الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ (إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ)
هَذَا فَاعِلُ الْمَصْدَرِ وَنَفْسَهُ مَفْعُولُهُ (فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ) أَيْ لِعَجْزِهِ عَنِ الْمَشْيِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا بن مَاجَهْ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالُوا إِذَا نَذَرَتِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَمْشِيَ فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ شَاةً) قَدْ وَقَعَ فِي حديث عكرمة عن بن عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ أُخْتِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا وَقَدْ بسط الكلام ها هنا الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ مَنْ شَاءَ الْوُقُوفَ عَلَيْهِ فليرجع إلى النيل
0 -
(باب في كراهية النذور)
[1538]
قَوْلُهُ (لَا تَنْذُرُوا) بِضَمِّ الذَّالِ وَكَسْرِهَا (فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي) أَيْ لَا يَدْفَعُ أَوْ لَا يَنْفَعُ (مِنَ الْقَدَرِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ مِنَ الْقَضَاءِ السَّمَاوِيِّ (شَيْئًا) فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَا يَتَغَيَّرُ (وإنما يستخرج به) أي يسبب النَّذْرِ (مِنَ الْبَخِيلِ) لِأَنَّ غَيْرَ الْبَخِيلِ يُعْطِي بِاخْتِيَارِهِ بِلَا وَاسِطَةِ النَّذْرِ
قَالَ الْقَاضِي عَادَةُ النَّاسِ تَعْلِيقُ النُّذُورِ عَلَى حُصُولِ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ فَنَهَى عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ فِعْلُ الْبُخَلَاءِ إِذِ السَّخِيُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى اسْتَعْجَلَ فِيهِ وَأَتَى بِهِ فِي الْحَالِ وَالْبَخِيلُ لَا تُطَاوِعُهُ نَفْسُهُ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ يَدِهِ إِلَّا فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ يُسْتَوْفَى أو لا فَيَلْتَزِمُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا سَيَحْصُلُ لَهُ وَيُعَلِّقُهُ عَلَى جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ وَذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنِ الْقَدَرِ شَيْئًا أَيْ نَذْرٍ لَا يَسُوقُ إِلَيْهِ خَيْرًا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ وَلَا يَرُدَّ شَرًّا قُضِيَ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ النَّذْرَ قد يوافق القدر فيخرج من البخيل مالا لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ
وَقَالَ
الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى نَهْيِهِ عَنِ النَّذْرِ إِنَّمَا هُوَ التَّأَكُّدُ لِأَمْرِهِ وَتَحْذِيرِ التَّهَاوُنِ بِهِ بَعْدَ إِيجَابِهِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الزَّجْرَ عَنْهُ حَتَّى يَفْعَلَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِبْطَالُ حُكْمِهِ وَإِسْقَاطُ لُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ إِذْ صَارَ مَعْصِيَةً وَإِنَّمَا وَجْهُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَجْلُبُ لَهُمْ فِي الْعَاجِلِ نَفْعًا وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُمْ ضُرًّا وَلَا يَرُدُّ شَيْئًا قَضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فَلَا تَنْذُرُوا عَلَى أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ بِالنَّذْرِ شَيْئًا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ لَكُمْ أَوْ تَصْرِفُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمْ شَيْئًا جَرَى الْقَضَاءُ بِهِ عَلَيْكُمْ وَإِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَاخْرُجُوا عَنْهُ بِالْوَفَاءِ فَإِنَّ الَّذِي نَذَرْتُمُوهُ لَازِمٌ لَكُمْ
قَالَ الطِّيبِيُّ تَحْرِيرُهُ أَنَّهُ عَلَّلَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِ فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يُغْنِي مِنَ الْقَدَرِ وَنَبَّهَ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ النَّذْرُ الْمُقَيَّدُ الَّذِي يُعْتَقَدُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنِ الْقَدَرِ بِنَفْسِهِ كَمَا زَعَمُوا وَكَمْ نَرَى فِي عَهْدِنَا جَمَاعَةً يَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ لِمَا شَاهَدُوا مِنْ غَالِبِ الْأَحْوَالِ حُصُولَ الْمَطَالِبِ بِالنَّذْرِ
وَأَمَّا إِذَا نَذَرَ وَاعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُسَهِّلُ الْأُمُورَ وَهُوَ الضَّارُّ وَالنَّافِعُ وَالنُّذُورُ كَالذَّرَائِعِ وَالْوَسَائِلِ فَيَكُونُ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ طَاعَةً وَلَا يَكُونُ مَنْهِيًّا عَنْهُ كَيْفَ وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ الخيرة من عباده بقوله (يوفون بالنذر) وَ (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي محررا) وَأَمَّا مَعْنَى وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْبَذْلَ وَالْإِنْفَاقَ فَمَنْ سَمَحَتْ أَرِيحَتُهُ فَذَلِكَ وَإِلَّا فَشَرَعَ النُّذُورَ لِيَسْتَخْرِجَ بِهِ مِنْ مَالِ الْبَخِيلِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الباب عن بن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ وَلَفْظُهُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن النَّذْرِ وَقَالَ إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ
قَوْلُهُ (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ
قَوْلُهُ (وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَرِهُوا النَّذْرَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا بَابٌ مِنَ الْعِلْمِ غَرِيبٌ وَهُوَ أَنْ يَنْهَى عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فُعِلَ كَانَ وَاجِبًا وَقَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النَّذْرَ مَكْرُوهٌ وَكَذَا عَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَجَزَمَ الْحَنَابِلَةُ بِالْكَرَاهَةِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ
وروى ذلك عن القاضي