الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْتُ عَطَاءٌ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ مَشْهُورٌ وَالْحَكَمُ هَذَا هو بن عُتَيْبَةَ الْكُوفِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ
وَالْحَسَنُ هَذَا هُوَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ (أَيْ أَبُو دَاوُدَ بِقَوْلِهِ حَدِيثُ عَاصِمٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَ عمرو بن أبي عمرو) أن بن عَبَّاسٍ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا يُخَالِفُهُ انْتَهَى (وَهَذَا) أَيْ حَدِيثُ عَاصِمٍ الموقوف على بن عَبَّاسٍ (أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ) يَعْنِي حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْمَذْكُورِ أَوَّلًا وَحَدِيثُ عَاصِمٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ) أَيْ عَمَلُهُمْ عَلَى حَدِيثِ عَاصِمٍ الْمَوْقُوفِ يَعْنِي أَنَّهُمْ قَالُوا بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ أَتَى الْبَهِيمَةَ (وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ)
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَكَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى
4 -
(باب مَا جَاءَ فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ)
[1456]
قَوْلُهُ (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ) أَيْ عَلِمْتُمُوهُ (يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ) أَيْ بِعَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ اللِّوَاطَةَ (فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ)
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أن حد الفاعل حد الزنى أَيْ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا يُرْجَمُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا يُجْلَدُ مِائَةً وَعَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً مُحْصَنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ
لِأَنَّ التَّمْكِينَ فِي الدُّبُرِ لَا يُحْصِنُهَا فَلَا يُحْصِنُهَا حَدُّ الْمُحْصَنَاتِ
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ اللُّوطِيَّ يُرْجَمُ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُقْتَلُ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَقَدْ قِيلَ فِي كَيْفِيَّةِ قَتْلِهِمَا هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ رَمْيُهُمَا مِنْ شَاهِقٍ كَمَا فُعِلَ بِقَوْمِ لُوطٍ
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعَزَّرُ وَلَا يُحَدُّ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ اقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ أَحْصَنَا أَوْ لَمْ يُحْصِنَا
وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ مُعَلَّقًا (فَقَالَ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَصِحُّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ وَعَاصِمٌ مَتْرُوكٌ
قَوْلُهُ (وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِ الرَّجْمَ أُحْصِنَ أَوْ لَمْ يُحْصِنْ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ رَجَمَ لُوطِيًّا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَبِهَذَا نَأْخُذُ يُرْجَمُ اللُّوطِيُّ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ محصن
وروى بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ فَارْجُمُوا الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ
وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ عَاصِمًا هَذَا مَتْرُوكٌ وَأَمَّا رَجْمُ عَلِيٍّ رضي الله عنه لُوطِيًّا فَهُوَ فَعَلَهُ (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ مِنْهُمُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا حَدُّ اللُّوطِيِّ حَدُّ الزَّانِي وهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَيُجْلَدُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْبِكْرُ وَيُغَرَّبُ وَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ التَّلَوُّطَ نوع من أنواع الزنى لِأَنَّهُ إِيلَاجُ فَرْجٍ فِي فَرْجٍ فَيَكُونُ اللَّائِطُ وَالْمَلُوطُ بِهِ دَاخِلَيْنِ تَحْتَ عُمُومِ الْأَدِلَّةِ الْوَارِدَةِ فِي الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَالْبِكْرِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ
حَدِيثُ إِذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ
أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى وَفِي إِسْنَادِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَذَّبَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَا أَعْرِفُهُ وَالْحَدِيثُ مُنْكَرٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ انْتَهَى
وَرَوَاهُ أَبُو الْفَتْحِ الْأَزْدِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُوسَى وَفِيهِ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْبَجَلِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ
وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ
وَعَلَى فَرْضِ عَدَمِ شُمُولِ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَهُمَا فَهُمَا لَاحِقَانِ بِالزَّانِي بِالْقِيَاسِ
وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَدِلَّةَ الْوَارِدَةَ بِقَتْلِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ مُطْلَقًا مُخَصَّصَةٌ لعموم أدلة الزنى الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ عَلَى فَرْضِ شُمُولِهَا اللُّوطِيَّ وَمُبْطِلَةٌ لِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ عَلَى فَرْضِ عَدَمِ الشُّمُولِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ فَاسِدَ الِاعْتِبَارِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ لَهُ إِلَى أَنَّهُ يُعَزَّرُ اللُّوطِيُّ فَقَطْ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْمَذْهَبِ مِنَ الْمُخَالَفَةِ لِلْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي خُصُوصِ اللُّوطِيِّ وَالْأَدِلَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الزَّانِي عَلَى الْعُمُومِ
وَأَمَّا الِاسْتِدْلَالُ لهذا بحديث لأن أخطىء في العفو خير من أن أخطىء فِي الْعُقُوبَةِ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ مَعَ الِالْتِبَاسِ وَالنِّزَاعُ لَيْسَ هُوَ فِي ذَلِكَ
[1457]
قَوْلُهُ (إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عمل قوم لوط) أخوف أفعل تفصيل بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَضَافَ أَفْعَلَ إِلَى مَا وَهِيَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اسْتَقْصَى الْأَشْيَاءَ الْمُخَوَّفَ مِنْهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ لَمْ يُوجَدْ أَخْوَفُ مِنْ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ بن ماجة