الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العامر من مدينة مصر الفسطاط وبين مصلى خولان التي بالقرافية، بناه الفتح بن خاقان في أيام الخليفة المتوكل على الله وقد باد أثره.
البيمارستان العتيق
ويعرف بالبيمارستان الأعلى أنشأه أحمد بن طولون في سنة 259هـ 872م وقيل 261هـ وذكر أن مبلغ ما أنفق عليه وعلى مستغله ستون ألف دينار. وحبس عليه سوق الرقيق وغيره ولم يكن قبل ذلك في مصر مارستان. وشرط ألا يعالج فيه جندي ولا مملوك، وكان يشارفه بنفسه ويركب إليه يوما في كل أسبوع.
قال أبو العباس أحمد القلقشندي أول من اتخذ البيمارستان بمصر أحمد بن طولون بناه بالفسطاط وهو موجود إلى الآن وبلغت أجرة مقعد يكري عند البيمارستان
الطولوني بالفسطاط في
كل يوم أثني عشر درهما. وهذا المارستان كان موضعه في أرض العسكر وهي الكيمان والصحراء التي تقع بين جامع ابن طولون وكوم الجارح وفيما بين قنطرة السد التي على الخليج ظاهر مدينة
مصر وبين السور الذي يفصل بين القرافة وبين مصر. وقد اندثر هذا المارستان في جملة ما اندثر من الآثار ولم يبق له الآن أثر. وقال أبو عمر محمد بن يوسف الكندي في كتاب الأمراء: وأمر أحمد بن طولون ببنيان المارستان للمرضى فبني لهم في سنة 259هـ 872م.
وقال محمد بن داود في ذم أحمد بن طولون وبيمارستانه:
ألا أيها الأغفال إيها تأملوا
…
وهل يوقظ الأذهان غير التأمل
ألم تعلموا أن ابن طولون نقمة
…
تسيَّر من سفل إليكم ومن عل
ولولا جنايات الذنوب لما علت
…
عليكم يدُ العلْج السخيف المُجَهَّلِ
يعالج مرْضاكم ويرمي جريحكم
…
حبيش. القلب أدهمَ أعزَلِ؟
فيا ليت مارستانة نيط بِاستِه
…
وما فيه من علج عُتُلٍّ مُقَلًّلِ
فكم ضجَّة للناس من خلفِ سِتْرِه
…
تُضَجُّ لإبلا قَلْبٍ عن الله مغُفْلِ
وقال جامع السيرة الطولونية وفي سنة 261هـ بنى أحمد بن طولون المارستان، ولم يكن قبل ذلك في مصر مارستان ولما فرغ منه حبس عليه دار الديوان ودوره في الأساكفة والقيسارية
وسوق الرقيق وشرط في المارستان ألا يعالج فيه جندي ولا مملوك وعمل حمامين للمارستان أحدهما للرجال والآخر للنساء، حبسهما على المارستان وغيره. وشرط أنه إذا جيء بعليل تنزع عنه ثيابه ونفقته وتحفظ عند أمين المارستان ثم يلبس ثيابا ويفرش له ويغذي ويراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يبرأ فإذا أكل فرُّوجا ورغيفا أمر بالانصراف وأعطي ماله وثيابه. وفي سنة 262هـ 875م كان ما حبسه على المارستان والعين والمسجد في الجبل الذي يسمى
تنور فرعون أعيانا كثيرة وكان بلغ ما أنفق على المارستان ومستغله ستين ألف دينار، فكان يركب بنفسه في كل يوم جمعة ويتفقد خزائن المارستان وما فيها والأطباء وينظر إلى المرضى وسائر المعلولين والمحبوسين من المجانين. دخل مرّة حتى وقف عند المجانين فناداه واحد منهم مغلول. أيها الأمير اسمع كلامي ما أنا بمجنون، وإنما عملت عليَّ حيلة، وفي نفسي شهوة رمانة عريشية أكبر ما يكون. فأمر له بها من ساعته ففرح بها وهزها في يده ورازها ثم غافل أحمد بن طولون ورمى بها في صدره فنضحت على ثيابه، ولو تمكنت منه لأتت على صدره فأمرهم أن يحتفظوا به، ثم لم يعاود بعد ذلك النظر في البيمارستان.
ودخل مصر في سنة 578هـ 1182م ابن جبير الرحالة المغربي العظيم وشاهد البيمارستان الذي بالقاهرة وقال: إنه مفخرة من مفاخر السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وأطنب في وصفه بما سيأتي ذكره بعد. ثم قال: وفي مصر الفسطاط مارستان آخر على مثل ذلك الرسم بعينه يريد مارستان أحمد بن طولون. وقال السخاوي إن أحمد بن طولون بنى إلى جانب جامعة البيمارستان وكان في أحد مجالس البيمارستان العتيق أي بيمارستان أحمد بن طولون خزانة كتب كان فيها ما يزيد على مائة ألف مجلد في سائر العلوم يطول الأمر في عدتها.
ولما آلت الدولة الطولونية إلى الزوال بخروج شيبان بن أحمد ابن طولون آخر ملوكها من مصر في ليلة الخميس لليلة خلت من ربيع الأول 292هـ ودخلها محمد بن سليمان الكاتب من قبل المكتفي بالله، أخذ الشعراء في رثائهم والتحسر عليهم فنظموا القصائد الطوال في ذلك. ومن هؤلاء الشعراء سعيد القاضي قال يرثي الدولة
الطولونية وما تركت من جلائل الآثار في قصيدة مطلعها:
جرى دمعه ما بين سحرٍ إلى نَحرِ
…
ولم يَجر حتى أسلمته يد الصّبرِ
إلى أن قال يرثي المارستان:
ولا تَنسَ مارستانه واتساعه
…
وتوسعة الأرزاق للحول والشهر
وما فيه من قوَّامه وكُفاتِه
…
ورفقهم بالمعتفين ذوي الفقر
فللمّيت المقبور حسنُ جهازه
…
وللحي رفق في علاج وفي جبرِ
وعمل أحمد بن طولون في موخرة جامعه ميضأة وخزانة شراب فيها جميع الشرابات والأدوية وعليها خدم وفيها طبيب جالس يوم الجمعة لحادث يحدث للحاضرين للصلاة.