الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإجازة الثانية
وهي كذلك من القرن الحادي عشر الهجري، وصادرة من رئيس الجراحين بدار الشفا المنصوري قلاوون.
صورة ما كتبه الفقير على ذلك:
بسم الله الرحمن الرحيم
من ممد الكون أستمد العون. الحمد لله الذي جعل لهذه الأمة بالطب المحمدي شفا، وداوى علل أفهامهم بصحيح حديثه بعد ما كانوا في سقم الباطل على شفا. أحمده حمدا يتقوى به الضعيف، وأشكره شكرا وافيا يكون لنا نعم العلاج عند الحكيم اللطيف. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي جعل الفصد والحجامة للأبدان من أنفع العلاج، إذ بهما. . . كلمة مفقودة قف الحرارة الردية والمزاج. ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي قطع الاشتراك، وعلى آله وأصحابه سادة النساك، الذين جمعوا بالعلم والفصاحة بين الحكمة وفصل الخطاب، وعالجوا زمان الجهل بحسن تدبيرهم فعوفي وحفظ لهم الصحة وطاب.
وبعد فقد وقفت على هذه الرسالة العظيمة، والمقالة الكريمة، الموسومة ببرء الآلام في صناعة الفصد والحجام نظم لوذعي زمانه، وألمعي عصره وأوانه: الشمس شمس الدين محمد القيم شهرة، الجراح صنعه ومهره، التي أصلها للشيخ الفاضل حاوي الفضائل الشيخ شمس الدين محمد الشربيني الجراح. لا زالت شآبيب الرحمة والرضوان على قبره غادية رائحة، وشذا العبهري والريحان من مرقده
فائحة، الموسومة بغاية المقاصد فيما يجب
على المفصود والفاصد إذ هي في هذا الفن أسمى المقاصد. وقد قرأها عليه قراءة إتقان وإمعان، وحل لمشكلات الألفاظ والمعان، فلم ير بدا من أن يبسطها ليتيسر حفظ تلك الفوائد، ولتسهل ضبط تلك القواعد فجاءت بجملة أبهى من نور الأنحار، وأضوأ من نور الأسمار، كالتبر المنسبك أو القطر المنسكب. فقد أجاد ناظمها في تحقيقها، وبذل الجهد في تحريرها وتدقيقها. وأتقن ألفاظ مبانيها. وغاص بحار معانيها، وأستخرج الدر الثمين من أصلها، وجمع بين فصلها ووصلها، وصارت تجلى كالعروس لمعانيها. ولقد صارت في هذه الصناعة العمدة والكفاية وأعترف لها الكامل أنها المنهاج والهداية. ونسيت بها التذكرة، ولم يبق لهذا العلم تذكرة حميدة. وأحجم عندها كل مهذب بالمكنون، وصرح تأريخ الأطباء أنها نص ما في القانون. فلما ظهرت نتيجة الانتخاب في المسألة والجواب وتغذى ناظم سلكها بالخاص من اللباب، وصارت الخناصر عليها تعقد، وإن كان لساعد الأنصاري رسالة، فشتان رسالته ورسالة محمد. وكانت عين المقصود، ورقمت فيما يجب على القاصد والمقصود، أستحق راقم وشيها وناسج بردها أن يتوج بتاج الإجازة فاستخرت الله تعالى وأجزت له أن يتعاطى على صناعة الجراح، ما أتقن معرفته ليحصل له النجاح والفلاح. وهو أن يعالج الجراحات التي تبرأ بالبط، ويقلع من السنان ما ظهر له من غير شرط. وأن يقصد من الأوردة ويبتر الشرايين وأن يقلع من الأسنان الفاسدة المسوسين كذا
وأن يلم ما بعد من تفرق الاتصال، بقطان وغير ذلك وطهارة الأطفال. هذا مع مراجعته وخدمته لرؤساء هذا الفن المتبحرين، والمهرة الأساتذة العارفين مع تقوى الله والنصح في الصناعة، ولا يخشى مع ذلك من كساد البضاعة. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياه لصالح الأعمال، في كل حال ومآل. اللهم إني أسألك من فضلك العظيم مغفرة لذنوبنا وعافية لأبداننا، لا
إله غيرك، ولا مرجو إلا خيرك رب العالمين.
رقمه بقلمه أحقر عباد الفتاح الفقير للحق علي بن محمد بن محمد بن علي الجراح خادم الفقراء الضعفاء بدار الشفا بمصر المحروسة ومصليا ومسلما ومحمدا ومحوقلا ومستغفرا بتاريخ صفر الخير من شهور سنة إحدى عشرة وألف 1602م من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام والحمد لله وحده.