الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
(باب ما جاء في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم
وكم غزا الْغَزَوَاتُ جَمْعُ غَزْوَةٍ وَأَصْلُ الْغَزْوِ الْقَصْدُ وَمَغْزَى الْكَلَامِ مَقْصِدُهُ وَالْمُرَادُ بِالْغَزَوَاتِ هُنَا مَا وَقَعَ مِنْ قَصْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْكُفَّارَ بِنَفْسِهِ وَبِجَيْشٍ مِنْ قِبَلِهِ وَقَصْدُهُمْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَوْ إِلَى الْأَمَاكِنِ الَّتِي حَلُّوهَا حَتَّى دَخَلَ مِثْلُ أُحُدٍ وَالْخَنْدَقِ
[1676]
قَوْلُهُ (فَقِيلَ لَهُ) قَالَ الْحَافِظُ الْقَائِلُ هُوَ الرَّاوِي أَبُو إِسْحَاقَ بَيَّنَهُ إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْمَغَازِي بِلَفْظِ سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ (قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ) كَذَا قَالَ وَمُرَادُهُ الْغَزَوَاتُ الَّتِي خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا بِنَفْسِهِ سَوَاءٌ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ لَكِنْ رَوَى أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عَدَدَ الْغَزَوَاتِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ
فَعَلَى هَذَا فَفَاتَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ ذِكْرُ ثِنْتَيْنِ مِنْهَا وَلَعَلَّهُمَا الْأَبْوَاءُ وَبُوَاطٌ وَكَأَنَّ ذَلِكَ خَفِيَ عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْتُهُ مَا وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ قُلْتُ مَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَالَ ذَاتُ الْعَشِيرِ أَوِ الْعَشِيرَةِ انْتَهَى
وَالْعَشِيرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ هي الثالثة
وأما قول بن التِّينِ يُحْمَلُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَلَى أن العشيرة أول مَا غَزَا هُوَ أَيْ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَالتَّقْدِيرُ فَقُلْتُ مَا أَوَّلُ غَزْوَةٍ غَزَا أَيْ وَأَنْتَ مَعَهُ قَالَ الْعَشِيرُ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا ويكون قد خفى عليه اثنتان مِمَّا بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ عَدَّ الْغَزْوَتَيْنِ وَاحِدَةً
فَقَدْ قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَمَانٍ بَدْرٍ ثُمَّ أُحُدٍ ثُمَّ الْأَحْزَابِ ثُمَّ الْمُصْطَلِقِ ثُمَّ خَيْبَرَ ثُمَّ مَكَّةَ ثُمَّ حُنَيْنٍ ثُمَّ الطَّائِفِ انْتَهَى
وَأَهْمَلَ غَزْوَةَ قُرَيْظَةَ لِأَنَّهُ ضَمَّهَا إِلَى الْأَحْزَابِ لِكَوْنِهَا كَانَتْ فِي إِثْرِهَا وَأَفْرَدَهَا غَيْرُهُ لِوُقُوعِهَا مُنْفَرِدَةً بَعْدَ هَزِيمَةِ الْأَحْزَابِ وَكَذَا وَقَعَ لِغَيْرِهِ عَدَّ الطَّائِفِ وَحُنَيْنٍ وَاحِدَةً لِتَقَارُبِهِمَا
فَيَجْتَمِعُ عَلَى هَذَا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وقول جابر وقد توسع بن سَعْدٍ فَبَلَغَ عِدَّةَ الْمَغَازِي الَّتِي خَرَجَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْوَاقِدَيَّ وَهُوَ مطابق لما عده بن إِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُفْرِدْ وَادِي الْقُرَى مِنْ خَيْبَرَ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ السُّهَيْلِيُّ وَكَانَ السِّتَّةُ الزَّائِدَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ وَأَخْرَجَهُ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَزَادَ فِيهِ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ أَوَّلًا ثَمَانِ عَشْرَةَ ثُمَّ قَالَ أربعا
وَعِشْرِينَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَلَا أَدْرِي أَوَهِمَ أَوْ كَانَ شَيْئًا سَمِعَهُ بَعْدُ
قَالَ الْحَافِظُ وَحَمْلُهُ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ يَدْفَعُ الْوَهْمَ وَيَجْمَعُ الْأَقْوَالَ والله أعلم
وأما البعوث والسرايا فعند بن إِسْحَاقَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِينَ
وحكى بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ سِتًّا وَخَمْسِينَ وَعِنْدَ الْمَسْعُودِيِّ سِتِّينَ وَبَلَّغَهَا شَيْخُنَا فِي نَظْمِ السِّيرَةِ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعِينَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْإِكْلِيلِ أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ ضَمَّ الْمَغَازِي إِلَيْهَا انْتَهَى
(وَأَيَّتُهُنَّ كَانَ أَوَّلُ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدَنَا وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ وَأَيَّتُهُنَّ كَانَتْ (ذَاتُ الْعُشَيْرَاءِ أَوِ الْعُسَيْرَاءِ) الْأَوَّلُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مُصَغَّرًا وَالثَّانِي كَذَلِكَ لَكِنْ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ عِنْدَنَا
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَوَقَعَ فِي التِّرْمِذِيِّ الْعَشِيرُ أَوِ الْعَسِيرُ بِلَا هَاءٍ فِيهِمَا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ذَاتُ الْعَسِيرِ أَوِ الْعَشِيرِ
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ وَهِيَ ذَاتُ الْعُشَيْرَةِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ وَجَاءَ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي يَعْنِي مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَسِيرٌ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ بِحَذْفِ الْهَاءِ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ فِيهَا الْعُشَيْرَةُ مُصَغَّرَةً بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْهَاءِ قَالَ وَكَذَا ذَكَرَهَا أَبُو إِسْحَاقَ وَهِيَ مِنْ أَرْضِ مَذْحِجٍ وَقَالَ الْحَافِظُ قَوْلُ قَتَادَةَ الْعُشَيْرَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَإِثْبَاتِ الْهَاءِ هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا غَزْوَةُ الْعَسِيرَةِ بالمهملة فيه غَزْوَةُ تَبُوكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في ساعة العسرة وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ بِغَيْرِ تَصْغِيرٍ وَأَمَّا هَذِهِ فَنُسِبَتْ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَصَلُوا إِلَيْهِ وَاسْمُهُ الْعَشِيرُ أَوِ الْعَشِيرَةُ يذكر ويؤنث وهو موضع
وذكر بن سَعْدٍ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ هِيَ عِيرُ قُرَيْشٍ الَّتِي صَدَرَتْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الشَّامِ بِالتِّجَارَةِ فَفَاتَهُمْ وَكَانُوا يَتَرَقَّبُونَ رُجُوعَهَا فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَلَقَّاهَا لِيَغْنَمَهَا فبسبب ذلك كانت وقعة بدر
قال بن إِسْحَاقَ فَإِنَّ السَّبَبَ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ مَا حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ بِالشَّامِ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا مِنْهُمْ مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَأَقْبَلُوا فِي قَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهَا أَمْوَالُ قُرَيْشٍ فَنَدَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَتَجَسَّسُ الْأَخْبَارَ فَبَلَغَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْفَرَ أَصْحَابَهُ بِقَصْدِهِمْ فَأَرْسَلَ ضَمْضَمَ بْنَ عَمْرٍو الْغِفَارِيَّ إِلَى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْمَجِيءِ لِحِفْظِ أَمْوَالِهِمْ وَيُحَذِّرُهُمُ الْمُسْلِمِينَ فَاسْتَنْفَرَهُمْ ضَمْضَمُ فَخَرَجُوا فِي أَلْفِ رَاكِبٍ وَمَعَهُمْ مِائَةُ فَرَسٍ وَاشْتَدَّ حَذَرُ أَبِي سُفْيَانَ فَأَخَذَ طَرِيقَ السَّاحِلِ وَجَدَّ فِي السَّيْرِ حَتَّى فَاتَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا