الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40 -
(بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ النُّهْبَةِ)
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ النَّهْبَةُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وَبِالضَّمِّ الْمَالُ الْمَنْهُوبُ
قَوْلُهُ (عَنْ عَبَايَةَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْخَفِيفَةِ وَبَعْدَ الْأَلِفِ تَحْتَانِيَّةٌ خَفِيفَةٌ (بْنُ رِفَاعَةَ) بكسر الراء بن خَدِيجٍ الْأَنْصَارِيِّ الزُّرَقِيِّ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
[1600]
قَوْلُهُ (فَتَقَدَّمَ سَرَعَانُ النَّاسِ) قَالَ فِي الْمَجْمَعِ سَرَعَانُ النَّاسِ هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ أَوَائِلُهُمُ الَّذِينَ يَتَسَارَعُونَ إِلَى الْمَشْيِ وَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ بِسُرْعَةٍ يَجُوزُ سُكُونُ الرَّاءِ (فَاطَّبَخُوا) هُوَ افْتَعَلُوا مِنَ الطَّبْخِ وَهُوَ عَامٌّ لِمَنْ يَطْبُخُ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ وَالِاطِّبَاخُ خَاصٌّ لِنَفْسِهِ (فِي أُخْرَى النَّاسِ) أَيْ فِي الطَّائِفَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُمْ (فَأُكْفِئَتْ بِصِيغَةِ) الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِكْفَاءِ أَيْ قُلِبَتْ وَأُرِيقَ مَا فِيهَا لِأَنَّهُمْ ذَبَحُوا الْغَنَمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا سَبَبُ الْإِرَاقَةِ وَالثَّانِي هَلْ أُتْلِفَ اللَّحْمُ أَمْ لَا
فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ عِيَاضٌ كَانُوا انْتَهَوْا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إِلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَأَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ ذَلِكَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إِنَّمَا هُوَ مَا دَامُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أن سبب ذلك كونهم انتهبوها ولم يَأْخُذُوهَا بِاعْتِدَالٍ وَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَهُ صُحْبَةٌ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ وَجَهْدٌ فَأَصَابُوا غَنَمًا فَانْتَهَبُوهَا فَإِنَّ قُدُورَنَا لَتَغْلِي بِهَا إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَرَسِهِ فَأَكْفَأ قُدُورَنَا بِقَوْسِهِ ثُمَّ جَعَلَ يُرْمِلُ اللَّحْمَ بِالتُّرَابِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ النُّهْبَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلَّ مِنَ الْمَيْتَةِ انْتَهَى
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَامَلَهُمْ مِنْ أَجْلِ اسْتِعْجَالِهِمْ بِنَقِيضِ قَصْدِهِمْ كَمَا عُومِلَ الْقَاتِلُ بِمَنْعِ الْمِيرَاثِ
وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمَأْمُورُ بِهِ مِنْ إِرَاقَةِ الْقُدُورِ إِنَّمَا هُوَ إِتْلَافُ الْمَرَقِ عُقُوبَةً لَهُمْ وَأَمَّا اللَّحْمُ فَلَمْ يُتْلِفُوهُ بَلْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ جُمِعَ وَرُدَّ إِلَى الْمَغْنَمِ وَلَا يُظَنُّ أَنَّهُ أَمَرَ بِإِتْلَافِهِ مَعَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَهَذَا مِنْ مَالِ الْغَانِمِينَ وَأَيْضًا فَالْجِنَايَةُ بِطَبْخِهِ لَمْ تَقَعْ مِنْ جَمِيعِ مُسْتَحِقِّي الْغَنِيمَةِ فَإِنَّ
مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَطْبُخْ وَمِنْهُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْخُمُسِ
فَإِنْ قِيلَ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ حَمَلُوا اللَّحْمَ إِلَى الْمَغْنَمِ قُلْنَا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ أَحْرَقُوهُ أَوْ أَتْلَفُوهُ فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ عَلَى وَفْقِ الْقَوَاعِدِ انْتَهَى
وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ فَإِنَّهُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَتَرْكُ تَسْمِيَةِ الصَّحَابِيِّ لَا يَضُرُّ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ
وَلَا يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَتْرِيبِ اللَّحْمِ إِتْلَافُهُ لِإِمْكَانِ تَدَارُكِهِ بِالْغَسْلِ لِأَنَّ السِّيَاقَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أُرِيدَ الْمُبَالَغَةُ فِي الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَوْ كَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِيرُ زَجْرٍ لِأَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ نَزْرٌ يَسِيرٌ فَكَانَ إِفْسَادُهَا عَلَيْهِمْ مَعَ تَعَلُّقِ قُلُوبِهِمْ بِهَا وَحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا وَشَهْوَتِهِمْ لَهَا أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
(فَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ) قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ قِيمَةَ الْغَنَمِ إِذْ ذَاكَ فَلَعَلَّ الْإِبِلَ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ نَفِيسَةً
وَالْغَنَمُ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ هَزِيلَةً بِحَيْثُ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَعِيرِ عَشْرَ شِيَاهٍ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْقَاعِدَةُ فِي الْأَضَاحِيِّ
مِنْ أَنَّ الْبَعِيرَ يُجْزِئُ عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ فِي قِيمَةِ الشَّاةِ وَالْبَعِيرِ الْمُعْتَدِلَيْنِ
وَأَمَّا هَذِهِ الْقِسْمَةُ فَكَانَتْ وَاقِعَةَ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْدِيلُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ نَفَاسَةِ الْإِبِلِ دُونَ الْغَنَمِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ وَالْبَدَنَةُ تُطْلَقُ عَلَى النَّاقَةِ والبقرة
وأما حديث بن عَبَّاسٍ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَحَضَرَ الْأَضْحَى فَاشْتَرَكْنَا فِي الْبَقَرَةِ وَفِي الْبَدَنَةِ عَشَرَةٌ فَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَعَضَّدَهُ بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ
هَذَا وَاَلَّذِي يَتَحَرَّرُ فِي هَذَا أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْبَعِيرَ بِسَبْعَةٍ مَا لَمْ يَعْرِضْ عَارِضٌ مِنْ نَفَاسَةٍ وَنَحْوِهَا فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ (وَهَذَا أَصَحُّ) أخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ إِلَخْ)
لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَ أَحَادِيثَ هؤلاء الصحابة