المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب ومن سورة فاتحة الكتاب) - تحفة الأحوذي - جـ ٨

[عبد الرحمن المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي مَرْحَبًا)

- ‌41 - كتاب الأدب

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا يَقُولُ الْعَاطِسُ إِذَا عَطَسَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِيجَابِ التَّشْمِيتِ بِحَمْدِ الْعَاطِسِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَمْ يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي خَفْضِ الصَّوْتِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْعُطَاسَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ)

- ‌(بَاب كَرَاهِيَةِ أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يُجْلَسُ فِيهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِذَا قَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ رَجَعَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْجُلُوسِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ بِغَيْرِ إذنهم)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقُعُودِ وَسْطَ الْحَلْقَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ قِيَامِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في تقليم الأظافر)

- ‌(باب ما جاء فِي التَّوْقِيتِ فِي تَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَأَخْذِ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي قَصِّ الشَّارِبِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْأَخْذِ مِنْ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي وَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مُسْتَلْقِيًا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْبَطْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاتِّكَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الرَّجُلَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي اتِّخَاذِ الْأَنْمَاطِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي رُكُوبِ ثَلَاثَةٍ عَلَى دَابَّةٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ في نظر الفجاءة)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي احْتِجَابِ النِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عن الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَحْذِيرِ فِتْنَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ اتِّخَاذِ الْقُصَّةِ)

- ‌(بَابَ مَا جَاءَ فِي الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مُتَعَطِّرَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي طِيبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ رَدِّ الطِّيبِ)

- ‌(باب ما جاء في كراهية مباشرة الرجل للرجل)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْعَوْرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّظَافَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الِاسْتِتَارِ عِنْدَ الْجِمَاعِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ)

- ‌(بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ للرجال وَالْقَسِّيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْبَيَاضِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي لُبْسِ الْحُمْرَةِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَخْضَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الثَّوْبِ الْأَصْفَرِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ التَّزَعْفُرِ وَالْخَلُوقِ لِلرِّجَالِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْخُفِّ الْأَسْوَدِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ نتف الشيب)

- ‌(باب ما جاء أن المستشار مؤتمن)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الشُّؤْمِ)

- ‌(باب لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ ثَالِثٍ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْعِدَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِ اسْمِ الْمَوْلُودِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(باب ما جاء مَا يُكْرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَغْيِيرِ الْأَسْمَاءِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي أَسْمَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(باب ما جاء في كراهية الجمع بين اسْمِ النَّبِيِّ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ إِنَّ مِنْ الشِّعْرِ حِكْمَةً)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِنْشَادِ الشِّعْرِ)

- ‌(باب ما جاء لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ)

- ‌(أَبْوَابُ الْأَمْثَالِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل الله عز وجل لعباده)

- ‌(بَاب مَا جاء في مثل النبي والأنبياء)

- ‌(بَاب مَا جاء مَثَلِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ)

- ‌(باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن)

- ‌(باب ما جاء مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ)

- ‌(باب ما جاء مَثَلِ ابْنِ آدَمَ وَأَجَلِهِ وَأَمَلِهِ)

- ‌42 - كِتَاب فَضَائِلِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ يس)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ حم الدُّخَانِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ سُورَةِ الْمُلْكِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي إِذَا زُلْزِلَتْ)

- ‌(باب ما جاء في سورة الإخلاص وفي سورة إذا زلزلت)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ قَارِئِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَاب مَا جاء في من قَرَأَ حَرْفًا مِنْ الْقُرْآنِ)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابِ

- ‌43 - أبواب القراءات

- ‌(باب ما جاء أن القرآن أنزل القرآن على سبعة أحرف)

- ‌(باب)

- ‌(باب)

- ‌44 - أبواب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي الَّذِي يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ برأيه)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَةِ هُودٍ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ يُوسُفَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الرَّعْدِ)

- ‌(باب ومن سورة إبراهيم)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَة الْحِجْرِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ النَّحْلِ)

- ‌(بَاب وَمِنْ سُورَة بَنِي إِسْرَائِيلَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ)

- ‌(باب وَمِنْ سُورَةِ طه)

الفصل: ‌(باب ومن سورة فاتحة الكتاب)

2 -

(باب وَمِنْ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

هِيَ مَكِّيَّةٌ فِي قوله الْأَكْثَرِ وَقِيلَ مَدَنِيَّةٌ وَقِيلَ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بمكة ومرة بالمدينة

قال بن كَثِيرٍ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ بِالِاتِّفَاقِ

قَوْلُهُ (مَنْ صَلَّى) إِمَامًا كَانَ أَوْ مُقْتَدِيًا أَوْ مُنْفَرِدًا (صَلَاةً) جَهْرِيَّةً كَانَتْ أَوْ سَرِيَّةً فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً (لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ) أَيْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ

قَالَ النَّوَوِيُّ أُمُّ الْقُرْآنِ اسْمُ الْفَاتِحَةِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ لِأَنَّهَا فَاتِحَتُهُ كَمَا سُمِّيَتْ مَكَّةُ أُمَّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَصْلُهَا (فَهِيَ خِدَاجٌ) أَيْ نَاقِصٌ نَقْصَ فَسَادٍ وَبُطْلَانٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْخِدَاجِ فِي بَاب مَا جَاءَ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ (غَيْرُ تَمَامٍ) بَيَانُ خِدَاجٍ أَوْ بَدَلٌ منه

قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا مِنْ نُقْصَانِ صَلَاتِهِ فَهُوَ مُبَيِّنٌ لِقَوْلِهِ عليه السلام لَا صَلَاةَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا نَفْيُ الْكَمَالِ لَا نَفْيُ الصِّحَّةِ فَبَطَلَ قَوْلُ بن حَجَرٍ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَبِنَفْيِ لَا صَلَاةَ نَفْيُ صِحَّتِهَا لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ ثُمَّ قَالَ وَدَلِيل ذَلِكَ أَحَادِيثُ لَا تَقْبَلُ تأويلا منها خبر بن خزيمة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ فِي صِحَاحِهِمْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ لَا تجزىء صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَفِيهِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجْزَاءِ الْكَامِلِ انتهى ما في المرقاة

قلت حديث بن خزيمة وبن حبان والحاكم بلفظ لا تجزىء صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخِدَاجِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نُقْصَانُ الذَّاتِ أَعْنِي نُقْصَانَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا صَلَاةَ نَفْيُ الصِّحَّةِ وأما قول القارىء إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجْزَاءِ الْكَامِلِ فَغَلَطٌ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعْدِ الْإِجْزَاءِ إِلَّا الْفَسَادُ والبطلان فماذا بعد الحق إلا الضلال

وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَحَلِّهَا وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ فِيهَا فِي كِتَابِنَا أَبْكَارُ الْمِنَنِ فِي نَقْدِ آثَارِ السُّنَنِ (إِنِّي أَحْيَانَا أَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ) أَيْ فَهَلْ أَقْرَأُ أَمْ لَا (قال يا بن الفارسي

ص: 228

لَعَلَّهُ كَانَ فَارِسِيَّ النَّسْلِ (فَاقْرَأْهَا فِي نَفْسِكَ) أَيْ سِرًّا غَيْرَ جَهْرٍ (قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ) قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ هُنَا الْفَاتِحَةُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهَا كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجُّ عَرَفَةُ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهَا بِعَيْنِهَا فِي الصَّلَاةِ

قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْمُرَادُ قَسَمْتُهَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لِأَنَّ نِصْفَهَا الْأَوَّلَ تَحْمِيدٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَمْجِيدُهُ وَثَنَاءٌ عَلَيْهِ وَتَفْوِيضٌ إِلَيْهِ وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ سُؤَالٌ وَطَلَبٌ وَتَضَرُّعٌ وَافْتِقَارٌ (حَمِدَنِي عَبْدِي) قَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي وَأَثْنَى عَلَيَّ وَمَجَّدَنِي إِنَّمَا قَالَهُ لِأَنَّ التَّحْمِيدَ الثَّنَاءُ بِجَمِيلِ الْفِعَالِ وَالتَّمْجِيدَ الثَّنَاءُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَيُقَالُ أَثْنَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَلِهَذَا جَاءَ جَوَابًا لِلرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِاشْتِمَالِ اللَّفْظَيْنِ عَلَى الصِّفَاتِ الذَّاتِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ (وَبَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإياك نستعين) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَذَلُّلَ الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى وَطَلَبَهُ الِاسْتِعَانَةَ مِنْهُ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ عَلَى مَا طَلَبَ مِنْهُ (وَآخِرُ السُّورَةِ لِعَبْدِي) يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ إِلَخْ (وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ) أَيْ غَيْرَ هَذَا (يقول اهدنا الصراط المستقيم) أَيْ ثَبِّتْنَا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ طَرِيقِ مُتَابَعَةِ الْحَبِيبِ عليه الصلاة والسلام (صِرَاطَ الَّذِينَ أنعمت عليهم) مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عليهم) أي اليهود (ولا الضالين) أَيِ النَّصَارَى قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو داود والنسائي وبن مَاجَهْ

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى) هُوَ الذُّهْلِيُّ (وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَارِسِيُّ) أَبُو يُوسُفَ الْفَسَوِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ (حدثنا بن أَبِي أُوَيْسٍ) اسْمُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ (عن

ص: 229

أَبِيهِ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُوَيْسِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الْأَصْبَحِيُّ أَبُو أُوَيْسٍ الْمَدَنِيُّ قَرِيبُ مَالِكٍ وَصِهْرُهُ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ السَّابِعَةِ (وَأَبُو السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو السائب الأنصاري المدني مولى بن زُهْرَةَ يُقَالُ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ

قَوْلُهُ (وَسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ) أَيْ سَأَلْتُهُ عَنْ أَنَّ حديث من قال عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحِيحٌ أَوْ حَدِيثَ مَنْ قَالَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (فَقَالَ) أَيْ أَبُو زُرْعَةَ (كِلَا الْحَدِيثِينَ صَحِيحٌ) أَيْ حَدِيثُ مَنْ قَالَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحَدِيثُ مَنْ قَالَ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كِلَاهُمَا صَحِيحٌ (وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ بن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْعَلَاءِ) أَيِ احْتَجَّ أَبُو زُرْعَةَ عَلَى قَوْلِهِ كِلَا الْحَدِيثَيْنِ صحيح برواية بن أَبِي أُوَيْسٍ فَإِنَّهُ قَالَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَأَبُو السَّائِبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَظَهَرَ مِنْ رِوَايَتِهِ أَنَّ الْعَلَاءَ أَخَذَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي السَّائِبِ كِلَيْهِمَا

قَوْلُهُ (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُثْمَانَ الدَّشْتَكِيُّ (عَنْ عَبَّادِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ (بْنِ حُبَيْشٍ) بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُعْجَمَةٍ مُصَغَّرًا الْكُوفِيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بِفَتْحِ

ص: 230

الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ آخِرُهُ جِيمٌ الطَّائِيِّ صَحَابِيٌّ شَهِيرٌ وَكَانَ مِمَّنْ ثَبَتَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الرِّدَّةِ وَحَضَرَ فُتُوحَ الْعِرَاقِ وَحُرُوبَ عَلِيٍّ

قَوْلُهُ (فَلَمَّا دُفِعْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُحْضِرْتُ وَأَتَى الْقَوْمُ بِي (إِلَيْهِ) أَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَقَدْ كَانَ قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَأَلْقَتْ لَهُ الْوَلِيدَةُ) أَيِ الْجَارِيَةُ (مَا يُفِرُّكَ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ يُقَالُ أَفَرَرْتُهُ أُفِرُّهُ أَيْ فَعَلْتُ بِهِ مَا يَفِرُّ مِنْهُ وَيَهْرُبُ أَيْ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى الْفِرَارِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ

قَالَهُ الْجَزَرِيُّ (إِنَّمَا تَفِرُّ) مِنَ الْفِرَارِ أَيْ تَهْرُبُ (وَتَعْلَمُ) أَيْ هَلْ تَعْلَمُ (فَإِنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ وَإِنَّ النَّصَارَى ضُلَّالٌ) بِضَمِّ الضَّادِ جَمْعُ ضَالٍّ وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اليهود بالضالين النَّصَارَى

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ رَوَى أَحْمَدُ وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمَغْضُوبِ عليهم اليهود ولا الضالين النصارى هكذا ورده مختصرا وهو عند الترمذي في حديث طويل وأخرجه بن مَرْدَوَيْهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نحوه وقال بن أَبِي حَاتِمٍ لَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا

قَالَ السُّهُيْلِيُّ وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْيَهُودِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَفِي النَّصَارَى قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كثيرا (فَإِنِّي حَنِيفٌ مُسْلِمٌ) أَيْ مَائِلٌ عَنْ كُلِّ الْأَدْيَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ (تَبَسَّطَ) بِصِيغَةِ الْمَاضِي الْمَعْلُومِ مِنَ التَّبَسُّطِ أَيِ انْبَسَطَ (فَرَحًا) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ سُرُورًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ (فَأُنْزِلَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِنْزَالِ (جَعَلْتُ أَغْشَاهُ) أَيْ آتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَشِيَهُ يَغْشَاهُ إِذَا جَاءَهُ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم (من هذه النِّمَارِ) بِكَسْرِ النُّونِ جَمْعُ نَمِرَةٍ بِالْفَتْحِ وَهِيَ كُلُّ شَمْلَةٍ مُخَطَّطَةٍ مِنْ مَآزِرِ

ص: 231

الْأَعْرَابِ كَأَنَّهَا أُخِذَتْ مِنْ لَوْنِ النَّمِرِ لِمَا فِيهَا مِنَ السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَهِيَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَيْ جَاءَهُ قَوْمٌ لَابِسِي أُزُرٍ مُخَطَّطَةٍ مِنْ صُوفٍ (فَحَثَّ عَلَيْهِمْ) أَيْ فَحَثَّ النَّاسَ عَلَى أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَلَيْهِمْ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُمْ (وَلَوْ صَاعٌ) أَيْ وَلَوْ تَيَسَّرَ لَهُمْ صَاعٌ (وَلَوْ بِنِصْفِ صَاعٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَصَدُّقُهُمْ بِنِصْفِ صَاعٍ (وَلَوْ قَبْضَةٌ) الْقَبْضَةُ مِنَ الشَّيْءِ مِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ وَهِيَ بِضَمِّ الْقَافِ وَرُبَّمَا بفتح (وَقَائِلٌ لَهُ) أَيْ وَهُوَ قَائِلٌ لَهُ وَضَمِيرُ قَائِلٌ لِلَّهِ وَضَمِيرُ لَهُ لِأَحَدِكُمْ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (مَا أَقُولُ لَكُمْ) هُوَ مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ قَائِلٌ (أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ (وَبَعْدَهُ) أَيْ خَلْفَهُ (حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَرْأَةُ فِي الْهَوْدَجِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْهَوْدَجِ (يَثْرِبَ) أَيِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ (وَالْحِيرَةِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ كَانَتْ بَلَدَ مُلُوكِ الْعَرَبِ الَّذِينَ تَحْتَ حُكْمِ آلِ فَارِسَ وَكَانَ مَلِكُهُمْ يَوْمَئِذٍ إِيَاسُ بْنُ قَبِيصَةَ الطَّائِيُّ وَلِيَهَا مِنْ تَحْتِ يَدِ كَسْرَى بَعْدَ قَتْلِ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ (أَكْثَرَ مَا يُخَافُ عَلَى مَطِيَّتِهَا السَّرَقُ) كَذَا فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ وَقَدْ سقط عنها لَفَظَّةُ أَوْ قَبْلَ أَكْثَرَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ رِوَايَةُ أَحْمَدَ فَفِيهَا حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَيَثْرِبَ أَوْ أَكْثَرَ مَا تَخَافُ السَّرَقَ عَلَى ظَعِينَتِهَا وَكَلِمَةُ مَا فِي قَوْلِهِ مَا يخاف نافية ويخاف على بناء المجهول والسرق بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَهُوَ بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى السَّرِقَةِ

وَالْمَعْنَى حَتَّى تَسِيرَ الظَّعِينَةُ فِيمَا بَيْنَ يَثْرِبَ وَالْحِيرَةِ أَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْ ذلك لا يخاف على راحلها السرق (فأين لصوص طيء) اللُّصُوصُ جَمْعُ لِصٍّ بِكَسْرِ اللَّامِ وَيُفْتَحُ وَيُضَمُّ وهو السارق والمراد قطاع الطريق وطيء قَبِيلَةٌ مَشْهُورَةٌ مِنْهَا عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الْمَذْكُورُ وَبِلَادُهُمْ مَا بَيْنَ الْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَكَانُوا يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ عَلَى مَنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ جِوَارٍ وَلِذَلِكَ تَعَجَّبَ عَدِيٌّ كَيْفَ تَمُرُّ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِمْ وَهِيَ غَيْرُ خَائِفَةٍ

ص: 232