الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في التدريس بها في صناعة الطب، واستمر على ذلك وبقي سنين عدة ثم صار المدرس فيما بعد الحكيم بدر الدين المظفر بن قاضي بعلبك، وذلك أنه لما ملك دمشق الملك الجواد مظفر الدين يونس بن شمس الدين ممدود ابن الملك العادل، كتب للحكيم بدر الدين ابن قاضي بعلبك، منشورا برياستخ على سائر الحكماء في صناعة الطب، وأن يكون مدرسا للطب في مدرسة الحكيم مهذب الدين عبد الرحيم بن علي المعروف بادخوار. وتولى ذلك في يوم الأربعاء رابع صفر سنة 677هـ ثم درس بعده عماد الدين الدنيسري ومحمد بن عبد الرحيم بن مسلمة كمال الدين الطبيب المتوفى سنة 697هـ 1297م، والجمال المحقق أحمد بن عبد الله بن الحسين الأشقر وقد ولي مشيخة الدخوارية وتوفي سنة 694هـ 1294م وأمين الدين سليمان بن داود الدمشقي توفي سنة 732هـ ثم شهاب الدين الكحال توفي سنة 732هـ.
إجازة الطب
كان الأطباء في أول عهد الدول الإسلامية تكتفي لمعاناة التطبيب بقراءة الطب على أي طبيب من النابهين في عصره، حتى إذا آنس من نفسه القدرة على مزاولة الصنعة، باشرها بدون قيد أو شرط.
وإن أول من نظم صناعة التطبيب وقيدها بنظام خاص حرصا على مصلحة الجمهور، هو الخليفة العباسي المقتدر بالله جعفر بن المعتضد الذي تولى الخلافة سنة 295هـ، ففرض على من يريد معاناة التطبيب تأدية امتحان للحصول على إجازة تحوله هذا الحق بين الناس.
والسبب الذي دعا الخليفة المقتدر إلى هذا التقييد، هو ما نرويه عن لسان سنان بن ثابت رئيس الأطباء في عصره وطبيب الخليفة ومن النابهين بين الأطباء:
قال سنان بن ثابت: لما كان في عام 319هـ 931م، اتصل بالمقتدر أن غلطا جرى على رجل من العامة من بعض المتطببين فمات الرجل، فأمر الخليفة أبا إبراهيم بن محمد بن أبي بطيحة المحتسب بمنع سائر المتطببين من التصرف، إلا من امتحنه سنان بن ثابت بن قرّضة، وكتب له رقعة بخطه بما يطلق له التصرف فيه من الصناعة. فصاروا إلى سنان وامتحنهم وأطلق لكل واحد منهم ما يصلح أن يتصرف فيه. وبلغ عددهم في جانبي بغداد ثمانمائة رجل ونيف وستين رجلا، سوى من استغنى عن محنته باشتهاره بالتقدم في صناعته وسوى من كان في خدمة
السلطان. وصار النظام بعد ذلك: متى أتم الطالب دروسه يتقدم إلى رئيس الأطباء في القطر المصري، ووظيفته هي أكبر وظائف الأطباء، ويطلب إليه إجازته لمعاناة صنعه التطبيب. وكان الطالب يتقدم إليه برسالة في الفن الذي يريد الحصول على الإجازة في معاناة وهذه الرسالة أشبه بما يسمى اليوم أطروحة تيز وتكون هذه الرسالة له أو لأحد مشاهير الأطباء المتقدمين أو المعاصرين يكون قد أجاد دراستها فيمتحنه فيها ويسأله في كل ما يتعلق بما فيها من الفن فإذا أحسن
الإجابة أجازه الممتحن بما يطلق له التصرف فيه من الصناعة.
ومن محاسن الصدف أني عثرت في دشت قديم في خزانة كتب أستاذنا وصديقنا العلامة أحمد زكي باشا، على صورتين لإجازتين في الطب من القرن السادس عشر الميلادي، منحت إحداهما لفصَّاد ومنحت الأخرى لجراح، أنقلهما هنا لكي يعلم الباحث ما كان عليه الحال في تلك العصور: