وَأَخْبرنِي بعض أَصْحَاب الإِمَام سيف الدّين أَن بعض الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين والمدرسين الْمَذْكُورين ذهب عني اسْمه حضر درس الإِمَام سيف الدّين وَلزِمَ مَعَه الْأَدَب وَجعل دأبه الِاسْتِمَاع وَالِانْتِفَاع دون الجدل وَترك القيل والقال فَقَالَ لَهُ الإِمَام سيف الدّين يَا فلَان الدّين لم لَا تشرفنا وتشنف أسماعنا بفوائدك وفرائدك فَكَانَ جَوَابه أَن أنْشد من الطَّوِيل

(وَفِي حينا نَحن الموَالِي لأَهله

وَفِي حَيّ ليلى نَحن بعض عبيدها)

فَدَعَا لَهُ سيف الدّين أَيْضا وبجله وأكرمه وَسَأَلت شَيخنَا الإِمَام الْعَلامَة عز الدّين بن عبد السَّلَام عَن درس الإِمَام سيف الدّين فَقَالَ مَا سَمِعت أحدا يلقِي الدَّرْس أحسن مِنْهُ كَأَنَّهُ)

يخْطب وَإِذا غير لفظا من الْوَسِيط كَانَ لَفظه أمس بِالْمَعْنَى من لفظ صَاحبه أَو كَمَا قَالَ فَإِنِّي علقته من حفظي وَكَفاك بِهِ جلالة ونبلاً أَن الإِمَام عز الدّين من أَصْحَابه وَمن كبار طلابه ملازماً لدرسه رَاضِيا طَرِيقَته مَعَ خبْرَة عَلَانِيَته وسريرته وَلَقَد سمعته يَوْمًا يَقُول مَا عرفنَا

ص: 227

قَوَاعِد الْبَحْث إِلَّا من الشَّيْخ سيف الدّين أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ وَكَانَ يعظمه ويجله ويبجله

وَسمعت عَنهُ أَنه قَالَ لَو ورد على الْإِسْلَام مُتَكَلم أَو مشكك أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ لتعين الإِمَام سيف الدّين لمناظرته لِاجْتِمَاع أهليه ذَلِك فِيهِ أَو كَمَا قَالَ وَسمعت الإِمَام جمال الدّين أَبَا عَمْرو عُثْمَان بن أبي بكر الْمَالِكِي الْمَعْرُوف بِابْن الْحَاجِب يَقُول مَا صنف فِي أصُول الْفِقْه مثل كتاب سيف الدّين الْآمِدِيّ الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام وَمن محبته لَهُ اخْتَصَرَهُ رَحمَه الله تَعَالَى

وَلما مَاتَ الشَّيْخ سيف الدّين رَحمَه الله تَعَالَى أَخْبرنِي صاحبنا زين الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي المحاسن بن طَاهِر الْأنْصَارِيّ الْمَقْدِسِي قَالَ أَخْبرنِي بعض الْفُضَلَاء أَنه رأى الشَّيْخ سيف الدّين فِي الْمَنَام بعد مَوته فَقَالَ لَهُ يَا مَوْلَانَا مَا فعل الله بك فَقَالَ أجلسني بَين يَدَيْهِ وَقَالَ لي اسْتدلَّ على وحدانيتي بَين ملائكتي فَقلت الْحَوَادِث اقْتَضَت تعلقاً بمحدث لتخرج عَن حد الاستحالة وَكَانَ لَا بُد من مُحدث ثمَّ كَانَ القَوْل بالاثنين مثل القَوْل بِالثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَة إِلَى مَا لَا يتناهى فَلم يتَرَجَّح مِنْهَا شَيْء فَسقط مَا وَرَاء الْوَاحِد وَبَقِي الْوَاحِد صَحِيحا أَو كَمَا قَالَ ثمَّ أدخلني الْجنَّة

وَكَانَ صَاحب آمد الْملك المسعود ركن الدّين مودود بن الْملك الصَّالح أبي الْفَتْح مَحْمُود بن نور الدّين مُحَمَّد بن فَخر الدّين قرا أرسلان بن ركن الدولة سقمان بن أرتق بن أكسب قد رغب أَن يكون الشَّيْخ سيف الدّين الْآمِدِيّ فِي آمد وكاتبه ووعده أَن يَجعله قَاضِي الْقُضَاة ويقطعه جَارِيا كَبِيرا وَجهد فِي ذَلِك وَكَانَ أَصْحَاب الشَّيْخ يؤثرون ذَلِك ليتسع الرزق عَلَيْهِم فَإِن الشَّيْخ كَانَ يُؤثر الرَّاحَة والقناعة وَكَانَ يحب سُكْنى دمشق فَلَمَّا تكَرر طلبه وعد بالإجابة وَجعل يدافع من وَقت إِلَى وَقت فَلَمَّا أَخذ الْملك الْكَامِل آمد من صَاحبهَا ورتب فِيهَا النواب أَرَادَ أَن يولي فِيهَا قَاضِيا من جِهَته فأجري الحَدِيث فِي ذَلِك وَالسُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف بن الْعَادِل وَصَاحب آمد يسمع فَقَالَ صَاحب آمد يَا مَوْلَانَا كَانَ الْمَمْلُوك قد كَاتب الشَّيْخ سيف الدّين الْآمِدِيّ فِي أَن يَجعله قَاضِيا فِي آمد وَأجَاب إِلَى ذَلِك وَأَرَادَ أَن ينفع الشَّيْخ سيف الدّين بِهَذَا القَوْل فَنظر الْكَامِل إِلَى الْأَشْرَف كالمنكر عَلَيْهِ أَن يكون فِي بَلَده مثل هَذَا الرجل وَقد)

عزم على مفارقتها وَهُوَ يُكَاتب ملكا آخر فَبَقيت فِي نفس الْأَشْرَف إِلَى أَن ورد دمشق فَأخذ الْمدرسَة العزيزية مِنْهُ وَوَقع بهَا لمحيى الدّين ابْن الزكي وَقطع جاريه وَأمره أَن يلْزم بَيته

فَبَقيَ على هَذِه الْحَال إِلَى أَن مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى

أَنْشدني الأديب الْعَارِف نجم الدّين أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن سوار بن إِسْرَائِيل لنَفسِهِ بِدِمَشْق وَقد عزل سيف الدّين كَمَا ذكرنَا من السَّرِيع

ص: 228

(قد عزل السَّيْف وَولى القراب

دهر قضى فِينَا بِغَيْر الصَّوَاب)

(فاضحك على الدَّهْر وأربابه

وابك على الْفضل وَفصل الْخطاب)

وحضرنا فِي بُسْتَان للشَّيْخ سيف الدّين بِأَرْض المزة بِدِمَشْق بعد مَوته مَعَ جمَاعَة من أَصْحَابه وَفينَا نجم الدّين ابْن إِسْرَائِيل فَكتب على سَارِيَة تَحت عَرِيش كَانَ كثيرا مَا يجلس الشَّيْخ سيف الدّين رحمه الله إِلَيْهَا حِين يقْرَأ عَلَيْهِ الْعلم من السَّرِيع

(يَا مربعًا قلبِي لَهُ مربع

جادك غيث أبدا يهمع)

(عهدي بمغناك وَفِي أفقه

شمس الْمَعَالِي والحجى تطلع)

(وَكنت غمد السَّيْف حَتَّى قضى

والغمد بعد السَّيْف لَا يقطع)

وأنشدني نجم الدّين ابْن إِسْرَائِيل أَيْضا لنَفسِهِ من أَبْيَات يرثي بهَا الشَّيْخ سيف الدّين وَقد كَانَ جَادَتْ السَّمَاء عِنْد دَفنه بمطر عَظِيم من الْكَامِل

(بَكت السَّمَاء عَلَيْهِ عِنْد وَفَاته

بمدامع كَاللُّؤْلُؤِ المنثور)

(وأظنها فرحت بمصعد روحه

لما سَمِعت وتعلقت بِالنورِ)

(أوليس دمع الْغَيْث يهمي بَارِدًا

وَكَذَا تكون مدامع المسرور)

وَتُوفِّي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ وَقت صَلَاة الْمغرب ثَانِي صفر سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وست مائَة بِدِمَشْق وَدفن يَوْم الِاثْنَيْنِ بسفح قاسيون رحمه الله وَلما مَاتَ توقف الأكابر وَالْعُلَمَاء بِدِمَشْق عَن حُضُور جنَازَته خوفًا من الْملك الْأَشْرَف إِذا كَانَ متغيراً عَلَيْهِ فَخرج الإِمَام عز الدّين فِي جنَازَته وَجلسَ تَحت قبَّة النسْر حَتَّى صلى عَلَيْهِ فَلَمَّا رأى النَّاس ذَلِك بَادرُوا إِلَيْهِ وصلوا عَلَيْهِ

وتصانيفه أبكار الأفكار فِي أصُول الدّين ثَلَاث مجلدات وَاخْتَصَرَهُ فِي كتاب منائح القرائح مُجَلد مُجَلد لطيف فِي أصُول الْفِقْه الإحكام فِي أصُول الْأَحْكَام فِي مجلدين كتاب مُنْتَهى السول فِي علم الْأُصُول مُجَلد كتاب رموز الْكُنُوز مُجَلد لباب الْأَلْبَاب مُجَلد فِي الْمنطق)

فرائد الْفَوَائِد فِي الْحِكْمَة مُجَلد الغرائب وكشف الْعَجَائِب فِي الاقترانات الشّرطِيَّة مُجَلد شرح جدل الشريف مُجَلد غَايَة الأمل فِي الجدل الباهر فِي الحكم الزواهر حِكْمَة ثَلَاث مجلدات غَايَة المرام فِي علم الْكَلَام مجلدتان ثَلَاث تعاليق خلاف كشف التمويهات على الإشارات والتنبيهات مجلدة كَبِيرَة مآخذ على الْمَحْصُول مجلدة المآخذ الجلية فِي المواخذات الجدلية جُزْء انْتهى مَا نقلته من كَلَام القَاضِي شمس الدّين ابْن خلكان

وَقَالَ غَيره أَقرَأ العقليات بالجامع الظافري بِمصْر وَأعَاد بمدرسة الشَّافِعِي وَتخرج بِهِ

ص: 229

جمَاعَة فَقَامُوا عَلَيْهِ ونسبوه إِلَى انحلال العقيدة وَكَتَبُوا محضراً وَوَضَعُوا خطوطهم فِيهِ بِمَا يستباح بِهِ دَمه يُقَال أَن بعض الْفُضَلَاء لما أَتَوا إِلَيْهِ بالمحضر ليكتب فِيهِ بِمَا كتبُوا فَأخذ الْقَلَم وَكتب من الْكَامِل

(حسدوا الْفَتى إِذْ لم ينالوا سَعْيه

فالقوم أَعدَاء لَهُ وخصوم)

وَكَانَ ذَلِك سَببا لفل جمعهم فَخرج سيف الدّين إِلَى الشَّام مستخفياً وَكَانَ فِيهِ رقة قلب وَسُرْعَة دمعة وَمن عَجِيب مَا يحْكى عَنهُ أَنه مَاتَت لَهُ قطة بحماة فدفنها وَلما جَاءَ إِلَى دمشق نقل عظامها فِي كيس ودفنها فِي تربة بقاسيون وَمن تلاميذه القَاضِي صدر الدّين ابْن سني الدولة وَالْقَاضِي محيى الدّين ابْن الزكي وَغَيرهمَا

ابْن الشَّيْخ عَليّ الحريري عَليّ بن عَليّ ابْن أبي الْحسن الشَّيْخ عَليّ ابْن الشَّيْخ عَليّ الحريري توفّي ببسر عَن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة فِي سنة خمس عشرَة وَسبع مائَة

النَّاسِخ المغربي عَليّ بن أبي عَليّ النَّاسِخ المغربي قَالَ ابْن رَشِيق فِي الأنموذج شَاعِر مجيد يطْلب البديع وَيُحب الصَّنِيع ويحرص عَلَيْهِ ويحترس من تَوَابِع الانتقاد حضرت عِنْده الْمكتب فِي جملَة غلمانه فَكنت أرَاهُ وَهُوَ لَا يلقِي بِي بَالا رُبمَا تنَاول رقْعَة لَطِيفَة وَكتب بِخَط رَقِيق شَيْئا أَظُنهُ يحفظه فأخالفه إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ شعر من صَنْعَة وقته لَا تسويد فِيهِ إِلَّا الْيَسِير فِي النادرة ثمَّ ترك التَّأْدِيب وجاور فِي شطر حَانُوت كنت فِيهَا بسوق الْبَز فَكَانَ يصنع الشّعْر إملاءً عَليّ وَهُوَ فِي أسبق الْبيُوع والأشربة وَمَا لَهُ بِهِ اكتراث وَأورد لَهُ قَوْله يُخَاطب وَلَده وَقد سَافر إِلَى مصر وَهُوَ صَغِير السن من الْبَسِيط)

(أحلّت رَأيا تجلى عَن ذراك علا

أَو الردى العذب بَين الْبيض والعذب)

(وَالله يَا وَلَدي المجذوب من كَبِدِي

للرأي ذَاك وَإِن أَمْسَى بِهِ عطبي)

(فَمَا الْحَيَاة إِلَى نَفسِي بمعجبةٍ

إِن لم تجزبي أَعلَى السَّبْعَة الشهب)

(رمى بك البيد مرمى السهْم فِي وتر

هم تبيت بِهِ للمجد فِي نصب)

(لقد تأهلت من عقل بِلَا كبر

وَقد تأدبت من طبع بِلَا أدب)

وَأورد لَهُ قَوْله من المنسرح

(مَا عذره حَيْثُ لم يمت أسفا

وَإِن غَدا الْمَوْت خير مَا ألفا)

(هَل يفضل الْمَوْت عيشةً وقفت

بِهِ بِحَيْثُ الغرام قد وَقفا)

ص: 230