الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَنْبِيهٌ اعْلَمْ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ أَخْرَجَ هَذَا الحديث في سننه من طريق بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ كَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوْقَ الْوَفْرَةِ وَدُونَ الْجُمَّةِ
فَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ هَذَا عَكْسُ لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَوْقَ وَدُونَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَحَلِّ وَتَارَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ فَقَوْلُهُ فَوْقَ الْجُمَّةِ أَيْ أَرْفَعُ فِي الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ دُونَ الْجُمَّةِ أَيْ فِي الْقَدْرِ وَكَذَا بِالْعَكْسِ وَهُوَ جَمْعٌ جَيِّدٌ لَوْلَا أَنَّ مَخْرَجَ الْحَدِيثِ مُتَّحِدٌ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ بَعْدَ ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ لَفْظِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ مَا لَفْظُهُ فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَوْقَ وَدُونَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَحَلِّ وُصُولِ الشَّعْرِ أَيْ أَنَّ شَعْرَهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَرْفَعَ فِي الْمَحَلِّ مِنَ الْجُمَّةِ وَأَنْزَلَ فِيهِ مِنَ الْوَفْرَةِ
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى طُولِ الشَّعْرِ وَقِصَرِهَا أي أطول من الوفرة وأكثر مِنَ الْجُمَّةِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ انْتَهَى (وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذَا الْحَرْفَ) أَيْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ
فَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ الْحَرْفَ الْجُمْلَةُ وَقَدْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ وَكَانَ لَهُ شَعْرٌ فَوْقَ الْجُمَّةِ (وَهُوَ ثقة حافظ) يعني وزيادة الثقة لحافظ مَقْبُولَةٌ
2 -
(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ التَّرَجُّلِ إِلَّا غِبًّا)
[1756]
قَوْلُهُ (عَنْ هِشَامٍ) هُوَ بن حَسَّانَ الْأَزْدِيِّ الْفِرْدَوْسِيِّ (عَنِ الْحَسَنِ) هُوَ الْبَصْرِيُّ
قَوْلُهُ (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّرَجُّلِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ التَّرَجُّلُ وَالتَّرْجِيلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَتَنْظِيفُهُ وَتَحْسِينُهُ انْتَهَى (إِلَّا غبا) بكسر الغين المعجمة وشدة الموحدة
قال الْقَاضِي الْغِبُّ أَنْ يَفْعَلَ يَوْمًا وَيَتْرُكَ يَوْمًا وَالْمُرَادُ بِهِ النَّهْيُ عَنِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهِ وَالِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي التَّزْيِينِ وَتَهَالُكٌ فِي التحسين انتهى
وقال في النهاية زرغبا تَزْدَدْ حُبًّا الْغِبُّ مِنْ أَوْرَادِ الْإِبِلِ أَنْ تَرِدَ الْمَاءَ يَوْمًا وَتَدَعَهُ يَوْمًا ثُمَّ تَعُودَ فَنَقَلَهُ إِلَى الزِّيَارَةِ وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ أَيَّامٍ يُقَالُ غَبَّ الرَّجُلُ إِذَا جَاءَ زَائِرًا بَعْدَ أَيَّامٍ وَقَالَ الْحَسَنُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَغِبُّوا فِي عِيَادَةِ الْمَرِيضِ أَيْ لَا تَعُودُوهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ لِمَا
يَجِدُ مِنْ ثِقَلِ الْعُوَّادِ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الِاشْتِغَالِ بِالتَّرْجِيلِ فِي كُلِّ يَوْمٍ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ التَّرَفُّهِ
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْإِرْفَاهِ
فَإِنْ قُلْتَ مَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ وَبَيْنَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جُمَّةٌ ضَخْمَةٌ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا وَأَنْ يَتَرَجَّلَ كُلَّ يَوْمٍ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ كُلُّهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ قُلْتُ قَالَ الْمُنَاوِيُّ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّرْجِيلِ كُلَّ يَوْمٍ لِغَزَارَةِ شَعْرِهِ أَوْ هُوَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ
وَذَكَرَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ فِي حَاشِيَةِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إن يتمشط أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ
هُوَ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّرَفُّهِ وَالتَّنَعُّمِ فَيُجْتَنَبُ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ قَالَ فَإِنْ قُلْتَ رَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ أَنَسٌ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ قُلْتُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْإِكْثَارِ التَّسْرِيحُ كُلَّ يَوْمٍ بَلِ الْإِكْثَارُ قَدْ يَصْدُقُ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي يُفْعَلُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ
فَإِنْ قُلْتَ نُقِلَ أَنَّهُ كَانَ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ
قُلْتُ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا بِإِسْنَادٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ إِلَّا الْغَزَالِيَّ فِي الْإِحْيَاءِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ من الأحاديث التي لا أصل إليها
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ
قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ رُوَاتُهُ ثِقَاتٍ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ وَأَحَادِيثُ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ فِيهَا نَظَرٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ الْبَاجِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ وَفِي مَا قَالَهُ نَظَرٌ
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ إِنَّ الْحَسَنَ سَمِعَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ وَقَدْ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ عَنْهُ غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي إِسْنَادِهِ اضْطِرَابٌ انْتَهَى
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي شَمَائِلِهِ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ حَتَّى كَأَنَّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زيات