الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ بِالْإِبْهَامِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَالْوُسْطَى ثُمَّ رَأَيْتُهُ يَلْعَقُ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا الْوُسْطَى ثُمَّ الَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ الْإِبْهَامَ
قَالَ الْحَافِظُ
قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْحَافِظَ الْعِرَاقِيَّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ كَأَنَّ السِّرَّ فِيهِ أَنَّ الْوُسْطَى أَكْثَرُ تَلْوِيثًا لِأَنَّهَا أَطْوَلُ فَيَبْقَى فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهَا وَلِأَنَّهَا لِطُولِهَا أَوَّلُ مَا تَنْزِلُ فِي الطَّعَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الَّذِي يَلْعَقُ يَكُونُ بَطْنُ كَفِّهِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ فَإِذَا ابْتَدَأَ بِالْوُسْطَى انْتَقَلَ إِلَى السَّبَّابَةِ عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ وَكَذَلِكَ الْإِبْهَامُ انْتَهَى (فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيَّتِهِنَّ) أَيْ فِي أَيَّةِ أَصَابِعِهِ (الْبَرَكَةُ) أَيْ حَاصِلَةٌ أَوْ تَكُونُ الْبَرَكَةُ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي يَحْضُرُ الْإِنْسَانَ فِيهِ بَرَكَةٌ وَلَا يَدْرِي أَنَّ تِلْكَ الْبَرَكَةَ فِيمَا أَكَلَهُ أَوْ فِيمَا بَقِيَ عَلَى أَصَابِعِهِ أَوْ فِيمَا بَقِيَ فِي أَسْفَلِ الْقَصْعَةِ أَوْ فِي اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَافَظَ عَلَى هَذَا كُلِّهِ لِتَحْصُلَ الْبَرَكَةُ
وَأَصْلُ الْبَرَكَةِ الزِّيَادَةُ وَثُبُوتُ الْخَيْرِ وَالِامْتِنَاعُ بِهِ وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّغْذِيَةُ وَتَسْلَمُ عَاقِبَتُهُ مِنْ أَذًى وَيُقَوِّي عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرُ ذَلِكَ انْتَهَى
وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ كَرِهَ لَعْقَ الْأَصَابِعِ اسْتِقْذَارًا نَعَمْ
يَحْصُلُ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْأَكْلِ لِأَنَّهُ يُعِيدُ أَصَابِعَهُ فِي الطَّعَامِ وَعَلَيْهَا أَثَرُ رِيقِهِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ وَكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَأَنَسٍ) أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِلَعْقِ الْأَصَابِعِ وَالصَّحْفَةِ وَقَالَ إِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّهِ الْبَرَكَةُ
وَأَمَّا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يأكل بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
1 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي اللُّقْمَةِ تَسْقُطُ)
[1802]
قَوْلُهُ (فَلْيُمِطْ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنَ الْإِمَاطَةِ أَيْ فَلْيُزِلْ (مَا رَابَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنَ اللُّقْمَةِ
السَّاقِطَةِ وَالْمَعْنَى فَلْيُزِلْ وَلْيُنَحِّ مَا يَكْرَهُ مِنْ غُبَارٍ وَتُرَابٍ وَقَذًى وَنَحْوِ ذَلِكَ
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ رَابَنِي الشَّيْءُ وَأَرَابَنِي بِمَعْنَى شَكَّكَنِي
وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ يَرِيبُنِي مَا يريبها أي يسوؤني ما يسؤها وَيُزْعِجُنِي مَا يُزْعِجُهَا مِنْ رَابَنِي وَأَرَابَنِي إِذَا رَأَيْتَ مِنْهُ مَا تَكْرَهُ انْتَهَى
وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَلْيَأْخُذْهَا فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى (ثُمَّ لِيَطْعَمْهَا) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَلْيَأْكُلْهَا (وَلَا يَدَعْهَا) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ لَا يَتْرُكُهَا (لِلشَّيْطَانِ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ إِنَّمَا صَارَ تَرْكُهَا لِلشَّيْطَانِ لِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةَ نِعْمَةِ اللَّهِ وَالِاسْتِحْقَارَ بِهَا مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ ثُمَّ إِنَّهُ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمَانِعُ عَنْ تَنَاوُلِ تِلْكَ اللُّقْمَةِ فِي الْغَالِبِ هُوَ الْكِبْرُ وَذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ أَكْلِ اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ بَعْدَ مَسْحِ أَذًى يُصِيبُهَا هَذَا إِذَا لَمْ تَقَعْ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى مَوْضِعٍ نَجِسٍ تَنَجَّسَتْ وَلَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهَا إِنْ أَمْكَنَ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَطْعَمَهَا حَيَوَانًا وَلَا يَتْرُكُهَا لِلشَّيْطَانِ انْتَهَى
وَحَدِيثُ جَابِرٍ هَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذَا
[1803]
قَوْلُهُ (لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ) وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ بِالْإِبْهَامِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا وَالْوُسْطَى (وَأَمَرَنَا أَنْ نَسْلُتَ الصَّحْفَةَ) أَيْ نَمْسَحَهَا وَنَتَتَبَّعَ مَا بَقِيَ فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ يُقَالُ سَلَتَ الصَّحْفَةَ يَسْلُتُهَا مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ إِذَا تَتَبَّعَ مَا بَقِيَ فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ وَمَسَحَهَا بِالْأُصْبُعِ وَنَحْوِهَا وَالصَّحْفَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ كاسه بزرا
قَالَ الْكِسَائِيُّ أَعْظَمُ الْقِصَاعِ الْجَفْنَةُ ثُمَّ الْقَصْعَةُ تليها تشبع العشرة ثم الصفحة تُشْبِعُ الْخَمْسَةَ ثُمَّ الْمِيكَلَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ ثُمَّ الصُّحَيْفَةُ تُشْبِعُ الرَّجُلَ كَذَا فِي الصُّرَاحِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
[1804]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وتشديد اللام المفتوحة (بن رَاشِدٍ) الْهُذَلِيُّ (أَبُو الْيَمَانِ) النَّبَّالُ الْبَصْرِيُّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّامِنَةِ قَالَهُ فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ بِحَدِيثٍ حَدَّثَ بِهِ عَنْ جَدَّتِهِ عَنْ نُبَيْشَةَ الْخَيْرِ فِي لَعْقِ الصَّحْفَةِ
وَقَالَ النسائي ليس به بأس وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ لَهُ فِي السُّنَنِ الْحَدِيثُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو حَاتِمٍ انْتَهَى (حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي أُمُّ عَاصِمٍ) مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (وَكَانَتْ أم ولد لسنان بن سلمة) بن الْمُحَبَّقِ الْبَصْرِيِّ الْهُذَلِيِّ وُلِدَ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَلَهُ رُؤْيَةٌ وَقَدْ أَرْسَلَ أَحَادِيثَ مَاتَ فِي آخِرِ إِمَارَةِ الْحَجَّاجِ (قَالَتْ دَخَلَ عَلَيْنَا نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ) قال في التقريب نبيشة بمعجمة مصغرا بن عَبْدِ اللَّهِ الْهُذَلِيُّ وَيُقَالُ لَهُ نُبَيْشَةُ الْخَيْرِ صَحَابِيٌّ قَلِيلُ الْحَدِيثِ
قَوْلُهُ (مَنْ أَكَلَ) أَيْ طَعَامًا (فِي قَصْعَةٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا (ثُمَّ لَحِسَهَا) بِكَسْرِ الْحَاءِ مِنْ بَابِ سَمِعَ أَيْ لَعِقَهَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَحِسَ مَا فِيهَا مِنْ طَعَامٍ تَوَاضُعًا وَتَعْظِيمًا لِمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَرَزَقَهُ وَصِيَانَةً لَهُ عَنِ التَّلَفِ (اِسْتَغْفَرَتْ لَهُ الْقَصْعَةُ) وَلَعَلَّهُ أَظْهَرَ فِي مَوْضِعِ الْمُضْمَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أن قوله استغفرت بصيغة المتكلم قال القارىء وَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ الْمَغْفِرَةُ بِسَبَبِ لَحْسِ الْقَصْعَةِ وَتَوَسُّطِهَا جَعَلَتِ الْقَصْعَةُ كَأَنَّهَا تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَعَ أنه لا مانع من الجمل عَلَى الْحَقِيقَةِ
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ اسْتِغْفَارُ الْقَصْعَةِ عِبَارَةٌ عَمَّا تَعَوَّدَتْ فِيهِ مِنْ أَمَارَةِ التَّوَاضُعِ مِمَّنْ أَكَلَ مِنْهَا وَبَرَاءَتِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ لَهُ الْمَغْفِرَةَ فَأَضَافَ إِلَى الْقَصْعَةِ لِأَنَّهَا كَالسَّبَبِ لِذَلِكَ انْتَهَى
قُلْتُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ وَلَا حَاجَةَ إِلَى الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غريب) وأخرجه أحمد وبن مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ