الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البيمارستان النوري أو العتيق بحلب
ذكر ابن القفطي أن المختار بن الحسن بن عبدون المعروف بابن بطلان خرج من بغداد في مستهل شهر رمضان سنة 440هـ مصعدا، فوصل إلى حلب فوجد فيها جامعا وست بيع وبيمارستانا صغيرا. وروى صاحب كنوز الذهب في تاريخ حلب أن المختار بن الحسن بن عبدون المعروف بابن بطلان هو الذي وضع البيمارستان بحلب وجدّد نور الدين محمود بن زنكي عمارته. وقال في الدر المنتخب: إن البيمارستان النوري بناه الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بحلب داخل باب إنطاكية بالقرب من سوق الهواء في محلة الجلّوم الكبرى في الزقاق المعروف الآن بزقاق البهرمة. ويقال: إن الملك العادل نور الدين تقدم إلى الأطباء أن يختاروا في حلب أصح بقعة صحيحة الهواء لبناء البيمارستان بها، فذبحوا خروفا وقطعوة أربعة أرباع، وعلقوها بأرباع المدينة ليلا فلما أصبحوا وجدوا أحسنها رائحة الربع الذي كان في هذا القطر، فبنوا المارستان فيه. ووقفت عليه قرية معراتا ونصف مزرعة وادي العسل من جبل سمعان وخمسة
أفدنة من مزرعة كفر تابا وثلت مزرعة الخالدي وطاحونا من المطخ وثمن طاحون ظاهر باب الجنان وثمانية أفدنة من مزرعة أبو مرايا من غراز، زخمسة أفدنة من مزرعة الحميرة من المطخ واثني عشر فدانا من مزرعة الغرزل من المعرّة وثلث قرية بيت راعيل من العزبيات وعشرة دكاكين بسوق الهواء وهو الآن معروف بسوق الجمرك منها ثلاثة تمام، والباقي شركة الجامع الكبير وأحكار ظاهر باب إنطاكية وباب الفرج وباب الجنان. ومكتوب على البيمارستان عند باب البهرمة: بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمله الملك العالم العامل المجاهد المرابط الأعز الكامل صلاح الدنيا والدين قسيم الدولة رضي الخلافة تابع الملوك والسلاطين،
ناصر الحق بالبراهين، محيي العدل في العالمين، قامع الملحدين، قاتل الكفرة والمشركين، أبو القاسم محمود ابن آق سنقر ناصر أمير المؤمنين أدام الله دولته، بتولي العبد الفقير إلى رحمة مولاه، عقبة ابن أسعد الموصلي وعلى بابه مكتوب عمره السلطان نور الدين بتولي ابن أبي الصعاليك.
وفي هذا المارستان قاعة للنساء مكتوب عليها: عمر هذا المكان في دولة صلاح الدين يوسف بن أيوب، بتولي أبي المعالي محمود بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي الشافعي في شهر رمضان سنة 655هـ 1257م وعلى إيوانه أنه عمر في أيام الأشرف شعبان، وأن هذا الإيوان وقاعة النساء الصيفية أنشأها صالح سبط ابن السفاح، وعلى الشباك الذي على بابه: أنه أحدث في سنة 840هـ 1436م على يد الحاج محمد البيمارستاني وقاعة المنسهلين كانت سماوية فأسقفها القاضي شهاب الدين ابن الزهري. وهو بيمارستان مبارك يستشفي به وهو نير شرح ومفروش من الرخام وبه بركتا ماء يأتي إليهما الماء الحلو من قناة حبلان.
وقال الفلقشندي عن حلب: وبها بيمارستان حسن لعلاج المرضى. وقال: من الوظائف الديوانية نظر البيمارستان وقد تقدم الكلام على مدينة حلب أن بها بيمارستان أحدهما يعرف بالعتيق والآخر بالجديد ولكل منهما ناظر يخصه، وولاية كل منهما عن النائب بتوقيع كريم. ولعل العتيق منهما هو الذي أنشأه نور الدين محمود بن زنكي وهو هذا، والثاني منهما وهو الجديد هو الذي أنشأه الأمير أرغون الكاملي بحلب وسيأتي ذكره بعد.
قال صاحب أعلام النبلاء وهو الآن خراب ولم يبق منه سوى بابه وجدران أطرافه تأوي إليه الفقراء من الغرباء. ومن الغريب أن معتمد إيكاليا أدولف صولا عمر فوق باب البيمارستان المذكور قنطرة وجعل طرفا تحت أطراف قصر داره التي تجاه البيمارستان المذكور حفظا للقصر وذلك منذ خمسة عشر عاما وكان
ذلك في ليلة واحدة ولم ينتطح لذلك عنزان، غايته أن المتولي على البيمارستان رفع الأمر إلى الحكومة وإلى المجلس البلدي فلم يلتفت إليه وكأن الحادثة لم تكن. وجاء في مجلة الدراسات الإسلامية التي تصدر بالفرنسية عن سنة 1931م عن حال البيمارستان الحاضرة أنه: أسمه نور الدين في أواسط القرن الثاني عشر الميلادي وأجري فيه إصلاح في القرن الخامس عشر. وقد تغيرت معالمه بسبب تحويله إلى مساكن ومع ذلك فإنه يجب المحافظة عليه مثالا من الآثار التي يقل مثلها في العالم الإسلامي.
وباب الدخول إليه انظر الصورة 10 لا يزال حافظا لمصراعيه