الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَدِيثُ أَجَلُّ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الشَّهَادَةِ قال وليس في أَعْمَالِ الْبِرِّ مَا تُبْذَلُ فِيهِ النَّفْسُ غَيْرُ الْجِهَادِ فَلِذَلِكَ عَظُمَ فِيهِ الثَّوَابُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
6 -
(باب ما جَاءَ فِي فَضْلِ الْمُرَابِطِ)
[1664]
قَوْلُهُ (رِبَاطُ يَوْمٍ) أَيِ ارْتِبَاطُ الْخَيْلِ فِي الثَّغْرِ وَالْمُقَامُ فِيهِ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ الرِّبَاطُ فِي الْأَصْلِ الْإِقَامَةُ عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ بِالْحَرْبِ وَارْتِبَاطُ الْخَيْلِ وَإِعْدَادُهَا وَالْمُرَابَطَةُ أَنْ يَرْبِطَ الْفَرِيقَانِ خُيُولَهُمْ فِي ثَغْرٍ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَدٌّ لِصَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْمُقَامُ فِي الثُّغُورِ رِبَاطًا فَيَكُونُ الرِّبَاطُ مَصْدَرَ رَابَطْتُ أَيْ لَازَمْتُ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا كَذَا فِي التَّرْغِيبِ
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ وَهِمَ مَنْ عَزَاهُ لِمُسْلِمٍ
[1665]
قَوْلُهُ (مَرَّ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَالُ لَهُ سَلْمَانُ الْخَيْرِ أَصْلُهُ مِنْ أَصْبَهَانَ وَقِيلَ مِنْ رامهر مز مِنْ أَوَّلِ مَشَاهِدِهِ الْخَنْدَقُ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ يُقَالُ بَلَغَ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ وَكَانَ أدرك وصي عيسى بن مَرْيَمَ عليه الصلاة والسلام فِيمَا قِيلَ وَعَاشَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ فَارِسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ لِمُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَهْلُ الْعِلْمِ يَقُولُونَ عَاشَ سَلْمَانُ ثَلَاثَ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَأَمَّا مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَلَا يشكون
فِيهِ
قَالَ الْحَافِظُ قَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيِّ رَجَعْتُ عَنِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ قَارَبَ الثَّلَاثَمِائَةِ أَوْ زَادَ عَلَيْهَا وَتَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ مَا جَاوَزَ الثَّمَانِينَ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ انْتَهَى (بِشُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ الْكِنْدِيِّ الشامي جزم بن سَعْدٍ بِأَنَّ لَهُ وِفَادَةً ثُمَّ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ وَفَتْحَ حِمْصَ وَعَمِلَ عَلَيْهَا لِمُعَاوِيَةَ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ
وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ
قَوْلُهُ (وَهُوَ فِي مُرَابَطٍ لَهُ) اسْمُ ظَرْفٍ مِنَ الرِّبَاطِ قَوْلُهُ (وَقَدْ شَقَّ) أَيْ صَعُبَ الْقِيَامُ فِيهِ قَوْلُهُ (رِبَاطُ يَوْمٍ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (وَرُبَّمَا قَالَ خَيْرٌ) أَيْ مَكَانٌ أَفْضَلُ (مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ) قال الحافظ في الفتح قال بن بزبزة لَا تَعَارُضَ بَيْنَ حَدِيثِ سَلْمَانَ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَبَيْنَ حَدِيثِ عُثْمَانَ رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِعْلَامِ بِالزِّيَادَةِ فِي الثَّوَابِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ بِاخْتِلَافِ الْعَامِلَيْنِ انْتَهَى
(وفي فِتْنَةَ الْقَبْرِ) أَيْ مِمَّا يُفْتَنُ الْمَقْبُورُ بِهِ مِنْ ضَغْطَةِ الْقَبْرِ وَالسُّؤَالِ وَالتَّعْذِيبِ (وَنُمِيَ) ضُبِطَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمِيمِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَإِنَّهُ لَازِمٌ
قَالَ فِي الصُّرَاحِ نُمُوُّ بِضَمَّتَيْنِ كواليدن يَعْنِي نُمُوُّ كردن وباليدن نَبَاتٌ وَحَيَوَانٌ
وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ نما ينمو نموا زاد كنما ينمى وَنُمِيًّا وَنَمَاءً انْتَهَى (لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) يَعْنِي أَنَّ ثَوَابَهُ يَجْرِي لَهُ دَائِمًا وَلَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِهِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأُمِّنَ مِنَ الْفَتَّانِ
قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلْمُرَابِطِ وَجَرَيَانُ عَمَلِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَضِيلَةٌ مُخْتَصَّةٌ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ وَقَدْ جَاءَ صَرِيحًا فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَيْهِ عَمَلُهُ إِلَّا الْمُرَابِطَ فَإِنَّهُ يَنْمَى لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ انْتَهَى قَوْلُهُ
(هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ومسلم والنسائي وبن حِبَّانَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِي سَنَدِ التِّرْمِذِيِّ انْقِطَاعٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ التِّرْمِذِيُّ فِيمَا بَعْدُ
[1666]
قَوْلُهُ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ) بْنِ عُوَيْمِرٍ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ نَزِيلِ الْبَصْرَةِ يُكْنَى أَبَا رَافِعٍ
ضَعِيفُ الْحِفْظِ مِنَ السَّابِعَةِ (عَنْ سُمَيٍّ) بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ
قَوْلُهُ (مَنْ لَقِيَ اللَّهَ بِغَيْرِ أَثَرٍ مِنْ جِهَادٍ) قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ الْأَثَرُ بِفَتْحَتَيْنِ مَا بَقِيَ مِنَ الشيء دالا عليه قاله الْقَاضِي وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَلَامَةُ أَيْ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ عَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْغَزْوِ مِنْ جِرَاحَةٍ أَوْ غُبَارِ طَرِيقٍ أَوْ تَعَبِ بَدَنٍ أَوْ صَرْفِ مَالٍ أَوْ تَهْيِئَةِ أَسْبَابٍ وَتَعْبِيَةِ أَسْلِحَةٍ انْتَهَى (لَقِيَ اللَّهَ) أَيْ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وَفِيهِ ثُلْمَةٌ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ خَلَلٌ وَنُقْصَانٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَمَالِ سَعَادَةِ الشَّهَادَةِ وَمُجَاهَدَةِ الْمُجَاهَدَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مُقَيَّدًا بِمَنْ فُرِضَ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ الشُّرُوعِ فِي تَهْيِئَةِ الْأَسْبَابِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى المراد قاله القارىء وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ قِيلَ وَذَا خَاصٌّ بِزَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ مِنْ جِهَادٍ صِفَةُ أَثَرٍ وَهِيَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ كُلَّ جِهَادٍ مَعَ الْعَدُوِّ وَالنَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ وَكَذَلِكَ الْأَثَرُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمُجَاهَدَةِ قَالَ تَعَالَى سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السجود والثلمة ها هنا مُسْتَعَارَةٌ لِلنُّقْصَانِ وَأَصْلُهَا أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي نَحْوِ الْجِدَارِ وَلَمَّا شَبَّهَ الْإِسْلَامَ بِالْبِنَاءِ فِي قَوْلِهِ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ جَعَلَ كُلَّ خَلَلٍ فِيهِ وَنُقْصَانٍ ثُلْمَةً عَلَى سَبِيلِ التَّرْشِيحِ وَهَذَا أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِلَخْ) وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ (وَسَمِعْتُ مُحَمَّدًا) يَعْنِي الْبُخَارِيَّ (يَقُولُ هُوَ ثِقَةٌ مُقَارَبُ الْحَدِيثِ) قَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى مُقَارَبُ الْحَدِيثِ وَضَبْطُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ (وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى) بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ كُنْيَتُهُ أَبُو مُوسَى الْمَكِّيُّ الْأُمَوِيُّ ثِقَةٌ مِنَ السَّادِسَةِ (عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ عَنْ سَلْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا السَّنَدِ
[1667]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْبَاهِلِيُّ) مَوْلَاهُمْ أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ من التاسعة (حدثنا الليث بن سعد) بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَهْمِيُّ أَبُو الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ فَقِيهٌ إِمَامٌ مَشْهُورٌ مِنَ السَّابِعَةِ (حَدَّثَنِي أبو عقيل) بالفتح (زهرة) بضم الزاء وَسُكُونِ الْهَاءِ (بْنُ مَعْبَدٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ العين المهملة وفتح الموحدة بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ الْقُرَشِيُّ التَّيْمِيُّ الْمَدَنِيُّ نَزِيلُ مِصْرَ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ اسْمُهُ الْحَارِثُ وَيُقَالُ تُرْكَانُ بِمُثَنَّاةٍ أَوَّلَهُ ثُمَّ رَاءٍ سَاكِنَةٍ قَالَهُ فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ
وَقَالَ الْعِجْلِيُّ رَوَى عَنْهُ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ وَالْمِصْرِيُّونَ ثِقَةٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ (كَرَاهِيَةَ تَفَرُّقِكُمْ عَنِّي) أَيْ مَخَافَةَ أَنْ تَتَفَرَّقُوا عَنِّي وَتَذْهَبُوا إِلَى الثُّغُورِ لِلرِّبَاطِ بَعْدَ سَمَاعِ الْحَدِيثِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَضِيلَةِ الْعَظِيمَةِ (ثُمَّ بَدَا لِي) أَيْ ظَهَرَ لِي (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ) أَيْ فِيمَا سِوَى الرِّبَاطِ أَوْ فِيمَا سِوَى سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ السبيل يذكر ويؤنث (من المنازل) قال القارىء وَخُصَّ مِنْهُ الْمُجَاهِدُ فِي الْمَعْرَكَةِ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ عَقْلِيٍّ وَنَقْلِيٍّ وَهُوَ لَا يُنَافِي تَفْسِيرَ الرِّبَاطِ بِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ لِأَنَّهُ رِبَاطٌ دُونَ رِبَاطٍ بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِالرِّبَاطِ لِلْجِهَادِ فَإِنَّهُ الْأَصْلُ فِيهِ أَوْ هَذَا رِبَاطٌ لِلْجِهَادِ الْأَكْبَرِ كَمَا أَنَّ ذَاكَ رِبَاطٌ لِلْجِهَادِ الْأَصْغَرِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى يَا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا فَإِنَّ الرِّبَاطَ الْجِهَادِيَّ قَدْ فُهِمَ مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ فَإِنْ قُلْتَ هُوَ جَمْعٌ مُحَلَّى بِلَامِ الِاسْتِغْرَاقِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَابِطُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُجَاهِدِ فِي الْمَعْرَكَةِ وَمِنَ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ قَالَ فِيهِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ وقد شرحنا ثَمَّةَ قُلْتُ هَذَا فِي حَقِّ مَنْ فُرِضَ عليه المرابطة وتعين بنصب الامام
قال القارىء في الفرض الْعَيْنُ لَا يُقَالُ إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَا يُتَصَوَّرُ خِلَافُهُ إِذِ اشْتِغَالُهُ بِغَيْرِهِ مَعْصِيَةٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه
[1668]
قوله (وأحمد بن نصر) بن زياد (النيسابوري) الزاهد المقرئ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ثِقَةٌ ففيه حَافِظٌ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ (حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى) الزُّهْرِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ الْقَسَّامُ ثِقَةٌ مِنَ التَّاسِعَةِ
قَوْلُهُ (مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ) وَفِي رِوَايَةٍ أَلَمُ الْقَتْلِ (مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ) وَفِي رِوَايَةٍ أَلَمُ الْقَرْصَةِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هِيَ الْمَرَّةُ مِنَ الْقَرْصِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْقَرْصُ أَخْذُكَ لَحْمَ إِنْسَانٍ بِأُصْبُعَيْكَ حَتَّى تُؤْلِمَهُ وَلَسْعُ الْبَرَاغِيثِ انْتَهَى
وَذَا تَسْلِيَةٌ لَهُمْ عَنْ هَذَا الْخَطْبِ الْمَهُولِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ النسائي وبن ماجه والدارمي وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ
[1669]
قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جَمِيلٍ) الْفِلَسْطِينِيُّ أَبُو الْحَجَّاجِ صَدُوقٌ يُخْطِئُ مِنَ السَّادِسَةِ
قَوْلُهُ (قَطْرَةِ دُمُوعٍ) بِجَرِّهَا عَلَى الْبَدَلِ وَيَجُوزُ رَفْعُهَا وَنَصْبُهَا أَيْ قَطْرَةُ بُكَاءٍ حَاصِلَةٌ (مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) أَيْ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ وَعَظَمَتِهِ الْمُورِثَةِ لِمَحَبَّتِهِ (قَطْرَةُ دَمٍ تُهْرَاقُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَيُفْتَحُ وَهُوَ بِصِيغَةِ التَّأْنِيثِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ قَطْرَةٍ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الْجِهَادَ وَغَيْرَهُ مِنْ سَبِيلِ الْخَيْرِ وَلَعَلَّ وَجْهَ إِفْرَادِ الدَّمِ وَجَمْعِ الدُّمُوعِ أَنَّ الدَّمْعَ غَالِبًا يَتَقَاطَرُ وَيَتَكَاثَرُ بِخِلَافِ الدَّمِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِقَطْرَةِ الدُّمُوعِ قَطَرَاتُهَا فَلَمَّا أُضِيفَتْ إِلَى الْجَمْعِ أُفْرِدَتْ ثِقَةً بِذِهْنِ السَّامِعِ وَفِي إِفْرَادِ الدَّمِ وَجَمْعِ الدُّمُوعِ إِيذَانٌ بِتَفْضِيلِ إِهْرَاقِ الدَّمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى تَقَاطُرِ الدَّمْعِ بُكَاءً انْتَهَى
وَلَمَّا
كَانَ مَا سَبَقَ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ فَأَمَّا القطرتان فكذا وكذا عطف عليه وقال (وأما الْأَثَرَانِ فَأَثَرٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) كَخُطْوَةٍ أَوْ غُبَارٍ أَوْ جِرَاحَةٍ فِي الْجِهَادِ أَوْ سَوَادِ حِبْرٍ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ (وَأَثَرٌ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ) كَإِشْقَاقِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فِي الْبَرْدِ وَبَقَاءِ بَلَلِ الْوُضُوءِ وَاحْتِرَاقِ الْجَبْهَةِ مِنْ حَرِّ الرَّمْضَاءِ الَّتِي يَسْجُدُ عَلَيْهَا وَخَلُوفِ فَمِهِ فِي الصَّوْمِ وَاغْبِرَارِ قَدَمِهِ فِي الْحَجِّ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ