الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكُونُ ثَوَابُهُمْ ثَوَابَ الْمُجَاهِدِينَ بَلْ لَهُمْ ثَوَابُ نِيَّاتِهِمْ إِنْ كَانَ لَهُمْ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَفِيهِ أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرْضُ عَيْنٍ وَبَعْدَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فَرْضَ كِفَايَةٍ مِنْ حِينِ شُرِعَ وَهَذِهِ الْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا انتهى
قوله (وفي الباب عن بن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) أَمَّا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا فِي التَّفْسِيرِ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ فَقَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ وَفِي رِوَايَةٍ إِلَّا شركوكم في الأجر وأخرجه أيضا بن ماجه وبن حِبَّانَ وَأَبُو عَوَانَةَ وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وبن حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي التَّفْسِيرِ (وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ) ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ أَنَّ ثَمَانِيَةَ رِجَالٍ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
(بَاب مَا جاء فيمن خرج إلى الْغَزْوِ وَتَرَكَ أَبَوَيْهِ)
[1671]
قَوْلُهُ (جَاءَ رَجُلٌ) قَالَ الْحَافِظُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ جَاهِمَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَدْتُ الْغَزْوَ وَجِئْتُ لِأَسْتَشِيرَكَ فَقَالَ هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ قَالَ نَعَمْ قَالَ الْزَمْهَا الْحَدِيثَ
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْتَأْذِنُهُ فِي الْجِهَادِ فَذَكَرَهُ انْتَهَى (قَالَ فَفِيهِمَا) أَيْ فَفِي خِدْمَتِهِمَا (فَجَاهِدْ) وَفِي رِوَايَةٍ
فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا
قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِالْأَمْرِ قُدِّمَ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْفَاءُ الْأُولَى جَزَاءُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ وَالثَّانِيَةُ جَزَائِيَّةٌ لِتَضَمُّنِ الْكَلَامِ مَعْنَى الشَّرْطِ أَيْ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتَ فَاخْتَصَّ الْمُجَاهِدَةَ فِي خِدْمَةِ الْوَالِدَيْنِ نحو قوله تعالى فإياي فاعبدون أَيْ إِذَا لَمْ يُخْلِصُوا إِلَيَّ الْعِبَادَةَ فِي أَرْضٍ فَأَخْلِصُوهَا فِي غَيْرِهَا
فَحُذِفَ الشَّرْطُ وَعُوِّضَ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ الْمُفِيدِ لِلِاخْتِصَاصِ ضِمْنًا وَقَوْلُهُ فَجَاهِدْ جِيءَ بِهِ مُشَاكَلَةً يَعْنِي حَيْثُ قَالَ فَجَاهِدْ فِي مَوْضِعِ فَاخْدُمْهُمَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْجِهَادِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْجِهَادُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ
قَالَ تَعَالَى وَاَلَّذِينَ جَاهَدُوا فينا لنهدينهم سبلنا انْتَهَى
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْعُمْدَةِ قَوْلُهُ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ أَيْ فَفِي الْوَالِدَيْنِ فَجَاهِدْ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ وَهُوَ جَاهِدْ وَلَفْظُ جَاهِدِ الْمَذْكُورُ مُفَسِّرٌ لَهُ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْفَاءِ الْجَزَائِيَّةِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا وَمَعْنَاهُ خَصِّصْهُمَا بِالْجِهَادِ وَهَذَا كَلَامٌ لَيْسَ ظَاهِرُهُ مُرَادًا لِأَنَّ ظَاهِرَ الْجِهَادِ إِيصَالُ الضَّرَرِ لِلْغَيْرِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إِيصَالُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ كُلْفَةِ الْجِهَادِ وَهُوَ بَذْلُ المال وتعب البدن فيؤول الْمَعْنَى إِلَى ابْذُلْ مَالَكَ وَأَتْعِبْ بَدَنَكَ فِي رضى وَالِدَيْكَ انْتَهَى
وَقَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ هَذَا فِي جِهَادِ التَّطَوُّعِ لَا يَخْرُجُ إِلَّا بِإِذْنِ الْوَالِدَيْنِ إِذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْجِهَادُ فَرْضًا مُتَعَيِّنًا فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِذْنِهِمَا وَإِنْ مَنَعَاهُ عَصَاهُمَا وَخَرَجَ وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ فَيَخْرُجُ بِدُونِ إِذْنِهِمَا فَرْضًا كَانَ الْجِهَادُ أَوْ تَطَوُّعًا وَكَذَلِكَ لَا يَخْرُجُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ التَّطَوُّعَاتِ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَالزِّيَارَةِ وَلَا يَصُومُ التَّطَوُّعَ إِذَا كَرِهَ الْوَالِدَانِ الْمُسْلِمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا إِلَّا بِإِذْنِهِمَا انتهى قوله وفي الباب عن بن عَبَّاسٍ لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وأبو داود والنسائي (وَاسْمُهُ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخٍ) ثِقَةٌ مِنْ الثَّالِثَةِ