الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لُحُومِ الْحُمُرِ) بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ حِمَارٍ (الْأَهْلِيَّةِ) أَيِ الْإِنْسِيَّةِ ضِدُّ الْوَحْشِيَّةِ (وَعَنِ الْمُجَثَّمَةِ) سَبَقَ ذِكْرُهَا وَسَيَأْتِي أَيْضًا (وَعَنِ الْخَلِيسَةِ) أَيِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ فَمِ السِّبَاعِ فَتَمُوتُ قَبْلَ أَنْ تُذَكَّى وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا مَخْلُوسَةً مِنَ السَّبُعِ أَيْ مَسْلُوبَةً مِنْ خَلَسَ الشَّيْءَ إِذَا سَلَبَهُ (وَأَنْ تُوطَأَ) أَيْ عَنْ أَنْ تُجَامَعَ (الْحَبَالَى) بِفَتْحِ الْحَاءِ جمع الحبلى (وحتى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ) يَعْنِي إِذَا حَصَلَتْ لِشَخْصٍ جَارِيَةٌ حُبْلَى لَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا حَتَّى تضع حملها
قال القارىء وكذا إذا تزوج حبلى من الزنى ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَائِنَا يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ
وَقَالَ الْمُظْهِرُ إِذَا حَصَلَتْ جَارِيَةٌ لِرَجُلٍ مِنَ السَّبْيِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُجَامِعَهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا وَحَتَّى تَحِيضَ وَيَنْقَطِعَ دَمُهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ حَامِلًا
(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى) شَيْخُ التِّرْمِذِيِّ وَهُوَ الْقُطَعِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَضَمِيرُ هُوَ رَاجِعٌ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَقَائِلُهَا هو الترمذي
(بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَكَاةِ الْجَنِينِ)
أَيْ فِي ذَبْحِهِ وَالْجَنِينُ هُوَ الْوَلَدُ مَا دَامَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ التَّذْكِيَةُ الذَّبْحُ وَالنَّحْرُ يُقَالُ ذَكَّيْتُ الشَّاةَ تَذْكِيَةً وَالِاسْمُ الذَّكَاةُ وَالْمَذْبُوحُ ذَكِيٌّ
[1476]
قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَيَأْتِي تَرْجَمَتُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ
قَوْلُهُ (ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ) مَرْفُوعَانِ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَالْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ ذَكَاةِ الْجَنِينِ بِأَنَّهَا ذَكَاةُ أُمِّهِ فَيَحِلُّ بِهَا كَمَا تَحِلُّ الْأُمُّ بِهَا وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَذْكِيَةٍ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى وَسَتَعْرِفُ تَخْرِيجَهَا
قَوْلُهُ (وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الدارقطني وبن حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَقَالَ لَا يُحْتَجُّ بِأَسَانِيدِهِ كُلِّهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا مُجَالِدًا وَلَكِنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِ الْحَدِيثِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ وَمُجَالِدٌ لَيْسَ إِلَّا فِي الطَّرِيقِ الَّتِي أَخْرَجَهَا التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْهَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ لَيْسَ فِيهَا ضَعِيفٌ وَالْحَاكِمُ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا عَطِيَّةُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَطِيَّةُ فِيهِ لِينٌ وقد صححه مع بن حبان بن دَقِيقِ الْعِيدِ كَذَا فِي النَّيْلِ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ قَالَ الْحَافِظُ فِي التلخيص قال بن الْمُنْذِرِ إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَنِينَ لَا يُؤْكَلُ إِلَّا بِاسْتِئْنَافِ الذَّكَاةِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى
(وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ) هو الثوري (وبن الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ)
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَيْضًا مَالِكٌ وَاشْتَرَطَ أن يكون قد أشعر
وقال أَبُو حَنِيفَةَ بِتَحْرِيمِ الْجَنِينِ إِذَا خَرَجَ مَيِّتًا وَإِنَّهَا لَا تُغْنِي تَذْكِيَةُ الْأُمِّ عَنْ تَذْكِيَتِهِ
قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَخْبَرَنَا نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ إِذَا نُحِرَتِ النَّاقَةُ فَذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِهَا ذَكَاتُهَا إِذَا كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ وَنَبَتَ شَعْرُهُ فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا ذُبِحَ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ مِنْ جَوْفِهِ
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَكَاةُ مَا كَانَ فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ ذَكَاةُ أُمِّهِ إِذَا كَانَ قَدْ نَبَتَ شَعْرُهُ وَتَمَّ خَلْقُهُ ثُمَّ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِهَذَا نَأْخُذُ إِذَا تَمَّ خَلْقُهُ فَذَكَاتُهُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ
فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَكْرَهُ أَكْلَهُ حَتَّى يَخْرُجَ حَيًّا فَيُذَكَّى
وَكَانَ يُرْوَى عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَكُونُ ذَكَاةُ نَفْسٍ ذَكَاةَ نَفْسَيْنِ انْتَهَى
قُلْتُ اسْتِدْلَالُ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ هَذَا عَلَى كَرَاهَةِ أَكْلِ الْجَنِينِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ
قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ هَذَا اسْتِبْعَادٌ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ بِمُقَابَلَةِ النُّصُوصِ
وَلَعَلَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ أَوْ حَمَلَهَا عَلَى غَيْرِ مَعْنَاهَا وَقَالَ قَوْلَهُ إِذَا تَمَّ يَعْنِي إِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ الذَّبِيحَةِ جَنِينٌ مَيِّتٌ فَإِنْ كَانَ تَامَّ الْخَلْقِ نَابِتَ الشَّعْرِ يُؤْكَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَامَّ الْخَلْقِ فَهُوَ مُضْغَةٌ لَا تُؤْكَلُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ بِحِلِّهِ مُطْلَقًا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُؤْكَلُ مُطْلَقًا وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا ذُبِحَ اتفاقا
ودليل من قال بالحل مطلقاأو مُقَيَّدًا بِتَمَامِ الْخِلْقَةِ حَدِيثُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ رَوَاهُ أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا مِنَ الصَّحَابَةِ الْأَوَّلُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ بِاللَّفْظِ المذكور أبو داود وبن ماجة والترمذي وحسنه وبن حِبَّانَ وَأَحْمَدُ
الثَّانِي جَابِرٌ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَبُو يَعْلَى الثَّالِثُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَفِي سَنَدِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَفِي سَنَدِهِ عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ ضعيف
الرابع بن عُمَرَ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ
الْخَامِسُ أَبُو أَيُّوبَ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْحَاكِمُ
السَّادِسُ بن مَسْعُودٍ أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ
السابع بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ
الثَّامِنُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ حَدِيثُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ التَّاسِعُ وَالْعَاشِرُ أَبُو أُمَامَةَ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ حَدِيثُهُمَا عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ
الْحَادِيَ عَشَرَ عَلِيٌّ حَدِيثُهُ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ
قَالَ وَأَجَابَ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّ حَدِيثَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ لَا يَصِحُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ وَضَعْفُ بَعْضِ طُرُقِهِ غَيْرُ مُضِرٍّ وَذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَبَا حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا تَأْوِيلَ لَهُ وَلَوْ بَلَغَهُ لَمَا خَالَفَهُ وَهَذَا حَسَنٌ
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ رُوِيَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةَ أُمِّهِ بِالنَّصْبِ فَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ أَيْ كَذَكَاةِ أُمِّهِ كَمَا يُقَالُ لِسَانُ الْوَزِيرِ لِسَانَ الْأَمِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَحْفُوظَ عَنْ أَئِمَّةِ الشَّأْنِ الرَّفْعُ صَرَّحَ بِهِ الْمُنْذِرِيُّ
وَيُوَضِّحُهُ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ السَّائِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَنْحَرُ الْإِبِلَ وَالنَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَفَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلُهُ فَقَالَ كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ
وَبِالْجُمْلَةِ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ بِمُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ أَقْوَى
هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فِي الْبِنَايَةِ انْتَهَى مَا فِي التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ
قُلْتُ قَدْ بَسَطَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ الْكَلَامَ عَلَى أَحَادِيثِ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فَمَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ
فَإِنْ قُلْتُ حَدِيثُ الْبَابِ لَيْسَ بِنَصٍّ فِي أَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ وَأَنَّ ذَكَاةَ الْأُمِّ تُغْنِي عَنْ ذَكَاتِهِ فَفِي النِّهَايَةِ لِلْجَزَرِيِّ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ
فَمَنْ رَفَعَهُ جَعَلَهُ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ فَتَكُونُ ذَكَاةُ الْأُمِّ هِيَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَبْحٍ مُسْتَأْنَفٍ وَمَنْ نَصَبَ كَانَ التَّقْدِيرُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ كَذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَمَّا حُذِفَ الْجَارُّ نُصِبَ أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ يُذَكَّى تَذْكِيَةً مِثْلَ ذَكَاةِ أُمِّهِ
فَحَذَفَ الْمَصْدَرَ وَصِفَتَهُ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ فَلَا بُدَّ عِنْدَهُ مِنْ ذَبْحِ الْجَنِينِ إِذَا خَرَجَ حَيًّا وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ بِنَصْبِ الذَّكَاتَيْنِ أَيْ ذَكَاةَ الْجَنِينِ ذَكَاةَ أُمِّهِ انْتَهَى
قُلْتُ نَعَمْ يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ لَكِنَّ الْمَحْفُوظَ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ هُوَ الرَّفْعُ قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي تَلْخِيصِ السُّنَنِ وَالْمَحْفُوظُ عَنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ الرَّفْعُ فِيهِمَا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ مَا يُبْطِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَيَدْحَضَهُ فَإِنَّهُ تَعْلِيلٌ لِإِبَاحَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِحْدَاثِ ذَكَاةٍ انْتَهَى
قُلْتُ رَوَى أَبُو دَاوُدَ حَدِيثَ الْبَابِ بِلَفْظِ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْحَرُ النَّاقَةَ وَنَذْبَحُ الْبَقَرَةَ وَالشَّاةَ فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا الْجَنِينَ أَنُلْقِيهِ أَمْ نَأْكُلَهُ قَالَ كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ جَوَازِ أَكْلِ الْجَنِينِ إِذَا ذُكِّيَتْ أُمُّهُ وَإِنْ لَمْ تُجَدَّدْ لِلْجَنِينِ ذَكَاةٌ وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى أَكْلَ الْجَنِينِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْجَنِينَ يُذَكَّى كَمَا تُذَكَّى أُمُّهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ كَذَكَاةِ أُمِّهِ
وَهَذِهِ الْقِصَّةُ (يَعْنِي الْمَذْكُورَةَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ هَذِهِ) تُبْطِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ وَتَدْحَضُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ تَعْلِيلٌ لِإِبَاحَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِحْدَاثِ ذَكَاةٍ ثَانِيَةٍ فَثَبَتَ أَنَّهُ عَلَى مَعْنَى النِّيَابَةِ عَنْهَا انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ
قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ اعْتَذَرُوا عَنِ الْحَدِيثِ بِمَا لَا يُغْنِي شَيْئًا فَقَالُوا الْمُرَادُ ذَكَاةُ الْجَنِينِ كَذَكَاةِ أُمِّهِ
وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ مَنْصُوبًا بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالرِّوَايَةُ بِالرَّفْعِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ رُوِيَ بِلَفْظِ ذَكَاةُ الْجَنِينِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ وَرُوِيَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ بِذَكَاةِ أُمِّهِ انْتَهَى
وَاسْتَدَلَّ لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ بِعُمُومِ قوله تعالى (حرمت عليكم الميتة)
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجَنِينَ إِذَا خَرَجَ مَيِّتًا فَهُوَ مُذَكًّى بِذَكَاةِ أُمِّهِ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ فَهُوَ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ دَاخِلَةٍ تَحْتَ هَذِهِ الْآيَةِ
اعْلَمْ أَنَّ مَنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْجَنِينُ قَدْ أَشْعَرَ احْتَجَّ بِمَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ عَنِ بن عُمَرَ بِلَفْظِ إِذَا أَشْعَرَ الْجَنِينُ فَذَكَاتُهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ وَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ عِصَامٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ
وَأَيْضًا قَدْ رُوِيَ عَنِ بن أَبِي لَيْلَى مَرْفُوعًا ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ وَفِيهِ ضَعْفٌ
وَأَيْضًا قد روى من طريق بن عُمَرَ نَفْسِهِ مَرْفُوعًا أَوْ مَوْقُوفًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ قَالَ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ كَذَا فِي النَّيْلِ
وَقَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ وَلِتَعَارُضِهِمَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِمَا الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ مُطْلَقًا
وَمَالِكٌ أَلْغَى الثَّانِيَ لِضَعْفِهِ وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ لِاعْتِضَادِهِ بِالْمَوْقُوفِ فَقَيَّدَ بِهِ حَدِيثَ ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ انْتَهَى