الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقاموا به هم وأولادهم لحماية الطريق، وذلك سنة 422هـ فنسب إليهم وكان من قبل يسمى حصن الصفح وقد استولى عليه الصليبيون وبقي في أيديهم إلى سنة 669هـ 1271م ثم استرده منهم الملك بيبرس قسيم أمير المؤمنين.
البيمارستان الجديد بحلب أو بيمارستان أرغون
الكاملي
أنشأ الأمير سيف الدين أرغون الكاملي في سنة 755 عمارة البيمارستان المنسوب إليه بحلب داخل باب قنسرين، واجتهد في أمره ورفل في أثواب ثوابه وأجره، وشيد بنيانه؛ ومهد مجالسه وإيوانه، ورفع قواعده، وهيأ بيوته ومراقده، وأعد له الآلات والخدم. ورتب لحفظ الصحة فيه أرباب الحكم وأباحه للضعيف والسقيم، وفتح بابه للراحل والمقيم، ورواه بالمياه الكثيرة وأنفق عليه أموالا غزيرة، وأجرى عيون معلومة وجرايته، ووقف للقيام بمصالحه ما يزيد على كفايته. وقال في ذلك أبن كثير: قولا لأرغون الذي معروفه بالعرف قد أحيا النفوس والأرج أنزلك الرحمن خبر منزل رحب ورقاك إلى أعلى الدرج بنيت دارا للنجاة وللشفا ليس بها على المريض من حرج.
وتوفى الأمير أرغون الكاملي بالقدس الشريف يوم الخميس السادس والعشرين من شوال سنة 758هـ ودفن بتربة أنشأها غربي المسجد بشمال. وكان قد ناب بدمشق مدة ثم صار إلى نيابة حلب ثم سجن بشمال. وكان قد ناب بدمشق مدة ثم صار
إلى نيابة حلب ثم سجن بالأسكندرية، ثم أفرج عنه، فقام في القدس الشريف إلى أن كانت وفاته، وكان سلطان مصر إذ ذاك الملك الناصر حسن أبن الملك الناصر محمد بن الملك المنصور وقلاوون.
وهذا البيمارستان هو من البيمارستانات الإسلامية الموجودة إلى اليوم في سوريا ومصر التي حفظت آثارها، فجميع نظامه بتفاصيله لا يزال سليما وله بوابة عظيمة ذات نخاريب، ودهليز ذو أعمدة وإيوائات، وبهو يشتمل على خلوات للمرضى. وبوجهته شقوق وحالة القبة من الداخل رديئة. وأول شئ يجب إجراؤه إلاؤه من ساكنيه الذين أزالوا من أخشابه القديمة الشيء الكثير ثم إصلاحه وترميمه وإصلاح بابه وتكميل ما نقص من قطعه. ومكتوب على باب البيمارستان عند باب قنسرين:
بسم الله الرحمن الرحيم أمر بإنشاء هذا البيمارستان الملك الناصر مولانا السلطان الملك الصالح أبن السلطان الناصر محمد بن الملك المنصور قلاوون خلد ملكه الله والفقير إلى ربه أرغون الكاملي نائب السلطنة المعظمة بحلب المحروسة غفر الله له وأثابه الجنة في شهور سنة 755هـ 1345م
وفي أعلام النبلاء: أن محلة هذا البيمارستان كانت بيتا لأمير فتوصل إليه بطريق شرعي، ولم يغير بوابة تلك الدار عن حالها وإنما كتب عليها وهي معمورة، وهذا المارستان له أوقاف مترورة منها قرية بنش من عمل سرمين وغيرها، وكتاب وقفه موجود وقد رتب فيه القراء يقرؤن القرآن طرفي النهار، وخبزا يتصدق به ورتب له جميع ما يحتاج إليه من أشربة وكحل ومراهم وجميع الملطفات، وكان هذا المارستان بكفالة تفري برمس على أتم الوجوه وشرط واقفه أن يكون النظر فيه لمن يكون كافل حلب، ولما تولى جانم الأشرفي كفالة حلب جعل إمامه متكلما على هذا البيمارستان، فصنع له سحابة على إيوانه القبلي على قاعدة بيمارستان
القاهرة، إذ في هذه السحابة منفعة للضعفاء تقيهم الحر والبرد.
ولما كان بتأريخ ربيع الأول سنة 825هـ أطلع مولانا المقر الأشرف السيفي المالكي الصالحي مولانا الملك الآمر عز نصره وهو
الناظر الشرعي على البيمارستان السيفي أرغون الكاملي بحلب المحروسة على ما شرط الواقف أثابه الله في كتاب وقفه فمنع من هو بغير شرط الواقف.
ونأتي هنا على وصف مسهب لهذا البيمارستان كما ذكره صاحب أعلام النبلاء قال:
تدخل إلى البيمارستان فتجد عن يمينك حجرة هي الآن خربة ثم تدخل الباب الثاني فتجد عن يمينك حجرة أخرى، كانت هاتان الحجرتان لقعود الأطباء ووضع ما يحتاجون إليه من الأدوية والأشربة، ثم تجد صحنا واسعا يحيط بطرفيه الجنوبي والشمالي رواقان ضيقان مرفوعان على أعمدة عظيمة، ووراءهما حجرة صغيرة هي محل حبس المجانين فيها. ثم تدخل من الجهة الشمالية في دهليز وبعد خطوات تجد دهليزين: الذي على اليمين يأخذ إلى باب آخر للمارستان تخرج منه إلى بوابة صغيرة وهو مغلق الآن والدهليز الذي على اليسار يأخذك إلى صحنين حولهما حجرة صغيرة وهي معدة أيضا لحبس المجانين. وهناك يأخذك الهول ويداخل قلبك الروع للظلمة المخيمة على هذه الأمكنة ولا منافذ لها، وروائح العفونة والأقذار منتشرة فيها. ثم قال:
وقد بلغنا أنه كان في أطراف الصحن الخارجي وعلى أطراف
الحوض الذي في وسطه أنواع الرياحين لينظرها المجانين، وكانوا يأتون بآلات الطرب وبالمغنين فيداوون المجانين بها أيضا. وكان أمره جاريا على الانتظام إلى أواخر القرن العاشر، ومن ذلك الحين أهمل أمره وزالت تلك الأوضاع منه. وكان بلاط الصحن متوهنا جدا فاهتم جميل باشا سنة 1302هـ بتبليطه وتجديد حوضه
وترميمه. وكان يسكن في إيوانه الغربي رجل يقال له أبو حيدرة هو وأسرته فكانوا يحافظون على هؤلاء المجانين ويطعمونهم ويرفعون الأقذار من عندهم. ومنذ نحو عشر سنوات أو أزيد بقليل أخذ من كان فيه من المجانين وكانوا نحو عشرين شخصا إلى الأستانة وهو آخر العهد بهم. والآن يسكنه بعض الفقراء وقد كان لبابه حلقتان كبيرتان جميلتا الشكل من النحاس الأصفر، قلعتا منه منذ خمس عشرة سنة وأخذنا إلى متحف الأستانة، ولا ندري أو صلتا إليه أم لا، ويعد هذا البيمارستان من جملة الآثار القديمة الباقية في حلب، غير أنه إذا بقي مهملا على حالته الحاضرة أدى ذلك إلى تداعيه وخرابه. وأما واردات البيمارستان من قرية بنش فإنها حولت سنة 1284هـ 1867م إلى أوقاف الجامع الكبير.