المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدروس الطبية الاكلينيكية - تاريخ البيمارستانات في الإسلام

[الدكتور أحمد عيسى]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الأول فينشأة البيمارستاناتونظامها وأطبائها وأرزاقها

- ‌تفسير كلمة بيمارستان

- ‌حالة الطب عند العرب في مبدأ نشأتهم

- ‌أول من اتخذ البيمارستان في الإسلام

- ‌أنواع البيمارستانات

- ‌البيمارستان الثابت

- ‌البيمارستان المحمول

- ‌المكفوفون والنساء يتعاطون التطبيب

- ‌النساء اللاتي عانين صناعة الطب

- ‌الأطباء المكفوفون

- ‌التقسيم الفني لنظام البيمارستان

- ‌خزانة الشراب

- ‌نظر البيمارستان ورتب أطبائه

- ‌التوقيع بنظر البيمارستان

- ‌نسخة توقيع لمن كان في المرتبة الأولى مرتبة

- ‌المجلس العالي

- ‌أرزاق الأطباء

- ‌في البيمارستان وفي الخدمة الخاصة

- ‌كراء عملية جراحية

- ‌نظام المعالجة في البيمارستان

- ‌الدرس بجانب سرير المريض

- ‌الدروس الطبية الاكلينيكية

- ‌تدريس الطب بالبيمارستان وفي مدارس خاصة

- ‌افتتاح المدرسة الدخوارية

- ‌إجازة الطب

- ‌الإجازة الأولى

- ‌الإجازة الثانية

- ‌امتحان الصيادلة

- ‌الحِسْبَة

- ‌ المحتسب

- ‌في الحسبة على الأطباء والكحالين والجرائحيين

- ‌والمجبرين

- ‌عهد أبقراط

- ‌الحسبة على الصيادلة

- ‌الباب الثاني فيبيمارستانات البلاد الإسلاميةعلى التفصيل

- ‌بيمارستانات مصر

- ‌بيمارستان زقاق القناديل

- ‌بيمارستان المعافر

- ‌البيمارستان العتيق

- ‌من عرف من الأطباء بخدمة البيمارستان العتيق:

- ‌المارستان الأسفل

- ‌بيمارستان القشاشين

- ‌بيمارستان السِّقطيين

- ‌ صلاح الدين

- ‌الأطباء الذين علموا في هذا البيمارستان:

- ‌البيمارستان الناصري أو الصلاحي أو بيمارستان

- ‌الأطباء الذين عملوا في هذا المارستان:

- ‌بيمارستان الإسكندرية

- ‌البيمارستان الكبير المنصوري أو دار الشفاء أو

- ‌مارستان قلاوون

- ‌من أين بني البيمارستان المنصوري

- ‌مرتبة نظر البيمارستان

- ‌سبب بناء المارستان

- ‌استمرار تعهد البيمارستان المنصوري بالعمارةوالإصلاح

- ‌الآثار الباقية من البيمارستان المنصوري قلاوون

- ‌الكتابات الأثرية في البيمارستان المنصوري

- ‌ المنصوري

- ‌الأعيان التي كانت موقوفة على البيمارستان

- ‌صورة من حال البيمارستان المنصوري في بعض

- ‌عصوره

- ‌بعض من تولى النظر على البيمارستان

- ‌الثقة بالبيمارستان المنصوري

- ‌وقفية السلطان قلاوون على البيمارستان المنصوري

- ‌ديباجة وقفية السلطان الملك المنصور قلاوون

- ‌وقفية الأمير عبد الرحمن منخدا

- ‌الأطباء الذين عملوا بالبيمارستان المنصوري على

- ‌طول العصور

- ‌المارستان المنصوري في نظامه العصري

- ‌الأطباء العصريون الذين تولوا العلاج في مارستان

- ‌قلاوون

- ‌البيمارستان المؤيدي

- ‌وقف البيمارستان المؤيدي

- ‌بيمارستانات العراق والجزيرة

- ‌بيمارستانات بغداد

- ‌بيمارستان الرشيد

- ‌بيمارستان البرامكة

- ‌بيمارستان أبي الحسن علي بن عيسى

- ‌بيمارستان بدر غلام المعتضد

- ‌بيمارستان السيدة

- ‌البيمارستان المقتدري

- ‌الأطباء الذين خدموا البيمارستان المقتدري

- ‌بيمارستان ابن الفرات

- ‌بيمارستان الأمير أبي الحسن يحكمْ

- ‌بيمارستان معز الدولة بن بويه

- ‌البيمارستان العضدي

- ‌الأطباء الذين عملوا بالبيمارستان العضدي

- ‌بيمارستان محمد بن علي بن خلف ببغداد

- ‌بيمارستان واسط

- ‌البيمارستان الفارقي بميَّافارقين

- ‌بيمارستان باب محوَّل

- ‌بيمارستان الموصل

- ‌بيمارستان حرَّان

- ‌بيمارستان الرَّقة

- ‌بيمارستان نصيبين

- ‌بيمارستانات الشام

- ‌بيمارستان الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي

- ‌بيمارستان إنطاكية

- ‌ابن بطلان

- ‌المارستان الصغير بدمشق

- ‌البيمارستان الكبير النوري

- ‌الأطباء الذين عملوا في البيمارستان الكبير النوري

- ‌البيمارستان النوري أو العتيق بحلب

- ‌بيمارستان باب البريد

- ‌بيمارستان حماة

- ‌بيمارستان آخر بحلب

- ‌بيمارستان القدس

- ‌الأطباء الذين خدموا بصناعة الطب في مارستان

- ‌القدس

- ‌بيمارستان عكا

- ‌بيمارستان صَفَد

- ‌بيمارستان الصالحية أو القيمري

- ‌السطر الأول

- ‌السطر الثاني

- ‌سطر علوي مفرق

- ‌السطر الأول

- ‌السطر الثاني

- ‌السطر الثالث

- ‌بيمارستان الجبل

- ‌ومن الأطباء الذين خدموا في هذا البيمارستان:

- ‌بيمارستان غزة

- ‌بيمارستان الكرك

- ‌مارستان حصن الأكراد

- ‌البيمارستان الجديد بحلب أو بيمارستان أرغون

- ‌الكاملي

- ‌البيمارستان الدَّقاني

- ‌بيمارستان الرملة

- ‌بيمارستان نابلس

- ‌بيمارستانات الجزيرة العربية

- ‌بيمارستان مكة

- ‌بيمارستان المدينة

- ‌بيمارستانات إيران

- ‌بيمارستان الرَّيّ

- ‌بيمارستان أصبهان

- ‌بيمارستان شيراز

- ‌دار المرضى بنيسابور

- ‌بيمارستان زَرَنْج

- ‌بيمارستان تبريز

- ‌بيمارستان مرو

- ‌بيمارستان خوارزم

- ‌بيمارستانات بلاد الروم

- ‌أي الأناضول

- ‌بيمارستان قيسارية أو دار الشفا

- ‌المدرسة الشفائية بسيواس

- ‌مارستان قوتلوغ توركان بايران

- ‌بيمارستان أماصيه

- ‌بيمارستان ديوركي

- ‌بيمارستان محمد الفاتح

- ‌بيمارستان السلطان سليمان

- ‌بيمارستان أدرنة

- ‌بيمارستانات أخرى ببلاد الروم الأناضول

- ‌بيمارستانات المغرب

- ‌بيمارستان تونس

- ‌بيمارستان مراكش

- ‌الأطباء الذين خدموا في هذا المارستان

- ‌بيمارستان سلا

- ‌بيمارستان سيدي فرج بفاس

- ‌بيمارستانات الأندلس

- ‌بيمارستان غرناطة

الفصل: ‌الدروس الطبية الاكلينيكية

لمن يرد عليه من المرضى للعلاج أوراقا يعتمدون عليها، ويأخذون بها من البيمارستان الأشربة والأدوية التي يصفها الطبيب.

وأما العلاج الداخلي أي في داخل البيمارستان، فكان المرضى يوزعون على القاعات بحسب أمراضهم، وكان لكل قسم من أقسام البيمارستان طبيب أو اثنان أو ثلاثة أطباء بحسب الساعة وكثرة المرضى، وكان إذا دعا الحال يدعى طبيب من قسم آخر غير القسم الذي فيه المريض للاستشارة.

وكان الأطباء يشتغلون في البيمارستان بالنوبة فجبريل بن بختيشوع كانت نوبته في الأسبوع يومين وليلتين.

‌الدروس الطبية الاكلينيكية

قال موفق الدين أبو العباس بن أبي أصيبعة:

كنت بعد ما يفرغ الحكيم مهذب الدين والحكيم عمران من معالجة المرضى المقيمين بالبيمارستان وأنا معهم أجلس مع الشيخ

ص: 32

رضي الدين الرحبي فأعاين كيفية استدلاله على الأمراض، وجملة ما يصفه للمرضى وما يكتب لهم وأبحث معه في كثير من الأمراض ومداولتها ثم قال: وكان معه أي مع مهذب الدين في البيمارستان لمعالجة المرضى الحكيم عمران وهو من أعيان الأطباء وأكابرهم في المداواة والتصرف في أنواع العلاج فتضاعف الفوائد المقتبسة من اجتماعهما

ومما كان يجري بينهما من الكلام في الأمراض ومداولتها وما كانا يصفان للمرضى.

وذكر موفق الدين أبو العباس ابن أبي أصيبعة نقلا عن شيخه مهذب الدين عبد الرحيم بن علي: أنه كان في البيمارستان الكبير النوري وهو يعالج المرضى المقيمين به فكان من جملتهم رجل به استسقاء زقي قد استحكم به وقصد إلى بزله، وكان في ذلك الوقت في البيمارستان ابن حمدان الجرائحي وله يد طولى في العلاج فجزموا على بزل المستسقى، قال: فحضرنا وبزل الموضع على ما يجب. وذكر أن أبا المجد بن أبي الحكم كان يدور على المرضى بالبيمارستان الكبير النوري، ويتفقد أحوالهم، ويعتبر أمورهم، وبين يديه المشارفون والقوام لخدمة

ص: 33

المرضى فكان جميع ما يكتبه لكل مريض من المداواة والتدبير لا يؤخر عنه ولا يتوانى في ذلك. قال: وبعد فراغه من ذلك يأتي فيجلس في الإيوان الكبير الذي للبيمارستان وجميعه مفروش، ويحضر كتب الاشتغال. وكان السلطان نور الدين محمود بن زنكي قد وقف على هذا البيمارستان جملة كبيرة من الكتب الطبية وكانت في الخرستانين الخزانتين اللذين في صدر الإيوان، فكان جماعة من الأطباء والمشتغلين يأتون إليه ويقعدون بين يديه، ثم يجري مباحث طبية ويقرئ التلاميذ ولا يزال معهم في اشتغال ومباحثة ونظر في الكتب الطبية مقدار ثلاث ساعات، ثم يركب إلى داره.

وكان بعض متقدمي الأطباء قد جعل له مجلسا عاما لتدريس صناعة الطب للمشتغلين عليه.

وقد وقف مهذب الدين عبد الرحيم بن علي سنة 622، الدار التي له بدمشق، وجعلها مدرسة يدرس فيها صناعة الطب، ووقف لها ضياعا وعدة أماكن يستغل منها ما ينصرف في مصالحها، وفي جامكية المدرسة وجامكية المشتغلين بها.

ولم يكن الأطباء يغفلون النظر في أبوال المرضى، فقد كانوا يسمون ذلك القارورة، ويسمون الاستنتاج من نظر البول

ص: 34

التفسرة، فما كان يعالج مريض دون النظر إلى قارورته، ولهم في نظرها آراء وعلامات يتعرفون منها حالة البول من صحة وسقم. ونحن نقص الحكاية الآتية للدلالة على مهارة الأطباء وقوة استدلالهم وحسن استنتاجهم من النظر في بول المريض:

أراد الرشيد أن يمتحن بختيشوع الطبيب، أمام جماعة من الأطباء فقال الرشيد لبعض الخدم: أحضره ماء دابة حتى تجربه. فمضى الخادم وأحضر قارورة الماء، فلما رآه قال: يا أمير المؤمنين ليس هذا بول إنسان. قال له أبو قريش وقد كان حاضرا: كذبت هذا ماء حظية الخليفة. فقال له بختيشوع: لك أقول أيها الشيخ الكريم، لم يبل هذا إنسان البتة، وإن كان الأمر على ما قلت فلعلها صارت بهيمة. فقال له الخليفة: من أين علمت أنه ليس ببول إنسان؟ قال بختيشوع: لأنه ليس له قوام بول الناس، ولا لونه، ولا ريحه، ثم التفت الخليفة إلى بختيشوع فقال له: ما ترى أن نطعم صاحب هذا الماء فقال: شعيرا جيدا. فضحك الرشيد ضحكا شديدا، وأمر فخلع عليه خلعة حسنة جليلة، ووهب له مالا وافرا، وقال: بختيشوع يكون رئيس الأطباء كلهم، وله يسمعون ويطيعون.

ص: 35

وكان للطبيب الحرية التامة في العمل والتجريب واستنباط الأساليب المناسبة للعلاج. وكانت التجارب تدون في كتب خاصة يقرؤها الجمهور من الأطباء. فقد كان لأبي البيان المدور المتوفى سنة 580هـ - 1184م بالقاهرة كتاب في مجرباته في الطب وكان للساهر يوسف القس كناش وهو ما استخرجه وجربه في أيام حياته ولأفرايم بن الزَّقان تعاليق ومجريات، ولابن العين رزبي مجريات في الطب، ولابن أبي الفضائل الناقد مجريات في الطب، ولأبي المعالي تمام بن هبة الله بن تمام تعاليق ومجريات في الطب، ولمحمد بن زكريا الرازي كتاب عنوانه

قصص وحكايات المرضى ومنه نسخة في خزانة كتب بودليان في اكسفورد وطبع منه الدكتور العالم المستشرق مكس مايرهوف جزءاً.

وكان لبعض الأطباء أنواع من العلاج هي من مبتكرات قرائحهم كعلاج أوحد الزمان أبي البركات هبة الله بن علي بن ملكا أحد المرسومين بالوهم، وفوق الهمة العظيمة والتدبير الحسن والعناية التامة براحة المرضى، فقد كان لهم من حسن الخلق وطول الأناة والتسامح مع المرضى الشيء الكثير: كان أبو الحسن سعيد

ص: 36

ابن هبة الله يتولى مداواة المرضى بالبيمارستان العضدي، فإنه كان يوما بالبيمارستان وقد أتى إلى قاعة الممرورين يتفقد أحوالهم ومعالجتهم، وإذا بامرأة قد أتت إليه واستفتته فيما تعالج به ولدا لها فقال: أن تلازميه بتناول الأشياء المبردة المرطبة فهزأ به بعض من كان مقيما في تلك القاعة من الممرورين وقال: هذه صفة يصلح أن تقولها لأحد تلامذتك ممن يكون قد اشتغل بالطب وعرف أشياء من قوانينه، وأما هذه المرأة فأي شيء تدري ما هو من الأشياء المبردة المرطبة، وإنما سبيله أن تصف لها شيئا معينا تعتمد عليه. فلم يتحرج الطبيب من هذا القول. وقد أوصلهم سمو الخلق وبسطة العلم إلى أعلى الدرجات. فإن القاضي ابن المرخم يحيى بن سعد صار أقضى القضاة في أيام المقتفي ببغداد، وقد كان طبيبا في المارستان المحمول وفصادا فيه. والإمام العالم علامة زمانه أفضل الدين أبو عبد الله محمد بن نامادار الخونجي قد تميز في العلوم الحكمية وأتقن العلوم الشرعية وفي آخر أيامه تولى القضاء بمصر وصار قاضي القضاة بها وبأعمالها توفي سنة 646هـ وصار سعيد بن البطريق بطريركا بالإسكندرية.

ص: 37