الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ وَقَعَ بِالْجِمَاعِ مُتَعَمِّدًا وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّ مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ يُقْتَلُ قَالَ الْمُظْهِرُ حَكَمَ أَحْمَدُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَقَالَ غَيْرُهُ هَذَا زَجْرٌ وَإِلَّا حُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الزُّنَاةِ يُرْجَمُ إِنْ كَانَ مُحْصَنًا وَيُجْلَدُ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قُلْتُ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَلَا حَاجَةَ لِحَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الزَّجْرِ
قَوْلُهُ (وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ ضَعِيفٌ مِنَ السَّابِعَةِ
قَوْلُهُ (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ رَوَاهُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَقُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ الْمُزْنِيُّ أَنَّ رَجُلًا إِلَخْ) تَقَدَّمَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ وَحَدِيثُ قُرَّةَ فِي بَابِ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ
قَوْلُهُ (قَالُوا مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ) أَيْ جَامَعَهَا (وَهُوَ يَعْلَمُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِتَحْرِيمِهَا (فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ) أَيْ فعليه أن يقتل يعني يجب قتله وهوالظاهر وَعَلَيْهِ تَدُلُّ أَحَادِيثُ الْبَابِ
وَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا إن عليه حد الزنى فَأَحَادِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
0 -
(بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّعْزِيرِ)
قَالَ فِي الْمُغْرِبِ التَّعْزِيرُ تَأْدِيبٌ دُونَ الْحَدِّ وَأَصْلُهُ مِنَ العزر بمعنى الرد والردع
قال بن الهمام وهو مشروع بالكتاب قال تعالى فاضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أمر بضرب الزوجات تأديبا وتهذيبا
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ لِلْقَارِيِّ وَقَالَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثَ فِي ثُبُوتِ التَّعْزِيرِ مَا لَفْظُهُ وَأَقْوَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فَاضْرِبُوهُمْ عَلَى تَرْكِهَا بِعَشْرٍ فِي الصِّبْيَانِ
فَهَذَا دَلِيلُ شَرْعِيَّةِ التَّعْزِيرِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَقَالَ الْحَافِظُ التَّعْزِيرُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَزْرِ وَهُوَ الرَّدُّ وَالْمَنْعُ وَاسْتُعْمِلَ فِي الدَّفْعِ عَنِ الشَّخْصِ كَدَفْعِ أَعْدَائِهِ عَنْهُ وَمَنْعِهِمْ مِنْ إِضْرَارِهِ ومنه وآمنتم
برسلي وعزرتموهم وَكَدَفْعِهِ عَنْ إِتْيَانِ الْقَبِيحِ وَمِنْهُ عَزَّرَهُ الْقَاضِي أَيْ أَدَّبَهُ لِئَلَّا يَعُودَ إِلَى الْقَبِيحِ وَيَكُونُ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهِ انْتَهَى
[1463]
قَوْلُهُ (لَا يُجْلَدُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ بِصِيغَةِ النَّفْيِ وَرُوِيَ بِصِيغَةِ النَّهْيِ مَجْزُومًا (فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ) وَفِي رِوَايَةٍ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ وَفِي رِوَايَةٍ فَوْقَ عَشْرِ ضَرْبَاتٍ (إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ) الْمُرَادُ بِهِ مَا وَرَدَ عَنِ الشارع مقدرا بعدد مخصوص كحد الزنى وَالْقَذْفِ وَنَحْوِهِمَا
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحَدِّ هُنَا عُقُوبَةُ الْمَعْصِيَةِ مُطْلَقًا لَا الْأَشْيَاءُ الْمَخْصُوصَةُ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّخْصِيصَ إِنَّمَا هُوَ مِنَ اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ
وَعَرَّفَ الشَّرْعُ إِطْلَاقَ الْحَدِّ عَلَى كُلِّ عُقُوبَةٍ لِمَعْصِيَةٍ من المعاصي كبيرة أو صغيرة ونسب بن دَقِيقِ الْعِيدِ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِلَى بَعْضِ الْمُعَاصِرِينَ له وإليها ذهب بن الْقَيِّمِ وَقَالَ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ الْمَذْكُورِ فِي التَّأْدِيبِ لِلْمَصَالِحِ كَتَأْدِيبِ الْأَبِ ابْنَهُ الصَّغِيرَ وَاعْتُرِضَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أَنَّ الشَّارِعَ يُطْلِقُ الْحُدُودَ عَلَى الْعُقُوبَاتِ الْمَخْصُوصَةِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إِنَّ أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ
ذَكَرَهُ الشَّوْكَانِيُّ مُلَخَّصًا مِنْ كَلَامِ الْحَافِظِ قُلْتُ وَقَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ هَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِي بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَجُلِدَ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ
قَالَ وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ
قَوْلُهُ (وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِلَخْ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ
قَوْلُهُ (وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي التَّعْزِيرِ إِلَخْ) قَالَ الْحَافِظُ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَدْلُولِ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ اللَّيْثُ وَأَحْمَدُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَإِسْحَاقُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشْرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَبْلُغُ أَدْنَى
الْحُدُودِ وَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِحَدِّ الْحُرِّ أَوِ الْعَبْدِ قَوْلَانِ
وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ يُسْتَنْبَطُ كُلُّ تَعْزِيرٍ مِنْ جِنْسِ حَدِّهِ وَلَا يُجَاوِزُهُ
وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ لَا يَبْلُغُ بِهِ الْحَدَّ وَلَمْ يُفَصِّلْ
وَقَالَ الْبَاقُونَ هُوَ إِلَى رَأْيِ الْإِمَامِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي ثَوْرٍ
وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى لَا تَجْلِدْ فِي التَّعْزِيرِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ
وَعَنْ عُثْمَانَ ثَلَاثِينَ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ بلغ بالسوط مائة وكذا عن بن مَسْعُودٍ
وَعَنْ مَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَعَطَاءٍ لَا يُعَزَّرُ إِلَّا مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ وَمَنْ وَقَعَ مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا فَلَا يُعَزَّرُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَبْلُغُ أربعين وعن بن أَبِي لَيْلَى وَأَبِي يُوسُفَ لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسٍ وَتِسْعِينَ جَلْدَةً وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَبْلُغُ ثَمَانِينَ
وَأَجَابُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَالْحَقُّ الْعَمَلُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي بُرْدَةَ وَلَيْسَ لِمَنْ خَالَفَهُ مُتَمَسِّكٌ يَصْلُحُ لِلْمُعَارَضَةِ
وَقَدْ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ وَخَالَفَهُ النَّوَوِيُّ فَنَقَلَ عَنِ الْجُمْهُورِ عَدَمَ الْقَوْلِ بِهِ وَلَكِنْ إِذَا جَاءَ نَهْرُ اللَّهِ بطل نهر معقل فَلَا يَنْبَغِي لِمُنْصِفٍ التَّعْوِيلُ عَلَى قَوْلِ أَحَدٍ عِنْدَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعُوا كُلَّ
قَوْلٍ عِنْدَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فما امن في دينه كمخاطر